الجمعة   
   07 11 2025   
   16 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 09:54

الصحافة اليوم 7-11-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 7-11-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

عدوان واسع على الجنوب مع انعقاد الحكومة «المتمسكة بالتفاوض وحصر السلاح» | حزب الله: لا جدوى من التفاوض… وعون: كلما انفتحنا على التفاوض توسّع العدوان | هيكل: استحالة مهل حصر السلاح في ظل العدوان… والحكومة لتأجيل الانتخابات؟

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” شن الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا جويًا استهدف مباني سكنية في بلدات طيردبا، الطيبة، عيتا الجبل، زوطر الشرقية، كفردونين، في جنوب لبنان، بخرق جديد لسيادة الدولة اللبنانية، واتفاق وقف إطلاق النار المبرم منذ تشرين الثاني من العام الماضي. وأسفرت الغارات عن أضرار جسيمة في المباني المجاورة ودمار واسع في المنطقة، وأدّت إلى تدمير عدد من المنازل والمحال التجارية. ويأتي هذا العدوان بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء اللبناني في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وعلى جدول أعمالها عرض تقرير قيادة الجيش الشهري حول تنفيذ خطة نزع سلاح المقاومة، وفي الوقت الذي تتمسك الحكومة بخياري التفاوض وحصر السلاح، لم تطرح الحكومة أي خطة دفاعية لمواجهة العدوان الإسرائيلي، واكتفت برفع شعار الدبلوماسية في وجه الاعتداءات، فيما تتزايد المطالبات الشعبية باتخاذ موقف حازم لوضع حد لهذا العدوان المتكرر على الأراضي اللبنانية، والذي أدّى حتى الآن إلى ارتقاء مئات الشهداء وإصابة المئات، وسط دعوات متواصلة لحماية المدنيين ووقف الانتهاكات بحق الشعب اللبناني، وكان حزب الله قد وجّه رسالة إلى رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، حذر فيها من مخاطر الانزلاق إلى مسارات التفاوض، مؤكداً أن حق المقاومة والدفاع المشروع عن النفس بوجه الاعتداءات الإسرائيلية ليس جزءاً من قرار الحرب والسلم، بينما علق رئيس الجمهورية العماد جوزف عون على الاعتداءات الاسرائيلية بعدما وزّع له نص في مستهل أعمال الحكومة يدافع فيه عن التفاوض كخيار وطني وحيد، فقال «كلما عبّر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلمي لحل القضايا العالقة مع «إسرائيل» أمعنت في عدوانها على السيادة اللبنانية وتباهت باستهانتها بقرار مجلس الأمن رقم 1701 وتمادت في خرقها التزاماتها بمقتضى تفاهم وقف الأعمال العدائية». وختم بالقول «مرّ قرابة العام منذ دخل وقف إطلاق النار حيّز النفاذ وخلال تلك الفترة لم تدخر «إسرائيل» جهداً لإظهار رفضها لأي تسوية تفاوضية بين البلدين، وصلت رسالتكم».
في الجلسة الحكوميّة التي استمعت إلى تقرير قائد الجيش عن مسار تنفيذ قرار حصر السلاح في مرحلته الأولى جنوب الليطاني، نقل وزراء عن قائد الجيش العماد رودولف هيكل قوله، إنه لم يعُد ممكناً مع تصاعد واتساع نطاق الاعتداءات الإسرائيلية بوصولها إلى مقربة من مقار ومراكز انتشار الجيش اللبناني أن يتقيّد الجيش بمهل معينة لحصر السلاح، مقترحاً تعليق مهل حصر السلاح حتى تقف الاعتداءات الإسرائيلية، ولدى سؤال وزير الإعلام عن كلام قائد الجيش قال إنه لم يتقدم باقتراح معلل ومسار زمني وجغرافي واضح لكي يناقشه مجلس الوزراء، فيما أقرّت الحكومة مشروع قانون لتعديل مشاركة المغتربين في انتخاب النواب الـ 128، عبر تعليق المادة الخاصة بإنشاء دائرة خاصة بالمغتربين من 6 نواب، ورأت مصادر نيابية في القرار الحكومي سعياً عملياً لتأجيل الانتخابات لأن أي تعديل للقانون مع بدء سريان مهل تسجيل المغتربين، والحاجة لمهل دستورية تزيد عن ثلاثة شهور للطعن أمام المجلس الدستوري مع أي تشريع جديد، يصبح مستحيلاً إجراء الانتخابات في موعدها، ولأن لا انتخابات في موسم الاصطياف أو مع الموسم الدراسي فإن التأجيل سوف يمتد لسنة كاملة، وربما يكون هذا هو الهدف الفعلي للتعديل.

بينما رفعت «إسرائيل» سقف ضرباتها للبنان، وهدّدت بتسديد ضربات في كل أنحاء لبنان، بما في ذلك بيروت، ما لم يتم التجاوب مع مطلبها في شأن سلاح حزب الله، أغار الطيران الإسرائيلي المعادي على دفعات، مستهدفاً مناطق عدة، بعد تهديدات ودعوات إلى الإخلاء من جانب الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، وشملت الدفعات الأولى عيتا الجبل والطيبة وطيردبا وزوطر الشرقية وكفردونين. ليعلن بعدها جيش العدو الإسرائيلي أنه «أنجز شنّ سلسلة غارات استهدفت بنى تحتية ومستودعات أسلحة تابعة لوحدة قوة الرضوان في جنوب لبنان، حيث يواصل حزب الله محاولاته لإعادة إعمار بنى تحتية إرهابية في جنوب لبنان مركزًا على محاولات إعادة إعمار قدرات الوحدة بهدف استهداف دولة «إسرائيل»». وبعد الغارات المسبوقة بالإنذارات، استهدفت مسيرّة إسرائيلية منطقة «الدبش» في بلدة عيترون.
في حين نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤول عسكري إسرائيلي: أن “الهجمات في لبنان هي مجرد مقدمة وفي حال لم يفكك جيش لبنان حزب الله سنهاجم في جميع أنحاء لبنان وحتى بيروت”.
في السياق نفسه، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن “التصعيد رسالة بأنه طالما لم يُنزع سلاح حزب الله فبإمكان “إسرائيل” أن تتجه إلى تصعيد كبير”.
كذلك نقل مسؤول عسكري إسرائيلي أنه “طُرح على اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر أن تعزيز قدرات حزب الله أسرع من تنفيذ الحكومة اللبنانية قرار نزع سلاحه وهو ما يجعل موجات الهجمات المقبلة أوسع تصل حتى بيروت”.
وسبق ذلك أن شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، غارات استهدفت المنطقة الواقعة بين بلدتي طورا والعباسية، ولجهة الوادي الذي يقع لناحية بلدة طيردبا في قضاء صور، وهو ما أدى إلى سقوط شهيد.
وعلّق رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على التصعيد الإسرائيلي، معتبراً أن “ما قامت به “إسرائيل” اليوم في جنوب لبنان يُعدّ جريمة مكتملة الأركان ليس فقط وفقاً لأحكام القانون الدولي الإنساني الذي يُجرّم استهداف المدنيين وترويعهم وإجبارهم على النزوح من ديارهم، بل يُعدّ كذلك جريمة سياسية نكراء، فكلما عبر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلميّ لحل القضايا العالقة مع “إسرائيل”، أمعنت في عدوانها على السيادة اللبنانية وتباهت باستهانتها بقرار مجلس الأمن رقم 1701، وتمادت في خرقها التزاماتها بمقتضى تفاهم وقف الأعمال العدائية”.
وأضاف عون: “مرّ قرابة العام منذ دخل وقف إطلاق النار حيّز النفاذ وخلال تلك الفترة لم تدّخر “إسرائيل” جهدا لإظهار رفضها لأي تسوية تفاوضية بين البلدين… وصلت رسالتكم”.
وصدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان جاء فيه أنه: “أطلق العدو الإسرائيلي موجة واسعة من الاعتداءات في الجنوب، مستهدفاً مناطق وبلدات عدة. إن هذه الاعتداءات المدانة هي استمرار لنهج العدو التدميري الذي يهدف إلى ضرب استقرار لبنان وتوسيع الدمار في الجنوب، وإدامة الحرب وإبقاء التهديد قائماً ضد اللبنانيين، إضافة إلى منع استكمال انتشار الجيش تنفيذاً لاتفاق وقف الأعمال العدائية.
على صعيد متصل، تؤكد القيادة أن الجيش يتابع التنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان – اليونيفيل، وأن الشراكة بين الجانبَين تبقى على درجة عالية من الثقة والتعاون”.
خلال جلسة مجلس الوزراء، حيث عرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل تقريره الثاني حول خطة حصرية السلاح في الجنوب، نبّه قائد الجيش، إلى استحالة استكمال العمل على تنفيذ خطة حصريّة السلاح ما لم توقف “إسرائيل” عدوانها وتنسحب من النقاط التي تحتلها. وهو الموقف الذي أبلغه هيكل إلى رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، الذي أبدى تفهّماً للصعوبات التي تعترض عمل الجيش. ويعني موقف هيكل أن استكمال خطة الجيش بات مرهوناً بالانسحاب الإسرائيلي ووقف العدوان. وأكد مجلس الوزراء استمرار العمل دبلوماسياً وسياسياً لوقف الانتهاكات الإسرائيلية لترتيبات وقف الأعمال العدائية، كما أثنى مجلس الوزراء على خطة الجيش لحصر السلاح رغم العوائق على رأسها استمرار الاحتلال.
وأكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل”، التزامها المستمر بالتعاون مع الجيش اللبناني لتعزيز الأمن والاستقرار في جنوب لبنان.
وجاء في بيان صادر عنها: “نواصل التنسيق الوثيق مع الجيش اللبناني يوميًا، إذ يشكل العمل المشترك بيننا عنصرًا أساسيًا ومحوريًا في جهود الحفاظ على الاستقرار في المنطقة”.
وكان حزب الله وجّه كتاباً مفتوحاً إلى الرؤساء الثلاثة، عرض فيه الحزب رؤيته إزاء الوضع الراهن، بخصوص التفاوض مع “إسرائيل”، مؤكداً “أن الوقت الراهن هو لتوحيد ‏الجهود من أجل وقف الانتهاكات والعدوان والتمادي الصهيونيّ ضد بلدنا ودفع المخاطر ‏الأمنية والوجودية عنه”. وأكد الحزب في البيان “حقنا ‏المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان والوقوف إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة ‏بلدنا، ولا يندرج الدفاع المشروع تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقنا ‏في الدفاع ضد عدوّ يفرض الحرب على بلدنا ولا يوقف اعتداءاته، بل يريد إخضاع دولتنا”.
وشدّد على أن التورط والانزلاق إلى فخاخ تفاوضية مطروحة، ففي ذلك المزيد من المكتسبات لمصلحة ‏العدو الإسرائيلي الذي يأخذ دائماً ولا يلتزم بما عليه، بل لا يعطي شيئاً. ومع هذا العدو ‏المتوحش والمدعوم من الطاغوت الأميركي لا تستقيم معه مناورة أو تشاطر. إن لبنان معني ‏راهناً بوقف العدوان بموجب نص إعلان وقف النار والضغط على العدو الصهيوني للالتزام ‏بتنفيذه، وليس معنياً على الإطلاق بالخضوع للابتزاز العدواني والاستدراج نحو تفاوض ‏سياسي مع العدو الصهيوني على الإطلاق، فذلك ما لا مصلحة وطنية فيه وينطوي على ‏مخاطر وجودية تهدد الكيان اللبناني وسيادته.
وفي وقت أفيد أن الموفد السعودي يزيد بن فرحان أرجأ زيارته إلى بيروت التي كانت مقرّرة اليوم، استقبل السفير السعودي، وليد بن عبد الله بخاري، في مقرّ إقامته في اليرزة، قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل. وتناول البحث المستجدّات الحاصلة في لبنان والمنطقة في ظل التطورات الراهنة، والإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني في الجنوب لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وعلى صعيد آخر، حضر ملف قانون الانتخاب في صلب مداولات مجلس الوزراء الذي صوّت على مشروع قانون معجّل مكرّر إلى مجلس النواب يقضي بتعليق العمل بالمادة 112 لمرة واحدة فقط وفقًا للصيغة المعتمدة في عام 2022، بحيث يصوّت المغتربون للنواب الـ128 في انتخابات عام 2026 بدون إلغائها بشكل كامل.
ليس بعيداً، استقبل الرئيس نواف سلام وفداً من المجلس التنفيذي للرابطة المارونية برئاسة مارون الحلو الذي قال بعد اللقاء “تحدّثنا عن قانون الانتخاب، وجدّدنا موقف الرابطة المارونية الداعي إلى تمكين المنتشرين اللبنانيين من المشاركة في الحياة السياسية اللبنانية، ولهم الحق في اختيار ممثليهم أي 128 نائباً، ونطلب من المجلس النيابي ومن مجلس الوزراء التنبه إلى هذا الموضوع وبإعطاء أصحاب الحق حقهم”. وقال “شدّدنا على ضرورة تطبيق القرارات الدولية، وحصر السلاح من قبل الفلسطينيين ومن قبل كافة المسلحين في لبنان لتسلّم إلى الجيش اللبناني الذي هو حصن الدولة وسيادتها”.
على خط آخر، بدأ وفد مجلس إدارة البنك الدولي زيارته إلى لبنان الذي وصله قبل ظهر أمس، باجتماع عُقد في وزارة المال رأسه الوزير ياسين جابر. وتمّ خلال الاجتماع، عرض المشاريع التي يمولها البنك الدولي والاستعدادات لمزيد من التعاون. من جهته عرض جابر للإصلاحات التي تقوم بها الحكومة، ولا سيما الإصلاحات في وزارة المالية سواء على مستوى رفع الإيرادات أو التحديث والتطوير. سئل “نعرف أن المجلس النيابي تأخّر في إقرار قرض إعادة الإعمار، ما هو انطباع الوفد، وهل سيؤدي التأخير إلى إلغاء هذا القرض أو نقل اعتماداته إلى مشروع آخر”؟ فأجاب “في الوقت الحاضر لا إلغاء، لكن بصراحة إذا تأخرنا كثيراً ولم نأخذ الأمور على محمل الجدّ، هناك طبعاً وقت محدد وقد يحصل ذلك”.
قضائياً، مثل المحقق العدلي في ملف مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار أمام القاضي حبيب رزق الله في دعوى اغتصاب السلطة، وذلك من دون محام بعد أن صرّح بانه لا يرغب بمحامٍ للدفاع عنه. وأفيد بأن بعد ساعة ونصف من استجواب البيطار، انضم المحامي العام التمييزي القاضي محمد صعب إلى الجلسة ممثلا النيابة العامة التمييزية المدّعية في الملف. وعند انتهاء الجلسة، قرر قاضي التحقيق حبيب رزق الله ترك القاضي البيطار”.

الأخبار:

المقاومة ترفض صراحة التفاوض السياسي والعدو يتوقّع لأول مرة ردّاً عسكرياً

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية “بعد أسابيع من التزامه الصمت حيال طروحات حملها مبعوثون دوليون إلى لبنان، والتي تستعجل عملية التفاوض مع إسرائيل، خرج حزب الله يومَ أمس، عن صمته بكتاب مفتوح وجّهه إلى الرؤساء الثلاثة، وخاطب الشعب اللبناني، محدّداً موقفه من موضوع المفاوضات، ومعرباً عن اعتقاد بأنّ لبنان ليس مضطرّاً لأن «يخضع للابتزاز العدواني والاستدراج نحو تفاوض سياسي مع العدوّ الصهيوني على الإطلاق، فذلك ما لا مصلحة وطنية فيه وينطوي على مخاطر وجودية تهدّد الكيان اللبناني وسيادته»، وحذّر الحزب من أنّ «التورّط والانزلاق إلى أفخاخ تفاوضية مطروحة، يعني المزيد من المكتسبات لمصلحة العدوّ الإسرائيلي الذي يأخذ دائماً ولا يلتزم بما عليه، بل لا يعطي شيئاً».

وعلمت «الأخبار»، أنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وُضِعا في جوّ البيان قبل صدوره. لكنّ الوسط السياسي انطلق في مناقشة توقيت البيان ورسائل الحزب، خصوصاً أنه أكّد على التزامه بوقف إطلاق النار، وتحدّث من موقعه كحزب مقاوم لا كحزب سياسي فقط، حيث أكّد في الكتاب على «حقّنا المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان، ولا يندرج الدفاع المشروع تحت عنوان قرار السّلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقّنا في الدفاع ضدّ عدوّ يفرض الحرب على بلدنا»، كما تقصّد تقوية الموقف اللبناني الذاهب نحو المفاوضات، خصوصاً في ظلّ الهجمة الدُّولية عليه بالتأكيد على ضرورة الاستفادة ممّا لديه من أوراق قوة.

ولم يمضِ وقت على صدور البيان، حتى أشعل العدو حرباً نفسية وعسكرية على أهالي الجنوب، مصدراً إنذارات بالإخلاء في عدد من القرى الجنوبية، شملت عيتا الجبل والطيبة وطيردبا وزوطر الشرقية وكفردونين. ليشنّ بعدها غارات جوّية قوية، قبل أن يعلن جيش الإحتلال أنه «أنجز شنّ سلسلة غارات استهدفت بنى تحتية إرهابية ومستودعات أسلحة تابعة لوحدة قوة الرضوان في جنوب لبنان. حيث يواصل حزب الله محاولاته لإعادة اعمار بنى تحتية إرهابية في جنوب لبنان، مركّزاً على محاولات إعادة إعمار قدرات الوحدة بهدف استهداف دولة إسرائيل».

ومع حال البلبلة التي سادت المناطق الجنوبية طوال ساعات ما بعد الظهر، والتي انعكست أيضاً قلقاً في بيروت والضواحي، إلا أنّ الأنظار ظلّت مركّزة على ما يجري جنوباً، خصوصاً وأنّ الجيش اللبناني، رفض طلب قوات «اليونيفيل» إخلاء إحدى الثكنات العسكرية في بلدة كفردونين، رغم الغارات الإسرائيلية القريبة، متّهماً إسرائيل، بمنع استكمال انتشار وحداته وفق اتفاق وقف الأعمال العدائية. وبعد الغارات المسبوقة بالإنذارات، استهدفت مسيرّة إسرائيلية،‏ منطقة «الدبش» في بلدة عيترون.

وجاء توقيت العدوان، متزامناً مع جلسة مجلس الوزراء، الذي استمع إلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل، عن برامج عمل قواته في منطقة جنوب نهر الليطاني. لكنّ الجلسة، كانت مناسبة لأن يطلق الرئيس عون، مواقف بدت ردّاً مباشراً على حزب الله. فكرّر أنّ «خيار التفاوض هو النتيجة المتاحة لوقف اعتداءات إسرائيل وإنهاء الاحتلال، وهو يرتكز إلى القناعة بضرورة إعادة الاستقرار إلى الجنوب وأنّ خيار الحرب لن يؤدّي إلى نتيجة». وفيما رأى عون، أنّ ما قامت به إسرائيل اليوم، في جنوب لبنان «يعَدّ جريمة مكتملة الأركان»، قال «لم تدّخر إسرائيل جهداً لإظهار رفضها لأي تسوية تفاوضية بين البلدين. وصلت رسالتكم». علماً أنّ المعلومات عن مداولات الجلسة أشارت إلى أنّ قائد الجيش رودولوف هيكل، اقترح على مجلس الوزراء تجميد خطّة حصر السلاح ما دامت إسرائيل مستمرّة بعدوانها، لكنّ طرحه لم يلقَ جواباً بعد من الجهات المعنية.

إلى ذلك، لم تتوقّف الرسائل الدُّولية تجاه لبنان وحزب الله مهدّدة بالحرب، إذ كشفت مصادر بارزة أنّ مسؤول أممي أبلغَ أمس، بـ«ضرورة أن تقبل الدولة اللبنانية بالتفاوض المباشر مع إسرائيل وإلا فإنّ الأخيرة ستبدأ بتنفيذ استهدافات موجعة على كامل الأراضي اللبنانية وليس فقط في الجنوب»، وقد وصفَ هذا المسؤول ما ستقدم عليه إسرائيل، بالـ«ميني حرب».

العدو «يستعدّ لردّ محتمل»
وطوال نهار وليل أمس، واصل الإعلام العبري، ضخّ المزيد من التسريبات والمواقف. وذكرت هيئة البثّ الإسرائيلية، أنه «في الأسابيع الأخيرة، رصدت إسرائيل نشاطاً كبيراً لحزب الله، ومحاولاتٍ من التنظيم لإعادة بناء بنيته التحتية وتهريب الصواريخ وتجنيد عناصر جدد، بما في ذلك لقوة الرضوان، وخاصةً في عمق لبنان».

وأشارت إلى أنه «في القرى الشيعية القريبة من الحدود، تشنّ إسرائيل هجمات على حزب الله، ولا تسمح له بترسيخ وجوده»، لافتة إلى أنّ مسؤولي الجيش الإسرائيلي، أكّدوا أنّ «الهجمات التي شُنّت في أثناء الأربع والعشرين ساعة الماضية، تهدف إلى تمكين إسرائيل من تحقيق هدفها الطموح المتمثّل في نزع سلاح حزب الله».

وفي إشارة هي الأولى من نوعها منذ توقّف الحرب قبل نحو سنة، نقل إعلام العدو عن مصادر في جيش الاحتلال أنه «يستعدّ أيضاً لاحتمال ردّ حزب الله، حتى لو استمرّ القتال لأيام، ويشير في الوقت نفسه إلى أنّ الحزب يدرك أنّ كل حادثة صغيرة، سيدفع حزب الله ولبنان ثمناً باهظاً، حيث لم تعُد هناك من معادلات أو تماثل. ولا يوجد حالياً أي تغيير في التعليمات الموجّهة لسكان الشمال».

وتقول إسرائيل، إنّ «الهجمات في لبنان، تُنفّذ بالتنسيق مع الأميركيين المتمركزين بشكل دائم في قاعدة القيادة الشمالية، منذ وقف إطلاق النار». وقالت إنّ «الجيش اللبناني، لا يعمل بشكل موحّد في جميع أنحاء لبنان، وأنّ وتيرة نشاطه أبطأ من المتوقّع في ظلّ التحدّيات الداخلية اللبنانية ووجود كتائب شيعية في الجيش اللبناني. كما أنّ هناك أماكن لا يدخلها الجيش، وإذا لم يُسرّع الجيش اللبناني وتيرة عملياته ويعمل على نزع سلاح حزب الله، فستفعل إسرائيل ذلك».

من جانبه قال قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، إنه «يتوجّب علينا أن نكون مصمّمين على مواصلة الهجوم والتدمير لإضعاف حزب الله، لن نسمح لحزب الله بترسيخ وجوده وتنظيم صفوفه والتعافي، سنواصل العمل ورصد أي تهديد نراه والعمل ضدّه».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن «مسؤول عسكري رفيع المستوى» قوله في مناقشات مع نتنياهو، إنّ «الهجمات اليوم هي مجرد بروفة. إذا لم يقم الجيش اللبناني بتفكيك حزب الله ولم يلتزم بشروط الاتفاق، فستهاجم إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، أهداف حزب الله في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك في بيروت».

عقوبات ترافق الغارات
برنامج الضغط على لبنان والمقاومة، لا يتصل فقط بالعدوان الإسرائيلي المفتوح أو الضغوط السياسية على أركان الدولة. وبينما كان طيران العدو يغير على منشآت مدنية وسكنية في الجنوب، كان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية، يصدر تقريراً يفرض بموجبه عقوبات على لبنانيين، بحجّة أنهم يتولّون عمليات نقل الأموال إلى حزب الله.

وقال بيان الوزارة الأميركية، إنّ العقوبات «هي جزء من إجراءات لدعم نزع سلاح حزب الله، عبر فرض عقوبات على الأفراد الذين سهّلوا تحويل عشرات الملايين من الدولارات، من إيران إلى حزب الله في عام 2025، مستخدمين شركات الصرافة للاستفادة من القطاع المالي القائم على النقد في لبنان. وقال وكيل وزارة الخزانة جون ك. هيرلي، إنّ «لدى لبنان فرصة ليكون حرّاً ومزدهراً وآمناً، ولكن لا يمكن أن يحدث ذلك إلا إذا تمّ نزع سلاح حزب الله بالكامل وقطع تمويل إيران وسيطرتها».

وادّعت واشنطن، أنّ عمليات نقل الأموال تتمّ عبر «مكاتب الصرافة المرخّصة وغير المرخّصة، والتي تفشل في إجراء فحص كافٍ لعملائها تسمح لحزب الله باستغلال الاقتصاد اللبناني القائم إلى حدّ كبير على النقد لغسل الأموال».

وبحسب القرار فإنه تمّ فرض عقوبات على «أسامة جابر وجعفر محمد قصير وسامر كسبار، بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، بصيغته المعدّلة، لتقديمهم المساعدة المادية أو الرعاية أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع والخدمات لحزب الله أو دعماً له»”.

مجلس الوزراء يطلب تعليق مواد مقاعد المغتربين: تعديل قانون الانتخابات في ملعب برّي مجدّداً

وتحت هذ العنوان كتبت صحيفة الاخبار “أقرّ مجلس الوزراء أمس، مشروع قانون يقضي بتعليق مواد قانون الانتخابات المتعلّقة باستحداث الدائرة 16، التي تضمّ ستة نواب للمغتربين. فبعد نقاش طويل استعرض مواقف القوى السياسية، وضمناً هواجس الثنائي حزب الله وحركة أمل بشأن المساواة وتكافؤ الفرص في الخارج، ربطاً بالعقوبات المفروضة على حزب الله، صوّت الوزراء على مشروع قانون يدمج مشروعَي قانون وزير الخارجية يوسف رجي والداخلية أحمد الحجار. ليوافق على تعليق مواد مقاعد المغتربين 17وزيراً مقابل معارضة الوزراء الشيعة الخمسة، بمن فيهم الوزير فادي مكي.

المشروع الذي أُقرَّ تضمّن مادتين، تنصّ الأولى على أنّه: «بصورة استثنائية ولدورة الانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها في أيار 2026، وإلى حين انتهاء اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجنة الفرعية النيابية المكلّفة دراسة اقتراحات قوانين الانتخابات ومجلس الشيوخ، يُعلَّق العمل بالمواد 112 والفقرة الأولى من المادة 118 والمواد 121 و122 من القانون 44/2017»، أي قانون الانتخاب الحالي. وفيما تتحدّث المادة 112 عن توزيع المقاعد الستة في الخارج مناصفةً بين المسيحيين والمسلمين، تنصّ الفقرة الأولى من المادة 118، على الاقتراع في الخارج على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة قبل 15 يوماً من موعد الانتخابات في لبنان.

أمّا المادتان 121 و122، فتتعلّقان بكيفية ملء الشغور في دائرة غير المقيمين في حال الوفاة أو الاستقالة أو لإبطال النيابية، كما زيادة ستة نواب على الـ 128 نائباً، ليصبح العدد الإجمالي 134 نائباً. كذلك تضمّن مشروع القانون تمديداً لمهلة تسجيل المغتربين، ولا سيّما أنّ عدد المسجّلين حتى الساعة يعدُّ متدنّياً جداً ولم يتجاوز 34 ألفاً، علماً أنّ مهلة التسجيل تنتهي في 20 تشرين الثاني الجاري. لذا، جرى تعديل الفقرة الثالثة من المادة 113، لتمدّد مهلة تسجيل غير المقيمين إلى 31 كانون الأول المقبل.

المادة الثانية من مشروع القانون، هي المادة التي أعدّها وزير الداخلية، بشأن عدم إمكانية اعتماد البطاقة الممغنطة في الانتخابات المقبلة. لذا، قدّم تعديلاً يسمح باعتماد وسيلة «رمز الاستحابة السريعة» المعروف بالـ «QR Code» في مراكز اقتراع كبرى خارج الدوائر الانتخابية المحدّدة في المادة الأولى من القانون الساري المفعول. ويصبح بذلك متاحاً للناخب الاقتراع خارج الدائرة الانتخابية المسجّل على قوائمها الانتخابية، شرط تسجيل اسمه مسبقاً.

ويترك مشروع القانون لوزير الداخلية تحديد عدد مراكز الاقتراع الكبرى في كل محافظة وأقلامها، وعدد الناخبين في كل منها وآلية الاقتراع وآلية التسجيل المسبق والمهل المرتبطة بها. وينتظر الآن أن يُحوَّل مشروع القانون إلى مجلس النواب، لوضعه على جدول الأعمال. وهو ما يُعيد الأمور إلى النقطة صفر مع تمسّك رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالقانون الحالي الساري المفعول كما هو ورفضه في تصريحات إعلامية عدّة المسَّ بأي حرف من نصّه، مع الإشارة إلى أنّ صلاحية وضعه على جدول الأعمال أو إحالته إلى اللجنة الفرعية المكلّفة بمناقشة اقتراحات قانوني الانتخاب محصورة به.

وفي حال لجوئه إلى الخيار الثاني، يكون بذلك قد دفن مشروع القانون، كما فعل بمشروع القانون المعجل المكرّر الذي يحمل المواد عينها، والمقدّم من «القوات اللبنانية» وحلفائها.

يذكر أنّ تعطيل الأخيرين للجلستين التشريعيتين السابقتين، قاد برّي إلى الاعتبار أنّ جزءاً من النواب لا يرغب بالتشريع، ممّا يؤشر إلى أنه قد لا يدعو مجدّداً إلى جلسة تشريعية جديدة، إلّا لغرض مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، وذلك بعد تحويله إلى الهيئة العامة من لجنة المال والموازنة.

أعلن وزير الإعلام بول مرقص، في ختام جلسة مجلس الوزراء أمس، تعيين اللجنة المؤقّتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت. كما أفاد بأنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون، أثار موضوع إقامة عرس في مغارة جعيتا. ووفقاً لمرقص، شرحت وزيرة السياحة لورا الخازن لحود ما حصل، ويُنتظر الآن القرار الذي سيتّخذه وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار بحق رئيس بلدية جعيتا وليد بارود”.

قاعدة أميركية في المزة: دمشق تحت ظلّ واشنطن

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “بخطى مستعجلة، تمضي الولايات المتحدة في تمهيد الأرض لحصد أقصى نجاح ممكن من استقبالها الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، في العاشر من الشهر الجاري. ويتجلّى ذلك في سلسلة من الإجراءات السياسية والعسكرية والميدانية، التي تهدف في محصّلتها إلى تحصين حكم الشرع، وضمان ولائه لواشنطن، وانخراطه في رؤيتها للمنطقة. ولعلّ من بين تلك الإجراءات توسيع الحضور العسكري الأميركي، وقوننته ليصل إلى تخوم دمشق، توازياً مع دفع السلطات الانتقالية نحو توقيع اتفاقية أمنيّة بينها وبين إسرائيل، قد تتطوّر إلى تطبيع كامل في مراحل لاحقة.

الإجراءات الأميركية الجديدة التي كُشف عنها بعد أيام من إعلان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس برّاك، انضمام السلطات الانتقالية الوشيك إلى «التحالف الدُّولي ضدّ داعش» الذي تقوده واشنطن، تتضمّن توسيع الحضور العسكري للأخيرة عبر تموضع قواتها في قاعدة جوّية على أبواب دمشق الجنوبية، حسبما نقلت وكالة «رويترز» عن ستة مصادر مطّلعة. وفي وقت لم تُسَمَّ فيه القاعدة لـ«أسباب أمنيّة وعملياتية»، تشير المعطيات المتوفّرة – بما فيها تلك المتصلة بإجراء اختبارات على الموقع والتأكّد من سلامة مرافقه – إلى أنّ الاختيار وقع على مطار المزة العسكري، أحد أبرز المطارات العسكرية في سوريا، والذي أدّى دوراً كبيراً في أثناء مدّة النظام السابق، وكان أحد المواقع التي استخدمتها روسيا وإيران، وتعرّضت مراراً لقصف إسرائيلي. وإلى جانب مكانه الاستراتيجي، يكتسب اختيار «المزة» بالتحديد أبعاداً سياسية، وذلك في إطار التحول السوري الكامل والانضواء تحت جناح الولايات المتحدة.

وتشير التسريبات التي تحدّثت عنها «رويترز» إلى أنّ المطار سيؤدّي دوراً محورياً في إطار «مراقبة أي اتفاق محتمل بين إسرائيل وسوريا»، وهو الاتفاق الذي نصّت مسوّدته السابقة – التي وافقت عليها السلطات الانتقالية – على إقامة منطقة منزوعة السلاح جنوبي سوريا، ومنطقة حظر جوّي للطائرات العسكرية، تمتدّ من تخوم دمشق حتى المنطقة العازلة مع الأراضي المحتلة، والتي وسّعتها إسرائيل بعد احتلالها مناطق جديدة وفرضها سيطرة أمر واقع على أنحاء واسعة، منها القنيطرة وقمة جبل الشيخ الاستراتيجية.

وكان التوقيع على الاتفاقية قد فشل في أيلول الماضي، حسبما كان مقرّراً، بعد أن أضافت تل أبيب بنداً يتيح فتح طريق من الأراضي المحتلة نحو السويداء، التي باتت تحت إدارة حكم ذاتي للمكوّن الدرزي بدعم إسرائيلي. ولا يزال يلفّ الغموض مصير هذا البند في الاتفاقية الجديدة التي ترعاها واشنطن، والتي يُتوقّع التوصّل إليها في أثناء زيارة الشرع إلى البيت الأبيض، بصفته أول رئيس سوري يقوم بهذه الزيارة.

ومع التمدّد الأميركي نحو دمشق، باتت الولايات المتحدة، تمتلك حضوراً عسكرياً يمتدّ من أقصى الجنوب (قاعدة التنف عند المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، وهي أكبر قاعدة أميركية في سوريا)، وصولاً إلى الشمال الشرقي (مناطق سيطرة «قسد» حيث تنتشر قواعد عدّة أبرزها قسرك وخراب الجير)، وليس انتهاءً بالبادية السورية في وسط البلاد، في ظل تسريبات عن دراسة حثيثة لاستخدام «مطار تدمر» العسكري أيضاً. ومن شأن هذا التوسّع أن يقطع الطريق على تركيا، التي كانت تسعى جاهدةً إلى التمدّد العسكري نحو وسط سوريا، قبل أن تقوم إسرائيل، بقصف عدد من القواعد العسكرية لمنع ذلك.

في ضوء هذه التطورات، يمكن رسم خريطة النفوذ في سوريا كسلسلة معقّدة من المناطق المتداخلة بين القوى الفاعلة: فتركيا تمتلك نفوذاً كبيراً شمالي البلاد، بينما تحظى روسيا بحضور عسكري قوي في الساحل (قاعدتا طرطوس البحرية وحميميم الجوية) بالإضافة إلى نفوذها في مناطق سيطرة «قسد»، فيما تفرض إسرائيل سيطرة فعلية على الجنوب، وتحظى واشنطن بالحضور العسكري الأكبر، بما يشمل سيطرتها على منابع النفط في الشمال الشرقي، إلى جانب الوجود الفرنسي الخجول في معاقل «قسد».

بالموازاة، تسعى واشنطن إلى تقديم دفعة سياسية للسلطات الانتقالية بعد إزالة معظم العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك عبر الضغط من أجل رفع عقوبات «قانون قيصر» التي تتطلّب نصّاً تشريعياً، وشطب اسمَي الرئيس الانتقالي ووزير داخليته أنس خطّاب، من قوائم الإرهاب الأممية، بعد فشل محاولة سابقة لشطب كامل «هيئة تحرير الشام» من قائمة العقوبات، جرّاء رفض الصين، التي لا تخفي مخاوفها من المقاتلين الإيغور في سوريا، لتلك الخطوة. ويتضمّن المشروع الأميركي الجديد المطروح في مجلس الأمن – الذي أدخلت الصين تعديلات عليه – شطب اسمي الشرع وخطّاب، مع تأكيد التزام السلطات الانتقالية بـ«ضمان وصول إنساني كامل وآمن وسريع ودون عوائق (…) وحماية حقوق الإنسان وسلامة وأمن جميع السوريين بغضّ النظر عن العرق أو الدين، ومكافحة المخدرات، وتعزيز العدالة الانتقالية، وعدم الانتشار والقضاء على أي بقايا للأسلحة الكيميائية، والأمن والاستقرار الإقليميين، وكذلك عملية سياسية شاملة يقودها السوريون». كما أضافت الصين بنداً صريحاً حول مكافحة الإرهابيين الأجانب؛ إذ تنصّ المسوّدة على «مكافحة الإرهاب، بما في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب وتنظيم داعش وتنظيم القاعدة والجماعات والأفراد والمؤسسات والكيانات التابعة لها (…) وأن تتّخذ الجمهورية العربية السورية، تدابير حاسمة للتصدّي للتهديد الذي يشكّله المقاتلون الإرهابيون الأجانب».

ومع نجاح تمرير المشروع في مجلس الأمن، في وقت متأخّر أمس، بتأييد 14 عضواً، مقابل امتناع بكين عن التصويت (يتطلّب إقراره موافقة تسعة من أصل خمسة عشر عضواً، على ألّا تستخدم أي من الدول الخمس الدائمة العضوية حق النقض)، تَثبّت إخضاع الملف السوري لإشراف مباشر من مجلس الأمن، في حين بات بإمكان واشنطن استقبال الشرع في البيت الأبيض، بصفته رئيساً انتقالياً «بلا ماضٍ» يُعكّر صفو الزيارة. وهو ما سيُقدّم باعتباره نقطة تحوّل تاريخية في موقع سوريا السياسي، يعزّزها الإعلان عن انضمام الأخيرة إلى «التحالف»، وفتح الباب على مصراعيه أمام التطبيع مع إسرائيل”.

وقائع مبادرات مصرية – أميركية أساسها استعداد إسرائيل «لحرب على كل المحور»: كلام كثير قاله حزب الله قبل إعلان «الكتاب المفتوح»

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “في ترتيب لسياق ما يجري بين لبنان والعدو، تبرز الحاجة إلى التدقيق في أمور عديدة. أبرزها حصر مصدر المعلومات عن إعادة حزب الله لبناء قدراته. ثم مراجعة لمسار التهديدات الإسرائيلية، والرسائل التي نقلتها الولايات المتحدة الأميركية، ثم المحاولات الدبلوماسية الصادرة عن جهات عربية وإقليمية.

بدأ الأمر، بتسريبات من كيان الاحتلال إلى فضائيات تموّلها السعودية والإمارات، وفيها كلام عن أنّ إسرائيل ترصد تنامياً لمساعي حزب الله في بناء قدراته من جديد. ثم تولّت صحافة العدو المهمّة مباشرة عبر سلسلة من التقارير والمقالات الصحافية والتصريحات التي أُرفقت بموجة أولى من التهديدات. فيما كان مندوب جيش الاحتلال، في لجنة «المكاينزم»، يوجّه الاتّهامات لمندوب الجيش اللبناني، بأنه لا يقوم بشيء لوقف نشاط حزب الله. بينما وافقه المندوب الأميركي، الذي «يتفهّم الهواجس الإسرائيلية» حيال ما يحصل في لبنان، قبل القول إنه يمكن للجيش اللبناني القيام بأمور كثيرة.

في هذه الأثناء، كانت مورغان أورتاغوس، تتولّى نقل رسائل جزء يخصّ إدارتها التي «لا ترى موجباً لأن يراعي أهل الحكم حزب الله، في ملفَّي السلاح والتفاوض»، ثم تنقل ما تقول إنها «اطّلعت عليه من إسرائيل، حول تفاصيل مثيرة بشأن ما يقوم به حزب الله لإعادة بناء قدراته»، لتخلص إلى أنّ «إسرائيل، لن تنتظر طويلاً، وأنها مستعدّة في أي وقت للقيام بمهمّة نزع السلاح، في حال رفض لبنان القيام بها».

بينما كان المبعوث السياسي توم برّاك، «يؤنّب» المسؤولين في لبنان على «تقاعسهم» وعدم المبادرة إلى خطوات للسير في مشروع تسوية شاملة مع إسرائيل. ثم طوّر برّاك مواقفه، ليقول إنّ لبنان «أمام فرصة وحيدة لمنع عودة الحرب، تتمثّل في إعلان السلطات اللبنانية الموافقة على الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وأن يتمّ منح الجيش اللبناني صلاحيات إضافية لنزع سلاح حزب الله، في كل لبنان»، ولكنّ برّاك، الذي لا يبدو أنه معجب بزميلته أورتاغوس، عاد وكرّر كلامها عن «خيارات إسرائيل الواسعة»، لكنه أضاف لمن يهمّه الأمر، بأنه «ليس منطقيّاً أن يتوقّع لبنان من الولايات المتحدة أن تمنع إسرائيل من القيام بما تراه مناسباً لحماية أمنها».

الأمر المشترك في كل هذه المحطات، أنّ إسرائيل ليست مستعدّة لتقديم أي ضمانات بشأن وقف العدوان على لبنان. وهي لا تفترض أنّ مجرّد التفاوض يلزمها بخطوات عملانية. وبرغم أنّ كل كلام قادة العدو، لم يأتِ على سيرة التفاوض لا من قريب ولا من بعيد، إلا أنّ إسرائيل أبلغت قنوات الوساطة أنها تنتظر من إعلان لبنان الرسمي استعداده للتفاوض المباشر معها.

مع الوقت، سارع العدو إلى البعث بتوضيحات عبر مندوبين أجانب وإقلميين، بأنّ «المفاوضات ليست شرطاً كافياً لتقديم ضمانات أمنية، أو القيام بإجراءات حسن النية»، بل كرّر قادة العدو أنهم «يريدون من لبنان، أن يثبت في أثناء المفاوضات، أنّ لديه الآلية التي تضمن تنفيذه أي اتفاق أمني، وبعد اختبار هذه الآلية، تنتقل إسرائيل للبحث في ما يتوجّب عليها القيام به».

لكنّ الكلمة الأهمّ في كل ما سبق، هي أنّ إسرائيل طالبت الأميركيين، بأن يصارحوا الجانب اللبناني ولمرة أخيرة، بأنّ «الحديث لا يدور عن تفاوض لتنفيذ اتفاقية 27 تشرين الثاني 2024، أو متابعة تنفيذ القرار 1701، بل أنّ التفاوض سيكون على اتفاقية أمنية كاملة، وأنّ على لبنان أن ينسى اتفاقية وقف إطلاق النار، كما عليه أن يفهم أنّ القرار 1701، لم يعد موجوداً على الطاولة، وأنها مسألة شهور عدّة، حتى يتمّ التخلّص منه، عبر بدء برنامج تسريح قوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان».

الإنزال المصري
وسط هذه المناخات، كان لبنان يتلقّى رسائل مختلفة حول أهمية استفادته من «الباب الذي فتح بعد اتفاق غزة». وهو كلام همس الأميركيون به في بعض الاجتماعات، لكن، يبدو بحسب أكثر من مصدر مطّلع، فإن واشنطن، ناقشت الأمر مع مصر، وهو أمر تولّاه الوسيط الأميركي ستيف ويتكوف، الذي نصح القاهرة بإرسال مندوب عنها لمناقشة الجانب الإسرائيلي، ثم التحضير لمبادرة تكون مصرية المنشأ. وبناءً عليه، كانت زيارة مدير المخابرات المصرية، اللواء حسن رشاد إلى تل أبيب، والاجتماع بقادة العدو السياسيين والعسكريين والأمنيين، وهو فهم أنّ واشنطن تهتمّ بما يتجاوز فكرة «حماية اتفاق غزة، ومعنى أن يكون هناك ترابط بينه وبين ملف لبنان».

الواضح، من المداولات التي حملها الرجل في زيارته إلى بيروت، وما قيل على هامش الاحتفال المصري بالمتحف الكبير، إنّ رشاد، سمع في إسرائيل كلاماً مباشراً حول ما تعتبره «تهديداً قائماً». وأنّ مسؤولاً رفيع المستوى قال له بوضوح، إنّ إسرائيل «لا تعتبر أن الحساب قد أُقفل مع حزب الله أو ايران أو اليمن أو حتى العراق»، ليخرج الرجل باستنتاجات، جعلته يقول إنّ إسرائيل «تستعد على ما يبدو لجولة حروب جديدة، وقد تبادر إلى ضرب مَن تعتبرهم أذناب إيران، حتى يتسنّى لها لاحقاً توجيه ضربة قاضية إلى إيران»، وإنها «ترى الترابط قائماً وبقوة بين ساحات لبنان والعراق واليمن وإيران، ومع حماس أيضا». وبمعزل عن انزعاج أكيد لدى الرجل من «العنجهية الواضحة في كلام وتصرّفات القادة في إسرائيل»، فهو عاد ليناقش الأمر مع الجانب الأميركي، قبل أن تتقدّم مصر بخطوة، لا تبدو منفصلة عمّا يجري.

حتى أنه يصعب الاعتقاد بأنّ القاهرة التي تزهو بأنّ دورها عاد ليبرز بقوة عبر غزة، إلا أنها تسعى إلى ملء فراغات قائمة في المنطقة، وهي ليست مرحّبة بتركها للسعودية أو الإمارات أو حتى تركيا. لكن الأهم، هو أنّ القاهرة، تجد نفسها اليوم في علاقة جيدة مع الأميركيين، ما يسمح لها بتنسيق مثمر، خصوصاً بين رشاد وويتكوف، على وجه الخصوص.

وعندما جاء رشاد إلى بيروت، فإنّ سلسلة من الاجتماعات عقدت في العلن، فيما عقدت أخرى بعيداً عن الإعلام. ويمكن تلخيص المضمون بالآتي:
أولاً: إن إسرائيل تنشط أمنيّاً واستخباراتيّاً من أجل توجيه ضربة قاسية وموجعة إلى حزب الله، وإنّ فكرة اغتيال قادة كبار في الجناحين السياسي والعسكري، موضوعة على جدول أعمال أجهزة الاستخبارات والجيش.
ثانياً: إنّ إسرائيل تعتبر نفسها في موقع المتفوّق، وقادرة على خوض حملة جوّية تكسر ظهر حزب الله، ومَن معه في لبنان، وأن تفعل الأمر نفسه في العراق وضدّ الحوثيين أيضاً.

ثالثاً: إنّ الاستراتيجية المقابلة، يجب أن تستند إلى أنّ واشنطن مستعدّة للضغط على إسرائيل (على بنيامين نتنياهو تحديداً)، لكنّ ذلك يتطلّب خطوات عملية من جانب لبنان، وإنّ هذه الخطوات يجب أن تكون منسّقة مع حزب الله.
رابعاً: إنّ القاهرة تعتبر نفسها قد انتصرت في منع تهجير سكان غزة، وهي لا تدعو إلى محو «حماس»، كما لا تجد أنّ الأمن القومي العربي يناسبه أن يتمّ سحق حزب الله، لكنها تعتقد أنّ على الحزب التفكير بالوضع، بطريقة مختلفة عن السابق.

خامساً: وجدت القاهرة صيغة عملانية ومقنعة للأميركيين، لا تقف عند إعلان لبنان موافقته على الدخول في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، بل تتطلّب إعلان حزب الله بنفسه، عن خطوات مثل المبادرة إلى تسليم كامل سلاحه في منطقة جنوب الليطاني، وأن يعلن التزاماً واضحاً بأنه ليس في وارد استهداف إسرائيل، وفي هذه الحال، يتمّ تجميد البحث في مصير سلاحه شمال نهر الليطاني، وبعد ذلك، سوف يكون المناخ ملائماً لإطلاق مفاوضات تهدف إلى تحقيق الأهداف الرئيسية، بانسحاب إسرائيلي كامل وترسيم الحدود البرّية وإطلاق سراح الأسرى، ثم فتح الباب أمام إعادة الإعمار.

حزب الله والمجهول
من جانبه، لم يبدِ حزب الله تحفّظاً في التعبير عن موقفه، وقال صراحة إنّ كل المبادرات إنما تدور وتدور لأجل إلزام لبنان التنازل عن اتفاق 27 تشرين الثاني، وإنّ المصريين، مثل الأميركيين وغيرهم، لا يملكون القدرة على إقناع إسرائيل بمجرد حصول هدنة، فكيف سيضمنون التزامها بأي اتفاق، وإنّ تجربة سوريا واضحة للعيان، وليس فيها ما يشجّع أحد على المضي بأي مبادرة، وطبعاً، لم يكن حزب الله يحتاج لأن يقول لمن يهمّه الأمر، إنّ أميركا نفسها، لم تضمن سلامة قطر من العدوان الإسرائيلي، فكيف ستضمن أميركا أو مصر أو غيرها سلوك العدو في لبنان..

عملياً، وجد حزب الله، أنه بات لزاماً عليه إطلاق الموقف الواضح والمناسب، وبطريقة توضح الآتي:
أولاً: إنّ الحزب ملتزم اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ليس في وضع هجومي، وإنه يجيد قراءة ما ورد في الاتفاق الذي وقع في 27 تشرين الثاني. وبالتالي، فمن العبث مطالبته إعلان أي التزامات لأجل مراضاة إسرائيل.
ثانيا: إنّ الحزب الذي كان شريكاً في التفاوض حول الترسيم البحري، لا يعارض فكرة توسيع عمل «الميكانيزم»، لكنه يريد ذلك ضمن إطار لا يدفع لبنان نحو اتفاق سلام أو تطبيع مع إسرائيل.

ثالثا: إنّ المقاومة، لا تتحدّث أبداً عن عملها، وهي اتخذت قراراً واعياً بالانتقال إلى «المجهول»، ولا يوجد أي شخص في حزب الله، يتحدّث عن الجانب العسكري، وأنّ الحزب غير مسؤول على الإطلاق من كل كلام يقوله محبّون أو خصوم، بل هو متضايق من كثير من هذا الكلام.
رابعاً والأهم، إنّ المقاومة ذكّرت الجميع، بأنها ستمارس حقّها في العمل الدفاعي، وربما هذا ما كان مصدر الغضب الأميركي – السعودي – الإسرائيلي الذي تُرجم أمس، في إطلاق مرحلة التصعيد الجديدة..”.

المصدر: الصحف اللبنانية