الثلاثاء   
   30 12 2025   
   9 رجب 1447   
   بيروت 11:12

الصحافة اليوم: 30-12-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 30 كانون الاول 2025 العديد من الملفات والمواضيع المحلية والاقليمية والدولية…

الاخبار:

ترامب – نتنياهو «بازار» الجبهات المفتوحة

على رغم العناوين الكثيرة التي ترافقها، إلا أن زيارة نتنياهو للولايات المتحدة لن تجلب معها أيّ معجزة؛ إذ إن جلّ ما يسعى وراءه الرجل، إبقاء الوضع على ما هو عليه، إلى حين توفّر فرصة تحقّق له “الانتصار الكامل” في غزة وخارجها.

تأتي زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للولايات المتحدة، ولقاؤه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وكبار مسؤولي إدارته، في ظلّ تفاوت واضح بين رؤيتَي الطرفَين لكيفية «حلّ» أزمات المنطقة، ومواجهة التحدّيات المحيطة بإسرائيل والمصالح الأميركية في الإقليم. فمن جهته، يفضّل ترامب الظهور بمظهر الزعيم الناجح الذي تمكّن – وفقاً لِما يردّده – من إنهاء عدّة حروب، حتى وإنْ جزئيّاً أو مؤقّتاً، في حين يرى نتنياهو أن مصلحته، ومصلحة كيانه، تكمنان في إبقاء الوضع على حاله: لا حرب شاملة تهدّد أمن إسرائيل، ولا تسويات حقيقية على الأرض، وذلك في انتظار متغيّرات تمكّنه لاحقاً من استئناف سعيه نحو «الانتصار الكامل» في غزة وخارجها.

الزيارة، من منظور نتنياهو، ليست بالضرورة فرصةً لتنسيق المواقف أو دفع ملفّات إلى الأمام، بل هي محاولة لإقناع ترامب بعدم الضغط عليه لتقديم «تنازلات» من شأنها فرملة مسار «الانتصارات الكاملة». فالمطلوب، من جانب نتنياهو، هو التريّث وتأجيل القرارات المصيرية، والتمسُّك، ولو مؤقّتاً، بالوضع الراهن، وإنْ كان رئيس حكومة الاحتلال مستعدّاً، تحت الضغط، لتقديم تنازلات شكلية، هي في الواقع سمة ثابتة في مواقفه منذ بدء الحرب على قطاع غزة؛ وعلى أساسها يمكن فهم ما يُعلن من «نجاحات» عقب الزيارة، وما سيُترك في الغرف المُغلقة من مواقف متعارضة أو متباينة.

وعلى أي حال، صار واضحاً أن «المرحلة الثانية» من خطّة وقف الحرب في غزة – التي تُعدّ من أبرز ملفّات الزيارة -، تتحوّل تدريجيّاً من مرحلة «طموحة»، كما أُعلن عنها في البداية، إلى مرحلة مليئة بالثغرات التي ستؤدّي إلى إفراغها من جوهرها: فلا قوات دولية جاهزة أو قادرة على فرض سيطرة فعلية على القطاع؛ ولا آلية معتدّاً بها وقابلة للتنفيذ لـ»نزع سلاح حماس» أو منع إعادة تسليحها؛ ولا إعادة إعمار حقيقية كون هذا المشروع مرفوضاً إسرائيليّاً باعتباره يهدّد الخطة الاستراتيجية غير الخافية، المتمثّلة في إنهاء غزة ككيان، وكوجود فلسطيني.

وفي هذا الوقت، تتراجع مواقف الإدارة الأميركية، وتتقلّص طموحاتها يوماً بعد آخر، في حين يبدو أنها لم تَعُد تمتلك الرغبة – ولا القدرة الفعلية ربما – على فرض إرادتها، خصوصاً على الطرف الإسرائيلي، الذي يصرّ على اعتبار أيّ تدخل أمني أو سياسي خارج إشرافه، «خطّاً أحمر». ولذا، فإن المُرجّح ما بعد الزيارة هو استمرار الكلام عن «التقدّم»، لكن من دون التزامات قابلة للتنفيذ.

ترى إسرائيل في التصعيد – حتى لو كان «مسقوفاً» – وسيلة فعّالة لإحباط مبادرات لا تريدها

على أن أهمّ ما في اللقاء، يكاد يتجاوز غزة تماماً، إلى ساحات المواجهة القريبة والبعيدة، وهي لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن؛ علماً أن هذه كلّها ملفّات منفصلة ومشتركة في آن واحد، وهي تهدّد، وإنْ بدرجات متفاوتة، مصالح أميركا وإسرائيل معاً. ومع تصاعد التهديدات المتبادلة بين تل أبيب وطهران، يبرز الملف الإيراني كأداة مساومة حاسمة؛ فالرئيس الأميركي، وعلى رغم تشدّده الظاهر تجاه إيران، لا يرغب في شنّ حرب شاملة تربك حساباته الإقليمية وغير الإقليمية، في حين أن إسرائيل لا تستطيع تجديد الحرب من دون غطاء وربما انخراط أميركي فيها.

ولهذا، ربّما يكون ترامب قدّم لنتنياهو «ضمانات شفهية» بالتصعيد غير العسكري أو بموجة عقوبات جديدة، وذلك في مقابل موافقة الأخير على خطوات شكلية في غزة. وهكذا، تستطيع القيادة الإسرائيلية إظهار الصلابة لجمهورها اليميني، وتجدّد الولايات المتحدة الدعم لحليفتها، بينما تُدار الأمور في الخلفية بآلية واحدة: التهديد من دون التنفيذ، والردّ من دون التصعيد.
أمّا في الساحات الساخنة الأخرى خارج غزة، فلا توجد مساومات، بل مجرّد ضغوط متوازية وحسابات منفصلة. فعلى رغم محاولات تظهير الزيارة على أنها «صفقة شاملة» تُدار عبر مقايضات محسوبة (غزة مقابل إيران، لبنان مقابل سوريا)، فإن واقع الحال أقرب إلى تداخل ضغوط متوازية، لا إلى تبادل ومقايضات. فكلّ ساحة من الساحات لها خصوصيتها وظروفها وعواملها، وليست مجرّد ورقة يقدّمها نتنياهو أو ترامب، في غرفة مُغلقة.

ففي غزة، القرار مرهون بقدرة «حماس» والفلسطينيين على الصمود، ومدى استعداد مصر وقطر لدفع بدائل واقعية من الحركة، وليس فقط برغبة الولايات المتحدة في التهدئة، أو إسرائيل في الانتصار الكامل، وإلّا لَما كان الوضع انتظر أكثر من عامين، من دون تحقيق نتائج جذرية. وفي إيران، يدار التصعيد بمعزل عن غزة، ذلك أن برنامج طهران النووي يتقدّم وفق جدوله الخاص، فيما برنامجها للصواريخ الباليستية والمُسيّرات لا ينتظر قراراً يأتي من فلوريدا. أمّا الضربة الاستباقية، إنْ حصلت، فستتقرّر بناءً على معطيات استخبارية تتعلّق بـ»التهديد» الإيراني، لا على «ثمن» تدفعه واشنطن مقابل تنازل إسرائيلي في غزة.

وفي لبنان، لا يزال التوازن على حاله، على رغم هشاشته، فيما الحلول الاجتثاثية، سواء العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، تبدو قاصرة عن تحقيق المطلب المشترك بين أميركا وإسرائيل، بغضّ النظر عمّا يُتفق عليه في فلوريدا. وفي خصوص سوريا، ربما يصار إلى وضع سقوف متّفق عليها تتيح لواشنطن الاستمرار في الرهان على أحمد الشرع ونظامه الهشّ الجديد، ولتل أبيب انتظار الفوضى التي تترقّبها. وفي اليمن، فإن عمليّات «أنصار الله» تُدار بحسابات يمنية محلية وعقائدية، ولا تُموَّل أو تُوجّه من طهران، في حين يبدو أن هناك تبايناً كبيراً بين الجانبَين في الموقف من هذه الجبهة. أمّا الساحة العراقية، فمليئة بالتحدّيات التي لا يمكن معالجتها عبر الحلول «التبادلية» بين الساحات.

في المحصّلة، ترى إسرائيل في التصعيد – حتى لو كان «مسقوفاً» – وسيلة فعّالة لإحباط مبادرات لا تريدها، كالتطبيع مع سوريا من دون ضمانات صارمة حول بقاء النظام ومصيره. كما تستخدم ذلك لمنع «مرحلة ثانية» في غزة قد تفتح الباب أمام عودة «حماس» كطرف لا يُستغنى عنه في أيّ ترتيب مقبل. أمّا الولايات المتحدة، فترى في الهدوء، ولو كان هشّاً ومؤقّتاً، وفي تأجيل الاستحقاقات المصيرية، فرصةً لشراء الوقت، وتصدير «إنجازات» يمكن استثمارها لتحقيق مصالحها، بما يشمل المصالح الشخصية لسياسيّيها.

على هذا، يمكن القول، إن زيارة نتنياهو لفلوريدا «مفصلية»، إنما لجهة كونها تجسّد التوازن الهشّ بين التصعيد والتسويف والتسوية، وهي مفارقة كبيرة جداً. وفي حين سيظلّ السؤال: إلى أيّ مدى نجح الطرفان في تأجيل ما لا يريدان فعله؟، ستُعلّق الأنظار على زيارة أخرى قادمة، ستوصف بأنها «أكثر مفصلية» ليتجدّد الرهان عليها وانتظار النتائج منها.

ترامب يشترط نزع سلاح «حماس» ويهدّد إيران
في ظلّ مساعٍ متسارعة لإعادة ترتيب الأولويات الإسرائيلية – الأميركية، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء أمس، لقاءه المفصلي مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وطغت على اللقاء تصريحات ترامب بشأن غزة وإيران، إضافة إلى العلاقات التركية ــ الإسرائيلية، وملف العفو المحتمل عن نتنياهو. وشدّد ترامب على أنّ «نزع سلاح حركة حماس» شرط أساسي لإتمام أي اتفاق نهائي بشأن قطاع غزة، معرباً عن أمله في «الوصول سريعاً إلى المرحلة الثانية». وأعلن أنه سيناقش مع نتنياهو خمسة ملفات كبرى، على رأسها غزة، مؤكّداً أنّ «إعادة إعمار القطاع ستبدأ قريباً».

وفي المقابل، صعّد ترامب لهجته تجاه إيران، محذّراً من أنه «إذا استمرّت (الأخيرة) في برنامجها الصاروخي، فإنه يؤيّد الهجوم» عليها، وإذا واصلت برنامجها النووي، فإنّ «الهجوم يجب أن يكون فورياً». وأشار إلى أنه «سمع أنّ إيران ترغب في التوصل إلى اتفاق»، معتبراً ذلك «أكثر حكمة من إعادة بناء القدرات النووية».

وفي المقابل، نقلت «القناة 15» الإسرائيلية أنّ نتنياهو يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية في أثناء اللقاء، تتيح له «إقناع شركائه بالمضي قدماً في المرحلة الثانية»، في حين أكّدت «القناة 12» أنّ إسرائيل ستحصل «على كل ما أرادت تقريباً، من غزة إلى إيران». غير أنّ هذه الأجواء لم تُخفِ وجود تباينات، إذ أفادت «القناة 12» بوجود فجوات بين مستشاري ترامب ونتنياهو، مبيّنةً أنّ المستشارين الأميركيين طالبوا بـ«تحسين الأوضاع في الضفة الغربية، خشية انهيار السلطة الفلسطينية، بما يشمل إعادة تحويل أموال المقاصة، ووقف اعتداءات المستوطنين، وتقييد البناء الاستيطاني».

وكانت كشفت «القناة 13» العبرية أنّ نتنياهو، أجرى عشية مغادرته تل أبيب، نقاشاً هاتفياً عاجلاً مع قادة المنظومة الأمنية، أبلغهم خلاله بأنه «سيضطر في نقاط معيّنة إلى تقديم تنازلات»، نتيجة الضغط الأميركي. وأضافت القناة أنّ نتنياهو تطرّق إلى مسألة فتح معبر رفح أيضاً، معتبراً أنّ «من الأفضل التوجّه إلى لقاء ترامب بقرار مسبق في هذا الشأن». وفي السياق نفسه، أفادت «هيئة البثّ الإسرائيلية» بأنّ «القيادة السياسية وجّهت الجيش بوقف بعض العمليات العسكرية حتى عودة نتنياهو من الولايات المتحدة».

وفي المقابل، نقلت مراسلة قناة «كان» العبرية عن ترامب، تأكيده أنّ الولايات المتحدة تريد «البدء بإعادة إعمار غزة أولاً، أو بالتوازي مع نزع سلاح حماس»، واصفاً فكرة مشاركة تركيا في هذا المسار بأنها «جيدة»، مع تأكيده أنه سيستمع إلى موقف نتنياهو. كما تطرّق ترامب إلى مسألة «العفو» عن نتنياهو، مشيراً إلى أنّ الرئيس الإسرائيلي أبلغه بأنّ «العفو قادم»، معتبراً أنّ عدم الإقدام عليه «سيكون أمراً صعباً للغاية»، واصفاً نتنياهو بأنه «رجل قوي». لكن ديوان الرئيس الإسرائيلي نفى حصول أي اتصال مباشر بين هرتسوغ وترامب، موضحاً أنّ «التواصل اقتصر على استفسار من ممثّل عن الإدارة الأميركية، تلقّى الردّ نفسه الذي قُدِّم للرأي العام الإسرائيلي».

بوادر تقاطع إماراتي – إسرائيلي – أميركي | السعودية في اليمن: بين نارَي الخسارة والمواجهة

تجد السعودية نفسها مربكة أمام تمدّد نفوذ الإمارات جنوباً وشرقاً، في سياق مشروع تقسيمي أوسع، ما يضعها أمام خيارات صعبة ومكلفة في اليمن.

تتصرّف السعودية في ردّة فعلها على تطورات جنوب اليمن وشرقه، وكأنّه أُسقط في يدها، أو تعرّضت لانقلاب مباغت كشف حدودها الطويلة مع محافظة حضرموت، التي تمثّل وحدها أكثر من نصف طول حدود المملكة مع اليمن، البالغ في مجمله أزيد من 1300 كيلومتر.

وبالفعل، جاء سعي الرياض لتثبيت حضورها في محافظتَي حضرموت والمهرة، من خلال قوات «درع الوطن» التي شكّلتها أوائل عام 2023، وباتفاق مع حزب «الإصلاح»، متأخّراً، بعدما سبقتها أبو ظبي مبكراً إلى السيطرة على الممرات والموانئ البحرية الحيوية في تلك المنطقة. على أن سهولة سقوط المحافظتَين في يد «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، خلال أيام معدودة، لا تعود إلى تأخّر السعودية في الاستدراك فقط، وإنما في الأساس إلى أن تلك التطورات تندرج ضمن مشروع أكبر تشارك فيه إسرائيل بفاعلية وترعاه الولايات المتحدة ضمناً، وتمثّل الإمارات وحلفاؤها في اليمن رأس حربته.

ليس الهدف الوحيد للمشروع المذكور، تطويق «أنصار الله» في اليمن، ولا هو يندرج في إطار تغيير استراتيجية إسرائيل والغرب لتحقيق هذا الهدف بعد فشل سلسلة حملات جوية كبرى، ومحاولات لتوحيد القوى الجنوبية والشمالية المناهضة للحركة للقيام بعمل بري يستهدف السيطرة على الحديدة ومن ثمّ الانتقال إلى صنعاء، وإنما يأتي في سياق مسعى تقسيمي طويل الأمد يشمل دولاً عديدة في المنطقة، تشهد في الأصل نزاعات قومية أو طائفية، بما يهدّد بلداناً كبرى فيها كالسعودية ومصر وتركيا.

ولذا، جاء اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»، في أعقاب التطوّرات اليمنية، ليثير عصبية هذه البلدان، ولا سيما في ظلّ التعامل الأميركي الغامض معه، والذي يوحي بأن الولايات المتحدة تسمح لإسرائيل بالتلاعب بالقضايا السيادية، حتى على المستوى الدبلوماسي، وفي مناطق بعيدة عنها، وليس على المستوى العسكري وفي الجوار فقط، وذلك بغضّ النظر عن الموقف الذي ستتّخذه واشنطن في النهاية، والذي يرتبط، على ما يبدو، بالسرعة التي تسمح بها العوامل الموضوعية لتنفيذ الإجراءات المُشار إليها.

المخاوف لدى الدول الإقليمية الكبرى تتأتّى في الأساس من أن المشاريع التقسيمية لها جذور في كلّ الدول، باعتبار أن الأنظمة في معظمها، إن لم تكن تفقيرية، فهي قمعية، أو الاثنتان معاً، ما يدفع شرائح مجتمعية إلى تأييد التحرّكات الانفصالية على أمل أن تؤدّي إلى تحسين شروط حياتها. هذا ما توحي به الاحتفالات في «أرض الصومال» التي أعقبت اعتراف إسرائيل بها، وما تنبئ به أيضاً قوة «المجلس الانتقالي الجنوبي» في اليمن، والذي يطرح شعار انفصال الجنوب، وهو شعار لا تستطيع السعودية نفسها الوقوف في وجهه، نظراً إلى وجود أساس له في جنوب اليمن الذي يعود تاريخ وحدته مع الشمال إلى عام 1990 فقط، بعدما ظلّ منفصلاً منذ الاستقلال عن بريطانيا التي غادر آخر جنودها عدن عام 1967.

تقف السعودية اليوم أمام خيارات صعبة في اليمن، وإن كانت كسبت تعاطفاً عربياً

ما كانت الإمارات لتجرؤ، وربّما ما كانت لترغب، في تهديد الأمن السعودي بهذا الشكل، لولا أن هذه مهمة مُسندة إليها أصلاً من الولايات المتحدة، وهي مُرغمة على تنفيذها بفعل العلاقات الأمنية التي تربطها بالأخيرة. وربما لذلك، تُقارب الرياض وأبو ظبي صراعهما في اليمن بهدوء إلى الآن، من دون أن ينفجر أزمة علنية مباشرة في العلاقات بينهما؛ لا بل توحي الأخيرة في العلن بأنها تحاول مساعدة الأولى في إقناع «الانتقالي» بالانسحاب من المواقع التي احتلّها في حضرموت والمهرة – تمهيداً لإعادة نشر قوات «درع الوطن» فيهما -، باعتبار هذا الأمر مسألة أمن قومي سعودي لا تستطيع الإمارات إدارة الظهر لها، إلّا بغسل يدها من تصرّفات «الانتقالي» وإحالتها إلى امتثاله لأوامر أميركية، وربما إسرائيلية ضمنية، وليس لأوامرها هي، رغم علاقة التبعية التي تربط المجلس بها. فالخليجيون يعرفون آليات التدخّل الأميركي في شؤونهم؛ ولذا، حاول وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، المُكلّف بالملف اليمني، أن يفصل بين «الانتقالي» وقضية الجنوب التي عدّها «عادلة وإنما لا يمكن اختصارها بأشخاص»، بالقول، إن ما جرى يسيء إلى تلك القضية باعتبار أن «تحرير» عدن ما كان ليحصل «لولا التضحيات التي قدّمتها المملكة وأشقاؤها».

وفي مقابل محدودية ما يمكن أن تفعله السعودية للخروج ممّا حدث في الجنوب بأقلّ الخسائر، جاء الموقف الرسمي الإماراتي عاماً وضبابياً، موحياً بأن الإمارات، وإن كانت تفضّل الحوار، إلا أنها لا ترغب في أن يكون على قاعدة العودة إلى ما قبل التطورات الأخيرة، وفق ما تريده الرياض. ولعلّ هذا ما دلّت عليه دعوة مستشار الرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، إلى «ابتكار المخارج السياسية، وحفظ الصداقات والتحالفات وتعزيزها، وعدم قطع حبال التواصل والمودّة»، وقوله إن «الإمارات ليست من تدعو إلى حق تقرير المصير في الجنوب، بل هي إرادة أهله».

وفي الأصل، بدا واضحاً أن تحرّك المجلس جاء في لحظة سياسية مناسبة للانقضاض على السعودية في اليمن، وذلك عقاباً لها على رفضها التصعيد مع «أنصار الله»، في حين أن تبرير «الانتقالي» السيطرة على حضرموت والمهرة بـ«منع وصول الأسلحة إلى الحوثيين والتمهيد للقيام بهجوم بري عليهم»، لم يكن مُقنِعاً لأحد، إذ إن الأخيرين هم الجهة الوحيدة في اليمن القادرة على هزْم المجلس – إذا ما أرادت مدّ سيطرتها إلى الجنوب -، ولكنّ تحوّلاً من النوع المذكور يتطلّب اتفاقاً مع الرياض لا تبدو الأخيرة قادرة عليه، ولا حتى على تطبيق «خارطة الطريق» التي أعدّتها الأمم المتحدة، وجرى التوصل إلى اتفاق مع السعودية حولها، قبل أن تتدخّل الولايات المتحدة لتعطيلها.

بالنتيجة، تقف السعودية اليوم أمام خيارات صعبة في اليمن، وإن كانت كسبت تعاطفاً عربياً نتيجة ما تعرّضت له. فلا التدخّل عسكرياً ضدّ «الانتقالي» خيار سهل، ولا التحالف أو التقاطع مع «أنصار الله» واقعي، ولا الخسارة التي منيت بها قابلة للابتلاع.

الأمير «أبو عمر» دبّر التمديد لدريان!

لم تقف مسرحيّة «أبو عمر» عند الطبقة السياسيّة، بل تعدّتها لتشمل تدخلاته دار الفتوى والمحاكم الشرعيّة السنيّة، فكانت لديه اليد الطولى في التمديد لمفتي الجمهوريّة وإقفال ملفّات في المحاكم

منذ توقيف مصطفى الحسيان، الذي انتحل على مدار سنوات شخصية أمير سعودي باسم «أبو عمر»، يتكشّف مسلسل الفضائح يوماً بعد آخر، عن لائحة طويلة من الأسماء التي نجح في استدراجها وإيقاعها في فخه.

لكن «أبو عمر»، على ما يبدو، لم يكتفِ بـ«اصطياد» الشخصيات السياسية والطامحين إلى النيابة والوزارة من أصحاب رؤوس الأموال، بل امتد نفوذه إلى دار الفتوى والمحكمة الشرعية، مستفيداً من علاقات الشيخ خلدون عريمط الواسعة مع المشايخ والمسؤولين في الدار والقضاة، وصولاً إلى رأس الهرم، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي تربطه بالشيخ العكاري علاقة تاريخية تعود إلى أيام توليهما مراكز في الدار عهد المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد.

وكأنه لم يكن ينقص مؤسّسات دار الفتوى ومحاكمها، التي تعاني أصلاً من تفشّي الفساد والمحسوبيات، إلّا «أبو عمر» الذي تمكّن بسهولة، وبتوجيه من عريمط، من الوصول إلى الملفّات التي «تبيض ذهباً»! وكانت العبارة السحرية، «هذه رغبة المملكة»، تكفي لـ«فكّ مشانق» وإغلاق ملفات، وحتى قلب الحقائق، داخل المحكمة الشرعية في بيروت، والتي تمكّن «أبو عمر» من اختراقها و«نخرها»، بعدما غرّر برئيس المحاكم الشرعية الشيخ محمد عسّاف، وأوهمه بأن الرياض ترى فيه خليفة لمفتي الجمهورية.

وتشير مصادر مطلعة إلى أنّ الأمير الوهمي كان وراء «ضبضبة» عدد من الملفات، بالتعاون مع دار الفتوى وبعض القضاة الذين لا يمكنهم معارضة «الإيعاز السعودي». ومن أبرز هذه القضايا ملف وقف البر والإحسان، بعدما أصدر قاضي بيروت الشرعي الشيخ وائل شبارو، بناء على استدعاء تقدّم به ناشطون عام 2023 للتحقيق في أعمال مجلس أمناء وقف البر والإحسان والمؤسسات التابعة له، قراراً بتعيين ناظر حسبة على الوقف والتحقق من المخالفات وكفّ يد مجلس الأمناء الذي يرأسه النائب السابق عمّار حوري.

يومها، عمد القاضي عبد الرحمن الحلّو، الذي تربطه علاقة بعريمط، وبعدما تلقّى وعوداً من «أبو عمر» بأن يخلف عسّاف في رئاسة المحاكم، إلى اقتحام مكتب شبارو وسحب الملف منه وأسهم في طيّه. وتؤكّد المصادر أنّ عريمط التقى آنذاك شخصيّات سياسيّة وحذّرها من التدخّل في الملفّ أو تغطية الناشطين الذين تقدّموا بالاستدعاء لتفادي «غضب المملكة»! ويتردد أن «ثمن» إقفال هذا الملف كان 250 ألف دولار تقاضاها «أبو عمر» ومشغّله من مجلس الأمناء.

التمديد لدريان
غير أن الأخطر يبقى الدور الذي لعبه الأمير الوهمي في تمديد ولاية مفتي الجمهورية في أيلول 2023. إذ تؤكّد شخصيّات معنيّة بملفّ دار الفتوى أنها كانت قد سمعت كلاماً واضحاً من مسؤولي السفارة السعوديّة بأنّ المملكة لم تتدخّل في هذا الملفّ، فلم تسوّق للتمديد ولم تعمل لمنعه.

لذلك، ومنذ انكشاف «لعبة» الأمير الوهمي، عملت على جمع الخيوط والأدلّة التي كشفت أنّ عريمط هو من أقنع عدداً من أعضاء «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» بحضور جلسة التمديد (بعضهم كان موجوداً خارج لبنان) لتنفيذ «الرغبة السعوديّة» بالتمديد لدريان. أمّا من أصرّ على عدم الحضور بسبب المخالفات القانونيّة التي شابت الجلسة، فكان اتصال مباشر من «الأمير» كفيلاً بإحضاره! كذلك حرّض «أبو عمر» المؤسسة الدينية على اتخاذ إجراءات «تأديبيّة» ضد قضاة طعنوا في التمديد.

ضغط عريمط على عدد من أعضاء «الشرعي» لحضور جلسة التمديد لمفتي الجمهوريّة

وأشارت المصادر إلى أنّ بعض المشاركين في «طبخة» التمديد التي حصلت بين ليلة وضحاها، وقبل انتهاء ولاية «المجلس الشرعي» السابق بأيّام قليلة، كانوا من المقرّبين من عريمط، لافتة إلى التزام دار الفتوى الصمت المريب تجاه ملفّ «أبو عمر» وعريمط الذي لم يوفّرها في مؤتمره الصحافي الأخير!

والأكثر إثارة للجدل، كما تتابع الشخصيات المعنية، هو تدخل «أبو عمر» في انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، واختيار بعض الأعضاء الذين يعينهم المفتي قانوناً، بل ووردت معلومات عن دفع أحد المرشحين من منطقة حاصبيا – مرجعيون مبلغاً للأمير المزعوم مقابل الفوز بمقعد في المجلس الذي كان عريمط يُعدّه ليكون طيّعاً بين يديه، ويمكن للمفتي التأثير فيه وفي قراراته.

كما يقول مرشحون لانتخابات مفتي المناطق الأخيرة إن أموالاً دُفعت وتدخّلات حصلت لترجيح كفة مرشح على آخر، تبين لاحقاً أن «أبو عمر» كان خلفها، أيضاً.
كل ذلك يثير تساؤلات جدية عن سطوة الأمير الوهمي على المرجعية الدينية ومؤسساتها من دون حسيب أو رقيب، والعلاقة التي تربط دريان بعريمط، ليقود الأخير معركة التمديد مخالفاً القوانين المرعية، ومتجاهلاً حتى الموقف السعودي الحقيقي من الموضوع، وصولاً إلى السؤال الأهم: كيف يمكن لمرجعية دينية ومؤسسة قضائية أن تُسيّر بأوامر عبر الهاتف من «أمير» مزعوم؟

200 دولار مقابل كلّ اتصال!
أشارت مصادر متابعة لملفّ التحقيق مع مصطفى الحسيان الذي انتحل صفة الأمير السعودي «أبو عمر» أنّ الموقوف اعترف بأنّه كان يتقاضى بين 200 و300 دولار عن كلّ اتصالٍ يقوم به بإحدى الشخصيّات، بطلب من الشيخ خلدون عريمط الذي استفاد وحده على ما يبدو من الأموال الطائلة التي دفعها السياسيون والطامحون.

حدارة يدّعي على عريمط
علمت «الأخبار» أن رجل الأعمال أحمد حدارة، تقدّم أمس بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية، حملت الرقم 3176 ضد الشيخ خلدون عريمط بجرم الاحتيال وكلّ من يُظهِره التحقيق فاعلاً. وتردّد أن اسم الموقوف مصطفى الحسيان غاب عن الشكوى التي تضمّنت اسم محمد خلدون عريمط.

وبحسب المصادر، فقد مارست دار الفتوى ضغوطاً على حدارة لثنْيه عن تقديم الشكوى بحق عريمط، إلّا أن رجل الأعمال العكاري الموجود في الإمارات أصرّ على تقديمها بواسطة وكيله، «لأننا لم نعد نستطيع السكوت بسبب مُحاولات عريمط استباق الإجراءات للتهرّب من المحاسبة، بينما نعلم تماماً أنه متورّط ولا سيما أننا نعرف جزءاً من التحقيقات فيما الجزء الآخر تقوم به مديرية المخابرات في الجيش»، على ما قالت أوساط حدارة لـ«الأخبار».

واستناداً إلى هذه الشكوى، من المُفترض أن تسلك قضيّة الأمير السعودي المزعوم «أبو عمر» خطاً تصاعدياً، سيبدأ حكماً باستدعاء النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، الذي يشرف على التحقيقات، لعريمط بغية الاستماع إلى إفادته ليقرّر على ضوئها أمر توقيفه من عدمه.

نفاق وزراء «القوات» والكتائب: مع المصارف «جُوّا»… والمودعين «برّا»!
صوّت وزراء «القوات» والكتائب ضد قانون الفجوة المالية بذريعة دعم المودعين، بعدما أدخلوا تعديلات على القانون لمصلحة المصارف

فوجئ بعض الوزراء، خلال جلسة إقرار مشروع قانون الفجوة المالية الجمعة الماضي، بتصويت زملائهم المحسوبين على حزبَي «القوات اللبنانية» والكتائب ضد القانون بعدما كان هؤلاء أنفسهم قد طلبوا تأجيل التصويت على القانون في الجلسات السابقة لإدخال تعديلات عليه.

وشهدت هذه الجلسات التي بقيت محاضرها سرّية إصرار وزيرَي «القوات» جو صدّي وجو عيسى الخوري ووزير الكتائب عادل نصار ووزير الاتصالات المُقرّب من «القوات» شارل الحاج على إدخال تعديلات تصبّ بمعظمها في مصلحة المصارف. وقد مارسوا، ولا سيما نصار ووزير الإعلام بول مرقص، ضغوطاً لتعديل صيغة التحويلات المصرفية الواردة في الفقرة الخامسة من القانون تحت عنوان «الأصول غير المنتظمة».

عقب الأخذ بكل ملاحظاتهم صوّت الوزراء ضد القانون بعد التيقّن من وجود أكثرية لإقراره

ففي البند الأول من هذه الفقرة، أصرّ الوزيران اللذان يزاولان مهنة المحاماة وسبق أن توكّلا عن مصارف أو قدّما استشارات قانونية لها، على تعديل من تشملهم هذه الفئة. وفيما كان البند الأول يشمل من قاموا بسحوبات نقدية أو تحويلات مصرفية إلى الخارج بين 17/4/2019 و17/10/2019 من قبل المساهمين الكبار في المصارف ورؤساء وأعضاء مجالس إدارتها والمديرين العامّين ونواب المديرين العامين والمديرين التنفيذيين وأزواجهم وأولادهم ووكلائهم وممثّليهم، طلب نصار ومرقص، بتأييد «قواتي»، إزالة عبارة «أولادهم ووكلائهم وممثّليهم»، ليجنّبا نفسيهما ما يمكن أن يلحقهما من أضرار جراء تطبيق القانون. كذلك ضغط نصار لتعديل البند الثاني من المادة، والذي يتحدّث عن «التحويلات المصرفية إلى الخارج التي تتجاوز قيمتها الـ100 ألف دولار من قبل جميع الأشخاص المُعرّضين سياسياً، وذلك من دون مبرّر تجاري أو صناعي أو تعليمي أو صحي»، وطلب إضافة المبرّر المهني إلى جانب المبرّرات الأخرى، بغية تغطية نفسه أيضاً تحت هذا المصطلح.

وبعد الأخذ بكل هذه الملاحظات، وافق الوزراء المعترضون على عرض القانون على التصويت، إلّا أنهم صوّتوا ضده بعد التيقّن من وجود أكثرية لإقراره، قبل أن يخرجوا من الجلسة ليعلنوا تحفّظهم بذريعة الوقوف إلى جانب المودعين. وهو ما دفع وزراء مستائين من تصرّف زملائهم إلى التسويق في مجالسهم لضرورة لجوء أي متضرّر، خصوصاً جمعيات المودعين، إلى قانون حق الوصول إلى المعلومات وطلب كشف المحاضر السرّية أمام الرأي العام لمعرفة حقيقة مواقف كل الوزراء والتأكّد من «نفاق» وزراء القوات والكتائب!

أكبر إطلاق للأقمار الاصطناعية: إيران تعزّز استقلالها الفضائي

طهران | خطت صناعة الفضاء الإيرانية، أول أمس، خطوة استراتيجية، مع الإطلاق المتزامن لثلاثة أقمار اصطناعية محلّية، هي: «ظفر-2» و«بايا» (طلوع-3) و«كوثر 1.5» إلى الفضاء، وذلك من قاعدة «فوستوتشيني» (Vostochny) الروسية.

ووضعت الأقمار، بواسطة صاروخ «سويوز» الحامل لها، بنجاح في مدار «ليو» على ارتفاع نحو 500 كيلومتر من سطح الأرض، في حدث وُصف بأنه «أكثر الإطلاقات استراتيجية في تاريخ صناعة الفضاء الإيرانية»، إذ يتجاوز كونه إنجازاً تقنيّاً، ليمثّل منعطفاً في المسار الإيراني الطويل لتحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي في تكنولوجيا الفضاء، فضلاً عن تجليته التطوّر في التعاون الدولي لإيران، لا سيّما مع روسيا.

ويُعدّ القمر الاصطناعي «ظفر-2»، نسخة مطوّرة من نظيره «ظفر»، أحد أقدم مشاريع الأقمار الاصطناعية الإيرانية، علماً أنّ إطلاقه واجه في السنوات الماضية، عوائق كثيرة وتأخيراً.

وصمّم هذا القمر للاستشعار عن بعد، وهو يزن نحو 113 كيلوغرام، ويبلغ العمر الإنتاجي لمعدّاته سنة ونصف سنة، ويُستخدم لتصوير الأرض لأغراض من مِثل إدارة الأزمات ومراقبة الحدود ورصد التغيّرات البيئية وإسناد التخطيط الحضري العام والبنية التحتية.

وإلى «ظفر 2»، فإنّ القمر «بايا» أو «طلوع-3» يخطو خطوة تفوق المهام الكلاسيكية للاستشعار عن بعد، ويركّز بشكل رئيسي على الزراعة الدقيقة وتقييم سلامة المساحات الخضراء وتحليل موارد المياه ومراقبة البيئة. ويرمز هذا القمر إلى النضج التقني الإيراني، إذ قُدّم باعتباره مستضيفاً للاختبارات الفضائية الناشئة، بما فيها الاتصالات الكمومية (الكوانتية)، التي، إنْ تحقّقت فعليّاً، فستُدخل إيران مجالات كانت إلى الآن حكراً على عدد محدود من القوى الفضائية في العالم. أمّا القمر الاصطناعي «كوثر 1.5»، وقبل أن تكون له استخدامات تطبيقية بحتة، فيضطلع بدور محوري في تطوير منصّات الأقمار الاصطناعية الداخلية وتثبيتها، ويشكّل قاعدة لاختبار الأنظمة الجديدة.

ولفهم أهميّة الإطلاق الأخير، يجدر العودة إلى المسار التاريخي للبرنامج الفضائي الإيراني؛ فقد شقّت طهران، قبل نحو 18 عاماً، طريقاً للوصول المستقلّ إلى الفضاء، وذلك عبر إطلاق أقمار اصطناعية مِن مِثل «أميد»، وتطوير أجهزة إطلاق محلّية من قبيل «سيمرغ»، بيد أنّ القيود الفنية والاقتصادية والعقوبات، لطالما شكّلت عائقاً جديّاً أمام الوصول إلى مدارات أعلى ونقل شحنات أثقل.

ورغم أنّ قاعدة «جابهار» الفضائية الكائنة جنوب شرق البلاد، تُعدّ رمزاً لاستراتيجية «استقلال الإطلاق»، غير أنّ هذه القاعدة غير قادرة على الاستجابة لجميع متطلّبات البرنامج الصاروخي للبلاد. فالتأخّر لمدد طويلة في إطلاق أقمار اصطناعية، بما في ذلك «ظفر-2» و«بايا»، ناجم في جزء منه عن مشاكل التعاون مع المزوّدين الأجانب لجهاز الإطلاق، حيث يَظهر أنّ التعويل البحت على التطوير الداخلي، من دون الإفادة من الطاقات الخارجية، يمكن أن يؤدّي فعليّاً إلى تجميد تطوّر البرنامج الفضائي. ومن هذا المنطلق، فإنّ اختيار صاروخ «سويوز» للإطلاق، والاستفادة من البنية التحتية الفضائية الروسية، لا يُعدّ مظهراً من مظاهر التراجع، بل يعدّ انعكاساً لقرار واقعي بتجاوُز المنعطفات التقنية والزمنية.

وهكذا، فإنّ التعاون الفضائي بين إيران وروسيا، الذي دخل في وقت سابق مرحلة جديدة عبر إطلاق القمر الاصطناعي «بارس-1» في شباط 2024، اتّخذ طابعاً مغايراً في ظلّ الإطلاق الثلاثي الأحد، في حين يُظهر استخدام قاعدة «فوستوتشيني» العصرية لإطلاق عدة أقمار اصطناعية، والتنسيق التقني البالغ، المستوى العالي للثقة المتبادلة وتناغم مصالح البلدين في مواجهة الضغوط الغربية. ويسهم هذا التعاون في تحييد جزء من القيود الناتجة من العقوبات التكنولوجية على إيران، ويعزّز، في الوقت ذاته، موقع روسيا كشريك استراتيجي في المشروعات الإيرانية الحسّاسة. وفي الأمد الطويل، فإنّ هكذا تعاون يمكن أن يؤدّي إلى مشاركة أعمق في تطوير الأقمار الاصطناعية والمشاريع الاستكشافية، وحتى التعاون في المحطّات الفضائية مستقبلاً.

وفي الظروف الراهنة، فإنّ لهذا الإطلاق نتائج تفوق القطاع التكنولوجي؛ فعلى المستوى الداخلي، يمكن الحصول على المعطيات المستقلّة للاستشعار عن بعد، أن يخفض التبعية الإيرانية للأسواق الخارجية، ويحقّق مصالح اقتصادية واستراتيجية ملموسة في مجالات من مثل إدارة موارد المياه والزراعة والنفط والغاز ومكافحة الكوارث الطبيعية. وعلى المستوى الأمني، يشكّل امتلاك القدرة على المراقبة المستقلّة للفضاء، أداة مهمّة لزيادة المراقبة الاستخبارية وتعزيز السيادة الوطنية. أمّا على المستويَين الاجتماعي والسياسي، فيمثّل هذا الإنجاز رمزاً لـ«المرونة التكنولوجية» والتقدّم في ظلّ العقوبات، فضلاً عن رمزيته في تعزيز الاعتداد بالذات.

أيضاً، يمكن اعتبار البرنامج الفضائي الإيراني، مترابطاً مع البرنامج الصاروخي للبلاد، ذلك أنّ التكنولوجيا المفتاحية لإطلاق الأقمار الاصطناعية – سواء المحرّكات المتينة ومنظومات التوجيه الدقيق وهياكل احتمال الحرارة والقدرة على وضع الشحنة في المدار – تُستخدم مباشرة في تطوير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وحتى تلك العابرة للقارات. وعليه، فإنّ أيّ إطلاق للأقمار الاصطناعية من قِبَل إيران، لا يُعدّ، من وجهة نظر الغرب ولا سيّما إسرائيل، مجرّد إنجاز فضائي، بل يُفسَّر كخطوة على طريق التكامل واختبار التكنولوجيات المزدوجة، التي يمكن أن تزيد من نطاق الترسانة الصاروخية الإيرانية ودقّتها وموثوقيّتها.

اللواء:

سلام يُحيل مشروع الفجوة إلى المجلس: أفضل الممكن لإستعادة الودائع ووقف الإنهيار

ترامب: حزب الله يتعامل بشكل سيِّىء وسنرى ما سيحدث.. وعون ينوِّه بدور الجيش


مع الدقائق الأولى لقمة دونالد ترامب – بنيامين نتنياهو تبيّن ان مجموعة «معوقات» تم تجاوزها، فحول غزة ظهر تباين، وحول سوريا اكد الرئيس الاميركي الحرص على اعطاء فرصة للنظام الجديد، متحدثاً عن مشروع للسلام بين اسرائيل وسوريا، وحضرت ايران من باب التهديد المتجدد بتوجيه ضربات لها، ومن هذه الوجهة يمكن ان يكون حزب الله قد جرى تفاهم اميركي – اسرائيل حوله في قمة فلوريدا، في وقت كان فيه لبنان يتمسك باجتماعات «الميكانيزم» ويسعى لأن تأخذ دورها في تعزيز الاستقرار جنوباً، بالتزامن مع الاهتمام المصري المتزايد، اذ اجرى وزير الخارجية المصري عبد العاطي اتصالات مكثفة مع الاطراف المعنية بملف الجنوب واتفاق وقف النار، لخفض التوتر في المرحلة المقبلة، وشدّد سفير مصر في لبنان علاء موسى ان «الحل الوحيد هو تطبيق الاتفاقات، وهذا ما يجري تنسيقه مع الجانب الاميركي.. ومصر تطالب الجانب الاسرائيلي بخفض التوتر..
واكد الرئيس جوزف عون خلال استقباله قائد الجيش العماد رودولف هيكل على رأس وفد من المؤسسة ان الجيش هو المنقذ ولا يساوم على السيادة.
كما استقبل الرئيس عون قبل انعقاد لجنة الاشراف على تنفيذ وقف الاعمال العدائية في 7 كانون الثاني المقبل رئيس الوفد اللبناني المفاوض في اللجنة السفير السابق سيمون كرم، وتم البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة. وزود عون كرم بالتوجيهات والنقاط التي يجب ان تُثار في الاجتماع بناء لمواقف السلطات اللبنانية.
وحول الوضع في لبنان قال الرئيس ترامب: حزب الله يتعامل بشكل سيِّىء وسنرى ما سيحدث..
ولاحظت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان كباشا نيابيا حكوميا سيشهده نقاش قانون الفجوة المالية بعد إحالته الى البرلمان وسط رفض واسع النطاق لمضمونه، وهذا ما سيتظهر عند مناقشته.
الى ذلك لم يتضح ما اذا كان مجلس الوزراء امام تزخيم قرار حصرية السلاح لاسيما اذا كان المطلوب من الحكومة هذا الأمر مع العلم ان القرار لم يتبدل وفق المصادر نفسها التي تتحدث عن ان أية مؤشرات جديدة يفترض بها ان تتبلور قريبا خصوصا ما يتعلق بتعاطي الدولة مع الضغوط بشأن هذا السلاح.
الى ذلك من المقرر ان يحضر تقرير الجيش في اول جلسة حكومية في العام الجديد.
إذاً، حبس لبنان والعالم انفاسه امس ترقبا لنتائج وانعكاسات لقاء قمة فلوريدا على اوضاع الشرق الاوسط، فيما لم تغب متابعة الاستحقاقات والاهتمامات الداخلية الاخرى، حيث يبدأ يوم الجمعة مطلع العام المقبل العقد الاستثنائي لمجلس النواب الذي وقع الرئيسان جوزيف عون ونواف سلام مرسومه قبل خمسة ايام وتم امس توقيع مرسوم الاحالة، ويستمر من 2 كانون الثاني حتى اول اذار المقبلين، وللعلم والتذكير فقد حدد المرسوم برنامج اعمال هذا العقد الاستثنائي بما يلي:

  • مشروع موازنة العام 2026
  • مشاريع القوانين المحالة الى مجلس النواب والتي ستحال اليه.
  • سائر مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص التي يقرر مكتب المجلس طرحها على المجلس.
    ويهدف فتح العقد الاستثنائي إلى تمكين مجلس النواب من ممارسة صلاحياته التشريعية خارج مواعيد العقد العادي الثاني الذي انتهى.كما انتهى في شهر تشرين الاول العقد الاستثنائي الذي بدأ في 5 حزيران الماضي.
    وعلى هذا من المتوقع ان يلتئم مكتب المجلس النيابي بعد رأس السنة للبحث في جدول اعمال جلسة تشريعية، يكون في اولوية بنودها حسبما قالت مصادر رسمية لـ «اللواء»: مناقشة واقرار مشروع الموازنة قبل اي أمر آخر حسبما ينص الدستور، ما يعني ان لهيئة مكتب المجلس ان تقرر ما اذا كانت ستضع مشروع قانون الفجوة المالية ومشروع قانون الحكومة حول تعديل قانون الانتخاب ضمن جدول الاعمال الى جانب اقتراحات ومشاريع القوانين الاخرى المحالة اليها لكن بعد درس الموازنة.
    لكن حسب مصادر متابعة، فإن هيئة مكتب المجلس ستكون امام مشكلة التئام نصاب الجلسة اذا لم يتم وضع تعديل قانون الانتخاب على الجدول، وامام مشكلة رفض كتلتي ثنائي امل وحزب الله وربما بعض الحلفاء إقرار اقتراع المغتربين في الخارج للنواب الـ 128. وإذا كانت المصادر ترجح اكتمال نصاب حضور جلسة الموازنة وقانون الفجوة المالية نظرا ً لضرورتهما الداخلية والضغوط الخارجية، فمن غير المؤكد ان يكون تعديل قانون الانتخاب على الجدول واذا تم وضعه قد يطير نصاب الجلسة ! هذا عدا عن مناقشة مشروع الموازنة له الاولوية وقد تستغرق مناقشته وقتاً بين لجنة المال النيابية وبين الهيئة العامة.

سلام: القانون لإعادة الحقوق ووقف الانهيار

وأُحيل مشروع قانون الفجوة المالية الى مجلس النواب امس، وسط خلاف حوله، قبل اخضاعه للمناقشة والتعديل والاقرار، وذلك بعد اعادة تنقيح النص الاساسي بملاحظات الوزراء والمناقشات حوله.. كاشفاً عن وضع نسخة على الموقع الالكتروني لرئاسة الحكومة، وعلى حسابه على موقع X ليتسنى لجميع اللبنانيين الاطلاع المباشر على المشروع بشفافية، ولتبديد الكثير من سوء الفهم والالتباسات والاحكام والآراء المسبقة.
وقال في كلمة له على الهواء مباشرة من السراي القانون ليس مثالياً… لكنّه أفضل الممكن على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار، حيث عملنا ضمن الإمكانيات المتاحة واستناداً إلى توقّعات مدروسة.
وقال: لا نبيع اللبنانيات واللبنانيين أوهاماً ولا نخفي الحقائق عنهم. فنحن حكومة أطلقنا على أنفسنا اسم حكومة الإصلاح والإنقاذ، همّنا أن نصدق معكم وأن نكون على قدر ثقتكم. وما كنّا لنعدّ هذا القانون، على صعوبته، لولا خشيتنا من أنّ كل تأخير يسيء إلى مصالحكم… وقناعتنا أنّ الإصلاح ما زال ممكناً. ورهاننا أوّلاً هو على الشفافية والحق في المعرفة المباشرة التي يستحقّها كل المواطنين ليحكموا بأنفسهم على هذا المشروع. وسنكون منفتحين على الحوار معكم جميعاً اليوم وغداً وبعد غد.
ودعا الرئيس نواف سلام ممثّلي الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني إلى وقفة وطنية تقدّم المصلحة العامة على أي اعتبار آخر، وقال: نحن منفتحون على أي اقتراحات تهدف لتحسين ما أتى به هذا القانون، ولكن لا يمكن أن نقبل بالنقد الذي لا يقدّم البدائل، فهذا يساهم في إطالة الأزمة والاستمرار في هدر أموال المودعين وشلل المصارف وتقويض الاقتصاد.
وقال: سيتبيّن لكل من سوف يتعرّف بموضوعية إلى مشروع القانون أنّه سيدفع أموال المودعين من دون نقصان، ويفرض غرامات على الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج قبل الانهيار المالي والمصرفي لمدة ستة أشهر… وبعده، وعلى الذين استفادوا من الهندسات المالية ومن الأرباح والمكافآت المفرطة… وهو يدعو أيضاً إلى مواصلة التدقيق الجنائي والمحاسبي، خلافاً لما حاول البعض نكرانه.
وفي السياق اعلنت جمعية المصارف في بيان مساء امس، عن إجتماع مجلس إدارة الجمعية للتداول في المرسوم رقم 2224 تاريخ 29 كانون الأول 2025 الذي أحال إلى مجلس النواب مشروع القانون المتعلق بالإنتظام المالي وإسترداد الودائع. وقالت: وقرر المجلس دعوة المصارف العاملة في لبنان إلى إجتماع يعقد في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر يوم الإثنين الواقع فيه 5 كانون الثاني 2026، للتشاور في موضوع مشروع القانون المذكور وإتخاذ القرارات المناسبة بهذا الصدد.

اجتماعات مكثَّفة لإنجاز الموازنة

وفي الاطار المالي، حدَّد رئيس لجنة المال والموازنة النيابية، النائب ابراهيم كنعان ما قبل نهاية ك2 لاقرار موازنة العام 2026، كاشفاً عن اجتماعات مكثفة مع بداية العام لانهاء مشروع الموازنة قبل منتصف ك2، ليتسنى اللهيئة العامة مناقشتها واقرارها قبل 31 ك2 المقبل.
وفي الحراك الداخلي ايضاً، استقبل الرئيس وليد جنبلاط، في دارته في كليمنصو، السفير الأميركي لدى لبنان ميشال عيسى، على رأس وفدٍ من السفارة الأميركية، وذلك بحضور عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور.
ووصفت مصادر الحزب التقدمي الاجتماع بأنّه «ودّي، حيث جرى خلاله عرضٌ لمختلف التحديات التي يواجهها لبنان، ولا سيّما الجهود المرتبطة بتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية. كما جرى التأكيد على ضرورة دعم الجيش اللبناني، ومواصلة مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية».

اتفاق جرّ الغاز المصري

وفي تطور مهم، رعى رئيس مجلس الوزراء امس، توقيع مذكرة تفاهم بين جمهورية مصر العربية والجمهورية اللبنانية لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية.
ووقع عن الجانب اللبناني وزير الطاقة جو صدي، وعن الجانب المصري وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي، في حضور سفير مصر في لبنان علاء موسى، والعضو التنفيذي المنتدب للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «ايجاس»المهندس محمود عبد الحميد، والمشرف على الإدارة المركزية للشؤون القانونية في وزارة البترول والثروة المعدنية الاستاذ محمد الباجوري، وعن الجانب اللبناني مستشار الوزير المحامي بطرس حدشيتي وعضو هيئة قطاع البترول المهندس وسام الذهبي.
وأعلن الوزير الصدي بعد التوقيع: قررنا أن ننقل قطاع الطاقة تدريجيا من إستعمال الفيول الى إستعمال الغاز الطبيعي للأسباب التالية: لأن الغاز الطبيعي أرخص ولا يضر بيئيا كالفيول، ويبعدنا عن كل «معمعات»مناقصات الفيول. ويهمني اليوم أن أركز على أمرين: الأول استلمنا تقرير لجنة فنية أتت الى لبنان بمبادرة من إخواننا الأردنيين لدراسة وضع خط الأنابيب الذي يأتي من العقبة ويصل الى سوريا، وعبر خط أنابيب ثان يأتي من الشمال ويزود دير عمار بالغاز. وأتانا التقييم حول ما هو مطلوب من الجهة لبنانية لإعادة التأهيل خط الأنابيب من القسم اللبناني وتكلفته وكم يستغرق وقتا. وتبين أن تكلفته ليست بكبيرة والوقت الذي نحتاجه هو تقريبا من ثلاثة الى أربعة أشهر.
وأشار الوزير الصدي أن نفس الأمر يحصل من الجهة السورية، وسنتواصل مع جهات مانحة لنرى كيف يمكن أن تساعدنا لتمويل اعادة تأهيل خط الأنابيب في القسم اللبناني من دير عمار الى الحدود السورية شمالا.
ثانيا: نحن نصر من خلال إستعمالنا للغاز الطبيعي أن يكون هناك تنويع في مصادر الغاز الطبيعي، وكما نعمل مع الدول الخليجية أو عبر IFC على إنشاء محطات جديدة تعمل على الغاز، وعلى انشاء محطة تغويز والتزود بالغاز الطبيعي.
اضاف: نوقع مع دولة مصر على مذكرة تفاهم لاستدراج غاز طبيعي من مصر عندما يتوفر، أكيد إن كل التفاصيل من ناحية التعاقد والسعر سيتم العمل عليها في الاسابيع المقبلة. ويهمني أن أذكر بأن إستراتيجية لبنان هي أولا الإنتقال لاستعمال الغاز الطبيعي، وثانيا تنويع مصادر الغاز برا أو عبر البحر.
سئل: ماذا يمكن أن يؤدي التعاون مع مصر؟
أجاب: يمكن أن يؤدي لاحقا الى التعاقد معهم لشراء الغاز الطبيعي لنزود في مرحلة أولى معمل دير عمار به.
واعتبر ردا على سؤال بأن قانون قيصر لم يعد موجودا والتقرير الفني والتقني الذي وردنا هو أن هناك حاجة لاعادة تأهيل خط الأنابيب في أراضينا، ونحن ننتظر أن يردنا التقرير من الجانب السوري لنعرف ما سيقرر لناحية اعادة التأهيل خط الانابيب لديهم.
وأعرب الرئيس عون خلال استقباله الوزير بدوي، «عن امتنان لبنان رئيسا وشعبا للدعم الذي تقدمه جمهورية مصر العربية للشعب اللبناني بتوجيه من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معتبرا ان توقيع لبنان ومصر لمذكرة التفاهم لتلبية حاجات لبنان من الغاز الطبيعي المخصص لتوليد الطاقة الكهربائية من الجانب المصري، خطوة عملية واساسية سوف تؤمن للبنان القدرة على زيادة انتاج الطاقة الكهربائية للمواطنين اللبنانيين والمقيمين فيه وتخفف من التقنين المتبع. وفيما شكر الرئيس عون الوزير بدوي على الاستجابة الدائمة من الجانب المصري لحاجات لبنان، فأنه حمله تحياته الى الرئيس السيسي وتمنياته في ان تحمل السنة الجديدة خيرا وسلاما وتقدما لجمهورية مصر العربية رئيسا وشعباً».
وأشار الى ان التعاون اللبناني- المصري في مجال الغاز سيكون من ثمار العلاقات اللبنانية- المصرية المتينة، لاسيما وان مصر سوف تقدم كل الدعم للبنان في هذا المجال من خلال الخبرات والإمكانات المصرية في مجالات عدة منها استكشاف حقول الغاز واستخراجه ونقله وتوزيعه على القطاعات الصناعية والمنازل ومحطات توليد الطاقة الكهربائية. ولفت الى انشاء مجموعات عمل بين وزارتي البترول والطاقة في البلدين من اجل تنسيق العمل وإفادة لبنان من الخبرات المصرية في مجال القطاع النفطي والغازي، مشيرا الى ان مصر معنية أيضا بتوفير البنى التحتية الضرورية.
وزار الوزير بدوي رئيس مجلس النواب نبيه بري وتناول اللقاء عرض للاوضاع العامة وعلاقات التعاون الثنائي بين لبنان ومصر في مختلف المجالات اضافة لتوقيع مذكرة التفاهم..

تفجير منزل وقصف حدودي

على الارض، واصلت اسرائيل قصف المناطق الحدودية، فيما تسللت مجموعة من جنودها الى ميس الجبل، وفجرت منزلاً سبق وتعرّض لقصف خلال الحرب كما شنت اسرائيل غارة على ضفاف الليطاني.

البناء:

ترامب يخوض معركة نتنياهو الانتخابية ويقدمه زعيماً مثالياً لحكم الكيان وحمايته

تفاهم أميركي إسرائيلي على النووي والصاروخي الإيراني ونزع سلاح غزة ولبنان

واشنطن لا تمنح تل أبيب تفويض التصرف وتهتم لأدوار تركيا ومصر والسعودية

كتب المحرر السياسي

كان على مَن يريد فهم حقيقة ما يمثله لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن ينقب عن الكلمات المفتاحية التي تسمح بالاستنتاج، وسط سيل من المدائح وتعابير الثناء المتبادل بين ترامب ونتنياهو، والتي غلبت عليها الأوصاف الخرافية التي أطلقها ترامب على نتنياهو كبطل يجب على المستوطنين تقدير نعمة وجوده بينهم، وإعادة انتخابه حاكماً وحامياً، وصولاً إلى القول إنه لولا وجود نتنياهو ولولا دعم ترامب لما كانت “إسرائيل” بقيت على قيد الوجود، ويمكن فهم هذه المدائح بما في ذلك اللجوء إلى الكذب من جانب ترامب في قضية العفو عن نتنياهو، بالقول إنه تبلغ من رئيس الكيان أن الأمر قيد الإنجاز وهو ما نفته رئاسة الكيان فوراً ونفت أن يكون قد جرى أي اتصال مع ترامب منذ كلمته أمام الكنيست التي طلب فيها العفو لنتنياهو، إذا انتبهنا أن غالبية الأسئلة التي أراد ترامب الإجابة عليها والتعامل معها هي تلك التي جاءت من الصحافيين الذين رافقوا نتنياهو، لنقل مباشر على الهواء للقنوات المؤيدة لنتنياهو في الكيان، إلى حد أن موعد اللقاء تمّ تقريبه ساعتين بناء على طلب نتنياهو ليتلاءم موعد المؤتمر الصحافي الأول الذي سبق الاجتماع مع مواعيد نشرات الأخبار داخل الكيان، بما لا يدع مجالاً للشك في أولوية الطابع الانتخابي لزيارة نتنياهو الذي يعاني من تراجع شعبيته من جهة ومن مخاوف مسار الملاحقة القضائية من جهة موازية، وما قدّمه ترامب لنتنياهو على هذا العصيد كان غاية في الأهمية والثمن يبدو أنه سوف يكون بالأهمية ذاتها، على مدى سنة الانتخابات التي تنتظر كلاً من أميركا والكيان، وحيث الهدوء الإسرائيلي يفيد ترامب انتخابياً، والدعم الأميركي المتواصل انتخابياً يفيد نتنياهو بعدما صارت قناعة المتسوطنين أن ترامب هو الناخب الأكبر في انتخاباتهم بعدما صارت حماية “إسرائيل” ترتبط بأميركا منذ الحروب الأخيرة، خصوصاً مع إيران.
على صعيد المواقف لا حاجة للتذكير بأن أهداف وتطلعات واشنطن وتل أبيب واحدة، سواء لجهة الموقف من البرنامج النووي أو البرنامج الصاروخي لإيران، أو لجهة مستقبل سلاح المقاومة في غزة ولبنان، ولم تأت الزيارة بجديد على هذا الصعيد، لكن ما جاء ينشده نتنياهو من تفويض بالتصرف بدعم أميركي واستعداد للمشاركة إذا اقتضى الأمر، لم يحصل عليه، حيث يفضل ترامب منح المسار التفاوضي مع إيران فرصة، ويعتبر أن نزع سلاح حماس مسؤولية الدول العربية والإسلامية الضامنة وليس مطلوباً من “إسرائيل”، وفي لبنان سننتظر ونرى، لأن الدولة وضعها صعب، لكن ترامب لم يمنح ضم الضفة أو أجزاء سياسية منها التغطية بل انتقد علناً ما وصفه بـ عنف المستوطنين وقال إنه موضوع خلاف، وفي سورية نصح ترامب بعلاقة أفضل مع الحكم الجديد وأبدى استعداده للمساعدة، بينما أعاد نتنياهو تكرار أهدافه وخططه، وبدا ترامب معنياً بالتأكيد على مكانة وأدوار حلفائه في المنطقة، مثل السعودية ومصر، ولكن خصوصاً تركيا التي تشكل موضوع خلاف مع نتنياهو في سورية وغزة، لكن ترامب يعد بترتيب العلاقات الإسرائيلية التركية، وهذا كله يعني مسارات هشّة في كل الساحات، لضمان حد من التهدئة في ظل عدوانية إسرائيلية مستمرة، ويكفي فقط عدم الانفجار ليتحدث ترامب في انتخاباته كبطل سلام، وتصدق الاستراتيجية الأميركية للأمن القومي بالخروج من حروب لا نهاية لها ومنح الأولويّة للجوار الأميركي.

فيما يودّع العام أيامه الأخيرة بلقاء هامّ بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط حال من الترقب لنتائج لقاء فلوريدا وتداعياته على المنطقة ولبنان، رُحِّلت الملفات الداخلية السياسية منها والمالية والاقتصادية إلى العام الجديد في ظلّ توقعات تتراوح بين التصعيد العسكري الإسرائيلي على وقع تفعيل المسار التفاوضي عبر لجنة «الميكانيزم»، وبين الحرب الإسرائيلية الموسعة على لبنان.
مصادر سياسية دعت إلى ترقب نتائج لقاء ترامب ـ نتنياهو وما سيتمخض عنه من قرارات واتفاقات أكان لجم اندفاعة رئيس حكومة «إسرائيل» في لبنان وغزة وإيران، أو أخذ الضوء الأخضر لاستئناف مشاريعه الحربية في المنطقة، أو الاتفاق على إدارة الحروب والأزمات ضمن سقف المصالح الأميركي الاستراتيجية في المنطقة لا سيما عدم اندلاع حرب شاملة في المنطقة انطلاقاً من وثيقة الأمن القومي الأميركي. ولفتت المصادر إلى أنّ لبنان جزء من المنطقة وأحداثها وتداعياتها، وبالتالي قرارات ترامب ـ نتنياهو ستحدّد مسار الاستحقاقات والأحداث في لبنان». واستبعدت المصادر ذهاب «إسرائيل» إلى حرب موسّعة على لبنان في المدى المنظور لغياب الظروف الإقليمية والدولية الموضوعية وغياب القدرة والإمكانات اللازمة وعدم ضمان نتائجها بالقضاء عسكرياً على حزب الله وخطر التفريط بالإنجازات التي حققتها «إسرائيل» خلال حرب العامين. لذلك ترجح المصادر أن يطغى المناخ التفاوضي على المناخ الحربي وأن تؤدي الاتصالات والمفاوضات والمبادرات الدولية والإقليمية إلى كبح جماح «إسرائيل» ومنح لبنان مهلة إضافية لمدة شهرين لمعالجة مسألة السلاح شمال الليطاني. لكن المصادر «لا تستبعد فرضية التصعيد العسكري الإسرائيلي المفاجئ بتوجيه سلسلة ضربات مؤلمة لحزب الله في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وقد تطال مناطق سكنية يدّعي الاحتلال وجود سلاح وصواريخ داخلها وقد يستهدف مصالح للدولة اللبنانية للضغط على الحكومة لتقديم مزيد من التنازلات».
وعلمت «البناء» أنّ حركة لقاءات واتصالات عربية مصرية ـ سعودية ـ قطرية مكثفة تحصل منذ أسبوعين لمحاولة احتواء التصعيد الإسرائيلي والتوصل إلى حلول، واللقاء السعودي ـ القطري في السعودية يأتي في هذا السياق والذي جاء بعد زيارة وفد من حزب الله إلى قطر.
وكشف مسؤول لبناني عن مساعٍ سعودية حثيثة مع دوائر القرار الدولي للضغط على «إسرائيل» لوقف اعتداءاتها على لبنان والالتزام بالخيار التفاوضيّ وتطبيق القرارات الدولية، ولفت المسؤول لـ»البناء» إلى أنّ المباحثات الدولية والعربية تتمحور حول تثبيت الحكومة والجيش اللبناني خلوّ منطقة جنوب الليطاني من السلاح بشكل كامل وبسط سيطرة الدولة عليه، والتأكد من عدم قيام حزب الله بشن هجمات على «إسرائيل» من الجنوب، وإعلان الحكومة الانتقال إلى المرحلة الثانية لحصر السلاح في شمال الليطاني أو احتواء السلاح ومنع استخدامه، يقابله وقف الاعتداءات الإسرائيلية بشكل كامل والتفاوض على بدء الانسحاب من الأراضي المحتلة وتسوية المناطق المتنازع عليها وتثبيت الحدود واستعادة الأسرى وعودة النازحين والبدء بإعادة الإعمار». لكن وفق معلومات «البناء» لم يستطع أيّ من الموفدين الدوليين ولا حتى الأميركيين انتزاع وعود من الحكومة الإسرائيلية بتقديم خطوة مقابل الخطوات التي يقدمها لبنان.
وفي سياق ذلك، أكد السفير المصري علاء موسى خلال مؤتمر صحافي العمل على تخفيض حدة التوتر، لافتاً إلى أن وزير الخارجية المصري أجرى اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف الرئيسية المعنية بالملف، ومع مزيد من الجهود يمكن الوصول إلى نتيجة، ونتمنى أن تنخفض حدة التوتر في الفترة المقبلة.
ورداً على سؤال، قال «لا أنقل تحذيراً بل دعوة لتطبيق القرارات الدوليّة والدولة اللبنانية قامت بدور مهمّ وكذلك الجيش في الجنوب ونقدّر أنّ الحلّ الوحيد لما نحن عليه الآن هو تطبيق الاتفاقات وهذا ما ننسّقه مع الشركاء وعلى رأسهم الولايات المتحدة، والوزير عبد العاطي على تواصل دائم مع الجانب الإسرائيلي لحثّه على التخفيف من حدّة التوتّر».
إلى ذلك، تتجه الأنظار مطلع العام إلى التوجهات التي ستسلكها الحكومة اللبنانية حيال ملف السلاح في ضوء تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من حصر السلاح شمال الليطاني سواء تحقق الانسحاب وتوقف العدوان أم لم يتحقق، وماذا سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي نقل زواره عنه لـ»البناء» التزام لبنان بالقرار 1701 واتفاق 27 تشرين وبالمسار التفاوضي عبر الميكانيزم وحصرية السلاح على كامل الأراضي اللبنانية وفق خطاب القسم والبيان الوزاري مع ضرورة وقف «إسرائيل» لعدوانها والانسحاب من الأراضي المحتلة. وماذا سيكون موقف الثنائي حركة أمل وحزب الله إذا اتخذت الحكومة قرارات شبيهة بقراري 5 و7 آب تحت الضغط الدبلوماسي الأميركي الغربي والتهديد بحرب عسكرية إسرائيلية؟ علماً أنّ مصدراً وزارياً في «الثنائي» استبعد اتخاذ قرار حكومي بالانتقال إلى المرحلة الثانية من دون البحث بالتزامات «إسرائيل»، موضحاً عبر «البناء» أنّ مجلس الوزراء سيطلع خلال جلسة يعقدها في السابع من الشهر المقبل على تقرير الجيش اللبناني حول نهاية المرحلة الأولى وتقدير ورأي قائد الجيش بما يخصّ المرحلة الثانية والمراحل الأخرى، مرجحاً أن يعلن مجلس الوزراء إنجاز الجيش اللبناني للمرحلة الأولى من خطة الجيش وفق قرار مجلس الوزراء في 5 و7 آب و5 أيلول، وربط ذلك بالتوازي مع وقف العدوان والانسحاب الإسرائيلي.
وشدّد المصدر الوزاري على ثوابت يلتفّ حولها أغلب القوى المكوّنة للحكومة وهي عدم التنازل عن السيادة والحقوق اللبنانية، والتمسك بتطبيق القرارات الدولية من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وضرورة مطالبة الدول الراعية لاتفاق 27 تشرين بإلزام «إسرائيل» بتطبيق موجباتها في الاتفاق قبل أن ينتقل لبنان إلى المراحل الثانية، وعدم اتخاذ أيّ قرار يؤدي إلى صدام بين الجيش والمقاومة وحرب أهليّة.
في غضون ذلك، حمل خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم جملة رسائل باتجاهات مختلفة، وأشارت أوساط سياسيّة في فريق المقاومة لـ»البناء» إلى أنّ توقيت خطاب الشيخ قاسم كان مقصوداً، إذ جاءت الرسائل عشية اجتماع ـ ترامب ـ نتنياهو، بأنّ حزب الله لن يستسلم للضغوط والإملاءات الخارجية ولا يخشى الحرب العسكرية الإسرائيلية ولا الضغوط الدبلوماسية والعقوبات والحرب الأهلية وأنّ الحزب سيقاتل للدفاع عن النفس وليس للهجوم لكن الحزب في الوقت عينه منفتح على الحلول ومناقشة مصير سلاحه من باب كيفية حماية لبنان عبر استراتيجية أمن وطني بعد وقف العدوان والانسحاب الإسرائيلي من الجنوب وعدم عرقلة إعادة الإعمار، وهذا قطع الطريق على نتنياهو لتحريض ترامب للموافقة على توجيه ضربات عسكرية لحزب الله ولبنان. كما جاء الخطاب رداً على رئيس الحكومة نواف سلام بعد أيام قليلة على تصريحه بشأن المرحلة الثانية من حصرية السلاح، وقبيل أسبوع من اجتماع الميكانيزم وجلسة مجلس الوزراء لمناقشة المرحلة الثانية من حصرية السلاح. لكن قاسم وفق الأوساط وجه رسالة مزدوجة للرئيسين عون وسلام، قاطعاً الطريق على طلبهما من الحزب تقديم تنازلات إضافية قبل التزام الاحتلال بموجباته، ودعوة للرئيسين بوقف مسلسل التنازلات المجانية مقابل وعود وهمية.
وتوقعت الأوساط أن يلقي كلام الشيخ قاسم ثقله على موقف بعبدا والسراي الحكومية ومجلس الوزراء وبأن لا تقدم الحكومة على غلطة فادحة شبيهة بقراري 5 و7 آب وتدخل البلاد في أتون التوتر والفوضى السياسية والحكومية والأمنية في الشارع. وحذرت الأوساط من أن الحكومة في وضع لا يُحسد عليه وهي لا «تهزها واقفة على شوار»، ولم تنجح في معالجة الملفات الأساسية مثل حماية لبنان والاستراتيجية الدفاعية واستراتيجية الأمن الوطني وتسليح الجيش وتحرير الجنوب وحماية لبنان ووقف الاعتداءات بالخيار الدبلوماسي، ولا في إعادة الإعمار وإيواء النازحين ولا في الكهرباء والطاقة والنازحين السوريين وحتى قانون الفجوة المالية لم يحظَ لا بموافقة المودعين ولا حتى المصارف وهُرِب في الحكومة بطريقة غير دستورية، ومستبعد تمريره في المجلس النيابي»، وبالتالي الحكومة ستجد نفسها في نهاية المطاف أمام الشارع والغضب الشعبي الذي يزداد عليها ولو أنها لا زالت مستمرة بقوة الأمر الواقع والإرادة الخارجية والأميركية تحديداً.
وفي سياق ذلك، دعا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فيّاض في كلمة له في احتفال حزبي، إلى «تصوّر أكثر اعتدالاً وواقعية ومسؤولية، يقوم على الالتزام بالقرار الدولي 1701 وإعلان وقف إطلاق النار وأولوية الانسحاب «الإسرائيلي»، وإيقاف الأعمال العدائيّة، وإطلاق عملية إعادة الإعمار، وإطلاق الأسرى، ومن ثمّ إطلاق مسار التعافي الاقتصادي والاجتماعي والإصلاحات السياسية، ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية التي تراعي الخصوصية اللبنانية وحاجاته الواقعية والممكنة لحماية أرضه وسيادته والدفاع عن نفسه، مع تأكيدنا على أنّ الامتداد الطبيعي السياسي والاقتصادي للبنان هو هذه البيئة العربية ـ الإسلامية إقليمياً، والتي يجب أن نعمل على ترميم علاقات لبنان بها وجعلها على أفضل ما يكون في إطار احترام السيادة وعدم التدخُّل في الشؤون الداخلية».
وقال فيّاض: «على الجميع أن يتذكَّر أنّ حزب الله هو الحزب السياسي الأكبر شعبياً في لبنان، وأنّ وزنه ودوره لا يمكن تجاوزهما، وأنّ المعيارين الميثاقي والديموقراطي يفرضان التفاهم معه، لهذا نحن نرى أنّ لبنان على مفترق، ونحن ندعو الجميع للتعاون في سبيل إنقاذ السيادة وإطلاق مسار التعافي وحماية الاستقرار وبناء الدولة».
واستقبل رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، رئيس الوفد اللبناني المفاوض في لجنة «الميكانيزم»، السفير السابق سيمون كرم، وتمّ البحث في التحضيرات الجارية لاجتماع اللجنة المقرّر عقده في 7 كانون الثاني المقبل.
وأكد رئيس الجمهورية أمام وفد قيادة الجيش برئاسة العماد رودولف هيكل أن «التاريخ سيشهد أنّكم أنقذتم لبنان في الماضي، وستنقذونه في الحاضر، لأنكم تعملون لمصلحة وطنكم، وليس لمصلحة أحد». وأكد الرئيس عون خلال استقباله وفد قيادة قوى الأمن الداخلي برئاسة اللواء رائد عبد الله أنّ «مساهمتكم ساعدت في تثبيت الأمن والاستقرار في لبنان، والتنسيق القائم مع الأجهزة الأمنية الأخرى يجعل مهمتكم ناجحة». وقال لوفد أمن الدولة برئاسة اللواء ادغار لاوندس «‏نجاحكم في ملاحقة الفساد أعاد إلى الدولة هيبتها، وزاد إيراداتها».
وفيما وقّع الرئيس عون مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع وأحاله إلى المجلس النيابي، واصل رئيس الحكومة نواف سلام حملة دفاعه الشرسة عن القانون رغم الثغرات المتعددة والشوائب فيه لا سيما قضم ما تبقى من ودائع صغار المودعين وغياب الأرقام الدقيقة للفجوة وتجاهل المسؤولين عن الأزمة وتحويل الأموال والهندسات المالية وغياب التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والتدقيق في الأموال المهربة إلى الخارج عبر المصارف ومصرف لبنان وفق ما يشير خبراء اقتصاديون وماليون لـ»البناء»، ولفت سلام إلى أنّ «مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع الذي أقرّه مجلس الوزراء، سيسلك طريقه اليوم إلى مجلس النواب بعد توقيع المرسوم الخاص في هذا الشأن».
وخلال مؤتمر صحافي من السرايا الحكومية رأى سلام أن «مشروع القانون سيدفع أموال المودعين من دون نقصان، ويفرض غرامات على الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج قبل الانهيار المالي والمصرفي لمدة ستة أشهر… وبعده، وعلى الذين استفادوا من الهندسات الماليّة ومن الأرباح والمكافآت المفرطة، وهو يدعو أيضاً إلى مواصلة التدقيق الجنائي والمحاسبي، خلافاً لما حاول البعض نكرانه». وكرّر بأنّ «هذا القانون ليس مثالياً، لكنه أفضل الممكن على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار، حيث عملنا ضمن الإمكانات المتاحة واستناداً إلى توقعات مدروسة».
في المقابل، اجتمع أمس مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان للتداول في المرسوم رقم 2224 تاريخ 29 كانون الأول 2025 الذي أحال إلى مجلس النواب مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي واسترداد الودائع. وفي ضوء ما تقدم، قرّر المجلس، بحسب بيان، «دعوة المصارف العاملة في لبنان إلى اجتماع يُعقد في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر الإثنين المقبل 5 كانون الثاني 2026، للتشاور في موضوع مشروع القانون المذكور واتخاذ القرارات المناسبة بهذا الصدد».

المصدر: صحف