الثلاثاء   
   02 12 2025   
   11 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 19:18

فيضانات مدمرة في آسيا: أكثر من 1300 قتيل وإندونيسيا تستعجل المساعدات للمناطق المعزولة

تواصل حصيلة ضحايا الفيضانات وانهيارات التربة الناجمة عن أمطار غير مسبوقة منذ عام 2012 الارتفاع في جنوب شرق آسيا وسريلانكا، إذ تجاوز عدد القتلى 1300 شخص، فيما بات إيصال المواد الغذائية إلى السكان في المناطق المعزولة أولوية ملحّة، خصوصا في إندونيسيا حيث أودت الأحوال الجوية بحياة أكثر من 700 شخص وتسببت بتشريد نحو مليون.​

وأدت الأمطار الموسمية الغزيرة، إلى جانب إعصارين استوائيين منفصلين الأسبوع الماضي، إلى هطول كميات كبيرة من المتساقطات في أنحاء سريلانكا وأجزاء واسعة من جزيرة سومطرة الإندونيسية وجنوب تايلاند وشمال ماليزيا.

وبلغت غزارة الأمطار في عدد من المناطق مستوى غير مسبوق منذ أكثر من عقد خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، بحسب تحليل لبيانات الطقس الأميركية، إذ أظهرت سجلات الهيئة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي أن إجمالي الأمطار في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي هو الأعلى منذ 2012 في مناطق واسعة من إندونيسيا والفيليبين وماليزيا وفيتنام وتايلاند وبورما، إضافة إلى أجزاء من كمبوديا ولاوس، فيما شهدت معظم أنحاء سريلانكا أمطارا قياسية.​

في إندونيسيا، ارتفع عدد القتلى الثلاثاء إلى 712، بينما لا يزال أكثر من 500 شخص في عداد المفقودين، وشملت عمليات الإجلاء نحو مليون شخص، وفق الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث. وفي سريلانكا، لقي 465 شخصا حتفهم ولا يزال 366 في عداد المفقودين، فيما طالت الأضرار سبعة ملايين من السكان، بحسب إحصاء جديد لهيئة إدارة الكوارث أصدرته الثلاثاء، لتُعد الكارثة الأسوأ التي تضرب الجزيرة منذ تسونامي 2004.​

يشرح الخبراء أن التغير المناخي يتسبب في هطول أمطار أكثر غزارة، إذ يحتفظ الغلاف الجوي الأكثر دفئا بقدر أكبر من الرطوبة، كما أن ارتفاع درجات حرارة المحيطات يمكن أن يزيد من شدة العواصف الاستوائية والأعاصير، ما يفاقم مخاطر الفيضانات والانهيارات الأرضية.

ورغم توقف الأمطار الذي أتاح انحسار مياه الفيضانات جزئيا، خلّفت الكارثة دمارا واسعا في البنى التحتية والمساكن، فيما يواجه الناجون حاليا صعوبات كبيرة في تأمين الطعام ومياه الشرب الآمنة.​

في إندونيسيا، أفاد سكان منطقة آتشيه، الواقعة في الطرف الغربي من سومطرة والتي سبق أن عانت من موجات المد البحري المدمرة عام 2004، بأن المقتدرين بدأوا بتخزين المواد الغذائية الأساسية تحسبا لنقص محتمل في السلع الحيوية.

وقالت إرنا ماردياه (29 عاما)، وهي تنتظر في طابور طويل أمام محطة وقود في باندا آتشيه، إن “معظم الطرق مقطوعة في المناطق التي غمرتها السيول”، مضيفة بعد ساعتين من الانتظار أن “الناس يخشون نفاد الوقود”.​

وأدت ندرة المواد الغذائية إلى ارتفاع كبير في الأسعار، إذ لاحظت ماردياه أن “معظم السلع باتت باهظة الثمن”، مشيرة مثلا إلى أن سعر الفلفل الحار وصل إلى نحو 300 ألف روبية للكيلوغرام (قرابة 18 دولارا)، وهو ما يعكس موجة “شراء بهلع” في الأسواق المحلية.​

وفي اندونيسيا، أعلنت الحكومة الاثنين أنها أرسلت 34 ألف طن من الأرز و6,8 ملايين لتر من زيت الطهو إلى المقاطعات الثلاث الأكثر تضررا، وهي آتشيه وشمال سومطرة وغرب سومطرة، في محاولة لتخفيف الضغط على الأسواق والمناطق المعزولة.

وشدّد وزير الزراعة أندي عمران سليمان على أنه “لا مجال لأي تأخير” في إيصال الإمدادات، فيما دعا كثيرون الرئيس برابوو سوبيانتو إلى إعلان حالة الطوارئ لتسريع وتيرة إرسال المساعدات وتحسين التنسيق بين الأجهزة.​

وأفادت منظمات إنسانية بأنها تعمل على إيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة، محذّرة في الوقت نفسه من نفاد الضروريات الأساسية في الأسواق وارتفاع أسعار السلع المتاحة إلى ثلاثة أضعاف.

ونبّهت منظمة “الإغاثة الإسلامية” إلى أن “السكان في مختلف أنحاء مقاطعة آتشيه معرّضون لخطر نقص الغذاء والمجاعة إذا لم تعد سلاسل الإمداد إلى طبيعتها خلال الأيام السبعة المقبلة”. وفي مقاطعات سومطرة المختلفة، حيث يُحتمل ارتفاع عدد القتلى نظرا لاستمرار وجود نحو 500 مفقود وإصابة حوالى 2600 شخص، يروي السكان مشاهد صادمة نتيجة الارتفاع المفاجئ في منسوب المياه.​

وقال زمزمي، أحد سكان شرق آتشيه، إن “مقاومة الفيضان لم تكن ممكنة، كان كأمواج تسونامي”، مضيفا أنه “لا يمكن التعبير عن مدى ضخامة الفيضان”، في شهادة تعكس حجم الصدمة التي يعيشها السكان بعد تكرار مشاهد تشبه كارثة 2004.​

في سريلانكا، تسببت عاصفة أخرى في هطول أمطار غزيرة إضافية، ما جعل هذه الكارثة الطبيعية الأسوأ التي تصيب البلاد منذ تسونامي 2004، وفق السلطات. وتعهد الرئيس أنورا كومارا ديساناياكي، الذي أعلن حالة الطوارئ، إعادة إعمار المناطق المدمرة بعد ما وصفه السبت بأنه “أسوأ كارثة في تاريخ” بلده الحديث.​

وتعمل القوات الجوية السريلانكية، بدعم من نظيرتيها الهندية والباكستانية، على إجلاء السكان العالقين وتوزيع المساعدات الغذائية والإمدادات الطبية في المناطق الجبلية المعزولة. ورغم انحسار الأمطار في معظم أنحاء البلاد، لا تزال التحذيرات من الانهيارات الأرضية سارية في مناطق واسعة من الإقليم الأوسط الأكثر تضررا، ما يبقي آلاف العائلات تحت تهديد دائم مع هشاشة التربة واستمرار تضرر البنى التحتية.​

المصدر: أ.ف.ب.