الأربعاء   
   15 10 2025   
   22 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 01:38

جيش مدغشقر يتولى السلطة بعد عزل الجمعية الوطنية الرئيس راجولينا

تسارعت التطورات في مدغشقر، اليوم الثلاثاء، مع إعلان وحدة النخبة في الجيش، التي انضمت إلى الحراك الاحتجاجي، توليها السلطة في خطاب أُلقي في العاصمة أنتاناناريفو، وذلك مباشرة بعد قرار الجمعية الوطنية عزل الرئيس أندري راجولينا، الذي ندد بما اعتبره “محاولة انقلاب” وأكد تمسكه بمنصبه.

وقال قائد وحدة “كابسات” (فيلق الأفراد والخدمات الإدارية والتقنية) الكولونيل ميكاييل راندريانيرينا، أمام القصر الرئاسي وسط العاصمة: “سنتولى السلطة اعتبارًا من اليوم، وسنحلّ مجلس الشيوخ والمحكمة الدستورية العليا، وسنُبقي الجمعية الوطنية قائمة لتواصل عملها”.

وسارعت رئاسة مدغشقر إلى التنديد بهذا الإعلان، مؤكدة في بيان أن راجولينا لا يزال في منصبه، وأن “وجود قوات عسكرية مسلحة أمام القصر الرئاسي يُمثّل محاولة انقلاب واضحة”، مضيفة أن الرئيس “يظل في موقعه بشكل كامل، ويضمن الحفاظ على النظام الدستوري والاستقرار الوطني”.

وكان راجولينا، الذي لجأ إلى مكان مجهول بعد موجة الاحتجاجات الشعبية ضده، قد أصدر في وقت سابق من اليوم مرسومًا بحلّ الجمعية الوطنية، معتبرًا أن جلسة التصويت على عزله “تفتقر إلى أي أساس قانوني”.

وجاء في المرسوم، الذي نُشر على صفحة الرئاسة في “فيسبوك” وأكّدت أوساط الرئيس صحته لوكالة “فرانس برس”: “عملاً بأحكام المادة 60 من الدستور، تُحلّ الجمعية الوطنية”. وفي منشور لاحق، أوضح راجولينا أن هذا القرار “ضروري لإعادة النظام إلى البلاد وتعزيز الديمقراطية”.

وينص الدستور على وجوب إجراء الانتخابات التشريعية “بعد ستين يومًا على الأقل وتسعين يومًا على الأكثر من إعلان حلّ الجمعية الوطنية”.

وجاءت هذه التطورات بعد أن استبعد راجولينا تقديم استقالته في خطاب مباشر عبر “فيسبوك”، هو الأول له منذ بداية الأزمة، دعا فيه إلى “احترام الدستور”.

وأفادت “إذاعة فرنسا الدولية” بأن الرئيس أندري راجولينا، الذي تولى السلطة للمرة الأولى عام 2009 إثر انقلاب عسكري، نُقل من مدغشقر الأحد على متن طائرة عسكرية فرنسية.

وقال الكولونيل راندريانيرينا لوكالة “فرانس برس” إن “لجنة تضمّ ضباطًا من الجيش والدرك والشرطة الوطنية ستُشكّل، وقد تضمّ مستشارين مدنيين كبارًا، وستتولى هذه اللجنة مهام الرئاسة، على أن تُشكّل حكومة مدنية خلال الأيام المقبلة”.

وكانت وحدة “كابسات”، التي لعبت دورًا رئيسيًا في إيصال راجولينا إلى السلطة عام 2009، قد أحدثت تحولًا حاسمًا في موازين القوى بانضمامها إلى التظاهرات التي انطلقت في 25 أيلول/سبتمبر الماضي، ودعت خلالها قوات الأمن إلى “رفض إطلاق النار” على المتظاهرين.

ومع مرور الأيام، انضمت معظم فصائل القوات المسلحة إلى هذا الموقف، بما فيها قوات الدرك التي كانت سابقًا في طليعة قمع المظاهرات.

وأفادت الأمم المتحدة بمقتل ما لا يقل عن 22 شخصًا وإصابة نحو مئة آخرين بجروح في الأيام الأولى للاحتجاجات.

وصوّتت الجمعية الوطنية على عزل الرئيس بأغلبية 130 صوتًا من أصل 163 عضوًا، أي أكثر من ثلثي الأصوات المطلوبة دستوريًا. وكان يُفترض أن يصبح القرار نافذًا بعد مصادقة المحكمة الدستورية العليا عليه، غير أن الكولونيل راندريانيرينا أعلن حلّ المحكمة.

ولمدغشقر تاريخ طويل من الانتفاضات الشعبية التي أعقبتها حكومات عسكرية انتقالية في هذه الجزيرة الفقيرة الواقعة في المحيط الهندي.

وقال الرئيس المتواري، الثلاثاء، إنه يُجري “زيارات رسمية عدة إلى دول صديقة وأعضاء في مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي”.

وكان نواب المعارضة قد أعلنوا تمكنهم من جمع عدد كافٍ من التواقيع لعقد جلسة استثنائية للتصويت على عزله، معتبرين أن مغادرته البلاد تمثل “شغورًا في السلطة”.

وأدّت هذه التطورات إلى تفاقم الغموض بشأن مستقبل الوضع في مدغشقر، حيث تجمع آلاف المتظاهرين مجددًا، الثلاثاء، في أنتاناناريفو.

ومنذ 25 أيلول/سبتمبر، يقود التظاهرات شباب من حركة “الجيل زد”، وانضم إليهم موظفون حكوميون استجابوا لدعوات نقابية بالإضراب، إلى جانب محتجين من مختلف الفئات العمرية.

وقال أحد المتظاهرين، كولوينا راكوتومافونيرينا: “الفساد مستشرٍ في مدغشقر، لقد سئمنا ذلك. نريد تغييرًا حقيقيًا في النظام وأن نحظى أخيرًا بمستقبل مستدام وسعيد”.

كما لوحظ انتشار لافتات معادية لفرنسا في العاصمة، كُتب على بعضها: “اخرجي يا فرنسا”، و”راجولينا وماكرون اخرجا”.

وفي سياق متصل، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال مشاركته في قمة حول غزة في منتجع شرم الشيخ بمصر، ردًا على سؤال بشأن تهريب راجولينا: “لا أؤكد شيئًا اليوم”.

ويعيش أكثر من 80% من سكان مدغشقر، البالغ عددهم نحو 32 مليون نسمة، بأقل من 15 ألف أرياري يوميًا (نحو 3.25 دولارات)، أي تحت خط الفقر الذي يحدده البنك الدولي.

المصدر: أ.ف.ب.