السبت   
   06 09 2025   
   13 ربيع الأول 1447   
   بيروت 10:59

الصحافة اليوم: 6-9-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 6 أيلول 2025 العديد من المواضيع والملفات المحلية والاقليمية والدولية…

البناء:

قلق أميركي من ثلاثيّة الصين وروسيا والهند وقلق إسرائيلي من حرب مدينة غزة

ترامب يجري «مفاوضات عميقة مع حماس» وحذر نتنياهو من تعاظم الاحتجاجات

الحكومة تعتمد مخرج بري: سلاح المقاومة يرتبط بالاستراتيجية الدفاعية‎ والانسحاب

كتب المحرّر السياسيّ

لم تستطع أميركا إخفاء شعورها بالقلق من نجاح الصين وروسيا والهند من تجاوز خلافاتهم والتحول إلى كتلة سياسية اقتصادية عسكرية تقود محوراً مستقلاً عن واشنطن ومناوئاً لها وسياساتها، وقال الرئيس الأميركي الذي قاد مساعي التقارب مع روسيا والهند إن أميركا فشلت في احتواء القوتين الكبيرتين في ساحة آسيا، وإن الصين فازت بالسباق على أميركا ونجحت بضم هذين البلدين الكبيرين إلى معسكرها، والقلق الأميركي من هذه الثلاثية يعقب الغيظ الذي عبر عنه ترامب من ثلاثية عسكرية مثلها ظهور مشترك للرؤساء شي جين بينغ وفلاديمير بوتين وكين جونغ أون، وقد وصف ترامب اجتماعهم بالمؤامرة على أميركا.

في واشنطن تجري محاولات تقييم لمعاني بيان قمة شنغهاي المؤيدة لإيران والمنددة بالحرب على غزة، وثنائية الشرق الأوسط في واشنطن هي طهران وتل أبيب، فإن تدافع عن إيران يعني معاداة “إسرائيل” فكيف إذا اجتمع تأييد إيران إلى إعلان التنديد بما تفعله “إسرائيل” بحماية أميركية؟
عن وضع المنطقة كشف ترامب مفاوضات عميقة تجريها واشنطن مع حركة حماس، بصورة تعاكس كل كلامه السابق عن الدعم المطلق للحرب التي يشنها بنيامين نتنياهو، خصوصاً مع إعلان ترامب الانتقاديّ لـ”إسرائيل” مستخدماً الإشارة إلى تراجع نفوذ اللوبي الداعم لـ”إسرائيل” في الكونغرس، والتي تبعها كلام ترامب عن خطورة مسار الاحتجاجات المتعاظمة في كيان الاحتلال، بحيث بدأ الكشف عن محادثات عميقة تجري مع حماس مدفوعاً بالإيحاء بعدم التطابق الأميركي الإسرائيلي وشراء التعاطف من مجرد الإشارة إلى أن إدارة ترامب تجري مفاوضات معمقة مع حماس، بينما تتحدّث تقارير الجيش الإسرائيلي عن تراجع في سقف التوقعات والآمال المعقودة على حرب غزة، والخشية من مواجهة مخاطر فشل ذريع لا تُحمد عقباه، بينما تحظى حماس بدعم السكان الفلسطينيين في غزة خصوصاً بعد ما أبدته من مرونة في التفاوض طلباً لاتفاق ينهي الحرب، وفيما تقدّم حماس نموذجاً قتالياً يثير الإعجاب، ويجعل النصر الذي يسعى إليه نتنياهو أكثر بعداً.

في لبنان خرجت الحكومة بعد اجتماعها المفصلي الذي حظي بمتابعة واسعة النطاق، ببيان أعلنت فيه الترحيب بخطة الجيش لحصر السلاح، كما كان عنوان قرار الحكومة، لكن البيان كشف تراجع الحكومة عن قرارات 5 و7 آب، حيث سقطت نظرية الفصل بين مستقبل سلاح المقاومة، ومستقبل الاحتلال والاعتداءات، وقال البيان إن وضع قرار حصر السلاح قيد التنفيذ يستدعي تقيد الاحتلال ببند الانسحاب من الأراضي اللبنانية ووقف الاعتداءات الجوية ووقف انتهاك الأجواء اللبنانية، خصوصاً أن حكومة نتنياهو أعلنت عدم التزامها بورقة المبعوث الرئاسي الأميركي توماس برّاك، وكشفت عزمها على الاحتفاظ بالمناطق التي تحتلها داخل الحدود اللبنانيّة، وهذه هي النقاط التي تضمّنتها كلمة رئيس مجلس النواب في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، والتي قال فيها إن الحوار الهادئ حول السلاح ممكن وفق هذه الأولويّات تحت عنوان وضع استراتيجيّة للدفاع الوطني.

وتراجع مجلس الوزراء خطوة إلى الوراء بعدم إقرار خطة الجيش ووضع مهلة زمنية لتنفيذها وربط التزام لبنان بالورقة الأميركية بموافقة «إسرائيل» وسورية، والانسحاب الإسرائيلي من الجنوب ووقف الخروقات، فيما كان اللافت منح الجيش حرية تقدير الواقع العملياتي في تنفيذ خطته ما يعني ترك أمر تنفيذ الخطة وبدء تنفيذها والمهلة الزمنية لإنهائها بيد الجيش ونزعه من يد السلطة السياسية والحكومة.
ووفق ما تشير مصادر مطلعة لـ”البناء” فإن الحكومة أخرجت نفسها من المأزق الذي وضعت نفسها به، وأفرغت قرارات جلستي 5 و7 آب من مضمونها، عبر ربط التزام لبنان بالورقة الأميركية بالتزام “إسرائيل”، وربط خطة الجيش بالانسحاب الإسرائيلي من الجنوب ووققف الاعتداءات وتعزيز إمكانات الجيش وعدم تقييده بخطة أو بمهلة زمنية لتطبيق الخطة.
وتضيف المصادر أن جملة معطيات وأحداث محلية وإقليمية ودولية فرضت على الحكومة و”أهل القرارين” إعادة النظر بالمسار الذي انتهجوه الشهر الماضي، أهمها موقف الثنائي حركة أمل وحزب الله الموحّد ومواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، وخطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي حمل مواقف تصعيدية بمواجهة قرارات الحكومة حتى النهاية، إلى جانب زيارة الأمين العام للمجلس القومي الأعلى الإيراني علي لاريجاني إلى لبنان والرسائل الإقليمية التي وجهها، إضافة إلى الإحباط اللبناني من زيارة الوفد الأميركي التي لم تأتِ بأي خطوات إسرائيلية مقابل الخطوات اللبنانية ورفض تقديم ضمانات في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وعمليات التوسع البري في الجنوب.
وعلمت “البناء” أن الاتصالات تكثفت قبيل الجلسة بساعات بين الرؤساء الثلاثة عبر وسطاء أفضت إلى إخراج إيجابي وناجح للجلسة لمنع تفاقم الأزمة والانقسام الحكومي وتأثير ذلك على الشارع في ظل الاحتقان الطائفي الموجود في الشارع. وقضى التوافق على انسحاب وزراء الثنائي لتسجيل موقف سياسي رافض لقراري الحكومة الشهيرين في 5 و7 آب، لأن أي مشاركة بجلسة اليوم في بند خطة الجيش تُضفي شرعية على قرارات الحكومة السابقة واعترافاً بها، وبالتالي عدم إقرار خطة الجيش ووضع مهل زمنية لتنفيذها ما اعتبر رسالة إيجابية للثنائي.
وأعلن وزير الإعلام بول مرقص، خلال تلاوته مقررات جلسة مجلس الوزراء، أنّ المجلس استمع إلى خطة الجيش لحصر السلاح ورحّب بها، وقرر الإبقاء على مضمون الخطة ومداولاته بشأنها سرياً، مؤكدًا أنّ قيادة الجيش ستقدم تقريرًا شهريًا لمجلس الوزراء بشأن خطة حصر السلاح. ولفت مرقص إلى أن “رئيس الجمهورية جدد إدانته للاعتداءات الإسرائيلية ونوّه بالدبلوماسية اللبنانية التي واكبت التجديد لقوات اليونيفيل، واعتبر القرار بمثابة انتصار للبنان”، كما “تطرق رئيس الجمهورية إلى التطورات الاقتصادية الإيجابية، وشدد على وجوب أن تتم الانتخابات النيابية في وقتها”.
وكشف مرقص أنّ “رئيس الحكومة نواف سلام أشار إلى أنّه لا استثمارات ما لم تتوافر شروط الأمن والأمان في البلاد وأن هذا ما تأكد منه خلال زياراتي إلى فرنسا ومصر”. ولفت إلى أنّ “مجلس الوزراء مجتمعًا يدين الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على جنوب لبنان، التي تستهدف بشكل ممنهج المدنيين اللبنانيين وتُلحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية، مؤكداً أنّ هذه الانتهاكات تُعدّ خرقاً صارخاً للقانون الدولي وتهديداً مباشراً لأمن واستقرار لبنان”. وشدّد وزير الإعلام على أنّ “لبنان يوضح أنّ أيّ تقدم نحو تنفيذ ما ورد في الورقة يبقى مرهوناً بالتزام الجهات الأخرى، وفي مقدمتها “إسرائيل”، كما نصّت الفقرة الختامية للورقة ذاتها”.
وأضاف مرقص: “يكرّر لبنان مجدداً طلبه، المنصوص عنه في الورقة نفسها، إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، للاستمرار في الدعم والتيسير لتطبيق مضمونها كاملاً”، في حين “تلتزم الحكومة اللبنانية وفقاً لخطاب القسم والبيان الوزاري إعداد استراتيجية أمن وطني وذلك في سياق تحقيق مبدأ بسط سيطرة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وحصرية السلاح بيد الدولة، وتؤكد حق لبنان بالدفاع عن النفس وفقاً لميثاق الأمم المتحدة”.
وردًا على أسئلة الصحافيين، قال وزير الإعلام إنّ “الجيش اللبناني سيباشر بتنفيذ خطة حصر السلاح وفق الإمكانيات المتاحة وقائد الجيش عرض التقييدات المتعلقة بالخطة التي تتعلق بالجيش نفسه والمعوقات التي تضعها “إسرائيل” نفسها”، مضيفًا: “الجيش سيتحرك بالإطار المقرّر له في جلسة 5 آب لكن للجيش حق التقدير العملياتي”.
وشدد ردًا على سؤال بشأن تقديم تنازلات لـ”إسرائيل”: “لم ولن نقدم تنازلات”، مضيفًا: “الحكومة لم تقدّم تنازلاً بشأن خطة بسط السيادة وتمضي فيها دون التسبّب بانفجار الوضع الداخلي”.
وكان وزراء الثنائي الخمسة حضروا الجلسة وناقشوا بنود جدول الأعمال وفور دخول قائد الجيش العماد رودولف هيكل انسحب أربعة وزراء من الجلسة ثم تبعهم وزير الدّولة لشؤون التنمية الإداريّة فادي مكي الذي أكد في تصريح، إلى “أنني سعيتُ، بقدر ما أتيح لي، إلى تجاوز العقبات، وكنت من الداعين إلى مناقشة خطة الجيش وترك موضوع المهلة الزمنية لتقدير قيادته، هذه المؤسسة التي نجلّها ونحترمها ونعتبرها الضامن لوحدة الوطن وسيادته”.
وقال: “غير أنني، أمام الوضع الراهن وانسحاب مكون أساسي، لا أستطيع أن أتحمل مرة أخرى وزر قرار كهذا وقررت الانسحاب من الجلسة. كما أنني في معرض حديثي في الجلسة قلت إنه إذا كانت استقالتي من الحكومة تحقق المصلحة الوطنية، فأنا على استعداد أن أضع هذه الاستقالة بتصرف الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام”.
من جهته، أشار وزير العمل محمد حيدر، في تصريح إلى أننا “سنجري اتصالات لاحقاً بهدف الاطلاع على تفاصيل خطة الجيش وسنصدر بعدها بياناً، ولا يمكن أن يتقدم لبنان خطوات فيما نبقى في انتظار ما يفعله العدو الإسرائيلي”. وقال حيدر “لا يمكننا الاستمرار في القيام بخطوات دون أن يقوم الجانب الإسرائيلي بخطوات مقابلة، وهناك معطيات يبنى عليها تضمنها بيان الحكومة عقب جلسة مناقشة خطة الجيش”. وتابع “لم نطلع على خطة الجيش أما بيان الحكومة فسندرسه لاحقاً وهو يتضمن نقاطاً إيجابية”.
كما أشار الوزير حيدر، في تصريح لقناة “المنار”، إلى أنّ “قائد الجيش العماد رودولف هيكل يعرض خطّته في جلسة مجلس الوزراء، وننتظر نتائجها لنبني على الشّيء مقتضاه، والاتصالات لا تزال جارية”. وأكّد أنّ “أيّ خيار يُتخذ بغياب الطّائفة الشّيعيّة هو غير ميثاقي، ولا يمكن الحديث عن خطوات لاحقة قبل انتهاء الجلسة”، معلنًا “أنّنا خَرجنا من قصر بعبدا ولن نعود للجلسة اليوم، وقد تمّت منقاشة البنود الثّلاثة الأولى قبل دخول قائد الجيش”. بدوره، أكد وزير المال ياسين جابر، أننا “انسحبنا من الجلسة وليس من الحكومة. وسنشارك في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء وننتظر البيان الختاميّ لنبني على الشيء مقتضاه”.
وفي أول تعليق له على جلسة مجلس الوزراء، أشار الرئيس بري، في تصريح صحافي، إلى أنّ “الأمور إيجابية، والرياح السامة بدأت تنطوي”. وقال: “ما حصل في موضوع الخطة العسكرية للجيش يحفظ السلم الأهلي”.
وأكد الرئيس سلام، أن “مقررات المجلس واضحة ولا تحتمل تأويلات، جازماً بأن لا عودة إلى الوراء في موضوع حصرية السلاح، وأن الحكومة ماضية في عملية بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، وفقاً لمقررات جلسة الخامس من أغسطس الماضي”. وشدّد سلام على أن “هذه الخطوات غير مرتبطة بأي قيود أخرى؛ لأنها تنفيذ لما ورد في اتفاق الطائف، وما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية، وما ورد في البيان الوزاري للحكومة”.
وأشار إلى أن “خطة الموفد الأميركي توم برّاك التي تم تعديلها لبنانياً بالتوافق مع الأميركيين، والتي أقرّت أهدافها في الحكومة، تستلزم تطبيقاً متبادلاً من الجانبين، وهو ما لم تلتزم به “إسرائيل” بعد”.
في المواقف أكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب خلال لقاء إعلامي في مقرّ المجلس أن “لدينا مصدرين للقوة، هما الوحدة الوطنية الداخلية والمصدر الثاني هو السلاح”. وقال “حينما ننتقد الحكومة اليوم لا ننتقدها من منطلق طائفي، نحاسبها على أساس فقط ما تقوم به، ليس لأن رئيس الوزراء هو من أهلنا وأنفسنا إخواننا أهل السنة، نحن لم نعتبر أنفسنا يوماً ما ولم يكن لنا مشروع سياسي خارج عن نطاق الأمة، ربما لو كان شيعياً، وقد كان شاه إيران شيعياً، لكننا كنا مع جمال عبد الناصر السنيّ ولم نكن مع الشاه”.
بدوره، اعتبر رئيس مجلس الأمناء في تجمع علماء المسلمين في لبنان؛ الشيخ غازي حنينة في حديث صحافي أنّ معارك المقاومة، لا سيما معركة “طوفان الأقصى”، عكست وحدة الأمة عمليًّا. وقال: “رأينا كيف التقت قوى المقاومة من فلسطين ولبنان واليمن والعراق وإيران في مواجهة واحدة مع العدو الصهيوني، وكيف تحوّلت معارك الإسناد والتضامن إلى نموذج حي لوحدة الأمة في الميدان”.
وأشار رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، خلال العشاء السنوي لهيئة قضاء الشوف، إلى أن “كل الأفرقاء قاموا بتغطية المقاومة من خلال مشاركتهم بالحكومات السابقة”، مضيفًا: “نحن وقفنا ضد محتل أجنبي مع شعبنا”.
ولفت إلى “البيانات الوزارية في الحكومات المتعاقبة التي تعطي الحق للشعب اللبناني بتحرير ارضه والدفاع عن لبنان ضد الأطماع الإسرائيلية”. وأضاف باسيل: “نحن اليوم مع حصرية السلاح ورفض الحرب الأهلية وهكذا تكون الوطنية”. وشدد على أنه “لا يحق لسورية أن تطالبنا بالسجناء بل نحن من له الحق بالحديث عن حقوق الشعب اللبناني، ولا يمكن أن ننسى دماء الجيش اللبناني التي سقطت بسببها”. وأشار إلى أن “النصرة وداعش وهيئة تحرير الشام قتلوا جيشنا ونحن لا ننسى دماء الشهداء لأننا أوفياء لشهدائنا”.

اللواء:

حصرية السلاح: 3 أشهر للانتهاء من جنوب الليطاني والاحتواء في كل المناطق

برّي يرحب بـ«ترحيب مجلس الوزراء بخطة الجيش» اللبناني لحصر السلاح

خرجت الحكومة من جلسة الاستماع الى خطة قيادة الجيش اللبناني لوضع قرار حصرية السلاح موضع التنفيذ، بوضع أكثر تماسكاً مما كانت عليه، على الرغم من خروج الوزراء الشيعة من الجلسة، تأسيساً على موقف من معلن من عدم القبول بالقرارات التي اتخذت في جلستي 5 آب و7 آب، وذهاب وزير التنمية الادارية فادي مكي الى ما هو أبعد، ووضع استقالته الشفهية بتصرف رئيسي الجمهورية والحكومة، لكن مصدراً مطلعاً قال: الاستقالة كأنها لم تكن.

وفي معلومات «اللواء» من مصادر ثقة أن خطة الجيش التي رحَّب بها مجلس الوزراء تقتضي باستكمال الانتهاء من سحب السلاح، وحصرية القرار خلال ثلاثة أشهر جنوب الليطاني بنسبة مائة بالمائة.

بعد ذلك، اشارت الخطة حسب المصادر نفسها الى ما اسمته احتواء السلاح بمعنى منع نقل او حمل السلاح في أي منطقة لبنانية بدءاً من شمال الليطاني الى بيروت والبقاع.

وكشفت المصادر ذات الثقة ان عدم تضمين الخطة اي جدول زمني، استعيض عنه بتقرير شهري عما يتم انجازه، وإحاطة مجلس الوزراء به.

وقالت المصادر ان الخطة انطلقت من مراعاة كل الاعتبارات، وابرزها ان الجانب الاسرائيلي لم يلتزم بشيء، والمطلوب اولا وقف الاعتداءات الاسرائيلية.

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» انه عند انسحاب الوزراء الشيعة من مجلس الوزراء قال وزير الصحة ركان ناصر الدين ان خطوتنا بالإنسحاب ليست موجهة ضد قائد الجيش انما مرتبطة بموقف سياسي وبدأ الوزراء بالإنسحاب مؤكدين الموقف نفسه .

وعلم ان قائد الجيش العماد رودولف هيكل اعد خطة مفصلة شكلت محور اشادة المجلس وقد تولى ومدير العمليات عرض تفاصيل الخطة منطقة منطقة عارضين لأوضاعها الاجتماعية وواقعها.

وفهم ان هذه الخطة ستكون على مراحل تبدأ بجنوب الليطاني مرورا ببيروت والبقاع وصولا الى باقي المناطق اللبنانية.
واكد العماد هيكل ان هذه الخطة تترافق مع سحب السلاح وأهمية توفير إمكانات للجيش وتحسين اوضاع العسكريين وحصل نقاش تقني فيما كان قائد الجيش يفند الخطة بندا بندا وبدقة .

وعلم ان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون طلب توزيع البيان الذي جهز حول رؤية مجلس الوزراء لحصرية السلاح وقد طلب بعض الوزراء اضافات، من بينها ضرورة وضع تقارير شهرية من قبل قيادة الجيش بشأن تنفيذ الخطة التي لم تشر الى مهل محددة .

وعلم ان وزراء القوات كانوا في صدد التحفظ على البيان الا ان رئيس الجمهورية تمنى عدم مهاجمة التحفظ، وبادر هؤلاء الوزراء الى المطالبة بمهل غير مفتوحة لتسليم السلاح.
وكتأكيد على ان «التسوية» التي حصلت من شأنها ان تسحب التوتر، وتعيد الانتظام الى سائر مؤسسات الدولة، دعي الوزراء الى جلسة عند الساعة الثالثة من بعد ظهر الثلاثاء المقبل في السراي الكبير لبحث بنود على جدول الاعمال المرفق، ويتضمن 44 بنداً إجرائياً.

واستبق وزير المال ياسين جابر الدعوة الى الجلسة في السراي الكبير، وقال، سنشارك في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، وننتظر البيان الختامي لنبني على الشيء مقتضاه.

بري يرحب

وفي خطوة اعقبت المواقف والترحيب بما خرج به مجلس الوزراء، لا سيما مواقف الرئيس نبيه بري الذي تلقف بايجابية «صيغة الحكومة وخطة الجيش» بشأن حصرية السلاح بيد الدولة، معتبرا ان الايجابية ترتكز الى «مرونة الصيغة».
ووصف الرئيس بري «الموقف بالايجابي» معتبرا ان «ما حصل في موضوع الخطة العسكرية للجيش يحفظ السلم الاهلي».
واعتبر في تصريح نقلته عنه «الشرق الاوسط» ان الرياح السامة بدأت تنطوي».

وفي تصريح اعقب القرارات قال بري إن «الخطة كما وردت من مجلس الوزراء، وكذلك العرض الذي قدمه قائد الجيش، تضمّنا مقاربة واقعية للملف، إذ إن التنفيذ مرهون بجملة معوّقات، أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، وهو ما أخذته الحكومة بعين الاعتبار».
وأضاف: «عدم تحديد مهلة زمنية يعني أن هناك إدراكاً لصعوبة الميدان وتعقيداته».
وفي موقف حازم، عبّر بري عن رفضه القاطع لأي تحرك في الشارع قد يهدد الاستقرار الداخلي، قائلاً:أنا ضد أي حراك في الشارع، ولو اقتضى الأمر أن أنزل شخصياً لمواجهته».

المجلس يرحب بالخطة

وخرج مجلس الوزراء في جلسته امس لتنفيذ قراري الحكومة حول جمع السلاح وتطبيق «اهداف ومبادىء الورقة اللبنانية– الاميركية المشتركة»، بحل وسط بين اقرارها رسمياً وبين رفض ثنائي امل وحزب الله لإقرارها، قضى «بالترحيب بالخطة، وربط عمليا تنفيذ لبنان ما تبقى من تعهداته بتنفيذ الاحتلال الاسرائيلي ما يتوجب عليه من تطبيق اتفاق وقف الاعمال العدائية». وتعهدت الحكومة بوضع استراتيجية للأمن الوطني.

وهكذا كان المخرج بإنسحاب الوزراء الشيعة الخمسة من الجلسة- لا من الحكومة- لدى البدء بعرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل خطة الجيش لجمع السلاح، وبالصيغة التي تم التوافق عليها خلال اتصالات الايام الماضية، والتي رحب بها الرئيس نبيه بري بعد انتهاء الجلسة وصدور الموقف الرسمي.
واستمع مجلس الوزراء الى العرض الذي قدّمه قائد الجيش حول خطته بحصر السلاح، «فرحّب المجلس بخطة الجيش ومراحلها المتتالية بحسب الطائف والاتفاقيات وإعلان وقف الأعمال العدائية وخطاب القسم والبيان الوزاري، وقرر الابقاء على مضمون خطة الجيش ومداولاته سرية». لكن الخطة لم تتضمن مهلاً زمنية لتنفيذ كل مرحلة. وتقرر «الطلب من قيادة الجيش تقديم تقرير شهري إلى مجلس الوزراء في شأن التقدّم في تنفيذ هذه الخطة».على أن يترافق ذلك مع استكمال خطة سحب السلاح من المخيمات وبسط سلطة الجيش على كامل الأراضي اللبنانية.

وقال وزير الاعلام بول مرقص بعد الجلسة: أنّ لبنان يشدد على تطبيق القرار الأممي 1701 كاملا وعدم اجتزاء اتفاق وقف الأعمال العدائية. وأن أي تقدم نحو تنفيذ الورقة الأميركية التي تم تبنيها في إطار قرارات 7 آب، يبقى مرهوناً بخطوات إسرائيل، مشيرًا إلى أن الجيش سيبدأ التنفيذ وفق إمكانياته المتاحة والمحدودة، لكن الاعتداءات الإسرائيلية تبقى من أبرز المعوّقات الميدانية أمام الخطة. والقرار السياسي بشأن حصر السلاح اتخذ في الاساس من قبل الحكومة في 5 آب، اما الخطة التي رحبنا بها فهي خطة عسكرية.
واوضح مرقص رداً على اسئلة الصحافيين، أن الجيش سيتحرك في الإطار المقرر له في جلسة 5 آب، ولكن للجيش الحق بالتقدير العملاني وهناك أمور في العمل العسكري تتطلب وقتاً إضافياً أو حتى جهوداً إضافية وحتى تذليل ما سمي بـ«التقييدات», ونحن ماضون بإنفاذ البيان الوزاري في ضوء خطاب القسم.
اضاف: الظروف صعبة جداً وهذا يتطلب حشد الدعم الدولي واللوجيستي للجيش وأيضاً التيسير من الوزارات المعنية.
اضاف مرقص: أيّ تقدم نحو تنفيذ الورقة الأميركية يبقى مرهونا بخطوات إسرائيل، والجيش سيباشر تنفيذ الخطة وفقاً لإمكانياته التقنية واللوجستية والبشرية. وعرض قائد الجيش المعوقات ومن بينها الاعتداءات الإسرائيلية.
وردا على سؤال قال مرقص: الحكومة لم تقدّم أي تنازلات، هاجسنا إعادة الإعمار ووقف الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة الأسرى وحصر السلاح بيد الدولة وصولاً إلى الهدف الجوهري حصر السلاح بيد الدولة، وبالتالي لم نصحّح المسار بعد.
وشدد مرقص على ضرورة حشد الدعم الدولي واللوجستي للقوات المسلحة، داعيًا الوزارات المعنية إلى «تيسير كل الإجراءات لتأمين نجاح المهمة». كما كشف عن تلقي لبنان تعهدات من عدة دول بدعم مباشر للجيش اللبناني في تنفيذ مهماته.
وبعد الجلسة، أشار وزير الاتصالات شارل الحاج إلى أنّ «خطة حصر السلاح بدأت أساسًا في جنوب الليطاني». فيما اعتبر وزير المهجّرين كمال شحادة أنّ «الخطة عظيمة» .
وجاء في البند السادس من بيان مجلس الوزراء: تلتزم الحكومة اللبنانية وفقا لخطاب القسم والبيان الوزاري اعداد استراتيجية امن وطني، وذلك في سياق تحقيق مبدأ بسط سيطرة الدولة اللبنانية على كامل اراضيها وحصرية السلاح بيد الدولة، وتؤكد حق لبنان بالدفاع عن النفس وفقا لميثاق الامم المتحدة.

مواقف الوزراء الشيعة

واعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية عبر حسابها الرسمي على منصة «إكس» أن وزير التنمية الإدارية فادي مكي قال، عقب مغادرته جلسة مجلس الوزراء: لقد سعيت، بقدر ما أتيح لي، إلى السعي لتجاوز العقبات، وكنت من الداعين إلى مناقشة خطة الجيش وترك موضوع المهلة الزمنية لقدير قيادته، هذه المؤسسة التي نجلها ونحترمها ونعتبرها الضامن لوحدة الوطن وسيادته. غير أنني، أمام الوضع الراهن وانسحاب مكون أساسي، لا أستطيع أن أتحمل مرة أخرى وزر قرار كهذا وقررت الانسحاب من الجلسة. كما أنني في معرض حديثي في الجلسة قلت انه اذا كانت استقالتي من الحكومة تحقق المصلحة الوطنية فانا على استعداد ان أضع هذه الاستقالة بتصرف فخامة الرئيس ورئيس الحكومة.

وأضاف: ومن هنا، أدعو مجدداً زملائي الوزراء والمرجعيات السياسية إلى مناقشة الخطة تحت سقف البيان الوزاري الذي توافقنا جميعاً عليه، لجهة حصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها، بروية وتأن، ووضع مصلحة الوطن، والجنوب، والسلم الأهلي فوق أي اعتبار آخر.

وتعليقًا على انسحاب الثنائي الشيعي من جلسة مجلس الوزراء، قالت وزيرة البيئة تمارا الزين: بعض وسائل الإعلام توحي بأن الخروج تزامن مع دخول قائد الجيش بينما الحقيقة أننا انتظرنا دخوله وسلمنا وأثنينا عليه ثم عبرنا عن موقفنا وغادرنا وحتى قبل أن أتكلم قلت إنني محظوظة لأن كل مرة يحضر فيها قائد الجيش يصادف أن يكون مقعده بجانبي وجميع الوزراء الذين غادروا أوضحوا موقفهم في هذا الخصوص منعًا لأي تأويل.

وقال وزير العمل محمد حيدر: حالياً موضوع الاستقالة من الحكومة ليس على طاولة البحث، انسحابنا ليس اعتراضاً على مضمون خطة الجيش التي لم نطلع عليها بل على مبدأ النقاش ولذلك انسحبنا قبل عرضها. ومطلبنا الاتفاق على استراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان.
واشار حيدر بعد انتهاء الجلسة ان وزراء «الثنائي» ينتظرون المعلومات الاضافية والتفصيلية عن الخطة.

الموقف الأميركي

دولياً، تصل الى بيروت اليوم الموفدة الاميركية مورغن اورتاغوس برفقة قائد المنطقة الوسطى، لاجراء محادثات، وصفت بالامنية ومنها زيارة للرئيس عون، على ان تلتقي القيادة المعنية بخطة حصر السلاح.
وقالت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي: «عدم تنفيذ قرار نزع السلاح سيؤدي الى اعادة لبنان للفوضى، واعربت عن استعدادها للعمل مع الادارة الاميركية لضمان محاسبة من يعيق التقدم.

تحذير أميركي

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز الأميركية» عن مسؤولين أميركيين قولهم: إن إدارة الرئيس دونالد ترامب حذرت من أن الوقت ينفد أمام لبنان لنزع سلاح «حزب الله»، وأنّ قادته يخاطرون بخسارة الدعم المالي من واشنطن ودول الخليج.
واعتبرت الصحيفة أن التحذير الأميركي يأتي في لحظة حاسمة من تاريخ لبنان، حيث يدرس مجلس الوزراء اللبناني خطة لنزع سلاح «الحزب»، حيث تضغط الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الخليجية على الحكومة اللبنانية لتتصرف بحسم ولا تخضع لتهديدات «حزب الله» بإثارة العنف.

مجلس الوزراء

ويعقد مجلس الوزراء عند الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الثلاثاء المقبل، جلسة في السراي الكبير لبحث المواضيع المبنية جدول الاعمال الذي جرى توزيعه مع الدعوة، ويتضمن 44 بندا اجرائيا، ابرزها:
{ اقتراح قانون مقدم من النواب السادة جبران باسيل، سليم عون، سامر التوم، شربل مارون، جورج نعيم عطاالله وسيزار ابي خليل الى تعيين محقق خاص مالي.
{ مشروع قانون يرمي الى انشاء وزارة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في لبنان (مؤجل من جلسة 13/8/2025).
{ طلب وزارة البيئة الموافقة على مشروع قانون يرمي الى تعديل المادة /28/ من القانون رقم 80 تاريخ 10/10/2018 (مصادر تمويل الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة) لناحية فرض رسم خدمة النفايات المنزلية الصلبة لجمعها ونقلت ومعالجتها والتخلص منها بطريقة صحيح وسليمة بيئياً.
{ طلب وزارة المالية الموافقة على مشروع قانون يرمي الى تعديل الفقرة «ب» من البند (2) من المادة /32/ والمادة (117) مكرر من القانون رقم 44 تاريخ 11/11/2008 وتعديلاته (قانون الاجراءات الضريبية).
{ تعديل قرار مجلس الوزراء رقم 16 تاريخ11/8/1999 في شقِّه المتعلق ببدل اتعاب المستشارين في الوزارات ليصبح (180) مليون ليرة شهرياً بدلاً من (6) مليون ليرة لبنانية شهرياً.
{ طلب وزارة المالية الموافقة على مشروع مرسوم يرمي الى تعديل الجدول رقم 1 الملحق بالمرسوم رقم 89 تاريخ 13/1/1999 (تحديد تعويض الانتقال داخل البلاد وخارجها لعسكريي الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام ومن الدولة والضابطة الجمركية) وتعديلاته.

اعتداءات استباقية

وفي اطار الضغوطات والانتهاكات، نفذ الاحتلال الاسرائيلي ليل امس الاول، عدوانا جويا واسعا على عدد من قرى الجنوب الساحلية في العمق الجنوبي، وفاق عدد الغارات 15 غارة. وأسفرت هذه الاعتداءات عن خمسة شهداء و16 جريحاً، 11 لبنانياً من بينهم ثلاثة أطفال وخمسة سوريين من بينهم طفل. ما يرفع عدد الشهداء منذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني الماضي إلى أكثر من 264، فيما تجاوز عدد الجرحى الـ 540.
فقد شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي ليل الخميس – الجمعة غارات مكثفة على أطراف بلدة أنصارية لجهة عدلون، مستهدفًا مجمعًا لتصليح وصيانة الجرافات، ما ادى الى ارتقاء شهيد سوري وإصابة عدد من العمال السوريين .
كما شنّ العدو غارات حربية عنيفة بين عدلون والبابلية وعلى ياطر والطيبة. وقصف اطراف بلدة شبعا ما ادى الى سقوط شهداء وجرحى.
وألقت درون معادية قنبلتين صوتيتين في طير حرفا بالتوازي مع غارة على أطراف الضهيرة.وغارة استهدفت منزلاجاهزا في عيتا الشعب.
وافيد امس، عن استشهاد شاب سوري أصيب في الغارات الاسرائيلية التي استهدفت هنغارات لصيانة الآليات في بلدة أنصارية أول من أمس.
وألقت مسيّرة اسرائيلية امس، قنبلة صوتية باتجاه دراجة نارية في بلدة يارون دون وقوع اصابات.

الاخبار:

ربط نزاع بين الثنائي ورئيسَي الجمهورية والحكومة: الجيش ينقذ الحكومة من الانفجار بطـرح أفكار عامّة

«ربط نزاع». قد يكون هذا هو الوصف الأنسب لما خرجت به جلسة الحكومة أمس. فلا الثنائي تراجع عن موقفه الرافض للإقرار بحق الحكومة في بحث مصير سلاح المقاومة قبل الحديث عن استراتيجية دفاعية. ولا الحكومة ومعها رئيس الجمهورية تخلّيا عن حقهما في أصل البحث في الموضوع. والناجي الوحيد من التجربة، كان الجيش اللبناني، الذي لم يتمرّد على السلطة السياسية، ولكنه وضع القواعد التي تمنع استخدامه في مشروع قد يقود إلى خراب البلاد.

عملياً، انتهت جلسة مجلس الوزراء، إلى إطار «إيجابي» لجولة سياسية كانَ بالإمكان أن تأخذ البلاد إلى نقطة التصادم. وجاء بيان الحكومة الذي تلاه وزير الإعلام بول مرقص، معبّراً عن التسوية السياسية التي جرت قبل انعقاد الجلسة بين الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام من جهة، وبين الثنائي أمل وحزب الله من جهة ثانية. فيما بدت «القوات اللبنانية» الطرف المنزعج من النتيجة الإجمالية. على أن المهم، هو مراقبة ردّة فعل القوى الخارجية المعنية بالملف، من الولايات المتحدة إلى السعودية إلى إسرائيل نفسها.

الثابت في ما حصل في الأمس، هو خطوة حكومية تجعل الكلّ يتصرف على أنه رابح. وقد أثمرت المفاوضات التي دارت بينَ الثنائي ورئيس الجمهورية وقائد الجيش رودولف هيكل، عودة السلطة الحالية عن المسار الذي رسمته لنفسها، ولا سيما أن تطوّر الموقف عند حزب الله وحركة أمل في ما خصّ الانسحاب من الحكومة سجّل تطوراً لجهة البحث ولأول مرة في فكرة الاستقالة منها، على الرغم من قناعة الرئيس نبيه بري بأن المرحلة ليست شبيهة بعام 2006.

وحسب المعلومات، فقد حملَ موفدو الثنائي في لقاءاتهم مع عون وقائد الجيش رسائل حسمت سقف الموقف، ما جعل رئيس الجمهورية يستشعر خطورة ما هو مقبل على البلاد، يُضاف إلى ذلك، الكلام الذي سمعه عون من مقرّبين منه عملوا على خط الوساطة، عن عدم إيفاء الأميركيين بوعودهم، وعدم تقديم أي مساعدة للعهد، بل محاصرته وإحراجه، وكانت النتيجة: تجميد أي خطوة جديدة يمكن أن تتخذها الحكومة ضمن الإملاءات الخارجية، مثل إجبار الحكومة على عدم تحديد مهل زمنية، والالتزام بإعداد استراتيجية أمن وطني وتأكيد حق لبنان بالدفاع عن النفس وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.

حاول وزراء «القوات» التحفّظ على البيان النهائي، لكنّ عون أصرّ على تبنّي وجهة نظر قائد الجيش

قبلَ أيام كان عون وسلام ينويان تكرار ما حصل في جلستَي 5 و 7 آب، حين صادقت الحكومة على أهداف الورقة الأميركية، بعدما أخلّ عون باتفاقه المُسبق مع الثنائي. إلا أن وقائع الأمور ومجرياتها عدّلت في الخطة. وسمع عون وسلام من قائد الجيش 3 نقاط أساسية:
أن لا إمكانية لوجستية للجيش اللبناني على تنفيذ الخطة، ثم إن مهمته هي ضبط السلم الأهلي وليس افتعال المشاكل مع أي طرف داخلي تحت أي ظرف من الظروف، وأخيراً أن الجيش وبناءً على وضع المؤسسة، المالي والإداري واللوجستي، لا يمكنه تحديد مهلة زمنية لتنفيذ الخطة وفق الجدول المطروح أميركياً. وقد سبقَ ذلك حصول اجتماعين بين ممثّلين عن حزب الله، وقائد الجيش، أكّد فيه الحزب أنه ليس في صدد المس بالسلم الأهلي وافتعال إشكالات كما أنه لا يريد الصدام مع المؤسسة العسكرية، مع الإشارة إلى أن أي تحركات ستكون موجّهة ضد الحكومة حصراً، ليؤكّد قائد الجيش أيضاً أنه ملتزم بالسلم الأهلي. أما تبادل الرسائل مع بعبدا، فأظهر أن أزمة الثقة مع عون أكبر من الظاهر، مع دحض الثنائي لادّعاءات عون بأنه قدّم اقتراحات وينتظر أجوبة عليها، بالتأكيد أن هناك اتفاقاً وعليه أن يثبت قدرته على تنفيذ ما تعهّد به، رابطاً موقفه بخطوة الحكومة.

جلسة الحكومة
عند الساعة الثالثة بعد الظهر، التأم مجلس الوزراء في بعبدا، مسبوقاً بتكهّنات كثيرة حول كيفية تعاطي الثنائي مع الجلسة، علماً أن انسحاب الوزراء الشيعة الخمسة لم يكن مفاجئاً بقدر ما كان عليه البيان. ووفقَ ما كان مُتفقاً عليه، انسحب الوزراء بعيد انضمام قائد الجيش لعرض الخطة التي طُرحت بعد الانتهاء من مناقشة البنود الأربعة الأخرى. فدقائق معدودة بعد انطلاق الجلسة، كانت كفيلة بانتهاء الوزراء من النظر في أربعة بنودٍ مُدرجة على جدول أعمال الجلسة، والانتقال إلى بند حصر السلاح في يد الدولة.

بينما كان قائد الجيش رودولف هيكل ينتظر في قاعة جانبية، وبخلاف ما أُشيع انتظر وزراء الثنائي «حركة أمل» و«حزب الله» دخوله، وبحضوره أكّدوا أنّ انسحابهم من الجلسة ليس موجهاً ضد الجيش اللبناني، إنما هو موقف سياسي رافض لمناقشة خطة حصر السلاح، انطلاقاً من رفضهم لقرار الحصر نفسه المُتّخذ في جلستَي 5 و7 آب، قبل أن يتوالى خروج الوزراء الخمسة واحداً تلو الآخر، بدءاً بوزير الصحة ركان ناصر الدين، وانتهاءً بوزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية فادي مكّي، الذي حرص قبل خروجه على تثبيت موقفه المتمايز عن الثنائي، في تأييده لمناقشة خطة الجيش، دون أن يعني ذلك، إفساح المجال لإحداث خرقٍ على مستوى التمثيل الشيعي.

وكشفت مصادر وزارية أن «الخطة التي عرضها الجيش لم تتضمّن أيّ مُهلٍ زمنيّة، وحدّدت خمس مراحل لحصر السلاح بيد الدولة. تبدأ هذه المراحل باستكمال عمل الجيش في منطقة جنوب الليطاني، ثم الانتقال إلى المنطقة بين نهر الليطاني ونهر الأولي، وبعدها إلى بيروت وضواحيها ومحيطها، ثم إلى البقاع، على أن تكون المرحلة الخامسة لحصر السلاح بيد الدولة على الأراضي اللبنانية كاملةً».

وقالت المصادر إن «الخطة لحظت القدرات التي يمكن للجيش أن يعمل في إطارها، كما المعوقات والصعوبات»، مشيرة إلى أن «الجيش هو الذي سيقرّر كيفية التحرك في مختلف المناطق وفق ما يراه مناسباً لإمكاناته، مع تقديم تقرير مفصّل عمّا يقوم به شهرياً إلى الحكومة». ووفق الخطة، فإنّ وقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب هما من الشروط الأساسية لتحقيق خطة انتشار الجيش الكاملة على كامل الأراضي اللبنانية، كما تنصّ الخطة على تعزيز الانتشار العسكري والحواجز في مناطق عديدة لمنع عمليات نقل الأسلحة أو تهريبها، وضبط الحدود اللبنانية ـ السورية، وإغلاق المعابر غير الشرعية، ومنع تهريب الأسلحة والمخدّرات، إضافةً إلى استكمال إجراءات سحب السلاح من مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين.

هذه الخلاصة، وفقَ ما تؤكّد المصادر هي نتاج مفاوضات حصلت في الساعات الأخيرة، دعمها موقف الثنائي الصلب ونزع الجيش فتيل اللغم الحكومي، إذ تقول المصادر إن البيان الذي خرج صيغَ قبل ليلة بين عون وبري ووافق سلام عليه، وهو ما انعكس على لسان بري الذي قال في أول تعليق له على المقرّرات إن «الأمور إيجابية، وأعتقد أن الرياح السامة بدأت تنطوي»، معتبراً أن «ما حصل في موضوع الخطة العسكرية للجيش يحفظ السلم الأهلي».

وعلمت «الأخبار» أن مقرّرات الجلسة لم تكن على خاطر وزراء «القوات» داخل الحكومة، خصوصاً أنها أخذت في الاعتبار الكثير مما طالب به حزب الله وحركة أمل، وكانت لدى الوزراء أنفسهم نية في تسجيل تحفّظ، قبل أن يتراجعوا نتيجة إصرار قائد الجيش على أنه «لا يمكن تحديد مهل زمنية لأنه لا يعلم كيف تتطور الأمور على الأرض»، بينما ادّعت مصادر «القوات» أن «معراب مرتاحة لمجريات الجلسة بما أن الأمور أصبحت في عهدة الجيش».

هذه الأجواء، لم تلغِ حالة الالتباس التي أحاطت بالبيان، ولا سيما في ما يتعلق بالنقاط التي تتحدث عن رهن الخطوات بخطوات مقابلة من قبل العدو الإسرائيلي، إذ انقسمت الآراء حول ما إذا كان ذلك يتعلق بحصر السلاح أم بالورقة الأميركية، علماً أن الشيء البارز كان في أن «الحكومة رحّبت بالخطة ولم تقرّها».

وبتقطيع هذه الجولة، تبقى الأمور رهن الموقف الخارجي مما حصل، ولا سيما الرياض التي تقول المعلومات إن موفدها يزيد بن فرحان سيزور بيروت خلال أيام، وواشنطن التي ستزور موفدتها مورغان أورتاغوس برفقة قائد القيادة الوسطى الأميركية (CENTCOM) بيروت نهاية الأسبوع، حيث ستُعقد لقاءات أمنية سريعة مع القيادات العسكرية والأمنية فقط، من دون أي اجتماعات مع المسؤولين السياسيين.

استطلاع لـ«الدولية للمعلومات»: 58% من اللبنانيين يعارضون تسليم سلاح حزب الله
أظهر استطلاع رأي لـ«الدولية للمعلومات» أن غالبية الشارع اللبناني لا يؤيد تسليم سلاح حزب الله، في وقتٍ لا ضمان فيه لالتزام العدو الإسرائيلي بالانسحاب من النقاط التي يحتلها، عدا عن وقف انتهاكاته.
الاستطلاع الذي أجري في المدة بين 21 و26 آب الفائت، شمل 1000 لبناني موزعين نسبياً على مختلف المناطق، وأكد الانقسام في مواقف اللبنانيين حيال تسليم الحزب لسلاحه. إذ رفض 58.2% من المستطلعين هذه الخطوة ما لم تُقدَّم ضمانات بشأن الانسحاب والانتهاكات. في المقابل، أيد 34.2% تسليم السلاح، بينما امتنع 7.6% عن إبداء رأيهم.

وسجلت النسبة الأعلى لرفض تسليم السلاح من دون ضمانات لدى المستطلعين الشيعة (96.3%)، لتنخفض بشكل واضح لدى الطوائف الأخرى، مع تسجيل 59.3% لدى الدروز، ثم 44.5% لدى الموارنة.
وفي هذا السياق، لا تعتقد النسبة الأعلى من المستطلعين (63.2%) أن التزام الحزب بتسليم سلاحه ضمن المهلة التي حددتها الحكومة سيفضي إلى الانسحاب ووقف الانتهاكات. في المقابل، رأى 26.4% منهم أن تسليم السلاح قد يسهم في ذلك، في حين امتنع 10.4% عن الإجابة.

أما عن رأي المستطلعين في ما إذا كان الحزب سيسلّم سلاحه بلا ضمانات فعلية، فرأى 81.4% منهم أن الحزب لن يفعلها ما لم يحصل أولاً على ضمانات. في المقابل، أجاب 6.6% فقط بأن الحزب قد يوافق على تسليم سلاحه من دون ضمانات، و 12% اختاروا عدم الإجابة.
وبيّن الاستطلاع انقساماً واضحاً بشأن احتمال لجوء الجيش اللبناني إلى مواجهة الحزب في حال رفضه تسليم سلاحه ضمن المهلة التي حددتها الحكومة. إذ أعرب 54.4% من المستطلعين عن اعتقادهم بأن الجيش لن يدخل في صدام مع الحزب، مقابل 36.6% رأوا أن الجيش قد يستخدم القوة لسحب السلاح، و9% لم يحددوا موقفاً واضحاً.

وعن المخاوف من انقسام المؤسسة العسكرية، أعرب 53% من المستطلعين عن خشيتهم من أن تؤدي المواجهة بين الجيش والحزب إلى انقسام الجيش. في المقابل، عبّر 40% عن ثقتهم ببقاء الجيش موحداً في مثل هذا السيناريو و7% امتنعوا عن الإجابة.
واستطلعت «الدولية للمعلومات» الموقف العام من قرار الحكومة بوجوب تسليم سلاح حزب الله مع نهاية كانون الأول 2025، ليؤيد 43.5% هذا القرار، مقابل 40.6% عارضوه، فيما شكلت الفئة المحايدة 13.2%، ورفض 3% الإجابة .

وبذلك، يخلص الاستطلاع إلى أن أكثر من نصف اللبنانيين (58.2%) لا يؤيدون أن يسلّم الحزب سلاحه قبل الحصول على ضمانات، في وقتٍ لا يعتقد فيه 63.2% أن العدو سينسحب من النقاط التي يحتلها في الجنوب أو سيوقف انتهاكاته وغاراته بعد تسليم السلاح. كما يعتقد 81% من اللبنانيين أن الحزب لن يسلم سلاحه من دون ضمانات، وحوالى نصف اللبنانيين يعتقدون أن الجيش لن يدخل في صدام مع الحزب، بينما النصف الآخر يخشون من المواجهة والانقسام داخل المؤسسة العسكرية.
ويخلص أيضاً إلى أن اللبنانيين منقسمون بالتساوي «إلى حدٍّ ما» حول قرار الحكومة بوجوب تسليم حزب الله سلاحه مع نهاية كانون الأول 2025.

واشنطن تواكب بالضغط: الوقت ينفد!
حذّرت الإدارة الأميركية قبيل اجتماع الحكومة اللبنانية لمناقشة خطّة الجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة، القادة اللبنانيين من أنّ «الوقت ينفد» لنزع سلاح حزب الله، قبل أن «يخاطروا بفقدان الدعم المالي الأميركي والخليجي، بل وحتى بتجدّد الحملة العسكرية الإسرائيلية»، وفق ما أورد تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، مشيرةً إلى أنها تعتبر جلسة الحكومة «اختباراً حاسماً للإرادة السياسية».

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الإدارة، قلقهم من أنّ الحكومة اللبنانية «ستحجم عن أي مواجهة محتملة مع حزب الله». ووفقاً لـ«نيويورك تايمز»، حذّر أحد هؤلاء من أنّ «التقاعس أو اتّخاذ إجراءات جزئية قد يدفع الكونغرس إلى قطع التمويل الأميركي السنوي البالغ حوالى 150 مليون دولار للجيش اللبناني»، مع الإشارة إلى أنّ طلب الميزانية السنوية للرئيس دونالد ترامب، «لم يتضمّن طلب تجديد هذا التمويل». وأفادت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين وخبراء، بأنّ «الكونغرس سيكافئ على الأرجح أي خطّة جدّية لنزع السلاح بمبالغ كبيرة من المال للمعدّات والرواتب»، لكن مسؤولاً في الإدارة قال لها إنّ «المزيد من التأخير في بيروت قد يكون له تأثير معاكس».

وبشأن الخوف من الحرب الأهلية، نسبت الصحيفة إلى هؤلاء المسؤولين أنّ «هذه المخاوف لا أساس لها»، مشيرين إلى أنّ «إيران، راعية حزب الله، قد ضعفت بعد الهجمات الإسرائيلية هذا العام»، إضافةً إلى انقطاع «طرق إمداد طهران التقليدية لحزب الله» بعد سقوط النظام السوري السابق. ونقلت الصحيفة، عن شخص ناقش الموضوع أخيراً مع مسؤول سعودي رفيع المستوى مُشارك في الجهود الدبلوماسية، قوله إنّ «السعوديين يُشاطرون الرأي القائل بأنّ حزب الله من غير المُرجّح أن يردّ على جهود نزع السلاح بعنف واسع النطاق».

وبالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي، أفادت الصحيفة بأنّ مسؤولين أميركيين يقولون إنّ الخطر الأكبر على لبنان من التأخير أو اتّخاذ إجراءات غير حاسمة هو أنّ إسرائيل ستَخلُص إلى أنها يجب أن «تُنهي المهمّة»، على حدّ تعبير أحدهم، عبر حملة عسكرية جديدة. ولفتت «نيويورك تايمز» إلى أنّ بعض المحلّلين يعتقدون أنّ إسرائيل قد تُنشئ «منطقة أمنية» خالية من السكان في الجنوب. وأشارت الصحيفة إلى وصف أحد مسؤولي إدارة ترامب إقامة اتصال بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي بـ«الهدف الحيوي».

700 يوم على الإبادة: التجويع كسلاح أمضى

بعد 700 يوم من العدوان، يستخدم الاحتلال التجويع كسلاح إبادة في غزة، مانعاً الغذاء والدواء ومفاقماً المجاعة التي تحصد أرواح الأطفال والمدنيين.

بلغ عمر العدوان على قطاع غزة اليوم 701 يوم، في حين بلغ عدد الشهداء حتى أمس، 63371 فلسطينياً في قطاع غزة، بينهم 18592 طفلاً، و12400 امرأة، و4412 من كبار السن، و1411 من الطواقم الطبية، و246 صحافياً، و800 من الكوادر التعليمية، و203 من موظفي «الأونروا»، و113 من الدفاع المدني. أما عدد المفقودين، فوصل إلى 11200، بينهم 4700 طفل. كما ناهز عدد الشهداء في الضفة الغربية المحتلة 1032، بينهم 210 أطفال.

بعض شهداء قطاع غزة، هم ضحايا التجويع الممنهج الذي يطبقه جيش الاحتلال على الفلسطينيين في القطاع؛ وهؤلاء بلغ عددهم حتى أمس، 370 شهيداً، بينهم 131 طفلاً. ومن الجدير بالانتباه أن عدد ضحايا التجويع، بدأ يزداد يوماً إثر يوم، وهو ما أكّدته الجهات الرسمية في غزة، التي أشارت إلى أن وتيرة الوفيات تسارعت في الأيام الأخيرة جرّاء الجوع وسوء التغذية.

وفي مطلع الشهر الجاري، أصدرت «الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية»، وهي أكبر رابطة من العلماء المتخصّصين في أبحاث الإبادة الجماعية حول العالم، قراراً ينص على استيفاء المعايير القانونية لإثبات ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة. ومن بين 500 عضو في الجمعية، صوّت 86% مع القرار، الذي ينصّ على أن سياسات إسرائيل وأفعالها في غزة تلبّي التعريف القانوني للإبادة الجماعية، والمنصوص عليه في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها لعام 1948.

وفي 22 آب أيضاً، أعلنت الأمم المتحدة (منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وخبراء دوليون، رسمياً، للمرة الأولى، تفشّي المجاعة على نطاق واسع في قطاع. كما تمّ إعلان المجاعة، رسمياً وللمرة الأولى أيضاً، من قبل «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، وهو مبادرة عالمية تابعة للأمم المتحدة، متخصّصة في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية.

يحظر الاحتلال إدخال قائمة من المواد الغذائية الحيوية

وفي السياق، تشير المعلومات التي ينشرها «الإعلام الحكومي» في غزة دورياً، إلى أن قطاع غزة يحتاج يومياً إلى 600 شاحنة مساعدات مختلفة، لتلبية الحدّ الأدنى من احتياجات الفلسطينيين في القطاع. في حين أن الاحتلال يمنع دخول المساعدات، باستثناءات لا تفي ولا تكفي، فقد سمح، ما بين 26 و30 آب، بدخول 534 شاحنة مساعدات فقط، من أصل 3000 شاحنة كانت متوقّعة؛ وحتى هذه تعرّضت للنهب والسرقة في ظل فوضى أمنية متعمّدة، يصنعها الاحتلال ضمن سياسة «هندسة التجويع والفوضى»، الرامية إلى «ضرب صمود شعبنا الفلسطيني»، بحسب «الإعلام الحكومي».

ويمنع الاحتلال فعلياً دخول 430 صنفاً من الأغذية الأساسية التي يحتاج إليها البشر للاستمرار في الحياة، وعلى رأسهم الأطفال والمرضى والمُجوَّعون. وإلى جانب حرمان السكان المدنيين من مئات الأصناف الأخرى، يحظر الاحتلال إدخال قائمة من المواد الغذائية الحيوية، أبرزها: البيض، واللحوم الحمراء والبيضاء، والأسماك، والألبان والأجبان، والفواكه، والخُضر، والمكمّلات، إضافة إلى عشرات الأصناف الإضافية مثل المدعمات التي تحتاج إليها الحوامل والمرضى.

السعودية وتركيا لـ«حماس»: اقبلوا بشروط إسرائيل

السعودية وتركيا تضغطان على «حماس» للقبول بشروط إسرائيل، في موقف يعكس انسجاماً مع الضغوط الغربية وتجاهلاً لجوهر العدوان على غزة.

على رغم سيل التصريحات الصادرة عن السعودية وتركيا، والمندّدة بحرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة، لكنّ ما لا يقال علناً يخفي موقفاً متناغماً مع الموقف الإسرائيلي. ومع أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يكرّر تصريحاته الرافضة للسلوك الإسرائيلي في غزة، وهو قرّر، على خلفية ذلك، قطع علاقات بلاده التجارية مع إسرائيل، التي منع أيضاً طيرانها من التحليق في الأجواء التركية، لكنّ العلاقات بين الجانبَين لا تزال مستمرّة.

وفيما كان إردوغان أوفد مبعوثاً شخصيّاً ليطلب إلى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، الشهيد إسماعيل هنية، في اللحظات الأولى لاندلاع «طوفان الأقصى»، مغادرة البلاد، بزعم «قيادة مشهد الحرب من خارجها»، فهو بدا حريصاً على تجديد الدعوة إلى تحييد بلاده عن أيّ فعل من شأنه أن يقود إلى التصادم مع إسرائيل.

وتكشف مصادر مقرّبة من «حماس»، لـ»الأخبار»، أنه في الوقت الذي تتأهّب فيه موانئ دولية وعربية عدّة لانطلاق أسطول عالمي لنصرة غزة، كان لتركيا رأي آخر، إذ دعت إلى تحييد موانئها من أيّ نشاط مماثل، ومنعت وجود مواطنيها على متن هذه الأساطيل، خشية «تكرار نموذج أسطول مرمرة»، كما تزعم. ومردّ الرفض التركي، إلى أن القضية الفلسطينية لا تشكّل أولوية في السياسة الخارجية لتركيا، التي يأتي الملفّ السوري في مقدّمة أولوياتها، وفقاً للمصادر نفسها، الذي أكّدت أن أنقرة تحفّظت أيضاً على استقبال أسرى محرَّرين في الصفقات الأخيرة، واكتفت باستقبال أسرى القدس المُبعدين.

على أن السلوك التركي ليس مستجدّاً، بل يعود إلى عام 2017، مع تولّي دونالد ترامب فترته الرئاسية الأولى، وإعلانه عن «صفقة القرن»، وما حملته من مشاريع تصفية كاملة للقضيّة الفلسطينية. وقتذاك، أميط اللثام عن عرض أميركي سخيّ للمقاومة الفلسطينية، يقضي بإنشاء كيان في غزة تحت إدارة «حماس»، على أن يتمّ إنشاء ميناء ومطار تحت عنوان «الكيانية السياسية»، وبتمويل أميركي بنحو 15 مليار دولار.

والمفارقة أن العرض الذي كشف عنه هنية وقتها، وأكّد أن الحركة رفضته، خصوصاً لكونه ترافق مع شروط خاصة بـ»تخزين السلاح، والتوقف عن دعم المقاومة في الضفة والقدس، ودفعها إلى الانكفاء، والاهتمام بهموم المواطنين في غزة فقط»، جاء مباشرة من الرئيس التركي، الذي نقله إلى قيادة المقاومة وقتها، بحسب المصادر.

القضية الفلسطينية لا تشكّل أولوية في السياسة الخارجية لتركيا

على أيّ حال، ليس الموقف التركي بعيداً من ذلك السعودي، وإن بدا إردوغان أكثر تفاعلاً ونشاطاً في التعليق الإعلامي على الأحداث في غزة. ووفقاً للمصادر، فإنّ المملكة وضعت «شروطاً صادمة»، قبل أن تبدأ حراكها الداعي إلى وقف العدوان في غزة، علماً أن هذا الحراك ارتبط، في الأشهر الماضية، حصراً بالجهود الفرنسية التي هدفت إلى إعادة تنشيط ملف «حلّ الدولتَين».

وممّا تكشفه المصادر، دعوة الرياض، «حماس»، إلى الموافقة على «شروط الرباعية الدولية»، وفي مقدّمها الاعتراف بـ»دولة إسرائيل»، لقاء تحرُّكها لوقف الإبادة، أو بعبارة أدقّ «محاولة العمل مع الأصدقاء في أميركا ودول غربية لأجل الضغط على نتنياهو لوقف مسار العدوان، والبدء بمسار سياسي يفضي إلى مشروع قد يقيم دولة»، تقع على حدود المناطق الفلسطينية خارج القدس، وكانتونات في الضفة.

وهكذا، نسفت الشروط السعودية اتصالات بادرت إليها أطراف وسيطة لدى حركة «حماس»، التي كانت بدأت حملة اتصالات واسعة مع جهات عربية ودولية متعدّدة، من أجل وقف حرب الإبادة ضدّ القطاع، خاصة مع بروز ملف تهجير مدينة غزة. ونادت أطراف أخرى ضمناً بإيجاد طرق لتنفيذ الشروط الإسرائيلية التي يصرّ عليها نتنياهو لوقف الحرب، وتتمثّل في «تسليم خرائط الأنفاق، وتسليم مواقع المقاومة ومخازنها، وإبعاد قادتها ومجموعة من مقاتليها، والانسحاب الكامل من القطاع، ضمن خطوات إعلامية تعلن فيها القيادة السياسية للمقاومة بشكل واضح حلّ الأجنحة العسكرية التابعة لها».

هذه الشروط التي تلقّفتها المقاومة بين السطور في اتصالاتها مع أطراف مختلفة، كما تقول مصادر عليمة لـ»الأخبار»، هي جوهر الابتزاز السياسي للتحرّك من أجل وقف تهجير سكان غزة، فيما بدت تلك الأطراف صامتة تماماً عن مشروع ضمّ الضفة التي لا يوجد فيها مخزن سلاح واحد.

المصدر: صحف