أعلنت قوات الدعم السريع في السودان، الاثنين، عن هدنة إنسانية من طرف واحد لمدة ثلاثة أشهر، مشيرة إلى أنها تأتي “استجابة للجهود الدولية” ولا سيما المبادرة الأميركية التي طرحها الرئيس دونالد ترامب ومساعي دول الرباعية الدولية.
وقال قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، في كلمة مسجّلة: “نعلن هدنة إنسانية تشمل وقف الأعمال العدائية لمدة ثلاثة أشهر، ونوافق على تشكيل آلية مراقبة دولية”.
يأتي إعلان الهدنة عقب رفض قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، لمقترح هدنة طرحته الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر، واعتبر البرهان المقترح “أسوأ حتى الآن، حيث يطالب بحل الأجهزة الأمنية وترك الميليشيا المتمردة في مناطقها”.
وشدد دقلو على الالتزام بمسار سياسي يضم كافة القوى الوطنية ما عدا “الحركة الإسلامية الإرهابية والإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني”، محملاً هذه الأطراف مسؤولية ما يعانيه السودانيون منذ ثلاثة عقود.
وكان الوسطاء الدوليون، لا سيما الموفد الأميركي مسعد بولس، قد طرحوا مبادرة نوقشت مع مختلف الأطراف. وفي كلمته الأحد، اتهم البرهان الإمارات بدعم المتمردين، معتبراً أن مساعي الوساطة “غير محايدة”، وأن الموفد الأميركي “يتحدث بلسان الإمارات”. من جهتها، انتقدت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم الهاشمي، رفض البرهان للمبادرة واعتبرته “سلوكاً معرقلاً ومتكرراً”.
في المقابل، نفى البرهان وجود سيطرة لجماعة الإخوان المسلمين على الجيش أو أجهزة الدولة، ودعا كل قادر على حمل السلاح للالتحاق بجبهات القتال. ورحب بمبادرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإنهاء الحرب في السودان بالتنسيق مع الولايات المتحدة، معبراً عن أمله بأن تعكس آمال السودانيين وتجنب البلاد المزيد من الدمار.
ورغم إعلان قوات الدعم السريع سابقاً موافقتها على هدنة إنسانية في 7 تشرين الثاني/نوفمبر، إلا أنها واصلت عمليات القصف على مواقع للجيش في كل من الخرطوم وعطبرة، وأعلنت وصول تعزيزات ضخمة إلى بابنوسة في غرب كردفان، مع استمرار محاولات السيطرة على مواقع تابعة للجيش في كادوغلي والدلنج بجنوب كردفان.
وشهد منتصف تشرين الثاني/نوفمبر استهداف سد مروي في شمال السودان بعدة ضربات نفذتها مسيّرات الدعم السريع، كما استهدفت مقر الجيش في المدينة ذاتها. وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، بعد حصار طويل، وباتت تسيطر على معظم غرب السودان.
وامتدت رقعة المعارك إلى إقليم كردفان المجاور الغني بالنفط، وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتعطيل طرق الإمداد الحيوية نحو الخرطوم وغرب البلاد.
وأشارت تقارير حقوقية إلى حدوث انتهاكات خطيرة شملت عمليات قتل جماعي وعنف عرقي وخطف واعتداءات جنسية، لاسيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع. وقد اتهمت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء، قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب في الفاشر، واعتبرت الدعم الإماراتي لها عاملاً “يؤجج العنف المتواصل” مع استمرار الحرب لأكثر من عامين.
ووفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، فرّ أكثر من 100 ألف مدني من الفاشر منذ نهاية الشهر الماضي، إضافة إلى قرابة 40 ألف نازح من شمال كردفان.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن عزمه إنهاء “الفظائع” الإنسانية في السودان بالتعاون مع السعودية، وهو ما رحبت به قوات الدعم السريع والإمارات، وأكد البرهان استعداده للتعاون مع واشنطن والرياض في هذا السياق.
يُشار إلى أن الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من عامين أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، وأدت إلى أزمة جوع حادّة تهدد ملايين المدنيين في عموم البلاد.
المصدر: أ.ف.ب.
