تتزايد خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة مع تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، التي وضعت العدو أمام خيارات صعبة بين إنهاء الحرب أو مواصلة القتال والانزلاق أكثر في مسار الاستنزاف الطويل.
وبالتوازي مع التقدّم الحاصل في المسار السياسي، عقب تسليم حركة “حماس” ردّها على مقترح وقف إطلاق النار، تبقى الجبهة الميدانية الورقة الأقوى بيد الفلسطينيين، بعدما تحوّل القطاع إلى ساحة استنزاف حقيقية لجيش الاحتلال، الذي يواجه خسائر متصاعدة وإخفاقات متكررة في تحقيق أهدافه، ما يدفع حكومة العدو، مُرغَمة، إلى البحث عن مخارج سياسية تستند إلى موازين القوى التي فرضتها المقاومة.
وفي هذا السياق، قال “إيتاي بلومنتال”، المراسل العسكري للقناة 11 العبرية، إن “أحد المقاومين تمكن خلال العملية الأخيرة من الاقتراب إلى مسافة قريبة جدًا من دبابة، وألقى عبوة ناسفة عليها، ما أدى إلى مقتل أحد الجنود. وفي البداية، ظنّ الجنود أن الانفجار ناتج عن قذيفة مضادة للدروع، لكن تبيّن أن المهاجم خرج من نفق وهاجم الدبابة مباشرة، ما أدى إلى إصابة جنديين بجراح خطيرة، وقائد الدبابة بجراح متوسطة، كما أن قوة الإنقاذ التي وصلت إلى الموقع تعرّضت لإطلاق نار، أُصيب على إثره قائد سرية”.
من جانبه، أشار “درورون كادوش”، المراسل العسكري لإذاعة جيش الاحتلال، إلى أن “الأرقام حول القتلى في صفوف الجيش صادمة ولا يمكن استيعابها”، مضيفًا: “منذ استئناف المعارك في غزة، قُتل 33 جنديًا، بينما بلغ إجمالي عدد قتلى الجيش منذ بدء المناورة البرية في القطاع 441، ومنذ بداية الحرب 883 جنديًا وضابطًا”.
وفي موازاة التصعيد الميداني، عكست المقاربات السياسية الإسرائيلية انقسامًا حادًا داخل الطاقم الوزاري بشأن مسار وقف إطلاق النار مع حركة “حماس”، حيث شهدت النقاشات مشادات بين رئيس الحكومة وعدد من الوزراء.
وفي هذا السياق، قالت “غيلي كوهين”، مراسلة الشؤون السياسية في القناة 11 العبرية، إن “الجدال احتدم مجددًا داخل الطاقم الوزاري، وقد عبّر رئيس الأركان عن استغرابه وسأل: من سيدير قطاع غزة؟ فردّ عليه رئيس الحكومة بغضب قائلًا: إسرائيل والجيش هما من سيدير القطاع. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تصاعدت حدة النقاش، حيث حذّر رئيس الأركان من فقدان السيطرة على مليوني إنسان يعانون من الجوع والفوضى”.
من جهته، قال “نداف هعتسني”، المحلل السياسي الإسرائيلي، إن “المشكلة الكبرى أننا بعد خمسين يومًا من القتال، لم نحرز تقدمًا حقيقيًا في غزة سوى تقدم محدود، والنتيجة أن حركة حماس، التي نقتل منها كل يوم وتخضع لحصار من كل الجهات، قدّمت شروطًا جديدة ضمن ردّها على المقترح، أحدها يتعلق بالسيطرة على المساعدات الإنسانية، ما يعني استعادة قدراتها وتعزيز قوتها من جديد، والثاني أن الاحتلال بعد ستين يومًا لن يكون قادرًا على العودة للهجوم، وهو ما يعني نهاية محتملة للحرب دون تحقيق الأهداف”.
وبحسب خبراء إسرائيليين، فإن حكومة الاحتلال ستكون أمام اختبار مفصلي مع نهاية مهلة الستين يومًا من الاتفاق مع “حماس”، حيث ستجد نفسها مضطرة إما للعودة إلى القتال واحتلال القطاع مجددًا، أو القبول بانتهاء الحرب بما يكرّس عودة الحركة إلى ما كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
المصدر: موقع المنار