الثلاثاء   
   11 11 2025   
   20 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 11:02

الصحافة اليوم11-11-2025

الأخبار:

مرفأ بيروت… أعظم جروح المدينة!

يروي معرض «مرفأ بيروت» في «بيت بيروت» حكاية مدينة نشأت مع مرفئها وانهارت بانفجاره، عبر أرشيفٍ بصريّ وخرائط ووثائق تاريخية تكشف علاقة المرفأ بالهوية الحضرية لبيروت. عبر إشراف هالة يونس، يتحوّل المكان إلى مساحة للتأمل في الذاكرة، والترميم، والمشاركة في تخيّل المستقبل


تاريخ ممتدّ ‏من القرن التاسع عشر إلى اليوم يسرده ‏معرض «مرفأ بيروت» داخل مساحات «بيت بيروت» المكان الأكثر ملاءمةً لتيمة المعرض الذي يبدو للوهلة الأولى موجّهاً إلى المتخصّصين والناشطين في مجالات العمارة والتنظيم المدني والتنمية الإقليمية.

موجّه لكل المهتمين ببلدهم

تتضح الصورة أكثر بعد التجوّل في أقسامه والاستماع إلى القيّمة الفنية الباحثة والمعمارية هالة يونس، حول غايات المعرض التي تختصر بكلمات ثلاث هي الحفاظ والترميم والمشاركة. نتأكّد بأنّ المعرض يمكن أن يهمّ سائر المهتمّين بواقع مدينتهم وبلدهم، وتتبدّى بالتالي الفوائد المعرفية التي يوفّرها لزوّاره.

قُسّم المعرض إلى 14 عنواناً: «تاريخ المرفأ»، و«الخط الزمني»، و«طاولة المستندات التاريخية»، و«خريطة تفاعلية»، و«ثلاث رؤى للمدينة»، و«استعادة علاقة بيروت بمرفئها»، و«توصيات نقابة المهندسين»، و«وجهات نظر في المرفأ»، و«البيت الأزرق -المسح المتأني»، و«تكسّرت بيروت المرايا»، و«شهادات»، و«أين كنتم في 4 آب، و«معركة الأهراءات»، و«الشاهد الصامت».

عناوين تحيط بالمرفأ كإنشاء وقضية وطنية وعلاقة تفاعلية وتشابكية مع المدينة، وتكاد تكون إحاطةً شاملة ينقصها ربما جانب تشكيليّ، كإضافة لوحات لفنانين تخفّف قليلاً من الطابع المعماري والتأريخي الطاغي وتبثّ فيه روحاً فنية تكسر جفافه الهندسيّ والتوثيقيّ.

صانع هوية المدينة

‏الشرح الذي وضعته هالة يونس من «مرصد العمارة والمدينة» في «بيت بيروت» مهمّ وجدير بالإضاءة على محتواه. تقول إنّ المعرض «يتناول العلاقة المتشابكة بين بيروت ومرفئها: بعدما نشأت بيروت الحديثة مع تأسيس المرفأ وانتعشت مع ازدهاره، دُمّرت مع تدميره، حتى بات جرحها الأكبر».

مأساة تفجير المرفأ جرح أكبر، بل أعظم وأفدح جروح المدينة، وحوله في المعرض شهادات مصوّرة ضمن شريط فيديو أنجزه الفوتوغراف جيلبير الحاج.

أما الجانب التاريخيّ، فتوجزه يونس بالقول: «منذ القرن التاسع عشر، تزامن نموُ المدينة مع نموّ المرفأ وتقاسما مجالاتها الجغرافية الضيقة. دائماً ما حاصرت المدينة المرفأ، كما عرقل هو بدوره تنظيمها مراراً. من هذا المنظور، يكتسب مشروع إعادة تأهيل المرفأ أبعاداً تتخطى إشكالية تصميم ميناء معاصر، لا بل يعدّ تأهيل المرفأ فرصة فريدة وتاريخية لإعادة صوغ علاقة الميناء بالمدينة واستعادة دورهما المتكامل الذي صنع هوية بيروت، المدينة المتوسطية المفتوحة على البحر».

‏في ظلّ التحوّلات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة أيّ دور مستقبليّ لبيروت ومرفئها؟ توضح يونس: «يستعرض «مرصد العمارة والمدينة» في «بيت بيروت» ثلاث رؤى للمرفأ تعكس ثلاث رؤى للمدينة: من إعادة تشكيل سلسة وإعادة تموضع، إلى سيناريوات طموحة لمدينة في توسع دائم، وصولاً إلى خطة طوارئ تحافظ على الاستمرارية وتعيد المرفأ إلى نمط العمل المعتاد، وهي الرؤية التي تفضّلها السلطات المحلية.

أربعة أسئلة أساسية تبقى مطروحة: أي نوع من الحوكمة؟ ما هو مصدر التمويل؟ ما علاقة المرفأ بالمدينة والحيّز العام؟ وماذا عن جراحنا وذاكرتنا؟».

بين التمسّك بالذاكرة والتوق إلى النسيان

تلفت القيّمة الفنية إلى أنّ المجتمع المدني بقي في الطليعة، كما هي الحال دائماً في بيروت، وقد صاغت نقابة المهندسين «إعلان بيروت العمراني» عام 2021 وتوصيات لإعادة إعمار المرفأ في عام 2023. كما طرحت الأوساط الأكاديمية عدداً من المشاريع والتصوّرات.

‏ولكن ما واقع الحال اليوم؟ بعد مرور خمس سنوات على الانفجار، ورغم الجهود والمبادرات القيّمة التي يوثّقها المعرض، لا تزال أجزاء كبيرة من المرفأ أرضاً مقفرة، مهجورة ومهملة. فالعصف الذي دمّر المدينة وأطاح منشآت المرفأ، كشف أيضاً عن هشاشة حوكمته واعتمادها المميت على النظام السياسي الذي ما يزال يشلّ لبنان، بحسب تعبير يونس التي تضيف: «يعتبر بعضهم أنّ انفجار المرفأ نتيجة محتومة لاهتراء بلد لم يعد في الإمكان إصلاحه (…) لا تزال صدمة الانفجار والهزّات الارتدادية المتتالية تقصي مخيلتنا الجماعية عن المشاركة في تصوّر مستقبل لبيروت، فالهول تركنا في حالة من الشلل، معلّقين في اللحظة، في تكرار المشهد والشجن العميق، غير قادرين على العبور إلى المستقبل. ولعلّ معركة الأهراءات تجسّد هذا الصراع الداخلي بين ذواتنا التي تتمسك بالذاكرة، وتلك التي تتوق إلى النسيان».

تاريخ المرفأ منذ 1830

‏تطالعنا أولاً في المعرض جدارية بيانيّة حول تاريخ مرفأ بيروت بين عامي 1830 و 2020، مقسّمة بالعقود والسنوات، مع نصوص مكبّرة العناوين والحروف بالعربية والإنكليزية تشرح التفاصيل التاريخية لتطوّر المرفأ منذ نشأته، وفوتوغرافيات قديمة جميلة للمرفأ.

هناك جدارية تجهيزية ثانية في مساحة أخرى من «بيت بيروت»، تتضمن المشاريع التي وضعت لتطوير مرفأ بيروت وإعادة بنائه وتوسعته، من قبل «البنك الدولي»، ومن قبل شركات ألمانية عام 2021 ، ومن قبل شركات فرنسية لحساب وزارة الأشغال عام 2024.

ويمكن أن نصف هذه المشاريع المبسوطة أمامنا على الجدار العريض بأنّها تبقى «مشاريع على ورق» لم يتحقق منها شيء حتى الساعة.

وتعيد هالة يونس التأكيد على أنّ إعادة إعمار مرفأ بيروت (وسط المشاريع المطروحة والمختلفة) ليست موضوعاً لوجستياً وتقنياً بل موضوع تنظيم وتخطيط مدني. ولأن المرفأ متشابك مع المدينة، لا يمكن معالجته كجزيرة منعزلة عنها، فالمشكلات التشغيلية الخاصة بالمرفأ تخصّ مشكلات المدينة التشغيلية أيضاً. نمت بيروت مع مرفئها، بل ولدت معه في القرن التاسع عشر. هوية بيروت مرتبطة بمرفئها، وكذلك مصيرها. لحظة تدمير المرفأ كانت لحظة وجودية له وللمدينة معاً.

الترميم: «البيت الأزرق» نموذجاً

‏وعلى أرضية مساحة أخرى من المعرض، مجسّم كبير يمتدّ من بيروت إلى البقاع (استخدم في معارض سابقة) يضيء بالألوان على الحقب التاريخية بتجهيز إلكترونيّ تفاعليّ حديث يقسّم المناطق والطرقات وفقاً لخرائط ولخطوط مضيئة متحركة.

ويخصّص المعرض حيّزاً لموضوع الترميم، في مساحة خاصة، عبر نموذج «البيت الأزرق» في منطقة المدوّر المطلّة على محطة شارل الحلو. تظهر رسوم هندسية جميلة لهذا البيت تعبّر عمّا سمّته المعمارية يونس «المسح المتأنيّ»، فالترميم لا يحصل بإزالة مبنى وإقامة آخر شبيه له مكانه، بل بالنظر الدقيق إلى كل «جرح» في المبنى وكل تفسّخ، بحيث يتمّ العمل بتقنيات عالية جداً يمكن وصفها بـ «المسح الإشعاعي» لكل حجر ساقط أو قطعة خشب ساقطة.

في ركن آخر من المعرض، يبثّ على الجدار شريط فيديو يقدّم «مسحاً» هندسياً للمدينة، نموذجاً رقمياً لبيروت كما يؤمل أن تكون مستقبلاً، أنجزته مديرية الآثار بتمويل من الأونيسكو.

شريط ــ وثيقة يُعرض للمرة الأولى هنا، تكمن أهميته في أنّه يرينا كيف كانت المباني القديمة الجميلة قبل الانفجار بغية إعادة ترميمها كما كانت. يرافق الصور نصّ صوتيّ للأديب الراحل الياس خوري يحكي عن موت المدينة.

ومن أرشيف التلفزيون الفرنسي مشاهد قديمة لمرفأ بيروت تمرّ على شاشتين صغيرتين في ركن من المعرض، وفي ركن آخر شريط الشهادات التي صوّرها وجمعها جيلبير الحاج لمجموعة من أصدقائه الفنانين والمهندسين والمثقفين ليحكوا أمام الكاميرا عمّا يعنيه الانفجار لكلّ منهم. بيروت التي ولدت مع ولادة المرفأ، ماتت مع موته، تقول هالة يونس، على أمل أن تحيا من جديد وتصوغ لنفسها هويةً جديدةً.

طلبات أميركية بإجراءات لوقف تدفّق الأموال إلى حزب الله | الحاكم بإمرة واشنطن: إغلاق «القرض الحسـن» مسألة وقت

على وهج المناخات التصعيدية التي تُشيعها عن نيتها القيام بعمل ما على الجبهة اللبنانية، أعلنت إسرائيل على لسان بنيامين نتنياهو أمس، أنها «عازمة على فرض اتفاقات وقف إطلاق النار حيثما وجدت بيد من حديد، ونعمل ضد من يسعون إلى تدميرنا، ويمكنكم أن تروا ما يحدث يومياً في لبنان»، مضيفاً: «إن الحرب لم تنتهِ بعد، أعداؤنا يُعيدون التسلّح. لم يتخلّوا عن رغبتهم بتدميرنا جميعاً».

ولأن الأمر لا يستوي بالضربات العسكرية، واصلت الولايات المتحدة استراتيجية الضغط المتعدّد الأوجه، لتحقيق الهدف نفسه، القاضي بنزع سلاح حزب الله بالقوة، من خلال إطباق الحصار عليه من جميع الجهات، ولا سيّما المالية منها. وللغاية، جاءت زيارة وفد الخزانة الأميركية إلى بيروت، والتي لا يُمكن فصلها عن جولته في المنطقة، حيث مرّ بتركيا وإسرائيل قبل لبنان، فهي تتصل بالتنسيق الاستخباراتي والتقني لمكافحة طرق حزب الله في إدخال الأموال إلى لبنان، إذ تؤكّد المعلومات أن الأميركيين يواجهون صعوبة كبيرة في مواجهة الآليات، لذا فإن خطتهم في المرحلة الراهنة هي تشديد الرقابة على كل ما يُمكن أن تكون له صلة بتمويل الحزب.

وطالبت أميركا لبنان بـ«بـ«إغلاق قنوات تمويل حزب الله، مهما كان شكلها»، ودعته إلى تشديد تطبيق الإجراءات المالية القانونية التي اتّخذها لإنهاء الاقتصاد النقدي الذي يستخدمه الحزب لتمويل عمله، وعدّ ذلك مهمّة يجب تنفيذها إلى جانب مهمة نزع السلاح التي تراها ذات أولوية، وأن على الدولة اللبنانية تنفيذها التزاماً بتعهّداتها بحصرية السلاح.

وبحسب مصدر رسمي فإن الجانب الأميركي يحمل مجموعة من المُقترحات التي سيطلب إلى الأجهزة الحكومية والأمنية والمالية العمل بها، من أجل ضمان عدم تدفّق الأموال إلى الحزب، لا عن طريق مكاتب تحويل الأموال الشرعية أو غير المُرخّصة، وأن يكون هناك برنامج تدقيق في البيانات يلبّي الحاجة، كذلك التثبّت من عمليات الاستيراد والتصدير والمدفوعات المالية، وذلك على خلفية معلومات سرّبها العدو خلال الأيام العشرة الماضية، عن عمليات مالية كبيرة يقوم بها حزب الله عن طريق مهرّبين أو عن طريق تجّار لديهم وضعية قانونية، أو حتى من خلال شركات تحويل الأموال.

وكشف المصدر أن الملف نفسه كان مَدار بحث بين مسؤولين أميركيين وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد خلال وجوده في واشنطن، وأنه أجاب على أسئلة حول «جمعية القرض الحسن»، قائلاً: «إنها جمعية مُعطّلة قانونياً، وتعمل بصورة غير شرعية، لكنّ توقيفها عن العمل بصورة كاملة، يتطلّب إجراءات من الحكومة، وأعتقد أنها مسألة وقت فقط».

وجاءت المطالب الأميركية خلال زيارة وفد وزارة الخزانة، الذي ترأّسه المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي، الدكتور سيباستيان غوركا، وضمّ وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون هيرلي، والمختصّ في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي رودولف عطالله وآخرين. وقد التقى الوفد مساء الأحد الرئيس جوزيف عون، كما التقى شخصيات رسمية وسياسية من بينها وزيرا العدل عادل نصار والداخلية أحمد الحجار، والنائبان سامي الجميل وفؤاد مخزومي.

وعلمت «الأخبار» أن الوفد الأميركي يضم شخصية كانت تتولّى مهمة تدريب الضباط الوافدين من دول صديقة إلى الولايات المتحدة، وأن الرئيس عون كان مشاركاً في دورة حاضر فيها الضابط المذكور، والذي توجّه إلى عون مُذكِّراً بتاريخ العلاقة بينهما، ولكنه وجّه إليه «لوماً قاسياً، لعدم القيام بما يلزم من أجل نزع سلاح حزب الله، ومنع هذا التنظيم من الاستمرار في العمل في لبنان».

وقالت مصادر مواكِبة للزيارة، إن الوفد «لم يكن يهتم حصراً بمكافحة تبييض الأموال والاقتصاد القائم على النقد، وإغلاق القرض الحسن وكل ما يتعلق بحزب الله»، بل إنه «يرصد أيضاً كل ما له علاقة بالفساد، حتى إن معلومات تؤشّر إلى أنه وضع لائحة من الأسماء التي يُمكن أن تُفرض عليها عقوبات ولا علاقة لها بالحزب وإنما بالنظام السياسي اللبناني».

من جانبه، كرّر الرئيس عون، أن «المسار التفاوضي مع إسرائيل هو السبيل الوحيد لتحقيق مصلحة البلاد العليا»، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البلغاري رومن راديف: «إن الجيش أمامه مهمة مصيرية في بسط سيطرته على كامل أراضي البلاد»، بينما كان العدو يوسّع من رقعة اعتداءاته، حيث شنّت مقاتلاته سلسلة غارات على مناطق في الجنوب والبقاع، بالتزامن مع تحليق كثيف للطائرات المُسيَّرة فوق الجنوب والبقاع وبيروت.

وفي السياق، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين أنّ إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في تنفيذ خطة نزع سلاح «حزب الله». ووفق المصادر، طالبت إسرائيل خلال اجتماعات «الميكانيزم»، في تشرين الأول الماضي بأن يشمل دور الجيش تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة، إلا أنّ مندوب الجيش اللبناني رفض الأمر بشكل قاطع، محذّراً من أنّ تنفيذ مداهمات داخل القرى الجنوبية سيولّد توتّراً داخلياً ويمسّ بالاستراتيجية الدفاعية. وأضاف أن هذا الطلب طُرح في الأسابيع القليلة الماضية، ورفضته قيادة الجيش اللبناني خشية أن يؤدّي إلى إشعال فتيل نزاعات أهلية وعرقلة استراتيجية نزع السلاح التي يرى الجيش أنها استراتيجية تتوخّى الحذر لكنها فعّالة.

أبو الفضل كركي يروي قصة «فاتح الاسـتشهاديين»

صباح الحادي عشر من تشرين الثاني عام 1982، دوّى انفجار هائل في مدينة صور، معلناً ولادة مرحلة جديدة في تاريخ لبنان والمنطقة. كان ذلك اليوم إيذاناً ببداية عهد المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وبداية تحوّل نوعي في أدوات المواجهة ومعانيها. العملية التي نفّذها الشاب الاستشهادي أحمد قصير، ابن بلدة دير قانون النهر، لم تكن مجرّد حدث أمني أو عسكري، بل شكلت زلزالاً استراتيجياً هزّ كيان الاحتلال وأعاد رسم معادلات القوة في الجنوب. استهدفت العملية مقرّ الحاكم العسكري الإسرائيلي الذي كان يضمّ ضباطاً من الجيش والمخابرات الإسرائيلية، وأسفرت عن مقتل عشرات الجنود والضباط وتدمير المبنى بالكامل.

لكن، قبل ذلك الصباح، كان الشهيد أبو الفضل كركي، وعلى مدى أسابيع، منهمكاً في التحضير لهذا الحدث المفصلي مع الشهيد عماد مغنية وآخرين توزعوا بين بيروت والجنوب.

يروي كركي، في مذكراته، تفاصيل عملية التفجير ومراحل تحضيرها، فيقول إنه «في عام 1982، عندما أخبرني (الشهيد) الحاج عماد (مغنية) عن فكرة (الاستشهادي) أحمد (قصير)، وطلب مني أن أذهب إلى بلدة دير قانون النهر للقائه، كان الشهيد عبد المنعم قصير والشهيد رضا حريري الواسطة في هذا الموضوع».

اللقاء الأول

فيما كان العدو الإسرائيلي لا يزال في منطقة خلدة، توجه أبو الفضل كركي إلى بلدة دير قانون النهر للتعرف إلى قصير، واستطلاع المكان ومتابعة تجهيز السيارة حتى اللحظة الأخيرة قبل التنفيذ. وعن لقائه بالشهيد قصير، يقول «كان أحمد شابّاً في التاسعة عشرة من عمره، تعطيه بنيته الجسدية عمراً أكبر من ذلك… سألته على ماذا اتفق مع عبد المنعم، فأخبرني عن فكرته بتفجير بناية «عزمي» التي اتخذها الصهاينة مركزاً لقيادة الحاكم العسكري في صور»، والتي «كنا بالفعل قد وضعناها ضمن بنك أهدافنا. وفي بيروت أيضاً كان الشهيد عبد المنعم والشهيد رضا وغيرهما قد تحدّثوا عنها مع الحاج عماد».

بعد عدة أيام، طلب أبو الفضل من قصير إبلاغ أهله بأنه سيذهب إلى بيروت لينجز عملاً، «وغادرنا معه إلى بلدة طيردبا حيث منزل أهل الشهيد عماد، على اعتبار أنه غير مسكون، ولكن كنا نحن والحاج عماد عندما نأتي إلى البيت، نغلق الستائر بـ«الحرامات» وكنا نضيء شمعة لنستطيع الرؤية في البيت». هناك «بقي أحمد في المنزل حوالى 20 يوماً، وجهّزنا سيارة «البيجو» وأمّنّا المتفجرات كمية تلو الأخرى. كان أقصى ما يمكن أن تحمله السيارة من 200 إلى 300 كيلوغرام، وضعنا عبوات من الغاز ومواد مشتعلة وغالونات من البنزين نحن والحاج عماد، وأضفنا كمية كبيرة من الفلّين المذاب إلى غالونات البنزين لنزيد من قوة الاشتعال، فلا تنطفئ النار بسهولة».

كان مع الشهيد أحمد في المقعد الخلفي من السيارة، عدة غالونات من البنزين وقد ناءت السيارة بحملها، حتى صارت تلامس الأرض. ورغم أن كمية المتفجرات لم تكن كبيرة بسبب محدودية المواد الممكن للسيارة أن تتحملها، إلا أن ما ساعد في قوة الانفجار أن السيارة كانت محصورة داخل البناء، لذلك سقط المبنى رويداً رويداً، بحسب الشهيد أبو الفضل، الذي قال «فقط الله سبحانه وتعالى يعلم أين وقف وفجّر الشهيد أحمد السيارة حتى نزل البناء بهذا الشكل».

عطل مفاجئ يوم التنفيذ

ويسرد الشهيد أبو الفضل تفاصيل يوم العملية، فيقول إنه في يوم 11/11/1982، توجّه صباحاً برفقة الشهيد مغنية الذي كان قد حضر في سيارة «البيجو» المعدّة للعملية، و«كان الشهيد قصير معي في سيارة «الفولفو» على بعد مئة متر». ويضيف أن مغنية «قال لي إن الفرامل في السيارة لا تعمل، ولكن كان رأيه أن لا نؤجل العملية، واتفقنا أن يوازن السيارة من خلال مسكة الفيتيس»، في الطريق بين بلدتَي معروب ودير قانون يوجد منحدر قوي. في معروب يوجد موقع إسرائيلي خالٍ لا بد لنا من أن نمرّ أمامه.

هذا الموقع كان في آخر معروب، وإلى يمين الموقع توجد تعاونية اسمها «النخيل»، وإلى يساره ملعب كرة قدم، كان جنود العدو الإسرائيلي قبل ذلك دائمي التواجد فيه، وكان المقاومون يستهدفونه بسلاح (B7) بشكل متواصل، إذ كانوا يحضرون من كل القرى المحيطة لاستهدافه وكأنهم يتدرّبون بضربهم لهذا الموقع، حتى اضطر العدو إلى إخلائه».

في يوم العملية، «مررنا أمام هذا الموقع، ونزلنا من دير قانون، وصار الحاج عماد كلما ضغطت السيارة لتنزل أسرع يقرّب سيارته حتى تلامس سيارتي ليخفف من سرعتها، لثقل الوزن الموجود فيها، وكان خوفنا من أن ينكسر الـ«الفيتاس». لم نخشَ أن تنفجر السيارة لأنها لم تكن معدّة للانفجار حتى لو دُقت بالمهدّة».

الوداع الأخير… والانفجار الكبير

ويضيف: «وصلنا أخيراً إلى الطريق العام فاستلم الشهيد أحمد السيارة وودّعناه هناك. كان الوداع لطيفاً جداً، كانت روحية أحمد عالية، يقين وثبات، ابتسامة وهدوء. في تلك اللحظة حدّثتني نفسي أن ما أشعر به من رهبة هو من هيبة الموت، هيبة الانتقال. كان يرافق ذلك بابتسامة، ولكن ليس ابتسامة أحد يلاطف أحداً آخر. لا، كانت بسمة مختزنة في الأعماق وفيها غبطة. كان أحمد كذلك فعلاً. هدوء، هدوء، هدوء، ويقين… ثم رفع صوته وقال: هيا، انصرفوا».

بعد دوي الانفجار الكبير «لم نكن قد صلّينا أنا والشهيد عماد صلاة الصبح بعد، ولكن الشهيد أحمد صلّاها قبل الشروق، وقبل الانطلاق، لقد كان لديه متّسع من الوقت في المكان الذي كان ينتظرني فيه». وأضاف «ودّعناه بعيداً على طريق البساتين، ثم وصلنا إلى الطريق العام وافترقنا هناك. انطلق هو إلى أداء المهمة وعُدنا نحن من الطريق نفسه، وقفنا أبعد ما يمكن حيث مفترق الطريق المؤدّي إلى بلدة العباسية حالياً.

كانت المنطقة كلها بساتين وليس فيها أبنية كما اليوم، كنا على بعد حوالى كيلومتر واحد أو أكثر، اقترحت على الحاج عماد أن نقف لنصلي قبل أن تشرق الشمس، لكنه قال لي من غير المعقول أن نخاطر وننزل، وقد نقع في قبضة الإسرائيلي الذي سيسأل لماذا نصلّي في الطريق، خاصة أن وقت الانفجار حصل بعد دقيقتين أو ثلاث كحد أقصى، فاقترح أن نصلّي في السيارة. وبالفعل توليت أنا القيادة وصلّى الحاج وقد أدار وجهه إلى القبلة وصلى إيماءً، ثم قاد هو السيارة بينما صلّيت مثله. بعدما تجاوزنا الحاجز الإسرائيلي في معروب، وقفنا ونظرنا إلى الخلف حيث وصلنا إلى صريفا وكان خيط الانفجار لا يزال بادياً».

بعد العملية، بقيت مروحيات العدو تنقل القتلى والجرحى على مدى يومين، فالانفجار كان ضخماً جداً. وما زاد في أعداد القتلى والمصابين الصهاينة، أنّ الطقس لم يكن بارداً قبل تلك الليلة، ولكن خلال الليل اشتد البرد كثيراً، ونزل الشتاء بغزارة، فلجأ الجنود الصهاينة الذين كانوا منتشرين في الخيم شرقي طريق الزفت، شرقي بناية «عزمي» المستهدفة، وعندما اشتد المطر تجمّعوا كلهم في مكان واحد… في أحد ملاجئ بناية المركز. ولهذا الملجأ قصته.

يقول الشهيد أبو الفضل إن هذا الملجأ كان عبارة عن سجن أودع الصهاينة داخله عشرات المعتقلين من اللبنانيين والفلسطينيين، ولكن عندما اشتد البرد في تلك الليلة، أخلى الجنود الملجأ من المعتقلين، ووضعوهم في الطابق السابع الشديد البرودة، واحتلوا مكانهم، معتقدين أن الملجأ سيكون أكثر دفئاً! لكن عندما حصل الانفجار، يقول الشهيد أبو الفضل إن «الطابق السابع نزل رويداً رويداً إلى الأرض: تك تك تك، هكذا كان صوت البناء وهو ينزل». واستشهد اثنان من الأسرى، وكسر ثلاثة منهم أيديهم وأرجلهم.

من خلدة إلى خلّة وردة: سيرة مقاوم أرهـق العدو

منذ انطلاق العمل المقاوم في جنوب لبنان، شارك الحاج أبو الفضل كركي في مسار طويل من المواجهات ضد قوات الاحتلال، لعب خلاله أدواراً أساسية في التخطيط والتنفيذ والتنظيم، إلى أن ارتقى شهيداً على طريق القدس، إلى جانب الأمين العام الشهيد السيّد حسن نصر الله، في الضاحية الجنوبية لبيروت، في 27 أيلول 2024.

بدأ مسيرته أواخر سبعينيات القرن الماضي ضمن النشاط الإسلامي، بداية مع حركة أمل، ثم مع «حزب الدعوة» و«اتحاد الطلبة»، إلى جانب عدد من المجاهدين الأوائل. عام 1978، تعرّف إلى الشهيد الحاج عماد مغنية (الحاج رضوان)، ليبدأ معه العمل العسكري إلى جانب الشهيدين محسن شكر ومصطفى بدر الدين (ذوالفقار).

مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، شارك أبو الفضل في أولى العمليات في خلدة، حيث أُصيب برفقة الشيخ جمال كنعان والشهيد ذو الفقار بدر الدين، ونُقل إلى الخارج لتلقي العلاج.

قيادة الجنوب وعمليات استشهادية

أواخر عام 1982، بعد عودته من العلاج، تولّى قيادة العمل العسكري في الجنوب، وشارك في التخطيط لعمليات استشهادية عدة، أبرزها عملية الشهيد أحمد قصير التي استهدفت مبنى «عزمي» في صور، حيث رافق التحضيرات عن قرب حتى لحظة التنفيذ. كما واكب عملية «مدرسة الشجرة» وشارك في تأمين الدعم والتخطيط مع الشهيدين رضا حريري وبدوي، كما خطّط لعملية الشهيد عامر كلاكش على بوابة المطلة.
عام 1983، بدأ بتطوير الوحدة العسكرية في الجنوب، فأنشأ تشكيلات ميدانية وفقاً لاختصاصات دقيقة، واستقطب كادرات من البقاع وبيروت لتعزيز الجبهات. بعد انسحاب العدو من بعض المناطق عام 1985، شارك مع الشهيد السيد عباس الموسوي في تنظيم المحاور (الإقليم، النبطية، بنت جبيل، صدّيقين) والقطاعات الخلفية. قاد عمليات نوعية على مواقع الاحتلال مثل سجد، برعشيت، الحقبان، وبئر كلّاب، إضافة إلى الرد على الاعتداءات بقصف المستوطنات.

في إيران وعلى جبهات الجنوب

سافر إلى إيران عام 1986، حيث شارك في جبهات الحرب وتلقّى تدريبات عسكرية وبحرية، ودرس في الحوزة العلمية. بعد عودته عام 1988، تسلّم قيادة الوحدة العسكرية وخطّط لعمليات استشهادية في كفركلا والخردلي، بالتنسيق مع السيدين عباس الموسوي وحسن نصر الله، وأشرف على العمل خلف الشريط المحتل في البقاع الغربي ومنطقة مرجعيون.

بعد استشهاد السيد الموسوي عام 1992، تولّى القيادة العسكرية المركزية وعمل على تطوير الوحدات الجوية والبحرية. عام 1993، قاد عمليات الرد على عدوان «عين كوكب» وهجوم «ثكنة العيشية» وشارك ميدانياً في عملية «الدبشة» في حرب الأيام السبعة. عاد إلى إيران حتى عام 1996، ثم شارك مباشرةً في إدارة حرب «عناقيد الغضب» ميدانياً. بعدها، تولّى مسؤولية القوة الجوية حتى عام 1999.

عام 1999، تسلّم مؤسسة الجرحى وأشرف على تأهيل المصابين ودمجهم في صفوف المقاومة. بعد تحرير الجنوب عام 2000، عُيّن معاوناً لـ«الحاج رضوان» في الجنوب، واضطلع بمهمة الإشراف على الجهوزية والتخطيط حتى عام 2006، حيث قاد حرب «الوعد الصادق» عقب عملية الأسر في «خلة وردة» في عيتا الشعب. وبعد الانتصار، أنشأ «مقر سيد الشهداء» لإدارة العمليات في الجنوب، واستمر بقيادته حتى استشهاده.

من القلمون إلى غزة

كان الحاج أبو الفضل أحد أبرز القادة الميدانيين الذين لعبوا دوراً محورياً في المواجهات خارج لبنان، متنقّلاً بين سوريا، العراق، اليمن، وفلسطين، ومؤدّياً أدواراً قتالية واستشارية وتنظيمية في إدارة المعارك، وتشكيل الوحدات، ونقل الخبرات.
منذ عام 2011، استجاب لطلب قيادة المقاومة بإرسال كوادر إلى سوريا للمشاركة في التصدي للجماعات التكفيرية، إلى جانب بدر الدين والجنرال قاسم سليماني. وأرسل تشكيلات من «مقر سيد الشهداء» إلى جرود القلمون والمحاور الشرقية، وصولاً إلى تحرير الجرود في ما عرف بـ«التحرير الثاني».

عام 2015، كلّفه السيدنصر الله بتشكيل قوة خاصة باسم «قوة الغدير» للمشاركة في معركة تحرير كفريا والفوعة، وانتقل بنفسه إلى حلب حيث أدار المعارك ميدانياً لستة أشهر، وتعرّض خلالها للحصار مرات عدة، وظل يتابع تلك القوة حتى استشهاده. كما أرسل سرايا دعم إلى مناطق السيدة زينب والسيدة رقية، وشارك في معارك تدمر، وفكّ الحصار عن دير الزور والبوكمال.

بعد «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأول 2023، تولّى إدارة عمليات الإسناد الميدانية على الجبهة، ليُكلّف لاحقاً بقيادة «مقر خاتم الأنبياء» في المجلس الجهادي، بقرار من السيد نصر الله، خلفاً للسيد محسن شكر الذي استُشهد في 25 آب 2023.

عام 2014، ومع سقوط المدن العراقية بيد «داعش»، زار سليماني لبنان طالباً إرسال كوادر إلى العراق. وفي الليلة نفسها، أرسل أبو الفضل عشرين مقاتلاً من تشكيلات «مقر سيد الشهداء»، أبرزهم الشهيد أبو محمد سلمان، أحد قادة التصدي في عيتا الشعب عام 2006، والذي استُشهد في العراق إلى جانب الحاج أبو نعمة وآخرين.

وبتكليف من السيد نصر الله أيضاً، أرسل كوادر إلى اليمن وأسهم في نقل تجربة المقاومة إلى مختلف الفصائل الجهادية في المنطقة، خصوصاً الجهات الفلسطينية. مثّل القيادة في لقاءات مع القيادات العسكرية اليمنية، وكان السفير الخاص للمقاومة في توطيد التعاون مع محور صنعاء.

ومنذ انطلاقته، أولى الشهيد أبو الفضل الملف الفلسطيني أهمية خاصة، فأسّس معاهد دراسية وتدريبية لتأهيل كوادر فلسطينية، وقدّم دعماً مباشراً للفصائل الفلسطينية، وأسهم في نقل التجربة القتالية والتنظيمية إليها.
وفي فترات سابقة، أوفد كوادر إلى البوسنة والهرسك وأفغانستان، لدعم حركات المقاومة في تلك البلدان.


البناء:

الشرع في البيت الأبيض من باب جانبي ودون علم سوري وإعلام وجلسة رئاسية

تعليق العقوبات بدل إلغائها ولا اتفاق سورياً إسرئيلياً جاهزاً وقلق من تفكك سورية

مبعوث رئاسي اميركي يزور لبنان لطلب إيقاف أموال المغتربين والقرض الحسن

تحدثت الصورة بما هو أشد بلاغة من البيانات التي كانت مهمتها محصورة بتخفيف الأضرار، لكن الضرر وقع وكان مدوياً، حيث ظهر أن كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو ومبعوثه توماس برّاك عن سورية ورئيس انتقالي شرعي يحكمها، ليس إلا آراء شخصية لا تستطيع التحول إلى موقف رسمي أميركي، حيث لم تفلح كل محاولات تنظيم استقبال رئاسي للرئيس الانتقالي الوسيم والصلب، كما يصفه الرئيس ترامب، وتم إدخال الرئيس الانتقالي أحمد الشرع من باب جانبي وتنظيم جلوسه كوفد زائر لا كما يتم استقبال وجلوس الرؤساء، إلى جانب الرئيس وبينهما الأعلام، فغاب العلم السوري، وجلس الشرع على كرسي ضمن صف من الكراسي أمام مكتب الرئيس ترامب الذي جلس وراء مكتبه وحيداً ومن خلفه العلم الأميركي وحيداً أيضاً، وغابت وسائل الإعلام التي تحضر مثل هذه اللقاءات وتنقل الحوارات بعد اللقاء وأحياناً خلاله، فلم يحظ الشرع باستقبال حصل عليه الرئيس الأوكراني المغضوب عليه فلاديمير زيلينسكي الذي طرد من البيت الأبيض لكنه جلس بجوار الرئيس ترامب و بينهما علم أميركا وعلم أوكرانيا وتحدّثا معاً أمام الصحافيين.
في المضمون كان إعلان تعليق العقوبات لستة شهور بدلاً من إلغائها كافياً لتأكيد ما قالته الصورة، وهو أن في أميركا قوة كبح قوية للاندفاع بسرعة في اعتبار سورية الجديدة حليفاً موثوقاً، باعتبارها ساحة اختبار لإمكانية الوثوق بالتحول المفترض لتنظيم من رحم القاعدة إلى قوة يمكن الوثوق بها، وحيث ترسيم أدوار الحلفاء مثل «إسرائيل» وتركيا يمثل معضلة يصعب حلها، ويقف على خطوط التماس فيها مصير الاتفاق السوري الإسرائيلي الذي يؤدي إلى تحجيم النفوذ التركي، وواشنطن تائهة بين الحليفين، عاجزة عن الحسم، ومع تراجع قوة ومكانة «إسرائيل» باتت تركيا حاجة ماسة لضمان التهدئة سواء في غزة أو في سورية.
المحللون الأميركيون يقولون ما لا يجرؤ كثير من محللي القنوات العربية التحدث عنه، فمع الأقتراب من مرور سنة على تسلم الحكم في سورية لا يبدو أن الحكم الجديد قادر على ضمان وحدة سورية وحفظ الاستقرار فيها، ولذلك يحافظ البنتاغون على موازنة قسد بـ 136 مليون دولار لعام 2026، والحديث عن تفكك سورية ومخاطر ذهابها إلى الحرب الأهلية وتقاتل الجماعات المسلحة تحضر في نقاشات وورش عمل مراكز الدراسات الأميركية.
في لبنان مبعوث رئاسي أميركي بقبعة وزارة الخزانة هو وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي الذي دعا إلى «إنهاء نفوذ إيران الخبيث» عبر حزب الله، مؤكداً أن بلاده «جادة للغاية» في قطع مصادر تمويل الحزب من داعمته طهران، كاشفاً عن الانزعاج الأميركي من الاقتصاد النقدي الذي يمثل تحويلات المغتربين داعياً إلى إيقافها، ومطالباً بإقفال مؤسسة القرض الحسن التي مثلت المؤسسة المصرفية الوحيدة التي حفظت أموال المودعين فيها، وبينما سمع من المسؤولين أن لبنان يطبق معايير اتفاقية مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال فوجئ أن لبنان قد وقع هذه الاتفاقية منذ عشرين سنة، كما فوجئ بأن إنهاء الاقتصاد النقدي يتوقف على إصلاح القطاع المصرفي وإعادة أموال المودعين التي طارت في المصارف ومصرف لبنان بينما حفظت في القرض الحسن.

وفيما استمرّ الاحتلال الإسرائيلي باعتداءاته ضارباً بعرض الحائط كل القرارات والاتفاقات لوقف الأعمال العدائية تحت مرأى ومسمع الأميركيين ولجنة «الميكانيزم» ومن دون أن تحرك الحكومة اللبنانية ساكناً، صعّد وفد وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض لهجته أمام المسؤولين اللبنانيين الذين أجرى معهم جولات نقاش موسّعة شملت شريحة واسعة من الرؤساء والوزراء والنواب.
ووضعت مصادر في فريق المقاومة زيارة الوفد الأميركي الكبير المالي والاستخباري في إطار تشديد الضغط الدبلوماسي والمالي على لبنان بحجة مكافحة تبييض الأموال والإرهاب ومنع وصول الأموال لحزب الله، موضحة لـ«البناء» أنّ الأميركيين يتبعون سياسة الضغوط القصوى على كافة المستويات الدبلوماسية والأمنية والعسكرية والمالية والاقتصادية لاستكمال الحرب على حزب الله ولبنان لإضعافهما لفرض التفاوض المباشر على الدولة اللبنانية والشروط السياسية والأمنية والاقتصادية. وأكدت المصادر أنّ الزيارات المتتالية للوفود الأميركية الدبلوماسية والمالية تؤكد حجم التدخل الأميركي الفاضح في الشؤون اللبنانية الداخلية وانتهاك السيادة وفرض الإملاءات، ما يضع الحكومة اللبنانية في دائرة الخضوع للقرارات الخارجية لا لأصوات مواطنيها وشعبها ومصالحهم. وشدّدت المصادر على أن المقاومة لن تسلم لإرادة القوة الأميركية ـ الإسرائيلية ولن ترضخ للشروط الخارجية مهما بلغت الضغوط والتضحيات. وتساءلت المصادر ألم تدعم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون والعرب تنظيمات إرهابية على رأسها داعش وجبهة النصرة وهيئة تحرير الشام؟
وأشارت معلومات صحافية إلى أنّ لقاء وفد الخزانة الأميركية مع رئيس الحكومة نواف سلام تناول الشق التنفيذي لإجراءات ضبط تبييض وتهريب الأموال ووضع حدّ نهائيّ للعمليات المالية غير الشرعية. وأفادت بأنّ وفد الخزانة الأميركية التقى عدداً من النواب في بيروت، وشدّد على نزع سلاح حزب الله أكثر من الإصلاحات الماليّة. وقالت المعطيات إنّ «الوفد الأميركي غير راضٍ عن تعامل لبنان مع القرض الحسن التابع لحزب الله»، وقال إنّ «لبنان سيُترك لمصيره إذا لم ينزع السلاح ولم يقرّ إصلاحات مالية».
وتوقعت أوساط نيابية سلسلة إجراءات مالية واقتصادية للحكومة اللبنانية ولمصرف لبنان ووزارة المالية تنفيذاً للمطالب الأميركية التي نقلها الوفد الأميركي، مرجّحة عبر «البناء» تشديد الأميركيين إجراءاتهم المالية والسياسية ضد لبنان من ضمنها فرض عقوبات مالية على مسؤولين سياسيين لبنانيين مقربين من الثنائي الوطني حركة أمل وحزب الله. مضيفة أن واشنطن لا يهمها إنجاز الإصلاحات الاقتصادية واستعادة النهوض الاقتصادي في لبنان بل الالتزام بما يخدم مصلحة «إسرائيل» ولو كان ضد المصلحة اللبنانية. معتبرة أن هذه الحرب الاقتصادية والمالية والسياسية ستكون البديل عن الحرب العسكرية الإسرائيلية الشاملة على لبنان في المدى المنظور.
وواصل الوفد الأميركي من وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض برئاسة سيباستيان غوركا، جولته التي بدأت من قصر بعبدا، وزار السراي حيث استقبله رئيس الحكومة نواف سلام الذي أكد خلال اللقاء التزام الحكومة باستكمال مسيرة الإصلاح، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وترسيخ سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية. وجرى استعراض التقدّم المحقّق في ضبط الحدود وتنظيم حركة الأشخاص والبضائع. كما تناول البحث الجهود الحكومية في مكافحة تبييض الأموال، من خلال تعزيز الشفافية وتطبيق القوانين الرقابية في القطاع المالي بهدف إعادة الثقة والالتزام بالمعايير الدولية. وتمّت مناقشة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب ومختلف المناطق دعماً للاستقرار وترسيخاً لسلطة الدولة، بالإضافة إلى تعزيز سلطة الدولة في الموانئ البحرية والجوية.
ودعا وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي اللبنانيين إلى «إنهاء نفوذ إيران الخبيث» عبر حزب الله، مؤكداً أن بلاده «جادة للغاية» في قطع مصادر تمويل الحزب من داعمته طهران. وفي مقابلة مع ثلاث وسائل إعلام بينها وكالة «فرانس برس» في مقر السفارة الأميركية، أوضح هيرلي بعيد لقائه مسؤولين لبنانيين «نعتقد أن مفتاح استعادة الشعب اللبناني لبلده يكمن في إنهاء النفوذ الإيراني الخبيث من خلال حزب الله».
وأضاف «كنا صريحين للغاية مع الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام وكبار المسؤولين الآخرين لناحية أن ثمة فرصة سانحة الآن، وخصوصاً في الفترة الممتدة حتى الانتخابات» النيابية المزمع إجراؤها العام المقبل. وأكد أن الإدارة الأميركية الحالية «جادة للغاية في قطع تمويل إيران» لحزب الله.
ورداً على سؤال عن سبل نقل الأموال الى حزب الله، أجاب «اعتقد أن الكثير منها يتم نقداً والكثير عبر الذهب، وبعضها عبر عملات مشفرة»، مشيراً الى محادثات أجراها الوفد في الإمارات وتركيا، قبل وصوله الى بيروت.
وليس بعيداً، أفادت «رويترز» نقلاً عن مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين، أنّ «»إسرائيل» تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله». وأضاف المسؤولون: «»إسرائيل» تضغط على الجيش اللبناني لتفتيش منازل في جنوب لبنان بحثاً عن الأسلحة»، لافتين إلى أنّ «الطلب الإسرائيلي قوبل بالرفض من قيادة الجيش اللبناني تفادياً لإشعال نزاع داخلي وتقويض الاستراتيجية الدفاعية». كما نقلت «رويترز» عنهم قولهم إنّ «خطة الجيش لا تشمل تفتيش الممتلكات الخاصة، و»إسرائيل» طالبت بتنفيذ مداهمات للمنازل خلال اجتماعات آلية الميكانيزم في تشرين الأول الماضي». ولاحقاً، نُقل عن مسؤول إسرائيلي قوله إذا نزع الجيش اللبناني سلاح حزب الله فسننسحب تدريجياً».
وعلمت «البناء» أن الاتصالات مستمرة على مستوى الرئاسات الثلاث للتوصل الى صيغة توافقية حول إطلاق التفاوض مع «إسرائيل»، حيث يتفق الرؤساء على البدء بالتفاوض لكن مفاوضات غير مباشرة وعبر لجنة «الميكانيزم» أي لا ضرورة لتشكيل لجنة جديدة، كما يرفض لبنان وفق المعلومات رفع مستوى التفاوض من تقني الى سياسي، كما والتفاوض تحت نار الاعتداءات الإسرائيلية، لذلك أبلغ رئيس الجمهورية الأميركيين ضرورة وقف الاعتداءات قبل أي تفاوض.
ويجري رئيس الجمهورية وفق معلومات «البناء» مشاورات لاختيار اسم أو اسمين للمشاركة في لجنة الميكانيزم، وعقد لقاءات مع عددٍ من الخبراء في ترسيم الحدود البرية والسياسات الدولية، وورد منهم الدكتور بول سالم لكن لم يحسم الأمر حتى الآن.
وأوضحت أوساط سياسية في المقاومة لـ«البناء» أنه إلى جانب اعتراض حزب الله على مبدأ التفاوض لأنه لم يقدّم تجربة جدية ومنتجة لا سيما بعد انقلاب الاحتلال على اتفاق 27 تشرين الثاني بتغطية أميركية، وكذلك الاعتراض على شكل التفاوض، فإنّ بيت القصيد بهدف التفاوض وجدول أعماله والضمانة بأن يلتزم العدو بجدول الأعمال وبتنفيذ أي اتفاق إن حصل بين لبنان والاحتلال. مشدّدة على أن أي شروط خارجية على لبنان من قبيل نزع السلاح والسلام والتطبيع فسيُدفن التفاوض قبل ولادته.
وفي سياق ذلك، أكد عضو المجلس السياسي في «حزب الله» محمود قماطي أنّ «من حقنا الوطني واللبناني أن نرفض أن يقول الأميركي للحكومة اللبنانية افعلوا كذا وكذا خدمةً للإسرائيلي، هذا أقل حقوقنا». وأشار من جبيل إلى أن «عندما نقول لن نسلم السلاح، فإنّ هذه العبارة بالأعراف السياسية والوطنية هي أقل عبارة يمكن قولها أمام هذا التهديد الوجودي لكلّ لبنان. ماذا يُطلب منا أن نقول لقوى تعتدي علينا يومياً؟ أن نقول سنسلم السلاح؟ أو أن ندعو جميع الفصائل اللبنانية التي تحمل السلاح وتجمعه في المخازن إلى أن نتوحد، وتصبح هذه القوى هي الاستراتيجية الدفاعية للبنان ورفع سقف الشروط اللبنانية؟».
وواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية في خرق متواصل لاتفاق وقف إطلاق النار وانتهاك صارخ للسيادة اللبنانية. واستشهد مواطن لبناني نتيجة غارة نفذتها طائرة مسيّرة «إسرائيلية» استهدفت سيارته على أوتوستراد البيسارية في قضاء صيدا، جنوبي لبنان، وفق ما أعلنت وزارة الصحة. وشنَّ الطيران الحربي الصهيوني غارات على منطقة المحمودية جنوبي لبنان، وغارتين على السلسلة الشرقية، إحداهما على أطراف النبي شيت، والثانية على محلة الشعرة بالقرب من جنتا.
هذا واندلعت حرائق في جرود النبي شيت في السلسلة الشرقية نتيجة الغارات الصهيونية على المنطقة. كما أغار الطيران الحربي الصهيوني على منطقة الجرمق جنوبي لبنان.
كذلك شنَّ طيران العدو المُسيّر غارة على سيارة في مدينة الهرمل بالبقاع الشمالي.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة أن «غارات العدو الإسرائيلي بعد ظهر اليوم على بلدة جنتا في البقاع أدت إلى إصابة ثلاثة مواطنين بجروح».
وسط هذه الأجواء، عقدت محادثات بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والرئيس البلغاري رومين راديف في قصر الرئاسة البلغارية، تلتها محادثات موسعة بين الجانبين اللبناني والبلغاري. وأشار الرئيس عون، في مؤتمر مشترك مع راديف، إلى أنّ «مهمّة جيشنا مصيرية في هذه الظروف لأن عليه وحده من دون شريك لا من خارج الدولة ولا من خارج لبنان أن يبسط سلطة دولتنا على كامل أراضيها وحدودها، وأن يفرض سيادتها الكاملة، بحيث تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على أرضنا، وتنسحب «إسرائيل» من النقاط التي تحتلها داخل لبنان». وأضاف الرئيس عون «هذا ما يجب أن يترافق مع مسارٍ تفاوضي، نعتبره السبيل الوحيد لتحقيقِ أهدافِنا الوطنية ومصلحةِ لبنانَ العليا. تماماً كما سبق للبنان أن أقدم وفاوض أكثر من 10 مرات، وبإجماعِ قواه السياسية الحالية كافة بلا استثناء، كان آخرها بين العامين 2020 و2022، لإنجازِ الترسيم البحري بين لبنان و»إسرائيل». وفي تشرين الثاني الماضي بالذات، من أجل وقف الاعتداءات وحصرِ كل السلاح بيد الدولة اللبنانية».
وأشار دبلوماسي عربي لـ«البناء» الى أن لا مبادرة مصرية متكاملة، بل مجرد أفكار أو مقترحات لجس نبض الجانبين الإسرائيلي واللبناني حيال تبادل خطوات لإبداء حسن نية قبل إطلاق مفاوضات للتوصل إلى اتفاق بينهما تلعب مصر دور الوسيط في المفاوضات. وطلب الموفد المصري وفق معلومات «البناء» أن يتعهد حزب الله بعدم شن أعمال عسكرية ضد «إسرائيل» مقابل أن توقف «إسرائيل» إطلاق النار مهلة شهر. وفي حين أعلن حزب الله في بيانه الأخير التزامه باتفاق 27 تشرين الذي يؤكد على وقف الأعمال العدائية، رفضت «إسرائيل» وقف إطلاق النار والانسحاب من الجنوب قبل نزع سلاح حزب الله.
على صعيد آخر، أطلق سراح هانيبال معمر القذافي من سجن قوى الأمن الداخلي مساء أمس، حيث قضى عشر سنوات موقوفاً بتهمة كتم معلومات في قضية خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه.
وجاء إخلاء سبيل القذافي بعدما سدّد وكلاء الدفاع عنه الكفالة المالية البالغة 893 ألف دولار أميركي، وتوجهوا إلى المديرية العامة للأمن العام لتسوية وضعه القانوني، إسوة بكل الأجانب الموقوفين. وبعدها، تم تسليم قرار إخلاء سبيله لآمر السجن وأطلق سراحه.
على صعيد قضائي آخر، أرجأ القضاء البلغاري النظر في تسليم لبنان مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت عام 2020 المواطن الروسي القبرصي إيغور غريتشوشكين، طالباً من السلطات اللبنانية أن تؤكد أنها لن تطبق عقوبة الإعدام، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضحت ناطقة باسم محكمة صوفيا، بحسب الوكالة، أن القضاة البلغار اتخذوا هذا القرار خلال جلسة عُقِدَت الاثنين لاعتبارهم أن تصريحات السلطات اللبنانية في هذا الشأن مبهمة جداً.
إلى ذلك علمت «البناء» أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يعتزم الدعوة إلى جلسة تشريعية الأسبوع المقبل لاستكمال جدول أعمال الجلسة الماضية التي لم تنعقد بسبب تطيير فريق القوات والكتائب والتغييريين النصاب، كما يتجه الرئيس بري إلى إحالة مشروع قانون الحكومة لتعديل قانون الانتخاب إلى اللجان النيابية لدرسه.


اللواء:

هيرلي: الفرصة متاحة بوقف التمويل الإيراني وإنهاء سيطرة الحزب

عون: تلازم بين بسط السلطة والتفاوض.. الغارات الإسرائيلية تتوسَّع ومعالجة إشكال حدودي مع سوريا

يزرع الاحتلال الاسرائيلي الموت والقتل والاستهداف على رقعة جغرافية لا تقتصر على الجنوب، وعلى مسافة محددة لحماية سكان المستوطنات، بل للاجهاز على حزب الله والضغط على السلطات اللبنانية للضغط الميداني عليه، تحت طائلة ان اسرائيل ستتولى المهمة، في وقت تجري فيه ترتيبات ضخمة لعلاقة سوريا مع الترتيبات الاميركية والدولية لمرحلة ما بعد انهاك «محور الممانعة» (كما كان يسمى) واسقاط النظام السابق في سوريا لمصلحة ادارة جديدة بقيادة الرئيس احمد الشرع، الذي سجَّل حضوراً قوياً في الولايات المتحدة عبر القمة التي جرى التحضير لها جيداً، مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
ففي الوقائع الميدانية، وفي حين كان الرئيس جوزف عون يُجري محادثات مع الرئيس البلغاري رومين راديف صوفيا، كانت المسيَّرات الاسرائيلية تبدأ باستهداف في البيسارية على الطريق الدولية لمدينة صور حيث سقط شهيد، ولم تتوقف عند الهرمل، بعد استهداف منطقتي القطراني والمحمودية في الجنوب، لتمتد الى الشعرة في السلسلة الشرقية في البقاع.
وسط ذلك، انشغل لبنان امس بجولة الوفد الاميركي المختص بمكافحة الارهاب والعقوبات على المسؤولين وما صدرعن لقاءاته من نتائج معلنة ومخفية، حيث ذكرت المعلومات ان الوفد حدد مهلة شهرين امام لبنان لإنجاز الاصلاحات المالية لجهة ضبط ضبط التحويلات ومراقبة حركة الاموال وشركات الصرافة والتحويل الى لبنان ومعالجة وضع المصارف واقتصاد الكاش وشفافية الاقتصاد، والسياسية لجهة حصر السلاح بيد الدولة». وقد سمع الوفد اجوبة واضحة من المسؤولين عن الاجراءات المشددة التي يقوم بها لمراقبة حركة الاموال لا سيما في اطار مكافحة الارهاب.
ونقل عن عضو الوفد سيباستيان غوركا «انه على لبنان الاستفادة من الفرصة المتاحة والاهتمام الذي يوليه الرئيس ترامب للبنان، وإلّا فإن الفرصة لن تبقى مفتوحة الى ما لا نهاية». وطالب الوفد لبنان بخطوات عملية وملموسة من الحكومة.وهناك رغبة اميركية بمساعدة لبنان لكن على لبنان القيام بالإجراءات المطلوبة، مع تقدير الجهود التي قام بها لبنان على مستوى القضاء وقوانين الاصلاحات وشدد على ضرورة مكافحة الاقتصاد غير الشرعي. لكن الوفد لم يتطرق الى فرض عقوبات برغم اصدار وزيرة الخزانة يوم الخميس عقوبات على ثلاثة اشخاص بتهمة نقل اموال الى حزب االله.
فيما اعلن مسؤول أميركي مساء بعد انتهاء الجولة، «أن الإدارة الحالية جادة للغاية في قطع تمويل ايران لحزب االله، وإن استعادة اللبنانيين لبلدهم تكمن في إنهاء نفوذ إيران الخبيث عبر حزب االله.
وبالتزامن مع جولة الوفد في بيروت، اعلنت وزارة الخزانة الأميركية ​«تعليق العقوبات​ المفروضة بموجب ​قانون قيصر​ على سوريا، بالتزامن مع استقبال الرئيس الاميركي دونالد ترامب للرئيس السوري احمد الشرع في البيت الابيض». واوضحت وزارة الخزانة الأميركية، بان «تعليق العقوبات يستثني بعض المعاملات التي تشمل روسيا وإيران».
وتزامنت الجولة مع استمرار التصعيد العسكري الاسرائيلي بغارات على الجنوب والبقاع وتفجيرمنازل في القرى الحدودية، فيما ابتعد الحديث العلني على الاقل عن المبادرات التي تسعى لمعالجة وضع الجنوب، ولوان بعض المعلومات تحدثت عن احتمال قيام مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد بزيارة ثانية الى بيروت.

جولة الوفد الأميركي

واصل الوفد الاميركي المختص بمكافحة الارهاب والعقوبات جولاته على المسؤولين اللبنانيين، والذي يضم نائب مساعد الرئيس والمدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي الدكتور سيباستيان غوركا، ووكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي، ورودولف عطا الله والموظفين المرافقين مديرة مكافحة الإرهاب والتهديدات في مجلس الأمن القومي نانسي دحدوح، ومدير تمويل التهديدات في مجلس الأمن القومي ماكس فان أميرونغن ونائب مدير مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي رودي عطاالله.، فزار صباحا رئيس الحكومة نواف سلام.
وأكد الرئيس سلام خلال اللقاء التزام الحكومة باستكمال مسيرة الاصلاح، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وترسيخ سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية. وجرى استعراض التقدّم المحقّق في ضبط الحدود وتنظيم حركة الأشخاص والبضائع.
وتناول البحث الجهود الحكومية في مكافحة تبييض الأموال، من خلال تعزيز الشفافية وتطبيق القوانين الرقابية في القطاع المالي بهدف إعادة الثقة والالتزام بالمعايير الدولية. وتمّت مناقشة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب ومختلف المناطق دعمًا للاستقرار وترسيخًا لسلطة الدولة، بالاضافة الى تعزيز سلطة الدولة في الموانىء البحرية والجوية.
واشارت المعلومات الى ان لقاء الوفد مع سلام تناول الشق التنفيذي لإجراءات ضبط تبييض وتهريب الأموال ووضع حدّ نهائيّ للعمليات المالية غير الشرعية.
وبعد لقاء الرئيس سلام قال هيرلي: تشرفت بلقاء الرئيس سلام برفقة سيباستيان غوركا.. ان الشعب اللبناني امام فرصة تاريخية لرسم مستقبله بيده، لكن تحقيق ذلك، يبقى رهناً بوقف التمويل الايراني وانهاء سيطرة حزب االله.
وزار الوفد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار بحضور القائم بأعمال السفارة الأميركية في بيروت كيث هانيغان. وخلال اللقاء، تم عرض للتعاون القائم، لا سيما في المجالات الأمنية ومكافحة تبييض الأموال.
وأكد الوزير الحجار «التزام لبنان بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية ومكافحة تبييض الأموال من خلال تعزيز الشفافية وتطبيق القوانين والتزام المعايير الدولية».وشدد على «أهمية استمرار تقديم الدعم إلى الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية، لما لها من دور أساسي في حفظ الاستقرار الداخلي».
كما استقبل وزير العدل عادل نصار وفد الخزانة الاميركية، أوضح نصار أنّ على لبنان أن يستعيد دوره، مشددا على أن ما نقوم به مبنيّ على المصلحة الوطنية من حيث العلاقة المتينة مع الدول الصديقة.
وأضاف: موقف الاجتماع داعم لسيادة لبنان والشفافية التي يجب أن يتم اتباعها لتحرير مصلحة لبنان لأننا لا نميّز بين لبناني وآخر ونرفض أي تعدٍّ على سيادة لبنان.
وردا على سؤال عن القرض الحسن، أكّد أنّه لم يحصل أي طلب للقيام بعمل محدد، ونذكّر أن حصر السلاح بيد الدولة نتيجة اتفاق الطائف والبيان الوزاري فمصدر القرار وطني بحت، واكد أنّ الدولة تريد ان يتم احترام القانون ويكون هناك مساواة بين اللبنانيين وحصر القوة تحت سقف القانون وكل عمل غير شرعي لا يجب أن يستمر.
والتقى رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل وفد وزارة الخزانة الأميركية حيث تم البحث في المسار الإصلاحي في لبنان ولا سيّما في ما يتعلق بالملف المالي وضرورة مكافحة تبييض الأموال وتهريبها أو استخدامها في تمويل الإرهاب.‎
وشدد المجتمعون على أهمية حصر الإصلاحات لإعادة بناء الثقة بالدولة اللبنانية، وجرى عرض الفرص المتاحة أمام لبنان في حال استكمال الإصلاحات المطلوبة والدعم الدولي الممكن في هذا الإطار مقابل المخاطر التي قد تترتب على عدم التزام لبنان بالقوانين والاتفاقات الدولية الأمر الذي قد يعرّض مسار النهوض الاقتصادي والسياسي في البلاد لمطبات لا تصبّ في مصلحة لبنان واللبنانيين.
والتقى الوفد ايضاحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، وتمعرض الاجراءات التنفيذية التي يقوم بها لبنان لضبط تبييض الاموال ومحاسبة المتورطين به.
وكان الوفد قد زار مساء امس الاول النائب فؤاد مخزومي على عشاء تكريمي، وقال مخزومي: كان النقاش غنيًا وبنّاءً، وأعاد التأكيد على الالتزام المشترك بين لبنان والولايات المتحدة بالسلام والشفافية والسيادة.تناولنا خارطة طريق الإصلاح في لبنان من إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتثبيت العملة، وتفعيل الاقتصاد الرسمي، إلى الحد من الاقتصاد النقدي – وهي خطوات أساسية لاستعادة الثقة والنزاهة وقدرة الدولة. وعبّرنا عن امتناننا العميق على جهود وزارة الخزانة الأميركية المتواصلة لحماية الأنظمة المالية من الفساد والإرهاب والتمويل غير المشروع. وأكدنا أن الحوكمة والشفافية والإصلاح هي الأساس لسيادة لبنان ومساره نحو سلام دائم.
وأفادت مصادر قناة «الحدث» بأنّ وفد الخزانة الأميركية التقى عدداً من النواب في بيروت، وشدّد على نزع سلاح حزب الله أكثر من الإصلاحات المالية. وأضافت المصادر أنّ «الوفد الأميركي غير راضٍ عن تعامل لبنان مع القرض الحسن التابع لحزب االله، وقال إنّ لبنان سيُترك لمصيره إذا لم ينزع السلاح ولم يقرّ إصلاحات مالية».
في المقابل، أكد عضو المجلس السياسي في «حزب االله» محمود قماطي أن «من حقنا الوطني واللبناني أن نرفض أن يقول الأميركي للحكومة اللبنانية افعلوا كذا وكذا خدمةً للإسرائيلي، هذه أقل حقوقنا». وقال من جبيل: عندما نقول لن نسلم السلاح، فإنّ هذه العبارة بالأعراف السياسية والوطنية هي أقل عبارة يمكن قولها أمام هذا التهديد الوجودي لكل لبنان. ماذا يُطلب منا أن نقول لقوى تعتدي علينا يومياً؟ أن نقول سنسلم السلاح؟ أو أن ندعو جميع الفصائل اللبنانية التي تحمل السلاح وتجمعه في المخازن الى ان نتوحد، وتصبح هذه القوى هي الاستراتيجية الدفاعية للبنان ورفع سقف الشروط اللبنانية؟

عون وبلغاريا

في هذا الأثناء، عقدت محادثات بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والرئيس البلغاري رومين راديف في قصر الرئاسة البلغارية، تلتها محادثات موسعة بين الجانبين اللبناني والبلغاري. تطرق البحث الى سبل تطوير العلاقات وتفعيلها في عدة مجالات، لا سيما مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والنقل البحري.
وأوضح الرئيس البلغاري ان لدى بلاده القدرة على المساعدة في مجالات التعليم الجامعي، كما في المجال الاكاديمي العسكري، والاستفادة من في مجال الصناعة العسكرية، لاسيما وان بلغاريا تتمتع بخبرة في انتاج الأسلحة، وهي تعمل حالياً على تطوير «المسيّرات» والمعدات الالكترونية والأجهزة لحماية الشخصيات.
ولفت الى اهمية تطوير التعاون في المجال التجاري، نظرا لدور لبنان في منطقة الشرق الاوسط وحضوره على الساحة الدولية. واقترح الرئيس البلغاري تشكيل لجان مشتركة بين البلدين لدرس المواضيع المشار اليها، وقال:يمكنكم ان تتأكدوا من ان بلادنا سوف تدعم الحوار اللبناني – الأوروبي، لا سيما وان لبنان شريك استراتيجي للاتحاد الاوروبي وللتنمية في منطقة الشرق الاوسط».
وأشار الرئيس عون إلى أنّ «مهمّة جيشنا مصيرية في هذه الظروف لأن عليه وحده من دون شريك لا من خارج الدولة ولا من خارج لبنان أن يبسط سلطة دولتنا على كامل أراضيها وحدودها، وأن يفرض سيادتها الكاملة، بحيث تتوقف الاعتداءات الاسرائيلية على أرضنا، وتنسحب إسرائيل من النقاط التي تحتلها داخل لبنان». وأضاف الرئيس عون «هذا ما يجب أن يترافق مع مسارٍ تفاوضي، نعتبره السبيل الوحيد لتحقيقِ أهدافِنا الوطنية ومصلحةِ لبنانَ العليا. تماماً كما سبق للبنان أن أقدم وفاوض أكثر من 10 مرات، وبإجماعِ قواه السياسية الحالية كافة بلا استثناء، كان آخرها بين العامين 2020 و2022، لإنجازِ الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل. وفي تشرين الثاني الماضي بالذات، من أجل وقف الاعتداءات وحصرِ كل السلاح بيد الدولة اللبنانية».

الجميل: تعديل دستوري لتثبيت الحياد

محلياً، كشف النائب الجميل انه تم تقديم اقتراح تعديل دستوري يهدف الى ادخال مبدأ «الحياد» في مقدمة الدستور اللبناني. وشدّد الجميّل على أن «الحياد سيعزّز الوحدة الداخلية، إذ لن يكون أيّ طرفٍ قادرًا بعد اليوم على الانخراط في محاور أو فرض تحالفات عسكرية على بقية اللبنانيين، ما يسهم في تحصين السلم الأهلي والوحدة الوطنية».
وأضاف: «الحياد لا يعني انسحاب لبنان من الساحة الدولية، بل على العكس، سيبقى عضوًا فاعلًا في الأمم المتحدة والجامعة العربية، وسيواصل الدفاع عن قضايا الحق في وجه الظلم، من دون أن ينخرط في أيّ صراعٍ عسكري إلى جانب أيّ طرفٍ كان في المستقبل». واعتبر الجميّل أن «الحياد يصبّ في مصلحة جميع اللبنانيين، وهو ليس طرحًا فئويًا أو موجّهًا لفئةٍ محددة، بل مشروعٌ وطنيّ شامل يحمي كل اللبنانيين، ويؤمّن للبنان الاستقرار والازدهار».
انتخاباً، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع انه يجب إجراء الإنتخابات النيابيّة في موعدها المحدّد، مشددًا على أهمية هذا الإستحقاق الدستوري. وشدّد على ان القصة بالنسبة للقوات اللبنانية ليست «مقعداً هنا أو مكسباً هناك»، إنما الهدف من زيادة تكتل القوات النيابي يكمن في تعاظم تأثيرنا في مسار الأحداث والوصول إلى الوطن الذي نريد.. وجدّد جعجع التأكيد على وجوب انتخاب المغتربين لـ»128 نائباً، ولاسيّما أن هذا حق من حقوقهم، وبالتالي على الدولة اللبنانيّة إتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا السياق للحفاظ على هذا الحق القانوني».

اطلاق القذافي

وعلى صعيد قضائي، أُفرج، مساء امس، عن هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بعد نحو تسع سنوات من توقيفه في لبنان، حيث أظهرت الصور الأولى له عقب خروجه من السجن من مديرية قوى الأمن الداخلي في بيروت، وهو برفقة فريق الدفاع الخاص به قبل مغادرته البلاد.
وكان محامو الدفاع عن القذافي قد سدّدوا الكفالة المالية وقيمتها 893 ألف دولار أميركي، وتوجهوا إلى المديرية العامة للأمن العام لتسوية وضعه القانوني، إسوة بكل الأجانب الموقوفين.وبعدها، تم تسليم قرار إخلاء سبيله لآمر السجن وأطلق سراحه وأصبح حراً، وإستكملت اجراءات خروجه من مكان توقيفه من دون تحديد وجهته علما انه سيبقى عدة ايام في لبنان مع زوجته واولاده.
واوقف هانيبال القذافي في لبنان عام 2015، على خلفية معلومات تتعلق بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا عام 1978. وخلال فترة احتجازه، تقدم فريق دفاعه بعدة طلبات لإطلاق سراحه، مؤكداً أنه لا يملك أي صفة رسمية أو معلومات مرتبطة بالقضية.
ويُتوقع أن يتوجه القذافي بعد الإفراج عنه إلى دولة ثالثة، في ظل ترتيبات دبلوماسية تضمن خروجه الآمن من لبنان.
وفي سياق قضائي آخر، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب» بأن «القضاء البلغاري أرجأ النظر في تسليم لبنان مالك السفينة المرتبطة بانفجار مرفأ بيروت عام 2020، المواطن الروسي القبرصي إيغور غريتشوشكين البالغ 48، طالباً من السلطات اللبنانية أن تؤكد أنها لن تطبق عقوبة الإعدام. وذلك برغم اثارة الرئيس جوزيف عون القضية امام الرئيس البلغاري خلال لقائهما في صوفيا.
وأوضحت ناطقة باسم محكمة صوفيا لوكالة فرانس برس الاثنين أن القضاة البلغار اتخذوا هذا القرار خلال جلسة عُقِدَت الاثنين لاعتبارهم أن تصريحات السلطات اللبنانية في هذا الشأن مبهمة جداً.
وكان ممثلون لسفارتَي لبنان وقبرص حاضرين خلال جلسة الاثنين.
وأوقِف غريتشوشكين في 5 ايلول/سبتمبر الفائت في مطار صوفيا بموجب نشرة حمراء من الإنتربول.وأوضحت النيابة العامة البلغارية أن غريتشوشكين مطلوب من السلطات اللبنانية بتهمة «إدخال متفجرات إلى لبنان، وهو عمل إرهابي أدى إلى مقتل عدد كبير من الأشخاص، وتعطيل آلات بهدف إغراق سفينة».

غارات وشهداء

استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي فجر امس، سيارة مدنية على الطريق الساحلي قرب بلدة البيسارية في الجنوب، ما أدى إلى سقوط قتيل. وأشارت المعلومات الى أن المستهدف في الغارة هو أبو علي سمير فقيه مسؤول جمعية خدام الإمام الحسين. وظهرا، استهدفت مسيرة منطقة الضهور في خراج بلدة الحميري في قضاء صور.
وبعد الظهر، شن الطيران الحربي غارتين على تخوم السلسلة الشرقية في قضاء بعلبك، إحداهما على أطراف النبي شيت، والثانية على محلة الشعرة بالقرب من جنتا. بالتزامن سجلت غارات اسرائيلية على سلسلة مرتفعات الريحان وعلى منطقتي القطراني والمحمودية. واستهدفت مسيرة اسرائيلية بيك أب في الهرمل، من دون تسجيل إصابات. واستهدفت غارات إسرائيلية جبل الرفيع في إقليم التفاح ومحيط الجرمق.
ووسط كثافة كبيرة للمسيرات في الاجواء اللبنانية من بيروت والضاحية الجنوبية الى مناطق الجبل والجنوب والبقاع، تحدثت إذاعة الجيش الاسرائيلي عن «موجة من الاستهداف لسلاح الجو الاسرائيلي في جنوب لبنان».
وفجّرت قوة إسرائيلية عند الأولى من بعد منتصف الليل ثلاثة منازل في بلدة حولا – قضاء مرجعيون تعود لأشقاء من آل شحيمي.
وفي السياق،، أفادت «رويترز» نقلاً عن مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين، أنّ «إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في تنفيذ خطة نزع سلاح حزب االله». وأضاف المسؤولون: «إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني لتفتيش منازل في جنوب لبنان بحثًا عن الأسلحة»، لافتين إلى أنّ «الطلب الإسرائيلي قوبل بالرفض من قيادة الجيش اللبناني تفادياً لإشعال نزاع داخلي وتقويض الاستراتيجية الدفاعية».
كما نقلت «رويترز» عنهم قولهم إنّ «خطة الجيش لا تشمل تفتيش الممتلكات الخاصة، وإسرائيل طالبت بتنفيذ مداهمات للمنازل خلال اجتماعات آلية الميكانيزم في تشرين الأول الماضي». ولاحقاً، نُقل عن مسؤول إسرائيلي قوله إذا نزع الجيش اللبناني سلاح حزب الله فسننسحب تدريجيا «إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني ليكون أكثر حزماً في تنفيذ خطة نزع سلاح حزب االله». وأضاف المسؤولون: «إسرائيل تضغط على الجيش اللبناني لتفتيش منازل في جنوب لبنان بحثًا عن الأسلحة»، لافتين إلى أنّ «الطلب الإسرائيلي قوبل بالرفض من قيادة الجيش اللبناني تفادياً لإشعال نزاع داخلي وتقويض الاستراتيجية الدفاعية». كما نقلت «رويترز» عنهم قولهم إنّ «خطة الجيش لا تشمل تفتيش الممتلكات الخاصة، وإسرائيل طالبت بتنفيذ مداهمات للمنازل خلال اجتماعات آلية الميكانيزم في تشرين الأول الماضي». ولاحقاً، نُقل عن مسؤول إسرائيلي قوله إذا نزع الجيش اللبناني سلاح حزب الله فسننسحب تدريجيا.
وليلاً، عادت الطائرات الاسرائيلية الى قصف الجبل الرفيع ومرتفعات الجرمق.
وفي البقاع، دخلت عناصر سورية مسلحة الى بلدة فليطا عند الحدود اللبنانية – السورية، وعلى الفور عزز الجيش اللبناني تواجده لابعاد المسلحين، وجرت اتصالات مع القيادة السعكرية السورية لهذا الغرض.

المصدر: الصحف اللبنانية