الجمعة   
   03 10 2025   
   10 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 20:01

الملتقى الديني الأول بذكرى استشهاد السيدين نصر الله و صفي الدين: لبناء إنسان محصن أمام الفتن وقادر على مواجهة التحديات

نظم “تجمع العلماء المسلمين” و”المركز الإسلامي للتبليغ” الملتقى الديني الروحي الأول بعنوان “قيم التضحية وبناء الإنسان”، في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين في “مجمع أهل البيت”، بمشاركة شخصيات دينية وعلمائية وثقافية وفكرية من مختلف الطوائف اللبنانية الإسلامية والمسيحية.

حنينة

بداية، قال رئيس مجلس الأمناء في “تجمع العلماء المسلمين” الشيخ غازي حنينة: “نؤكد أننا على العهد ماضون وصامدون، في الذكرى الأولى لاستشهاد سيد المقاومة الذي كان يحرص حرصا شديدا على وحدتنا كلبنانيين وكمسلمين ومسيحيين، لتكون هذه الوحدة السد المنيع في وجه عدونا ومؤامراته”.

الخطيب

وقال نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب: “ها هي المقاومة اليوم أكثر قوة واشد حضورا، فالأمم بقادتها الاحياء وبشهادتهم يُكتب لها الخلود والبقاء كجذور الشجر تمدها بأسباب البقاء، وهي مدفونة تحت التراب. والشهداء احياء عند ربهم لهم اجرهم ونورهم التي يشرقون بها علينا، يضيئون لنا عتمة الطريق ويبددون لنا ظلام الليل البهيم. فطبتم وطابت الارض التي فيها دفنتم، وبوركتم وبوركت الارحام والاصلاب التي انجبتكم”.

اضاف: “من المؤسف ان الحكومة اللبنانية التي من اولى واجباتها كأي حكومة، خدمة شعبها ورعايته، وخصوصا في الظروف التي يمر بها، ولأم جراحِه بعد الحرب ومساعدته في اعادة بناء ما هدمه العدوان. لكنها لم تلحظ ذلك في الميزانية التي أعدتها، في الوقت الذي قدم شعبنا كل هذه التضحيات من اجل دفع العدوان وحماية سيادة لبنان وكرامة شعبه، كما انها لم تحقق انجازا محسوسا يُحسب لها، وخصوصا على صعيد ما تعهدت به في بيانها الوزاري من تطبيق القرار 1701 وتحرير الارض ووقف العدوان، وما زال الشهداء يرتقون بفعل الغدر الصهيوني والاخلال المستمر بالاتفاق، ولكنها بدلا من ذلك تصر على الاذعان بتلبية مطالب رعاته وترك الحرية لهم يتدخلون في الشاردة والواردة، واملاء المطالب، ومنها التضييق على اللبنانيين ومصادرة أموالهم، بدلا من تسهيل امورهم، وخصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها. فهل سمعتم ان سلطة تمنع دخول الأموال لمواطنيها، ثم تعنوِن ذلك بعنوان تبييض الأموال، لتبرر مصادرتها؟ فأي خدمة تقدمها لشعبها، ام هي حكومة ضد شعبها؟”.

حمود

من جهته، قال رئيس “الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة” الشيخ ماهر حمود: “نحن على الطريق السليم، وسقوط هذا العدد من كبار الشهداء وتدمير غزة وتخاذل العرب، وللأسف مساعدة بعض اللبنانيين للصهيونية بشكل واضح ومباشر أحيانا ومغطى أحيانا ببعض الشعارات التي تظهر انها لبنانية، الا انها قد أمليت للأسف، بسط سلطة الدولة في الظروف، لا أقول بالمطلق في الظروف التي نحن فيها تحت سلطة الصهيوني الذي يقتل كل يوم، وينقض العهود كل يوم، ويكذب كل يوم، ويظلم كل يوم، ويُلغي الجميع في كل يوم”.

قدور

وقال رئيس المجلس الإسلامي العلوي في لبنان الشيخ علي قدور: “صنعت المجد لشعبك وأمتك يا سماحة السيد الأسمى، بموقف ثابت وكلمة حق في وجه سلطان جائر وسلاح على الأكتاف لا ينزل عنها إلا في حالتين، كلاهما نصر الاستشهاد أو الانتصار، وماذا نعدد من مزاياك ومواقفك وما صنعته من محطات المجد والعز والكرامة، أنت ومن إلتف حولك من أشرف الناس وأطهر الناس، حفظت الوصية وصنتها فكانت مفخرتنا على مر الدهر، وإرثا خالدا للقادم من الأجيال اسمه المقاومة، لم يخدعك بريق الأجنبي وخداعه، ولا عروضه السخية ومتاع الدنيا، لم يخدعك بريق الأجنبي وعروضاته السخية ومتاع دنيا يملكها، وقديما لم يخدع هذا البريق وطنيا شريفا”.

صليبا

بدوره، قال المطران جورج صليبا: “عرفت السيد الطيب الذكر، سماحة السيد حسن نصر الله، والتقينا أحيانا وبمناسبات متعددة، وكنت أجد فيه هذا الإنسان الطيب الوديع، وكنت أسمع خطاباته ومواعظه وكلماته على التلفزيون، فأرى الجرأة تتجلى بين شفتيه وتنبع من قلبه النابض بالحياة والكرامة والعزة”.

اضاف: “نحن نقول الله أكبر والعزة للعرب، العزة لكل الناس الذين يحبون الله ويحبون قومهم وأهلهم وعشيرتهم، وللذين حولهم، بل يحبون العالم نحن ليس لنا أعداء في هذا العالم، أعداؤنا مع الشيطان وزبائنه ورفاقه والمتمسكين بتعاليمه، ونصلي أن يمنح الله عقلاً لهؤلاء الشاردين غير النابهين ليعودوا إلى الصواب، ومن تراجع عن أخطائه واعتذر وتاب الله رحمن رحيم وغفور كريم”.

رزق

وقال الشيخ خليل رزق باسم “المركز الإسلامي للتبليغ”: “السيدين الجليلين الشهيدين أيقونة هذا الوطن، نموذج لكل التواقين للعدل وللحرية لمواجهة الظلم ليس في لبنان فحسب بل في كل بقاع الأرض، سلام على تضحياتهم، على جهادهم على بذلهم لأرواحهم في سبيل الله والوطن، وكرامة الإنسان وعزته، ولعل في هذه المناسبة تكون هناك يقظة، صحوة ضمير لهذه السلطة السياسية في لبنان، ولبعض فئات الشعب اللبناني، حيث ندعوهم الى مراجعة الحسابات، الى الالتفات الى ما يجري على الساحة العالمية واللبنانية”.

اضاف: “كل يوم يطالعنا الرئيس الأمريكي بقرارات تتعلق بهذه المنطقة، هناك أساطيل تحوطنا، وقاذفات وأسلحة من أمريكا وبريطانيا، الى إسرائيل العدو، كلها تريد ان تأتي الى منطقتنا، تهدد لبنان وشعبه، كل يوم اعتداءات، اغتيالات في هذا الواقع لا نرى أمام كل هذه التحديات وما فيها من مواجهات، نرى السلطة مشغولة في هذا البلد بأمور تافهة، لا تعبر عن حجم اهتمامها بشعبها، وما يتهدد هذا الشعب من العدو، ومن دون اكتراث لتلك الدماء الزكية الغالية التي تراق، ولا للشهداء ولا للاغتيالات ولا لإعادة الإعمار”.

البيان الختامي

وفي نهاية المؤتمر أذاع رئيس الهيئة الإدارية في “تجمع العلماء المسلمين” الشيخ الدكتور حسان عبد الله البيان الختامي، فقال: “بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين الشهيدين، حسن نصر الله هاشم صفي الدين انعقد في بيروت في مجمع أهل البيت عليهم السلام بتاريخ 2 تشرين الأول 2025، وبدعوة من تجمع العلماء المسلمين والمركز الإسلامي للتبليغ الملتقى الديني الروحي الأول تحت عنوان: “قيم التضحية وبناء الإنسان”، بمشاركة حشد من الشخصيات الدينية والعلمائية والثقافية والفكرية من مختلف الطوائف اللبنانية الإسلامية والمسيحية”.

اضاف: “افتتح الملتقى بكلمات تأبينية أكدت أن الشهيدين لم يكونا مجرد شخصيتين بارزتين في بيئتهما، بل جسدا من خلال مسيرتهما معنى التضحية والفداء في سبيل الإنسان، وتركا إرثا أخلاقيا وفكريا يمكن أن يكون نقطة إلتقاء لجميع اللبنانيين، وقد تخلل المؤتمر مداخلات متنوعة ركزت على عدة محاور أساسية أبرزها:

أولا: البعد الإنساني في استشهاد الشهيدين، ان استشهادهما يعبر عن أسمى معاني العطاء، حيث تحولت حياتهما إلى رسالة مفادها ان التضحية في سبيل الإنسان والكرامة لا تعرف حدودا مذهبية او طائفية.

ثانيا: قيم التضحية والإيثار، أكد المتحدثون ان هاتين القيمتين متجذرتان في الأديان السماوية جميعا، وتشكلان أساسا لبناء مجتمع متراحم ومتعاون، حيث يصبح العطاء من دون مقابل فضيلة عليا تترجم في الحياة اليومية والسياسات العامة.

ثالثا: الوحدة الوطنية والعيش المشترك، برز في المداخلات تأكيد واضح على أن لبنان لا يمكن ان يحيا إلا بوحدته، وان الدماء الزكية التي سالت دفاعا عن الوطن هي دعوة ملحة لتجاوز الانقسامات الداخلية، وترسيخ ثقافة الحوار والتلاقي بين جميع مكونات المجتمع.

رابعا: بناء الانسان كأولوية، رأى المشاركون أن التكريم الحقيقي للشهيدين يكون بالعمل على بناء الإنسان اللبناني، إنسان متعلم منفتح، راسخ القيم، محصن أمام الفتن وقادر على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية بروح التضامن والمسؤولية.

خامسا: أهمية الحوار الإسلامي – المسيحي، أجمع الحاضرون على أن لبنان بما يحمله من تنوع ديني وثقافي هو رسالة عالمية للحوار، وأن استمرار مثل هذه اللقاءات يعزز روح التلاقي، ويؤسس لثقافة سلام داخلية يمكن أن تتحول إلى نموذج يُحتذى في المنطقة والعالم.

سادسا: القضية الفلسطينية كقضية جامعة، تم التأكيد على أن فلسطين والقدس ليستا قضية شعب بعينه، بل هما عنوان جامع لكل الأحرار، وأن التضحية من أجل تحرير الأرض والمقدسات تبقى جزءا من القيم التي عاشها الشهداء وضحوا في سبيلها.

سابعا: البعد القيمي والروحي للشهادة، شدد المتحدثون على ان الشهادة ليست حدثا عابرا، بل هي مدرسة متجددة تعلم معنى الثبات على الحق، والإيمان بالإنسان وقدرته على تغيير واقعه، وهي دعوة مفتوحة للأجيال كي تسلك درب القيم وترتقي بالوطن”.

وتابع: “في ختام الملتقى أجمع المشاركون على رفع أسمى آيات التقدير والإجلال لروح الشهيدين، مجددين العهد على متابعة مسيرة التضحية والعطاء والمقاومة، وداعين الى جعل هذه الذكرى محطة سنوية لإطلاق مبادرات وطنية وثقافية مشتركة، تعزز الوحدة وتحمي لبنان، وتسهم في بناء أجيال جديدة تحمل القيم التي ضحى من أجلها الشهداء”.

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام