تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 12-12-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
ترامب يصادر ناقلة نفط فنزويلية وبوتين يتصل بمادورو للتضامن بوجه الضغوط | برّاك والمنطقة الاقتصادية إلى أوكرانيا وصراع تركي إسرائيلي على القوة الدولية | بري: لا تأجيل وجنبلاط: لن نستسلم وباسيل: عودة النازحين… وهمّ رجي عراقجي
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” كثيرة هي التوقعات حول التصعيد الأميركي في البحر الكاريبي الذي ينسجم تماماً مع ما نصت عليه وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأميركي، لجهة اعتبار القارة الأميركية مدى حيويّ للأمن القومي الأميركي مع تهدئة سائر جبهات النزاع والتركيز على دبلوماسية صفقات المصالح فيها، لكن الاحتمالات حول كيفية ترجمة الاستراتيجية الجديدة، بين خياري الحرب والتفاوض، والذين يقولون بخيار الحرب يجدون في الحشود الأميركية والحديث عن إسقاط نظام الرئيس نيكولاس مادورو دلائل على هذا الاتجاه، بينما يعتقد آخرون بأن هذا التصعيد تمهيد للتفاوض، والتفاوض المرجح هو وراء الستار مع الصين المستهدف الرئيسي في أميركا الجنوبية وفقاً لوثيقة الأمن القومي، وفي التفاوض كثير من الأهداف الأميركية منها وأهمها طلب العودة الصينية للاستثمار في سوق السندات الأميركية أمام استحقاقات سداد قرابة أربعة تريليون دولار لم تنجح الرسوم الجمركية الجديدة بتحصيل جزء بسيط منها، وإثر مصادرة وحدات عسكرية أميركية رسمياً وعلناً لناقلة نفط فنزويلية، وتصريح البيت الأبيض بأن العملية نفذت بقرار من الرئيس دونالد ترامب، تلقى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اتصالاً تضامنياً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يؤكد الوقوف مع فنزويلا بوجه الضغوط ويعلن المضي قدماً بتنفيذ مضمون اتفاق التعاون الاستراتيجي بين موسكو وكاراكاس، وسط تساؤلات عما يمكن أن يصدر عن الصين؟
الموقف الروسي الداعم لفنزويلا لا يحجب اتجاه التقارب الأميركي من روسيا في ملف الحرب الأوكرانية، حيث كانت التطورات العسكرية تجري بسرعة لصالح روسيا وفقاً لتطورات أمس، بينما أعلن الرئيس الأوكراني عن مشروع منطقة اقتصادية في شرق أوكرانيا تتبناه واشنطن اسوة برؤية المناطق الاقتصادية التي يحملها المبعوثون الأميركيون إلى مناطق النزاع، خصوصاً غزة ولبنان وسورية واذربيجان وأرمينيا، ورجّحت مصادر إعلامية أميركية ان يتم نقل مهمة المبعوث الأميركي إلى سورية ولبنان توماس برّاك إلى ملف أوكرانيا، بعدما تسببت مواقفه المؤيدة لتركيا بغضب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي عبر علناً عن موقفه من برّاك بوصفه سفيراً لتركيا، بينما صعد الصراع التركي الإسرائيلي حول سورية في تركيب القوة الدولية المرتقبة لغزة، حيث أعلن وزير الخارجية التركية حاقان فيدان عن عزم بلاده إرسال قوة من عشرة آلاف جندي إلى غزة ضمن إطار قوة حفظ الاستقرار، وهو ما تعلن “إسرائيل” رفضه بصورة قاطعة، وينتظر أن يكون الملف على طاولة الاجتماع المرتقب بين نتنياهو وترامب نهاية الشهر الحالي في واشنطن.
لبنانياً، مجموعة مواقف ترسم صورة المرحلة القادمة، حيث أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، أنه في ظل عدم السير بقانون انتخابات يترجم ما نص عليه اتفاق الطائف وكرّسه الدستور بصيغة نظام المجلسين، مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف، فلا تعديل لقانون الانتخاب ولا تأجيل للانتخابات، بينما قال الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إن الحديث عن العصر الإسرائيلي لا يعني أنه علينا أن نستسلم مؤكداً رفض الاستسلام، ورفضه للمغامرة بالحديث عن دولة درزية، فيما كان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يبدي قلقه من مظاهر رفع الأعلام السورية وقطع الطرقات وأحداث الشغب التي رافقت احتفالات ذكرى سقوط النظام السابق في سورية، رافضاً ما وصفه بالدونية اللبنانية، مجدداً دعوته لعودة شاملة وعاجلة للنازحين السوريين، أما وزير الخارجية يوسف رجي فقد بقي اهتمامه محصوراً بخوض السجال مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على خلفية الدعوة التي وجّهها له عراقجي لزيارة طهران وردّ عليها بطلب اللقاء في بلد ثالث.
وأطلق رئيس مجلس النواب سلسلة مواقف من قضايا عدة خلال استقباله وفد نقابة الصحافة، حيث سئل عن التهديدات التي يطلقها بعض الدبلوماسيين، وخاصة ما صدر أكثر من مرة عن الموفد الأميركي توم برّاك لجهة ضمّ لبنان إلى سورية، فأجاب «ما حدا يهدّد اللبنانيين»، «لا يُعقل أن يتمّ التخاطب مع اللبنانيين بهذه اللغة على الإطلاق، خاصة من الدبلوماسيين ولا سيما من شخصية كشخصية السفير توم برّاك»، و»ما قاله عن ضم لبنان إلى سورية غلطة كبيرة» غير مقبولة على الإطلاق.
وأضاف رئيس المجلس: مجدداً أقول إن لا بديل ولا مناص للبنانيين لمواجهة المخاطر والتداعيات والتهديدات من أي جهة إلا بوحدتهم وبوحدتنا نستطيع أن نحرر الأرض .
وحول اتفاق وقف إطلاق النار والمفاوضات أجاب بري سائلاً: أليست الميكانيزم هي إطار تفاوضي؟ هناك مسلمات نفاوض عليها عبر هذه اللجنة هي: الانسحاب الإسرائيلي، انتشار الجيش اللبناني، وحصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني بيد الجيش اللبناني، وهذه اللجنة هي برعاية أميركية، فرنسية وأممية، وقلت أكثر من مرة إن لا مانع من الاستعانة بأي شخص مدني أو تقني إذا لزم الأمر ذلك، بشرط تنفيذ الاتفاق. وتابع: لبنان ومنذ تشرين الثاني عام 2024 نفذ كل ما هو مطلوب منه والجيش اللبناني انتشر بأكثر من 9300 ضابط وجندي بمؤازرة اليونيفيل، التي أكدت في آخر تقاريرها على ما نقوله لجهة التزام لبنان بكل ما هو مطلوب منه، في حين أن «إسرائيل» خرقت هذا الاتفاق بحوالي 11000 خرق. وكشف أنّ الجيش اللبناني نفذ 90% من بنود اتفاق وقف إطلاق في منطقة جنوب الليطاني وسوف ينجز بشكل تام ما تبقى مع انتهاء العام الحالي، وقال: هذا ما أكدته اليونيفيل والميكانيزم وقائد الجيش العماد رودولف هيكل. وتابع: لكن المؤسف أن أحداً لا يسأل ولم يسأل أين؟ ومتى؟ وكيف؟ نفّذت أو التزمت «إسرائيل» ببند واحد من اتفاق وقف إطلاق النار؟ بل هي زادت من مساحة احتلالها للأراضي اللبنانية.
وشددت مصادر مطلعة في قيادة قوات الطوارئ الدولية لـ «البناء» على أن الجيش اللبناني يقوم بواجبه على أكمل وجه في إنجاز المهمات الموكل بها وفقاً للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين وحقق 90 في المئة من إزالة المظاهر المسلحة وسلاح حزب الله ومواقع تخزين السلاح والأنفاق». وكشفت المصادر أن بعض المهمات ينجزها الجيش بالتنسيق مع اليونيفيل ويدخلان إلى مواقع ومناطق للمرة الأولى ومن دون اعتراض الأهالي نظراً للثقة التي يتمتع بها الجيش في مختلف مناطق الجنوب. وشدّدت المصادر على أن «إسرائيل» تعيق استكمال أعمال الجيش في جنوب الليطاني وتخرق اتفاق وقف إطلاق النار وتوسّع احتلالها وتعتدي على المدنيين وعلى الجيش وعلى قوات اليونفيل وبالتالي تهدّد الأمن والاستقرار على الحدود. ونفت المصادر «ادعاءات الإعلام الإسرائيلي وبعض الإعلام اللبناني عن تغطية الجيش على تحركات حزب الله»، مؤكدة أن الجيش يعمل بكلّ جدية واحترافية ضمن الإمكانات المتاحة.
وتوقفت أوساط سياسية عند الهجمة الدبلوماسية الأميركية الأوروبية العربية الكبيرة على لبنان وخلال فترة زمنية وجيزة، واللافت وفق ما تشير الأوساط لـ «البناء» هو زيارة السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى إلى عين التينة للمرة الثانية خلال 24 ساعة ما يُنذر بأمر من اثنين إما أن هناك مسعى ما جدّي للحل استوجب الزيارة الثانية ويتطلب تبادل الرسائل بين الإدارة الأميركية والرئيس بري وإما لإبلاغ رسالة أميركية لبري تحمل تهديدات إسرائيلية بتصعيد كبير على لبنان مطلع الشهر المقبل إذا لم تلتزم الدولة بتطبيق حصرية السلاح على كامل الأراضي اللبنانية.
وتوقع مصدر نيابي عبر «البناء» أن يطول أمد التفاوض عبر الميكانيزم من دون التوصل إلى نتائج عملية لأن الإسرائيلي معروف بمراوغته بالتفاوض وغدره واستغلال الظروف لصالحه لا سيما أنّ أهدافه تتجاوز مسألة سلاح حزب الله إلى فرض مسار تفاوض مباشر وصولاً إلى التطبيع والتعاون الاقتصادي، كما بشر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. وتوقع المصدر تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً واسعاً لكن تحت سقف الحرب الواسعة بهدف فرض التفاوض تحت النار وانتزاع المكاسب من لبنان تدريجياً.
واستقبل رئيس الحكومة نواف سلام في السراي، وفد المجموعة الأميركية من أجل لبنان برئاسة إدوارد غبريال واستبقاه إلى مائدة غداء. كما استقبله قائد الجيش العماد رودولف هيكل في اليرزة، وتناول البحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وسبل دعم الجيش والتحديات التي تواجهه حالياً في ظل الأوضاع الراهنة.
وشدّدت كتلة الوفاء للمقاومة خلال اجتماعها برئاسة النائب محمد رعد على أن السلطة ارتكبت سقطة أخرى في لبنان بتسميتها مدني للمشاركة في لجنة الميكانيزم التي تشرف على اتفاق وقف الأعمال العدائية مخالفة حتّى للمواقف الرسمية السابقة التي ربطت مشاركة المدنيين بوقف الأعمال العدائية.
وأضافت الكتلة في بيان أن الدولة اللبنانية قدّمت تنازلاً مجانياً لن يوقف العدوان، لأنّ «إسرائيل» تريد إبقاء لبنان تحت النار بتغطية ودعم من الولايات المتحدة الأميركية.
وتابعت أنَّ كتلة الوفاء للمقاومة ترى أنّ الفرصة لا تزال متاحة بيد السلطة اللبنانية لفرملة تنازلاتها المجانية المتسارعة أمام العدو من خلال حزم أمرها واشتراط التزام العدو بالاتفاق أولاً، خصوصاً أنَّ الخروقات والانتهاكات العدوانية قد بلغت آلافاً وأدّت إلى استشهاد وجرح مئات المواطنين اللبنانيين وتدمير العديد من الممتلكات الخاصّة والعامّة.
ولاحظت الكتلة ارتفاعاً في منسوب اللغة التصالحيّة من بعض الأطراف والشخصيات مع العدو الصهيوني مبررة جرائمه ومبدية تفهّمها لما يقوم به من اعتداءات وجرائم يوميّة بحق الوطن وأهله، وفتحاً لبعض المنصات أمام متحدّثيه أو ترويج مقولاته بما يشكل مخالفة واضحة وانتهاكاً فاضحاً للقوانين اللبنانية في التعاطي مع عدو رسميّ للبنان بموجب القوانين اللبنانية.
وأهابت الكتلة بالجهات المعنية من وزارة إعلام والمجلس الوطني للإعلام وكذلك الجهات القضائيّة وكل الجهات المعنية أن تتحرك فوراً وتقوم بواجباتها كاملة إزاء هذا التسيب الإعلامي الذي يضرب أساسيات وبديهيات الموقف الوطني ويؤدي إلى مزيد من الانقسامات ما يشجع العدو على تصعيد عدوانه والاستمرار فيه.
بدوره أشار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، إلى أننا “نريد القرار بيد دولتنا والسلاح بيد الجيش، لكن يجب أن نعرف كيف نزيل الاحتلال ونحقق حصرية السلاح من خلال مفاوض لبناني حر سيد مستقل غير خاضع لا للداخل ولا للخارج”.
ورأى باسيل في مقابلة مع “روسيا اليوم”٬ أن “السلطة اللبنانية خاضعة ومتقاعسة، وتتعاطى بدونية بكل شيء مع سورية، فمجرد القبول بالتفاوض حول عودة السجناء السوريين من لبنان هو تنازل”، مؤكداً “أن المسجونين بجرائم تسمح بإعادتهم يجب أن يُعودوا بلا تفاوض، والمسجونين الذين قتلوا وخطفوا واعتدوا على الجيش يجب ألا يكونوا خاضعين للمساومة”.
ولفت باسيل إلى أن ما حدث منذ يومين خطير جداً لناحية إنزال النازحين الذين سمّوا جيشاً ليحتفلوا، “وهو ما كاد يؤدي إلى فتنة”، مستهجناً “سكوت الحكومة وأطرافها”، داعياً إلى إعادة فورية للنازحين إلى بلدهم، معتبراً أن “الإجراءات الحالية أقل بكثير من المطلوب”.
وقال “في النهاية الحرب يجب أن تنتهي، وأن يسلّم حزب الله بعدم بقاء السلاح، فاليوم كلّ الشعب يريد حمل عبء الدفاع من خلال الجيش، ولذلك نقول باستراتيجية دفاع وطني وبرنامج يقوم على إلزام “إسرائيل” ومن معها بالانسحاب في مقابل الحل لموضوع السلاح”.
من جهته لفت النائب السابق وليد جنبلاط، في حديث تلفزيوني إلى أن “الجيش اللبناني يقوم بعمل جبّار في الجنوب بمصادرة السّلاح الاستراتيجي وأتمنّى ألا يستمرّ موضوع الإشكال البروتوكولي في عدم استقبال أميركا لقائد الجيش”، وتابع: “سمعتُ كلاماً قد يكون صحيحاً بأنّ 90 في المئة من السلاح الكبير الاستراتيجي دُمِّر فلماذا يُصرّ الإسرائيليّون إذاً على ضرب لبنان؟ وهل المطلوب تهجير الطائفة الشيعيّة بأكملها؟”.
وكشف أن “الوفد الأميركي الذي التقيته اليوم كان متعدّد الآراء ونرغب بأن نعرف من السفير عيسى مَن يتحدّث باسم أميركا؟ “تنعرف حالنا وين رايحين”، مؤيداً إجراء استفتاء شعبي بشأن انضمام لبنان إلى الاتفاقات الإبراهيميّة.
وشدّد جنبلاط على أنه ليس مع استخدام القوة في عمليّة تجريد السلاح، مشيراً إلى أننا “دخلنا في نوع جديد من الحروب مع اختراق إسرائيلي هائل في الداخل لذلك فلندافع عن الجيش اللبناني ونطلب تطويع 10 آلاف عسكري ولتعطنا أميركا سلاحاً مقبولاً”.
كما توقع أن تؤجَّل الانتخابات إلى تمّوز، وقال: “المهمّ أن يتّفقوا على قانون انتخاب و”لو بدّو يبقى تيمور وحده بالمختارة ما عندي مشكلة”.
وفي هذا السياق أكد الرئيس بري أن القانون الانتخابي الحالي نافذ والانتخابات لن تجري إلا وفقاً للقانون النافذ، وقال: “إلغاء ما في” و”تأجيل ما في” كل الناس تريد الانتخابات ولا زلنا منفتحين على أي صيغة تفضي إلى توافق حول المسائل العالقة التي هي موضع خلاف بين القوى السياسية خاصة في موضوع المغتربين، فلا أحد يريد إقصاء المغتربين، وقبل أن نبحث بأي تعديل أريد أن أذكر بأنني ومنذ أكثر من ثماني سنوات طالبتُ وطالبَت كتلة التنمية بتطبيق اتفاق الطائف في الشق المتعلق بقانون الانتخابات وإنشاء مجلس للشيوخ، علماً أن هذا الأمر يأخذ من صلاحيات مجلس النواب ورئيسه، ورغم ذلك قلت وأقول الآن أنا موافق، تعالوا لنطبق اتفاق الطائف في شقه المتصل بقانون انتخاب وإنشاء مجلس للشيوخ، لكن هل هم موافقون؟”.
الأخبار:
الحكومة تقفز فوق آلية التعيينات مجدّداً!
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار اللبنانية “يُمعِن العهد الجديد في مخالفة القوانين وتخطّي آلية التعيينات التي وضعتها حكومته الأولى بنفسها، لضمان «الكفاءة والشفافية»! وآخر المخالفات، في هذا الصدد، حصلت بعد طرح رئيس الجمهورية جوزيف عون في الجلسة الأخيرة، ومن خارج جدول الأعمال، تعيين رئيس لمجلس إدارة مصلحة الأبحاث الزراعية في وزارة الزراعة، علماً أنّ الموقع ليس شاغراً، ويشغله ميشال أفرام.
ورغم أنّ البديل يجب أن يقترح اسمه وزير الزراعة نزار هاني، إلّا أنه لم يكن مطّلعاً بشكل مسبق على الأمر، ورضخ لعون في تعيين شابّ يُدعى جاد شعيا، ووضعِ أفرام في التصرف. هكذا، تمّ تخطّي الآلية عبر تعيين شعيا، وهو طبيب بيطري لا يمتلك متطلّبات المنصب، لكنه مقرّب من رئاسة الجمهورية فقط!
أمّا التهريبة الثانية، فكانت تعيين المهندس ريمون خوري، رئيساً للّجنة الإدارية لمكتب تنفيذ المشروع الأخضر في وزارة الزراعة أيضاً. ومرّةً أخرى بدا الوزير المعني آخر من يعلم، مع الإشارة إلى أنّ خوري كان رئيس تلك اللجنة بالتكليف، وجرى تثبيته في الجلسة الأخيرة بطلب من عون أيضاً. واللافت أنّ التعيينين لم يكونا مدرجين على جدول الأعمال، وإنما أُسقطا على الوزراء من خارجه. وحين تلا وزير الإعلام بول مرقص المقرّرات، لم يأتِ على ذكر تلك التعيينات، وبالتالي بقيت شبه سرّية، ولم تكشف إلا حين عمد بعض النواب وبعض أصدقاء المُعيَّنين بالمباركة لشعيا وخوري على وسائل التواصل الاجتماعي!
بذلك، يسير رئيس الجمهورية وحكومة الرئيس نواف سلام على خطى العهود السابقة، في المحاصصة والمحسوبية. وهو ما حصل في أثناء تعيين رؤساء الهيئات الناظمة، حين أُنزِلت السير الذاتية والأسماء فجأة على الوزراء من دون اطلاعهم عليها قبل 48 ساعة، وبانتقاء طائفي تمّ عبر الاختيار من صناديق وُضعت فيها السير الذاتية، وفقاً لطوائف أصحابها.
ورغم كل الانتقادات التي طاولت حكومة سلام، ولا سيّما من بعض الوزراء داخل الحكومة نفسها، إضافةً إلى الطعون التي قُدّمت إلى مجلس شورى الدولة من قبل متضرّرين من القفز فوق آلية التعيينات، يستمرّ مجلس الوزراء مع رئيس الجمهورية في تكريس المحسوبيات والمحاصصة.
يذكر أنّ «الأخبار» اتصلت بوزير الزراعة لاستيضاح ما جرى في أثناء الجلسة، فأجاب أنّ شعيا – إلى جانب كونه طبيباً بيطرياً، يتمتّعُ بـ«الكفاءة وحسن الإدارة وحائز على الماجيستير في سلامة الغذاء، عدا عن أنه عمل بصفة مدنية مع الجيش اللبناني في مجال الغذاء».
أمّا عن عدم معرفته المسبقة بالتعيين، رغم أنه الوزير المتخصّص، فقال إنّ ذلك كلّه «تفاصيل»، معتبراً أنّ «الآلية يمكن تخطّيها عبر اللجوء إلى الأنظمة الخاصة». فالأهم، بالنسبة إلى هاني، أن يكون «الشخص مناسباً لموقعه»، وأن يتمّ «تسيير العمل». والآن بعد تعيين شعيا في هذا الموقع، وخوري لإدارة «المشروع الأخضر» بالأصالة، «اكتملت مجالس الإدارة واللجان في الوزارة، وبات العمل أسهل»”.
تكبّد المقيمون 1.5 مليار دولار إضافية نتيجة خفض ساعات التغذية: وزارة الطاقة يعلوها الصَّدَأ… والعتمة
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “يُسجّل لوزارة الطاقة والمياه نجاحها الباهر في تخفيف ساعات التغذية بالكهرباء واستجرار العتمة الشاملة إلى لبنان للمرة الثانية في أقل من 6 أشهر. عملياً، هذا يعني نهاية الأساطير الثلاث التي رُوّج لها بأنّها «العصا السحرية» لحلّ كلّ مشاكل الكهرباء؛ أولاً، سقطت الدعاية التي ساقتها القوات اللبنانية لـ«السوبر وزير» القادر على تأمين الكهرباء 24/7. وثانياً، انتهت الوعود التي حملها البيان الوزاري بمعالجة أزمة الكهرباء، إذ لا تعدو قيمتها أكثر من قيمة الحبر على الورق. وثالثاً، سقط التعويل على الهبات النفطية لتغطية حاجات مؤسسة كهرباء لبنان من الوقود لتوليد الطاقة.
فقد أدّى سوء التخطيط في وزارة الطاقة والمياه، إلى تجفيف خزانات الوقود في معامل توليد الكهرباء. ومعه، خفّضت مؤسّسة كهرباء لبنان ساعات التغذية بالتيار الكهربائي إلى حدّها الأدنى، حفاظاً على ما تبقّى من كميات من المحروقات خوفاً من الوقوع في العتمة الشاملة. وبحسب بيان صدر عن مؤسّسة الكهرباء أمس، فإن توريد الوقود يتم بواسطة وزارة الطاقة والمياه، وأن الوضع خارج عن إرادة ومسؤولية المؤسّسة التي اضطرت إلى إيقاف عدد من مجموعات التوليد من أجل «إطالة فترة الإنتاج قدر المستطاع، والمحافظة على التغذية للمرافق الحيويّة الأساسيّة».
مشهد الجفاف هذا وما تبعه من انقطاع عام في التيار الكهربائي، لم يكن كل ذلك ليقع لولا السلوك الشعبوي لوزير الطاقة والمياه جو صدّي الذي أوقف العمل بواحد من العقدين الموقّعين مع الدولة العراقية في حقبة الوزير السابق وليد فياض، وهو عقد مبادلة مادة «الفيول أويل ذات التركيز العالي بالكبريت HSFO» بمادة «الغاز أويل» اللازمة لتشغيل معملَي الزهراني ودير عمار، فيما أبقى العقد الثاني الذي ينيط بمؤسسة كهرباء لبنان شراء مادة النفط الخام من العراق ومبادلته بما تحتاج إليه من وقود.
بنتيجة إيقاف العقد الأول، جفّ مخزون مؤسسة كهرباء لبنان من مادة «الغاز أويل» الذي جُمع في فترة الوزير السابق وليد فياض. فالعقد الأخير، والذي جُدّد في كانون الثاني من عام 2025 كان يؤمّن توريد مليونَي طن من مادة «الفيول أويل» سنوياً، أي نحو 166 ألف طن شهرياً تتم مبادلتها بنحو 100 ألف طن من مادة «الغاز أويل» التي تحتاج إليها مجموعات التوليد في معملَي الزهراني ودير عمار.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن هذه الكميات كانت قادرة على تشغيل المعامل بقدرتها الكاملة لإنتاج 750 ميغاواط من الكهرباء وضخّها على الشبكة وتأمين تغذية بالتيار الكهربائي تراوح بين 8 ساعات يومياً و10 ساعات. وبسبب إيقاف العقد لم يستفد لبنان سوى من 375 ألف طن من الفيول، ما أدّى تلقائياً إلى خفض ساعات التغذية بالكهرباء منذ بداية حقبة الوزير جو صدّي من 8 ساعات يومياً إلى 4 ساعات فقط. وبحسب نقاشات لجنة المال والموازنة، فإن سلوك صدّي يكبّد المقيمين في لبنان 1.5 مليار دولار إضافية يصبّ القسم الأكبر منها في جيوب أصحاب المولّدات على شكل أرباح.
وقد جاء إيقاف العمل بالعقد العراقي الأول بحجّة «عدم تسجيل ديون جديدة على الدولة»، بالتشاور والتعاون بين وزير الطاقة جو الصدّي ووزير المال ياسين جابر، ما أوقف العمل بالعقد العراقي الأول، أي عقد مبادلة مادة «الفيول أويل ذات التركيز العالي بالكبريت HSFO» بمادة «الغاز أويل». وبدأت السلطة بممارسة ما تجيد القيام به: «التسوّل». فتّشت قوى السلطة وعلى رأسها رئيس الحكومة نواف سلام بالتعاون مع الوزير صدّي، عن دول تعطيها الوقود اللازم لتشغيل معامل الكهرباء مجاناً. إلا أنّ محاولات «الشحادة» لم تنجح مع الدولة القطرية، ونجحت جزئياً مع دولة الكويت التي قدّمت في آب الماضي 66 ألف طن من مادة «الغاز أويل» على شكل هبة للدولة. ومنذ ذلك الوقت لم تأت أيّ شحنة من الوقود على شكل هبة للدولة.
غاب عن بال الدولة أنّ «الهبات ليست مستدامة». وفي المحصّلة أدخلت وزارة الطاقة والمياه، مؤسسة كهرباء لبنان في حلقة مفرغة، وأوقفت «استدامة الوقود» التي خلقها الوزير السابق وليد فياض، وكسرت أضلاع المثلّث المؤلّف من: فيول، كهرباء وأموال. وكان هذا المثلث قادراً على تأمين إيرادات وأرباح لمؤسسة الكهرباء، بشرط أن يُزاد عدد ساعات التغذية بالتيار لبيع المزيد من الكهرباء على الشطور العُليا. أما الآن، وبسبب تخفيف كميات الوقود المتاحة للاستخدام، فأصبح إنتاج الكهرباء أقل، ما يعني انخفاضاً في حجم الأموال الواردة من الجباية.
ويبلغ متوسط كلفة استهلاك كلّ كيلوواط ساعة من الكهرباء وفقاً لساعات التغذية المنخفضة نحو 14 سنتاً، أي إنها لم تصل إلى 27 سنتاً، وهو المستوى الذي يسمح لمؤسسة كهرباء لبنان باسترداد الكلفة وفوقها أرباح (ومع ذلك يبقى هذا السعر أقل من سعر المولّدات الذي يتجاوز 35 سنتاً). وطالما ستبقى ساعات التغذية قليلة على حالها، لن يصرف المستهلك كميات كبيرة من الكهرباء تزيد من هامش ربح المؤسسة.
ويُذكر هنا أنّ مؤسسة كهرباء لبنان تنتج الطاقة وبشكل شبه تام جرّاء عقود مبادلة «الفيول أويل» العراقي منذ أيلول عام 2021. وبحسب أرقام رسمية، بلغت كميات الوقود المورّدة من الدولة العراقية والمستخدمة في المبادلة للحصول على مادة «الغاز أويل» 5.5 ملايين طن، قيمتها الإجمالية نحو 1.78 مليار دولار، لم يدفع لبنان منها حتى الآن سوى نحو 640 مليون دولار غالبيتها «لولار». بمعنى آخر، دفعت الحكومة اللبنانية للدولة العراقية ثمن العقد الأول المُقدّر بـ531 مليون دولار، 118 مليون دولار من العقد الثاني الذي تبلغ قيمته الإجمالية 460 مليون دولار.
الدولة لا تدفع
تشير مصادر «الأخبار» في مؤسّسة كهرباء لبنان إلى أنّ «دوائر الدولة هي المستهلك الأكبر للطاقة في لبنان». لكن منذ بداية عام 2025 لم تسدّد الحكومة فواتيرها المستحقّة من الكهرباء للمؤسسة، والتي تقدّر المصادر بأنّ قيمتها تصل إلى 153 مليون دولار، كما لم تسدّد فواتير الكهرباء عن الأشهر الستة الأخيرة من عام 2023، ولا عن عام 2024. ويُذكر أنّ آخر تحويل أجرته الحكومة لتسديد فواتير استهلاكها من الطاقة لمؤسّسة كهرباء لبنان كان بموجب المرسوم 12816، الصادر في كانون الأول من عام 2023. حينها حُوّل مبلغ 6 آلاف و850 مليار ليرة، أي 76.5 ملايين دولار، وهو مجموع فواتير الكهرباء المستحقّة على الحكومة، لصالح حساب الحكومة العراقية في مصرف لبنان لتسديد جزء من ثمن الفيول العراقي”.
«احتجاج» مصري – قطري لدى واشنطن: “إسرائيل” تجوّف اتّفاق غزة
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “على الرغم من إعلان البيت الأبيض، مساء أمس؛ أن ثمّة «الكثير من العمل خلف الكواليس من أجل المرور إلى المرحلة الثانية من اتفاق السلام في غزة»، وتأكيده قرب تشكيل «مجلس السلام» الذي سيتولى إدارة القطاع في الفترة الانتقالية، لا يزال تجاوز المرحلة الأولى متعثّراً، وذلك بفعل «العرقلة الواضحة» لمسارات كان يُفترض أن يفتتحها الجانب الإسرائيلي. وتقابل ما تقدّم، تحرّكات استخباراتية مصرية – قطرية بهدف تذليل تلك العراقيل، على الرغم من اقتناع القاهرة والدوحة بانشغال واشنطن بمسار المفاوضات الروسية – الأوكرانية على حساب الملف الغزّي، حسبما يقول مسؤولون مصريون في حديثهم إلى «الأخبار».
ويلفت هؤلاء إلى أن الولايات المتحدة «المُنهَكة بالاتصالات المرتبطة بالمسار الأوكراني، ترى أنْ لا ضرورة للتعجّل في إعلان قرارات خاصة بالمرحلة الثانية من الاتفاق، طالما أن الأخير لا يزال صامداً حتى الآن، رغم الخروقات الإسرائيلية المتواصلة»، مضيفين أن «هذا الموقف الأميركي يقابله سعي إسرائيلي لفرض أمر واقع جديد داخل قطاع غزة». وخلال المباحثات التي جرت في الأيام الماضية مع الجانب الأميركي، أعرب المسؤولون المصريون عن قلقهم إزاء «محاولات تل أبيب زيادة عمق المنطقة العازلة داخل القطاع إلى ثلاثة كيلومترات»، مؤكّدين أن ذلك مرفوض «تحت أيّ حال من الأحوال»، على حدّ قول المصادر.
وفي محاولة لسحب الذرائع الإسرائيلية في شأن الوضع الأمني، والتي ترى فيها القاهرة «مبالغات واضحة»، عرض المسؤولون المصريون تقديم «ضمانات تتعلّق بمستقبل القطاع الأمني، بما لا يسمح بتكرار سيناريو طوفان الأقصى». ومن بين النقاط التي تمّ تثبيتها في الاجتماعات، «التزام الفلسطينيين الكامل ببنود الاتفاق والتعهّد بعدم عرقلته، برغم غياب المرونة الإسرائيلية في التعامل مع المقاتلين العالقين في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الاحتلال، ومنع فتح معبر رفح الذي كان يُفترض تشغيله في الاتجاهين بحسب الاتفاق، وهو ما لم تلتزم إسرائيل بتنفيذه حتى الآن».
وإذ تستند الطروحات المصرية، وفقاً للمصادر، إلى «الاتفاق على «تحييد» سلاح المقاومة في المرحلة الراهنة»، فهي تتضمّن أيضاً «إمكانية التفاهم على وضع قواعد محدّدة تضمن توفير الأمن للمستوطنات الإسرائيلية من جهة، ولا تُنتزع بموجبها أراضٍ جديدة من سكان القطاع من جهة أخرى». كما تشمل الرؤية المصرية، «وجوداً أمنياً فلسطينياً وانتشاراً للقوات الدولية» داخل القطاع، و«إعادة بناء مدينة غزة بالكامل وفق جدول زمني يوفّر حياة آدمية للسكان، بالتوازي مع إنهاء المظاهر المسلّحة في القطاع، وذلك بناءً على تفاهمات تعتمد على مبدأ «الثقة المتبادلة»».
وللمرة الأولى منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، أبلغ المصريون نظراءهم الأميركيين بـ«استحالة إقناع المقاومة بالتخلّي عن سلاحها من دون وجود ضمانات حقيقية تتعلّق بأمن القطاع، وعدم انتهاك إسرائيل لبنود الاتفاقات المحتملة في المراحل التالية»، مشدّدين على أن «أي نقاش بشأن السلاح يرتبط بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية»، وهو ما «لا توجد أي بوادر جدّية بشأنه حتى الآن»، وفقاً للمصادر نفسها.
كذلك، نبّه مسؤولو القاهرة إلى أن استمرار الاتفاق بهذه «الهشاشة»، لن يفضي إلى «استقرار دائم أو سلام حقيقي على الأرض»، وفق ما يطمح إليه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لافتين إلى أن «التباطؤ الإسرائيلي المتعمّد في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وإبقاء حالة الحرب مفتوحة، يثيران شكوكاً في جدّية تل أبيب في الالتزام بتعهّداتها».
أيضاً، تضمّنت المناقشات المُغلقة مع مسؤولي الولايات المتحدة، التي شارك في بعضها مسؤولون قطريون، تحذيراً من «الاستخفاف بالقدرات العسكرية التي لا تزال موجودة داخل القطاع رغم الحرب التي استمرّت أكثر من عامين»، وتنبيهاً إلى «إمكانية تنفيذ الفلسطينيين تحرّكات من داخل غزة»، ما يوجب «ضرورة العمل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، في القطاع والضفة الغربية على حدّ سواء».
وبحسب أحد المسؤولين الذين شاركوا في الاجتماعات، فإن التحذيرات التي وجّهتها القاهرة بشأن تداعيات انهيار الاتفاق، وكانت «مفاجئة» لعدد من المسؤولين الأميركيين نظراً إلى توقيتها، جاءت بهدف «تسريع خطوات التفاهم، وترافقت مع مطالبات بتوضيح بعض المسائل قبل وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى البيت الأبيض نهاية الشهر الجاري، خصوصاً أن الأوضاع المفروضة ميدانياً لا يمكن استمرارها عند الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق»”.
رفع عقوبات «قيصر» عن سوريا | أميركا للعرب: اخضعوا تحيوا
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “أقرّ مجلس النواب الأميركي التعديل الأخير الذي يفضي إلى إلغاء قانون العقوبات المفروض على سوريا (قانون قيصر)، وذلك بعد سلسلة من التعديلات التي حوّلت الشروط السابقة التي كان يتضمّنها إلى ما يشبه «الأمنيات». وسبقت إقرارَ القانون، الذي مرّره المجلس ليل الأربعاء – الخميس، بنتيجة 312 مؤيداً مقابل 112 معترضاً، سجالاتٌ بين مؤيّدي الإلغاء ومعارضيه، خضع المشروع على إثرها لتعديلات عديدة، وصولاً إلى صيغة أبقت على مجموعة من الشروط التي تتيح إعادة تفعيل القانون في حال مخالفتها، ومن بينها «ضمان أمن الجوار» و«محاربة الإرهاب» و«المساعدة في تفكيك ما تبقّى من أسلحة كيميائية». وبإلغاء هذه الصيغة أيضاً، يُغلَق الباب أمام إعادة فرض العقوبات، إلا في حال إصدار قانون جديد يمرّ عبر سلسلة طويلة من الإجراءات والمناقشات وموافقة مجلسَي النواب والشيوخ، في حين بات الأمر مقتصراً حالياً على طلبات غير ملزمة موجّهة إلى السلطات الانتقالية في ما يتصل بالملفات المشار إليها أعلاه.
وإذ أُدرج القانون ضمن موازنة الدفاع، فهو سيُحال إلى مجلس الشيوخ خلال الأيام المقبلة، حيث من المتوقّع أن ينال الموافقة في ظل وجود أغلبية من الجمهوريين، على أن يصل بعد ذلك إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي يأمل توقيعه قبل نهاية العام الحالي. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، براين ماست – الذي كان من أبرز معارضي رفع العقوبات قبل أن يُجري لقاءً مع الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، خلال زيارة الأخير لواشنطن حيث التقى ترامب الشهر الماضي -، : «سنزيل العقوبات عن سوريا والتي كانت أساساً بسبب نظام بشار الأسد وتعذيبه لشعبه»، مضيفاً، خلال جلسة مجلس النواب، «سنمنح سوريا فرصة للمضيّ قدماً في مستقبل ما بعد الأسد».
ومنذ إقراره عام 2019، وتسميته بـ«قانون قيصر» نسبة إلى الشخص الذي قام بتسريب آلاف الصور لضحايا تمّ إعدامهم أو فقدوا حياتهم في المعتقلات السورية، شكّل القانون إحدى أبرز أدوات الضغط الأميركي على سوريا وشعبها؛ إذ فقدت البلاد فعلياً معظم قدراتها على التواصل الاقتصادي الخارجي بسببه، في ظلّ وجود بنود فيه تسمح بفرض عقوبات على أي جهة تتعامل مع دمشق. وبعد الوساطة التي قادتها السعودية مع ترامب، قام الأخير برفع العقوبات الرئاسية، ومنح استثناء من العقوبات لمرتين متتاليتين، مدة كل منهما 6 أشهر. غير أن هذه الاستثناءات لم تسمح بتدفّق الاستثمارات إلى سوريا، في ظلّ المخاوف المستمرة من قِبل المستثمرين من إمكانية عودة العقوبات في أيّ لحظة.
وفي بيانها الذي رحّبت فيه بقرار مجلس النواب، اعتبرت الخارجية السورية أن التصويت وما سيليه من تصويت مرتقب في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، يؤسّس كلّ ذلك «لمرحلة من التحسّن الملموس في حركة الاستيراد وتوافر المواد الأساسية والمستلزمات الطبية، وتهيئة الظروف لمشاريع إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد الوطني». وأضافت: «يمثّل هذا التطور محطة محورية في إعادة بناء الثقة وفتح مسار جديد للتعاون، بما يمهّد لتعافٍ اقتصادي أوسع وعودة الفرص التي حُرم منها الشعب السوري لسنوات بفعل العقوبات».
وعلى رغم أن إلغاء القانون يوفّر بالفعل دفعة كبيرة متوقّعة في اتجاه إعادة تدفّق الاستثمارات، إلا أن جملة من الظروف والعوامل لا تزال تؤثّر على هذا المسار، أبرزها غياب بنية تشريعية حقيقية تسمح للمستثمرين ببناء استثماراتهم، بالإضافة إلى عدم موثوقية الاستقرار الأمني، إذ يأتي هذا الإلغاء في ظلّ استمرار الأزمات، سواء في المنطقة الجنوبية حيث تحاول إسرائيل خلق خريطة سيطرة جديدة، وتدعم «الإدارة الذاتية» الدرزية الناشئة في السويداء – بعد المجازر التي طاولت الدروز على أيدي فصائل تابعة أو مرتبطة بالسلطات الانتقالية، أو في المنطقة الشمالية الشرقية حيث يواجه ملف اندماج «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في هياكل السلطة الانتقالية – وفق اتفاق 10 آذار الموقّع بين الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي – حالة استعصاء متواصلة، جرّاء تباين المواقف بين الطرفين على جملة من الملفات، أبرزها شكل الحكم في سوريا.
على أن الولايات المتحدة، التي قامت، فور سقوط النظام، بتبنّي السلطات الانتقالية، وتجاهلت تاريخها المرتبط بتنظيم «القاعدة»، كما شطبت «هيئة تحرير الشام» من قوائمها الخاصة بالإرهاب ودفعت نحو شطب اسمَي الشرع ووزير داخليته أنس خطاب من قوائم الإرهاب في مجلس الأمن، تحاول فعلياً – منذ أن أصبحت القوة المسيطرة على الملف السوري، عبر مبعوثها الخاص توماس برّاك -، تقديم «نموذج» لـ«الدعم» الذي يمكن أن تقدّمه للدول أو الجماعات التي تخضع لها. ويفسّر هذا الأمر الإصرار الأميركي المستمر على دعم سوريا، وتصديرها بوصفها قصة نجاح سياسية في بلد كان حليفاً تاريخياً لإيران وممراً للأسلحة نحو المقاومة، قبل سقوط النظام السابق.
ويخالف النموذج الأميركي الذي تحاول واشنطن رسمه في سوريا، العديد من النماذج السابقة الفاشلة، سواء في أفغانستان أو حتى العراق، خصوصاً أن النظام السوري السابق لم يسقط بعمل عسكري مباشر من قبل الولايات المتحدة الأميركية. ويمنح ذلك واشنطن مساحة أكبر للعمل السياسي باعتبارها «دولة داعمة»، وهو يولّد لديها أملاً، على ما يبدو، في أن يشجّع «النموذج السوري» قوىً أخرى على السير في الطريق نفسه الذي سلكه الشرع، من دون أن تكون ضامنة بالضرورة لنجاح هذا النموذج.
وبعد الإعلان عن تمرير مجلس النواب قرار إلغاء العقوبات، خرج آلاف السوريين إلى الشوارع، سواء من مؤيّدي السلطات الانتقالية أو حتى معارضيها، احتفالاً، وذلك لما تسبّبت به تلك العقوبات من جروح عميقة، راكمت بالتوازي مع ظروف الحرب، ظروفاً معيشية سيئة. وهي ظروف يأمل السوريون في أن يتم طيّها بشكل حقيقي ونهائي، بعيداً عن بازارات السياسة واستثماراتها”.
تصعيد حرب التجويع: واشنطن تقرصن النفط الفنزويلي
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس دونالد ترامب، إغلاق الأجواء الفنزويلية، انتقلت آلة الحرب الأميركية إلى البدء بفرض حصار بحري موازٍ، وذلك بتنفيذ القوات الأميركية عملية قرصنة بحرية متكاملة الأركان، لا يمكن عدّها إلا انتهاكاً صارخاً لحرية الملاحة والتجارة. وبأسلوب استعراضي مبتذل، نشرت المدّعية العامة للولايات المتحدة، بام بوندي، مقطع فيديو يوثّق لحظة هجوم القراصنة الأميركيين على ناقلة نفط فنزويلية، حيث تَظهر مروحيات عسكرية تحوم فوق الناقلة، بينما يقوم جنود مدجّجون بالسلاح بملابس مموّهة بالإنزال بالحبال على سطحها، وكأنهم يقتحمون ثكنة عسكرية، لا سفينة تجارية مدنية.
والناقلة المُستهدفة، والتي كشف مسؤولون أميركيون للصحف أنها تحمل اسم «سكيبر»، لم تكن تمثّل تهديداً عسكريّاً، بل كانت تمارس حقّاً سياديّاً في نقل الموارد الطبيعية إلى دولة مستقلّة. إلّا أن واشنطن، التي تشدّد الخناق على النظام البوليفاري في كاراكاس بغرض إسقاطه واستبداله بنظام موالٍ، قرّرت مصادرة السفينة وحمولتها التي تُقدّر بنحو 1.9 مليون برميل من النفط، في عملية سطو علني مسلّح تهدف إلى تخويف الخطوط البحرية من خدمة الموانئ الفنزويلية، وحرمان الشعب الفنزويلي من عوائد ثروته الوطنية.
وأثبت تحليل صور الأقمار الاصطناعية وصور فوتوغرافية أخرى، أن السفينة كانت راسية بالقرب من ميناء «خوسيه» النفطي الفنزويلي، حيث ظهرت غاطسة بعمق في المياه، ما يدل على امتلائها الكامل بالنفط الخام. وفي المقابل، اتّهمت مصادر في واشنطن طاقم السفينة باستخدام تقنية «تزييف الموقع» – الذي هو تكتيك بقاء اضطراري تلجأ إليه الشعوب المحاصَرة لحماية تجارتها البحرية من القرصنة الأميركية -، وذلك في محاولة لتبرير عملية الخطف عبر ربط الناقلة بما تسمّيه «أسطول الظلام»، في إشارة إلى السفن التي تتجرّأ على تحدّي العقوبات الأحادية. وبحسب مزاعم أميركية، فإن «سكيبر» نقلت ما يقارب 13 مليون برميل من النفط الإيراني والفنزويلي منذ عام 2012، بما فيها شحنة من النفط الإيراني إلى سوريا في عام 2024 قبل سقوط النظام، وعدة شحنات إلى الصين، فيما تحاول الآن نقل النفط الفنزويلي؛ علماً أن السفينة مُدرجة، منذ عام 2022، في لائحة العقوبات الأميركية التي تستهدف جهات تتعامل مع «الحرس الثوري الإيراني» و»حزب الله».
وجاءت عملية القرصنة هذه لتكمل فصول استراتيجية التصعيد التي بدأتها إدارة دونالد ترامب، اعتباراً من أيلول الماضي، بتصنيف الحكومة الفنزويلية كـ»منظمة إرهابية» تحت مسمّى «كارتل الشموس». وهي أعقبت أيضاً تصريحات وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، حول الرغبة في خفض أسعار النفط عبر السيطرة على الموارد الفنزويلية. وهكذا، وبينما تتحدّث واشنطن عن «نشر الديمقراطية» و»مكافحة المخدّرات»، تقوم قواتها الخاصة بالاستيلاء على ثروة الفنزويليين الوطنية، في تكرار لسيناريوات نهب النفط السوري والعراقي والليبي.
وبدمج حادثة الناقلة «سكيبر» مع الحشد الأميركي العسكري الضخم قبالة السواحل الفنزويلية وعبر الكاريبي، والقرار التعسّفي بإغلاق المجال الجوي لهذا البلد، يتّضح أنّ كاراكاس أضحت أمام «كماشة» حصار استراتيجي خانق: وقف الملاحة الجوية ومنع شركات الطيران من الوصول إليها لعزلها سياسيّاً وإنسانيّاً، ونشر الأساطيل وخطف الناقلات لمنع تصدير النفط، المصدر الرئيس للدخل القومي للجمهورية البوليفارية، وذلك بهدف تجفيف الموارد المالية للدولة والتسبّب في انهيار اقتصادي داخلي. ويقول خبرا،ء إن هذا التصعيد المستجدّ يجلّي عزم إدارة ترامب على خلق ظروف معيشية لا تُطاق، تدفع الجيش الفنزويلي إلى الانقلاب على الرئيس نيكولاس مادورو، أو تبرّر تدخّلاً عسكريّاً أوسع تحت ذريعة «الحرب على الناركو (المخدّرات)».
وفي صورة أعمّ، ثمّة ما يشاع في أوساط متخصّصة بالنقل البحري، عن أن النفط الذي صادرته البحرية الأميركية كان متّجهاً غالباً إلى الأسواق الآسيوية (الصين تحديداً)، ما يجعل هذه القرصنة عدواناً غير مباشر على أمن الطاقة العالمي، وعلى الشركاء التجاريين لفنزويلا. وإذا كان اختطاف الناقلة «سكيبر» يمثّل انتصاراً تكتيكياً ومادة دعائية لحملة ترامب، لكنه استراتيجياً يعزّز قناعة فنزويلا وحلفائها ودول العالم الساعية إلى الاستقلال، بضرورة بناء نظام مالي وتجاري بديل، بعيداً من سطوة الدولار وعربدة الأساطيل الأميركية”.
المصدر: الصحف اللبنانية
