أعلن وزير الدفاع السوداني حسن كبرون، الثلاثاء، أن الجيش السوداني سيستمر في القتال ضد قوات الدعم السريع، رغم مناقشة مجلس الأمن والدفاع مقترحاً أميركياً لوقف إطلاق النار، قائلاً في كلمة بثها التلفزيون الرسمي: “نشكر إدارة ترامب على جهودها ومقترحاتها لتحقيق السلام… التجهيزات لمعركة الشعب السوداني متواصلة”، وشدد عقب اجتماع المجلس في الخرطوم على أن “تجهيزاتنا للحرب حق وطني مشروع”.
ولم تُعلن السلطات السودانية حتى الآن عن تفاصيل المقترح الأميركي، في وقت تتسع فيه رقعة الحرب التي أسفرت خلال سنتين عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، وشهدت الأيام الأخيرة تصعيداً جديداً مع انتقال المعارك إلى مناطق جديدة في السودان، متسببة في تفاقم الكارثة الإنسانية.
في المقابل، تواصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهود الوساطة للبحث عن وقف لإطلاق النار في السودان، بعد وساطات في ملفات أفريقية وشرق أوسطية أخرى مؤخراً، فيما رفضت السلطات الحليفة للجيش السوداني في وقت سابق مقترحات لتهدئة كانت تنص على استبعاد الجيش والدعم السريع من مرحلة الانتقال السياسي.
وجاءت جولة المحادثات الأخيرة بموازاة تصعيد ميداني، إذ تستعد قوات الدعم السريع لشن هجوم جديد على منطقة كردفان (وسط السودان) عقب سيطرتها على الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور غرب البلاد.
على الصعيد الدبلوماسي، أجرى الموفد الأميركي الخاص لأفريقيا مسعد بولس اجتماعات في القاهرة مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وجامعة الدول العربية، حيث شددت القاهرة على ضرورة التوصل إلى “هدنة إنسانية ووقف لإطلاق النار تمهيداً لإطلاق عملية سياسية شاملة”، وتلقى بولس من الأمين العام للجامعة شرحاً حول الجهود الأخيرة لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات.
وتواصل المجموعة الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، الإمارات، السعودية) بذل جهود دبلوماسية لإيجاد حل للأزمة المستمرة منذ أكثر من 30 شهراً. وكانت الرباعية اقترحت في سبتمبر/أيلول الماضي هدنة إنسانية تليها فترة انتقالية، إلا أن المقترح ووجه برفض فوري من السلطات الحليفة للجيش.
تصاعدت مؤخراً التقارير عن جرائم قتل جماعية وعنف جنسي واعتداءات على عمال الإغاثة وعمليات نهب واختطاف في الفاشر عقب سيطرة الدعم السريع عليها، ما دعا المحكمة الجنائية الدولية إلى التحذير من كون هذه الأعمال قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي منتدى بالدوحة دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع أطراف النزاع إلى “الجلوس إلى طاولة المفاوضات ووضع حد لكابوس العنف الآن”، محذراً من أن الأزمة في السودان “تخرج عن السيطرة”.
وفي العاصمة الخرطوم، شارك أطفال في تظاهرة مناهضة لقوات الدعم السريع، رفعوا خلالها لافتات كتب عليها “لا لقتل الأطفال، لا لقتل النساء” و”الميليشيا تقتل نساء الفاشر دون رحمة”.
ورغم تكرار الدعوات الدولية للتهدئة، تجاهل طرفا القتال، وكلاهما متهم بارتكاب انتهاكات، نداءات وقف إطلاق النار حتى الآن. وتتهم الأمم المتحدة الإمارات العربية المتحدة بتزويد الدعم السريع بالسلاح، وهي اتهامات تنفيها أبوظبي. في المقابل، يتلقى الجيش السوداني، حسب المراقبين، دعماً مباشراً من مصر والسعودية وتركيا وإيران.
وتعني سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر الاستراتيجية بسط سيطرتها فعلياً على كامل عواصم إقليم دارفور الخمس وتقسيم السودان، إذ يحتفظ الجيش بمناطق الشمال والشرق والوسط على امتداد نهر النيل والبحر الأحمر، بينما يهيمن الدعم السريع على الغرب وأجزاء من الجنوب.
المصدر: أ.ف.ب.
