خلص تقرير صادر عن مراقب الدولة في الكيان الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، إلى وجود إخفاقات واسعة وخطيرة في عمل منظومة جدار الفصل العنصري ومنظومة الحواجز المحيطة بمدينة القدس المحتلة، معتبرًا أن هذه الإخفاقات تسمح بدخول فلسطينيين إلى المدينة من دون تصاريح أو تفتيش، وتشكل «خطرًا أمنيًا».
وأوضح التقرير، الذي نشره مراقب الدولة متنياهو أنغلمان، أن شرطة الاحتلال تواجه صعوبة كبيرة في تنفيذ مسؤوليتها بمنع دخول فلسطينيين من الضفة الغربية إلى القدس المحتلة من دون تصاريح إقامة، في ظل وجود ثغرات عديدة في مسار الجدار، ولا سيما في القرى المحيطة بالمدينة.
وأشار إلى أن هذه الثغرات تتيح العبور من دون فحص أو رقابة، بما يشمل دخول أشخاص تصفهم سلطات الاحتلال بـ«عناصر إرهاب»، إضافة إلى تهريب وسائل قتالية ومخدرات، معتبرًا أن هذا الواقع «يزيد من المخاطر الأمنية على سكان البلدات الإسرائيلية في المنطقة»، ويتعاظم بعد أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفي ظل «استجابة عملياتية متدنية» من شرطة حرس الحدود.
وفي موازاة ما ورد في التقرير، تُظهر الوقائع الميدانية إصابة فلسطينيين بشكل شبه يومي برصاص جيش وشرطة الاحتلال أثناء محاولتهم اجتياز جدار الفصل العنصري، في سياق سعيهم إلى تأمين لقمة العيش، وسط قيود مشددة. وأسفرت هذه السياسة عن إصابات متكررة، وفي بعض الحالات استشهاد فلسطينيين، مع تصعيد ملحوظ في قواعد إطلاق النار وتوسيع استخدامها ضد المدنيين قرب الجدار بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وبيّن التقرير أنه شمل فحص أداء جميع الجهات الأمنية المسؤولة عن الجدار والمعابر في محيط القدس، بما فيها الشرطة، وقوات «حرس الحدود»، وجيش الاحتلال، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، إلا أن جزءًا كبيرًا من الإخفاقات يرتبط بأداء الشرطة و«حرس الحدود».
وأكد أن الشرطة «لا تنجح في ممارسة مسؤوليتها في فرض النظام العام» في إحدى المناطق القريبة من الجدار، جرى حجب اسمها لأسباب أمنية، وجاء في التقرير أن «عدم تقديم استجابة أساسية لحفظ القانون والنظام العام في هذه المنطقة يشكّل خطرًا أمنيًا على مواطني دولة إسرائيل».
وسمّى التقرير قائد «حرس الحدود» بريك يتسحاق، مشيرًا إلى أن قادة الحواجز الخاضعين لمسؤوليته لم يخضعوا لتأهيل مهني مناسب، وأن «وقف دورة التأهيل يشكّل خطرًا على جميع أفراد الشرطة العاملين في الحواجز وعلى مستخدمي المعابر أنفسهم».
كما أظهر التقرير وجود فجوة كبيرة بين معطيات الجيش و«حرس الحدود»، إذ حذّر الجيش خلال خمسة أشهر من مئات حالات الاشتباه بتسلل فلسطينيين، في حين أحصى «حرس الحدود» عشرات الحالات فقط، واعتبر أنغلمان أن هذه الفجوة تعكس «استجابة عملياتية جزئية» لنداءات الجيش.
وأشار التقرير إلى أن نحو 17 كيلومترًا من مسار الجدار لا يوجد فيها عائق فعلي، ما يسمح «بدخول حر من دون رقابة أو تفتيش»، مؤكدًا أن «العائق لا ينجح منذ فترة طويلة في توفير الاستجابة الدفاعية المطلوبة».
وربط التقرير استمرار هذه الإخفاقات بالخلاف القائم بين وزارة الأمن ووزارة الأمن القومي في الكيان الإسرائيلي حول المسؤولية عن ميزانية تطوير الجدار، معتبرًا أن هذا الخلاف «يكرّس المشكلة ويعرّض سكان إسرائيل للخطر».
وحذّر من أن سيناريو اقتحام جماعي للفلسطينيين إلى القدس، على غرار ما جرى في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، «لا يحظى باستجابة شرطية مناسبة»، لافتًا إلى أنه حتى اندلاع الحرب لم يكن لدى الشرطة سيناريو مرجعي للتعامل مع مثل هذا الحدث، ولا تزال حتى اليوم تفتقر إلى أوامر واضحة تحدد آليات الاستعداد له.
وجاء ذلك رغم تقييم «الشاباك» الوارد في التقرير، والذي أفاد بأن «الفلسطينيين يشعرون بقدرتهم على عبور الحواجز وخط التماس بسهولة ومن دون مخاطرة كبيرة».
كما حذّر التقرير من أن مواقع غرف القيادة والسيطرة في محيط الجدار قد تعرّض المجنّدات المراقِبات لخطر التسلل، في سيناريو مشابه لاقتحام المسلحين غرفة القيادة في قاعدة ناحل عوز في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وبيّن أن سلسلة قرارات حكومية أُقرت منذ مطلع الألفية لم تُنفّذ، وأن الإشراف على الجدار والمعابر ما زال جزئيًا ومجزأً ومن دون جهة مسؤولة واضحة، مشيرًا إلى أن خطة أُقرت عام 2005 لنقل إدارة المعابر من جهات أمنية إلى جهات مدنية لم تُنفّذ حتى عام 2024، وبقيت المسؤولية بيد الشرطة، كما لم يُطبّق قرار حكومي يقضي بأن يكون «الشاباك» الجهة المهنية المشرفة على إجراءات التفتيش.
ولفت التقرير إلى أن محيط القدس يضم 16 حاجزًا تُستخدم يوميًا من قبل المشاة والمركبات والشاحنات، وأن عدد المشاة ارتفع بين عامي 2018 و2022 بنسبة 53% ليصل إلى نحو 135 ألف شخص يوميًا، فيما بلغ عدد الشاحنات نحو 587 ألف شاحنة سنويًا.
ومع اندلاع الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، جرى تجنيد حراس مدنيين وتقليص القوى العاملة، ما أدى إلى ازدحامات حادة وارتفاع المخاطر الأمنية. وأشار التقرير إلى أن شهر رمضان عام 2023 شهد أخطر الحالات، حيث أُصيب نحو 280 شخصًا نتيجة الاكتظاظ، محذرًا من أن هذه الأوضاع «تهدد حياة البشر وتمس بصورة إسرائيل».
وفي خلاصة التقرير، كتب مراقب الدولة أن «الفحص أظهر غياب تعلّم كافٍ لدى الجهات الخاضعة للرقابة، وإخفاقات مشابهة ظهرت في مناطق أخرى»، معتبرًا أن «الإخفاقات الواردة في التقرير مقلقة، ويجب أن تحرم القيادتين السياسية والأمنية من النوم».
المصدر: عرب 48
