الأربعاء   
   10 09 2025   
   17 ربيع الأول 1447   
   بيروت 23:43

نص الكلمة الكاملة للشيخ قاسم بمناسبة ولادة الرسول(ص) وأسبوع الوحدة الإسلامية

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم خلال المهرجان المركزي لمناسبة ولادة الرسول ‏الأكرم النبي محمد (ص) وأسبوع الوحدة الإسلامية في قاعة الشهيد السيد محمد باقر الصدر في ثانوية ‏الامام المهدي في الضاحية الجنوبية لبيروت

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا ‏وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع ‏الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.‏ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

اليوم نحتفل بذكرى ولادة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مع مرور ١٥٠٠ عام هجرية ‏على ولادته. هذا النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو نعمة إلهية عظيمة عمّت البشرية جمعاء، ‏قال تعالى: ﴿لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم ‏الكتاب والحكمة﴾. هذه النعمة الإلهية هي التي ظلّلتنا بالاستقامة والصلاح واتباع منهج الحق، وهي ‏التي تظلّل حياتنا سعادة في الدنيا وسعادة في الآخرة.‏

إننا أمام رجل استثنائي، وأمام نبي مرسل عظيم، هو سيد الأنبياء والرسل، هو سيد البشرية جمعاء، هو ‏الرجل الأول على مستوى جميع المخلوقات وخاصة البشر، هو المعصوم الذي كلّفه الله تعالى أن ينقل ‏إلينا رسالة السماء وهي الإسلام.‏

رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حمل الحق من عند الله تعالى، قال تعالى: ﴿والذين آمنوا وعملوا ‏الصالحات وآمنوا بما نُزّل على محمد وهو الحق من ربهم كفّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم﴾، هو الحق ‏من عند الله تعالى. نحن نحتاج إلى مصدر ونحتاج إلى خلفية ونحتاج إلى مرجعية كي نعود إليها لنقوم ‏حياتنا، ولنعرف كيف نتعامل مع هذه الحياة. هذا هو الحق، الإسلام من عند الله تعالى عن طريق نبينا ‏محمد صلى الله عليه وآله وسلم.‏

هذا النبي الأكرم هو الرحمة الخالصة، هو رحمة للعالمين، قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة ‏للعالمين﴾، وهو قال عن نفسه: أنا رحمة مهداة. هذه الرحمة هي التي تعطي وتشُدّ العزيمة وتساعد ‏الإنسان على التفاعل في هذه الحياة.‏

يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنت الذي أنرت لنا الطريق، أنت الذي فتحت لنا أبواب الفضيلة، ‏أنت الذي علمتنا كيف نكون مؤمنين بشرع الله تعالى، ومستقيمين على منهج الحياة. أنت الذي درّبتنا ‏على الأخلاق، أنت الذي بثيت فينا الإحسان، أنت الذي علمتنا كيف نكون مع خالقنا، لنستمد منه دائماً ‏وفي كل لحظة، نذكره ونحبه ونتعاطى معه ونعيش معه في حياتنا، لنكون مؤمنين صالحين.‏
الحمد لله الذي أنعم علينا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعرّفنا على الحق من خلال محمد صلى الله ‏عليه وآله وسلم، وأعطانا رحمة عظيمة للعالمين. محمد هو سيد البشر، سيد الرسل، سيد التربية ‏والأخلاق والإيمان والصلاح. الحمد لله على هذه النعمة الكبيرة.‏

تعرفون أنه يوجد اختلاف بين المسلمين في تحديد تاريخ الولادة؛ بعضهم يقول: وُلِدَ في ١٢ ربيع الأول، ‏وبعضهم يقول: وُلِدَ في ١٧ ربيع الأول. جاء إمامنا الخميني قدّس الله روحه الشريفة كي لا يبقى هناك ‏خلاف على هذه المسألة البسيطة، خاصةً أن الشيعة بشكل عام يقولون إن الولادة في ١٧ ربيع الأول، ‏والسنة يقولون الولادة في ١٢ ربيع الأول. قال: لماذا لا يكون هناك أسبوع للوحدة الإسلامية؟ أسبوع ‏لولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. نحتفل بهذه الولادة من ١٢ إلى ١٧ ربيع الأول. ولذلك أعلن ‏أسبوع الوحدة الإسلامية على قاعدة أن يكون هناك جمعٌ واحتفالٌ يمر خلال أسبوع، وبالتالي هذا مظهر ‏من مظاهر الوحدة الإسلامية.‏

ألم يقل تعالى: ﴿وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون﴾؟ كيف نُجسّد الأمة الواحدة؟ نُجسّدها من ‏خلال المظاهر، من خلال الأهداف، من خلال التعاون في القضايا المشتركة، من خلال العمل الدؤوب ‏لنكون في الموقع الواحد في مواجهة التحديات، وفي مواجهة الأعداء، وفي مواجهة مشاكلنا، أن نكون ‏على خطٍ واحد حتى ننقذ العالم والبشرية وننقذ أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بِشرع الإسلام ‏وبالارتباط بالله جل وعلا.‏

قال إمامنا الخميني قدّس الله روحه الشريفة: إننا اليوم مُكلّفون، أياً كان الزي الذي نرتديه أو العمل ‏الذي نمارسه، بِتجنب اختلاف الكلمة، والحرص على الوحدة الإسلامية التي يوصي بها الكتاب والسنة ‏على الدوام، وأن نجعل كلمة الحق هي العليا وكلمة الباطل هي السفلى.‏

هذه الوحدة الإسلامية تتطلب ترجمةً عملية، تتطلب أن نقوم بحمل القضايا المشتركة معاً. وأعلى درجة ‏من درجات التعبير عن الوحدة الإسلامية هو الالتفاف حول قضية فلسطين. قال إمامنا الخامنئي دام ظله: ‏الجمهورية الإسلامية منذ بدايتها، منذ تأسيسها، جعلت في الأسطر الأولى الأساسية من أهدافها اتحاد ‏المسلمين وتقارب قلوبهم، ومنها قضية فلسطين.‏

هذه قضية مركزية، هي التي تُوحد الأمة، هي التي تجعلنا معاً نناصرها، ندعمها، ندعم مقاومتها، ندعم ‏تحريرها، ندعم أهلها، نساعدهم على أن يكونوا مع هذه الأمة محاطين بالتفاعل والتعاون والدعم ‏والجهاد والتحرير. هذه أبرز قضية من قضايا الوحدة الإسلامية.‏

وإلا، فإن الذي يقول: نحن مؤمنون بالوحدة الإسلامية، كيف تُعبّر عنها؟ الوحدة الإسلامية وحدة موقف، ‏وحدة عمل، وحدة جهاد، وحدة مواجهة، وحدة مصير، وحدة تحمّل التضحيات. نحن لا نتحدث عن وحدة ‏إسلامية تدخل إلى المذاهب وتعدل من قناعات المرتبطين بها أبداً، بل نتحدث عن وحدة إسلامية سياسية ‏عملية تربوية أخلاقية في مواجهة التحديات.‏

هذا يجب أن يكون: قضية فلسطين أبرز قضية تعبّر عن الوحدة الإسلامية. نحن إلى جانبها، معها ضحّينا ‏وعملنا، وعلى الجميع أن يكون معها لِيعبر عن الوحدة. ألا ترون ما يحصل في غزة؟ مجازر، عمل إبادة، ‏قتل الأطفال والنساء، تدمير الشجر والبيوت والمساكن والقرى والمدن. يوجد أبشع عمل إجرامي ‏تُمارسه إسرائيل وأمريكا في فلسطين المحتلة، في غزة، وكذلك الآن في الضفة الغربية.‏

هذا كله هو نتاج الاستكبار، هو نتاج الغدة السرطانية إسرائيل، هو نتاج هذا الاحتلال. علينا أن نكون ‏معاً لِننصرهم. أكثر من ٢٢٨ ألفاً بين شهيد وجريح ومفقود، منهم ٦٥ ألفاً من الشهداء خلال هذه ‏الفترة، خلال سنتين من العدوان الإسرائيلي الأمريكي المجرم المستمر على غزة وعلى فلسطين.‏

هل يمكن أن يكون هذا مقبولاً عند العالم؟ هل يمكن أن يكون مقبولاً عند المسلمين؟ أين أنتم يا من ‏تؤمنون بلا إله إلا الله محمد رسول الله؟ أين أنتم يا من تؤمنون بالإنسانية؟ أين أنتم يا من تؤمنون ‏بضرورة حقوق البشر؟ أين الموقف؟ أين الدعم؟ أين العمل الإيجابي الذي يكون لمصلحة إيقاف هذه ‏الإبادة التي تحصل في فلسطين؟ هذه مسؤوليتنا جميعاً.‏

الحمد لله، صمود الفلسطينيين صمود أسطوري.‏ هذا شعب نموذجي قدّم، ضحّى، أعطى، ولا يزال يُعطي. هو صامد في غزة، هو صامد في مدينة غزة، في ‏كل شوارعها، في كل بيوتها، في كل أحيائها. هذا نموذج المقاومة للشعب الفلسطيني المستمرة رغم كل ‏الصعوبات، رغم كل ما يحصل. هذا عمل عظيم.‏

عملية راموت قرب القدس التي ذهب بسببها ٧ قتلى إسرائيليين وأكثر من ٢٠ جريحاً، عملية جريئة ‏شجاعة، تُثبت أن هذا الشعب الفلسطيني يملك الحياة وإرادة المقاومة وإرادة التضحية، ويُريد أن يُحرر ‏أرضه. هذا أمر عظيم. في جباليا في غزة وكذلك في حي الشيخ رضوان، أعداد كبيرة من الإسرائيليين ‏يُقتلون ويُجرحون رغم كل الصعوبات الموجودة هناك. هذا رمز وهذا تعبير.‏

نحن أمام شعب حي، نحن أمام شعب يعطي. يجب أن نكون إلى جانبه، يجب أن نكون معه، يجب أن ‏نساعده، يجب أن نكون جميعاً يداً واحدة معه.‏ بالأمس قامت إسرائيل بعدوان تحت عنوان قتل قادة حماس في قطر. هذا عدوان كبير جداً، عدوان ‏استثنائي، عدوان لِقتل قادة حماس وعدوان على قطر نفسها. وبالتالي، هذا أمر محل إدانة وشجب، ‏ويجب أن يُواجه من كل العالم، لأن إسرائيل تجاوزت كل الخطوط، وقامت بأعمال شنيعة جداً، ولا يمكن ‏الصمت على هذا العمل.‏

كنت أفكر: كيف يمكن الرد؟ طبعاً نحن إلى جانب قطر، نعتبر أنها اعتُدي عليها، ونحن ندعم مواجهة ‏قطر لهذا المشروع الإسرائيلي ولهذا الاعتداء الإسرائيلي، كما نحن مع المقاومة الفلسطينية، مع حركة ‏حماس في المواجهة، والرحمة للشهداء الذين ارتقوا في هذه المواجهة وفي هذا العدوان.‏

لكن أنا لدي اقتراح، اليوم ما حصل بالعدوان على قطر ليس عدواناً في محل أو مكان أو على مجموعة ‏أو عدواناً استثنائياً أبداً، هذا العدوان على قطر هو جزء لا يتجزأ من مشروع إسرائيل الكبرى. إسرائيل ‏تعمل خطوة وراء خطوة، إسرائيل تتوسع تدريجياً. إسرائيل منذ سنتين تعمل من أجل إنهاء وإبادة ‏المقاومة في غزة، تمهيداً لإبادة الشعب الفلسطيني في غزة، والآن بدأت في الضفة الغربية من أجل أن ‏تغيّر معالم فلسطين لتصبح إسرائيلية بالكامل، وتريد أن تُهجّر إلى مصر وإلى الأردن، وكذلك تبحث عن ‏عدد من الدول حتى تنقل الفلسطينيين إليهم.‏

هذا جزء من مشروع إسرائيل الكبرى. اليوم عندما تضرب في قطر، معنى ذلك أن إسرائيل تقول: هذه ‏خطوة من الخطوات حتى لا تبقى أي دولة في المنطقة قادرة على أن تقول لا، بل حتى تتحكم إسرائيل ‏تدريجياً بالتوسع. الآن هي مسلّطة على الأجواء وعلى القدرات بدعم أمريكي كامل ومفتوح، والعدوان ‏الذي حصل على قطر هو عدوان إسرائيلي أمريكي بامتياز، بضوء أخضر أمريكي. هذا كله يدل على أن ‏خطوات المشروع تسير إلى الأمام.‏

أنا أعتبر أن ضرب قطر هو خطوة من خطوات إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل. وتحتاج إسرائيل ‏إلى ظروف متعددة لتتوسع. يمكن أن نسمع في يوم من الأيام أنها ضربت في السعودية، أو ضربت في ‏الإمارات، أو ضربت في أي مكان، كما تستمر اليوم في الضرب في لبنان وسوريا، فضلاً عما يحصل في ‏فلسطين المحتلة.‏

أقترح عليكم اقتراحاً: أن نقول ردّوا على إسرائيل بِضربها، هذا أمر غير واقعي، ولا أعتقد أن أحداً يفكر ‏الآن بهذه الطريقة لاختلال موازين القوى والظروف الموجودة في المنطقة وفي العالم. لكن أقترح عليكم ‏أحد اقتراحين، أحدهما أفضل من الآخر:‏

الاقتراح الأول: طالما أن مشروع إسرائيل الكبرى اتُّخذ قراره من قبل نتنياهو وبدعم من ترامب، وهم ‏يقومون بالخطوات التفصيلية لقيام هذا المشروع، وتبيّن عملياً أن الذي يؤخّره والذي يُجنّنهم هو ‏استمرار المقاومة وعدم استسلامها وعدم خضوعها في فلسطين وفي لبنان وفي المنطقة، الآن لماذا لا ‏تُدعَم المقاومة كدول عربية، كدول إسلامية، بأشكال الدعم التي ترونها مناسبة؟ يمكن أن يكون الدعم ‏سياسياً، دعماً إعلامياً، دعماً مالياً، دعماً اقتصادياً، دعماً اجتماعياً. قولوا في المحافل الدولية بأنكم ‏تؤيدون حق المقاومة، لأن المقاومة ماذا تفعل؟ المقاومة فقط تقول: أنا أُريد أن أسترجع أرضي، لا تقول ‏المقاومة إنها تريد أرضاً أخرى.‏

وبالتالي، إذا اجتمعت اليوم جامعة الدول العربية، أو اتفق مجموعة من العرب أو من المسلمين على أن ‏يعملوا خطوات دعم بأشكال مختلفة، تقوم خطوات الدعم على دعم المقاومة. المقاومة بالنسبة لكم الآن ‏سدّ منيع قبل أن يصلوا إليكم. اعلموا أنه إذا أنهوا المقاومة لا سمح الله، ولن ينهوها على الإطلاق، إذا ‏أنهوا المقاومة سيأتي الدور إليكم. ماذا تستطيعون أن تفعلوا؟ كيف تستطيعون المواجهة بالسياسة ‏الدولية؟ بأمريكا؟ أصلاً أمريكا متواطئة، والسياسة الدولية لا قدرة لها، وأنتم كل إمكاناتكم لا تستطيع، ‏بل إمكاناتكم مبنية على تقنيات وإمكانات عسكرية من أمريكا وبإشراف إسرائيل، وهي مالكة التقنيات ‏ومالكة الذكاء الاصطناعي، وعندها كل الإمكانات التي تتحكم حتى في بلدانكم ساعة تشاء.‏

إذن، ندعوكم إلى أن تدعموا المقاومة لتدعموا أنظمتكم وشعوبكم وبلدانكم. هذا الحدّ الأفضل ليكون هناك ‏عملية مواجهة، ماذا ستفعل أمريكا وماذا ستفعل إسرائيل عندما ترى أنكم جميعاً متضافرون مع ‏بعضكم، خاصة إذا حصل ما يشكل خطراً.‏ إذا لم تقبلوا بهذا المستوى الأول، أو لم تتجرؤوا على هذا المستوى الأول الذي يتضمن موقفاً اقتصادياً، ‏كعدم تبادل تجاري إلى آخره، فانتقلوا إلى المستوى الثاني.‏

المستوى الثاني: لا تطعنوا المقاومة في ظهرها. يا أخي، إذا لم تدعموها فلا تقفوا إلى جانب إسرائيل ‏حتى تأخذ ما تريد من المقاومة بدعم منكم. اخرجوا من قصة حصرية السلاح، اخرجوا من قصة أن ‏حماس تتحمّل مسؤولية المعركة التي حصلت، اخرجوا من قصة أن على حماس أن تقبل بالشروط ‏الإسرائيلية، أو على المقاومة الفلسطينية أن تقبل بالشروط الإسرائيلية. يا أخي، لا تتحدثوا عن تنازلات ‏عند المقاومة، وبنفس الوقت لا تضغطوا على المقاومة، أنتم تضغطون عليها لكي تقولوا: والله نُريد أن ‏نفك الذرائع عن إسرائيل. لا يوجد فك ذرائع، إسرائيل مستمرة في عدوانها، لا يوجد أحد يوقفها إلا ‏المقاومة أو من يقف بوجهها. لذلك، هذا شكل من أشكال دعم المقاومة: بأن لا تطعنوها في ظهرها، ‏وبأن لا تواجهوها حتى تتمكن من أن تعمل ومن أن تتقدم إلى الأمام.‏

هنا أُريد أن أوجّه تحية خاصة جداً جداً لليمن: اليمن العظيم، اليمن الشجاع، اليمن الذي يتحمّل أعباء ‏كثيرة من أجل فلسطين، من أجل التعبير عن الأمة الواحدة، من أجل التعبير عن الحق المشروع للقضية ‏الفلسطينية. إنهم يدفعون أثماناً، لكن اسألوهم: ماذا يقولون لكم؟ يقولون لكم: هذه الأثمان لا تساوي ‏شيئاً أمام العزة والكرامة، وأمام إيقاف المشروع الإسرائيلي، وأمام دعم المقاومة واسترداد الأرض.‏
لماذا لا يُعمَل مثل اليمن في كل البلدان؟

على كل حال هذا اقتراحنا، وأنتم انظروا ما الذي يظهر معكم. هذه الوحدة التي تكون من منطلق الحق، ‏طبعاً تؤدي أيضاً إلى الوحدة الوطنية. نحن عندما نقول ندعو إلى الوحدة الإسلامية، لأن نفسنا تعاوني، ‏وفي الوقت نفسه ندعو إلى الوحدة الوطنية في كل بلداننا على قاعدة أنه عندما نكون على أرض واحدة ‏عندنا مصائب واحدة، مشاكل واحدة، قضايا واحدة، يجب أن نكون مع بعض حتى نكون أقوياء يشدّ ‏بعضنا أزر بعض.‏

الموضوع الثاني هو موضوع ولادة حفيد النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الإمام جعفر ‏الصادق عليه السلام، الذي وُلد في 17 ربيع الأول سنة 83 للهجرة. الإمام الصادق هو إمام المذهب ‏الشيعي يُنسب إليه بشكل أساسي، رغم أنه مذهب الأئمة عليهم السلام، لكن لأنه كان في مرحلة ‏وبعطاءات غزيرة جداً في الروايات والتعليم والتربية وتوضيح الشريعة وتركيز الأسس المتينة لهذه ‏الشريعة. تصوّروا أن أربعة آلاف عالم تتلمذوا على يد الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه، كل واحد ‏منهم يقول: حدّثني الإمام جعفر الصادق سلام الله تعالى عليه.‏

عندما نتحدث عن أربعة آلاف عالم فهذا ليس عدداً قليلاً لنشر هذا الدين وللتأكيد على خصوصيته وعلى ‏تأثيره في الحياة. والعلماء من مختلف المذاهب، حتى فيهم علماء من أهل السنة. معروف أن الإمام أبا ‏حنيفة درس على الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه لمدة سنتين، وهذا أمر مشهور ومعروف ومدوّن ‏في التاريخ.‏

الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه بالنسبة إلينا هو خط الاستمرارية للنبي الأكرم محمد صلى الله عليه ‏وآله وسلم. نحن ليس عندنا اتجاهات متعددة، نحن عندنا اتجاه واحد كله يعود إلى محمد: أولهم محمد، ‏وأوسطهم محمد، وآخرهم الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف محمد صلى الله عليه وآله وسلم.‏

أذكر رواية واحدة عن الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه تُبيّن هذا العمق وهذا الاتجاه المستقيم ‏الأصيل. عندما جاء الخليفة المنصور من السفر، وكان معتاداً أن تأتيه الوجهاء والناس والزعامات ‏فيزورونه، الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه لم يذهب إلى زيارته. فسأل عنه، ثم التقى به، فسأله ‏الخليفة المنصور للإمام الصادق عليه السلام: لمَ لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ لماذا لا تأتي إلينا مثل ما ‏الناس تأتي عندما نسافر ونرجع، على الأقل لتهنئنا؟ فأجابه الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه: ليس ‏لنا ما نخافك من أجله، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوه منك، ولا أنت في نعمة فنهنئك، ولا تراها ‏نقمة فنعزيك، فما نصنع عندك؟ أي لا فائدة لا إيجابية ولا سلبية.‏

قال له: تصحبنا لتنصحنا، كأنه يعمل ذكاء المنصور، طيب على الأقل نأخذ منك النصيحة. فأجابه الإمام ‏الصادق عليه السلام: “من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك”. هذا يبيّن الأصالة.‏

يجب أن ننتبه، نحن لا نمشي وراء الزعماء كيفما كان، ولا نكون نسلّم فنخسر ديننا ونخسر دنيانا ‏ونخسر آخرتنا، لأن الاستقامة هي الأساس. الزعيم الذي يمشي على الاستقامة أهلاً وسهلاً به، نحن ‏معه، نتابعه ونعمل معه. ولكن الذي لا يمشي هكذا، لا يجوز أن يشترينا بأمواله فننقاد له لمجرد أنه ‏يحاول أن يتحكم برقاب العباد. في موقف أصيل يجب أن نقفه.‏

قبل أن نبدأ بالحديث السياسي، نريد التعزية بالعلامة السيد عبد الصاحب فضل الله ابن المجاهد المقدس ‏السيد عبد المحسن فضل الله، وأخو الشهيد محمد حسن فضل الله. هذا العالم الكبير كان له دور في ‏الصمود ودعم المقاومين وتخريج طلبة العلوم الدينية والعمل لِترويج الشريعة الإسلامية على مذهب ‏أهل البيت سلام الله تعالى عليهم.‏

كما أُعزّي العائلة بالدكتور سعدون حمادة، المؤرخ الشيعي القدير الذي صحّح موقع الشيعة في جبل ‏عامل وفي التاريخ اللبناني الذي طَمس دورهم ومكانتهم وما قاموا به من أجل لبنان ومن أجل هذا المقام ‏الكبير الذي نحن عليه اليوم.‏ إلى العائلتين الكريمتين، إلى كل المحبين، نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد ‏وآل محمد.‏

نتحدث عن لبنان، العنوان الكبير: لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، ونحن من أبنائه منذ نشأة لبنان ‏الحديث. ولإسرائيل أطماع، أطماع توسعية، أطماع في أخذ بعض البلدات، أطماع في الاستيطان في ‏لبنان، أطماع في جعل جزء كبير من جنوب لبنان جزءاً من الكيان الإسرائيلي.‏

أعلى مراتب الوطنية في لبنان هو الدفاع عن الوطن وتحرير الأرض. كل الذين قاوموا خلال الفترات ‏السابقة منذ تأسيس لبنان حتى الآن، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وقناعاتهم ومناطقهم ‏وانتماءاتهم، هم في الحقيقة ساهموا في حماية لبنان واستقلال لبنان. وهذا ما فعله الجيش اللبناني ‏بحسب قدرته في محطات مختلفة، وهذا ما قامت به المقاومة على اختلاف انتماءاتها وجهاتها.‏

لقد دفعت المقاومة الغالي والنفيس في مواجهة العدو الإسرائيلي، وخاصةً مقاومة حزب الله حيث قدمت ‏أغلى ما عندها: قدّمت سيد شهداء الأمة السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، وخيرة القادة الشهداء، ‏السيد الهاشمي، والقادة الشهداء، وكل الشهداء الأبرار الذين قدّموا، والجرحى والأسرى، وكذلك ‏تضحيات العوائل كلها كانت من أجل حماية لبنان ومن أجل الدفاع عن أرضه ومن أجل تحرير هذه ‏الأرض.‏
الحمد لله استطاعت المقاومة أن تُسقط أهداف إسرائيل. نجحنا بالتحرير ومنعناها في معركة أولي ‏البأس من الاجتياح، وهي الآن مردوعة ولا تستطيع الاستقرار في أرضنا، وإن كانت محتلة لكنه احتلال ‏مؤقت لا يمكن أن يستمر، وهذا قدرٌ من الردع. ‏

جاء اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني سنة 2024 ليحقق هدفين ويفتح مرحلة جديدة: ‏الهدف الأول إيقاف العدوان، والهدف الثاني استلام الدولة اللبنانية مسؤولية الحماية للبنان وإخراج ‏العدو من أرضنا. لكن كلا الهدفين لم يتحقق حتى الآن.‏

البعض يرد أسباب الانهيار في لبنان إلى وجود مقاومة المحتل الإسرائيلي، وهذا طبعاً تدليس على ‏الناس، وهذا كلام ليس فيه أي صحة. ما هو سبب الانهيار في لبنان؟ الانهيار في لبنان سببه الفساد ‏المستشري، والتجاذب الداخلي، وطموحات الهيمنة بمعونة الأجنبي، وتجاوز الدستور والقوانين، وعدم ‏تطبيق كامل مندرجات اتفاق الطائف. جاء العدوان لِيضيف سبباً وجودياً للبنان واستقلاله، أي أن ‏العدوان سلبي باتجاه لبنان بأصل وجود لبنان. أما مشاكل لبنان وتعقيداته فبسبب قياداته، بسبب أبنائه، ‏بسبب ما حصل.‏

وطبعاً قسم من القيادات والأبناء الذين أساؤوا خلال الفترات المختلفة.‏

ساهمت المقاومة في اتجاهين: الاتجاه الأول انطلاق مسيرة العهد الجديد مع انتخاب فخامة الرئيس ‏العماد جوزيف عون، وكل الترتيبات التي نشأت من تشكيل الحكومة إلى كل الأعمال التي حصلت حتى ‏الآن.‏

وهذه مساهمة كبيرة من المقاومة في إنشاء الدولة من جديد، وفي انطلاق هذا العهد. كما ساهمت ‏المقاومة في الوقوف سداً منيعاً أمام الأهداف الإسرائيلية. يعني صراحة الأهداف الإسرائيلية لم تتحقق ‏ولن تتحقق لأننا موجودون، ولأن مثلنا كمقاومة، سواء كُنا في حزب الله أو حركة أمل أو الأحزاب أو ‏القوى أو الشعب أو الجهات المختلفة من الطوائف المختلفة، مع وجود هذه الثلة الطيبة الطاهرة، لا ‏يمكن لإسرائيل أن تستمر ولا أن تستقر. بإمكانها أن تعتدي، لكن ليس بإمكانها أن تستمر في احتلالها ‏ولا أن تقضم الأرض. وعلى كل حال الزمن أمامنا ونحن وإياهم في المواجهة، ولن نتوقف ولن نترك ‏الميدان.‏

ما هي أولوية الحكومة الآن؟ أولويتها أن تُحقق السيادة، وهي مسؤولية الحكومة. السيادة تعني أن ‏تُخرج إسرائيل، وهذه يجب أن تكون مسألة مركزية أساسية قبل كل شيء. كيف تستطيع الحكومة أن ‏ترفع رأسها والعدوان مستمر على لبنان، وقد وصل إلى الهرمل وإلى مناطق مختلفة في النبطية وفي كل ‏الجنوب؟ كيف لهذه الحكومة أن تقدر على أن تقول أنها تحافظ على السيادة وتمثل الشعب اللبناني ‏وتطعن المقاومة في ظهرها، والمقاومة هي ركن بناء الدولة وركن تحرير الأرض؟ كيف تتصرف ‏الحكومة بهذه الطريقة؟ لماذا تريد هذه الحكومة الاستغناء عن قوة لبنان وليس لها بديل للدفاع؟ لو ‏عندها بديل للدفاع لقلنا لا بأس، لكن لا يوجد لديها بديل للدفاع. شاهدوا كيف تستثمرون هذه القوة.‏

الوساطة الأمريكية متآمرة بالكامل مع إسرائيل. تُريد أمريكا أن تستحوذ على لبنان وأن تُعطي إسرائيل ‏ما تريد. ولا تستغربوا إن أمريكا حاضرة لِتعطي لبنان لإسرائيل بالكامل. لقد تخلت أمريكا عن الضمانة ‏التي أعطتها بانسحاب إسرائيل، طمعاً بالسيطرة على لبنان.‏

اسمعوا ماذا قال غراهام: قال “بدون نزع سلاح حزب الله ستكون المناقشة مع إسرائيل بلا جدوى”. ‏يعني ماذا يطلب؟ يطلب أولاً أن يُنزع السلاح، وليس لديكم قوة على الإطلاق، ثم نرى إسرائيل هل تقبل ‏أم لا. أي حتى الالتزام بأنه بعد نزع السلاح ستنسحب إسرائيل لم موجوداً. يقول أيضاً: “إذا لم نتمكن ‏من التوصل إلى حل سلمي لِنزع سلاح حزب الله فعلينا النظر في الخطة ب، وهي نزع سلاح حزب الله ‏بالقوة العسكرية”.‏

حسناً، الآن أصبح الأمريكيون يريدون أن ينزعوا السلاح إما سلماً، أي عبر الدولة اللبنانية ‏وبالاستسلام، وإما عسكرياً عبر الدولة اللبنانية أو بتدخلهم المباشر. هذا يدل على أنهم يضعون هدفاً ‏واحداً، وهو إفقاد لبنان قوته وقدرته حتى يصبح لقمة سائغة تحت عنوان مشروع “إسرائيل الكبرى”.‏

يا جماعة اسمعوا ماذا يقول نتنياهو: يقول إنه يريد “إسرائيل الكبرى”، وأول بلد مناسب وقريب إذا ‏كان معدوم القدرة، وإذا لم يكن عنده مقاومة، ولا عنده التكامل بين الجيش والشعب والمقاومة، هو ‏لبنان.‏
هناك سفيرة لِدولة أوروبية التقى بها أحد إخواننا، وبلغني محضر الجلسة. انظروا ماذا تقول هذه ‏السفيرة، التي تمثل الاتحاد الأوروبي: “القدرات العسكرية الهائلة والمدعومة من قوى خارجية في ‏إسرائيل لا تترك أي مجال لِردعها”. أي أنها تخبرنا أن إسرائيل عندها قدرة كبيرة، وما حدا قادر لها، ‏ولا يمكن ضمان التصرفات الإسرائيلية إذا تم نزع سلاح حزب الله، ولكن يمكن أن نتوقع كيف ستتصرف ‏إسرائيل في حال عدم حصول ذلك. جميل! هي تقول: إذا نُزع السلاح لا نعرف ماذا ستفعل إسرائيل لاحقاً، ‏لكن نعرف أنه إذا لم يُنزع السلاح فإن إسرائيل ستعتدي، ولا أحد يستطيع أن يوقفها.‏

يعني تهديد. إن تصرفات إسرائيل لا تبدل الموقف الأوروبي بضرورة حصرية السلاح. رماه في اليم ‏مكتوفاً وقال له: إياك إياك أن تبتلَّ بالماء! عجيب. يعني أنتم تريدون لبنان أم لا تريدونه؟ أنتم تريدون ‏إسرائيل، وبالتالي إذا كان لبنان ملحقاً بإسرائيل فهذا آخر همكم. لكن نحن ليس آخر همنا. لبنان بالنسبة ‏إلينا وطننا وبلدنا وأرضنا ورصيدنا وحياتنا ومستقبل أطفالنا. لن نتخلى عن لبنان حتى ولو اجتمعت ‏الدنيا. لن نتخلى عن أرضنا حتى ولو دفعنا أغلى التضحيات. لن نكون في موقع الاستسلام مهما بلغت ‏الضغوطات الداخلية والخارجية.‏

خلص، يجب أن تفهموا مع من تتعاملون، مع من تتعاطون. أنتم تتعاطون مع ناس يؤمنون بمحمد صلى ‏الله عليه وآله وسلم الذي علمنا أن نكون أعزة وأن نكون في الموقع الأعلى.‏ هل تريدون أن تعرفوا من يريد نهضة لبنان؟ نهضة لبنان إنما تتمثل بثلاثة أمور:‏

أولاً: أن نُحقق السيادة بِطرد الاحتلال الإسرائيلي ومنع الوصاية الأمريكية – العربية التي تريد أن ‏تسيطر على لبنان وتعدمه قدرته على الاستقلال.‏

ثانياً: أن ينتظم عمل الدولة ومؤسساتها، وأن نبدأ بحركة الإعمار، وبالتالي هذه مسؤولية على ‏الحكومة.‏

ثالثاً: أن تكون هناك مواجهة للفساد الذي أدى إلى هذه النتائج السابقة.‏

للأسف، في 5 و7 آب اتخذت الحكومة قرارات غير ميثاقية كادت تأخذ البلد إلى فتنة كبرى، لكن الحمد ‏لله هناك عوامل عطّلت خطوة الحكومة لِتخريب البلد: من ناحية دور الثنائي الشيعي الوطني المتماسك ‏الذي أكد على ثبات المقاومة وتصرف بحكمة في مواجهة القرارين، وحركة الرئيس بري في التأكيد ‏على أولوية الحوار، وتجاوب فخامة رئيس الجمهورية وقائد الجيش في مواجهة الأفق المسدود، ‏وانفضاح الموقف الأمريكي الذي لم يُعطِ شيئاً ولم يُقدّم شيئاً، وضعف مبررات خدام إسرائيل في الداخل ‏وفشلهم بالدفع نحو الفتنة. هذه العوامل جعلت جلسة 5 أيلول تكبح الاندفاعة نحو تطبيق قرارات 5 آب ‏اللاميثاقية والمشؤومة.‏

نحن ندعو إلى العودة إلى الوحدة الوطنية، بِبركة ولادة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ‏ندعو إلى الوحدة الإسلامية وإلى الوحدة الوطنية، وأن نعود إلى الأولويات الأربعة:‏

‏1- إيقاف العدوان على لبنان (العدوان الإسرائيلي – الأمريكي).‏
‏2- انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان والمناطق المحتلة.‏
‏3- الإفراج عن الأسرى.‏
‏4- بدء عملية الإعمار.‏

هذه الأولويات هي التي تضع لبنان على السكة مجدداً. لا مجال لأي حلٍ خارج نقاش استراتيجية الأمن ‏الوطني. إذا كان أحد يفكر أنه بطرق مختلفة ُيحاول أن يصل إلى ما يريد، فلا توجد إمكانية. نحن قلنا: ‏نحن مستعدون. نقاش استراتيجية الأمن الوطني هي الطريق والباب للوصول إلى الحل.‏

هل تريدون أن تعرفوا رأي الشعب؟ هناك استطلاعين للرأي: واحد لـ”الدولية للمعلومات”، والثاني ‏لـ”المركز الاستشاري”. وفي الاستطلاعين ظهر أن بين 58% إلى 60% ضد تسليم الحزب سلاحه في ‏هذه الظروف. طبعاً الشيعة ظهروا بنسبة 96%. هذا يدل على شعورهم بأن هذا المكوّن يتعرض لخطر ‏حقيقي له علاقة بالوجود. 63% يقولون إنهم لا يعتقدون بانسحاب إسرائيل لو سُلّم السلاح. يعني إذا ‏البعض يعتبر هذا ذريعة، كلا، هذا ليس ذريعة.‏

اليوم كُنا أمام شهرٍ بكامله، من ٥ آب إلى ٥ أيلول، وُضع لبنان على صفيح البارود المشتعل، والحمد لله ‏خرجنا من هذا البارود. آمل أن يستفيد المسؤولون، وخاصة الحكومة، مما جرى لعِمل إيجابي في وضع ‏البلد.‏ نحن اليوم، إذا أردنا أن نفصل، نقول: عندنا مشكلتان.‏

توجد مشكلة داخلية: أن هناك ناس مُصرين، يُريدون أن لا يكون السلاح موجودًا حتى لو كان اسمه ‏سلاح مقاومة.‏ وتوجد مشكلة خارجية: في العدوان الإسرائيلي المستمر والمتكرر والحرب على لبنان، وهو يحتل ‏أرضنا ويعتدي علينا بشكل دائم.‏

طيب، على مستوى المشكلة الداخلية، هي لا تؤثر على مسار الدولة. اصبروا قليلًا، دعونا نحل المشكلة ‏الخارجية، والقابلية موجودة لِحل المشكلة الداخلية من خلال استراتيجية الأمن الوطني. لِنحقق أولًا ‏السيادة، وبعدها نسير في الأمور الأخرى.‏

أما العمل على تحقيق هدف إسرائيل، وهو مُعلن، فإسرائيل تريد أن تستمر مسيطرة لأنها تعمل على ‏مشروع “إسرائيل الكبرى” وتجريدنا من قدراتنا، فهذا عمل خطير جدًا. بعض من في الداخل يعمل على ‏الإيقاع الإسرائيلي، وللأسف يبرر لإسرائيل ويسهّل خطوات مشروعها.‏

أنا أنصح هؤلاء أن يكونوا شركاء حقيقيين في داخل الوطن. نحن لدينا استعداد للتعامل مع كل الشركاء ‏في الوطن من أجل بناء لبنان ومنع إسرائيل من السيطرة عليه. لا تُبرروا للعدو الإسرائيلي، لا تقولوا ‏كان الحزب هو البادئ بعدم الالتزام بتطبيق الاتفاق. بعضهم يقول إن الاتفاق لم ينص فقط على وقف ‏إطلاق النار وإنما أيضًا على تفكيك كل البُنى العسكرية غير الشرعية في لبنان وإيداع أسلحتها لدى ‏الجيش اللبناني.‏

يعني، أنت تُقدّم نفسك محاميًا عن إسرائيل؟ لماذا يا أخي تدافع عن إسرائيل؟ لماذا تعطونها مبررات؟ ‏لماذا تُشعرونها أننا غير متماسكين؟ استقواؤكم بإسرائيل لن ينفع.‏

نحن ندعوكم، وندعو الجميع، إلى أن نبني بلدنا معًا، مسلمين ومسيحيين من كل القوى. نريد أن نكون ‏شركاء ويطمئن بعضنا بعضاً، وأن نكون موحَّدين ضد أعدائنا. هذه مسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا.‏
أُكرر دعوة للحكومة إلى أن تُناقش مواجهة إسرائيل وكيفية تحقيق السيادة. وأتمنى أن تُجيبونا: هل هذه ‏الميكانيزم الموجودة هي فقط لِتقول إن هناك سلاحًا عند حزب الله أو لا؟ لا تقول إن إسرائيل اعتدت أو ‏لا! لقد تجاوزت ٤٥٠٠ اعتداء. أين ‏الميكانيزم؟ أين أوقفوا إسرائيل؟ أين أشاروا إلى إسرائيل؟

أنا أدعو مجددًا إلى أن نكون معًا، وإلى أن ننتبه. هذه محطة تاريخية مصيرية. استمرار المقاومة ‏مصلحة للجميع. استمرار قوة لبنان مصلحة للجميع. تعالوا نتحاور ونتفق، ولا تجعلوا الأعداء ‏يستفيدون من خلافاتنا. ‏والسلام عليكم ورحمة الله.

المصدر: العلاقات الإعلامية في حزب الله