الخميس   
   11 12 2025   
   20 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 18:53

إشارات متضاربة من ترامب بشأن فنزويلا بين تصعيد عسكري في الكاريبي وحديث عن “صفقات”

يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إرسال إشارات متباينة بشأن فنزويلا، وسط تصاعد التوتر بعد مصادرة ناقلة نفط قبالة سواحل هذا البلد الأربعاء، في خطوة تزيد الضغط على كراكاس وتثير تساؤلات حيال استراتيجية واشنطن.

ويتساءل عدد من المراقبين عن مسار السياسة الأميركية بين محاربة تهريب المخدرات والسعي إلى تغيير النظام في كراكاس، على خلفية انتشار عسكري أميركي واسع في المنطقة وشنّ ضربات على قوارب تشتبه واشنطن بتورطها في الاتجار بالمخدرات.​

نحو عملية برية؟

قال ترامب في مقابلة مع موقع “بوليتيكو” الثلاثاء إن “أيامه باتت معدودة”، في إشارة إلى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، من دون أن يكشف كيف ينوي تحقيق ذلك. ولدى سؤاله عمّا إذا كان يستبعد إرسال قوات أميركية برية، تجنّب الرئيس الأميركي الردّ بشكل حاسم، مدركاً أن أي عملية كبيرة، على غرار غزو واسع النطاق لا يعتقد كثيرون أنه وارد، لا تحظى بأي دعم سياسي في الولايات المتحدة.​

ورغم ذلك، أكد ترامب علناً أنه منح الضوء الأخضر لعمليات سرية في فنزويلا، وأشار قبل أسابيع إلى احتمال حصول عمليات برية “قريباً جداً”. ويرى ويل فريمان، من مجلس العلاقات الخارجية، أن التعزيزات العسكرية الأميركية في البحر الكاريبي قد تكون “عملية ذات طابع نفسي أكثر منها عسكرية، هدفها التخويف وإثارة الذعر”.​

ما الأهداف المحتملة؟

يشير الخبير في الشؤون الفنزويلية لدى مجموعة الأزمات الدولية فيل غونسون إلى أنّ الإدارة الأميركية قد تعتبر أنه “سيكون من المعيب للغاية وستفقد الكثير من مصداقيتها إذا اكتفت بإعطاء الأمر للأسطول بالمغادرة” من دون القيام بأي خطوة إضافية. فقد نشرت الولايات المتحدة في الكاريبي قوة بحرية هائلة تضم 11 سفينة، بينها حاملة الطائرات “جيرالد فورد”، الأكبر في العالم، إضافة إلى آلاف الجنود وعشرات الطائرات القتالية والاستطلاعية.​

ويقول فريمان “ربما سنشهد نوعاً من التدخل العسكري البري، على الأغلب في فنزويلا وربما في كولومبيا، لكنني لا أعتقد أن ذلك سيكون كافياً لإسقاط مادورو”. ويرجّح خبراء أن تستهدف الولايات المتحدة “منشآت عسكرية” قد تقول إنها متورطة في تهريب المخدرات، أو “أحد معسكرات جيش التحرير الوطني قرب الحدود الكولومبية”، كما يوضح فريمان، أو مختبرات تصنيع المخدرات رغم أن عدد هذه المواقع محدود داخل فنزويلا، وفق غونسون.​

ويتفق كثيرون على أن الفنتانيل، المسؤول الرئيس عن وفيات الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة، يأتي أساساً من المكسيك، لكن واشنطن صنّفت عدداً من كارتيلات المخدرات في المنطقة “منظمات إرهابية أجنبية”، بينها “كارتيل دي لوس سوليس” في فنزويلا، ما قد يشكّل مبرراً قانونياً لأي هجوم مستقبلي.​​

ما الهدف النهائي؟

عندما سُئل ترامب من قبل “بوليتيكو” عن هدفه النهائي، أجاب بأن غايته “أن يُعامل شعب فنزويلا بشكل جيد”. وخلال ولايته الأولى (2017-2021)، قاد سياسة “الضغوط القصوى” ضد فنزويلا من خلال العقوبات والعزل الدبلوماسي، من دون أن تحقق نتيجة تُذكر في تغيير سلوك النظام أو تقليص قبضة مادورو على السلطة.​

ولا يُعرف الرئيس الأميركي بتبني سياسات تغيير الأنظمة على الطريقة التقليدية، بل يميل إلى مقاربة تقوم على “الصفقات” في الدبلوماسية، حاول تطبيقها مع مادورو عبر إرسال مبعوثه ريتشارد غرينيل لاستكشاف تسويات محتملة.

لكن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ذو الأصول الكوبية والمعروف بمناهضته الشديدة لسلطتي كراكاس وهافانا، دفع خلال أشهر قليلة نحو سياسة أكثر تشدداً تشمل تصنيف “كارتيل دي لوس سوليس” منظمة إرهابية أجنبية وربط مادورو شخصياً بشبكات تهريب المخدرات.​​

ورغم هذا التصعيد، يشكك خبراء كثر في فعالية هذه الاستراتيجية. يقول فريمان “أتوقع أن يبقى مادورو في السلطة”، من دون أن يستبعد إمكانية توصل واشنطن وكراكاس إلى اتفاق يمكن لترامب أن يقدّمه كإنجاز، “اتفاق حول المهاجرين، أو المخدرات، أو أي ملف آخر”.

أما غونسون فيرى أنه إذا أسقطت الولايات المتحدة مادورو، فستكون هناك “بيانات غاضبة كثيرة” تندد باستخدام القوة، لكن “كثيرين سيتنفسون الصعداء في الخفاء”، معتبراً أن السؤال الحقيقي الآن هو معرفة ما إذا كان هذا النهج سينجح أم لا في تحقيق أهدافه المعلنة.​

المصدر: أ.ف.ب.