السبت   
   22 11 2025   
   1 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 15:10

رئيس الهيئة التنفيذية في “أمل”: الاستقلال امتحان يومي لكل اللبنانيين


قال رئيس الهيئة التنفيذية في حركة “أمل” مصطفى الفوعاني، في الذكرى السنوية لشهداء آل جعفر في بلدة كرم شباط في الهرمل: “نلتقي اليوم على تراب هذه الأرض الطيبة، حيث تتلاقى صمت الجبال مع همسات نهر العاصي، ومع ذكريات الشهداء الذين تركوا في كل حجر، وفي كل شجرة، وفي كل موجة علامة حضورهم الأبدي. هؤلاء لم يغادروا، بل أصبحوا جزءًا من الهواء الذي نتنفسه، ومن كل شعاع نور يمر بين البيوت والجبال، ليذكرنا بأن الوطن لا يُحفظ إلا بالوفاء لمن بذلوا حياتهم من أجله، وأن الاستقلال والوحدة والمقاومة ليست شعارات، بل حياة يومية نعيشها، ودم كل شهيد فيها نبض مستمر للأمل والصمود.”

أضاف: “إن الاستقلال ليس مجرد يوم في التاريخ، ولا مناسبة نتذكرها مرة في العام، بل هو امتحان يومي لكل اللبنانيين، شعبًا وجيشًا وسلطات. هو اختبار لإرادتنا في حماية الأرض وصون السيادة، وفي الحفاظ على القيم التي جمعت اللبنانيين على مرّ الأجيال. شهداؤنا يعلّموننا أن الاستقلال الحقيقي يبدأ من هذه القرى الحدودية، حيث يتجسّد العيش الواحد والوحدة الوطنية في كل قلب نابض، وفي كل خطوة صمود، وفي وجوه أبنائنا الذين لم يتركوا أرضهم رغم كل صعاب الزمن.”

وتابع: “لقد شدّد دولة الرئيس نبيه بري على الدوام أن الاستقلال ليس حدثًا من الماضي، بل امتحانًا دائمًا للبنانيين في كل يوم. وأن الجنوب ومناطق الحدود، من الهرمل إلى البقاع إلى الجنوب، هي مقياس للوطنية والانتماء الحقيقي، حيث تختبر جدية السلطات الرسمية في الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، لا سيما في إعادة الإعمار، وتأمين الحماية الكاملة لكل شبر من أرض لبنان، وخصوصًا في مواجهة العدوانية الإسرائيلية المستمرة. وهو يذكرنا دومًا بأن الوفاء للشهداء هو استكمال لمعركة الاستقلال في الحاضر والمستقبل.”

أضاف: “وهذه الرؤية تتقاطع مع توجيهات الإمام القائد موسى الصدر، الذي شدّد على أن العدالة الاجتماعية هي قلب الوحدة الوطنية، وأن أي مجتمع لا يعتني بمناطقه المهمشة لن يحافظ على استقراره وسيادته. العدالة الاجتماعية، بحسب الإمام موسى الصدر، هي أساس صمود الوطن، وعنوان حقيقي لوحدة شعبه، وهي الطريق لضمان أن لا تكون فئات كاملة من المواطنين خارج دائرة الدولة والمسؤولية الوطنية.”

ولفت إلى أن “الحرمان المزمن الذي تعانيه مناطق الهرمل وبعلبك وعكار أصبح عبئًا على الوحدة الوطنية، ويدعو الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها كاملة لتوفير البنى التحتية والخدمات الأساسية، وإطلاق مشاريع تنموية تخلق فرص عمل حقيقية، وتعزز العدالة الاجتماعية، وتعيد الثقة بين الدولة والمواطن. إن تمكين هذه المناطق ليس خيارًا، بل واجب وطني وشرط أساسي لاستقرار لبنان وازدهاره. ولن يتحقق العيش الواحد والوحدة الوطنية إلا حين تُرفع القيود عن أهلها ويُمنحون الفرص المتساوية في التنمية والكرامة، بعيدًا عن الإهمال والمناطقية.”

وقال: “في هذا السياق، تأتي أهمية استثمار تشريع القنب الهندي للأغراض الطبية والصناعية، لما فيه من إمكانات حقيقية لدعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة، وتحويل الأراضي المحرومة إلى مشاريع إنتاجية مستدامة. كما يشكّل نهر العاصي شريانًا استراتيجيًا يمكن أن يعيد الحياة للزراعة والصناعة في البقاع والشمال، شريطة الاستخدام المستدام وحماية البيئة، ومشاركة المجتمعات المحلية في إدارة هذه الموارد بما يضمن العدالة الاجتماعية والبيئية على حد سواء. إن تحويل هذه الفرص إلى مشاريع حقيقية هو رسالة عملية بأن لبنان قادر على تحويل التحديات إلى إنجازات، وأن التنمية ليست حلمًا بعيدًا، بل واجبًا وطنيًا ملموسًا.”

وتابع: “إن الحكومة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتحرك فورًا، بعيدًا عن المماطلة والتلكؤ، لتأمين كل مستلزمات الدعم والخدمات لأهل هذه المناطق، وإطلاق خطط تنمية شاملة تعيد الثقة بين الدولة والمواطن، وتحقق العيش الواحد والوحدة الوطنية، وتثبت أن لبنان دولة فاعلة تحمي شعبها وتوفر له العدالة والكرامة. إن العمل على التنمية المتوازنة واستثمار الموارد الوطنية ليس رفاهية بل واجب وطني، لأن لبنان لا يُحفظ إلا بالعدل والكرامة لجميع أبنائه. كل خطوة عملية هي رسالة حية للشهداء، ولكل من يراهن على تراجع الوطن أمام التحديات.”

أضاف: “في حضرة هؤلاء الشهداء، يصبح الوقت ماءً صامتًا، والهواء يحمل أسماءهم كما تحمل الجبال أسرارها، والنهر يهمس بالوفاء الذي يربطنا بهذه الأرض. العيون التي شاهدت الشهداء، وقلوب الأطفال الذين يعرفونهم من قصص الأجداد، تتعلم كل يوم معنى الصمود والوحدة، وتجد في كل موجة للعاصي، وفي كل حبة تراب من الهرمل، صوتًا يقول: ‘لا نستسلم، لا نتراجع، لن نبيع ترابنا مهما غلت التضحيات. الجنوب والهرمل وبعلبك وعكار يشكلون نموذجًا حيًا للمقاومة والصمود، ويثبتون أن الوطن لا يُحفظ إلا بالتضحية والعمل الجاد، وأن الاستقلال والوحدة والمقاومة ليست شعارات بل حياة نعيشها يوميًا. كل خطوة نحو التنمية، وكل مشروع ينهض بهذه المناطق، هو تكريم حي للشهداء، وتجسيد لثوابتنا الوطنية. كل شجرة تُزرع، وكل بئر يُحفر، وكل مشروع يُفتتح، يحمل في طياته رسالة الشهداء: أن الوطن أكبر من أي اعتبارات ضيقة، وأن الوحدة الوطنية والعيش الواحد مسؤولية جماعية يجب أن نتحملها جميعًا.”

وقال: “شهداؤنا علمونا أن الاستقلال والوحدة والمقاومة ليست شعارات على الورق، بل حياة نعيشها ونصونها يوميًا. وكل مشروع تنموي، وكل مبادرة اقتصادية، وكل خطوة نحو العدالة الاجتماعية في الهرمل وبعلبك وعكار، هو استمرار لمسيرة الشهداء، وتجسيد لثوابتنا الوطنية، وامتداد لرؤية دولة الرئيس نبيه بري والإمام موسى الصدر في حماية الإنسان والأرض، وتكريس العدالة والمساواة.”

وختم: “في هذه الذكرى السنوية لشهداء آل جعفر، نرفع تحية إجلال للشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الاستقلال والكرامة، ولأهلنا في المناطق الحدودية الذين يثبتون أن العيش الواحد والوحدة الوطنية ليست شعارات بل واقع يُصنع بالتضحيات والعمل الجاد. عشتم… وعاش لبنان موحدًا، حرًا، مقاومًا، ومتمسكًا بثوابته الوطنية كما أحبّه شهداؤه، وسنبقى على عهد الشهداء، محافظين على الرسائل التي تركها دولة الرئيس نبيه بري والإمام موسى الصدر، من وحدة وطنية وعدالة اجتماعية واستقلال حقيقي لا يتجزأ”.

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام