تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 15 تشرين الاول 2025 في افتتاحياتها وصفحاتها الاولى الملفات والمواضيع الآتية:
الأخبار:
ريما كرامي: «الحظّ» يُسيّر المدرسة الرسمية!
«إعادة الثقة بالمدرسة الرسمية» عنوان طموح رفعته وزيرة التربية، ريما كرامي، لدى وصولها إلى وزارة التربية، قبل أن تكتشف، مع الوقت، أن المهمة «عويصة»، بسبب «حقل الألغام» الذي تعمل فيه. هي، على الأقل، تُقرّ، بأنها ورثت من الوزارات المتعاقبة الكثير من المشكلات التي تبدأ بالرواتب الهزيلة، والصناديق الفارغة، ولا تنتهي بالكتب الضائعة. وفي حين يغيب القرار السياسي بدعم التعليم الرسمي، يحضر توسّل دعم الجهات الدولية المانحة في كل مفصل من المفاصل الإدارية والمالية والتربوية. في ما يأتي نص حوار مع كرامي
يقول مديرو مدارس قرى الحافة الأمامية إن وزارة التربية غائبة، رغم خروجها من عدوان إسرائيلي مدمر، والاعتداءات اليومية المستمرة. ما هو تعليقك؟
غير صحيح أن الوزارة غائبة عن القرى الحدودية. فالمنطقة تصدّرت كل اهتماماتنا منذ بدء الاستعدادات للعام الدراسي الجديد، إذ عقدت اجتماعات خاصة مع النواب، ومجلس الجنوب، والجهات الدولية المانحة، وممثلي المكاتب التربوية للأحزاب السياسية، لمقاربة كل الموضوعات والتفاصيل، فضلاً عن الاجتماع الذي يلتئم أسبوعياً مع الإدارة التربوية للوقوف على كل المشكلات والهواجس.
وأصدرت تعاميم مختلفة بالإجراءات الإدارية المعتمدة لتسيير العمل في المدارس والثانويات الحدودية. وعندما تسمعون أن المدير أو البلدية أو الجمعية فعلت كذا وكذا، فهذا لا يمكن أن يحصل إلا بالتعاون والتنسيق مع الوزارة.
نحن من يُسهِّل ترميم وصيانة المدارس المتضررة، ونحن من يوفِّر المباني البديلة ويُؤمّن الأدوات والتجهيزات المطلوبة. في الواقع، وضعنا شرطين أساسيين: عدم التعليم «أونلاين»، وتوفير مقعد دراسي لكل تلميذ، وتركنا الحرية للجميع بأن يختاروا أماكن الدراسة التي تناسبهم، سواء في قراهم أو في الأماكن التي نزحوا إليها، وإن كان البعض طلب منا الحفاظ على كينونة المدارس، وأن نؤمن لهم مباني بديلة لينقلوا إليها جميع الطلاب كي يبقوا على تماسٍ مع رفاقهم وأساتذتهم.
الأمور تعالج على قدمٍ وساق، فقد مدّدنا مهلة التسجيل، ولا زلنا في ضوء الاستقرار، وننتظر الانطلاق الفعلي للعام الدراسي في الحافة الأمامية، في أسرع وقت ممكن.
ماذا عن صناديق المدارس التي تعاني من عجز مالي كبير، مع العلم أنها المورد الأساسي لتسيير التعليم الرسمي؟
الضائقة المالية كبيرة والضغط كبير على الصناديق، ولا سيما بعدما تقرر تحميلها «بدلات المثابرة» أو الحوافز لعمال المكننة والنظافة والحراسة، إضافةً إلى رواتبهم ومستحقات بعض الأساتذة المتعاقدين، لكون الصندوق هو البند الوحيد الذي يسمح لنا بصرف الأموال عبر الموازنة العامة.
والوزارة تترقب أن تصلها في هذا الشهر دراسات من إدارات المدارس عن الأكلاف التي يرتبها هذا التدبير، تمهيداً للبحث في كيفية تأمين الاعتمادات المالية.
أستطيع أن أقول إنني ورثت هذه المشكلة عن الوزارات المتعاقبة، فلم يسبق أن وضع أحد ترتيباً ثابتاً ومستداماً، والأمر بات يعتمد على الحظ، فإذا حظيت المدرسة بمجتمع محلي يحتضنها ويقدم لها المساعدة «بتمشي»، وإلا فهي تتعثر.
لكن أجرينا بعض التعديلات التي يمكن أن تسهم في حل المشكلة، منها: دمج صناديق المدارس وصناديق مجلس الأهل ورفع سقف الإنفاق وزيادة طفيفة على رسوم التسجيل في التعليم الثانوي. نأمل أن تلقى بعض المدارس التي تضم طلاباً سوريين بعض الدعم من الجهات المانحة. نتوقع أن يستمر الضغط هذا العام، ولكن نأمل أن تنتظم الأمور تدريجياً.
جميع الأساتذة يترقبون الزيادات على رواتبهم. ماذا حلّ بهذا الملف؟ وهل هناك أي تصور جديد؟
وزارة التربية انخرطت في الاجتماعات الدائمة التي تعقدها اللجنة الوزارية برئاسة نائب رئيس الحكومة طارق متري التي تدرس رواتب جميع موظفي القطاع العام. شاركت مع ممثلي روابط الأساتذة في التعليم الرسمي في أحد اجتماعات اللجنة، وسنطلب موعداً قريباً من اللجنة ومن وزير المال ياسين جابر بحضور الروابط أيضاً.
الجميع مقتنع بأن تصحيح الرواتب يجب أن يحصل وينبغي العمل على خطة واضحة في هذا المجال، وصوت الأساتذة يجب أن يصل ومطالبهم يجب أن تُدرس بالتفصيل. لكن يجب أن نُقِر بأن القطاع التعليمي ضخم جداً، وأن ندرس تصحيح رواتب عشرات الإداريين في القصر الجمهوري أو مجلس الوزراء يختلف تماماً عن تصحيح أجور 43 ألف معلم.
تولّت منظمة «يونيسف» طباعة الكتاب المدرسي الرسمي في العام الماضي، ورغم ذلك لا تزال الشكوى مستمرة من عدم توافره. ما الذي يحصل وأين ذهبت النسخ المطبوعة والتي تبلغ أكثر من 2.8 مليون كتاب، في مواد الرياضيات والعلوم واللغات فقط؟
هذا الملف هو من الملفات التي ورثتها أيضاً، فعندما حضرت إلى وزارة التربية في آذار، قيل لي إن الكتب متوافرة في المستودعات، وعندما بدأنا بالتحضير للعام الدراسي الحالي خرجت الصرخة بأن الكتب الموجودة لا تغطي الاحتياجات. في الواقع، ليس هناك تمويل لطباعة الكتاب المدرسي الرسمي في «المركز التربوي للبحوث والإنماء»، وقد جرت الاستعانة بالجهات المانحة، ولا سيما «يونيسف»، لطباعة الكتاب في السنوات الماضية.
إلّا أنني اكتشفت أن النسخ غير كافية لجميع المراحل، خصوصاً في المراحل الابتدائية والمتوسطة في الدوام الصباحي. والرقم الذي أعطتكم إياه «يونيسف» يشمل المدارس في الدوامين الصباحي والمسائي.
وتبين أنه ليست هناك أي مشكلة في دوام بعد الظهر، إذ وُزعت الكتب على جميع التلامذة. حالياً، أنجزت الوزارة مسحاً بالنواقص ويتم التفاوض بشأن إمكانية الاستعانة بمطابع الجيش اللبناني نظراً إلى سرعتها، فيما نعمل حالياً على إجراء بعض التصليحات للمعدات المعطلة في «المركز التربوي» عبر الاستعانة بالجهات المانحة أيضاً.
أما بالنسبة إلى ما أُثير عن بيع الكتب في السوق السوداء، فإن الوزارة تجري تحقيقاً، علماً أن النسخ التي وضعت في السوق قد لا تتجاوز ألفي كتاب من أصل 100 ألف. الهم الأساسي بالنسبة إلي هو تأمين طباعة الكتب لجميع التلامذة وتوزيعها عليهم.
تربوياً، استحدثتم التقييم التشخيصي لتلامذة التعليم الأساسي وبنيتم على نتائجه برنامجاً لردم الفاقد تعليمي بمدة ثمانية أسابيع. فما هي أبرز النتائج؟ ومن وضع برنامج الدعم؟ وهل المدة المحددة للبرنامج في بداية هذا العام الدراسي كافية لمعالجة الفاقد؟
الأهم في هذا المشروع أن التقييم أو الاختبار لتلامذة المرحلة الأساسية من الأول حتى السادس الأساسي الذي أجري، في نهاية العام الدراسي الماضي، اعتمد على معلومات مرقمنة لكل المدارس ولجميع التلامذة، وباتت النتائج مؤرشفة لتكون نقطة الانطلاق والعودة إليها في أي برنامج علاجي للفاقد التعليمي وليس فقط البرنامج الذي يُطبق حالياً في المدارس.
أما في النتائج، فلم تكن هناك مفاجآت كبرى، سوى أن الفاقد التعليمي في بعض المدارس فاق التوقعات لكونه بلغ أربع سنوات، علماً أن جزءاً من هذا الفاقد نتشارك به مع كثير من دول العالم، وهو ناتج بصورة خاصة من جائحة «كورونا»، إضافة إلى الإضرابات والأعطال والأزمات الاقتصادية والأمنية التي عصفت بالبلد، والتي أدت إلى اختصار المناهج وخفض عدد أيام التدريس من 170 يوماً إلى 90 يوماً.
لكن يجب أن نوضح أن التقييم لم يكن على المنهج، إنما على الكفايات المحصلة لدى التلامذة ومنها على سبيل المثال كفاية القدرة على قراءة نصوص غير مألوفة، كأن يستخدم التلميذ اللغة الفرنسية في تمرين رياضيات. وهنا تبين أن هناك مشكلة أكثر من النصوص المألوفة. كذلك أظهر التقييم أن هناك تفاوتاً شاسعاً في المستوى داخل الصف الواحد، ولا سيما في المراحل الدراسية الأولى.
وهو ما أعطانا إشارة إلى أهمية تدريب المعلمين على التعليم التمايزي. وبدا مُفيداً أن ندمج صفوفاً في الحلقة الأولى (الأول والثاني والثالث الأساسي). الجهة المسؤولة عن وضع البرنامج اختصاصيون من مكتبي وممثلون عن «المركز التربوي»، ولا سيما رئيسة المركز هيام إسحق، ورئيسة الهيئة الأكاديمية رنا عبد الله، ورئيسة مكتب الإعداد والتدريب في المركز رانيا غصوب، للتأكد من درجة تناغم الكفايات، إضافةً إلى زيادة الساعات المخصصة للزيارات التي يقوم بها المرشدون التربويون إلى المدارس. قد تكون الأسابيع الثمانية غير كافية لبعض التلامذة، ما يمكن أن يقودنا إلى زيادة أيام التدريس يوماً واحداً لهؤلاء التلامذة حصراً، مع توفير الدعم المالي من الجهات المانحة للمعلمين الذين سينخرطون في البرنامج الإضافي.
لكن ماذا عن احتجاجات المديرين والمعلمين حيال إمكانية التطبيق اللوجستي لبرنامج الدعم؟
يجب أن نعترف بأن الجميع يعملون تحت وطأة ظروف قاسية، ولكن رغم ذلك من واجبنا أن نقدم تعليماً مختلفاً للتلامذة، وهناك إشارات إيجابية بدأت تظهر في الأسبوعين الأخيرين خلافاً للأسبوعين الأولين اللذين وقع فيهما المديرون والمعلمون تحت ضغط لكونها تجربة جديدة. لكنهم عادوا وأدركوا أهمية البرنامج، ولا سيما التمارين الناشطة التي وضعها «المركز التربوي» للتعليم عن طريق اللعب.
أما ما حكي عن أن المديرين فوجئوا بالبرنامج، فهذا الأمر غير صحيح، إذ نظمت جلسات «أونلاين» شاركت شخصياً في اثنين منها، وقد سُجّلت الحوارات التي دارت فيها ليعود إليها المعلمون الذين لم يتسنّ لهم الانخراط فيها. ويجب أن نذكر أن المعلمين يعملون ضمن دوامهم ووفقاً لتوجيهات واضحة.أطلقتم أخيراً حملة لدعم المدرسة الرسمية. ما هو هدف الحملة؟ وما هي أوجه الدعم؟ وما هي المعايير التي على أساسها تم تحديد 164 مدرسة دون غيرها؟
حاولنا أن نشرح لمديري المدارس المنتقاة أن هدف الحملة هو استقطاب الدعم للمدرسة الرسمية من المجتمعين المحلي والدولي، وأنه ليست هناك موازنة مخصصة من الدولة لتقديم الدعم.
أما عدد المدارس، فقد اختير بحسب نسبة تواجد المدرسة الرسمية في كل محافظة، في حين أن الانتقاء جرى وفقاً لرؤية مرتكزة على وثيقة «إطار المفاهيم للمدرسة الفعالة» التي طورناها لجهة وجود إدارة مدرسية ناشطة برهنت أنها قادرة على استثمار أي فرصة أعطيت لها على أفضل وجه، إضافةً إلى مشاركة هذه المدارس الرسمية التي تتفوق على كثير من المدارس الخاصة في المشاريع التربوية، وهذه مناسبة للاحتفاء بهذه الإدارات ووضع أسمائها في الواجهة لاجتذاب المتبرعين لأسباب الجودة والتميز، ولا سيما في غياب تصنيف المدارس في لبنان على غرار ما يحدث في الإمارات مثلاً، على اعتبار أن الجهات المانحة قد تضع مواصفات لتقديم الدعم لهذه المدرسة أو تلك.
وهناك أيضاً مجموعات أخرى من المدارس يجري التحضير لها، فقد تسجلت على الأقل 30 مدرسة في المجموعة الثانية التي نعمل على دعمها، إضافة إلى الـ 164 مدرسة.
معركة طائفية… دفاعاً عن «مياه تنورين»!
لا تزال قضية شركة «مياه تنورين» تتفاعل، نتيجةً لقرار وزير الصحة بالوكالة وزير الزراعة نزار هاني، القاضي بإيقاف الشركة عن التعبئة، وسحب منتجاتها المعبّأة قبل تاريخ صدور القرار من الأسواق، إلى حين تبيان سبب تلوّث العيّنات التي تمّ فحصها ببكتيريا «بسودوموناس إيروجنوزا».
ففي مؤتمر صحافي أمس، رفضت الشركة نتيجة الفحوص المخبرية التي على أساسها صدر القرار، معتبرةً أنّ «العيّنة التي تمّ الاستناد إليها لم تُسحب وفقاً للأصول المعتمدة، وفي حضور أي ممثّل من الشركة، وهو ما يجعل النتائج غير دقيقة وصالحة لتبنى عليها استنتاجات».
وأسفت الشركة، على لسان مديرها العام جورج مخّول – الذي حرص طوال المؤتمر الصحافي على «بلِّ ريقه» من مياه شركته – لما صدر عن وزارة الصحة، معلنةً أنّ ما ستفعله هو البحث عن «تصحيح الخطأ» لا المواجهة، «مع الاحتفاظ بحقّنا في اتّخاذ الإجراءات اللازمة لاحترام سمعتنا ومكانتنا».
دفع المؤتمر، والبلبلة التي سبقته على موقع التواصل الاجتماعي، وزير الصحة ركان ناصر الدين، إلى الرّد بأنّ الفحوص أجريت في مختبرين اثنين (في مستشفيي رفيق الحريري الجامعي وضهر الباشق الجامعي) وبفارق زمني أثبت وجود هذه البكتيريا، مع الإشارة إلى أنّ «الفحص الأخير أظهر زيادة في التلوّث»، وفقاً لمصادر الوزارة. وعليه، صدر القرار، علماً أنّ هذا الإجراء المتّخذ في حقّ الشركة «يُلغى فوراً إذا اتّخذت كل الإجراءات الضرورية لجودة المياه وسلامتها بما يضمن صحة المواطن وسلامته».
ولكيلا يُفهم القرار بأنه ضدّ الشركة دون سواها، أعلن ناصر الدين، إرسال عيّنات أخرى من منتجات الشركة في الأسواق إلى المختبرات، مشيراً إلى أنه «بانتظار النتائج ليبنى على الشيء مقتضاه». وتوازياً، تمّ أخذ عيّنات من المنتجات العائدة لغالبية شركات المياه لفحصها، والتأكّد أيضاً من سلامتها وجودتها. وفي هذا السياق، أفادت المصادر بأنّ الوزارة أرسلت عيّنات من عبوات «مياه تنورين» كانت قد أُخذت أول أمس، «إلى مختبر البحوث الصناعية والجامعة الأميركية في بيروت، على أن تصدر النتائج في غضون ثلاثة أيام تقريباً».
«تضامن مسيحي» مع «تنورين»!
في الوضع الطبيعي، لم يكن إجراء روتيني كهذا يستدعي كل هذا الضجيج. لكنّ انحراف الموضوع عن سياقه دفع الوزارة إلى الدخول في معمعة التبريرات. فعدا عن تبريرها المتكرّر بأنّ «مياه تنورين» ليست مستهدفة، وإشارتها إلى أنه كان من الممكن أن تكون أي شركة أخرى مكانها، تكشف المصادر أنّ «ما قامت به الوزارة تحديداً في شأن تنورين، كان بناء على شكوى متكرّرة عن حالات تسمّم بالمياه، ولذا فعلنا ما فعلناه». أضف إلى ذلك أنّ «القرار أصدره وزير الصحة بالوكالة وزير الزراعة نزار هاني»، وهو ما أشار إليه بيان الوزير الأصيل، ركان ناصر الدين. وأكثر من ذلك، تفيدُ مصادر الوزارة بأنه «جرى تبليغ الشركة بالشكاوى، ولم تتفاعل مع الأمر».
بغضّ النظر عمّن أصدر القرار، ثمّة ما لا يمكن ابتلاعه في القضية المفتوحة اليوم، وهو تحوّلها من قضية صحية إلى وسيلة لشدّ العصب الطائفي. فلم تكد الوزارة تصدر قرارها، حتى قامت الدنيا ولم تقعد، باشتعال حرب افتراضية قادتها «القوات اللبنانية»، تحت عنوان الدفاع عن شركة «المسيحيين» التي يستهدفها «وزير الصحة التابع لحزب الله»، قبل أن تتوسّع الحملة لتصبح «حديث البلد».
هكذا، بسبب نتيجة فحص مخبري، نسيَ الجميع ما تعانيه البلاد من مشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية وحرب دائرة منذ عامين، وانقسموا بين «سياديين» مدافعين عن «حقوق المسيحيين»، في مواجهة وزير «الثنائي الشيعي» الذي يريد تدمير «مياه تنورين» بما تحمله من رمزية، عبر حملة ملفَّقة. إلى هذا الحدّ، بلغت السوريالية والإسفاف، حيث وُجد مثلاً من يعتبر أنّ القرار هو استكمال لـ«مسار تدميري» بدأ مع «المصارف وميشال مكتّف ومخابز wooden bakery»… ومن ثمّ «مياه تنورين» التي «توظّف أكثر من 600 لبناني غالبيتهم من المسيحيين».
كما وُجد من يصوّر ما فعلته الوزارة، التي «يرأسها شيعي» وفقاً للمنطق القوّاتي، على أنه استهداف، لمجرَّد أنّ الموظفين «من بيئة القوات اللبنانية». ووصل الأمر بالبعض إلى حدود التشكيك بنتائج الفحوص المخبرية «المشبوهة»، انطلاقاً من أنّ «المختبرات التي أجريت فيها الفحوص للعيّنات ليست اختصاصية لفحص المياه».
ليست مطابقة أم غير صالحة؟
تحوير النقاش وحرفه عن المسار أتى أُكله، فقامت بنتيجته حملة تضامن واسعة مع الشركة في وجه… «الفريق الآخر»، وفقاً لاصطفافات طائفية، علماً أنّ نتيجة الفحوصات الصادرة قضت بـ«عدم مطابقة المياه للمواصفات» وليس «عدم صلاحيّتها للشرب».
وفي هذا السياق، يُشار إلى وجود مواصفات واضحة، وفقاً لمؤسسة «ليبنور» (مؤسسة المقاييس والمواصفات)، ويُفترض بالشركات الالتزام بها.
ويوضح البروفسور في سلامة وتقنيات الغذاء في «الجامعة اللبنانية الأميركية»، حسين حسن، أنه عندما «يكون الحديث عن مياه غير مطابقة للمواصفات، هذا لا يعني بالضرورة أن يكون الضرر من استهلاكها عالياً». ولذا «من الأهمّية في هذه الحال، كما غيرها من الحالات اتّباع منهجية تقييم المخاطر لتبيان هذا الأمر».
البناء:
تلاعب إسرائيلي ببنود الاتفاق لرسم قواعد اشتباك تستثمر على تسليم جثث القتلى
تعثر تشكيل مجلس الوصاية على غزة بتريث عربي إسلامي ورفض فلسطيني
الموازنة على أبواب مجلس النواب بانتظار بنود مخصّصة لإعادة إعمار الجنوب
لم يكد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ينهي احتفالات استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتدخلاته لطلب العفو عن نتنياهو وترتيب علاقته بالمعارضة، وإسكات الجبهة الداخلية التي كان محركها ملف الأسرى في غزة، حتى بدأ يخطط للانقلاب على التزاماته في اتفاق غزة، متخذاً من قضية تسليم جثث القتلى من الأسرى ذريعة لإغلاق معبر رفح وتخفيض المساعدات المقرّرة لقطاع غزة من 600 شاحنة يومياً إلى النصف، محاولاً فرض قواعد اشتباك تضمن له حق الفيتو للخروج من وقف الحرب لاحقاً، خصوصاً في ملف نزع سلاح المقاومة الذي ورد في خطة ترامب ورفضت المقاومة تضمينه الاتفاق.
الرئيس الأميركي المعني بضمان ثبات الاتفاق الذي يحمل اسمه، سارع الى تقديم التطمينات حول نزع سلاح المقاومة مهدداً أنه سيتولى ذلك بالقوة إذا لم تقبل المقاومة بذلك طوعاً، بينما تحرك الوسطاء الأميركي والمصري والقطري والتركي لمعالجة قضية تسليم جثث القتلى، الذين تقول مصادر أممية إنه يستحيل ضمان تسليمهم خلال أيام، حيث يوجد هؤلاء مثلهم مثل آلاف الفلسطينيين تحت ركام الأبنية التي دمّرها القصف الإسرائيلي بأطنان المتفجرات التي تباهى ترامب أنه قدّمها لـ»إسرائيل»، ولن يكون سهلاً الوصول إليهم قبل دخول المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الركام.
الرئيس ترامب الذي يدرك أن ملف سلاح المقاومة هو عقدة مستعصية في خطته، حيث يمكن للمقاومة القبول بربط مصير السلاح بقيام الدولة الفلسطينية، وأن يلاقوا دعماً عربياً إسلامياً لهذا الربط، يواجه تريثاً من زعماء العديد من الدول العربية والإسلامية في الانضمام إلى مجلس الوصاية الأجنبية الذي يريد تشكيله لحكم غزة بمعاونة مجلس مدراء فلسطينيين من التكنوقراط، ويجد الحكام في الدول العربية والإسلامية الذين يريد منهم ترامب الانضمام إلى المجلس كشركاء بملف غزة وفي مقدّمتهم الوسطاء المصري والقطري والتركي والسعودي أيضاً، مشكلة في قبول الانضمام إلى المجلس من دون أن يكون من ضمن مهامه تهيئة الظروف لقيام الدولة الفلسطينية، وهو ما لا يمكن لترامب الموافقة عليه دون التسبب بالضرر الكبير لشريكته «إسرائيل» وحليفه نتنياهو.
لبنانياً، بينما شغل الأوساط السياسية والإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي قضية شركة مياه تنورين، التي أوقفتها وزارة الصحة، شكلت للموازنة عنوان التجاذب السياسي المرجح أن يتصاعد بعدما كشفت مواقف أمس، عن تمسك الثنائي بتضمين الموازنة بنوداً واضحة لإعادة الإعمار في الجنوب كي يتم تمريرها، بينما لم يستبعد بعض مؤيدي الحكومة أن تقف الموازنة عند أبواب مجلس النواب.
فيما تعود لجنة مراقبة وقف إطلاق النار «الميكانزيم» للاجتماع في الناقورة اليوم، رغم تغيب الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، عن الاجتماع هذه المرة بعدما كانت شاركت في اجتماعات سابقة للجنة، لا يزال لبنان تحت تأثير زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمواقف التي أطلقها خلالها، لا سيما دعمه مسار رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون لحصر السلاح في سياق الدعم الدولي للعهد أيضاً.
وأمس جدّد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في رسالة وجهها الى الرئيس عون تصميمه على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية السنة الحالية، الأول لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، حجر الزاوية في تحقيق السيادة الوطنية، والمؤتمر الثاني لنهوض لبنان وإعادة الإعمار فيه. وشدّد الرئيس ماكرون في رسالته على الصداقة التي تجمع بين البلدين الصديقين، مؤكداً استمرار دعم فرنسا للبنان في المجالات كافة، معرباً عن سعادته للقرار الذي اتخذه مجلس الأمن بالتجديد للقوات الدولية العاملة في لبنان (اليونيفيل) وقال: «أحيي في المناسبة القرارات الشجاعة التي اتخذتها لتحقيق حصرية السلاح بيد القوات الشرعية اللبنانية».
واستقبل الرئيس عون، بحضور السفير البريطاني في بيروت هاميش كويل، مستشار وزارة الدفاع البريطانية عن منطقة الشرق الأوسط الادميرال EDWARD AHLGREN، وعرض معه الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة وما استجدّ من تطورات لا سيما بعد الإعلان عن اتفاق إنهاء الحرب في غزة، والاجتماع الذي عقد في شرم الشيخ وما صدرت عنه من مواقف. وتطرق البحث الى العلاقات اللبنانية – السورية حيث أكد الرئيس عون للمسؤول البريطاني أن التنسيق قائم بين البلدين في مختلف المجالات خصوصاً الأمنية والاقتصادية. وقيّم رئيس الجمهورية مع الأدميرال AHLGREN العلاقات المتينة التي تجمع بين لبنان وبريطانيا لا سيما التعاون القائم في المجال الأمني والدعم البريطاني في إنشاء أبراج المراقبة على الحدود الشرقية والجنوبية، وفي هذا السياق شكر الرئيس عون الدعم البريطاني للبنان في مختلف المجالات.
وزار المستشار البريطاني أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، وخلال لقائه وزير الدفاع الوطني ميشال منسى، وتمّ عرض المستجدات الأخيرة في المنطقة وانعكاساتها المحتملة على الوضع في لبنان، ولا سيّما بعد توقيع وثيقة إنهاء الحرب في قطاع غزة. كما جرى التطرق إلى سير العمل في تنفيذ الخطة التي وضعها الجيش اللبناني لحصر السلاح بيد السلطة الشرعية ومراحل تطبيقها، إضافةً إلى عملية انتشار الجيش وفقًا للقرار 1701. وتناول البحث أيضًا التحديات التي قد تواجه المؤسسة العسكرية في ملء الفراغ الناتج عن انتهاء مهام قوات اليونيفيل البرية والبحرية في لبنان نهاية العام 2026. وأكد الأدميرال الغرين مواصلة دعم بلاده في تأمين احتياجات الجيش اللبناني خلال هذه المرحلة الدقيقة، لا سيّما في ما يتعلق بإنشاء أبراج ومراكز مراقبة على الحدود البرية.
وكشفت المتحدّثة باسم قوّات الأمم المتّحدة في لبنان «اليونيفيل» كاندس أردييل، أنّ القرار الأمميّ القاضي بتقليص قوّات حفظ السّلم «الخوذ الزّرق» حول العالم بنسبة 25% يفرض تحدّياتٍ كبيرةً على بعثة الجنوب اللّبناني، مؤكّدةً أنّ المرحلة المقبلة ستشهد قراراتٍ صعبةً في ظلّ توقّعاتٍ بتأثّر قدرة البعثة على تنفيذ ولايتها على نحوٍ كامل، «على الرغم من الجهود المبذولة للتنسيق مع السّلطات اللّبنانيّة والدّول المساهمة لتقليل الأضرار قدر الإمكان».
وفي حوارٍ صحافيّ، أوضحت أردييل أنّ «الاعتداءات الإسرائيليّة المتواصلة داخل الأراضي اللّبنانيّة تعرقل سير تنفيذ القرار 1701، وتحدّ من قدرة الجيش اللّبناني على الانتشار الكامل جنوبًا»، مشدّدةً على أنّ «التعاون بين اليونيفيل والجيش ما يزال قائمًا ومتينًا عبر دوريّاتٍ يوميّةٍ وخططٍ مشتركة».
وأجرى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي اتصالاً بوزير الخارجية والهجرة في جمهورية مصر العربية د. بدر عبد العاطي وبحث معه التطورات الأخيرة المرتبطة بوقف الحرب في غزة.
وأثنى رجي على الجهود التي بُذلت في سبيل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، كما عبّر عن أمله في أن تنجح المساعي العربية والدولية في التوصل إلى اتفاقٍ دائمٍ يضمن حقن الدماء ويسمح للفلسطينيين بإقامة دولتهم.
وبحث رجي مع نظيره المصري أيضاً في العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، وتمّ تأكيد أهمية استمرار التنسيق في مختلف المجالات.
على ضفة العلاقات اللبنانية – السورية أيضاً، خطت الاتفاقية القضائية بين لبنان وسورية خطوة إضافية في اجتماع عقِد في المبنى القديم لرئاسة الحكومة بين نائب رئيس الحكومة طارق متري ووزير العدل عادل نصار مع وفد سوريّ برئاسة وزير العدل السوريّ مظهر الويس، وجرت في الاجتماع مناقشة الاتفاقية القضائية بين لبنان وسورية التي يعرضها الوزير نصار واستكمال البحث في موضوع الموقوفين والمساجين السوريين.
وأشار نصار بعد لقائه نظيره السوري، إلى أنّه تمت «المناقشة في صياغة اتفاقية وقدمنا خطوات جدية لإنهاء نصها في إطار قانوني، وفي ما يتعلق بالاستثناءات لا يشمل هذا الموضوع جرائم القتل المدنية والعسكرية اللبنانية وجرائم الاغتصاب. أما نائب رئيس الحكومة طارق متري فلفت إلى أنه تواصل مع رئيس الحكومة نواف سلام وسيُعقد اجتماع اليوم بخصوص الاكتظاظ في السجون اللبنانية. وقال: «نعمل على إنجاز اتفاقية مع سورية لحل ملف السجناء السوريين لدينا».
وفي الشأن الانتخابي، أكد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار الذي جال اليوم في طرابلس، حيث ترأس اجتماعاً أمنياً، أن «الناس ترغب بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها في أيار 2026»، مشيراً إلى «أن وزارة الداخلية والبلديات تعمل بكل جهد لتطبيق القانون النافذ بحذافيره والالتزام بالمهل القانونية كافة، بهدف إجراء الانتخابات في أفضل الظروف وبشفافية كاملة». وقال «هذا الأمر يحظى بإجماع وطني، وقد أكد عليه فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الحكومة ودولة رئيس مجلس النواب، لأنه مطلب الناس وواجب علينا تلبيته».
واقتصادياً، بدأ وزير المال ياسين جابر ترؤسه الوفد اللبناني الى اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، باجتماع خاص مع المدير التنفيذي في البنك الدولي عبد العزيز الملا، تمّ خلاله البحث في برنامج عمل البنك الدولي في لبنان والمشاريع التي يقوم البنك بتمويلها، وترتيبات زيارة مجموعة المدراء التنفيذيين في البنك الدولي إلى لبنان خلال شهر تشرين الثاني المقبل للاطلاع على المشاريع التي يقوم البنك بتمويلها، واعتبر جابر أن هذه الزيارة تُعدّ من الزيارات الهامة لتعزيز التعاون بين لبنان والبنك الدولي.
المصدر: الصحف اللبنانية