الأحد   
   24 08 2025   
   30 صفر 1447   
   بيروت 19:23

المفتي قبلان: الخطورة هي في خيارات البعض الذي يريد تمرير صفقة على حساب بلده

أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان أن لبنان “لا يمكن أن يعيش إلا بشراكة أهله، لأن طبيعته توافقية بالتكوين، وكسر هذه الشراكة قتل للبنان، خاصة أن أزماته  غالبيتها خارجي، ولا حل لها إلا بالتفاهم”. وفي السياق، لفت قبلان إلى أن “الخارج شديد الحقد والأنانية ولا يهمه خراب البلد وإبادة أهله ومؤسساته، واللحظة لنا كلبنانيين جميعاً بعيداً عن لعبة الإقليم والعالم، ومفتاح الحل يكمن بالواقعية والمكاشفة الصريحة لعرض الحقائق والهواجس والتهديدات الوطنية للخروج بصيغة تفاهم ضامن للبنان وسيادته ومكوناته، بعيداً عن مصيدة الخارج وهوس بعض المجانين”.

وفي وقت خرج فيه نتنياهو ليفاخر بخطوات استراتيجية على طريق تحقيق “إسرائيل الكبرى”، رأى قبلان أن “هذا يفترض تقديم الأمن الوطني على كل الأولويات، فالدولة والأمن الوطني وجود واحد، والتجربة مع الاحتلال الإسرائيلي ومجلس الأمن والأصدقاء والأشقاء مخزية، ما يضعنا في حاجة قصوى لبعضنا البعض، وللقدرات الداخلية وما يلزم من إمكانات ومهارات وطنية تساعد على تحقيق الإستراتيجية الدفاعية”.

وفي هذا الاطار، قال “من هنا فإن الواجب الوطني يفرض تشكيل خرائط دفاع تخدم الهدف السيادي، لا التخلي عن القوة الوطنية أو تدميرها مقابل وعود من ورق وسط بؤرة عدوان لا يكفّ عن ابتلاع البلاد، وهنا تظهر ضرورة الاستفادة من المقاومة التي أثبتت خلال نصف قرن أنها قدرة استراتيجية بوجه أعتى ترسانة صهيونية مدعومة من أكبر قوة بالأرض، والقتال الذي جرى ببلدة الخيام وباقي القرى الحدودية دليل مطلق على هذه الحقيقة”.

 وتابع “اللحظة الوطنية تفترض النقاش بالخرائط الدفاعية وهيكلياتها وطبيعة روابطها وتنوع أدوارها وليونة إمرتها الوطنية، وكيف نستفيد من القوة وتنظيمها وضبطها وتأمينها لا شطبها وسط منطقة تغلي بالخراب، ولا يمكن طمر الرأس بالرمل أو القبول بالانتحار السيادي، وما ليس مشروعاً بالظروف العادية يصبح ضرورة عليا بالظروف الاستثنائية، والقضية حماية لبنان لا البكاء على الأطلال كما حصل زمن احتلال بيروت، حيث ابتلعت إسرائيل البلد ولم يكن ضامن إنقاذي إلا المقاومة، ولولاها لم يبقَ شيء اسمه لبنان، هذه حقيقة ليس للتعريض أو الإنتقام بل لبيان حقيقة الواقع وما يجب أن ننتبه له وسط أسوأ إبادة تطال المنطقة برمّتها”.

وأشار المفتي إلى أنه “هنا تصبح مقاربة قضية المقاومة بما هي مقاومة ضرورة وطنية عليا، فهي الضمانة الرئيسية التي استعادت لبنان وما زالت تحميه بتضحياتها، ولا يمكن القبول بنزعها أو تبديدها مقابل وعود من وحش لا يشبع من خراب الأوطان”، مشدداً على أنه “لا يمكن التعويل على واشنطن أو أي ضمانات إقليمية أو دولية، فالعاقل لا يُلدغ من جحر مرتين، وقد لدغنا طيلة عشرات السنين، واليوم واشنطن نفسها تتبنى فكرة الترسانة الثقيلة وتنوع القوة لحماية أوكرانيا بعيداً عن ضمانات مجلس الأمن، وهو دليل على ما نقول في لبنان”. 

كذلك، أكد قبلان أن “التفاهمات الظرفية مهمتها ظرفية فقط، والتفاهمات الخارجية على حساب البلد تضعنا بقلب الخراب، فقط قيمة لبنان من قيمة تفاهماته الداخلية الإستراتيجية وهي أصل تكوين صيغة لبنان الدستورية، ودون ذلك يتحول البلد إلى صفقة، ولا يمكن المشي بأي صفقة تضرب مصالح لبنان، والبلد تسويات وطنية ومصالح مشتركة والحسم على حساب البلد خراب، وبلا تفاهم سياسي البلد من كارثة إلى كارثة، فالأمن والاقتصاد والاستقرار والنهوض كلها ترتبط بالتفاهم السياسي الداخلي. لذلك أخطر عدو للبنان ليس الخارج بل غياب التفاهم الداخلي، ومع كل تفاهم داخلي يولد لبنان المستقر من جديد”.

ولفت إلى أن “على السلطة أن تنتبه للمصيدة المنصوبة، فالنار تلتهم الإقليم وتضع العالم على حافة كوارث كبرى، وأي قوة دولية أو إقليمية تمنع اللبنانيين من التفاهم إنما تدفعهم إلى الحرب. وأي قوة تفرض لوائحها الاستسلامية على لبنان إنما تريد خراب البلد. الحل الوحيد لحماية لبنان واستقراره يمرّ بتفاهم داخلي وثيق”.

المصدر: الوكالة الوطنية