قلّل الكرملين، الخميس، من شأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على قطاع الطاقة الروسي، إذ أقرّ بأنها “جدية”، لكنه أكد أن تأثيرها لن يكون “كبيراً” على اقتصاد موسكو. وقد لقي القرار الأميركي ترحيباً من أوكرانيا وعدد من القادة الأوروبيين في بروكسل.
وفي وقتٍ بدت فيه الجهود الأميركية لإنهاء الحرب متعثّرة، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأجيل الاجتماع المقرّر بينه وبين نظيره الروسي فلاديمير بوتين في بودابست، جدّد بوتين تمسكه بمواصلة “الحوار”، محذّراً في الوقت نفسه من تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” الأميركية.
وقال الرئيس الروسي للصحافيين إنّ العقوبات التي أعلنتها واشنطن الأربعاء “جدية بالنسبة إلينا بالتأكيد، هذا واضح، وستكون لها بعض التداعيات، لكنها لن تؤثر بشكل كبير على صحتنا الاقتصادية”.
واستهدفت العقوبات الأميركية شركتَي النفط الروسيتين العملاقتين “روسنفت” و”لوك أويل”، وهي أول عقوبات كبيرة تفرضها إدارة ترامب على روسيا منذ عودته إلى السلطة.
ووصف بوتين هذه العقوبات بأنها “محاولة للضغط”، مضيفاً: “لكنّ أي دولة أو شعب يحترم نفسه لا يتخذ قراراً بهذه الطريقة”، مؤكداً أنّ قطاع النفط الروسي يشعر “بالثقة والتصميم”. وشدّد على أنّ “من المستحيل” الاستعاضة عن المنتجات النفطية الروسية في السوق العالمية.
كما أعربت الصين عن معارضتها لهذه الإجراءات الأميركية.
في المقابل، اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنّ العقوبات “رسالة قوية وضرورية تؤكد أنّ العدوان لن يبقى من دون رد”، مضيفاً لدى وصوله إلى قمة قادة الاتحاد الأوروبي، بعد ساعات من الإعلان عن العقوبات المشتركة مع واشنطن: “هذا أمر مهم للغاية”.
من جهتها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس: “نحن سعداء للغاية بالمؤشرات التي نتلقاها من الولايات المتحدة”، معتبرةً أنّ “توافقنا بشأن هذه القضية يشكل إشارة مهمة”.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعرب الأربعاء عن استيائه من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، معلناً فرض عقوبات “هائلة” على القطاع النفطي الروسي، بعد أشهر من التردد في اتخاذ القرار. وتشمل العقوبات تجميد أصول شركتَي “روسنفت” و”لوك أويل” في الولايات المتحدة، ومنع الشركات الأميركية من التعامل معهما.
وفي موازاة ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي مساء الأربعاء عن حزمة جديدة من العقوبات ضد موسكو، هي التاسعة عشرة منذ العملية الروسية في أوكرانيا في شباط/فبراير 2022. وتشمل هذه الحزمة وقفاً كاملاً لواردات الغاز الطبيعي المسال الروسي بحلول نهاية عام 2026، إلى جانب تدابير إضافية ضد أسطول ناقلات النفط “الشبح” الذي تستخدمه موسكو للالتفاف على العقوبات الغربية.
وأوضح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ تجارة النفط عبر هذا الأسطول الشبح توفّر “أكثر من 30 مليار يورو” للميزانية الروسية، وتساهم في تمويل “30 إلى 40 في المئة من آلتها الحربية ضد أوكرانيا”.
بدوره، رأى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، خلال زيارته إلى البيت الأبيض الأربعاء، أنّ هذا الضغط الجماعي المتزايد على موسكو قد “يغيّر حسابات” فلاديمير بوتين و”يقوده إلى طاولة المفاوضات” للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، قائلاً: “أنا مقتنع تماماً بأنّ ذلك ربما لا يكون اليوم أو غداً، لكننا سنصل إلى هناك”.
وفي تعليقه على قرار الرئيس الأميركي “تأجيل” القمة معه، قال بوتين إنّ “الحوار أفضل دائماً من المواجهة والخلافات، بل وأفضل من الحرب”، مضيفاً: “إذا تخلينا عن التدابير القسرية وانخرطنا بدلاً من ذلك في حوار جاد حول آفاق المستقبل، بما في ذلك في المجال الاقتصادي، فسيكون لدينا مجالات عدة يمكننا التعاون فيها”.
وكان ترامب قد وصف محادثاته مع الرئيس الروسي بأنها “عقيمة”، بعد تأجيل اللقاء الذي كان مقرّراً بينهما في بودابست إلى أجلٍ غير مسمّى، قائلاً: “في كل مرة أتحدث مع فلاديمير، أجري محادثات جيدة لكنها تبقى عقيمة في النهاية، إذ لا تفضي إلى أي اختراق”.
وجدد بوتين تحذيره من مغبّة تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك”، معتبراً أنّ ذلك سيكون بمثابة “تصعيد في الحرب”، متوعداً بردّ “قوي للغاية، بل مذهل”، في حال استخدام هذه الصواريخ لضرب الأراضي الروسية، مضيفاً: “فليفكروا ملياً”.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أخفق خلال زيارته إلى واشنطن الأسبوع الفائت في إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتسليم كييف صواريخ “توماهوك”.
المصدر: أ.ف.ب.