تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 19 أيلول 2025 العديد من الملفات والمواضيع المحلية والاقليمية والدولية…
الاخبار:
حرب «صامتة» على العراق: لإخضاع المقاومة… هنا أيضاً
بات أكيداً أن الولايات المتحدة لا تألو جهداً في استثمار نتائج حروب الإبادة والاجتثاث التي تشنها إسرائيل في المنطقة منذ 7 أكتوبر 2023، وتسييلها كوقائع سياسية وإستراتيجية، تُعيد تثبيت النفوذ الأميركي في المنطقة، وتُعلي كلمة الكيان العبري على كلّ ما عداها، وتعزل القوى المناهضة لهذا المشروع وتيئّسها من أيّ إمكانية لمواجهته.
وليس العراق، الذي كان انخرط لمدة في حرب الإسناد الإقليمية لقطاع غزة قبل أن ينكفئ عنها تحت ضغط حكومي مدفوع أميركياً، مستثنى من تلك المساعي، لا بل قد يكون في صدارة قائمتها، في ظلّ ما تجده واشنطن من فرصة لإعادة تركيب المشهد العسكري والأمني والسياسي، وحتى الاقتصادي، في ذلك البلد وفقاً لهواها، خصوصاً عشيّة انتخابات مفصلية تُبذل كلّ الجهود لجعل مجموعات المقاومة محاصَرة ومعزولة فيها، تماماً مثلما يجري في لبنان.
ورغم سلسلة التنازلات التي دأبت السلطات العراقية على تقديمها منذ أشهر، بدءاً من الضغط لعرقلة إقرار «قانون الحشد الشعبي» – الذي «يكرّس مكانة هذه الجماعة عبر رفعها إلى مستوى ذراع دائمة للدولة» وفقاً لتوصيف ديفيد شينكر له – وتصعيد الضغوط على الفصائل حتى تَقبل بعملية «دمج» من شأنها إبطال عناصر قوّتها، مروراً بالاستجابة للمطالب الأميركية المتّصلة بتشديد الحصار المالي على إيران وحلفائها ومحاولة التكيّف مع سعي واشنطن إلى فكّ الارتباط بين طهران وبغداد، وليس انتهاءً بالدفع نحو إطلاق سراح الجاسوسة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف من دون أيّ مقابل، إلا أن الولايات المتحدة لا يبدو أنها سترضى بأقلّ من حلّ مجموعات المقاومة بشكل كامل، وتذويب «الحشد» وإفراغه من أيّ قيمة أو دور في منظومة الدفاع عن البلاد.
وليس أدلّ على ذلك، من استمرارها في اتخاذ خطوات تصعيدية ضدّ العراقيين، من مثل وسْم بعض الفصائل بـ«الإرهاب» وإدراجها على قوائم العقوبات، والتلويح بأخرى أكثر تقدّماً كفرض عقوبات على الدولة العراقية نفسها، أو استباحة العراق أمنياً وعسكرياً واستهداف مواقع ومنشآت فيه بالعصا الغليظة الإسرائيلية، أو حتى تصنيف هذا البلد، رسمياً، كـ«دولة راعية للإرهاب».
وإذ لا تزال بغداد، إلى الآن، قادرة على المناورة في وجه تلك الضغوط، والتملّص منها بأقلّ الأثمان، فإن طبيعة الفصل الجديد من الحرب الإسرائيلية – الأميركية على المنطقة، والقائم على «كسر العظم» والقضاء على أيّ «مساحة رمادية» في المنطقة – وهو ما أكده أخيراً الإقدام على قصف قطر -، تستمرّ في تضييق الخيارات أمام العراقيين، الذين سيجدون أنفسهم، والحال هذه، مجبَرين على حسم توجّهاتهم. وهو حسم لن يكون سهلاً، بطبيعة الحال، خصوصاً في ظلّ تعذّر «فطْم» البلاد عن «أرصدة نيويورك» التي تمسك بخناقها منذ زمن، لكنه قد يُمسي خياراً وحيداً إذا ما أصرّت واشنطن وتل أبيب على المضيّ في حسم الصراع على الساحات كافة، وليس الاكتفاء بربطه أو تجميده إلى حين.
الخضوع للإملاءات الأميركية يتمدّد: السلطة تتنازل عن المياه الاقتصادية مع قبرص
بسرعة قياسية لا يمكن تفسيرها إلا استجابة لطلبات خارجية أو تنفيذاً لالتزامات أمام الوصاية الأميركية، أنهت لجنة «ترسيم الحدود البحريّة اللبنانية مع قبرص» التفاوض الشكلي مع الجزيرة، وفقاً لاتفاق 2007 المريب الذي أبرمته حكومة فؤاد السنيورة، والذي فرّط بما يعادل نصف مساحة لبنان من الحقوق البحريّة.
ولم تأخذ اللجنة التي يرأسها وزير الأشغال فايز رسامني، بالآراء القانونية التي تقترح منهجية للترسيم مع قبرص، وما يرتبط مباشرة بهذا الملف (كالترسيم مع سوريا)، بل درست رأياً تقنياً واحداً ضعيفاً، متجاهلة دراسات بنيت على أساس أحكام محكمة قانون البحار والمحكمة الدولية والتحكيم الدولي، تعطي لبنان مساحات إضافية تفوق الـ5,000 كلم². بل إنّ الأمر بلغ حدّ انتقاء أجزاء من أحكام تعطي قوّة مزعومة للموقف القبرصي، في مرافعة مريبة لمصلحة قبرص.
لجنة الأشغال والطاقة والمياه النيابية عقدت جلسة استثنائية أمس، خصّصت لمناقشة هذا الملف، برئاسة النائب سجيع عطيّة، وبحضور رسامني، وبعض أعضاء لجنة الترسيم (ممثّل الجيش اللبناني العميد الركن البحري مازن بصبوص، رئيس هيئة إدارة قطاع البترول كابي دعبول، المحامي نجيب مسيحي)، وخبراء من بينهم العميد الركن المتقاعد خليل الجميّل، الدكتور عصام خليفة، العميد المتقاعد سعيد أبو راشد وممثّل رئيس الجمهورية أنطوان شقير.
قدّم بصبوص وجهة نظر اللجنة، وهي نفسها وجهة نظر المحامي مسيحي، وتتلخّص في نقطتين هما: انطباق مبدأ إستوبيل (مبدأ الإغلاق الحكمي) على اتفاقية 2007، وأنّ قواعد البحار لا تسمح للبنان بالمطالبة بأكثر من خطّ الوسط باعتبار أنّ الساحل القبرصي أطول من الساحل اللبناني وباعتبار أنّ فرق الطول – الذي سمّاه بـ«المزعوم» – ليس كبيراً لصالح لبنان. وأضاف أنه رغم أنّ اتفاقية 2007 مع قبرص لاغية، إلا أنّ لبنان أرسل عام 2011 المرسوم 6433/2011 إلى الأمم المتحدة، وأنّ قبرص بإمكانها الاعتراض وفق مبدأ إستوبيل، لأنّها متضرّرة من أي تعديل بعدما قسّمت بلوكاتها البحريّة وفق المرسوم.
وهنا لفت نوّاب إلى أنّ المادّة الثالثة من المرسوم، نصّت على إمكانية «مراجعة حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وبالتالي تعديل إحداثيّاتها عند توافر بيانات أكثر دقّة»، ما يعني عدم انطباق مبدأ إستوبيل.
كذلك زعمت اللجنة أنّ الشاطئ القبرصي أطول من الشاطئ اللبناني، بافتراض غريب أنّ كلّ الساحل الشرقي لقبرص يحتسب من رأس أكروتيري جنوباً، إلى رأس كراباس المقابل لتركيا وسوريا شمالًا! كما ظهر أنّ الخطأ في الحساب قد تضاعف عندما احتسب طول الشاطئ مع تعرّجاته وخلجانه، بدلاً من احتساب طول الاتجاه العام للشاطئ!
وهنا سأل نوّاب عن سبب تجاهل طول الاتجاه العام للشاطئ، ووفق أيّ رأي قانوني يحتسب نفس الشاطئ القبرصي في ترسيمين، مرّة مع لبنان ومرّة مع سوريا؟ كما أنّ نقاط الأساس التي اعتمدت في ترسيم خطّ الوسط بين قبرص ولبنان تبدأ شمالاً من رأس غريكو المقابل لمصبّ نهر لبنان الكبير شمالاً، وليس من رأس كارباس!
كذلك زعمت اللجنة أنّ منهجية الإنصاف الثلاثية التي تطبّقها محكمة قانون البحار (رسم خطّ وسط مؤقّت، تعديل الخطّ وفق الظروف الخاصّة ذات الصلة، اختبار الإنصاف)، لا تنطبق على حال لبنان. واستندت في ذلك إلى أجزاء منتقاة من أحكام لا تنطبق على حال لبنان، مقابل إغفال حقيقة أنّ الكثير من الأحكام الدولية تدعم حقّه بمساحة إضافية.
ولمزيد من «الإقناع»، لجأت اللجنة إلى «التخويف» من أنّ قبرص ستقاضي لبنان، ما سيضيّع عليه سنوات من عدم الاستكشاف، ويكلّف ملايين الدولارات للتحكيم، وقد يخسر مثلّثاً عند النقطة 2 من خطّ الترسيم الحالي، تقدّر مساحته بمئة كلم². وذهبت حدّ «التخويف» من أنّ الجزيرة قد تطالب بمساحة إضافية إن أقرّ لبنان مبدأ أطوال الشواطئ!
العميد الركن المتقاعد الجميّل، شرح العيوب التقنيّة والقانونيّة والدستوريّة لاتفاقيّة 2007 والأسباب التي تجعلها لاغية وغير مُنصفة للبنان. وأوضح الأسباب القانونيّة التي توجب اعتماد طريقة الترسيم وفق تناسب أطوال السواحل، وتُعطي لبنان 2600 كيلومتر مربّع، أكثر ممّا كان سيحصل عليه بموجب اتفاقيّة 2007.
وأوضح أنّ قبرص التي يشكّل طول سواحلها أقلّ من 3% من طول سواحل الدول المُحيطة بها، تسعى إلى الحصول على مساحة بحريّة تفوق حجم كتلتها البرّية بعشرة أضعاف، وتعادل ما ستحصل عليها مصر وفلسطين ولبنان وسوريا وتركيا واليونان معاً، فيما سيحصل لبنان على مساحة بحريّة لا تصل إلى أكثر من 1.7 من مساحة كتلته البرّية.
وأبرز الجميّل، ثمانية أحكام صادرة عن المحاكم الدوليّة البحريّة اعتمدت في قراراتها على اختبار التناسب في أطوال السواحل، وعرض توصيات اللجنة التي أنشئت عام 2022، برئاسة وزير الأشغال السابق علي حميّة، وممثّلين عن وزارات الطاقة والمياه والدفاع الوطني والخارجيّة، وهيئة قطاع البترول، والتي أوصت «باعتماد الترسيم وقف تناسب أطوال الشواطئ، وإعداد مشروع مرسوم لتعديل المرسوم رقم 6433/2011، واعتماد إحداثيّات جديدة لتدارك الثغرات التي أدّت إلى خسارة لبنان مساحة من منطقته الاقتصاديّة الخالصة».
وسأل الجميّل، ما الذي تغير لتأليف لجنة جديدة لإعادة بحث الموضوع مؤلفة من ممثّلي الوزارات نفسها في لجنة عام 2022، لا سيّما أنّ المعطيات القانونيّة والتقنيّة والجغرافيّة لم تتغيّر. واقترح تكليف اختصاصييّن تقنيين وقانونيين دولييّن درس الملفّ بطريقة علميّة.
نقاش حادّ واتهامات
وأثار توتّر مسيحي وبصبوص، استغراب النوّاب في الجلسة التي شهدت توتّراً. إذ اتّهم خليفة، اللجنة بالاقتراب من الخيانة العظمى، داعياً الى محاكمة أعضائها إن فرّطوا بحقوق اللبنانيين. وسأل بصبوص: «أنت قلت في كتابك «حقيقة ترسيم الحدود البحريّة» أنّ ترسيم 2007 مع قبرص مجحفٌ بحقّ لبنان، فما الذي غيّر رأيك اليوم؟».
وانتقد النائب حسين الحاج حسن، التسرّع في إنهاء الترسيم مع قبرص، ودعا إلى تجميد أيّ إجراء ريثما يتمّ الانتهاء من ترسيم الحدود البحريّة اللبنانية السورية، وفق ما توصي محكمة قانون البحار، وإلى تشكيل لجنة لترسيم الحدود البحريّة مع سوريا. وردّاً على تحذير دعبول من أن التقاضي مع قبرص قد يعيق فرص تلزيم البلوك رقم 5، لفت إلى أنّ القرار السياسي الخارجي يتحكّم في عدم تقدّم شركات الاستكشاف والإنتاج إلى دورات التراخيص، بينما قبرص هي التي قد تتضرّر.
وأيّدت النائب حليمة قعقور الجميّل والحاج حسن، ودعا النائب جميل السيّد إلى الاستفادة من خبراء ومتخصّصين لتكوين صورة أفضل وتحقيق المصلحة الوطنية. فيما كان لافتاً قول النائب سجيع عطيّة، إنّه عندما سأل رئيس الجمهورية، عن اقتراحه لشخصيات تحضر الجلسة، بأنّ العماد جوزاف عون، ردّ عليه: «العميد الجميّل، هو أكثر من يعرف في الموضوع». وصرّح عطيّة بعد الجلسة بأنّ اللجنة أوصت بالاستماع لخبراء أجانب، مشيراً إلى أنّ هذا الملف يحتاج إلى استدراك، قبل أن تلتزم الحكومة وتوقّع مع قبرص أي اتفاق جديد.
إسرائيل تستذكر بدء الحرب بغارات تصيب خطّة الجيش
في الذكرى الأولى لبدء العدوان الكبير على لبنان في أيلول من العام الماضي، نفّذ العدو الإسرائيلي أمس، سلسلة غارات أراد عبرها القول، بأنه لا يزال في سياق المعركة نفسها ضدّ لبنان، وأنه غير مهتمّ بكل النقاش السياسي الجاري بين اللبنانيين أو مع الوسيط الأميركي حول مستقبل الوضع في الجنوب. وشنّت مقاتلات العدو ستّ غارات، معتمداً أسلوب التحذير المسبق عبر الناطق باسم جيشه.
واستهدفت الغارات منازل في ميس الجبل وبرج قلاويه وكفرتبنيت ودبين والشهابية، ما أدّى إلى تدميرها بصورة كلّية، بعد أن قام سكانها بإخلائها.
بيان العدو زعم أنّ المنازل المستهدفة هي مستودعات أسلحة لـ«قوة الرضوان»، مستذكراً استهداف قادتها قبل عام تماماً. وجاء العدوان في سياق الحرب النفسية الإسرائيلية على بيئة المقاومة، التي تستعيد محطّات أيلول الماضي القاسية.
ولم يوفّر العدو في اعتداءاته الجيش اللبناني أيضاً، إذ ألقت محلّقة إسرائيلية قنبلتين صوتيّتين على سطح مكتب استخبارات الجيش الواقع ضمن ميناء الناقورة، وعلى حرم الميناء.
وأدرجت مصادر مطّلعة غارات أمس، «في سياق الضغط على الجيش اللبناني لتنفيذ خطّة سحب السلاح بالقوة». علماً أنّ ردّ الجيش على الغارات، قال بوضوح إنّ ما تقوم به إسرائيل يعرقل عمله لأجل إنجاز مهمّة حصر السلاح في منطقة جنوب نهر الليطاني.
في المجالس المغلقة، يشكّك ممثّلون عن الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وبريطانيا، بأنّ الجيش «غير قادر على نزع السلاح بالطريقة التي يعمل فيها لتدوير الزوايا بين الشعب والمقاومة وتنفيذ القرارات الدولية». ويدرج هؤلاء التصعيد الإسرائيلي، في سياق «التأكيد على أنّ جنوبي الليطاني لا يزال مليئاً بالسلاح».
ويستند هؤلاء إلى دعم من رئيس الحكومة نواف سلام، الذي «أوصى بدعم عمل لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وأطلق أيدي الجيش لمصادرة السلاح».
في المقابل، تتمسّك قيادة الجيش بمعادلتها المرتبطة بوقف الاعتداءات وانسحاب قوات الاحتلال أولاً. وفي بيانها بعد غارات أمس، جدّدت إصرارها على أنّ «الاعتداءات والخروقات تعيق انتشار الجيش في الجنوب، واستمرارها سيعرقل تنفيذ خطّته، بدءاً من منطقة جنوب الليطاني». ولفتت إلى أنّ إحدى وحداتها عثرت أمس، على «جهاز تجسّس مموّه، كان العدو الإسرائيلي قد وضعه في منطقة اللبونة».
وبما أنّ موافقة سلام، ليست كافية لنزع سلاح المقاومة، تأتي عودة مورغان أورتاغوس، إلى لبنان يوم الأحد المقبل. في زيارة تقتصر على المشاركة في اجتماع «الميكانيزم» ولقاء ضباط الجيش من دون لقاءات مع السياسيين. وتحمل أورتاغوس، في جعبتها «سلّة من الإملاءات الصارمة للجيش بوجوب تنفيذ خطّة سحب السلاح بالقوة، مستعينة بغطاء سلام».
الغارات على منزلين في ميس الجبل، نفّذت على أحياء سكنية مأهولة، ما أجبر سكانها على إخلائها مؤقّتاً. لكنّ مواطناً سوريّاً وقف على مسافة قريبة من أحد المنزلين، ليلتقط الصور لحظة استهدافه.، فأصابته شظيّة بجروح بليغة في يده.
وفي برج قلاويه، استهدفت الغارة منزلاً مجاوراً للجبّانة، ما أدّى إلى تضرّر عدد كبير من القبور. علماً أنّ احد العسكريين قال إنّ العدو تعمّد استخدام صواريخ كبيرة، من أجل إحداث أكبر ضرر في المنازل القريبة من نقاط الاستهداف، وإشاعة مناخات الذّعر. علماً أنه لم تسجَّل أي حركة نزوح من القرى المستهدفة، وعاد الناس إليها فور انتهاء الغارات.
اللواء:
غضب لبناني من صمت دول «الميكانيزم» على الإعتداءات الإسرائيلية الفاضحة
سلام يطالب مجلس الأمن بالتدخل.. ومخاوف من توسيع العدوان ضمن «خطة ب»
شكَّلت الهجمات الاسرائيلية المفاجئة والمعادية، وهي الأولى من نوعها على قرى: ميس الجبل وكفرتبنيت ودبين، وبرج قلاويه والشهابية صدمة للأوساط اللبنانية، على اختلاف مواقعها ومواقفها، وبدت الأسباب التي زعم فيها الناطق الاسرائيلي تبريرات العدوان الجديد، بأنها فاضحة، ولا قيمة لها من الواقعية او الصحة، الامر الذي دفع بقيادة الجيش اللبناني الى اعتبار الاعتداءات واستمرارها من شأنه ان يعرقل تنفيذ خطة الجيش ابتداءً من منطقة جنوب الليطاني، وأحصت القيادة 4500 خرق منذ دخول اتفاق وقف الاعمال العدائية حيّز التنفيذ، عقب عدوانه الأخير على لبنان في العام 2024.
وعشية توجُّهه الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، طالب الرئيس جوزف عون «بوضع حد فوري للانتهاكات الاسرائيلية السائدة لسيادة لبنان»، مشيراً الى ان اسرائيل لا تحترم عمل آلية وقف اطلاق النار، ولا أياً من الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية، وغاراتها الجوية انتهاك فاضح لقرار مجلس الأمن ١٧٠١. وإن صمت الدول الراعية تقاعس خطير يشجع على هذه الاعتداءات، ويجب أن تخدم الآلية جميع الأطراف، لا أن تكون وسيلة لتغطية اعتداءات إسرائيل.
وفي السياق نفسه، دعا الرئيس نواف سلام الدول الراعية لاتفاق وقف العمليات العدائية إلى ممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها فورًا، والعودة إلى الآلية واتفاق وقف العمليات العدائية والتزاماته، بما في ذلك الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي ما زالت تحتلها، ووقف الاعتداءات، والإفراج عن الأسرى.
واكد الرئيس سلام على هامش ترؤسه جلسة مجلس الوزراء لمناقشة الموازنة: «لن نرضح لابتزاز الاعلام الاسرائيلي، والحكومة اللبنانية، المتمسكة بمسار وقف الأعمال العدائية، تؤكد أنّها منخرطة في اجتماعات الميكانيزم، لكن السؤال المشروع اليوم: أين هو التزام إسرائيل بهذه الآليات؟ وكيف يُعقل أن تستمر في ممارسة الترهيب والاعتداءات، فيما يُفترض بهذه الاجتماعات أن تضمن التطبيق الكامل للقرار 1701 ولوقف العمليات العدائية.
وطالب الرئيس سلام وفقاً لما كشف وزير الاعلام بول مرقص بعد الجلسة- مجلس الامن والدول الراعية لوقف النار للضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها.
واعتبر الرئيس نبيه بري الاعتداءات الاسرائيلية بأنها عدوان على لبنان وجيشه وسيادته وعلى اليونيفيل.
ودعا الدول الراعية لاتفاق وقف النار لا سيما الولايات المتحدة الاميركية للمسارعة باتخاذ الاجراءات الفورية وارغام اسرائيل ومستوياتها السياسية والعسكرية لوقف اعتداءاتها فوراً.
وقالت مصادر مقرّبة لـ «اللواء» ان لبنان يعطي الاولوية، لوقف الاعتداءات الاسرائيلية، وسيحتل هذا الموضوع محور اتصالات الرئيس عون في نيويورك، وأن التعليمات ستكون بالغة الوضوح للوفد العسكري اللبناني لجهة اثارة هذا الملف في اجتماع لجنة الميكانيزم بعد غد الاحد.. في الناقورة برئاسة السفيرة مورغان اورتاغوس.
وحسب المعلومات الدبلوماسية التي وصلت الى بيروت، فإن لا «ضمانات مع العدو الاسرائيلي» حسب قيادي في الثنائي الشيعي، وأن هناك خطة «ب» جاهزة للتنفيذ اذا لم تلتزم الدولة اللبنانية التزاما كاملا بتطبيق ورقة باراك وحسم سلاح حزب الله.
ووصفت المصادر وضع لبنان بأنه على فوهة بركان، وما الاعتداءات على البقاع والجنوب الا بداية لتوسيع شامل للعدوان على كل لبنان خلال الايام المقبلة.
وسط ذلك لا يزال لبنان ينتظر ترجمة التدخل الخارجي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية على بلداته، وآخرها امس عدوان استهدف خمس بلدات جنوبية لتهجير سكانها من بيوتهم المدمرة والمتصدعة، فيما يرتقب وصول الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس الاحد وترؤسها لجنة «الميكانيزم» الخماسية، لمتابعة لوضع الجنوبي وما قام به لبنان لجمع السلاح، من دون اي مؤشر على ضغط فعلي على الاحتلال لوقف عدوانه.
وفي الحراك السياسي، وقبيل مغادرته الى نيويورك نهاية الاسبوع للمشاركة في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، استقبل الرئيس جوزاف عون سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو واجرى معه جولة افق تناولت الأوضاع العامة والتطورات الأخيرة إضافة الى العلاقات الثنائية.
وأوضح السفير ماغرو ان هذا اللقاء تناول أيضاً موقف لبنان من القضايا المطروحة في اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل.
مجلس الوزراء والموازنة
وواصل مجلس الوزراء في جلسته بعد ظهر امس درس مشروع موازنة العام 2026، واثر انتهاء الجلسة عند السادسة والربع مساءً أدلى وزير الاعلام بول مرقص بالمعلومات الرسمية الآتية: استكمل مجلس الوزراء درس الموازنة وانتهى بعد الاستفاضة من قبل الوزراء المختصين كل في ما يعني وزارته، من إبداء الملاحظات على مشروع الموازنة العائد اليه. وسيتم الدخول غدا إن شاء الله في جلسة استكمالية تعقد عند الثالثة من بعد الظهر للبحث في باب الواردات، بعد ان نكون انتهينا من الوزارات على التوالي.
أضاف: أؤكد بأن هاجس هذه الموازنة هو تطوير الآلية من حيث تحسين الجباية لتغطية الحاجات المستجدة والطارئة والاعتيادية للوزارات والإدارات العامة والمؤسسات من دون تحقيق اي عجز، هذا هو هاجسنا أيضا فلا زيادة ضرائب قدر الإمكان ولا إنفاق من دون ايرادات، كما ان مجلس الوزراء اقر بعض البنود المختلفة التي كانت مدرجة على جدول الاعمال.
وأوضح وزير المال ياسين جابر، بعد انتهاء الجلسة مجلس الوزراء، نحاول عدم زيادة النفقات. وسندرس الارقام النهائية، ونتوقع وصول وفد من صندوق النقد يوم الاثنين المقبل لذلك نحاول الانتهاء من مشروع الموازنة.
علي حسن خليل لاعتماد القانون النافذ
انتخابياً، دعا المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل نواب القوات اللبنانية وسائر الكتل الى عدم تكبير الحجر، وأن اجراء الانتخابات في موعدها بالقانون النافذ، بحيث يُعفى المغترب من حق التصويت لنوابه في الدائرة الـ16، اما من يرغب بالتصويت فحقه محفوظ، وأن الامور التطبيقية للقانون تصدر بقرار مشترك لوزيري الداخلية والخارجية.
بخاري ينوِّه بجهود القوى الأمنية
وعلى صعيد دبلوماسي- أمني، استقبل وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، في مكتبه، سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد البخاري، وتم التداول في الأوضاع العامة. وكانت مناسبة ثمّن خلالها السفير البخاري الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية اللبنانية في مجال مكافحة تهريب المخدرات، لا سيما الى المملكة. ومن جهته، شدد الوزير الحجار على أن مكافحة المخدرات تُعدّ أولوية وطنية حمايةً لأمن المجتمعين اللبناني والعربي، منوِّهاً بالتعاون القائم بين الأجهزة الأمنية اللبنانية ونظيراتها في المملكة في هذا الإطار.
مساعٍ لاستعادة مالك «سفينة المرفأ»
وفي اطار المساعي لاسترداد مالك سفينة Rhosus استقبل وزير العدل عادل نصار في مكتبه بالوزارة قبل ظهر أمس، سفير بلغاريا لدى لبنان ياسين موتوف، في حضور المحامية العامة التمييزية اميلي ميرنا كلاس حيث جرت متابعة للإجراءات القضائية والديبلوماسية المتعلقة بطلب استرداد مالك سفينة Rhosus الروسي إيغور غريتشوشكين (يحمل أيضاً الجنسية القبرصية) الذي أوقفته السلطات البلغارية في مطار صوفيا في الخامس من أيلول الجاري وذلك إنفاذاً لنشرة حمراء صادرة عن الانتربول الدولي بناءً على مذكرة توقيف غيابية بحقه وحق قبطان السفينة. وقد أعرب الوزير نصار عن تقديره للخطوات التي تقوم بها بلغاريا من تعاون وتنسيق في هذا المجال، وتم الاتفاق على التواصل الدائم لمتابعة الإجراءات الآيلة الى تسليم الموقوف في أسرع وقت ممكن، علماً أن هناك معاهدة استرداد ثنائية مبرمة بين جمهورية بلغاريا والجمهورية اللبنانية.
تصاعد العدوان جنوباً
زاد جيش الاحتلال الاسرائيلي امس وتيرة اعتداءاته على مناطق الجنوب، ووجَّه «إنذاراً الى اهالي قرى ميس الجبل وكفرتبنيت ودبين لإخلاء بعض الاماكن مرفقة بخرائط قائلا: سيهاجم جيش الدفاع على المدى الزمني القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله الإرهابي في انحاء جنوب لبنان وذلك في مواجهة محاولاته المحظورة لاعادة اعمار أنشطته في المنطقة.
وأفادت القناة 14 الاسرائيلية أن سلاح الجو يستعد لشن موجات من الهجمات في لبنان. والأماكن المهددة بالتحديد هي: في ميس الجبل (حي القندولي منزل محمد وهبي والثاني خلف مدرسة المربي محمد فلحة منزل محمد شرف).
- في دبين قضاء مرجعيون (في المنطقة الواقعة بين مقبرة دبين ومدرسة دبين).
- في كفرتبنيت قضاء النبطية (في محيط مدرسة الكوثر النموذجية).
وبعد نصف ساعة على توجيهة الانذارات، بدأ الاحتلال الاسرائيلي تنفيذ موجة غارات على القرى المذكورة، مع تسجيل حالات نزوح كثيفة من بلدات ميس الجبل وكفرتبنيت ودبين تجاه مدينة النبطية وجوارها. حيث استهدف بلدة ميس الجبل بـ٣ غارات. بينها واحدة على منزل .وتوجهت سيارات الإسعاف إلى الأماكن المستهدفة وسط معلومات أولية عن إصابة شخص في الغارات.
ثم شن الاحتلال غارة على بلدة دبين.ثم قصف الطيران الإسرائيلي المنزل المهدد في كفرتبنيت بصاروخين.ثم شن غارتين على البلدة.
وذكر جيش الاحتلال في بيان: عند السادسة إلا ربعاً من مساء الخميس بدأ جيش الدفاع الإسرائيلي بشنّ موجة من الهجمات ضد أهداف عسكرية تابعة لتنظيم حزب الله الإرهابي في جنوب لبنان».
ومع بداية المساء وجه جيش الاحتلال انذاراً عاجلاً الى قريتين جديدتين، وقال المتحدث باسم الاحتلال في بيان: «انذار عاجل إلى سكان جنوب لبنان..سيهاجم جيش الدفاع على المدى الزمني القريب بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله الإرهابي في انحاء جنوب لبنان وذلك في مواجهة محاولاته المحظورة لاعادة اعمار أنشطتها في المنطقة . نوجّه تحذيرًا عاجلًا إلى سكان المباني المحددة بالأحمر في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في القرى التالية: طير زبنا (الشهابية).وبرج قلاويه.. البقاء في المباني يعرضكم للخطر «.وقرابة السابعة شن العدو غارات عنيفة على البلدتين.
ونهار أمس، أطلق مربض للعدو في موقع الراهب المعادي في اطراف عيتا الشعب عددا من قذائف الهاون استهدفت وادي مظلم في أطراف بلدة بيت ليف لجهة رامية، حيث سمعت اصوات الانفجارات.
وقبل ظهر أمس استهدفت مسيّرة إسرائيلية منطقة السنديانة في بلدة شبعا، ثم نفّذت مسيّرة معادية غارة قرب الجامع في شبعا، ولم تقع اصابات.
كما ألقت درون اسرائيلية ألقت قنبلة صوتية على تلة المحافر في اطراف بلدة العديسة، وألقت مسيّرة معادية قنبلة صوتية باتجاه بلدة يارين دون وقوع إصابات.
وعصر أمس، ألقى الاحتلال الاسرائيلي قنبلة حارقة في اللبونة، عند اطراف الناقورة.
ونفذ العدو تفجيراً ليل امس عند جبل بلاط.
وكان جيش الاحتلال الاسرائيلي قد نفذ ليل أمس مناورات في مستوطنة «مارغيلوت» قبالة بلدة مركبا.
الجيش اللبناني: 4500 خرق معادٍ
صدر عن قيادة الجيش– مديرية التوجيه البيان الآتي: «يواصل العدو الإسرائيلي خروقاته، التي فاق عددها 4500 خرقًا منذ دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ، عقب عدوانه الأخير على لبنان في العام 2024.
في هذا الإطار، يستمر العدو الإسرائيلي في اعتداءاته على المواطنين وآخرها استهداف عدد من القرى الجنوبية اليوم(امس)، بالإضافة إلى المدنيين في عدة مناطق آهلة، ما يسفر عن وقوع شهداء وجرحى.
يتزامن ذلك مع خروقاته المتمادية للسيادة اللبنانية برًّا وبحرًا وجوًّا، وارتكاباته المستمرة ضد سكان القرى الحدودية، بما في ذلك إطلاق القنابل الحارقة وتفجير المنازل.
إن هذه الاعتداءات والخروقات تعيق انتشار الجيش في الجنوب، واستمرارها سيعرقل تنفيذ خطته ابتداءً من منطقة جنوب الليطاني.
وضمن إطار متابعة عمليات المسح الهندسي في المناطق الجنوبية، عثرت وحدة عسكرية مختصّة على جهاز تجسس مموّه كان العدو الإسرائيلي قد وضعه في منطقة اللبونة- صور، وعملت على تفكيكه، فيما تُتابع قيادة الجيش هذه الخروقات بالتنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل.»
البناء:
فيتو أميركي يعطل قراراً أممياً لوقف حرب غزة… وعشرات الشهداء بالغارات
6 ضباط وجنود قتلى برصاص المقاومة في رفح و«اللنبي»… و3 عمليات يمنية
تصعيد إسرائيلي جنوباً… وبرّي: هذا عدوان كامل… ومناسبة لوحدة اللبنانيين
كتب المحرّر السياسيّ
مورغان أورتاغوس في مجلس الأمن الدولي تضرب مجدداً لصالح كيان الاحتلال، فتستخدم باسم رئيسها دونالد ترامب حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لوقف الحرب على غزة، حاز على تأييد 14 عضواً في المجلس، وتقول إن السبب أنه لا ينص على تأييد “حق إسرائيل بالدفاع عن النفس”، رغم أن المشروع تضمن الدعوة للإفراج الفوري عن الأسرى (الرهائن) في غزة، بينما كانت طائرات “الدفاع عن النفس” تشنّ المزيد من الغارات على الآمنين العزل في غزة وتقتل العشرات من الأطفال والنساء، وبموجب هذا الحق الذي تسنّه قوانين أورتاغوس ورئيسها التي تأتينا بثوب وسيط مشرف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، كان جنوب لبنان يشهد غارات مماثلة للغارات التي استهدفت غزة، ومناشدة الوسيط الأميركي للتحرك لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار تصطدم بقانون أورتاغوس و”حق الدفاع عن النفس”.
رغم الفيتو الأميركي الذي عطل القرار، ورغم الغارات الإجرامية التي دمرت البيوت وقتلت النساء والأطفال، لم يتحقق الأمن لجيش الاحتلال، حيث قتل ضابط وجندي على جسر اللنبي من الجهة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال من الحدود مع الأردن، عندما أطلق استشهادي أردني النار على جنود الاحتلال قبل أن يستشهد، فيما كان جيش الاحتلال يعلن مقتل أربعة ضباط وجرح ثلاثة من عناصره بينهم ضابط في عملية تفجير عبوة ناسفة بقوات الاحتلال في مدينة رفح التي يتحدث جيش الاحتلال عن فرض السيطرة عليها.
في لبنان توسّع نطاق التصعيد الإسرائيلي ليشمل غارات متعددة استهدفت عدة قرى وبلدات لبنانية، ما دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري كي يقول إن الاعتداءات الإسرائيلية أمس، على القرى الآمنة في جنوب لبنان في الشهابية وبرج قلاويه وأطراف النبطية الفوقا وكفرتبنيت وميس الجبل ومساء أول أمس في مدينة بعلبك، متزامنة مع الاستهداف اليوميّ للمنازل في القرى الحدوديّة في عيتا الشعب وكفركلا وعيترون ويارون تتجاوز في طبيعتها من كونها خروقات لإتفاق وقف إطلاق النار والتي بلغت وفقاً لبيان قيادة الجيش أكثر من 4500 خرق، فهي عدوان على لبنان وعلى سيادته وعلى جيشه وعلى قوات اليونيفيل والمهام المنوطة بهما في محاولة لعرقلة عملهما في منطقة جنوب الليطاني إنفاذاً للقرار الأممي 1701 الذي التزم به لبنان بشكل تام، وهو يستكمل ما هو مطلوب منه في هذا الإطار. وأضاف بري: “مجدداً نضع هذا العدوان برسم المجتمع الدولي والدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار لا سيما الولايات المتحدة الأميركية المسارعة باتخاذ الإجراءات الفورية وإرغام “إسرائيل” ومستوياتها السياسية والعسكرية لوقف اعتداءاتها فوراً”. مضيفاً “هذا العدوان قبل أي شيء هو مناسبة للبنانيين كل اللبنانيين بكافة مستوياتهم للعمل من أجل ترسيخ وحدة الموقف في مواجهة العدوانية الإسرائيلية التي تستهدف لبنان كل لبنان”.
وعلى مسافة أيام من ذكرى اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد الشهيد حسن نصرالله والأمين العام السيد الشهيد هاشم صفي الدين وكوكبة من الشهداء، وعشية الزيارة المرتقبة للمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان، صعّد الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على لبنان متجاوزاً كل الخطوط الحمر من خلال استهداف الأماكن والأحياء السكنية في عددٍ من القرى الجنوبية وإرهاب المواطنين. فيما يطل الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عصر اليوم بذكرى اغتيال القيادي الجهادي الكبير إبراهيم عقيل وكوكبة من الشهداء الذين ارتقوا في غارة إسرائيلية على منطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية العام الماضي.
ورأت مصادر في فريق المقاومة أن «توسيع الاحتلال عدوانه إلى المناطق السكنية مع توجيه الإنذارات بعدما كان يشنّ الغارات على المناطق المفتوحة وفي الأودية والجبال والتلال ومن دون إنذارات، يُخفي أهدافاً خبيثة أولها توجيه رسالة إلى بيئة المقاومة والجنوبيين تحديداً في الذكرى الأولى للحرب على لبنان وعملية تفجير أجهزة «البيجر» و»اللاسلكي» واغتيال السيد نصرالله، بأنّ المعادلة العسكرية تغيّرت لصالح «إسرائيل» وأنّ المقاومة ضعفت وتراجعت مع تغير معادلة الردع، ولم يعُد حزب الله قادراً على حماية المدنيين في الجنوب ولمخاطبة سكان شمال فلسطين المحتلة بأنّ الجيش الإسرائيلي غيّر المعادلة وأصبح يتحكم بزمام الأمور ويعمل على فرض الأمن في الشمال بالقوة لتشجيع المستوطنين المهجرين من الحرب للعودة». ولفتت المصادر لـ»البناء» إلى أن الرسالة الثانية هي أنّ «إسرائيل» «لن تسمح للجنوبيين بالهدوء والراحة عبر بث القلق والخوف والترهيب واليأس في نفوسهم ولتهجيرهم إلى خارج منطقة جنوب الليطاني التي تريدها منطقة عازلة خالية من السكان تدريجياً»، غير أنّ المصادر أكدت بأن «هذا التمادي والإرهاب الإسرائيلي لن يمنح الاحتلال أيّ قيمة عسكرية ولن يؤدي إلى إضعاف حزب الله والمقاومة ولا سلاحها وصواريخها ومعنوياتها بل سيزيد من قوتها وبأسها وقدرتها على الصمود والمواجهة»، مضيفة أن «العدو يتوهّم أنه يتحكم بالميدان وبالمعادلات ويستطيع فرض سياساته وإملاءاته وشروطه الأمنية والسياسية لكنه واهم، فصحيح أنّ المقاومة اليوم لم تقم بأي ردة فعل وتتريّث لأسباب عدة وتترك لخيار الدولة والدبلوماسية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار ردع الإسرائيلي ودفعه للانسحاب، لكن المقاومة لن تهدأ ولن تتراجع وستبقى يدها على الزناد بانتظار تعليمات قيادتها وقد تأتي لحظة المواجهة في أوانها وليس على توقيت العدو». واللافت وفق المصادر أنّ «القرى المستهدفة أمس تقع في جنوب الليطاني باستثناء بلدة كفرتبنيت التي تقع شماله، ما يعني أنّ «إسرائيل» تريد توسيع المنطقة العازلة لتشمل كامل منطقة جنوب الليطاني وهي نفسها منطقة عمليات الجيش اللبناني وفق المرحلة الأولى من الخطة، ما يعني أنّ «إسرائيل» لا تريد حتى الجيش اللبناني والقوات الدولية، ما يخفي مشروعاً خطيراً تعمل «إسرائيل» على تطبيقه في الجنوب على مراحل ومع الوقت».
ورأت قيادة الجيش في بيان أنّ «هذه الاعتداءات والخروقات تعيق انتشار الجيش في الجنوب، واستمرارها سيعرقل تنفيذ خطته ابتداءً من منطقة جنوب الليطاني».
ولفت الجيش إلى أن «خروقاته التي فاق عددها 4500 خرق منذ دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيّز التنفيذ، عقب عدوانه الأخير على لبنان في العام 2024». كاشفاً أنّ وحداته المختصّة «عثرت على جهاز تجسّس مموّه كان العدو الإسرائيلي قد وضعه في منطقة اللبونة – صور، وعملت على تفكيكه، فيما تُتابع قيادة الجيش هذه الخروقات بالتنسيق مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل».
وربطت أوساط سياسية بين هذا التصعيد العسكري الإسرائيلي وبين زيارة أورتاغوس الى لبنان خلال اليومين المقبلين، وذلك لمنح أورتاغوس أوراق ضغط على الحكومة اللبنانية وعلى الجيش اللبناني تحديداً الذي يستكمل تطبيق خطة حصرية السلاح بيد الدولة وفق تكليف مجلس الوزراء. وتضيف الأوساط لـ»البناء» أن «إسرائيل» تحاول تزخيم ضرباتها على الجنوب بتعميم النموذج السوري، حيث تريد فرض الشروط السياسية والأمنية على النظام السوري بقوة النار والضربات المكثفة والاغتيالات والعبث بالنسيج الاجتماعي السوري، واستطاعت جرّ الحكومة السورية إلى محادثات مباشرة آخرها كان بين مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الخارجية السوري حول اتفاق ترتيبات أمنيّة بين سورية و»إسرائيل» يتوّج بلقاء بين نتنياهو والرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في نيويورك برعاية الرئيس الأميركي على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، وبالتالي تريد «إسرائيل» عبر قوة النار والاحتلال والاغتيالات وإثارة الفتن الداخلية وحصار حزب الله سياسياً وحكومياً وشعبياً ومالياً واستهدافه عسكرياً وأمنياً والضغط على الدولة اللبنانية لجرّ لبنان الى اتفاق ترتيبات أمنية على غرار سورية يضمن حرية الحركة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ومنطقة عازلة منزوعة السلاح في كل من لبنان وسورية.
ووفق مصادر إعلاميّة فإنّ «المبعوثة الأميركية تصل السبت إلى لبنان وتجتمع الأحد باللجنة الخماسية في الناقورة لتغادر بعدها فوراً إلى نيويورك من دون أن تلتقي أحداً من السياسيين وهدفها هو الاطلاع على خطة الجيش وما نُفّذ منها». ووفق معلومات «البناء» فإن الأميركيّين سيضغطون على قيادة الجيش للدفع بتسريع تنفيذ خطة الجيش شمال جنوب الليطاني قبل أواخر العام، كما علمت بأن أورتاغوس ستبحث مع الجيش أيضاً كيفية تعزيز إمكاناته البشرية والمادية واللوجستية لتمكينه من تطبيق خطته، كما ستبحث كيفية تفعيل التنسيق على الأرض بين الجيش و»الميكانيزم» بعد وصول رئيسها الجديد إلى لبنان.
وأشارت السفيرة الأميركية خلال احتفال بالعيد الوطني الاميركي الى أن «العمل الذي قام به الجيش اللبناني منذ اتفاق وقف إطلاق النار جبّار، لكنه غير كافٍ ومطلوب منه أكثر من ذلك». وأضافت «نحيّي قرارات الحكومة اللبنانية في آب وأيلول والتي تصبّ في خانة سحب السلاح غير الشرعي لكن المطلوب خطوات أكبر»٬ معتبرة أن «ما أنجز في الأشهر الـ7 الأخيرة في لبنان يتخطّى كل ما تحقق في السنوات الـ6 الماضية».
وبعدما أشاد برئيسي الجمهورية والحكومة وبمجلس الوزراء عقب قراري 5 و7 آب ووصفهما بالقرارين التاريخيين، عاد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى هجومه على الدولة وعلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من دون أن يسمّيهما، متهماً إياهما بالتلكّؤ في مسألة سلاح حزب الله، إذ قال جعجع: «كيف لدول العالم قاطبة أن تتعامل مع الدولة اللبنانية بجدية، فيما ترى وتلمس بوضوح أنّه بعد تسعة أشهر على انطلاق العهد الجديد، وثمانية أشهر على انطلاق الحكومة، ما زالت السلطة في لبنان متردّدة ومتلكئة؟»، لافتاً الى أن «التصريحات الواضحة والصريحة لمختلف مسؤولي حزب الله، والتي وبكل وقاحة تضع قرارات الحكومة اللبنانية في سلة المهملات، إلى إعلان الحزب جهاراً أنه يعيد بناء قوته العسكرية بالرغم من قرارات الحكومة».
ووفق معلومات «البناء» فإنّ جعجع لم يكن راضياً على قرارات الحكومة في 5 أيلول الماضي واعتبرهاً تجويفاً لقرارات آب الماضي، وأبلغ رئيسي الجمهورية والحكومة بذلك، فيما حاول وزراء القوات الاعتراض على القرارات في جلسة 5 أيلول لكن رئيس الجمهورية تدخل للحؤول دون ذلك. ووفق المعلومات فإنّ رئيس حزب القوات لم يعد يملك موْنة كاملة على وزراء القوات الثلاثة الذين يصوّتون بأغلب الأحيان إلى جانب رئيس الجمهورية وأحياناً مع رئيس الحكومة في بعض الملفات.
وكان العدو الإسرائيلي شنّ أمس، عدواناً جوياً واسعاً على لبنان، حيث استهدفت غارات لطائرات حربية أماكن سكنية بامتياز ويقع بالقرب من بعضها مدارس ابتدائية وثانوية، في بلدات ميس الجبل وكفرتبنيت ودبين والشهابية وبرج قلاويه في الجنوب.
وجاءت هذه الغارات بعد أنْ هدّد جيش الاحتلال بقصف أماكن مدنية في البلدات المذكورة، في استمرارٍ للخروقات الصهيونية لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان. وأدّى هذا التهديد إلى نزوح العديد من العائلات من منازلها، وسط محاولات واضحة من الاحتلال لإرهاب السكان وخلق حال من الفوضى في المنطقة.
وادّعى جيش الاحتلال أنّ الأماكن المستهدفة هي «منشآت عسكرية»، إلّا أنّ المشاهد تؤكّد أنّها أماكن مدنية بالكامل. كما أنّ الأماكن التي استهدفتها الغارات تقع بالقرب من مدارس وهي خالية من أيّ مظهر عسكري بتاتاً.
وبرغم أنّ العدو «الإسرائيلي» لم يتوقّف عن الاعتداءات والغارات اليومية، في انتهاكٍ مستمر للسيادة اللبنانية، لكنّه تعمّد أنْ تكون غاراته أكثر صخباً عبر عودته إلى أسلوب الإنذارات المكرَّر لإضفاء مزيد من الإرهاب وإرعاب الجنوبيين، لا سيّما العائدين الصامدين منهم في بلدات الحافّة الأمامية.
ولم يكتفِ العدو باستهداف المنازل، بل تعدى ذلك إلى استهداف القبور، حيث تضرّرت جبانة برج قلاويه جراء الغارة الصهيونية التي استهدفت منزلاً بجوارها.
في المواقف الرسمية، دان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون العدوان، ولفت في بيان، إلى أن «»إسرائيل» لا تحترم عمل الآلية ولا أيّاً من الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية وغاراتها الجوية انتهاك فاضح لقرار مجلس الأمن 1701». واعتبر أنّ «صمت الدول الراعية تقاعس خطير يشجع على هذه الاعتداءات، ويجب أن تخدم الآلية جميع الأطراف، لا أن تكون وسيلة لتغطية اعتداءات «إسرائيل». لقد آن الأوان لوضع حد فوري لهذه الانتهاكات السافرة لسيادة لبنان».
بدوره، أكد دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «الاعتداءات الإسرائيلية تتجاوز في طبيعتها من كونها خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار والتي بلغت وفقاً لبيان قيادة الجيش أكثر من 4500 خرق هي عدوان على لبنان وعلى سيادته وعلى جيشه وعلى قوات اليونيفيل والمهام المنوطة بهما في محاولة لعرقلة عملهما في منطقة جنوب الليطاني إنفاذاً للقرار الأممي 1701 الذي التزم به لبنان بشكل تام، وهو يستكمل ما هو مطلوب منه في هذا الإطار».
وأضاف بري: «مجدداً نضع هذا العدوان برسم المجتمع الدولي والدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار لا سيما الولايات المتحدة الأميركية للمسارعة باتخاذ الإجراءات الفورية وإرغام «إسرائيل» ومستوياتها السياسية والعسكرية لوقف اعتداءاتها فوراً». وشدّد رئيس المجلس على أن «هذا العدوان قبل أي شيء هو مناسبة للبنانيين كل اللبنانيين بكافة مستوياتهم للعمل من أجل ترسيخ وحدة الموقف في مواجهة العدوانية الإسرائيلية التي تستهدف لبنان كل لبنان». فيما اكتفى رئيس الحكومة، نواف سلام، بإصدار بيان مناشدة الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار التي تختزلها واشنطن حصراً، ولم يلوّح بأيّ خطوة عملية. وكرر كلامه بأنّ «الحكومة اللبنانية، المتمسّكة بمسار وقف الأعمال العدائية، تؤكّد انخراطها الكامل في اجتماعات «الميكانيزم»، متسائلاً عن «التزام «إسرائيل» بهذه الآليات».
من جهته، أكّد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، أنّ «العدوان «الإسرائيلي» المتجدّد على قرى الجنوب لن يدفع شعبنا إلى الخضوع والتخلّي عن أرضه»، بل سيزيده «تمسُّكاً بقناعاته وخياراته ونهج المقاومة».
واعتبر فضل الله، في بيان أنّ «لبنان دولةً وشعباً لم يعودا بحاجة إلى دليل إضافي على أنّه لا توجد أيّ ضمانات دولية أو دبلوماسية لكبح الإرهاب «الإسرائيلي» الذي يروّع الأهالي ويقتل الناس ويدمّر الممتلكات». وإذ شدّد على أنّ «التعويل على المناشدات الرسمية لرُعاة اتفاق وقف النار هو صرخة في وادٍ سحيق لن يسمعها أحد»، طالب الدولة بـ»حسم خيارها الوطني وإعادة النظر في رهانات بعض مَن فيها، والتي لم يحصد منها لبنان سوى مزيد من الإملاءات الخارجية». ونبّه إلى أنّ «التنازل الرسمي عن عناصر القوة لم ينتج عنه سوى تمادٍ «إسرائيلي» في العدوان».
كما دعا النائب فضل الله الدولة وأداتها التنفيذية؛ أيْ الحكومة، إلى «اتخاذ موقف وطني عملي ينسجم مع تطلُّعات شعبها بوقف مسلسل امتهان الكرامة الوطنية واستباحة السيادة، وحزم قرارها لجهة التصدّي للعدوان بكل الوسائل الممكنة».
كما تساءل المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ أحمد قبلان، في بيان: «أين سلطة الصرخة الوطنية وجوقة حصر السلاح من جحيم الإرهاب الصهيوني الذي يدوس صميم كرامة من يدعي تمثيل السيادة الوطنية؟»، متسائلاً كذلك عن «موقف أصحاب الزعامة والسلطة من مشاهد النزوح المفجعة للأهالي من البلدات الجنوبية، التي تشّكل مع بقية القرى الأمامية بُنيان الدفاع الوطني عن بيروت وباقي محافظات لبنان». وفي حين أشار إلى أنّ «الدولة تحصر دورها في الضرائب والعتمة والفوضى»، اتّهم طواقمها بـ»عدم القيام بالوظائف الدفاعيّة الأساسية التي تحمي شرف الوطن، بينما الجنوب والبقاع يتعرّضان لأسوأ عدوان صهيوني يدوس كرامة هذا الوطن وشرف دولته ومؤسّساته».
كما دعا المفتي قبلان أهالي الجنوب والبقاع إلى «عدم الاعتماد على الدولة»، مؤكّداً أن «ما يُسمّى الدولة لا تحميهم ولا تريد حمايتهم»، ومعبّراً عن «خشية كبيرة من الانحطاط السيادي الذي يكاد يتخلّى عن أدنى مقوّمات بقاء لبنان».
المصدر: صحف