الثلاثاء   
   02 12 2025   
   11 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 09:12

الصحافة اليوم 2-12-2025

براك يستخدم إعلام السعودية بعد إعلام إسرائيل للتهديد: ضربة وشيكة لحزب الله وتحذير للعراق!

في آخر حملات التهديد الإسرائيلية على لبنان، بثّت قناة «كان» في تقاريرها المسائية أنّ جيش الاحتلال «بدأ بالتحضير لهجمات واسعة النطاق على لبنان في المستقبل القريب». وهو ما تزامن مع إبلاغ مسؤول عسكري إلى صحيفة «يسرائيل هيوم»، أنّ إسرائيل «وحدها قادرة على نزع سلاح حماس في غزة وحزب الله في لبنان»، مضيفاً «أنّ رئيس الأركان إيال زامير، سيزور الولايات المتحدة الأسبوع المقبل لبحث قضايا غزة ولبنان وسوريا، وتنسيق خطوات نزع سلاح حزب الله».

هذه الأخبار، تزامنت مع تطوّر جديد في التهديدات الأميركية – الإسرائيلية من الوضع على الجبهة مع لبنان، وكان لافتاً انضمام وسائل إعلام تابعة للسعودية إلى حملة التهويل، وهو ما فعلته قناة «العربية – الحدث» التي تحدّثت أمس عن أن المبعوث الأميركي توم برّاك، زار العراق بغرض نقل تحذير إلى الحكومة العراقية من مشاركة فصائل في توجيه ضربات إلى إسرائيل التي قالت «القناة»، إن برّاك كان جازماً بأنها ستوجّه قريباً ضربة كبيرة إلى حزب الله.

وبحسب ما بثّته القناة السعودية، فإن برّاك «نقل إلى المسؤولين في بغداد رسالة تحذّر من عملية عسكرية إسرائيلية قريبة ضد حزب الله، وأن العملية ستستمرّ حتى تحقيق هدفها بنزع سلاح حزب الله، وأنّ تل أبيب تعتبر ذلك شرطاً أساسياً لإعادة تشكيل معادلة الردع على الحدود». وقالت القناة في تقريرها، إن برّاك «حذّر الحكومة العراقية صراحة من تعرّضها لضربة إسرائيلية قاسية إذا تدخّلت أي فصائل عراقية لمساندة حزب الله في حال اندلاع المواجهة، معتبراً أنّ أي دخول من هذا النوع سيُنظَر إليه كتصعيد مباشر قد يستدعي رداً عسكرياً على الأراضي العراقية».

وبرغم أن المتصلين ببرّاك أكّدوا أنه قام بنقل هذه الرسائل، إلا أن مصادر عراقية قريبة من رئاسة الحكومة نفت هذه المعلومات، وقالت، إن برّاك جاء بناءً على موعد مُحدّد سابقاً، وله علاقة بملف العلاقات العراقية – السورية. وتابعت المصادر، أن هناك من يريد توجيه الأنظار في اتجاه المزيد من الضغط على لبنان وحزب الله.

وقالت مصادر عراقية أخرى، إن الكلام المنسوب إلى برّاك ليس مُستبعداً، لأن الضغوط قائمة على «القوى السياسية الشيعية بالتحديد»، لافتة إلى أن هناك هدفاً آخر، «ربما يتعلّق بمستقبل رئاسة الحكومة في العراق والخشية من توافق سياسي عراقي لا يفسح المجال للتدخّلات الأميركية، خصوصاً بعد نجاح الانتخابات العراقية وحصول القوى الداعمة للمقاومة على عدد من المقاعد يعطيها أرجحية في تشكيل الحكومة القادمة».

نفت مصادر قريبة من السوداني معلومات «العربية» وقالت إن برّاك بحث العلاقات السورية – العراقية، ودبلوماسي أوروبي يدعو إلى دعم جيش لبنان

وبحسب أوساط الفصائل العراقية فإن «موقفها لن يتأثّر بمثل هذه التحذيرات، وإنها تتعامل مع التهديدات بجدّية، وفي حال قرّر العدو فتح صفحة جديدة من المواجهة، فسوف يتحمّل التبعات هو ومعه الولايات المتحدة الأميركية». وأضافت: «إن المقاومة العراقية تترقّب مسار الأحداث وهي في حالة استنفار».

وفي الكيان الصهيوني، تواصلت التسريبات عن «استنفار أمني» خشية أن يقوم حزب الله بردّ على اغتيال القائد العسكري هيثم الطبطبائي، وأن إسرائيل تجد نفسها مضطرة إلى رفع مستوى الضغط العسكري بسبب عدم قيام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح الحزب. ونُشرت أمس تقارير إضافية تتعلّق بعملية إعادة بناء حزب الله لقدراته العسكرية، مع تحذيرات إضافية من توسّع رقعة المواجهة.

والعنصر المشترك في كل ما ينشره إعلام العدو، يركّز على «أن الحرب حتمية، ولكنّ السؤال، كيف ومتى ستحصل»، مع بروز إشارات أولى إلى ترقّب إسرائيل لما سوف يقوم به حزب الله الذي أعلن أنه سيردّ على عملية الاغتيال.

ونقل موقع «واينت» العبري عن «دبلوماسي أوروبي» إشارته إلى التوترات المتصاعدة مع لبنان، وقوله: «لا أحد يريد أن يرى حرباً جديدة. إن التقدّم الذي أحرزه الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله ليس كافياً. إذا حاول حزب الله مرة أخرى تهديد إسرائيل والاستيلاء على مواقع في جنوب لبنان، فمن حق إسرائيل التصرّف».

كما نقلت عن الدبلوماسي نفسه تأكيده «على ضرورة مشاركة إسرائيل دبلوماسياً، وأن السياسة الذكية تعني إعطاء اللبنانيين شيئاً ما، ويجب أن يكون هناك أكثر من مجرد عمل عسكري. يجب على الجميع أن يسألوا كيف يمكننا مساعدة حكومة لبنان وجيشه على القيام بما هو مطلوب وضمان عدم استعادة حزب الله قوته؟ لأننا سمعنا أن إيران لم تتوقّف عن تزويده بالأسلحة».

غليان في السويداء: الهجري «يؤدّب» معارضيه

 عادت السويداء إلى الواجهة من جديد، لكن هذه المرة على إيقاع داخلي. فمشهد الاعتقالات التي طاولت وجوهاً تصدّرت الساحة بعد سقوط النظام السابق ثم غابت تدريجياً، أعاد طرح تساؤلات كثيرة، لا تقتصر على هوّية اللاعب الأبرز في ظلّ تدويل ملفّ المحافظة التي تتطلّع إلى الاستقلال، إنّما تتعدّاها إلى حدود الخلافات والتنافس الخفي داخل المجتمع الدرزي نفسه.
وظهيرة السبت الماضي، شنّت قوات «الحرس الوطني» التابعة للشيخ حكمت الهجري – التي تأسّست في آب عقب أعمال العنف التي شهدتها المحافظة منتصف تموز – حملة اعتقالات مفاجئة في مدينة شهبا، طاولت نحو عشرة أشخاص. وبعد انتشار مشاهد مسرّبة لعمليات الاعتقال، برّرت القوات هذه الخطوة، في بيان، بأنها جاءت على خلفية «التخطيط لخرق أمني داخلي خطير يمهّد لهجوم بربري يستهدف أعراضنا ونساءنا وأطفالنا وأرضنا الطاهرة، مقابل حفنة من الأموال الملوّثة بالخيانة»، لافتة إلى أنّ العملية «جاءت بناءً على معلومات مؤكّدة وموثوقة تكشف مؤامرة دنيئة وخيانة عظمى».

وشملت الحملة، التي جرت وسط حال من التوتر والانتشار الأمني، كلّاً من الشيخ رائد المتني (الذي ترأّس المجلس العسكري بعد سقوط النظام) والشيخ عاصم أبو فخر وغاندي أبو فخر وماهر فلحوط وزيدان زيدان وعلم الدين زيدان. وتجمع هؤلاء صِلة قرابة بليث البلعوس، المقرّب حالياً من سلطة دمشق، شأنه شأن سليمان عبد الباقي (مدير أمن السويداء)، الذي تعرّض منزله إلى اعتداء من قبل «الحرس الوطني»، بحسب روايته. وقال عبد الباقي، إنّ «العصابات حاولت اختطاف والدي وهاجمت منزلي (…) أخلينا منزلنا بالمحافظة تجنّباً لإراقة الدماء»، لافتاً إلى «(أننا) دفعنا ثمن إعاقة عمل الدولة بالمحافظة»، وأنّ «الدولة السورية قادرة على الحسم لكن نريد تجنب الدماء». أيضاً، شملت المداهمات منازل أشخاص قالت مصادر محسوبة على «الحرس»، إنّ «لديهم ارتباطات أمنيّة مع السلطة».

لم يخفّف بيان «الحرس الوطني» من حال الاستياء التي اجتاحت الشارع الدرزي


وإزاء ما تقدّم، يقول مصدر أهلي، في حديثه إلى «الأخبار»، إنّ دوافع الاعتقالات «تبدو ظاهرياً أمنيّة استباقية، لكن ما يتداوله الوسط المحلّي يشير إلى أنّ المجموعة المعتقلة كانت تُعدّ لانقلاب ناعم يبدأ من داخل الحرس نفسه، عبر استقطاب أعضاء سابقين فيه. ويضيف أنّ «بعض الأطراف في السويداء، الموالية للبلعوس وعبد الباقي، لم تغادر المحافظة واستمرّت في تلقّي دعم مادي منهما، وهي تعوّل على شقّ صف الحرس بفتح ثغرة في خطوط التّماس الغربية مع قوات الحكومة الانتقالية، وخصوصاً في منطقة المزرعة، بهدف تحقيق تقدّم عسكري سريع وفرض واقع ميداني يؤسّس لاحقاً لتسوية تحت الضغط مع حكومة الشرع»، متسائلاً: «لماذا يستخفّ عبد الباقي إذاً بصعوبة اختراق خطوط النار؟».

في المقابل، لم يخفّف بيان «الحرس الوطني»، والذي أُعلن فيه «توقيف عنصرين من الحرس بسبب تصرّف مخالف للانضباط العسكري ومنافٍ للعادات والتقاليد»، من حال الاستياء التي اجتاحت الشارع الدرزي، ولا سيّما بعد انتشار مشاهد يُهان فيها الشيخ المتني، ذو الثقل الروحي، عبر حلق لحيته وتوجيه الشتائم إليه. وأعادت هذه الصورة إلى الأذهان ذكرى بشعة للشارع نفسه، قد تشتعل على إثرها فتنة درزية – درزية، على خلفيّة الإساءة إلى عادات وتقاليد اجتماعية محافظة تحكم ضوابط التعامل مع رموز الدين.
وفي هذا السياق، يشير مصدر محلّي آخر في السويداء، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنّ الخوف يتزايد من «تعمّق الشرخ الداخلي في المحافظة وفقدان القدرة على إدارة الخلافات». ولا يستبعد المصدر أن تمثّل حملة الاعتقالات «مرحلة سياسية جديدة عنوانها «عقاب» من يخالف الواقع المفروض بعد أحداث تموز»؛ مشيراً إلى أنّ «بعض المعتقلين كانت تربطهم علاقات جيدة بالهجري وكذلك بموفق طريف، شيخ عقل الطائفة الدرزية في إسرائيل، وهو ما يرسم صورةً أوسع من مجرد مواجهة رغبة البعض في التواصل مع دمشق، لتمتدّ إلى خلاف داخل الطائفة نفسها».

والجدير ذكره، هنا، أنّ تواصلاً جرى سابقاً بين طريف وأحد الشيوخ المعتقلين، على خلفية شكوك في «استهتار وتراخٍ» في إدارة ملفّ المعيشة من قبل الطرف المسيطر في السويداء. كما أنّ طريف حذّر أخيراً من «بوادر الانقسام الداخلي التي تهزّ وحدة الطائفة في السويداء»، منبّهاً، في كلمة له في أثناء تدشين مدرسة الأمين التوحيدية في الجولان المحتل، إلى أنّ «استمرار هذا الانقسام سيكلّف الطائفة المزيد من الخسائر»، داعياً إلى «التمسّك بمبدأ التوحيد كخطّ أساسي لحفظ الوحدة»، ومشدّداً على أنّ «للطائفة الدرزية في سوريا الحقّ الكامل في تقرير مصيرها ومسارها دون أيّ تدخل خارجي»، على حدّ تعبيره.


الجبهة السورية تستعيد حضورها مصدر قلق للاحتلال بعملية منظمة في بيت جن

قاسم: وقف النار ثمرة فشل الاحتلال البري وبحث السلاح ضمن استراتيجية الدفاع

أول واجبات الحكومة الحماية والفشل فيها يسقط كل حقوقها فلترنا كيف تردع العدو

خطفت بلدة بيت جن السورية الأضواء والأنفاس، فالبلدة السورية المكوّنة من مواطنين ينتمون إلى الطوائف الإسلامية السنية والدرزية والمسيحية بغالبية درزية، كانت مسرحاً لمواجهة امتدت لساعات بين مجموعة من مجموعات المقاومة المنظمة وجيش الاحتلال الذي اقتحم البلدة فجراً بهدف اعتقال عدد من عناصر المجموعة التي وصفها بـ”جماعة إسلامية”، ليصطدم بانتشار عناصرها لحراسة ومراقبة ليلية فاجأت عنصر القوات المقتحمة، ما أدى إلى إيقاع ست إصابات منها ثلاث حرجة، كما قال جيش الاحتلال، بينما تعتقد مصادر إعلامية إسرائيلية، كما تقول مواقع عبرية أن الثلاثة قتلى تم إخفاء موتهم تخفيفاً من وقع العملية، ليتم الاعتراف بذلك بالتدريج لاحقاً، والصدمة في كيان الاحتلال سياسية واستخبارية وعسكرية. فعلى الصعيد السياسي تقول المواجهة إن السنة والمسيحيين والدروز في سورية ليسوا بيئات مساندة يمكن الاعتماد على مسالمتها ودعمها من قبل جيش الاحتلال، ولو كان ذلك صحيحاً لتمكن الاحتلال من تحقيق نجاح استخباري عبر تعاون الأهالي معه وإطلاعه على تحضيرات لمواجهة وسلاح ينظم حراسة ليلية، فوجئت بها قوات الاحتلال، وبدا عسكرياً أن المجموعة المقاتلة مدربة ومنظمة، وأوقعت إصابات في صفوف الاحتلال نوعاً وكماً أكثر مما استطاع فعله، حيث إن الشهداء والجرحى الذين تسبب بهم الاحتلال في البلدة أصيبوا بالقصف الجوي والمدفعي، ويبدو صحيحاً ما قاله كثير من المحللين في كيان الاحتلال عن مرحلة جديدة في سورية بدأت مع ولادة المقاومة السورية التي سجلت أولى عملياتها أمس، رغم تطبيع نظام الحكم الجديد وانخراطه في التفاوض وإعلان عزمه على منع أي عمليات تستهدف الاحتلال متفاخراً بقطع طريق إمداد المقاومة اللبنانية.
في لبنان، كانت الكلمة التأبينية للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بمناسبة استشهاد القائد الجهادي الكبير هيثم طبطبائي، مناسبة للحديث عن مرور سنة على اتفاق وقف إطلاق النار، وعن تهديدات الاحتلال بشن حرب جديدة، وقال قاسم عن ردّ المقاومة على اغتيال القائد طبطبائي «هذا اعتداء سافر وجريمة موصوفة ومن حقنا الرد وسنحدّد التوقيت لذلك»، أما عن وقف إطلاق النار، فقال «وقف إطلاق النار يوم انتصار للمقاومة ولبنان والاتفاق حصل لأننا أقوياء وصمدنا وواجهنا، ومشروع إسرائيل انكسر على أعتاب معركة «أولي البأس»، حيث منعت من تحقيق أهدافها وعلى رأسها إنهاء المقاومة»، وأكد «وقف إطلاق النار يوم انتصار للمقاومة ولبنان والاتفاق حصل لأننا أقوياء وصمدنا وواجهنا». وقال الشيخ قاسم «الحكومة لا تستطيع أخذ الحقوق من دون القيام بأهم واجب وهو حماية المواطنين ولتُرنا كيف تردع العدو»، وأضاف «اليوم يوجد احتلال إسرائيلي جوي للبنان وكل البلد مسؤول عن الدفاع والحكومة بالدرجة الأولى لأنها وافقت على الاتفاق». وعن مستقبل السلاح قال الشيخ قاسم «حاضرون للنقاش السياسي بشأن السلاح والبحث باستراتيجية دفاعية ولكن ليس تحت الضغط الإسرائيلي والحل أن يتوقف العدوان وإذا استمر على الحكومة أن تضرب قدمها في الأرض وتهدّد بما تملكه من خيارات لكن التهديد لا يقدم ولا يؤخر واحتمال الحرب وعدمها موجودان لأن «إسرائيل» وأميركا تدرسان خياراتهما، لكن السلاح ليس مشكلة ومن يريد نزعه كما تريد «إسرائيل» يخدمها والتهديدات من أشكال الضغط السياسي».

واعتبر الشيخ نعيم قاسم أنّ اغتيال القائد الجهادي الكبير الشهيد السيد هيثم علي الطبطبائي هو «اعتداء سافر وجريمة موصوفة ومن حقنا الرد وسنحدد التوقيت لذلك».
وسأل قاسم خلال حفل تأبين الشهيد الطبطبائي ورفاقه وذكرى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار: «أليس هناك عدوان على رئيس الجمهورية (جوزاف عون) لأنه يتصرّف بحكمة وعدوان على الجيش وقائده (العماد رودولف هيكل) لأنه يحافظ على الأرض؟ أليس عدم قدرة لبنان أن يتقدّم في مشروعه الاقتصاديّ عدواناً على لبنان؟ ألا ترون المسيّرات فوق القصر الجمهوري والسرايا الحكومي وأثناء الاجتماعات؟». وأكّد الشيخ قاسم «أننا أمام عدوان على لبنان»، وقال «اخرجوا من قصة أنّ العدوان يستهدف المقاومة فقط»، مضيفاً: «أقول للحكومة لا تستطيعين أخذ الحقوق من دون القيام بأهم واجب وهو حماية المواطنين».
وأوضح أنّ «للردع ثلاثة أشكال، فإذا حررت الأرض يعني أنك ردعت العدو وأخرجته وهذا أرقى الأشكال»، وقال: «الشكل الثاني من الردع بالحماية بنشر الجيش والإمكانات الموجودة بالدولة لمنع العدو من الاقتراب»، و»الشكل الثالث من أشكال الردع بمنع العدو من أن يستقر على أرضنا المحتلة وإذا احتل جزءاً يظل يعيش حالة إرباك».
وشدّد الأمين العام لحزب الله على أنّ «أول مسؤول عن الردع هي الدولة بجيشها وشعبها»، متسائلاً: «قولوا لي ماذا فعلت الدولة حتى الآن من هذه الأشكال الثلاثة من الردع؟». وأضاف: «المقاومة في عام 2000 أخرجت «إسرائيل» من لبنان وهذا ردع بالتحرير»، و»من سنة 2000 إلى 2023 كان لدينا نوع آخر من الردع وهو الردع بالحماية فلم يكن «الإسرائيلي» يتجرأ على الاقتراب». وقال: «من سنة 2023 إلى الآن نحن نواجه «إسرائيل» بمنعها من الاستقرار وهذا الشكل الثالث من الردع ونحن نمارسه حتى الآن، ونحن نشترك مع الدولة في هذا الشكل فهي بالمواجهة الدبلوماسية».
وأكّد الشيخ قاسم أنّ «جهوزيتنا هي المنع وقدرتنا على الدفاع هي المنع من استقرار العدو وهذا شكل من أشكال الردع»، موضحاً أنّ «على الحكومة أن تستثمر القدرات الموجودة عند شعبها لتحقيق منع الاستقرار للعدو». وصرّح بأنّ «لا تفويض لأحد في لبنان أن يتنازل عن أرض لبنان وكرامة لبنان»، مشيراً إلى أنّ «التفويض للمسؤولين هو لاستعادة الأرض والأسرى والكرامة»، و»هناك قوى في داخل البلد لا تريد «إسرائيل» وحاضرة لمواجهة «إسرائيل» ويجب أن نستثمر هذا الأمر».
وتابع: «السلاح ليس مشكلة لأنه حرّر 44 سنة، وأدى دوراً كبيراً في البلد، وأدى إلى الأشكال المختلفة من الردع التي تكلمنا عنها»، مشيراً إلى أنّ «السلاح مشكلة معيقة لمشروع «إسرائيل»»، وقال: «يا خدام «إسرائيل» اتقوا الله وكونوا مع أهل بلدكم».
وأضاف الشيخ قاسم: «يهددون بالعدوان الأوسع من أجل إرغامنا على الاستسلام.. كل هذه التهديدات هي شكل من أشكال الضغط السياسي لأن محاولاتهم المختلفة فشلت»، مشيراً إلى أنّ «»إسرائيل» تدرس خياراتها وأميركا كذلك، فهم يعرفون أنّه مع هذا الشعب وهذه المقاومة لا يمكنهم تحقيق ما يريدون»، و»عليهم أن ييأسوا فهذا شعب لا يُهزم ولا يستسلم ونحن لن نهزم ولن نستسلم وهيهات منا الذلة».
وأشار إلى أنّه «إذا استمر العدوان، فعلى الحكومة أن تضع خطة للمواجهة وعليها أن تعيد النظر حتى بالانتشار بالجنوب ولجنة الميكانيزم وتستطيع أن تهدّد»، موضحاً «أننا نصمد وندافع ولن تذهب دماء الشهداء هدراً. عندها يخضع الأجنبي لإرادتنا».
ووصفت مصادر سياسية خطاب الشيخ قاسم بـ»الموزون والحكيم والوطني»، حيث قدّم مقاربة دقيقة توازن بين دور الدولة ودور الشعب والجيش، مع وضع خطوط حمراء واضحة تؤكد أنّه لا تفويض لأحد بالتفريط بسيادة لبنان وكرامته وأرضه. ولفتت المصادر لـ»البناء» الى أن الخطاب تضمن جديداً تمثّل بالعبارة الخاصة التي اعتمدها الشيخ قاسم عند حديثه عن الردّ على اغتيال القائد الطبطبائي»، بـ «السطر الذهبي» الذي سيستوقف «الإسرائيليين» ويثير اهتمامهم.
وفي حين نفى رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يكون وزير الخارجية المصري قد نقل إلى المسؤولين اللبنانين تهديدات بحرب إسرائيلية وشيكة على لبنان، أفادت مصادر دبلوماسية غربية لقناة «الجديد»، بأن «الكلام عن التصعيد الكبير والسريع في لبنان غير دقيق، لأن المهلة التي أعطيت من واشنطن حتى نهاية العام لا تزال قائمة»، وكشفت المصادر، أن «التصعيد يقتصر على ما تقوم به «إسرائيل» كلَّ يوم من غارات او اغتيالات وسط معلومات عن ضربات نوعية قد يتعرّض لها لبنان».
ولفتت معلومات «الجديد»، إلى أن «المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس ستزور تل أبيب لاستكمال مهمة التفاوض حول عناوين المرحلة المقبلة بين لبنان و»إسرائيل» وستنقل رسالة أميركية إلى القصر الجمهوري».
في غضون ذلك، وفي ضوء حملة التهويل الخارجية والداخلية بحرب إسرائيلية واسعة على لبنان، وقبيل أسبوع على جلسة مجلس الوزراء المخصصة لمناقشة تقرير الجيش اللبناني حول انتشاره ومهامه في جنوب الليطاني، أعلن قائد قطاع جنوب الليطاني أن «الجيش عالج 177 نفقاً منذ بدء تطبيق خطة «درع الوطن» الهادفة إلى حصرية السلاح، كما أغلق 11 معبراً على مجرى نهر الليطاني، وضبط 566 راجمة صواريخ. وقال خلال جولة نظمها الجيش للإعلاميين في المنطقة: «نعرض تطبيق خطة الجيش بالتفاصيل أمام وسائل الإعلام للمرة لأولى، ولم يثبت أحد دخول أي سلاح إلى منطقة جنوب الليطاني وهناك تعاون كامل من الأهالي».
وأشار إلى أنّ «وجود 10 آلاف عسكري في جنوب الليطاني رغم المعوقات، كما يتواجد 200 مركز للجيش»، لافتاً إلى أنّ «20 مركزاً للجيش اللبناني دُمِّرَت جراء الاعتداءات الإسرائيلية». وأضاف: «هناك خروقات متعددة على طول الحدود»، وقال: «المنازل التي قصفت أخيراً مدنية، لم يطلب منا الكشف عليها، وقد كشفنا عليها بعد الاعتداء لم تتضمّن أي سلاح»، مضيفاً: «لا معوقات من أي أحد خلال تطبيق مهمات الجيش، والأهالي يساعدون الجيش ويرحبون بالدولة». كما أشار إلى أن «»إسرائيل» لم تقدم إثباتاً لـ»الميكانيزم» على تهريب «حزب الله» للسلاح». ولفت إلى أن «اليونيفيل» سحبت عدداً من معداتها وقطعها البحرية و640 عنصراً منها غادروا لبنان حتى الآن».
ولفتت أوساط مطلعة لـ»البناء»، إلى أن توقيت الجولة الإعلامية يتسم بالذكاء، فهو يدحض كل الادعاءات الإسرائيلية بوجود سلاح ومسلحين لحزب الله في جنوب الليطاني وأن الجيش يغطي على حركة الحزب ولا يقوم بالجهد اللازم لمصادرة سلاح حزب الله. حيث قدم الجيش الأدلة والوقائع بأنه ينجز مهمته وفق تكليف مجلس الوزراء وأن لا صحة لكل ادعاءات الاحتلال، وما يعزز موقف الدولة والحكومة اللبنانية بأنها تنفذ قراراتها عبر الجيش لكن ما يعيق ذلك هو استمرار الاحتلال والعدوان الإسرائيلي. ولفتت الأوساط الى أن التقرير الإعلامي عن إنجازات وعمل الجيش يكتسب أهميته بأنه سيساهم في جهود رئيس الجمهورية لاحتواء الغضب الأميركي على الجيش اللبناني ويُعيد وصل العلاقة بين القائد وواشنطن ويخفف الضغط الدولي عن لبنان، ويفقد الذرائع من يد العدو الإسرائيلي بأنه يوسّع عدوانه بسبب وجود حزب الله في منطقة الليطاني، كما يأتي قبيل أيام من جلسة مجلس الوزراء وزيارة المبعوثة مورغان أورتاغوس إلى «إسرائيل» وربما إلى لبنان للمشاركة باجتماع الميكانيزم.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان أنّ «بناء على تعليمات من الحكومة اللبنانية، قدّمت وزارة الخارجية والمغتربين، بواسطة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، شكوى إلى مجلس الأمن الدولي رداً على قيام «إسرائيل» بانتهاك جديد وخطير لسيادة لبنان، يضاف الى سلسلة انتهاكاتها العديدة وخروقاتها المستمرّة، ويتمثل ببنائها جدارين اسمنتييَن عازلَين على شكل حرف (T) في جنوب غرب بلدة يارون وجنوب شرقها داخل الحدود اللبنانية المعترف بها دوليّاً. ويؤدي بناء الجدارين اللذين وثّقت وجودهما قوات اليونيفيل إلى قضم أراضٍ لبنانية إضافية، ويشكّل خرقاً للقرار 1701 (2006)، ولإعلان وقف الأعمال العدائيّة (2024). أضاف البيان: «طالب لبنان في الشكوى مجلس الأمن والأمانة العامّة للأمم المتّحدة بالتحرك العاجل لردع «إسرائيل» عن انتهاكاتها للسيادة اللبنانيّة، وإلزامها بإزالة الجدارين، وبالانسحاب الفوري لجنوب الخط الأزرق من كافة المناطق التي لا تزال تحتلّها داخل لبنان، بما فيها المواقع الحدوديّة الخمسة، وبعدم فرض ما تسمّيه مناطق عازلة داخل الأراضي اللبنانية، وباحترام موجباتها وفق قواعد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبإتاحة عودة المدنيّين اللبنانيّين إلى قراهم الحدوديّة».
وفيما استهدفت مُسيّرة اسرائيلية سيارة رابيد في بلدة القنطرة، كشفت «القناة 13» الإسرائيلية، اليوم، تفاصيل الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع عدد من المسؤولين والذي خُصِص للشأن اللبناني. وبحسب القناة، قدّمت المؤسسة الأمنية إلى القيادة السياسية خططاً عملياتية لمواصلة نشاطات فرض تطبيق الاتفاق ومنع إعادة تأهيل «حزب الله». وأوردت أن «النقاش جرى على خلفية الإنذار الذي وضعته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الحكومة اللبنانية، وهو: «جرّدوا حزب الله من سلاحه قبل نهاية العام – وإلا ستعمل «إسرائيل»».
وأشارت إلى أنهم «في المؤسسة الأمنية يقدّرون أن حزب الله لن يرد في هذه المرحلة على اغتيال رئيس أركانه هيثم طبطبائي، رغم الضغوط الكبيرة من قيادات داخل التنظيم».
بدوره، أفاد المتحدّث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، بأن «عملية استهداف قائد أركان حزب الله المدعو هيثم الطبطبائي، جاءت بعد رصد محاولاته المتكرّرة لإعادة إعمار قوة التنظيم العسكرية، في انتهاك صارخ للاتفاق الساري منذ نحو عام».
وزعم في تصريح، أن «القضاء على الطبطبائي يعتبر ضربة قوية لقدرات حزب الله في القيادة والسيطرة والإدارة العسكرية»، مدعياً أن «هذه التطورات تعكس قصور عمليات الجيش اللبناني وعدم كفاية جهوده، في وقت يواصل فيه حزب الله التلاعب عليها والعمل سراً للحفاظ على سلاحه».
سياسياً، أكّد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي «أنّنا اليوم بأمسّ الحاجة إلى السلام، وكلنا معنيون بالسلام من المسؤولين إلى من يحمل السلاح إلى الشعب، والكنيسة منفتحة وتنتظر البابا لاوون الرابع عشر وستأخذ منه القوة للنضال من أجل السلام».
ولفت في حديث لقناة الـ»LBCI»، إلى أنّ «لبنان بطبيعته حياديّ و»هذا ليس مطلبي الشخصي» وهو يحتاج إلى اعتراف من الأمم المتحدة، والحياد لا يعني الاكتفاء بالمراقبة بل يتطلب القيام بدور فاعل في الحوار».
وأوضح الرّاعي أنّ «»إسرائيل» تريد كل لبنان، وأملنا أن تنتهي لغة قرع طبول الحرب وأن نسير بالدبلوماسية»، مشدّداً على أنّ «نزع السّلاح هو قرار نهائيّ في لبنان، لكن هذا الموضوع لا يحصل بالقوّة، ويجب أن تعالج الدولة مع «إسرائيل» مسألة خروجها من الجنوب».
واستقبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون النائب ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وعرض معه أبرز مواضيع الساعة في ضوء التطورات الأخيرة.
ووفق معلومات «البناء» فإنّ هدف جعجع من الزيارة توضيح موقف «القوات» من مسألة بخّ السموم على رئيس الجمهورية في واشنطن، حيث أنه تمّ توجيه أصابع الاتهام إلى القوات بالتحريض على عون في الخارج.


بابا السلام يشهد على وطن لن «يموت ولن يستسلم»

وفد مجلس الأمن إلى بيروت وأورتاغورس تمثِّل واشنطن وبراك يمهِّد للعدوان!

اليوم يُنهي البابا لاوون الرابع عشر رحلته التاريخية الى لبنان، ومعه دعمٌ مطلقٌ للبنان الرسالة، ورفع راية السلام والاستقرار في مواجهة استهداف لبنان والاعتداء على سلامه واستقراره.
وعكست الحفاوة اللبنانية البالغة التي استقبل بها لبنان الرسمي والروحي والشعبي والسياسي بابا الفاتيكان ارتياحاً لدى الزائر الكبير، الذي استمع الى شهادات الشبيبة، ومواقف ممثلي الطوائف الكبرى المكوِّنة للمجتمع اللبناني، وكادت العاطفة القوية لديه ان تكون الاجابة العملية لما سيسعى اليه البابا دفاعاً عن لبنان الرسالة، ونموذج التعايش، والطموح الى معاندة الازمات والمخاطر، بدءاً من المخاطر الاسرائيلية التي تتوعد البلد بمناسبة وبغير مناسبة.

وسيختم البابا زيارته التاريخية بقداس عند واجهة بيروت البحرية..
وقالت اوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان المحطة الثانية للحبر الأعظم لم تختلف عن محطته الأولى لناحية ما صدر عنه من مواقف بشأن تمسكه بمبدأ السلام والعيش المشترك، لكن هذه المحطة كانت حافلة باللقاءات والمواقف التي منحت فسحة امل للبنان وكان مستمعا فيها وعازما على الإصغاء.
ولفتت هذه المصادر الى ان توزع زيارات بين ضريح القديس شربل والصلاة ولقاء مع الاساقفة والكهنة والمكرَّسين والعاملين في الراعويات في مزار سيدة لبنان واللقاء المسكوني بين الأديان في ساحة الشهداء كما اللقاء مع كُلٍّ من الشباب في ساحة الصرح البطريركي في بكركي والبطاركة الكاثوليك في السفارة البابوية خطفت الأضواء وشهدت على النموذج الفريد للبلد وهو الذي يدركه البابا ويتفهم خصوصيته.
الى ذلك، لاحظت هذه المصادر استياء عدد من الشخصيات السياسية حول البروتوكول في لقاءات قداسة البابا الأمر الذي لم يؤثر على الاستقطاب الواسع لها شعبيا ورسميا، معلنة ان البابا لاوون الرابع عشر خاطب الجميع حول وقائع بعيدا عن اي إحباط انما حض على الأمل.
وكانت المحطة الأولى من زيارة البابا لاوون الرابع عشر الى بيروت مرت بسلام، محطة أظهرت نجاح الرئاسة الأولى في التحضير لهذه الزيارة وعكست قيمة لبنان المتنوعة وسعي هذا البلاد الى الرجاء الدائم وعدم الاستسلام. كل تفصيل سواء كان صغيرا او كبيرا كان كاملا في القصر الجمهوري الذي استقبل البابا بحفاوة بالغة تليق بالضيف الكبير. اقل من ساعتين امضاهما الحبر الأعظم في رحاب الرئاسة الأولى وكانتا اكثر من كفيلتين في ان يستمع من الرؤساء الثلاثة جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام كُلًّا على حرصهم على سعيهم الى السلام.
تحت عنوا«طوبى لفاعلي السلام»، جاءت زيارة الحبر الأعظم الى لبنان، وهي أولى خارجية له بعد توليه السدة البابوية.
في كلمة لكُلٍّ من البابا لاوون الرابع عشر ورئيس الجمهورية امام المسؤولين في البلاد من رؤساء سابقين ووزراء ونواب وسفراء ورؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية وكبار المسؤولين والأعلاميين، تحدثا لغة واحدة لغة الرجاء والمساحة الواحدة والشراكة وعدم اليأس. وقال الرئيس عون متوجها الى قداسة البابا : أبلغوا العالم اننا لن نموت ولن نستسلم، مركِّزاً على قدسية لبنان.

اما قداسة الحبر الأعظم فقال:يمكن أن يفتخر لبنان بمجتمع مدني نابض بالحياة، غني بالكفاءات، وبشباب قادرين على أن يعبّروا عن أحلام وآمال بلد بأكمله. أشجعكم إذاً على ألا تنفصلوا أبداً عن شعبكم، وأن تضعوا أنفسكم في خدمة شعبكم، الغني بتنوّعه، بالالتزام والتفاني.
ولاحظت اوساط مراقبة عبر «اللواء» كيفية اختيار البابا التعابير الموجهة الى اللبنانيين ونضالاتهم وتنوعهم الديني وأهمية حض الشباب على العودة الى الوطن، مشيرة الى ان هذا الخطاب تلاقى مع خطاب الرئيس الذي كان متكاملا ومفصلا في نقاط السلام والتعايش.
وقالت ان هناك عدة خطابات لقداسة البابا والتي يمكن ان يستشف منها الرسائل التي يراد إيصالها والتي لا تختلف عن رسائل الباباوات الذين زاروا لبنان وأرسوا ثقافة المحبة والإيمان.
إذاً في القصر الجمهوري في بعبدا كان الحشد السياسي بإختلاف اطيافه على موعد مع لقاء ضيف جمع في زيارته المتناقضين في صورة يحتاجها لبنان الرازح تحت أعباء عدة ويواجه تهديدات يومية.
وعلى طريق القصر ايضا، كان الإستقبال الشعبي مشهدية تحدَّت عوامل الطقس للترحيب ببابا السلام.
وكانت زيارة البابا لاوون الرابع عشر الى لبنان طغت على المشهد اللبناني بكل وجوهه السياسية والروحية حتى الامنية، ولكنها تزامنت مع استمرار الاعتداءات الاسرائيلية وتحذيرات من الاحتلال ومن الموفد الاميركي توم براك وتسريبات عن ان التصعيد العسكري ضد لبنان حاصل بعد زيارة البابا، على امل ان يتولى الحبر الاعظم في اتصالاته لا سيمامع الجانب الاميركي العمل على تهدئة التصعيد الاسرائيلي. بإنتظار ما ستحققه المساعي التي ستتجدد هذا الاسبوع لمنع اي تصعيد يؤدي الى مواجهة عسكرية جديدة، مع الكلام عن احتمال ان يرد حزب لله على الخروقات المعادية، فيما اعلن جيش الاحتلال حالة التأهب على الحدود الشمالية لفلسطين مع لبنان وسوريا وتفقد قائد الجبهة الشمالية الجنرال ميلو جنوده هناك.
اليوم الثاني

وبُعيد الساعة السابعة والنصف اختتم البابا يومه الثاني وعاد الى مقر السفارة البابوية.
وكان نشاط اليوم الثاني حافلاً، فزار البابا لاوون بازيليك سيدة لبنان حريصا، وترأس اللقاء المخصص للاساقفة والكهنة المكرسين والعاملين في الحقل الرعوي، وقال في كلمة اننا نتضرع الى لله من اجل لبنان وكل المشرق، مؤكداً ان لا سلام من دون محادثات وحوار.
وفي ساحة الشهداء وسط بيروت، عقد اللقاء المسكوني والحواري بين الاديان الذي جمع البابا برؤساء الطوائف المسيحية والاسلامية، واكثر من 300 مدعوٍّ.
وخاطب البابا الشبيبة في لقاء بكركي، المستقبل بين ايديكم ولديكم فرصة تاريخية لتغيير المستقبل والحب قادر على معالجة جروح الجميع، ومباركون من يحملون السلام، ويضعونه وهولاء هم ابناء لله.
وخصص اليوم الثاني للصلاة، مروراً بسيدة حريصا وصولاً الى لقاء البطاركة في السفارة البابوية واللقاء المسكوني وتم لقاء الشبيبة في بكركي.
بابا السلام والتسامح
وانشغل المسؤولون بالزيارة، وما صدر من مواقف عن البابا يومي الاحد والاثنين لا سيما حول الدعوة الى تحقيق السلام، كل المسؤولين الرسميين والنواب والقوى السياسية والكنيسة بكل تنوعها والقيادات الروحية الاسلامية، لا سيما في محطتين من محطات الزيارة: محطة وصول البابا الى المطار بعد ظهر الاحد والاستقبال الحاشد له على طريق المطار في الضاحية الجنوبية من قبل حزب لله الذي حشد 3 آلاف كشفي من كشافة المهدي بأعلامهم وفرقتهم الموسيقية. ومحطة الاستقبال الرسمي له في القصر الجمهوري بحضور الرؤساء جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام والوزراء ورؤساء واعضاء الكتل النيابية، وكان بينهم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على رأس وفد من الكتلة.
وعقد البابا لاوون اجتماعات قصيرة منفصلة مع الرؤساء عون وبري وسلام، تناول البحث خلالها الوضع اللبناني لا سيما احتلال اسرائيل لمساحات واسعة من الاراضي اللبنانية في الجنوب واستمرار اعتدءاتها على لبنان وخروقاتها للقرار 1701 واتفاق وقف الاعمال العدائية. وسبل التوصل الى تسوية للموضوع.

والقى الرئيس عون كلمة في استقبال البابا بالقصر مما قال فيها: واجبٌ الإنسانية الحية الحفاظِ على لبنان. لأنه إذا سقطَ هذا النموذجُ في الحياة الحرة المتساوية بين أبناء ديانات مختلفة، فما من مكانٍ آخرَ على الأرض، يَصلحُ لها. وكما قلت في نيويورك، أكرر من بيروت: إذا زالَ المسيحيُ في لبنان، سقطت معادلة الوطن، وسقطت عدالتُها. وإذا سقطَ المسلمُ في لبنان، اختلت معادلة الوطن، واختلّ اعتدالها. وإذا تعطل لبنانُ أو تبدل، سيكونُ البديلُ حتماً، خطوطَ تماسٍ في منطقتِنا والعالم، بين شتى أنواعِ التطرّفِ والعنفِ الفكري والمادي وحتى الدموي.
اضاف عون: ونحن نجزم اليوم، بأن بقاء هذا اللبنان، الحاضر كله الآن من حولكم، هو شرط لقيام السلام والأمل والمصالحة بين أبناء ابراهيم كافة. وفي أرضنا اليوم، وأرض منطقتنا، الكثير من القهر، والكثير من المتألمين. وجراحهم تنتظر لمستكم المباركة. وتتطلع إلى سماع وإسماع صوتكم العظيم الشجاع.
وتابع: أبلغوا العالم عنا، بأننا لن نموت ولن نرحل ولن نيأس ولن نستسلم. بل سنظل هنا، نستنشق الحرية، ونخترع الفرح ونحترف المحبة، ونعشق الابتكار، وننشد الحداثة، ونجترح كل يوم حياة أوفر… أبلغوا العالم عنا، بأننا باقون مساحة اللقاء الوحيدة، في كل منطقتنا، وأكاد أقول في العالم كله. حيث يمكن لهذا الجمع أن يلتقي حول خليفة بطرس. ممثلين متفقين لكل أبناء ابراهيم، بكل معتقداتهم ومقدساتهم ومشتركاتهم… فما يجمعه لبنان، لا يسعه أي مكان في الأرض. وما يوحده لبنان لا يفرقه أحد. بهذه المعادلة يعيش لبنان في سلام مع منطقته، وفي سلام منطقته مع العالم.
اما البابا فقال في كلمته: إنّه لفرحٌ كبيرٌ لي أن ألتقي بكم وأزور هذه الأرض حيث «السّلام» هو أكثر من مجرَّد كلمة: السّلام هنا هو شَوق وهو مصير، وهو عطيّة وورشة عمل مفتوحة دائمًا. أنتم مكلَّفون بالسُّلطة في هذا البلد، كلٌّ في مجاله الخاصّ وبأدوار محدّدة. ومن منطلق هذه السُّلطة، أودّ أن أوّجه إليكم كلام يسوع، الذي تمّ اختياره ليكون مصدر إلهام أساسيّ لهذه الزّيارة: طوبى لفاعلي السّلام».. بالتّأكيد، هناك ملايين اللبنانيّين، هنا وفي كلّ العالم، يخدمون السّلام بصمت، يومًا بعد يوم. أمّا أنتم، الذين تحملون المسؤوليّات المختلفة في مؤسّسات هذا البلد، فلَكُم تطويبة خاصّة إن استطعتم أن تُقَدِّموا هدف السّلام على كلّ شيء. أودّ، في لقائنا هذا، أن أفكّر معكم قليلًا في معنى أن نكون فاعلي سلام في ظروف بالغة التّعقيد، ومليئة بالصّراعات والاضطراب.

اضاف: باﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺟﻤﺎل اﻟﻄّﺒيـﻌﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن وﻏِﻨﺎه اﻟﺜّﻘﺎﻓﻲّ، اﻟﻠﺬيـﻦ أﺷﺎد ﺑهـﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﻤيـﻊ أﺳﻼﻓﻲ اﻟﺬيـﻦ زاروا ﺑﻠﺪﻛﻢ، ﺗﺘﺠﻠّﻰ ﺻﻔﺔٌ ﺗُﻤيـّﺰ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧيـّيـﻦ: أﻧﺘﻢ ﺷﻌﺐ ﻻ يـﺴﺘﺴﻠﻢ، ﺑﻞ يـﻘﻒ أﻣﺎم اﻟﺼّﻌﺎب ويـﻌﺮف داﺋﻤًﺎ أن يـُﻮﻟَﺪ ﻣﻦ ﺟﺪيـﺪ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ. ﺻﻤﻮدﻛﻢ هـﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻤيـّﺰة ﻻ يمكن اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻨهـﺎ ﻟﻔﺎﻋﻠﻲ اﻟﺴّﻼم اﻟﺤﻘيـﻘيـّيـﻦ: ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، ﻋﻤﻞ اﻟﺴّﻼم هـﻮ ﺑﺪايـﺔ ﻣﺘﺠﺪّدة وﻣُﺴﺘﻤﺮّة. اﻻﻟﺘﺰام ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴّﻼم، وﻣﺤﺒّﺔ اﻟﺴّﻼم ﻻ يـﻌﺮﻓﺎن اﻟﺨﻮف أﻣﺎم اﻟهـﺰاﺋﻢ اﻟﻈّﺎهـﺮة، وﻻ يـﺴﻤﺤﺎن ﻟﻠﻔﺸﻞ ﺑﺄن يـﺜﻨيـهـﻤﺎ، ﺑﻞ طﺎﻟِﺐ اﻟﺴّﻼم يـﻌﺮف أن يـﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺒﻌيـﺪ، ﻓيـﻘﺒﻞ ويعاﻧﻖ ﺑﺮﺟﺎء وأﻣﻞ ﻛﻞّ اﻟﻮاﻗﻊ. يـﺘﻄﻠّﺐ ﺑﻨﺎء اﻟﺴّﻼم ﻣﺜﺎﺑﺮة، وﺣﻤﺎيـﺔ اﻟﺤيـﺎة وﻧﻤﻮّهـﺎ ﺗﺘﻄﻠّﺐ إﺻﺮارًا وﺛﺒﺎﺗًﺎ.
وتابع: ﺗﺒﺪو اﻟﻘﺮارات اﻟﻜﺒﺮى وﻛﺄﻧّهـﺎ ﺗُﺘّﺨﺬ ﻣﻦ ﻗِﺒﻞ ﻗﻠّﺔ ﻣﻦ اﻟﻨّﺎس، وأﺣيـﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺨيـﺮ اﻟﻌﺎم، ويـَﻈهـﺮ ذﻟﻚ ﻛﺄﻧّﮫ ﻗﺪرٌ ﻣﺤﺘﻮم. أﻧﺘﻢ ﻋﺎﻧَيـﺘﻢ اﻟﻜﺜيـﺮ ﻣﻦ ﺗﺪاﻋيـﺎت اﻗﺘﺼﺎد ﻗﺎﺗﻞ، وﻣﻦ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺬي ﺧﻠّﻒ آﺛﺎرًا ﻣﺪﻣّﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق أيـﻀًﺎ، وﻣﻦ اﻟﺘّﺸﺪّد وﺗﺼﺎدم اﻟهـﻮيـّﺎت وﻣﻦ اﻟﻨّﺰاﻋﺎت، ﻟﻜﻨّﻜﻢ أردﺗﻢ وﻋﺮﻓﺘﻢ داﺋﻤًﺎ أن ﺗﺒﺪأوا ﻣﻦ ﺟﺪيـﺪ».
لكن البابا رأى انه «يـﻤﻜﻦ أن يـﻔﺘﺨﺮ ﻟﺒﻨﺎن ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲّ ﻧﺎﺑﺾ ﺑﺎﻟﺤيـﺎة، ﻏﻨﻲّ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءات، وﺑﺸﺒﺎب ﻗﺎدريـﻦ ﻋﻠﻰ أن يـﻌﺒّﺮوا ﻋﻦ أﺣﻼم وآﻣﺎل ﺑﻠﺪ ﺑﺄﻛﻤﻠﮫ. أﺷﺠّﻌﻜﻢ إذاً ﻋﻠﻰ أﻻّ ﺗﻨﻔﺼﻠﻮا أﺑﺪًا ﻋﻦ ﺷﻌﺒﻜﻢ، وأن ﺗﻀﻌﻮا أﻧﻔﺴﻜﻢ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺷﻌﺒﻜﻢ، اﻟﻐﻨﻲّ ﺑﺘﻨﻮّﻋﮫ، ﺑﺎﻻﻟﺘﺰام واﻟﺘّﻔﺎﻧﻲ».وقال:ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، اﻟﺴّﻼم هـﻮ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜيـﺮ ﻣﻦ ﺗﻮازن داﺋﻤًﺎ ﻣهـﻠهـﻞ، ﺑيـﻦ اﻟﺬيـﻦ يـﻌيـﺸﻮن ﻣﻨﻔﺼﻠيـﻦ ﺗﺤﺖ ﺳﻘﻒ واﺣﺪ. اﻟﺴّﻼم هـﻮ أن ﻧﻌﺮف أن ﻧﻌيـﺶ ﻣﻌًﺎ، ﻓﻲ وَﺣﺪة وﺷﺮﻛﺔ، ﻣﺘﺼﺎﻟﺤيـﻦ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ. اﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺄن ﻧﻌيـﺶ ﻣﻌًﺎ، وﺗُﻌَﻠِّﻤﻨﺎ أيـﻀًﺎ أن ﻧﻌﻤﻞ ﻣﻌًﺎ، ﺟﻨﺒًﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ، ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺸﺘﺮك. إذاّك، يـﺼيـﺮ اﻟﺴّﻼم ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻓﺮة اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺪهـﺸﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ يـﺘّﺴﻊ أﻓﻘﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﻛﻞّ ﺣد وﺣﺎﺟﺰ.
اما نهار يوم امس، فكان كنسياً وروحياً بإمتياز حيث زار البابا دير مار مارون في عنايا واضاء شمعة على ضريح القديس شربل، وقال امام الضريح: أن لله أنعم عليّ بهذه الزيارة للمزار التي طالما تمنيتها. نطالب بالسلام للعالم وتحديدًا للبنان والشرق الأوسط ونذكّر أن لا سلام من دون محادثات.
وكتب البابا عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»: نود في هذا اليوم أن نوكل احتياجات الكنيسة ولبنان والعالم إلى شفاعة القديس شربل. للكنيسة نطلب الوحدة. وللعالم نطلب السلام، لاسيما من أجل لبنان ومن أجل المشرق. لا سلام بدون ارتداد القلوب. ليساعدنا القديس شربل على التوجه إلى لله طالبين منه هبة الارتداد.
ثم القى كلمة امام الحضور مما قال فيها: من أجل الكنيسة نطلب الشركة والوحدة بدءًا بالعائلات الكنائس البيتية الصغيرة، ثم الجماعات المؤمنة في الرعايا والأبرشيات، وصولاً إلى الكنيسة الجامعة. شركة ووحدة. أما من أجل العالم فَلنَطلبِ السَّلام. نطلب السلام، بصورة خاصة، من أجل لبنان وكل المشرق.
وانتقل البابا من عنايا الى بازيليك سيدة حريصا للقاء الاساقفة ومسؤولي الشبيبة بحضور الرئيس عون وزوجته والبطريرك بشارة الراعي، حيث جرت صلاة. والقى كلمة مما قال فيها: هذا الموقع الموحّد للشعب اللبناني يعطينا دفعًا لمواصلة الصلاة رغم صوت السلاح. أفكر في المسؤولية التي تقع علينا جميعا تجاه الشباب ومن الضروري أن نعزز حضورهم حتى في المجالات الكنسية بالرحمة ننتصر والشباب مسؤوليتنا.وخاطب اللبنانيين قائلا: كونوا مبدعين كي تنتصر الرحمة.
وإحتضنت ساحة الشهداء في وسط بيروت، عند الرابعة من بعد ظهر امس، اللقاء المسكوني والحواري بين الأديان، الذي جمع البابا لاوون الرابع عشر برؤساء الطوائف في لبنان وأكثر من 300 مدعوٍّ. وعقد اللقاء في خيمة بنيت خصيصاً لهذا الحدث والتي تضم مسرحاً صمم بشكل دائري كرمز للعائلة المتحدة. وغرس في وسط المكان شجرة زيتون رمزا للسلام.اضافة الى حضور منشدين من جوقات: «سيستاما بيروت ترنم»، ودار الأيتام الاسلامية و«مؤسسة الإمام الصدر».
وشارك في اللقاء كل رؤساء الطوائف اللبنانية وحشد من رجال الدين، وتحدث رؤساء الطوائف عن ضرورة التلاقي والحوار وتكريس العيش الواحد «مع الحفاظ على الخصوصيات» كما قال مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في كلمته. اما البابا فألقى كلمة مؤثرة مما قال فيها: يرتكز الحوار في الشرق الاوسط على الراوبط الروحية التي تجمع المسيحيين مع المسلمين واليهود. في هذه الأرض لم ينطفئ صدى الكلمة وتنظر الانسانية الى الشرق الاوسط بقلق وإحباط أمام صراعات مؤلمة عبر الزمن ومع ذلك رغم التحديات نجد معنى للرجاء والعزاء.ويبقى شعب لبنان بدياناته المختلفة يذكّر بقوة بأن الأحكام المسبقة ليست لها الكلمة الأخيرة، انما المصالحة والسلام أمر ممكن وهذه الارض شاهدة للحقيقة الدائمة بأن المسيحيين والاسلام والدروز وسواهم قادرون على العيش معاً في بلد يتحلى بالحوار.
اضاف: الحوار يجب أن يرفض التفرقة والاضطهاد، وإن كان لبنان مشهوراً بأرزه الشامخ فإن شجرة الزيتون تشكّل حجر أساس في تراثه ومذكورة في النصوص المقدسة لدى الاسلام والمسيحيين واليهود. هذا الحوار لا تمليه أولا اعتبارات براغماتية سياسية أو اجتماعية، بل يستند، قبل كل شيء، إلى أُسَسٍ لاهوتية مرتبطة بالإيمان.
واوضح انه في زمن يبدو فيه العيش معا حُلُمًا بعيد المنال، يبقى شعبُ لبنان، بدياناته المُختَلِفَة، مذكّرًا بقوة بأنّ الخوف، وانعدام الثقة والأحكام المُسبَقَةِ ليست لها الكلمةُ الأخيرة، وأنّ الوحدة والشركة والمصالحة والسّلامَ أمرٌ مُمكن. إنّها رسالة لم تتغيَّر عبر تاريخ هذه الأرض الحبيبة.
واكدالبابا: الشهادة للحقيقة الدائمة بأنّ المسيحيين والمسلمين والدّروز وغيرهم كثيرون، يُمكنهم أن يَعِيشُوا معا ويَبنُوا معًا وطنًا يَتَّحدُ بالاحترام والحوار.
وشهد الصرح البطريركيّ في بكركي لقاء مميزا للبابا لاوون الرابع عشر، في السادسة من غروب الامس، مع شباب لبنان والعالم في باحة الصرح الخارجية. وتسجل أكثر من 12 الف و800 شخص على منصة اللقاء من مختلف الطوائف والكنائس المارونية والأرثوذكسية والبروتستانية واللاتينية والإنجيلية، إضافة الى ممثلين عن الطوائف الإسلامية ومعهم مجموعات تتعاون مع مكتب راعوية الشبيبة في لقاءات اللجنة المسكونية ولجنة العلاقات مع الأديان الأخرى.
وبعد عروض مسرحية دينية وشهادات من شباب لبنان عن تجاربهم، انتهى اللقاء بكلمة للبابا مما قال فيها:أشكركم جميعا على هذا الاستقبال وأشكر البطريرك الراعي على كلماته المعبّرة وأحيي الشباب القادمين من لبنان وسوريا والعراق والاردن.
أضاف: الشهادات التي سمعتها تحكي عن الامل والحب رغم الصعاب التي يواجهها الشباب اللبناني.أن تاريخ لبنان كان مليئاً بالإنجازات والتميّز لكن فيه أيضاً جروحاً عميقة يصعب معالجتها.
تابع: المستقبل بين أيديكم ولديكم فرصة تاريخيّة لتغيير المستقبل والحبّ قادر على معالجة جروح الجميع.وأن وطنكم سيستعيد شبابه علامة الوحدة والخصوبة عند الشعب.
ورأى ان «السلام ليس كاملاً إنّ كان ثمرة مصالح لبعض الشخصيات، وليس هناك من سلام من دون عدالة ولا عدالة من دون غفران».
واكد ان لبنان سيزدهر مجدداً بشكل جميل وشامخ كالأرزة ونجد الكثير من الميزات في المجتمع اللبناني نتيجة العمل الشجاع والدؤوب للكثيرين ممّن يشبهون جذور الأرزة المترسخة في الأرض.
وقال البابا للشبيبة: كونوا مصدر الأمل الذي تنتظره هذه البلاد، ويسوع مات وقام من أجل خلاصنا جميعاً وهو دليل الصفح الذي ينجينا من كل شرير ومنه نتعلم السلام. لا سلام من دون عدالة ولا عدالة من دون تسامح وأجمل صورة لوجود لله بيننا هو الحب والمساعدة.
وفد مجلس الأمن
على صعيد دبلوماسي، تصل بعد غد الخميس الى بيروت بعثة مجلس الامن الدولي آتية من سوريا، وتضم 14 سفيراً يمثلون الدول الاعضاء باستثناء السفيرة دورثي شيا، ممثلة الولايات المتحدة في المجلس، حيث ستحل مكانها السفيرة مورغن اورتاغوس، والتي قد تصل اليوم او صباح غد للمشاركة في اجتماع الميكانيزم في الناقورة.
وفي برنامج البعثة الاممية للقاءات تشمل الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش للاطلاع على مدى سيطرة الجيش على المنطقة المحررة هناك.
وترددت معلومات ان الميكانزيم ستعقد اجتماعها الخميس بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء للاستماع الى التقرير الثالث عن حصر السلاح جنوب الليطاني، والذي سيقدمه قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل.
وجرت تكهنات ان اورتاغوس، قد تتطرق الى المفاوضات بين لبنان واسرائيل لجهة المستوى التفاوضي الذي لا يمانع لبنان من الوصول اليه، سواءٌ على الصعيد المدني او الدبلوماسي، وقد تعود الجمعة الى بيروت للقاء المسؤولين في ضوء اجتماع الميكانيزم.
وفي السياق الدبلوماسي الاميركي، ذكرت مصادر قناة «الحدث» : أنّ المبعوث الأميركي توم براك حمل رسالة للعراق تحذّر من عملية إسرائيلية قريبة ضد حزب لله بلبنان.وأوضحت المصادر أنّ براك أكد برسالته للعراق أن عملية إسرائيل في لبنان ستستمر حتى نزع سلاح حزب لله. وحذر براك العراق «من ضربة إسرائيلية قاسية له إذا تدخلت الفصائل إلى جانب حزب لله».
ومن المرتقب ان يصل وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني غداً الأربعاء إلى بيروت في زيارةٍ يلتقي خلالها الرؤساء الثلاثة، في اطار المساعي العربية ومنها المصرية والسعودية لمعالجة التوترات عند الحدود.
تراجع الاعتداءات ومواصلة التهديدات
ولئن كانت نسبة الاعتداءات تراجعت بعض الشيء، واقتصرت على اعمال استفزازية كإطلاق القنابل، او استعراض القوة بمواجهة الاهالي في القرى الامامية، فإن المخاوف آخذة بالتزايد مع عدوانية.
وقد بدأ الاحتلال الاسرائيلي حملة اتهامات ضد قوات اليونيفيل بهدف تسريع انسحابها من جنوب لبنان، ليأخذ مداه في العداون على لبنان من دون رقابة دولية على انتهاكاته لإتفاق وقف الاعمال العدائية. وفي هذا الاطار، زعمت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي «أن الجيش أعرب عن قلقه من تسريب اليونيفيل معلومات عسكرية واستخباراتية حساسة إلى حزب لله».
ونقلت عن مسؤول عسكري رفيع المستوى قوله: «إن اليونيفيل قوة مزعزعة ولا تساهم في نزع سلاح حزب لله».وأضاف: وجود اليونيفيل يمس حرية عملنا وقلقون من تسرب صور أنشطة قواتنا لحزب لله..وكلما أسرعت اليونفيل في مغادرة المنطقة وإنهاء أنشطتها كان ذلك أفضل».
وزار قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي رافي ميلو، مواقع عسكرية على امتداد الحدود مع سوريا ولبنان، للاطلاع على تدريبات القوات وإجراء تقييمات ميدانية للجهوزية.
وبحسب ما نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست»، أجرى ميلو سلسلة اجتماعات ميدانية خلص فيها إلى «أنّ القوات المنتشرة في مستوى عالٍ من التأهب دفاعيًا وميدانيًا، ومستعدة لأي تطورات محتملة في منطقتي سوريا ولبنان».وقال ميلو: إن الجيش لن يسمح بترسُّخ الإرهاب على الحدود، وأن وحدات الجيش ستواصل العمل بحزم وبمبادرة لإزالة التهديدات قبل تطورها!
وتطرّق ميلو إلى العملية الأخيرة في بلدة بيت جن بريف دمشق، التي وصفها بأنها «جزء من سلسلة عمليات واسعة لمكافحة الإرهاب جنوبي سوريا، مشيرًا إلى إصابة ستة جنود من قوات الاحتياط خلالها.
وأضاف: أن الجيش ماضٍ في «العمل الاستباقي» في المناطق الحدودية، معتبرًا أن الدفاع المتقدم هو عنصر أساسي في حماية المستوطنات والحدود الشمالية.وختم ميلو بالقول: لا يمكننا انتظار أن يهاجم العدو أولًا، علينا أن نكون المبادرين، وأن نكون السدّ الأول أمام أي تهديد.
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة «معاريف» العبرية امس، أن الولايات المتحدة وجّهت طلباً عاجلاً إلى الحكومة اللبنانية لاستعادة قنبلة جوية إسرائيلية ذكية من طراز GBU-39B لم تنفجر بعد سقوطها في الضاحية الجنوبية خلال الغارة التي استهدفت القيادي في حزب لله هيثم علي الطبطبائي.وبقيت القنبلة سليمة في موقع الهجوم، ما أثار مخاوف واشنطن وتل أبيب من أن تتمكن روسيا أو الصين من الوصول إليها والحصول على تقنيات عسكرية متقدمة مدمجة فيها.وتُعد هذه القنبلة من أبرز الذخائر الدقيقة التي تصنّعها شركة بوينغ، وتتميّز برأس حربي فعّال قياساً إلى وزنها، إضافة إلى منظومات توجيه وتكنولوجيا لا تتوفر لدى موسكو أو بكين، وفق الصحيفة، لذلك تصرّ الولايات المتحدة على استعادتها سريعاً، معتبرة الأمر أولوية لمنع تسرُّب أي معلومات حساسة تتعلق بقدراتها العسكرية المتطورة.

المصدر: الصحف اللبنانية