الأحد   
   16 11 2025   
   25 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 17:29

كارثة غير مسبوقة تطال الثروة الحيوانية في غزة وسط الحصار والدمار

يواجه مربّو المواشي والدواجن في قطاع غزة أزمة غير مسبوقة، إذ أدى القصف الإسرائيلي المتواصل والحصار المشدد إلى دمار واسع في مزارع الثروة الحيوانية، ما ينذر بانهيار الأمن الغذائي وتفاقم الأزمة المعيشية في القطاع المحاصر.

ووفق تقديرات أولية لوزارة الزراعة، تكبّد القطاع الحيواني خسائر مباشرة كبيرة، حيث نفق آلاف من رؤوس الأبقار والأغنام والدواجن نتيجة الاستهداف المباشر للمزارع أو بسبب انقطاع الإمدادات الغذائية والمياه. كما تضررت البنية التحتية الحيوية من حظائر ومعدات ومخازن أعلاف، الأمر الذي جعل استمرار الإنتاج الزراعي والحيواني شبه مستحيل.

انهيار قطاع الدواجن

يوضح المختص بالشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر أن قطاع الدواجن يُعد نموذجًا صارخًا للتدهور الاقتصادي في غزة، إذ لا تسمح سلطات الاحتلال إلا بدخول ما لا يتجاوز 30% من احتياجات القطاع والمطاعم، ما تسبب باضطراب حاد في سلاسل التوريد وارتفاع كبير في الأسعار.

وأضاف أن العشرات من مزارع الدواجن التي كانت تنتج نحو مليونَي دجاجة شهريًا خرجت عن الخدمة بالكامل، ما أفقد غزة قدرتها على الاكتفاء الذاتي.

ورغم الجهود الحكومية لتنظيم الاستيراد عبر نقاط توزيع رسمية، فإن غياب السيطرة الفلسطينية على المعابر وتنامي السوق السوداء فاقما الأزمة، حيث تُباع الأسعار الفعلية بأكثر من ضعف السعر المحدد رسميًا، في حين تصل رسوم التنسيق على الشاحنة الواحدة إلى ما بين 400 و500 ألف شيكل.

وأكد أبو قمر أن هذه الأوضاع تعكس تحوّل الأزمة من مجرد نقص في الإمدادات إلى تحدٍ هيكلي يضرب الأمن الغذائي، مشيرًا إلى أن تداعياتها طالت القطاعين الخدمي والمطاعم، التي بات كثير منها مهددًا بالإغلاق نتيجة نقص الغاز وارتفاع سعر الكيلوغرام إلى نحو 80 شيكلًا.

تدمير شامل للثروة الحيوانية

من جهته، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الاحتلال الإسرائيلي دمّر 97% من الثروة الحيوانية في قطاع غزة، بما في ذلك الحيوانات العاملة، من خلال القصف المباشر والتجويع والنهب.

وأوضح المرصد في بيان أن “إسرائيل” تستهدف الثروة الحيوانية ضمن سياسة ممنهجة لتجويع السكان وتجفيف مواردهم الغذائية، في إطار نمط مستمر من الإبادة الجماعية، مشيرًا إلى أن 93% من مزارع الدواجن دُمّرت بالكامل، فيما توقفت المزارع المتبقية عن العمل والإنتاج.

ووثّق فريق المرصد الميداني نفوق عشرات الآلاف من الطيور والأبقار والأغنام بسبب القصف أو انعدام الأعلاف والمياه، موضحًا أن من أصل نحو عشرين ألف حمار وآلاف الخيول والبغال الموجودة في غزة قبل العدوان، نفق ما يقارب 43% منها حتى أغسطس 2024، فيما لا يتجاوز ما تبقى اليوم 6% فقط.

وأشار المرصد إلى أن نفوق أغلب الحمير والبغال زاد من معاناة السكان الذين يعتمدون عليها كوسيلة نقل رئيسة في ظل انعدام الوقود وتعطل المركبات.

تحذيرات من انهيار الأمن الغذائي

تُحذّر المؤسسات الدولية من انهيار شامل في منظومة الأمن الغذائي بقطاع غزة نتيجة تدمير المزارع ومنع دخول الإمدادات الزراعية والبيطرية. ودعت إلى تسهيل وصول الأعلاف والمستلزمات البيطرية ودعم المزارعين المتضررين لإعادة بناء ما دُمر من منشآت حيوية.

ووفق تقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، فإن 75% من الأراضي الزراعية في غزة تضررت أو دُمرت بالكامل، مع خسائر في الثروة الحيوانية وصلت إلى نحو 96%.

ويزيد إغلاق المعابر من حدة المأساة، إذ يمنع إدخال الأعلاف والمستلزمات البيطرية اللازمة لإحياء القطاع الحيواني، ما أدى إلى مزيد من النفوق وصعوبة إعادة التأهيل.

دعوات عاجلة للتدخل

طالبت منظمات دولية بفتح المعابر بشكل فوري والسماح بدخول المساعدات الزراعية والبيطرية، ودعم جهود إعادة الإعمار لضمان استقرار القطاعين الحيواني والزراعي في غزة.

وأكدت أن استمرار الحصار وتدمير مقومات الإنتاج سيؤديان إلى مجاعة حقيقية تطال مئات الآلاف من السكان الذين يعتمدون على الزراعة وتربية المواشي كمصدر رئيسي للغذاء والدخل.

المصدر: وكالة صفا