تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الأربعاء 24-12-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
ارتباك إسرائيلي حول موعد نتنياهو مع ترامب… وكاتس للاستيطان في غزة وضده | تحرك تركي إقليمي نشط حول نفط شرق المتوسط وتداعيات لبنانية سورية… ليبية | تساؤلات حول مدى التقيّد باتفاق وقف النار في اجتماعات كرم أورتاغوس درازنين
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “مع مرور أيام على كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عدم تحديد موعد للقائه برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بدأت التساؤلات في وسائل الإعلام العبرية عن احتمال تأجيل موعد زيارة نتنياهو، وسط استبعاد وجود أسباب تقنية لعدم تحديد موعد اجتماع ترامب مع نتنياهو، وسط تسريبات من واشنطن تكشف حجم القضايا الخلافية التي يجب حلها قبل تحديد الموعد تفادياً للمخاطرة بعقد اجتماع فاشل، قد يتحول نسخة عن لقاء ترامب مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الذي انتهى بكلمات قاسية وجهها ترامب ونائبه جي دي فانس إلى زيلينسكي قبل الطلب إليه أن يغادر البيت الأبيض، وهو ما لا ترغب الدوائر الأميركية بحدوثه، في تبريرها للتمهل في تحديد الموعد أملاً بحل القضايا العالقة وأهمها ما يتصل بتشكيل ونشر القوة الدوليّة في غزة وتشكيل الإدارة المحلية وبدء أعمالها تمهيداً لإطلاق إعادة الإعمار، التي لا تنفصل عن خطط عقاريّة يقودها صهر ترامب جارد كوشنر، وكل هذا يستدعي التغاضي عن بقاء سلاح حركة حماس والسعي إلى تهميشه بدلاً من نزعه، والرهان على أهمية الدور التركي في القوة الدولية وفي إعادة الإعمار لتحقيق هذا الهدف، بينما لا يزال نتنياهو يتمسك بالحسم الواضح لمصير السلاح من جهة، ورفض المشاركة التركية في القوة الدولية من جهة أخرى. وفي هذا المناخ من الارتباك كانت السخرية من مواقف وزير الحرب في حكومة نتنياهو الذي زاد من حجم التعقيد بتصريحات أعلن فيها نية الحكومة على بناء مستوطنات في غزة قبل أن يسحب كلامه ويتراجع عنه بتصريح قال فيه بوضوح إن لا نية لدى الحكومة ببناء مستوطنات في غزة.
في المشهد الإقليمي تبدو تركيا محور تحرّكات متسارعة تنطلق من سورية، التي تشكل محور الصراع الإقليمي مع «إسرائيل»، منذ إسقاط النظام السابق وسعي تركيا لتولي دور المرجعية الإقليمية للمشهد السوري الجديد والتعهّد بضمان مصالح أميركا و»إسرائيل» فيها، مقابل إصرار «إسرائيل» على اقتطاع جزء من الكعكة السورية سواء في الجغرافيا الحدودية أو في فرض السيطرة على الأجواء أو رسم خرائط النفوذ التركي، وتطل المسألة الكردية كمفردة في هذا الصراع، ويحضر ملف النفط والغاز كعنوان بارز في الصراع على الأجواء في إدارة غاز شرق المتوسط، بين تحالف إسرائيلي قبرصي يوناني مناوئ لتركيا وسعي تركي لتحالف يضمها مع سورية وتسعى لضمّ لبنان إليه. وفي هذا السياق كان احتجاج تركيا على توقيع لبنان اتفاق ترسيم حدود مع قبرص، يعاكس ترسيم الحدود المائية بين تركيا وليبيا، وجاء اتصال الرئيس التركي رجب أردوغان بالرئيس اللبناني العماد جوزف عون، الذي توسّعت الرئاسة التركية في تعميم مضمونه مقارنة بما نشرته الرئاسة اللبنانية، حيث نقلت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية أن «أردوغان أكد خلال الاتصال أن تركيا مستعدة دائماً للمساهمة في الآليات الدولية الرامية لدعم أمن لبنان». وشدّدت على أن تركيا لطالما دافعت عن استقرار لبنان وسيادته، مبينًة أن البلدين يتمتعان بإمكانيات كبيرة في مجالي التجارة والاستثمار. ولفتت إلى أن «تركيا تنتظر من لبنان أن يتبنى موقفًا يراعي حقوق ومصالح القبارصة الأتراك». وأشار الرئيس التركي خلال الاتصال إلى «أن أنقرة ستواصل تقديم الدعم من أجل أن تسهم التغييرات الكبيرة في سورية في استقرار المنطقة. ورفض تركيا للموقف العدواني لـ«إسرائيل» تجاه لبنان».
في لبنان فتحت التغطية الإعلامية لما جرى في اجتماع الناقورة للميكانيزم وما نقلته عن عقد لقاء ثلاثي ضم السفير سيمون كرم كرئيس للوفد اللبناني، من دون مشاركة أي عضو من الوفد، والمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوسي درازنين، من دون أي مشاركة أممية أو فرنسية، ما يعني أن اللقاء عقد خارج إطار الميكانيزم، ويمنح وزناً للشكوك تجاه ما يقوله الإسرائيليون عن مفاوضات اقتصادية جارية في اللقاءات؟
وفي وقت تتجه العيون إلى إعلان الجيش اللبناني جنوب الليطاني منطقة خالية من السلاح مطلع العام المقبل أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري أننا «دخلنا مرحلة جديدة في التعامل الدولي مع لبنان، لا سيما على صعيد الجيش»، كاشفاً عن «التحضير لزيارة قريبة لقائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن، ناهيك عن أن موافقة الولايات المتحدة الأميركية على إقامة مؤتمر خاص لدعم الجيش هو دليل أوليّ على الأقل أن موقف الجيش لم يعُد كما كان». أضاف «الولايات المتحدة الأميركية لم تعُد تتبنى الاتهامات الإسرائيلية والأحاديث التي راجت عن أن الجيش اللبناني متواطئ وعاجز ومقصّر، بل على العكس أدركت أنه على رغم الإمكانات المحدودة فالجيش يقوم بعمله. هناك تغيير جديد على مستوى تفهم الظروف التي تواجه الجيش اللبناني في حال استدعى الأمر تأخيراً لبضعة أسابيع في تنفيذ خطته على الأرض. الأهم أن هناك اعترافاً جدياً بأن الجيش لا يملك الإمكانات اللازمة، ومن هنا عاد البحث في عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش بمبادرة فرنسية سعودية».
على خط آخر أكد الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان للرئيس جوزاف عون «دعم بلاده للبنان في مختلف المجالات وسعيها إلى تطور العلاقات الثنائيّة بين البلدين». وشكر الرئيس عون نظيره التركيّ على مواقف بلاده حيال لبنان، مؤكّدًا أهمية تعزيز العلاقات المشتركة. وجاء ذلك خلال اتصالٍ هاتفي تلقاه عون من الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان، تم خلاله التداول في عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك إضافة إلى الأوضاع في المنطقة.
كما وتلقى الرئيس عون اتصالًا هاتفيًّا من العاهل الأردنيّ الملك عبد الله الثاني بن الحسين، تمّ التطرق فيه إلى أبرز المستجدّات في المنطقة، وذلك في إطار التنسيق والتشاور بين البلدين. وتناول البحث أيضًا العلاقات الثنائيّة بين البلدين، حيث أكّد العاهل الأردني «دعم الأردن لجهود لبنان في المحافظة على أمنه واستقراره وسيادته».
وأكد قائد الجيش العماد رودولف هيكل، أنّ تضحيات العسكريّين وجهودهم المتواصلة، على اختلاف رتبهم ووظائفهم، تشكّل ركنًا أساسيًّا في نهضة لبنان ومستقبله، مشدّدًا على ثبات مبادئ المؤسّسة العسكريّة مهما اشتدّت الضغوط، وقال، «ننحني أمام تضحيات عسكريّينا التي تسهم في تحقيق إنجازات الجيش، كلّ وظيفةٍ تحمل أهميّةً كبيرةً بالنسبة إلى أداء الجيش، وكلّ بذلٍ وعطاءٍ يسهم في خلق مستقبلٍ أفضل لبلدنا».
وجاء ذلك خلال اجتماع استثنائيّ في اليرزة، عقده قائد الجيش اللّبنانيّ، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملانيّة وعددٌ من الضبّاط، خصّص لبحث آخر التطوّرات التي يمرّ بها لبنان والجيش في ظلّ المرحلة الاستثنائيّة الراهنة، ولا سيّما في ضوء استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيليّة.
وتطرّق العماد هيكل إلى زيارته الأخيرة إلى فرنسا، لافتًا إلى الإيجابيّة التي لمسها خلال اجتماعاته حيال الأداء المحترف للجيش، ومشيرًا إلى أنّ هذا الأداء بات محلّ ثقة الدّول الشّقيقة والصّديقة، رغم اتّهاماتٍ تطلق بين حينٍ وآخر ومحاولات تضليلٍ إسرائيليّةٍ تهدف إلى التّشكيك بأداء الجيش وعقيدته.
وفي ما يتعلّق بالمؤتمر المرتقب لدعم الجيش، رأى أنّ من أبرز أسباب الثّقة والدّعم وفاء المؤسّسة العسكريّة بالتزاماتها وواجباتها في مختلف المناطق اللّبنانيّة، ولا سيّما في الجنوب، رغم الإمكانات المتواضعة.
وكشف العماد هيكل أنّ الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطّته، ويجري حاليًّا التقييم والدراسة والتخطيط للمراحل اللاحقة بدقّةٍ وتأنٍّ، مع أخذ مختلف المعطيات والظروف في الحسبان، كما أشاد بنجاح الوحدات في تنفيذ مهمّاتها، ولا سيّما في حفظ الأمن ومراقبة الحدود وحمايتها، في ظلّ التّنسيق القائم مع السّلطات السّوريّة.
وشدّد وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي، في حديثٍ تلفزيونيّ، على أنّ لبنان «يريد نزع سلاح حزب الله»، معتبرًا أنّه «من غير المقبول وجود منظّمة غير قانونيّة مسلّحة داخل الدّولة اللبنانيّة». وأوضح أنّ المقاربة لا تقتصر على مصادرة السلاح فحسب، بل تتطلّب تفكيك الفرعين الأمنيّ والعسكريّ للحزب، لأنّ أيّ معالجةٍ جزئيّة «لا تؤدّي إلى استعادة سيادة الدّولة كاملة». وقال إنّ «الشعب اللبنانيّ يريد نزع سلاح حزب الله»، مشيرًا إلى أنّ الجيش اللبنانيّ يواجه مهمّةً صعبةً ومعقّدةً في هذا الإطار وسط واقعٍ سياسيّ وأمنيّ شديد الحساسيّة، ولافتًا إلى أنّ قادة الحزب يعلنون صراحةً أنّ السلاح شمال نهر الليطاني «غير مطروح للنقاش»، ما يزيد التعقيدات.
إلى ذلك وصل للبنان وفدٌ عراقي برئاسة مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي، حسين العوادي، وتستمر الزيارة يومين، وتتضمن برنامجًا من اللقاءات الرسمية يبدأ بزيارة رئاسة الجمهورية، ثم المديرية العامة للأمن العام، تليها زيارة إلى عين التينة، فالسراي الحكومي، على أن يُقام عشاء رسمي بالمناسبة. ويوم الخميس، يعقد الوفد اجتماعًا في المديرية العامة للأمن العام، قبل أن يغادر لبنان في ختام الزيارة.
وتأتي هذه الزيارة في إطار التأكيد على الدعم المتواصل للبنان، والوقوف إلى جانبه في مختلف الظروف.
في الشأن الأمني أفادت المعطيات أن الأجهزة الأمنية تشتبه بأن «»الموساد» خطف النقيب المتقاعد بالأمن العام أحمد شكر في البقاع، وأنه استُدرج من النبي شيت لأعالي زحلة حيث خطف».
وأشارت المعلومات إلى أنّ «لبنان يشتبه بأن مجموعة دخلت مطار بيروت قبل عمليّة الخطف بيومين ثم غادرت بعد التنفيذ»، لافتةً إلى أنّ «لبنان يشتبه بأن يكون قد فقد أثر الطيار الإسرائيلي رون أراد من منزل يعود لآل شكر بالنبي شيت، كما ترجّح الأجهزة بأن يكون لعملية الخطف علاقة باختفاء الطيار الإسرائيلي رون أراد».
أنهى مجلس الوزراء في جلسته التي خصصت لبحث مشروع قانون معالجة الفجوة الماليّة، بحث المواد حتى المادة الثامنة من مشروع القانون، على أن تُستكمل المناقشات في جلسة جديدة يوم الجمعة المقبل.
وأشار وزير الإعلام بول مرقص إلى التوافق على مبدأ أساسي خلال الجلسة، يقضي بأن لا تقلّ الدفعات المخصّصة لتسديد ودائع المودعين عن 1500 دولار أميركي شهريًا. ويأتي ذلك استكمالًا للجلسة الأولى التي عُقدت يوم الإثنين، والتي شهدت انطلاق النقاش في مشروع القانون بعد الانتهاء من بنود أخرى مدرجة على جدول الأعمال.
وتركّز جانب واسع من النقاشات على آليات تمويل المشروع، إذ طرح عدد من الوزراء تساؤلات حول مدى قدرة المصارف ومصرف لبنان على تأمين السيولة اللازمة لتسديد الودائع خلال المرحلة الأولى، والتي تمتدّ حتى أربع سنوات. كما دار نقاش بين حاكم مصرف لبنان كريم سعيد ووزير المالية ياسين جابر حول الديون المختلف على قانونيّتها، حيث يعتبر المصرف المركزي هذه المبالغ ديونًا مستحقة له على الدولة اللبنانيّة، في حين تتحفّظ وزارة المالية على هذا التوصيف.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، أنه «مرتاح للمسار البنّاء للمناقشات حول مشروع قانون الفجوة المالية مع الوزراء». وأكد أن «القانون ضروري لاستعادة أموال المودعين والثقة بالدولة، ويمثل حجر الأساس للنهوض الاقتصادي في لبنان». كما أوضح أن «الحكومة تعتبر القانون أولوية»”.
الأخبار:
من يُحرِج الجيش بـ«فخّ» شمال الليطاني؟
وتحت هذا العنون كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية ” يمضي لبنان نحو السنة الجديدة وكأنّه يسير في حقل ألغام، غارقاً في تداعيات التصعيد الإسرائيلي ضد إيران ومجمل ساحات المنطقة، بما فيها لبنان وغزة وسوريا.
وبناءً على ذلك، تتجه الأنظار نحو ما قد يواجهه في الأسابيع الأولى من عام 2026، في ضوء عاملين رئيسيين: اللقاء المُرتقب بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو في 29 من الشهر الجاري، والذي يُعقد في وقت تُواصل فيه إسرائيل التلويح بضربة حتمية ضد حزب الله، والمرحلة الثانية من خطة حصر السلاح التي أعلن عنها رئيس الحكومة نواف سلام.
وفي هذا السياق، طُرح تساؤل في الأيام الماضية حول موقف رئيس الجمهورية جوزيف عون من تصريحات رئيس الحكومة، وما إذا كان موافقاً على الانتقال إلى المرحلة الثانية أو ما يُسمى «حصرية السلاح في منطقة شمال الليطاني»، خصوصاً أن عون لطالما حافظ على مسافة حذر من أيّ خطوة قد تؤدّي إلى صدام داخلي.
وكشفت مصادر متابعة لـ«الأخبار» أن «عون يتفق تماماً مع ما أعلنه سلام، وهو على اطّلاع كامل على كل ما يتم التحضير له، بل هو في صلب هذا التحرّك.
وقد أوفد قبل حوالي أسبوعين مستشاره أندريه رحال إلى باريس للقاء الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان للتنسيق بشأن ملفات عدة، من بينها ملف السلاح في شمال النهر، إضافة إلى بعض القوانين المطروحة للنقاش، مثل قانون الفجوة المالية».
واعتبرت المصادر أن «الفصل بين مواقف سلام وعون غير منطقي ولا واقعي. فكلاهما ينتميان إلى المشروع ذاته، ويطبّقان المهمة نفسها، وينفّذان التعهدات نفسها التي دائماً ما يذكّر بها الموفدون الأميركيون والغربيون والعرب، وتتحدّث عنها إسرائيل استناداً إلى قرارات الحكومة في جلسة 5 آب الماضي».
بدأ التوتر في الساحة السياسية بعد إعلان سلام عن المرحلة الثانية من خطة الجيش
وتضيف المصادر أن «المعضلة تكمن في المسار الذي ستسلكه هذه الخطة في مرحلتها الثانية، ولا سيما أن حزب الله كان قد وضع سقفاً لتجاوبه مع خطة الجيش، وهو أن تكون هذه الخطة محصورة في جنوب الليطاني كما نصّ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن في 27 تشرين الثاني من العام الماضي»، مشيرة إلى أن «اليومين الماضيين لم يشهدا أي اتصالات على المستوى السياسي أو بين الرؤساء الثلاثة لمناقشة الملف، وكأنّ الموضوع متروك حتى بداية العام الجديد أو إلى ما سيسفر عنه لقاء ترامب – نتنياهو، الذي ينتظره الجميع باعتباره محطة مفصلية.
ولكن، ما هو أكيد أن الساعات الماضية بدأت تشهد توتراً في الساحة السياسية، خصوصاً أن ما أُعلن عنه وضع الجيش في موقف مُحرِج، إذ سيكون مضطراً إلى تنفيذ القرار السياسي، بينما يبحث عن سبل لتفادي المواجهة مع المقاومة التي لا تزال تؤكّد أنها ليست في صدد تسليم السلاح في شمال الليطاني، وقد أبلغت أخيراً المعنيين بذلك».
وعُقد أمس اجتماع استثنائي في اليرزة برئاسة قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج العملياتية وعدد من الضباط، خُصّص لبحث آخر التطورات التي يمر بها لبنان والجيش في ظل المرحلة الاستثنائية الراهنة، خصوصاً في ضوء استمرار الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية. وكشف هيكل أن «الجيش في صدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطته، ويجري حالياً التقييم والدراسة والتخطيط للمراحل التالية بدقّة وحذر، مع أخذ كلّ المعطيات والظروف في الحسبان».
ويأتي هذا الحذر في وقت يواصل فيه الإعلام العبري التهويل بتصعيد كبير مع لبنان، إذ أفادت صحيفة «معاريف» بأن الجيش الإسرائيلي ينتظر قرارات مهمة ستُتخذ في ولاية فلوريدا الأسبوع المقبل، تتعلق بكل من لبنان وإيران، فيما تواصل القوات الإسرائيلية عملها المستمر في شعبة الاستخبارات العسكرية وقيادة المنطقة الشمالية والفرقة 91.
ووفقاً لتقديرات الصحيفة، فإن الهدف من العمليات المتواصلة في جنوب لبنان هو «خلق استمرارية في فرض الردع وتعزيزه»، لافتة إلى أن «احتمال اندلاع قتال واسع النطاق في لبنان مُعقّد بالنسبة إلى الأميركيين، كما هو مُعقّد لأسباب عدة، منها الظروف الجوية»، لافتة إلى أن «إدارة قتال مُكثّف تتطلّب طقساً مستقراً، بعيداً عن العواصف أو الغيوم الكثيفة، لضمان استمرارية العمليات».
وفي سياق متصل، قالت مصادر عسكرية لبنانية، إن الجيش طلب إلى القوات الدولية إفادته بشأن استنفارات لفرق عسكرية إسرائيلية على الحدود مع لبنان، خصوصاً القوات التي تلعب دوراً في الحروب البرية، وسط مخاوف من قيام العدو بعمليات توغّل بهدف توجيه ضربات موضعية إلى أهداف تزعم إسرائيل أن الجيش اللبناني لم يدمّرها”.
هكذا اصطاد السياسيين… وأوقعَ به ابن فرحان القصة الكاملة للأمير السعودي «أبو عمر»
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “ببراعة شديدة، نجح الشيخ خلدون عريمط في الإيقاع بكثير من السياسيين والعاملين في الشأن العام، ما جعله في نظر كثيرين، واحداً من أدهى الشخصيات في التاريخ اللبناني.
قصة القاضي الشرعي السابق، بدأت باستغلاله ابتعاد الرياض عن الساحة اللبنانية أثناء عهد الرئيس السابق ميشال عون والفراغ الرئاسي الذي تلاه، وما نتج من ذلك من شحّ في الاتصالات الرسمية بين البلدين، ولا سيما بعد استدعاء الرياض سفيرها في لبنان.
على مدار هذه السنوات، كان عريمط، وفقاً لما يروي متابعون، يعمد إلى زيارة شخصيات سياسية، ويدّعي أمامها أن المملكة راضية عن أدائها، قبل أن يسألها عمّا إذا كان لديها مانعٌ من إقامة علاقات مع مسؤولين سعوديين. وعند إجابتها بـ«نعم»، تكون الضحية قد أكلت طعم عريمط، وعلقت في صنارته.
ومع ذلك، لا يربطها عريمط بالمسؤول السعودي المزعوم فوراً، وإنّما يُكرّر الزيارة مرّة أو مرّتين، قبل أن يفتح اتصالاً مباشراً من هاتفه بـ«الأمير السعودي أبو عمر»، مُقدماً إياه لضحيته على أنه أحد أهم المُؤثِّرين في الديوان الملكي، ومقرّب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وقادر على تحقيق أحلامهم السياسية. غير أن «أبو عمر» لم يكن سوى ابن بلدة وادي خالد العكارية، مصطفى الحسيان، الذي يُجيد اللكنة السعودية.
في البداية، كان الأمير المزعوم يطمئن عن هذه الشخصيّات وينوّه بمواقفها، قبل أن يطلب منها، في اتصالٍ آخر، الاهتمام بعريمط، كما الاهتمام بـ«رابطة إنماء وتوعية الأُسرة» التي أسّستها زوجة عريمط، ودعم الجمعية عبر مبالغ مالية يُحدِّدها «الشيخ».
أدوارٌ سياسية أساسية
هكذا ذاع صِيت «أبو عمر» في الأوساط السياسية وتوسّع نفوذه. فبات البعض ينتظر اتصاله أشهراً، نظراً إلى أن «الأمير السعودي» لم يكن يحب الإكثار من الاتصالات. ورغم أن تركيزه كان على الشخصيات السنية، غير أنه لم يُوفِّر شخصيات من طوائف أُخرى.
كما وطّد علاقاته الهاتفية مع أصحاب الثروات الذين لديهم طموحات سياسيّة. بذلك، تمكّن من التأثير في الانتخابات النيابية التي جرت في عام 2022، ولا سيما على المرشحين في عكار، الذين حاولوا الاتصال به لطلب الدعم السعودي. وكذلك، بلغ تأثيره بعض المسؤولين في تيار المستقبل، الذين صدّقوا بسببه أن الرئيس سعد الحريري عائد إلى العمل السياسي، ورتبوا أمورهم على هذا الأساس في الانتخابات الماضية، وحتى الانتخابات المقبلة.
كما يتردد أن «أبو عمر» لعب دوراً في الانتخابات البلدية في بيروت، عبر دفعه بعض المرشحين إلى الانسحاب، ومن بينهم – كما يُحكى، المرشح على موقع الرئيس بسام برغوت. فوفقاً للرواية المتداولة، انسحب برغوت بطلب من «أبو عمر». كما تلقى الأمير المزعوم أموالاً مقابل الطلب من النائب فؤاد مخزومي إدخال أحد المرشحين إلى اللائحة الائتلافية، التي كان يرأسها إبراهيم زيدان.
طلبات وأموال كـ«الشّتي»
كان يكفي أن يقول «أبو عمر» عبارته الشهيرة: «اهتموا بالشيخ خلدون»، حتى تهطل الأموال والهدايا على الرجل الذي كان يتقاضى راتباً شهرياً من بعضهم، على اعتبار أنه صلة وصلهم بالسعودية. واستحصل أيضاً على عقد باسم ابنه في مرفأ بيروت مع نجل النائب السابق طارق المرعبي، بعدما وقّعه الرئيس نجيب ميقاتي. ويتردد أن النائب فؤاد مخزومي حوّل لـ«أبو عمر» نحو 500 ألف دولار لقاء إقناع السعودية بتبني ترشيحه إلى رئاسة الحكومة، والضغط على النواب لتسميته.
في المقابل، كانت طلبات تبني مرشحين للانتخابات النيابية والتوزير، وحتى الدعم لاستعادة سلطة سياسية مفقودة، «تُشتِّي» على عريمط. وبدوره، كان «أبو عمر» يعرف كيف يؤجّل تنفيذ الوعود إلى حين «الوقت الذي يُفضِّله الديوان الملكي». وعليه، تطول لائحة الشخصيات التي تمكّن «أبو عمر» من إيقاعها في فخّه، والتي تبدأ بالرئيس فؤاد السنيورة، مروراً برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وبعض قياديِّي «المستقبل»، ولا تنتهي عند النائبين فؤاد مخزومي وغسان حاصباني والنائب السابق ميشال فرعون والوزير السابق محمد شقير، إضافةً إلى معظم المرشحين المحتملين السنة في عكار وبيروت.
ورغم ابتعاد «أبو عمر» عن نسج علاقات مع شخصيات على علاقة قوية مع القنوات الرسمية في المملكة، نجحت بعض الشخصيات التي استهدفها في «قفرِه»، فلم تأخذه على محمل الجد، كالوزير السابق نهاد المشنوق، الذي لم يفتح المجال لعريمط كي يرتب له اتصالاً بالأمير المزعوم.
وخلال هذه المدة، بدأ الرجل يُوسِّع دائرة علاقاته ويوطّدها عبر اتصالات في فترات متلاحقة من أرقام سعودية وأجنبية. وتروي بعض الشخصيات أن «أبو عمر»، وبعد مرور مدة قصيرة على بناء الثقة مع بعض السياسيين، كان يتقصّد الحديث بطريقة استعلائية، وحصر الحديث بإعطاء الأوامر وتقديمها على أنها آتية من المملكة، ولا يمكن الاعتراض عليها، حتى لا يجد المتحدث الظرف مناسباً لطلب أي شيء. كما كان يطلب فتح مذياع الهاتف لدى اتصاله بعدد من النواب لعلمه المسبق أنهم في اجتماع لكتلتهم، فيأمرهم بإصدار مواقف داعمة للمملكة أو الهجوم على قوى سياسية.
عودة السعودية وأزمة التكتّم
لكن السعودية باستئنافها التواصل الرسمي مع السياسيين اللبنانيين، وعودة الحياة إلى سفارتها في بيروت، ثم تكليف الأمير يزيد بن فرحان بالملف اللبناني، خلقت أزمة لدى «أبو عمر»، الذي سرعان ما وجد حلّاً عبر تحذير مُتَّصليه بعدم مفاتحة المسؤولين والديبلوماسيين السعوديين الموجودين في بيروت بأمره، كي لا يحرجوا أنفسهم، مشيراً إلى أن هؤلاء موفدون لمهمات محددة، أمّا هو فمهمّته أوسع وتشمل التأثير في قرارات الديوان الملكي.
بذلك، لم تتأثّر أعمال «أبو عمر»، لا بل إن بعضهم قرّر عدم «التشبيك» مع ابن فرحان، على اعتبار أن لديه قناة سعودية رسمية قادرة على تحسين علاقته بالمملكة، وهو ما ردَّده رئيس حكومة سابق على مسامع زوّاره، ووصل بـ«البريد السريع» إلى ابن فرحان، الذي كان أيضاً، بحسب متابعين مقربين منه، يلاحظ برودة في العلاقة مع بعض الشخصيات السياسية التي لا تبدي حماسةً للتعاطي المباشر معه، أو شخصيات تغيرت حرارة استقبالها له.
تجميع الخيوط
ويشير المتابعون إلى أن الكثير من الخيوط كانت تتجمع لدى المعنيين، وأهمها عندما اتصل أحد المرشحين المحتملين للانتخابات النيابية في عكار بـ«أبو عمر»، ليجد أن الهاتف يرنُّ على الطاولة المجاورة، قبل أن يُعيد الكرَّة مرّة أخرى، ويتأكد أن صاحب الهاتف لا يمكن أن يكون مقرباً من «أبو عمر». ويؤكد متابعون أن الحسيان، الذي انتحل شخصية الشيخ السعودي، كان في المدة الأخيرة لصيقاً بعريمط، وكان يحضر بعض الاجتماعات معه ويستمع إلى النقاشات السياسية.
وبهذا الخيط، إضافةً إلى الأسئلة الكثيرة التي بات بعض السياسيين يطرحونها بين بعضهم عن «أبو عمر»، خصوصاً أنهم لم يجدوا له أي ظهور في السفارة أو مع ابن فرحان، جعل علامات الاستفهام تكبر لديهم. وبقي الوضع كذلك حتى فاتحت إحدى الشخصيات اللبنانية الموفد السعودي خلال وجوده في بيروت في نهاية أيلول الماضي، بأمرِ «أبو عمر»، وسألته عن صلته بالديوان الملكي ومدى قربه من ولي العهد السعودي.
عندها بدأ ابن فرحان يتقصّى عن الأمر، وقابل بعض الشخصيات التي لها علاقة بالأمير المزعوم، وطلب منهم تسجيل الاتصالات معه وتسليمها إلى مساعديه في بيروت. فقام هؤلاء بتحضير ملف متكامل يتضمن مستندات صوتية عن ادعاءات «أبو عمر»، أُرسل إلى المملكة في منتصف تشرين الأول الفائت.
ويتردّد أن ابن فرحان خصّص جزءاً من زيارته الأخيرة لبيروت في تشرين الثاني الماضي لتسليم السلطات اللبنانية ملف «أبو عمر». وعليه، بدأت مخابرات الجيش اللبناني تراقب الحسيان، الذي كان موجوداً في تلك المدة في سوريا، وتمّ القبض عليه، قبل أن تنفضح قصته عند وصوله إلى حاجز الجيش عند الحدود اللبنانية. وتشير مصادر أمنية إلى أن الحسيان اعترف مباشرةً بعلاقته بعريمط، وأنه كان يعمل لحسابه.
هل «أبو عمر» بعيدٌ فعلاً عن السعودية؟
ترتسم الكثير من علامات الاستفهام حول الأمير السعودي المزعوم «أبو عمر» وعلاقاته المخابراتية، أو إمكانية أن تكون لديه فعلاً قنوات اتصال مع السفارة السعودية. وبينما يؤكد مقربون من المسؤولين السعوديين ألا علاقة تجمع المملكة بالشيخ خلدون عريمط أو «أبو عمر»، فإن آخرين يتساءلون عن كيفية معرفة «أبو عمر» بأمورٍ لم يكن ليعلمها، إلّا المقربون جداً من السعودية.
ويقول هؤلاء إن «أبو عمر» اتصل فعلاً ببعض النواب قبل موعدهم في الاستشارات النيابية، طالباً منهم تسمية نواف سلام، في حين يؤكد المعنيون أن النواب لم يتلقّوا الإيعاز السعودي الرسمي، كلٌّ بحسب القناة الرسمية التي يتواصل معها عادةً، إلّا عند الظهر. وبالتالي، كيف عرف «أبو عمر» بوجود إيعازٍ سعودي باسم سلام؟ مع العلم أن ما يحكى عن تعديل «أبو عمر» الكفّة لمصلحة سلام غير دقيق، إذ إن السعودية كانت على تواصل مسبق مع النواب المقربين منها، بهذا الخصوص.
أما السؤال الأهم، فهو: كيف بقيت علاقة «أبو عمر» طيّ الكتمان وبعيدة من أعين السفارة السعودية أكثر من 5 سنوات، في الوقت الذي «تغزِلُ» فيه أجهزة الاستخبارات المختلفة داخل لبنان؟
في هذا الإطار، يعود بعض المعنيين بالذاكرة إلى انتحال أحد اللبنانيين شخصية غازي كنعان، مساهماً في إطلاق سراح بعض السجناء عبر اتصالات تلقّاها أمنيون من كنعان المزعوم. حينها، أقام النظام السوري السابق «الدنيا ولم يُقعدها» حتّى تمّ توقيف الفاعل.
كما يثير ردّ فعل الشيخ خلدون عريمط بعد انفضاح قصة «أبو عمر» ريبة المعنيين، إذ إن الرجل يرفع سقف خطاباته ويُقدِّم الادعاءات إلى النيابة العامة ويصدر البيانات، إلى حدِّ أنه غير آبهٍ بالمحاسبة. وكأنه، بحسب بعض المتابعين، يتلقّى دعماً خفيّاً من جهةٍ ما، يجعله قادراً على التحرك وزيارة مسقط رأسه لتلقّي الدعم الشعبي، على أمل أن يحميه من المحاسبة. وما يزيد هذه الشكوك امتناع مخابرات الجيش اللبناني عن إلقاء القبض على عريمط، رغم أن المسؤولين الأمنيين المطلعين على التحقيقات يؤكدون أن «أبو عمر» اعترف منذ نحو شهر بأنه كان يقوم بهذه الاتصالات بناءً على طلبٍ من عريمط.
من جهة ثانية، يثير تعاطي دار الفتوى أيضاً التباساً. ففي حال كان عريمط بريئاً على ما يقول، لماذا لم يصدر مفتي الجمهورية، الشيخ عبد اللطيف دريان، بياناً يدافع فيه عنه؟ وفي حال لم يكن كذلك، لماذا لم يتبرأ منه؟ مع العلم أن بعض الشخصيات السنية تطالب دريان بموقف حاسم يمنع عريمط من الاحتماء بدار الفتوى، على اعتبار أنه يتحمل مسؤولية في ما حصل، ويجب محاسبته، بغضّ النظر عن عباءته الدينية.
أهالي وادي خالد مصدومون بـ«مصطفى الدرويش»!
لم يصدّق أبناء وادي خالد كيف استخدم الشيخ خلدون عريمط دهّان السيارات مصطفى الحسيان الذي يسكن في بيت متواضع داخل مبنى صغير مؤلف من طبقتين «على الحجر» مع زوجته وأهله وشقيقَيه، في منطقة الرامي. ويروي أبناء البلدة أنهم كثيراً ما كانوا يقومون بمساعدته لأنهم يعتبرون أن وضعه المالي «صعب جداً» إلى حدِّ أن النائب محمد سليمان دفع نفقات عملية أجريت له، بعد تعرضه لحادث دراجة نارية قبل نحو عام. ويُعدُّ منزل الحسيان من أفقر المنازل في وادي خالد، إذ لا أبواب بين الغرف وإنّما شراشف مُعلَّقة على الحيطان، كما لا بلاط على الأرض ومعظم الكراسي داخله مُكسَّرة، مع افتقار المبنى لأدنى مقوِّمات العيش. والرجل لا يمتلك سيارة، ولا حتى دراجة نارية.
ويردّد هؤلاء أن «مصطفى درويشٌ وفقير جداً ويعمل يومياً من السابعة صباحاً ولا يعود إلى منزله قبل السابعة ليلاً»، ومظاهر الغنى لا تبدو عليه، مستغربين الحديث عن تقاضيه أموالاً بملايين الدولارات. ويلفتون إلى أن لا علاقة تربطه بأي من السياسيين أو الأنظمة المخابراتية ولا حتى بالشيخ خلدون عريمط، الذي كان يزور مسقط رأسه بين الفينة والأخرى، «إلّا أننا لم نشاهده يوماً يزور منزل الحسيان».
أمّا عن إتقانه اللكنة الخليجية، فيؤكد أهالي المنطقة أن معظمهم يتقنها باعتبار أنهم من البدو والعشائر العربية، بينما كان الحسيان يجيدها أكثر كونه من عشيرة السوالحة – العتيق التي تُعدُّ لكنتها أكثر قرباً إلى اللهجة الخليجية. ويصفونه بأنه متحدّث لبق و«مِلسن»، معتبرين أن «الرجل خُدِع، لأنّه ليس على هذا القدر من الذكاء الذي يتيح له تخطيط وتنفيذ مثل هذه الأفعال»”.
اتفاق وشيك على «الانتظام المالي»: 18 مليار دولار كلفة أول 100 ألف دولار
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “انتهت جلسة مجلس الوزراء الثانية المخصّصة لدرس مشروع «قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع»، إلى جلسة ثالثة تعقد الجمعة المقبل. الجلسة الماراتونية التي امتدّت من العاشرة صباحاً إلى السابعة مساء مع 40 دقيقة استراحة، حضر القسم الأول منها حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ليقدّم الأساس المالي للمشروع والأرقام التي بٌني عليها، قبل أن يغادر نظراً لارتباطات تتعلّق بسفره إلى الخارج، ما أثار استياء عدد من الوزراء.
وطرح في الجلسة الكثير من الأسئلة المتعلّقة بالدفعات الشهرية للمودعين وبعملة التدقيق في أصول مصرف لبنان والمصارف ورسملتها بالإضافة إلى التسديد النقدي للمودعين وغيره. وتركّزت النقاشات حول أربع مواد من مشروع القانون، لا سيّما تلك المتعلّقة بإجراءات تحديد وتوزيع الخسائر وإعادة رسملة المصارف، وإجراءات تحديد الأصول غير المنتظمة وتنقيتها.
رغم ذلك، كانت النقاشات تخرج عن إطار المادة التي تدور حولها الأسئلة والأجوبة، ولا سيّما عندما كان الحاكم حاضراً. فقد تبيّن من الأرقام التي قدّمها بأنّ مجموع الحسابات في القطاع والتي ستخضع لهذا القانون يصل عددها إلى 900 ألف، من بينها 520 ألفاً لمودعين لديهم في حساباتهم مبالغ لغاية 100 ألف دولار بما مجموعه 14.8 مليار دولار، ومن بينها 1118 حساباً تصل الى 15 مليار دولار أيضاً، ضمن شريحة الذين لديهم إلى غاية 5 مليون دولار.
وقال الحاكم إنه بموجب المشروع المطروح سيتمّ تسديد أكثر من 4 مليارات دولار سنوياً للمودعين على أربع سنوات (قد يصل المبلغ إلى 4.5 مليار). ولم تتّضح الحسابات النهائية التي ستتوجّب على كل المودعين إذا احتسب القانون إعطاء كل المودعين بشكل متساوٍ أول 100 ألف دولار في حساباتهم، لكن يقدّر أنّ المبلغ قد يصل إلى 18 مليار دولار.
النقاش في المسائل المتعلّقة بالمودعين كان كبيراً، إذ كانت هناك أسئلة على النحو الآتي: هل سيحصل المودعون الذين سحبوا أموالاً نقدية في السنوات السابقة، أو الذين حصلوا على مبالغ نقدية بموجب تعاميم مصرف لبنان، على الـ100 ألف دولار كاملة؟ ما هي حصّة المصارف من هذا التسديد؟
هل ستحتسب المبالغ الموجودة في حساب السيولة لدى مصرف لبنان (تسمّى خطأ احتياطات إلزامية وهي بموجب التعاميم تسمّى توظيفات إلزامية بالعملة الأجنبية) من ضمن حصّة مصرف لبنان، في تسديد أول 100 ألف دولار أم من ضمن حصّة المصارف؟ مَن سيحدّد نسب الرسملة الأدنى التي سيتوجّب على المصارف ضخّها للعودة إلى الحياة؟ هل سيسدّد إلى المودعين مبلغ 25 ألف دولار سنوياً بمعدّل شهري يصل إلى 2000 دولار، أم سيقلّ أو يزيد عن ذلك؟هل ستدفع المبالغ إلى المودعين بواسطة البطاقات والحوالات ويمنع عليهم سحبها نقداً؟
هل سيُسمح للمودع بسحب أمواله نقداً من المصارف أم فقط عبر التحويل والشيكات؟
ثمّة بعض الإجابات التي اتّفق عليها في مجلس الوزراء «رغم البرازيت الصادر عن أحد الوزراء» وفق مصدر وزاري، أكد «أننا اتفقنا على أنّ الحدّ الأدنى الشهري يجب أن يكون 1500 دولار شهرياً لكن هذه المادة لم تناقش بشكل كامل. كان هناك إجماع على هذه المسألة إلا أنها لم تقرّ، ولم نتوصل إلى اتفاق على مسألة احتساب السحوبات السابقة ضمن الـ100 ألف دولار التي ستدفع للمودع، ومصرف لبنان هو من سيمارس دوره كناظم للقطاع المصرفي بعد إجراء عملية التدقيق، وبالتالي هو مَن سيحدّد الرساميل المطلوبة لكل مصرف وسيتعامل مع كل حال على حدة (يردّد الحاكم في أكثر من اجتماع أنّ مستوى رأس المال الأدنى المطلوب هو 100 مليون دولار لكل مصرف)، لا سيّما أنّ بعض المصارف سيكون لديها بعد عملية التدقيق في الأصول وتسجيل الخسائر رساميل سلبية يتوجّب عليها تغطيتها ثم إعادة الرسملة بمقدّمات نقدية، وثمّة مصارف أخرى قد يكون لديها بعض الفائض في الرساميل بعد عملية التدقيق ما سيفرض على مصرف لبنان أن يضعها في الشطر الثاني من الرساميل وضخّ مقدّمات نقدية في الشطر الأول. أمّا بالنسبة إلى آلية التسديد المتاحة، فهي حتماً ستكون ضمن القطاع المصرفي وليس ضمن الآليات النقدية، أي أنّ مصرف لبنان لن يوافق على ضخّ 4.5 مليار دولار سنوياً بشكل نقدي بينما هناك ضغوطات غربية على لبنان لمكافحة اقتصاد الكاش، لكن سيكون بإمكان كل مودع أن يسحب عبر الصراف الآلي وضمن سقوفات المصارف اليومية والشهرية مبلغاً نقدياً.
أمّا الأسئلة التي كانت في الأساس مثارة من المصرفيين، مثل مسألة احتساب الاحتياط الإلزامي من ضمن حصّتهم في التسديد، فقد تلقّت ردّاً واضحاً، وهو أنّ المبالغ التي تدفع من الاحتياط الإلزامي للمودعين ستكون من حصّة المودعين ولن تحتسب من ضمن حصّة مصرف لبنان أو المصارف، وبالتالي إذا كان المبلغ المتوجّب سداده 18 مليار دولار، فإنّ الـ8 مليارات دولار الموجودة اليوم لدى مصرف لبنان ستكون من حصّة المودعين (تدفع على سنوات طبعاً لأنّ المصرف المركزي يحتاج أن تكون لديه سيولة بالعملة الأجنبية) والباقي، وهو 10 مليارات دولار، سيحتسب على أساس 40% تدفعها المصارف و60% يدفعها مصرف لبنان.
وقالت المصادر إنّ المسألة المتعلّقة بتوضيح حصّة الدولة المنصوص عنها في مشروع القانون والمرتبطة حصراً بالمادة 113 من قانون النقد والتسليف «سيتمّ العمل على توضيحها»، لا سيّما أنّ حاكم مصرف لبنان يطالب بذلك بشكل واضح، وسبق أن أثار الأمر في الجلسة التي عقدت أول من أمس، مشيراً إلى أنّ لمصرف لبنان ديوناً على الدولة «لا تقتصر على مبلغ الـ16.5 مليار دولار الذي ترفض وزارة المال الاعتراف به (تستند على أنه لم تصدر قوانين تسمح بهذا الاقتراض بالعملة الأجنبية)، بل يضاف إليها 8 مليارات دولار هي المبالغ التي أنفقها مصرف لبنان على الدعم.
وبالتالي فإنّ المبالغ التي تدين بها الدولة لمصرف لبنان، هي 24.5 مليار دولار يجب تسجيلها في ميزانية مصرف لبنان في خانة الأصول والاتفاق على كيفية التعامل معها سواء عن طريق إصدار سندات دائمة بفائدة متدنّية مقابلها أو آليات آخرى لسدادها.
وتشير المصادر إلى أنه لم يتّفق على هذا الأمر بعد وإن أخذ حيّزاً من النقاش. ولم يتّفق أيضاً على مسألة أساسية أثارتها المصارف خارج جدران مجلس الوزراء، وهي مسألة الملاحقات القضائية التي يشير إليها مشروع القانون باعتبارها أمراً قابلاً للاستمرار حتى بعد تحديد الخسائر.
1115 مليون دولار
هي قيمة المبالغ التي تدفعها المصارف الآن للمودعين بموجب حصّتها المنصوص عنها في تعاميم مصرف لبنان. وبحسب أحد الوزراء فإنه لن يتوجّب عليها أكثر بكثير من هذا المبلغ لتسديد حصّتها بموجب القانون المطروح”.
منفّذ هجوم تدمر خِرّيج «حراس الدين»: كيف يستقطب «داعش» عناصر الجيش الجديد؟
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “في 13 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، نفّذ عنصر أمن يتبع لوزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية، هجوماً داخلياً من النقطة صفر على قوات أميركية – سورية مشتركة في مدينة تدمر، ما أسفر عن مقتل جنديَين أميركيَين ومترجم مدني، وإصابة ثلاثة جنود أميركيين بجروح، إضافة إلى مقتل عنصر من قوات الأمن السورية. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، وقتذاك، إن «تقييماً أمنياً صدر بحقّ المنفذ في العاشر من الشهر الجاري، أشار إلى أنه قد يحمل أفكاراً تكفيرية أو متطرّفة»، مضيفاً أن قراراً كان من المفترض أن يصدر في حقّه في الرابع عشر من الجاري، أي بعد يوم من وقوع الهجوم. وعلمت «الأخبار»، من مصادر سورية مطّلعة، أن منفّذ العملية كان يتبع سابقاً لتنظيم «حرّاس الدين»، وهو فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا، الذي أعلن حلّ نفسه في كانون الثاني/ يناير 2025 تحت وطأة ضغوط على قيادته؛ علماً أن الأخيرة امتنعت عن المشاركة في عملية «ردع العدوان» نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، رغم مشاركة الكثير من كوادر التنظيم في العملية، بمعزل عن توجّه القيادة.
والواقع أن غلبة النهج الإسلامي «المرن» على مسار الشرع وتحوّلاته، لا يحجب حقيقة أن هيكلية السلطة الجديدة لا يَحكمها سياق فكري واحد، وهو ما دلّ عليه مثلاً بروز أصوات رافضة – من داخل هذه الهيكلية – لانضمام دمشق إلى «التحالف الدولي» ضدّ تنظيم «داعش»، والذي أُعلن في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عقب زيارة الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، إلى واشنطن. ذلك أن المسار الذي ينتهجه الشرع مع الولايات المتحدة قد لا يجد قبولاً لدى عناصر ومجموعات لا تزال تتمسّك بالعداء الجذري لأميركا وترفض التماهي مع سياساتها، ويبدو أن تنظيم «داعش» يحاول جاهداً، عبر دعايته وخطابه، استقطابها. إذ إن التنظيم يركّز جهوده حالياً على الممتعضين من سياسة الشرع الحالية، وخصوصاً منهم العناصر ذات الرتب الدنيا في الجيش وقوات الأمن، والتي يخاطبها بكلام «قاعدي» كلاسيكي لا يزال يستهويها، وهو ما يبدو أنه حصل مع العنصر التابع لـ«حرّاس الدين». فإذا كانت قيادة التنظيم المنحلّ، رغم الخلاف مع الشرع وتوجّهاته، لا تزال ترفض أيّ تقارب مع «داعش»، فإن إمكانية اجتذاب عناصره من قبل الأخير تظلّ قائمة. وفي هذا الإطار، يبدو لافتاً تركيز صحيفة «النبأ» الأسبوعية التابعة لـ«داعش»، على انتقاد سياسة الشرع تجاه الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، وابتعاده عن الشعارات التي كان يطرحها في السابق من مثل «تطبيق الشريعة» وغيرها. كما إن الصحيفة نفسها نشرت في عددها الأخير مقالاً افتتاحياً بعنوان «مفخرة سيدني»، جاء فيه أن المقاتل لم يعُد مرهوناً بتجهيزات مرحلة «ما قبل الدولة الإسلامية» وتعقيداتها، وأن الأمر «يحتاج إلى مجاهد تشرّب التوحيد ونجا من شباك الجماعات قبل شراك الحكومات».
استغلال الفراغ وصعوبة التصدّي
في الإطار نفسه، تفيد مصادر أمنية سورية، «الأخبار»، بأن خلايا تنظيم «داعش» انتقلت من التمركز في البادية السورية إلى الانتشار في أرياف المحافظات والمدن الرئيسية، في حين تركّزت العمليات الأخيرة للتنظيم على شرق الطريق الدولي في الشمال، في مناطق من مثل ريف إدلب الشرقي، حيث البادية المفتوحة والمساحات الشاسعة والضباب الكثيف. كما إن «الفراغ الذي خلّفه غياب الميليشيات وتوقّف عمليات الجيش الروسي في تلك المناطق، لا تستطيع الحكومة المركزية أن تغطّيه لعدة عوامل، منها قلّة العديد والعتاد اللازم»، إضافة إلى أن مستودعات أسلحة عدة بيعت محتوياتها بعد سقوط النظام في السوق السوداء، وهو ما استغلّته خلايا «داعش» التي سلّحت نفسها عبر هذه الطريقة.
وبحسب المصادر، فإن تلك الخلايا «غالباً ما تكون قادمة من مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية (قسد) في شمال شرق سوريا، وهو ما حصل في تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق في حزيران/ يونيو الفائت»، حيث ذكرت وزارة الداخلية آنذاك أن الخلية التي نفّذت الهجوم قدِمت من مخيم الهول في الحسكة بعد سقوط النظام. وتلفت المصادر إلى أن «قسد» تدأب على التلويح بورقة «داعش» لدى الحديث حول اندماجها في الجيش السوري الجديد، أو الحديث سابقاً عن خروج القوات الأميركية في البلاد، وهو ما يتكرّر اليوم على ألسنة قادتها، في حين تأتي العمليات الأخيرة مع قرب انتهاء مهلة تنفيذ اتفاق آذار الموقّع بين الشرع وقائد قوات «قسد» مظلوم عبدي، والذي ينصّ على دمج المؤسّسات المدنية والعسكرية كافة التابعة للأخيرة بمؤسّسات الدولة”.
كاتس يلتحق ببن غفير وسموتريتش: حلم استيطان غزّة لا يموت
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “تشكّل إعادة الاستيطان إلى قطاع غزة، حلماً تكرّر الحديث عنه على ألسنة قادة اليمين الإسرائيلي المتطرّف، خصوصاً وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش. تلك المعزوفة التي لم تُثِر خلال عامين من حرب الإبادة انتباه أحد، باعتبار أن التوجّهات اليمينية التي يحملها أمثال هؤلاء، لا تحيط بأطماعها حدود، عادت إلى الواجهة مجدّداً مع تبنّيها من جانب وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أعلن بوضوح أن إسرائيل لا تنوي الانسحاب من القطاع أبداً، وأنها تعتزم بناء بؤر استيطانية في شماله. وقال كاتس، على هامش مشاركته في افتتاح مشروع استيطاني في مستوطنة بيت إيل شمال رام الله، إن الحكومة تخطّط لإقامة «نوى استيطانية» في شمال غزة في «الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة أيضاً». كما نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عنه تأكيده أن البقاء في غزة «قرار استراتيجي لا رجعة عنه»، و»(أننا) لن نخرج أبداً من غزة». ووضع كاتس ذلك في إطار ما سمّاه «مرحلة السيادة العملية» التي أفرزتها ظروف ما بعد السابع من أكتوبر، والتي أوجدت، وفق تعبيره، «فرصاً لم تكن متاحة منذ زمن بعيد»، في إشارة إلى ضرورة استغلال الوضع الميداني والسياسي الراهن لتعزيز المشروع الاستيطاني وفرض وقائع جديدة على الأرض.
هذه التوجّهات التي بدأت تأخذ الطابع الرسمي، غير مقتصرة هذه المرّة على الأمنيات والآفاق الأيديولوجية لحكومة اليمينيين، تتوافق مع المزيد من بالونات الاختبار التي يلقي بها الوزراء الإسرائيليون، ومن ذلك مجاهرة وزير الاتصالات، إيلي كوهين، أول من أمس، بعزم إسرائيل البقاء في غزة إلى حين استعادة جثمان الأسير الأخير، وانعدام أي فرصة للانسحاب من القطاع والانتقال إلى «المرحلة الثانية» من اتفاق وقف إطلاق النار، طالما لم يُغلق ملف الأسرى.
وعلى الأرض، يواصل جيش العدو تنفيذ عمليات نسف واسعة لمنازل المواطنين في مناطق «الخط الأصفر»، ما يتسبّب في تغيير الواقع الديموغرافي تدريجياً. وتُظهِر صور جوية أن السلوك الميداني الإسرائيلي يمهّد لوجود بعيد المدى، إذ أقام جيش الاحتلال 48 نقطة عسكرية على طول «الخط الأصفر»، من بينها 13 نقطة جديدة مُزوّدة بكاميرات مراقبة ودشم عسكرية وبنية تحتية.
غير أن هذا التوجه دونه العشرات من العقبات، خصوصاً أنه لا يكتفي بنسف خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فحسب، وإنما يقوّض أيضاً أي صيغة يمكن التوافق عليها لتحييد سلاح المقاومة خلال فترة إعادة الإعمار، ويدفع على المديَين المتوسط والبعيد إلى إعادة الاعتبار إلى حالات المقاومة التي تمتلك مبرّراً أكثر إلحاحاً وضرورة للعمل الجادّ على تحرير مساحة نصف قطاع غزة. وتلك التبعات، تنقل الصراع إلى مستوى الاستنزاف المستمر الذي لا يخدم حال الهدوء المنشود الوصول إليه.
وانطلاقاً من ذلك، لم تتأخر ردود الفعل الأميركية على تصريحات كاتس في الظهور؛ إذ نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصدر أميركي في مركز التنسيق المدني والعسكري في «كريات غات»، قوله إن الولايات المتحدة غير مستعدّة ولا متقبّلة لعودة الاستيطان إلى قطاع غزة، وإن على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من القطاع وفقاً لخطة ترامب. وفي وقت لاحق، تراجع كاتس عن تصريحاته، واستدرك قائلاً إنه «لا توجد نية لدى الحكومة الإسرائيلية لإقامة أيّ مستوطنات في غزة».
وبعيداً عن مدى واقعية فكرة الاستيطان في القطاع، فإن حدود الفعل الإسرائيلي لا تحكمها الأمنيات المدفوعة بحالة العربدة والتوسّع الراهنة، ولا حتى بمدى قبول الأميركيين أو رفضهم لتلك التوجهات، إنما بتجربة سابقة استمرّت في القطاع على مدار 36 عاماً، تخلّلتها عشرات السنوات من الهدوء والاحتواء لردود الفعل الشعبية، قبل أن تثبت التجربة أن تكلفة الاستيطان في القطاع أكبر من منافعه، ويصل الأمر في نهاية المطاف إلى قرار الانسحاب الإسرائيلي عام 2004. وإذ لا يمكن أن ينسحب واقع المقاومة الحالي إلى ما لا نهاية، فإن الإسرائيليين يدركون ذلك أكثر من غيرهم. ولذا، فإن كلّ ما هو مطروح في غزة هو تطويع الواقع الديموغرافي في المناطق الشرقية للقطاع، بما يخدم الهواجس الأمنية التي خلقتها عملية «طوفان الأقصى». وعلى طريق تحقيق هذا الهدف، يرفع الإسرائيليون سقف التطلّعات، آملين في إعادة تشكيل هيكلية غزة في مرحلة الإعمار المقبلة، وفقاً لما يشتهونه”.
المصدر: الصحف اللبنانية
