الجمعة   
   12 09 2025   
   19 ربيع الأول 1447   
   بيروت 06:30

كراهية مسلّحة: اغتيال تشارلي كيرك يفضح هشاشة الداخل الأميركي

شكّل مقتل “الناشط الأمريكي المحافظ” تشارلي كيرك(31 عاماً)، صدمة قوية في الأوساط السياسية والإعلامية، حادثة الاغتيال بالرصاص لم تأتِ من فراغ، بل جاءت كامتداد لمناخ متفجّر يتنامى في الولايات المتحدة منذ سنوات، حيث تتقاطع الانقسامات السياسية مع تصاعد خطاب الكراهية والعنف.

وقُتل كيرك أول من أمس الأربعاء، جراء إصابته بإطلاق نار خلال مشاركته في فعالية بولاية يوتا الأميركية. وهو شخصية مثيرة للجدل في المشهد العام، إذ شارك في تأسيس منظمة “تورنينغ بوينت أميركا” عام 2012، التي تنشط داخل الجامعات بهدف نشر الأفكار اليمينية المحافظة والتصدي للتيارات الليبرالية. وإلى جانب حضوره في المجال السياسي، عُرف كيرك بدعمه القوي للرئيس دونالد ترامب، وبمواقفه الصريحة المؤيدة لكيان العدو.

لحظة اغتيال كيرك

تأتي عملية اغتيال كيرك، في سياق مناخ سياسي متوتر يزداد انقسامًا داخل الولايات المتحدة. وهي تذكير بمحاولة اغتيال ترامب نفسه، الذي يُعد شخصية ذات طابع انقسامي، عمل على عسكرة الأجهزة الأمنية والقضائية وتسخيرها لتصفية حساباته مع خصومه. كما اتخذ سياسات تضييق على الجامعات، عبر وقف الدعم المالي وفرض حصارٍ متنوع عليها، في إطار معركة مفتوحة لا تعرف التوقف.

شرخ مؤسساتي

تعيش أميركا اليوم مرحلة هي الأخطر، إذ تحولت المواجهات السياسية إلى اغتيالات، فيما إدارة ترامب رفعت شعارات متعددة لتبرير الدخول إلى مدن أميركية باستخدام الحرس الوطني ونشر الجيش في الشوارع، ما اعتُبر خروجًا عن المألوف. حتى القضاء نفسه انقسم في تفسير القوانين ذات البعد العسكري، في صورةٍ عكست حجم الشرخ المؤسساتي.

ويوجد نقاش دائر في الولايات المتحدة حول رغبة ترامب في إرسال الجيش إلى المدن التي يقودها الديمقراطيون لمكافحة الجريمة. في بلد بات يصنّف فيه الرئيس خصومه بجرأة ، ويتهمه خصومه بالقسوة، بدا للكثيرين أن نسيج الخطاب العام قد تمزق بلا رجعة.

صراع بين يمين قوي ويسار لا يقل قوة

وعلى خط موازٍ، يتواجه يمين قوي ويسار لا يقل قوة، في معركة أيديولوجية لا تلتقي خطوطها على مبادئ أو مفاهيم مشتركة، بل ترسم ملامح “صراع حضارات” داخل المجتمع الأميركي. هذا المجتمع، الذي يُصوّر كأنه بوتقة الشعوب والثقافات، يبدو اليوم ككتل متناحرة تتصارع داخل الدولة نفسها.

بالنسبة لترامب، شكّل اغتيال كيرك صدمةً غير معهودة، إذ كان كيرك قريبًا جدًا من العائلة وصديقًا لنجله دونالد، كما كان رأس حربة في التعبئة السياسية والدعاية داخل الجامعات الأميركية. لقد حظي كيرك بدعم غير محدود واحتل موقعًا مؤثرًا في البيت الأبيض، يُقارن بأهمية بعض الوزراء، ما يجعل خسارته ضربة قاسية لترامب وللفكر الذي يمثله. ومع هذا الحدث، يُفتح الصراع على مصراعيه في الشارع الأميركي، حيث تتقاطع الحسابات السياسية مع الكراهية المتصاعدة والاصطفافات الحادة.

وقال ترامب في مقطع فيديو على شبكته “تروث سوشال” للتواصل الاجتماعي إنّه “منذ سنوات، واليسار الراديكالي يشبّه أمريكيين رائعين من أمثال تشارلي بالنازيين وبأسوأ المجرمين والقتلة الجماعيين في العالم. هذا النوع من الخطاب مسؤول بشكل مباشر عن الإرهاب الذي نشهده اليوم في بلدنا، وهذا الأمر يجب أن يتوقف فوراً”،بحسب تعبيره.

إجراءات أمنية مشددة

وشدد فريق ترامب إجراءاته الأمنية عقب مقتل كيرك ،وقالت صحيفة وول ستريت جورنال، أمس الخميس، إن فريق ترامب الأمني قرر تشديد الإجراءات الأمنية بعد مقتل كيرك، كما سيناقش خططا أوسع لتعزيز أمن ترامب تتجاوز تأمين الفعاليات التي ينوي حضورها هذا الأسبوع.

وأشارت الصحيفة إلى أن الفريق قرر اتخاذ تدابير إضافية أثناء حضور ترامب مباراة بيسبول مساء اليوم الخميس في نيويورك.

وأضافت أن وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) قررت نقل مراسم إحياء الذكرى السنوية لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 إلى موقع أكثر أمنا.

وهكذا، يكشف اغتيال تشارلي كيرك أنّ العنف لم يعد حادثًا عابرًا في أميركا، بل صار لغةً موازية للخطاب. بلدٌ يتفاخر بالتنوع، يقف اليوم على حافة هاوية داخلية، حيث الكراهية المسلّحة تنسف ما تبقّى من تماسكه وتفتح الباب على صراع بلا ضفاف.

المصدر: موقع المنار + مواقع