السبت   
   12 07 2025   
   16 محرم 1447   
   بيروت 20:55

العدوان الصهيوني على الضفة يتصاعد وتل أبيب تسرّع خطوات “فرض السيادة” بمساعدة ترامب

يتسارع العدوان الصهيوني على الضفة الغربية سياسيًا وميدانيًا، وسط مساعٍ إسرائيلية محمومة لانتزاع اعتراف أميركي مباشر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية، استنادًا إلى وعوده السابقة، وخاصة خلال ولايته الأولى، حين أطلق ما يُسمّى بـ”صفقة القرن” التي قضت على أي إمكانية لقيام كيان فلسطيني مستقل في الضفة.

وفي هذا السياق، تُسرّع سلطات الاحتلال وتيرة الإجراءات على الأرض لفرض أمر واقع ميداني، خصوصًا بعد السيطرة شبه الكاملة على المنطقة “ج”، وترحيل أكثر من خمسين تجمّعًا بدويًا فلسطينيًا. كما تصاعدت اعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية، وسط حماية مباشرة من قوات الاحتلال.

آخر هذه الاعتداءات الدامية سُجّلت أمس، بين بلدتي سنجل والمزرعة الشرقية شمال رام الله، حيث هاجم المستوطنون، تحت حماية قوات الاحتلال، مواطنين فلسطينيين تصدّوا لاقتحاماتهم. وأسفر الاعتداء عن استشهاد شابين فلسطينيين من بلدة المزرعة الشرقية.

الشهيد الأول هو الشاب محمد رزق حسين الشلبي، في العشرينيات من عمره، أُصيب برصاصة في الصدر خرجت من ظهره، وترك ينزف لساعات وسط المنطقة التي تواجد فيها المستوطنون وقوات الاحتلال، دون تقديم أي مساعدة له. وقد عُثر على جثمانه بعد خمس ساعات من البحث.

أما الشهيد الثاني، فهو سيف الدين كامل عبد الكريم مصلط، ويُعرف بـ”سيف الله”، وقد استُشهد جراء اعتداء مباشر من قبل المستوطنين الذين انهالوا عليه بالضرب بأدوات حادة وعصي أثناء المواجهات. الشهيد يحمل الجنسية الأميركية، ومن المقرر أن يُشيّع جثمانه مع الشهيد الشلبي غدًا، فور وصول والده من الولايات المتحدة.

وبارتقاء الشهيدين، يرتفع عدد الشهداء الذين قُتلوا مباشرة باعتداءات المستوطنين الصهاينة خلال الأسابيع الأخيرة إلى ستة، من بينهم شهيد في الخليل، وثلاثة آخرون في بلدة كفر مالك شمال شرق رام الله قبل نحو أسبوعين.

وبذلك، يرتفع عدد الشهداء في الضفة الغربية منذ مطلع العام الحالي إلى 177 شهيدًا، في ظل تصعيد منهجي من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين على حدّ سواء.

في سياق متصل، وضمن محاولات السيطرة على الموارد الطبيعية، اقتحم مستوطنون صباح اليوم قرية شمال العوجا شمال مدينة أريحا، وطردوا الرعاة الفلسطينيين من المنطقة، تاركين المواشي ترعى في محاصيل الفلسطينيين، ما ألحق أضرارًا جسيمة بأراضيهم الزراعية.

كما أقدم المستوطنون على نصب كرفانات جديدة لتأسيس بؤرة استيطانية في منطقة تُعرف بـ”سهل كاعون” غرب بلدة بردلة في الأغوار الشمالية، ضمن سياسة فرض السيطرة الكاملة على الأغوار.

وفي موازاة ذلك، واصلت قوات الاحتلال تنفيذ اقتحامات عسكرية واسعة، لا سيما في مدينة جنين ومخيمها، حيث صعّدت هجماتها ليلًا في الحي الشرقي وحي خلة الصوحة، وشملت مداهمات لمنازل سكنية واعتداءات على المواطنين.

وشهدت محافظة الخليل سلسلة من الاقتحامات التي طالت بلدات سعير، حلحول، ودير سامت، حيث صادرت مركبة تعود لمواطن فلسطيني. كما شدّدت قوات الاحتلال إجراءاتها العسكرية في البلدة القديمة ومحيط الحرم الإبراهيمي، الخاضع لسيطرة إسرائيلية مشدّدة.

كما طالت الاقتحامات قرى ومخيمات في محافظة بيت لحم، منها مخيم الدهيشة، ومخيم عايدة، وبلدات بيت جبرين، تقوع، والخضر، بالإضافة إلى قراوة بني حسان قرب سلفيت، وبلدة بديا، حيث جرى اعتقال طفل وشاب خلال عمليات الدهم.

وتتواصل سياسة تقطيع أوصال الضفة الغربية عبر أكثر من 900 حاجز عسكري دائم ومؤقت، بالتوازي مع احتجاز وسرقة أموال الضرائب الفلسطينية، التي تمثّل المصدر الرئيس لدخل السلطة الفلسطينية.

وأدى ذلك إلى عجز الحكومة عن دفع رواتب موظفيها، واقتصار الدوام الرسمي في مؤسسات القطاع العام بالضفة على يومين فقط أسبوعيًا، بسبب الضائقة المالية الخانقة.

وفي السياق، دعا القيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، محمود مرداوي، إلى تفعيل لجان الحماية الشعبية في جميع القرى والبلدات الفلسطينية، بهدف التصدي لجرائم المستوطنين المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة.

وأشار مرداوي في تصريح صحفي، إلى أن الجرائم المتكررة التي ينفذها المستوطنون ضد أبناء شعبنا، تتم تحت غطاء وحماية مباشرة من قوات الاحتلال، ما يكشف الوجه الحقيقي لهذا الكيان الإجرامي الذي لا يجيد سوى القتل والتدمير.

وأكد ضرورة تصعيد المواجهة الشعبية والميدانية مع المستوطنين، بكافة أشكال المقاومة، مشددًا على أهمية وحدة الصف الفلسطيني وتعزيز روح التكاتف والتحدي، والتنسيق بين مختلف المناطق الفلسطينية لإفشال مخططات الاحتلال في الضم والتهجير.

وانتقد مرداوي بشدة موقف السلطة الفلسطينية، واصفًا غيابها بـ”المريب” وصمتها بـ”المخزي”، معتبرًا أن استمرارها في التنسيق الأمني لا يخدم سوى الاحتلال ومستوطنيه.

وختم مرداوي بدعوة إلى موقف وطني موحد يستند إلى خيار المقاومة الشاملة، كسبيل لردع العدوان ووضع حد لتغوّل الاحتلال وقطعان مستوطنيه على الأرض والشعب الفلسطيني.

المصدر: موقع المنار