أثار إعلان “إسرائيل” الاعتراف بإقليم صومالي لاند كدولة مستقلة وذات سيادة، موجة واسعة من ردود الفعل السياسية والأمنية في المنطقة، وسط تحذيرات من تداعياته على استقرار القرن الأفريقي واحترام مبادئ القانون الدولي ووحدة أراضي الدول.
ويُعد إقليم صومالي لاند، الواقع في شمال غرب الصومال، كياناً أعلن انفصاله بحكم الأمر الواقع منذ عام ألف وتسعمئة وواحد وتسعين، عقب انهيار الدولة الصومالية خلال الحرب الأهلية، مستنداً إلى تجربة كيان قصير العمر سبق اتحاد الصومال عام ألف وتسعمئة وستين.
ورغم تمتعه بحكم ذاتي واستقرار نسبي مقارنة ببقية المناطق الصومالية، ظل الإقليم طوال العقود الماضية من دون أي اعتراف دولي رسمي، إلى أن جاء الإعلان الإسرائيلي في نهاية كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري.
وسارعت الحكومة الفيدرالية في مقديشو إلى رفض هذا الاعتراف، معتبرة إياه انتهاكاً مباشراً لسيادة الصومال ووحدة أراضيه، ومخالفة صريحة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، في موقف حظي بتأييد عربي وأفريقي وإسلامي واسع، شمل دولاً مطلة على البحر الأحمر ومنظمات إقليمية.
ويكتسب الإقليم أهمية جيوسياسية خاصة نظراً لموقعه المطل على خليج عدن وقربه من مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية العالمية، الذي تمر عبره نسبة كبيرة من التجارة الدولية ويربط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر.
ويرى مراقبون أن هذا الموقع يمنح أي وجود أجنبي محتمل في صومالي لاند بعداً أمنياً وعسكرياً حساساً، خصوصاً في ظل التوترات المتصاعدة في البحر الأحمر واليمن.
وتشير تحليلات إلى أن الاعتراف الإسرائيلي قد يفتح الباب أمام تعاون سياسي أو أمني يمنح تل أبيب قدرة أوسع على الرصد والمراقبة في منطقة استراتيجية، ما قد يفاقم حالة التوتر في القرن الأفريقي، ويستفز قوى إقليمية فاعلة تخشى من تحوّل الإقليم إلى نقطة ارتكاز عسكرية أو استخباراتية جديدة.
وفي موازاة ذلك، أثارت تقارير إعلامية غير مؤكدة، تحدثت عن احتمال ارتباط الاعتراف بمناقشات أوسع تتعلق بإيجاد وجهات بديلة لتوطين فلسطينيين من قطاع غزة، قلقاً في الأوساط الصومالية، رغم عدم صدور أي تأكيد رسمي من الجانب الإسرائيلي.
وأعربت أطراف سياسية وشعبية في صومالي لاند عن رفضها القاطع لأي مشاريع من هذا النوع، محذرة من تداعيات داخلية وأمنية قد تستغلها جماعات مسلحة لزعزعة الاستقرار.
ويرى محللون أن هذه الخطوة قد تمثل محاولة إسرائيلية لاختراق البيئة السياسية الأفريقية ذات الغالبية المسلمة، وكسر العزلة الإقليمية عبر بوابة القرن الأفريقي، في سياق تحولات أوسع تشهدها المنطقة.
في المقابل، يحذّر مراقبون من أن الاعتراف الأحادي بإقليم انفصالي قد يعمّق الخلاف بين مقديشو وسلطات “ارض الصومال”، ويعيد ملف الانفصال إلى واجهة الصراع الإقليمي، بما يهدد التوازن الهش في منطقة تشكل عقدة وصل حيوية بين الشرق الأوسط وأفريقيا.
وبين الرفض الإقليمي والمخاوف الأمنية والسيناريوهات السياسية المفتوحة، يبقى اعتراف إسرائيل بصومالي لاند خطوة مثيرة للجدل، من شأنها أن تترك آثاراً بعيدة المدى على مفاهيم السيادة والاستقرار في القرن الأفريقي، في انتظار ما ستؤول إليه مواقف المجتمع الدولي والتطورات المقبلة.
المصدر: يونيوز
