تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 6 آب 2025 العديد من المواضيع المحلية والاقلمية والدولية…
الاخبار:
عون وسلام يقودان الانقلاب على الطائف
يُقال في عالم السياسة إن أخطر السياسيين ليس من لا يخشى النقد، بل من لا يكترث له من الأساس.
وفي لبنان اليوم، يبدو أن أركان السلطة تجاوزوا هذا التعريف، فباتوا أقرب إلى آلهة لا يسمعون النقد، ولا يكترثون له إن سمعوه.
ولا يملك القدرة على فعل ذلك إلا من يشعر بأن حصانته مُطلقة، وكافية لحمايته من أيّ مساءلة أو محاسبة أو حتى مراجعة.
وكلنا يعلم أن السلطة الجديدة التي نشأت منذ مطلع هذا العام، لم يحتج أصحابها إلى رضى الناس، ولا إلى موافقة الأحزاب أو النواب، ولا إلى أيٍّ من الآليات التقليدية للانتخاب أو التكليف أو التشكيل. وهؤلاء، من رؤساء ووزراء ومديرين ومسؤولين، يتصرّفون على أساس أن الجهة التي منحتهم الحصانة والغطاء للوصول إلى مواقعهم، هي وحدها صاحبة الحق في مساءلتهم أو محاسبتهم. وعليه، فإن ما يهابونه حقاً هو الوصيّ الخارجي وحده.
ما جرى قبل وأثناء وبعد جلسة مجلس الوزراء أمس، لم يكن حدثاً عادياً، ولا تفصيلاً عابراً. وحتى لو كانت هذه السلطة عاجزة عن تنفيذ ما قرّرته، فإن الخطورة لا تكمن في توصيف الفعل بحدّ ذاته، بل في ما تكشفه من مسار يتّجه إليه البلد من الآن فصاعداً تحت إدارة هؤلاء.
فمن وافق على السير في قرار نزع سلاح المقاومة، لن يقف عند خاطر أحد عندما يقرر التفريط في أصول الدولة، من الذهب الذي بدأوا يبحثون عن سبل تسييله، إلى ما تبقّى من أملاك الدولة/ وصولاً إلى ما هو أخطر، حين تُدخَل المؤسسات الأمنية والعسكرية في دائرة التبعية المباشرة للوصاية الأميركية – السعودية التي تعمل حصراً في خدمة مصلحة العدو الإسرائيلي.
مداولات جلسة أمس أظهرت بعض التمايز في الأداء بين رئيسَي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام.
صحيح أن الرئيس عون سعى إلى الخروج بحل توافقي يُرضي الجميع، وحاول إقناع الوزراء المتناقشين بذلك، إلا أن الوقائع أثبتت ما قاله سلام قبل الجلسة: إن عون لن يتخذ أي موقف يعرقل الوصول إلى قرار نهائي، حتى ولو أدّى ذلك إلى «زعل» حزب الله والرئيس نبيه بري. وتبيّن أن عون، حاله حال سلام، لا يعتزم اتخاذ أي خطوة من شأنها إدخاله في مواجهة مع الجانبيْن الأميركي والسعودي.
وقد برّر مقرّبون من رئيس الجمهورية عدم مبادرته إلى رفع الجلسة، بأنه لا يريد الدخول في اشتباك مع رئيس الحكومة. لكنّ الواقع، كما يعرف الجميع، أن عون لا يُعير خاطر سلام أهمية كبيرة، بل إنه غير مستعدّ للدخول في أي مشكلة مع واشنطن أو الرياض، عدا أنه شخصياً لا يعارض مبدأ نزع السلاح.
أما رئيس الحكومة، فمشكلته لم تبدأ فقط من كيفية تعامله مع ملف الصراع مع العدو. فمنذ لحظة تأليف حكومته، انتقل كلياً إلى الضفة الأخرى. وبات، كما ملك الأردن وحاكم مقاطعة رام الله، تابعاً بالكامل لسلطة الوصاية الخارجية. وليس همّه فقط إرضاء واشنطن والرياض، بل المضيّ بخطوات ثابتة في تقويض مشروع المقاومة ومواجهة الاحتلال.
وقد أظهرت التطورات الأخيرة أن سلام لم يكن ليصل إلى موقعه الحالي لولا التزامه المُسبق بالسياسات التي تتبنّاها حكومته، من التغاضي عن الاعتداءات الإسرائيلية، إلى تعطيل إعادة الإعمار، ورفض تمويل حاجات المتضررين، والتخريب على كل مؤسسة تخدم بيئة المقاومة، وصولاً إلى التورّط في أخطر مؤامرة منذ عام 1989 وهي: الانقلاب على اتفاق الطائف، ونسف الدستور مرة واحدة!
ما فعله نواف سلام أمس، وما وافق عليه رئيس الجمهورية ومعه سائر الحاضرين في جلسة الحكومة، لا يصبّ كلُّ ذلك إلا في اتجاه واحد: تقويض الإطار الناظم للحياة الدستورية والوطنية في لبنان.
وما الإقرار بورقة الإذعان الآتية من واشنطن والرياض، إلا قبولٌ صريحٌ بدفع البلاد، ولو تدريجياً، نحو مربّع الانفجار. وربما يتوهّم هؤلاء أن الحرب الإسرائيلية الجارية، وما تشهده سوريا منذ الإطاحة بحكم بشار الأسد، قد يوفّران لهم الغطاء أو الدعم لمواجهة مشروع المقاومة، ليس فقط كسلاح، بل كفكرة وتنظيم وحاضنة شعبية.
الأولوية للتعاون السياسي والعسكري | دمشق – موسكو: نحو إعادة هيكلة للعلاقات
أعلن وزير الخارجية السوري أخيراً عن اتفاق مع موسكو لإعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية الموقّعة سابقاً بين البلدين، في حين يَظهر أن الأولوية في النقاش ستكون لاتفاقيات التعاون السياسي والعسكري، لا الاقتصادي.
قبيل أيام قليلة من توجه وزيرَي الخارجية والدفاع السوريَين إلى موسكو لبحث مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين، كانت السلطات السورية الجديدة تفتح تحقيقاً حول أحد العقود الروسية في سوريا، وتُوقف على إثره عددًا من المسؤولين السابقين، وذلك بتهمة «التسبب في فوات منفعة» على خزينة الدولة قدرها نصف مليار دولار.
حادثةٌ لا يمكن فصلها عن الزيارة الرسمية الأولى لمسؤولي النظام الجديد إلى روسيا، لا بل يمكن عدّها رسالة مباشرة حول عدم رضى السلطات الجديدة عن الاتفاقيات الموقعة سابقاً مع موسكو، وعدّها إياها مجحفة بحق مصلحة البلاد. لكن عدم الرضى شيء، ومراجعة تلك الاتفاقيات شيء آخر؛ إذ ليس أمام دمشق سوى أحد خيارَين: إمّا فتح حوار مباشر مع موسكو بغية إعادة النظر في المشاريع المشتركة، وهو ما سيكون ضمن ترتيب أوسع لعلاقات البلدين، وإما اللجوء إلى المحاكم الدولية لنقض هذه المشاريع ومحاولة إلغائها أو تعديلها، وبالتالي الدخول في خصومة علنية مع دولة كبرى ما تزال تملك الكثير من الأوراق المؤثرة في الوضع الداخلي السوري، الأمر الذي لا ترى دمشق أن وقته اليوم أو حتى غداً لاعتبارات كثيرة متعلقة في جزء كبير منها بحاجة الإدارة إلى دعم روسيا في كثير من الملفات الداخلية والخارجية. ولذلك، يظلّ الخيار الأول هو الأفضل والأسلم للحكومة الانتقالية في المرحلة الحالية.
الأولوية للسياسة والعسكرة
عملياً، يمكن تصنيف الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في ثلاث خانات: الأولى سياسية، وغايتها التعاون والتنسيق في القضايا والملفات السياسية، وتمثّلها غالباً «اتفاقية الصداقة» الموقَّعة في عام 1984. والثانية، تشمل الاتفاقيات العسكرية مِن تزوّد بالسلاح، وتعاون فني وتدريب، وإقامة للقواعد العسكرية، وغير ذلك.
وفي هذا المجال، ثمة اتفاقيات متعدّدة، أبرزها واحدة وُقعت في عام 1994 بين وزارتَي الدفاع، وثانية في عام 2015، دخلت على إثرها القوات الروسية الحرب إلى جانب القوات السورية النظامية آنذاك. أما الخانة الثالثة، فتشمل الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، وهي كثيرة ومتعددة بحكم علاقات البلدين الوثيقة منذ أمد بعيد. لكن ما يهمّ إدارة الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، من كل ذلك، هو ما تم إبرامه خلال سنوات الحرب الأخيرة.
يلاحَظ من تركيبة الوفد الذي زار موسكو، وضمّ أربع شخصيات أساسية هي: وزير الخارجية أسعد الشيباني، وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، رئيس الاستخبارات العامة حسين السلامة، وأمين عام رئاسة الجمهورية ماهر الشرع، أن الأولوية هي لتحديد مسار العلاقات السياسية الثنائية والموقف من ملفات أساسية ضاغطة اليوم (العلاقة مع إسرائيل، قسد، الوضع في الساحل…)، ومراجعة الاتفاقيات العسكرية وبحث أوجه التعاون، لا سيما لجهة تحديث سلاح الجيش السوري ودعمه بتجهيزات عسكرية جديدة، ثم تأتي لاحقاً الاتفاقيات الاقتصادية التي على أهميتها، إلا أن معظمها تعثّر تنفيذه لأسباب عدة.
ستكون آلية تسديد الديون المترتبة على سوريا في صدارة الملفات الروسية المطروحة للنقاش أيضًا
ولعلّ من أهم الاتفاقيات التي ستكون قيد المراجعة قريباً، اتفاق عام 2015، الذي نظم وجود القوات الروسية في سوريا، ونصّ وفق النسخة المتداولة منه على إمكانية إنهاء العمل بأحكامه بناءً على رغبة أحد الجانبين وإبلاغه الجانب الآخر خطياً بذلك، ليتمّ إنهاء الاتفاق بعد مرور عام على تلقي الإشعار الخطي.
لكن يبدو أن الأمر ليس بتلك السهولة؛ فإذا كانت الغاية من تدخل القوات الروسية قد انتفت مع سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، فإن وجود القاعدتين العسكريتين في حميميم وطرطوس، والذي تنظمه برتوكولات خاصة، ما يزال يشكل أهمية إستراتيجية كبرى لموسكو. وبالتالي، إن التفاوض سيكون قائماً على بندَين أساسيين: الأول، محدّدات عمل القاعدتين إذ لا يتسبب للإدارة الجديدة في أي أضرار سياسية أو عسكرية مع الغرب؛ والثاني، المقابل الذي سوف تحصل عليه دمشق جراء سماحها باستمرار وجود القاعدتين على أراضيها، سواء في صورة تعويضات مالية أو تجهيزات ودعم عسكري وسياسي.
النفط والفوسفات
اقتصادياً، تبدو دمشق ميّالة إلى إلغاء معظم الاتفاقيات الاستثمارية التي وُقعت خلال سنوات الحرب، وذلك لاعتبارات متعدّدة تتعلق بعدم عدالة بعض تلك الاتفاقيات التي يُعتقد أنه تم تغليب المصلحة السياسية على تلك الاقتصادية فيها، وعدم التزام الشركات الروسية بالعقود الموقّعة معها لنواحي التنفيذ والإنفاق والإيرادات، وافتقاد روسيا الإمكانات والقدرات الفنية والتكنولوجية التي تتطلّبها بعض المشاريع، التي هي اليوم في نظر الإدارة الجديدة أولوية إستراتيجية، يشجّعها على الاهتمام بها الانفتاح العربي والغربي الواسع عليها.
وفي ضوء ما تقدّم، يمكن القول إن ثلاثة عقود مهمّة رئيسية في قطاع النفط ستكون قيد المراجعة أو حتى الإلغاء في المرحلة القادمة، مع الإشارة هنا إلى أنه سرت خلال المدة الماضية أخبار عن إلغاء دمشق عقداً مع إحدى الشركات الروسية المستثمرة لمرفأ طرطوس، الذي مُنح لاحقاً لشركة موانئ دبي بغية تطويره، لكن لم يصدر رسمياً ما يؤكد تلك الأخبار.
أما العقود الثلاثة المشار إليها، فهي التالية:
– الأول، المتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية، والذي تصل كلفته إلى أكثر من 100 مليون دولار، ولم تقُم الشركة الروسية بأي أعمال حقيقية ربطًا به، رغم مضيّ ما يقرب من 12 عاماً على توقيعه. ومردّ ذلك، بشكل رئيسي، العقوبات الغربية على سوريا وروسيا، وحقيقة أن عمليات التنقيب في المياه العميقة وما تحتاجه من تجهيزات خاصة هي غالباً ذات منشأ غربي.
– الثاني، الموقع في عام 2017، ويتعلّق باستثمار بعض مناجم الفوسفات كإحدى الطرق المتفق عليها بين البلدين لتسديد الديون الروسية. ومشكلة هذا العقد تتعلّق بإنتاجيته القليلة؛ وبالتالي، إن الاتجاه قد يكون نحو تعديل حصة الجانب السوري منه، مع إلزام الشركة الروسية بتنفيذ تعهداتها بموجبه، المتعلقة بالإنفاق المالي على تطوير التجهيزات وإصلاح المعامل المدمرة وغير ذلك.
– الثالث، المتّصل بمعمل الأسمدة، والذي ما يزال قيد التحقيق لدى الجهات الحكومية، ويعاني كالسابق من عدم التزام الشركة الروسية به، بدعوى عدم تسلّمها كميات الغاز الطبيعي اللازم لزيادة إنتاجية المعمل. وبالتالي، سيكون هو أيضاً قيد المراجعة والتعديل أو حتى الإلغاء في حال عدم رغبة الشركة الروسية المستثمرة في تعديله.
والديون أيضاً
من دون شكّ، ستكون آلية تسديد الديون المترتبة على سوريا في صدارة الملفات الروسية المطروحة للنقاش أيضًا. ولا تُعرف على وجه التحديد قيمة هذه الديون بعد اتفاقية شطب بعضها وجدولة بعضها الآخر عام 2005؛ فالمعلومات تتحدّث عن حصول دمشق على قرضَين: الأول بقيمة 240 مليون دولار في عام 2014، والثاني بقيمة 550 مليون دولار في عام 2021، فيما لا يُعلم ما إن كانت هناك ديون لقاء شراء سلاح وتجهيزات عسكرية قبل عام 2024، علمًا أن دمشق تطرح على الطاولة مسألة التعويضات المترتبة على دخول موسكو الحرب إلى جانب النظام السابق.
أما على صعيد التبادل التجاري، فإن مسيرة الميزان التجاري للبلدين خلال العقدين السابقين تشير إلى أن إحداث نقلة نوعية في حجم المبادلات التجارية يتطلب كثيراً من العمل، ولا يبدو أن ذلك سيكون في قائمة أولويات الحكومة السورية الساعية إلى الانفتاح على الأسواق التقليدية لتجارتها، سواء في المنطقة أو في العالم؛ وعليه، إنه باستثناء بعض السلع الأساسية المعتادة، فإن المبادلات التجارية ستبقى رهينة الجهود الشخصية لرجال الأعمال والمستثمرين.
وتبعاً للبيانات الرسمية، فإن أول خمس دول مورّدة للسلع إلى سوريا في عام 2023 (مناطق النظام السابق + مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» وفصائل «الجيش الوطني») كانت إيران، تركيا، الإمارات، الصين، ومصر، في حين أن وجهة الصادرات السورية كانت نحو تركيا، السعودية، لبنان، الهند، والإمارات؛ وهو ما سيشهد بلا شكّ بعض التغييرات خلال عام 2025، بفعل التحولات السياسية على صعيد إدارة البلاد وتحالفاتها الخارجية.
بحث عقيم عن «النصر المطلق»: إسرائيل نحو توسيع حربها
يدفع نتنياهو نحو احتلال غزة لتحقيق «نصر مطلق»، فيما يحذّر الجيش من كارثة استراتيجية، وسط انقسام عميق يكشف أزمة القيادة في كيان مأزوم ومفكّك.
يتعمّق الانقسام بين المؤسسة العسكرية والقيادة السياسية في إسرائيل، حيال مستقبل الحرب على قطاع غزة؛ وفي حين تحاول حكومة بنيامين نتنياهو فرض خطّة عسكرية يحتلّ الجيش بموجبها قطاع غزة بالكامل، تُصرّ القيادة العسكرية على الانكماش الميداني والتركيز على الحصار، تحت مبرّر أنّ أيّ توسيع للعمليات القتالية في ظروف ضاغطة ومنهِكة لأفراد الجيش، سيترك نتائج كارثية من ناحيتَي الكلفة والتبعات الإستراتيجية.
ومع تمسّك كلّ من الطرفين بموقفه، وصل السجال بينهما إلى حدّ التخوين، في وقت يبدو فيه أنّ الجيش يفقد دوره وتأثيره في طاولة القرار، لصالح أجندات أيديولوجية ومصالح شخصية، باتت جزءاً لا يتجزّأ من «عدّة شغل» الحرب والسلم في الكيان.
وهكذا، فإنّ ما يجري بين نتنياهو ورئيس أركان جيشه، إيال زامير، ليس مسرحية ولا لعبة تبادل أدوار، بل أزمة قيادة نابعة من تناقض جوهري: بين رغبة في تحقيق انتصار مطلق، وواقع عسكري لا يحتمل مزيداً من التصعيد والإنهاك.
فنتنياهو ينتظر نصراً يُنقذه سياسيّاً، ويحقّق له المجد الذي يغلب كل التحدّيات أمامه، في حين يسعى وزراء اليمين المتطرّف وراء تحقيق أحلامهم الأيديولوجية المتقادمة. أمّا رئيس الأركان، فيريد نصراً يُنهي التهديد الأمني والعسكري كما تراه المؤسسة العسكرية نفسها، ويحرّر الأسرى الإسرائيليين أحياء، ويرسّخ تالياً أمن إسرائيل المستدام.
وعليه، فإنّ الخلاف ليس على النّيات، بل على الإمكانات؛ إذ إنّ نتنياهو وفريقه يريان أنّ احتلال غزة ليس خياراً عسكريّاً يفتح باب «النصر المطلق» كما يزعمان فحسب، بل هو أيضاً «مطلب سياسي وجودي»، كفيل تحقّقه بتجنيب الحكومة الانهيار، علماً أنّ هذه الأخيرة باتت تعتمد على اليمين المتطرّف، بشكل كلّي تقريباً، بعدما انسحبت منها الأحزاب الحريدية، على خلفية تحدّيات من نوع آخر.
وانطلاقًا ممّا تقدّم، فإنّ أيّ تسوية لا تشمل تفكيك حركة «حماس» و«سحقها» بشكل واضح لا لبس فيه، ستُقرأ لدى اليمين الإسرائيلي هزيمة أمام الحركة والفلسطينيين، من شأنها أن تسقط حكومة نتنياهو وأحلامه وخطّ دفاعه الخاص، بشكل فوري. ويعني ذلك أنّ اليمين غير معني بالقبول بأيّ خيار مبني على تسويات وحلول وسط، مهما بلغت حدود تنازل الطرف الآخر، وأنّ أيّ حلّ غير تحقيق الأهداف الثلاثة التي أعاد تأكيدها في اليومَين الماضيَين، وهي تحطيم «حماس» وتحرير الأسرى وتأمين الحدود – بحيث لا تشكّل غزة أيّ تهديد مستقبلي -، لن يتلاءم البتّة ومصلحته.
تعيش إسرائيل صراعاً بين رغبة في النصر المطلق، وواقع لا يسمح به
أمّا الجيش الإسرائيلي، فيستند في رفضه خطّة احتلال كامل قطاع غزة، إلى جملة أسباب، على رأسها أنه بعد قرابة عامين من الحرب، لم تتمكّن إسرائيل من هزم «حماس» أو إضعاف إرادتها، في حين أنّ جيش الاحتلال بات منهكاً ومستنزفاً، وسط حرب لم يُعدّ بنيويّاً لها، وهو ما يترجَم في تراجع الدافعية والحافزية، إنهاك العديد الذي يستدعى مراراً وتكراراً، النقص في التدريبات والاستعدادات، الخشية من قتال غير مجد، تهرّب وامتناع عن تلبية الاستدعاءات، وحالات انتحار باتت ظاهرة ولم يَعُد في الإمكان إخفاؤها. لكن مع ذلك، يرى نتنياهو أنّ الفرصة قد حانت لـ«إتمام المهمّة» واحتلال القطاع، وتالياً تدمير البنية التحتية العسكرية لـ«حماس»، وفرض هيمنة أمنية دائمة على غزة.
وفي مقابل تلك الرؤية، تتقدّم الإشكاليات التي يطرحها الجيش الإسرائيلي في الجلسات المغلقة، وتسرّبت، نتيجة الخلافات، إلى الإعلام العبري، وعلى رأسها السؤال المتكرّر منذ بدء الحرب: «ماذا بعد؟». في الواقع، لا توجد إجابات؛ إذ لا خطّة لإدارة غزة في اليوم الذي يلي الاحتلال الشامل، ولا لإعادة توطين مليون ونصف مليون مدني فلسطيني؛ كما أنه لا بديل جاهزاً من «حماس»، ولا دعم دولياً لمواصلة الحرب إلّا ما يكفي نتنياهو، أي ذلك الآتي من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
ويضاف إلى ما تقدّم، أنّ الجيش وصل إلى «نقطة حرجة من الاستنزاف»، ما اضطرّ قيادته إلى إلغاء «تمديد الأمر 8»، الذي يجبر جنود الخدمة الدائمة على البقاء في الجبهة، ورفض تجنيد مزيد من جنود الاحتياط، بعدما أظهرت التقييمات أنّ تمديد الخدمة أكثر من اللازم، يُهدّد بانهيار معنويات الجيش ودافعية المجنّدين لتلبية أوامر الاستدعاء، في حين أنّ الوحدات القتالية في غزة تعاني إرهاقاً نفسيّاً ولوجستيّاً لا يمكن تجاهله.
مع هذا، لا يرفض الجيش الإسرائيلي الهيمنة الأمنية على غزة، لكنه لا يرى في الاحتلال الواسع للقطاع شرطاً لتحقيقها؛ إذ يمكّن إسرائيل السيطرة على غزة من دون أن تنتشر فيها، وذلك عبر نظم رقابة إلكترونية، وأنفاق مُلغّمة، وقوات كوماندوس محدودة، وحصار مائي وكهربائي، من دون الاضطرار إلى مغامرة عسكرية غير محسوبة التكاليف، يخسر فيها السيطرة، ومعها الأسرى الإسرائيليين، وأيضاً قدرته على الوفاء بمهامّه في الجبهات الأخرى.
وهكذا، فإنّ الخطّة البديلة لدى الجيش ليست أقلّ سوءاً بالنسبة إلى الغزّيين، فهي لا تنهي الحرب ولا المعاناة، بل تتبنّى «الحصار المشدّد» لثلاث جبهات هي: مدينة غزة ومخيمات الوسط وجنوب القطاع، والقصف اليومي المكثّف على «أهداف أرضية وتحت أرضية»، وعمليات توغّل محدودة ومدروسة لاستهداف قدرة «حماس» ماديّاً وبشريّاً، واستمرار تدمير البنية التحتية والمستشفيات والمدارس، بما يشمل منع دخول الوقود والغذاء والدواء؛ أي أنّ الجيش يدعو، باختصار، إلى استنزاف طويل الأمد، يُدار عن بعد، ويقلّل الخسائر الإسرائيلية.
السؤال الآن: هل ينجح نتنياهو أم زامير في فرض رأيه؟ الجواب ليس بسيطاً، فيما الفرضيات متداخلة. قد ينجح الأول في تطبيق خطّته، إذا تمكّن من عزل زامير وتعيين بديل له لينفّذ المهمّة. لكن ذلك لا يضمن إجبار الجيش على تنفيذ مهامّ يرى أنها كارثية عليه وعلى مصلحة إسرائيل. وعليه، فإنّ فرضية أن ينجح زامير في إحباط خطّة نتنياهو ليست محدودة، وإن لم يكن في مقدوره وقف الحرب.
اللواء:
قرار كبير لمجلس الوزراء: تكليف الجيش وضع خطة حصر السلاح قبل نهاية العام
سلام: استكمال البحث بالمقترحات الأميركية غداً.. ومشاورات حول مشاركة الثنائي في الجلسة
ثبت مجلس الوزراء على خياراته: لا تراجع عن حصرية السلاح بيد الدولة وحدها. وقرَّر تكليف الجيش اللبناني وضع خطة لحصر السلاح فقط بيد القوى المحلية من جيش وقوى امن داخلي وامن عام وشرطة بلدية فقط، وذلك قبل 31 من الشهر الجاري، ووضعها الى مجلس الوزراء لاقرارها في قرار كبير، هو الاول من نوعه، منذ اتفاق الطائف؟
وبعد الجلسة، انطلقت حركة مشاورات واسعة لشرح ما حصل، والموقف المتعين اتخاذه في جلسة مجلس الوزراء غداً، وعما اذا كان وزيرا «الثنائي الشيعي» سيشاركان في الجلسة ام لا.
وكانت الجلسة انعقدت عند الساعة الثالثة من بعد الظهر، وسبقها لقاء بين الرئيس عون والرئيس سلام تم خلاله البحث في المواضيع المدرجة على جدول الاعمال.
وبعد انتهاء الجلسة، تحدث الرئيس سلام الى الصحافيين فقال:
«في ما يتعلق بالبند الاول من جدول الاعمال والذي ينص على استكمال البحث في بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية، اتخذ القرار التالي:
أ- بناء على وثيقة الوفاق الوطني التي اقرت في مدينة الطائف والتي انبثق منها الدستور اللبناني الحالي، خصوصاً لجهة «استعادة سلطة الدولة حتى الحدود اللبنانیة المعترف بها دولیاً وبسط سلطة الدولة اللبنانية تدريجياً على كامل الأراضي اللبنانية بواسطة قواها الذاتية»، و»اتخـاذ كافـة الإجـراءات اللازمـة لتحریـر جمیـع الأراضـي اللبنانیـة مـن الاحـتلال الإسـرائیلي وبسـط سـیادة الدولـة علـى جمیع أراضیها ونشر الجیش اللبناني في منطقة الحـدود اللبنانیـة المعتـرف بهـا دولیـاً».
ب- بناء على البيان الوزاري لحكومة «الإصلاح والإنقاذ» الحالية التي نالت على أساسه في 26 شباط 2025 ثقة 95 نائباً من أعضاء المجلس النيابي والذي اكد على «ان الدولة اللبنانية تلتزم بالكامل مسؤولية امن البلاد والدفاع عن حدودها، وعلى تنفيذ قرار مجلس الامن 1701 كاملاً من دون اجتزاء ولا انتقاء، مع تأكيد ما جاء في القرار نفسه وفي القرارات ذات الصلة عن «سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً» حسب ما ورد في اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان في 23 آذار 1949، والتشديد على «حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة».
ج- بناء على ما ورد في خطاب القسم للسيد رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني 2025، والذي اكدت الحكومة الحالية التزامه في البيان الوزاري، تحديداً في ما خص تنفيذ «واجب الدولة في احتكار حمل السلاح».
د- بناء على إقرار لبنان باجماع الحكومة السابقة على اعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية كما اقرّ في 27 تشرين الثاني 2024، وهو الإعلان الذي دعا الى الالتزام بقرارات مجلس الامن الدولي والتي تؤكد على «»نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان»، على ان تكون «القوات المسلحة اللبنانية، وقوى الأمن الداخلي، والمديرية العامة للأمن العام، والمديرية العامة لأمن الدولة، والجمارك اللبنانية، والشرطة البلدية، هي الحاملة الحصرية للسلاح في لبنان».
ه- وبعدما اطلع مجلس الوزراء على ورقة المقترحات التي تقدمت بها الولايات المتحدة الأميركية عبر السفير توم براك، من اجل «تمديد وتثبيت اعلان وقف الاعمال العدائية في شهر تشرين الثاني 2024، لتعزيز الوصول الى حل دائم وشامل» وعلى التعديلات التي اضافتها اليها بناء على طلب المسؤولين اللبنانيين، قرر مجلس الوزراء ما يلي:
1- استكمال النقاش في الورقة التي تقدم بها الجانب الأميركي يوم الخميس 7 من الشهر الجاري.
2- تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، في يد الجهات المحددة لاعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية وحدها، وعرضها على مجلس الورزاء قبل 31 من الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها».
على ان البارز هو ان الموقف او القرار المتخذ لم يرقَ لوزيري الثنائي الشيعي: الدكتور ركان ناصر الدين والدكتوة تمارا الزين، فخرجا من مجلس الوزراء قبل اتخاذ القرار الذي تحفظ على بند فيه الوزير الشيعي الخامس فادي مكي. وقال وزير الاعلام بول مرقص ان الوزيرين ناصر الدين والزين انسحبا لعدم رضاهما عن القرار الصادر، وعلم ان تحفظ الوزير مكي هو على الشق المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل ان يتقدم البحث باقتراحه وقبل استكمال النقاش.
وقالت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان مجلس الوزراء خطا خطوة دستورية في ملف حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية او ما يعرف ببسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية وذلك من خلال تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة تسليم السلاح لكل المنظمات حتى نهاية العام الجاري على ان يقدم هذه الخطة في مهلة شهر من الان على الحكومة.
ولفتت المصادر الى ان هذه الجلسة شهدت نقاشات لم تخل من التصعيد بدليل مغادرة وزيري الثنائي الشيعي ركان نصر الدين وتمارا الزين اللذين حضرا كامل المجلس وانسحبا قبل نهاية الجلسة بعدما سجلا اعترضا على بت الموضوع من دون قيام صيغة جامعة وتسليم السلاح قبل الإنسحاب الأسرائيلي.
وأفادت هذه المصادر ان المجلس لجأ الى التصويت عندما احتدم النقاش في هذا الملف وقد علم ان الوزيرين نصرالدين والزين غادرا الجلسة عندما رفض غالبية الوزراء السير بطرح تقدما به.
وصار معلوما ان مجلس الوزراء سيستكمل البحث في ورقة الموفد الأميركي توماس باراك غدا الخميس.
ووصفت مصادر وزارية النقاش الذي حصل بالممتاز وانه للمرة الأولى كان النقاش سياسيا ويسير بمنحى جيد لولا اعتراض الوزيرين الزين وناصر الدين.
واعتبرت ان قرار مجلس الوزراء هو قرار دستوري مئة في المئة لأنه جرى تكليف الجيش من قبل الحكومة.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة الى ان الحكومة نجحت وبالأستناد الى الدستور والقوانين في بت ملف تسليم السلاح على ان الجدول الزمني لتسليم السلاح حدد بنهاية العام الجاري.
وقالت ان تداعيات هذا القرار ستتظهر مع العلم ان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم استبق القرار الحكومي بموقف عالي السقف أكد فيه ان حزب الله غير معني بما يصدر عن الحكومة.
وكما كان متوقعاً، اقرّ مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها بعد ظهر امس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، في يد الجهات المحددة لاعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية وحدها، وعرضها على مجلس الورزاء قبل 31 من الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها. وسيستكمل المجلس درس مسألة حصرية السلاح، في جلسته المقبلة.
وتم خلال الجلسة ايضاً تعيين مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي، والتجديد للمدير العام للمؤسسة العامة للاسكان.
وشدد الرئيس عون خلال الجلسة على وجوب عدم المماطلة في ملف انفجار مرفأ بيروت بعد خمس سنوات على وقوع الحادث المشؤوم، والإسراع في الملف لتأخذ العدالة مجراها.
ودعا الرئيس عون المسؤولين الى «الكف عن تخويف الناس من بعضها وتوتير الوضع على أمور لا تستحق ذلك، وترك المجال امام الراغبين في الاستثمار وتمضية موسم الصيف، بدلاً من الكلام الباعث على الخوف والقلق، وتحديد مواعيد وهمية لضربات او لحرب».
من جهته، أوضح رئيس مجل سالوزراء القاضي نواف سلام على ان السلطة التنفيذية ستقدم للقضاء كل مايحتاج اليه للقيام بمهمته للبت في ملف انفجار مرفأ بيروت.
وكشف من جهة أخرى على ان اعداد مشروع الفجوة المالية سينتهي قبل نهاية شهر أيلول المقبل لعرضه على مجلس الوزراء.
واعترض وزراء على التأجيل واصروا على اقراره في الجلسة، وحصل نقاش بين «اصحاب الرأيين» وانتهى الامر الى تأجيل البت النهائي في البند، لا سيما لجهة البحث في تفاصيل الورقة الاميركية والتعديلات اللبنانية عليها.
وقال وزير الداخلية احمد الحجار: سننتظر خطة الجيش وحصر السلاح بيد الدولة سيكون قبل نهاية العام.
ووصف وزراء «القوات اللبنانية» قرار مجلس الوزراء بالتاريخي، وقد وضع جدول زمني لنزع السلاح هو نقطة جوهرية.
وجاء ذلك بعد نقاش لأكثر من ساعتين في هذا البند في الجلسة الت استمرت نحو خمس ساعات، وسط اجواء خلافية وتدخل رئيس الجمهورية على خط التهدئة أكثر من مرة، بعد مشادة كلامية خلال بحث بند «حصرية السلاح وانتهاء الجلسة بإنسحاب الوزيرين تمارا الزين وركان ناصر الدين لعدم موافقتهماعلى قرار الحكومة. وبرغم ذلك استمرار الإتصالات حتى ظهر امس على أرفع المستويات للتوصل إلى صيغة توافقية في ما يتعلق ببند سحب السلاح. وفي السياق قالت مصادر الثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» ان «هناك العديد من المقترحات لا تزال قيد الدرس.
واوضح وزير الاعلام بول مرقص:ان الوزير فادي مكي حمل تحفظًا على البيان الذي صدر عن الحكومة وباقي الوزراء باستثناء وزراء الثنائيّ وافقوا على البيانو وتحفظ على الشق المتعلق بوضع مهلة زمنية قبل تقدم الجيش باقتراحه وقبل استكمال النقاش بحضور الجميع في الجلسة المقلبة
وبعد نحوساعة من بدء الجلسة، أنهى مجلس الوزراء جدول الأعمال وبدأ في مناقشة بند السلاح.
وحسب المعلومات وزراء القوات اللبنانية ركزوا في الجلسة على بندي: ضرورة حل التنظيمات غير الشرعية اللبنانية والفلسطينية ، والمدة الزمنية واقصاها 31 كانون الاول لينفذ القرار ضمنها.لكن وزراء الثنائي الشيعي اعترضوا على المهلة الزمنية التي قررها المجلس فغادر الوزيران الزين وناصر الدين وتحفظ الوزير فادي مكي.
وسبق انعقاد الجلسة اجتماع ثنائي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، تم في خلاله التطرق إلى الأوضاع العامة والمستجدات في البلاد.
وقبل الجلسة ايضا، قال الوزير فادي مكي للصحافيين عن إمكان انسحاب وزراء «الثنائي» من جلسة الحكومة: أبداً. وقالت الوزيرة حنين السيد: سأصوّت مع بند سحب سلاح «حزب الله». وقالت الوزيرة لورا الخازن: سأصوّت حتماً مع سحب سلاح «حزب الله» فأنا مع حصرية السلاح بيد الدولة. في المقابل، الوزير ركان ناصر الدين وعن إمكان مقاطعتهم الحكومة، قال: يبنى على الشيء مقتضاه.
وبالتزامن مع انعقاد الجلسة، اتخذ الجيش اللبناني تدابير ميدانية مشددة عند مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت، لمنع خروج مسيرة لدراجات نارية باتجاه مناطق خارج الضاحية، في ظل أجواء توتر مرتبطة بملف السلاح.
وجابت مسيرات دراجات نارية لمناصرين من «حزب الله» شوارع الضاحية الجنوبية وطريق المطار، رافعين أعلام الحزب ومطلقين الهتافات، وفي المقابل اتخذ الجيش اللبناني تدابير استثنائية عبر انتشار العناصر في المناطق التي تربط الضاحية في العاصمة بيروت.
ومساء قام مناصرو الحزب بتحرك جديد في منطقة الشياح، حيث جابوا الشوارع على دراجات نارية رافعين أعلام الحزب، وسط أناشيد وأغانٍ حزبية.
وقالت مصادر أمنية: إن «أي تجمع يعرض السلم والأمن الداخلي للخطر سنتعامل معه بالقانون».
تصعيد حزب الله
وفي وقت كانت فيه جلسة مجلس الوزراء تبحث في البند الاول المتعلق بحصرية السلاح، قال الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: لا يمكن لامر دستوري ان يقر بالتصويت، ولن يحصل اي حل من دون توافق، واضاف: قولوا لمن يضغط عليكم «روحوا راجعوا المقاومة»، ونحن نتولى امرهم.
وقال: قاسم في كلمة له لمناسبة اربعين الشهيد محمد سعيد ايزدي، اكد فيه «أن تثبيت الاستقرار في لبنان يتطلب الالتزام بثلاث قواعد أساسية: التشارك والتعاون بين القوى السياسية، تحديد الأولويات الوطنية بوضوح، وعدم الخضوع لأي وصاية أميركية أو عربية». مشيراً إلى أن ما قدّمه الموفد الأميركي في ما يُعرف بـ«مذكرة برّاك»، يصب في مصلحة إسرائيل بشكل كامل.
وقال: إن «مذكرة برّاك» تهدف إلى تجريد لبنان من قدرته العسكرية، ومنع الجيش اللبناني من امتلاك سلاح فعال، تحت ذريعة عدم التأثير على أمن إسرائيل.ورفض قاسم بشكل قاطع أي اتفاق جديد مع إسرائيل لا يندرج ضمن التفاهم السابق بين الدولة اللبنانية والعدو، مشدداً على أن أي جدول زمني يُطرح لتنفيذه تحت سقف العدوان الإسرائيلي هو مرفوض.
قاسم سأل الحكومة اللبنانية: هل التخلّي عن المقاومة والاستسلام لإسرائيل وتسليمها السلاح هو تحصين السيادة؟وشدّد على أن أي نقاش حول مستقبل لبنان الأمني يجب أن ينطلق من استراتيجية وطنية شاملة للأمن، وليس من منطلق جداول زمنية تهدف إلى نزع سلاح المقاومة. ولفت إلى أن محاولة فرض حلول في هذا الملف بمعزل عن التوافق الوطني محكومة بالفشل.
وحذر قاسم بأن «مصلحة «إسرائيل» أن لا تذهب لعدوان واسع لأن المقاومة والجيش والشعب سيدافعون، وستسقط صواريخ في داخل الكيان وكل الأمن الذي بنوا عليه لمدة 8 أشهر يسقط في ساعة واحدة».
وغداة زيارته الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون امس، زار وفد من «حزب الله» برئاسة النائب علي فياض رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في المقر العام لـ «التيار» في ميرنا الشالوحي. وبعد اللقاء، قال فياض « ناقشنا قضايا عدة مهمة راهنة ومستقبلية، لكن أبرز الموضوعات التي ناقشناها ما يتصل باستمرار الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وعدم التزام العدو الإسرائيلي بوقف إطلاق النار والمترتبات على هذا الموضوع في ظل ما يتعرض له البلد من ضغوط خارجية». أضاف:»تشاركنا مع الوزير باسيل المخاطر القائمة أو المحتملة التي يتعرض لها البلد، وكما هو معروف فالبلد الآن هو عرضة لمخاطر سيادية استراتيجية كبرى وفي بعض الاحيان نحشى أن تكون مخاطر وجودية. أسوأ سيناريو الآن، الذي يجب أن نحتاط له جميعا هو تحويل المشكلة من مشكلة لبنانية -إسرائيلية إلى مشكلة لبنانية- لبنانية، هذا ما لا نريده على الإطلاق، وهذا ما يتناقض مع رؤيتنا، لأنه برأينا، كلما يتماسك الموقف اللبناني على المستوى الداخلي كلما كنا أقدر على وضع حد لهذه الضغوط الخارجية التي تمارس على البلد».
وتابع فياض: عندما نتحدث عن مخاطر، وهذا ما ناقشناه، فالمخاطر لا تختص بمكون دون المكونات الأخرى، ولا تختص بمنطقة دون مناطق اخرى، نحن ندرك تماما أن الظرف دقيق وصعب لكن على لبنان الا يفرط بمصالحه الكبرى. فلنلتقِ جميعا عند هذه النقطة التي نكررها على الدوام، نحن نريد موقفا لبنانيا رسميا واحدا، نريد موقفا وطنيا لبنانيا متماسكا، وأن نتمسك جميعا بأولوية الانسحاب الإسرائيلي ووقف الأعمال العدائية وإطلاق الأسرى كمدخل لاطلاق مسار معالجة يتولى أمره اللبنانيون في ما بينهم وهذا هو الموضوع الذي عالجناه مع الوزير باسيل».
وقالت مصادر مقرّبة من حزب الله لسكاي نيوز عربية: «نتفق مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حول مناقشة السلاح ضمن استراتيجية الدفاع الوطني».وأشارت المصادر الى أنّ موضوع السلاح لا يمكن مقاربته إلا بمنطق الحوار بعيدًا عن الصدام.
وثمنت حرص الرئيس عون على رفض الزج بالبلاد في أي قرار قد يؤدي إلى الفوضى، مؤكدة ألّا ضمانات أميركية أو بوادر موافقة إسرائيلية على الورقة اللبنانية، موضحة أنّ التعديلات التي طلبها لبنان على الورقة الأميركية لم يؤخذ بها.
وتابعت المصادر: «نتفق مع رئيس الجمهورية في أولويات وقف الاعتداءات، والانسحاب، وإطلاق الأسرى، ومناقشة السلاح ضمن استراتيجية الدفاع الوطني».
وإذ شدّدت على أنّ لبنان بحاجة لعناصر قوة في ضوء التغيرات الكبيرة التي فرضتها إسرائيل في المنطقة، ختمت قائلة: «سيتم تحديد الموقف من الموضوع الحكومي بناء على ما سينتج عن مناقشة بند حصرية السلاح.
قضائياً، وقَّع الرئيس عون اليوم المرسوم الرقم 823 تاريخ 5 آب 2025، القاضي باجراء تشكيلات ومناقلات قضائية. وحمل المرسوم تواقيع رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء العدل والمالية والدفاع الوطني عادل نصار، ياسين جابر، واللواء ميشال منسى.
وليلاً، شنت مسيّرة معادية 3 غارات على مفرق بريتال مستهدفة سيارة، وادت الى سقوط شهيد.
وكانت الاعتداءات الاسرائيلية استمرت عند الحدود الجنوبية، وحسب معلومات مراسل «اللواء» ان درون اسرائيلية القت مناشير تحريضية ضد الشهيد علي ابو عباس اثناء تشييعه في مدينة الخيام.
ونهار أمس، القت محلقة اسرائيلية معادية قنبلة صوتية بالقرب من حفارة في «حي الكساير» كانت ترفع الردميات في بلدة ميس الجبل. ثم القت القت قنبلة صوتية ثانية في أجواء منطقة «كروم الشراقي» في البلدة.
وسقطت مسيّرة إسرائيلية في خراج كفرشوبا جنوب لبنان، حيث عمدت مسيّرة أخرى لاحقاً إلى تفجيرها لتعطيلها وتحطيمها.
كما ألقت محلقة اسرائيلية مناشير تحريضية فوق بلدة كفرشوبا تبرر استهداف آليات الحفرورفع الانقاض وتحذر الاهالي. كماالقت مسيرة منشورات في بلدة الخيام أثناء تشييع علي أبوعباس.
واجرت قوات العدو الإسرائيلي أعمال توسعة وتحصينات في محيط المركز المستحدث في الدواوير بين مركبا وحولا. وانشأت نقطة جديدة مقابل بلدتي مركبا والعديسة.
البناء:
الحكومة تسقط الطائف والقرار 1701 واتفاق وقف النار وتشرع البلد للعدوان
مهلة لنزع السلاح ولا مهلة لوقف الاعتداءات… والميثاقيّة والتوافقيّة للتعيينات فقط
الشيخ قاسم: كل جدول زمني تحت نيران الاحتلال لا نقبله وكل ورقة باراك مرفوضة
كتب المحرر السياسي
السؤال الذي يسبق السؤال حول مصير قرار الحكومة بنزع سلاح المقاومة، هو ماذا تفترض الحكومة أنّها فاعلة إذا نجحت بنزع السلاح، وهي تعلم أن النتيجة الطبيعية هي جعل لبنان سورية ثانية، حيث السماء إسرائيلية والأراضي المحتلة تبقى محتلة وكل الجنوب منطقة أمنية، وكله يجب أن يصبح شرعياً بتوقيع الحكومة وينتهي بالتطبيع، ولعل الحكومة تؤمن أن هذا ثمن يجب دفعه لنيل الرضا الغربي والعربي وترجمة هذا الرضا مالياً تحت شعار «الاستقرار في ظل الاحتلال يجلب الازدهار»، كما كانت أوهام الذين روّجوا لاتفاق 17 أيار قبل أكثر من أربعين سنة، كما توهّم الذين روجوا لاتفاقات أوسلو في فلسطين قبل أكثر من ثلاثين سنة، ولا ظلم أبدأ بالقول إن قرار الحكومة يحمل في طياته نية التمهيد لما هو أسوأ من اتفاق 17 أيار المشؤوم.
عملياً أسقطت الحكومة اتفاق الطائف وتذرعت به، لأن جوهر اتفاق الطائف يقوم على اعتبار تحرير الأرض أولوية الأولويات، بينما هو عند الحكومة يذكر من باب رفع العتب، وإلا فما هي الخطة التي وضعتها الحكومة لاستعادة الأراضي المحتلة، وهل وعد توماس باراك بإصدار إدانة من مجلس الأمن الدولي اذا لم تنسحب «إسرائيل» هو الاستراتيجية الدفاعية عن لبنان التي وعدت بها الحكومة، وترجمها وزير الخارجية بالبكاء عند الأميركي كما وعد اللبنانيين؟
الدليل على أن اتفاق الطائف هو مجرد آلهة تمر عند الحكومة كما كانت آلهة التمر عند أهل الجاهلية يأكلونها متى جاعوا، وأن الحكومة تتحدّث عن الطائف وركيزته التوافق في الشؤون الميثاقية، والحكومة تعلم ورئيسها خير العارفين، بأن ملف السلاح يتصل بإجماع طائفة كبرى تمثل مكوّناً تأسيسياً في الدولة والكيان ولا تحل الأمور معه بالتصويت داخل الحكومة كأن المطروح هو تعيين مدير عام، وحتى في التعيينات مارس رئيس الحكومة منهج التوافق والميثاقية بعناية أكبر من الخفة التي تعامل بها مع هذا الشأن الوطني المصيري والميثاقي قبل كل ذلك.
الحكومة تنسف القرار 1701 الذي يربط توقيت ملف السلاح بإنهاء مرحلة وقف الأعمال العدائية، وينقله إلى الفقرة العاشرة في مرحلة يسميها الحل المستدام، حيث يربط مصير السلاح بإنهاء مصير الأراضي المتنازع عليها وغير محددة الهوية ومنها مزارع شبعا، التي يجب الانسحاب منها قبل ترسيم الحدود بين لبنان وسورية فيها وفقاً لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي كلفه القرار 1701 بوضع تقرير حولها.
الحكومة تنسف اتفاق وقف إطلاق النار، الذي نص كما اتفاق الطائف كما القرار 1701، لكنه كما اتفاق الطائف والقرار 1701 لحظ تسلسلاً في الأولويات، لا يلغيها أن يقوم رئيس الحكومة بتلاوة تسميات المؤسسات التي ذكر أنها تحمل السلاح دون سواها، فذلك لاحق على وقف الأعمال العدائية، وقد نفذ لبنان ما عليه منها ووقف التنفيذ عند تمنع الاحتلال عن تنفيذ عليه، وتأتي الحكومة لتريح الاحتلال وتزيل الحافز الذي كان قد يدفعه للتفكير بالانسحاب ووقف الاعتداءات، عبر اشتراطها ربط البحث بمصير السلاح بإتمام مرحلة وقف الأعمال العدائية.
الحكومة مستعجلة على نزع السلاح فوضعت لذلك مهلة ومهلة ضمنها للجيش لوضع الخطة، لكن لا بأس بمجرد الحديث عن استعادة الأراضي المحتلة بكلمات جوفاء ولا حاجة لمهلة، ولا لمهلة ضمنها لخطة يقدّمها الجيش، ثم لماذا كيف يصبح الجيش معنياً بشأن يجب أن تحله السياسة مع حزب الله، ويصبح وزير الخارجية الذي قال إن لبنان لا يملك إلا البكاء مسؤولاً عن تحقيق انسحاب الاحتلال؟
قبل أن ينتهي مجلس الوزراء وتصدر القرارات التي أدّت إلى انسحاب وزيرين يمثلان ثنائي حزب الله وحركة أمل من اجتماع الحكومة، تحدّث الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كاشفاً مضمون ورقة توماس باراك، التي تنص على تسليم نصف سلاح حزب الله الفردي والثقيل والمتوسط على أن ينسحب الاحتلال بعدها من ثلاث تلال، وإن لم تفعل «إسرائيل» يقول باراك إنه لا يضمن الانسحاب، لكنه يضمن صدور إدانة للاحتلال من مجلس الأمن الدولي، كأن «إسرائيل» تهتمّ وتأبه لقرارات مجلس الأمن وليس لإدانته فقط، وقال قاسم إن حزب الله يرفض ورقة باراك جملة وتفصيلاً، وإنه لن يقبل بمهل زمنية في ظل نيران الاحتلال.
قرّر مجلس الوزراء استكمال البحث في الورقة الأميركية خلال جلسة تعقد غداً وتكليف قيادة الجيش إعداد خطة تنفيذية لحصر السلاح، على أن تنجز الخطة قبل نهاية العام الحالي. وكان رئيس الحكومة نواف سلام، أكد بعد انتهاء الجلسة التزام الحكومة بما ورد في بيانها الوزاري لحكومة الإصلاح والإنقاذ، ولا سيّما ما يتعلق بأمن البلاد، ومسؤولية الدفاع عن حدودها، وتنفيذ القرار الدولي 1701 كاملاً ومن دون أي تجزئة. وأضاف سلام: «نؤكد حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء». وأوضح سلام أن المجلس اطلع على «ورقة المقترحات» التي قدّمتها الولايات المتحدة عبر الموفد توم باراك، بالإضافة إلى التعديلات التي أُدخلت عليها بناءً على طلب المسؤولين اللبنانيين.
وأوضح وزير الإعلام بول مرقص، خلال تلاوته مقرّرات مجلس الوزراء، أنّ الوزيرَين تمارا الزين وركان ناصر الدين انسحبا من الجلسة لعدم موافقتهما على القرار الذي تلاه لاحقًا رئيس الحكومة نواف سلام. وذكر أنّ مجلس الوزراء حدّد مهلةً حتى آخر السّنة لتوحيد السلاح بيدّ الدولة اللبنانيّة، مشيرًا إلى أنّ جلسة ستُعقد غداً «لاستكمال بحث ما بدأناه أمس، إذ لم نُقِرّ بعد الورقة». وقال: «الرئيس جوزاف عون جدّد التركيز على النواحي الإيجابية التي يتمتّع بها البلد وشدّد على أنّ وحدة اللبنانيين كفيلة بحلّ المشكلات وأشاد بإقرار مجلس النواب عدد من القوانين».
وبالتزامن مع الجلسة الوزارية المخصصة لبحث حصرية السلاح بيد الدولة، شدد الأمين العام لـحزب الله نعيم قاسم على أنّ تثبيت الاستقرار في لبنان يقتضي الالتزام بثلاث قواعد أساسية: الشراكة والتعاون بين القوى السياسية، وتحديد الأولويات الوطنية بوضوح، وعدم الخضوع لأيّ وصايةٍ أميركية أو عربية. واعتبر أن ما تعرّضت له سورية في السنوات الماضية انعكس مباشرةً على لبنان، مشيراً إلى أن ما قدّمه الموفد الأميركي آموس هوكستين في ما يعرف بـ»مذكرة براك» يصب بالكامل في مصلحة «إسرائيل». وأكّد أنّ حزب الله التزم التزاماً كاملاً ببنود اتفاق وقف إطلاق النار ولم يسجّل عليه أي خرق، في حين انقلبت «إسرائيل» على الاتفاق وخرقته آلاف المرات. وأوضح أن «إسرائيل» «ندمت على الاتفاق لأنه حافظ على قوة حزب الله في لبنان، ولذلك لم تلتزم به». وأشار إلى أن الولايات المتحدة قدّمت عبر مبعوثها توم براك «إملاءات لنزع قوة لبنان والمقاومة والشعب بالكامل لمصلحة «إسرائيل»»، كاشفًا أنّ براك اشترط نزع السلاح خلال 30 يومًا، بما يشمل حتى القنابل اليدويّة وقذائف الهاون، وأن يتم تفكيك 50% من القدرة العسكرية خلال شهر، قائلًا: «لكنهم لا يعرفون مستوى قدراتنا حتى يحددوا نسبة الخمسين في المئة». كما لفت إلى أنّ المقترحات المطروحة تضمنت انسحاب «إسرائيل» من النقاط الخمس كمرحلة أولى، تليها مرحلة ثانية خلال 60 إلى 90 يومًا تبدأ بعدها عملية تسليم الأسرى، واصفًا هذا المسار بأنه «تجريد للبنان من قوته». وبيّن قاسم أنّ حزب الله «غير موافق على أي اتفاق جديد غير الاتفاق القائم بين الدولة اللبنانية والعدو الإسرائيلي»، مضيفًا: «من غير الممكن القبول بتخلي لبنان تدريجيًا عن قوته وبأن تبقى أوراق القوة كاملة بيد العدو… نحن لا نقبل أن نكون عبيدًا لأحد». وتساءل قاسم أمام الحكومة اللبنانية: هل التخلّي عن المقاومة، والاستسلام لـ»إسرائيل»، وتسليمها السلاح يُعَدّ تحصينًا للسيادة؟ وشدّد قاسم على أنّ أيّ نقاشٍ حول مستقبل لبنان الأمني يجب أن ينطلق من استراتيجية وطنية شاملة للأمن، لا من جداول زمنية تهدف إلى نزع سلاح المقاومة، لافتًا إلى أنّ محاولة فرض حلول في هذا الملفّ بمعزلٍ عن التوافق الوطنيّ محكومة بالفشل. وقال: إنّ المقاومة ليست حالةً طارئة، بل جزءٌ أصيل من النسيج اللبنانيّ ومن ميثاق الطائف نفسه؛ وبالتالي لا يمكن التعامل معها كملفٍّ قابلٍ للتصويت أو الإلغاء بأكثريّة عددية، بل يجب أن تُناقَش بالتوافق الوطني احترامًا للثوابت الدستورية والميثاقية. وأضاف أنّ أيّ بحثٍ في الاستراتيجية الدفاعية يجب أن يتمّ ضمن هذا الإطار، معتبرًا أنّ تجاوز هذه الحقائق أو القفز فوقها تحت أيّ عنوان، سواء أكان دوليًا أم إقليميًا، يمسّ أسس الاستقرار في لبنان. وأكّد قاسم أنّ لا حلول في لبنان من دون توافق، ولا يمكن عزل المقاومة عن المعادلة الوطنية، مشدِّدًا على أنّ حماية لبنان تبدأ بصياغة رؤيةٍ دفاعيةٍ تحفظ سيادته وتمنع المساس بحقوقه.
كما دعا الأمين العام لـ»حزب الله» نعيم قاسم إلى الإسراع في إنجاز التحقيقات المتعلّقة بانفجار مرفأ بيروت، مطالبًا بإخراج هذا الملفّ من دائرة التسييس والطائفية والاتهامات المعلَّبة، ورفض الإملاءات الخارجية. وأكّد أنّ العدالة الحقيقية لا تتحقّق إلّا بالشفافية والابتعاد عن التأثيرات السياسية.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مقرّبة من حزب الله أن الحزب لا يسعى إلى أي صدام داخلي، بل يتحرّك بوعي لضبط الشارع وتفادي الانزلاق نحو توترات تهدد الاستقرار الوطني. وتشير هذه المصادر إلى أن مواقف الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الأخيرة، وإن بدت تصعيدية في لهجتها، جاءت في إطار الرد على الورقة الأميركيّة المتشددة التي ترافقت مع ضغوط خارجية كثيفة على المسؤولين اللبنانيين، وليس كمقدّمة لمواجهة داخليّة. وترى المصادر أن الحزب يتعامل مع المرحلة الراهنة بحذر بالغ، ملتزمًا بضبط النفس من جهة، ورافضًا في الوقت نفسه أي محاولة لفرض شروط خارجيّة أو المساس بمعادلة المقاومة التي تشكل جوهر موقفه السياسيّ. ويعكس الخطاب الأخير للشيخ قاسم هذا التوازن الدقيق بين التمسك بالثوابت الوطنية والسيادية، والسعي إلى تجنّب الانفجار الداخليّ، في لحظة إقليميّة حرجة تتطلب إدارة دقيقة للتحديات.
هذا وشهدت الضاحية الجنوبيّة لبيروت، مسيرات دراجات نارية وُصِفت بأنّها دعمٌ لـسلاح حزب الله، وكانت مسيرة دراجات نارية انطلقت من الضاحية الجنوبيّة، باتّجاه كنيسة مار مخايل وقام الجيش اللبنانيّ بمنع مرور المسيرة على طريق صيدا القديمة وتمّ تحويلها إلى منطقة المشرفيّة – أوتوستراد السيد هادي.
إلى ذلك، استهدفت غارة من مسيّرة إسرائيلية، مساء أمس، سيارة من نوع «رانج»عند مفرق بريتال في البقاع، أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان، أن الغارة أدّت إلى سقوط شهيد..
وغداة زيارته الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، زار وفد من حزب الله برئاسة النائب علي فياض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في المقر العام للتيار في ميرنا الشالوحي. وبعد اللقاء، قال فياض «ناقشنا قضايا عدة مهمة راهنة ومستقبلية، لكن أبرز الموضوعات التي ناقشناها ما يتصل باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وعدم التزام العدو الإسرائيلي بوقف إطلاق النار والمترتبات على هذا الموضوع في ظل ما يتعرّض له البلد من ضغوط خارجية». أضاف: «تشاركنا مع الوزير باسيل المخاطر القائمة أو المحتملة التي يتعرض لها البلد، وكما هو معروف فالبلد الآن هو عرضة لمخاطر سيادية استراتيجية كبرى وفي بعض الأحيان نخشى أن تكون مخاطر وجودية. أسوأ سيناريو الآن، الذي يجب أن نحتاط له جميعاً هو تحويل المشكلة من مشكلة لبنانية – إسرائيلية إلى مشكلة لبنانية – لبنانية، هذا ما لا نريده على الإطلاق، وهذا ما يتناقض مع رؤيتنا، لأنه برأينا، كلما يتماسك الموقف اللبناني على المستوى الداخلي كنا أقدر على وضع حد لهذه الضغوط الخارجية التي تمارس على البلد». وتابع فياض: «تماسك الموقف الرسمي اللبناني ومن ثم تفهمه وتمسكه بالثوابت التي تقوم على أولوية الانسحاب الإسرائيلي ووقف الأعمال العدائية والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، هذا هو بمثابة مدخل لاستراتيجية الخروج من الوضع الصعب الذي يمر به البلد، أما ما عدا ذلك، فالجميع سيكون أمام مشكلة». وأردف فياض: «عندما نتحدّث عن مخاطر، وهذا ما ناقشناه، فالمخاطر لا تختصّ بمكوّن دون المكوّنات الأخرى، ولا تختص بمنطقة دون مناطق أخرى، نحن ندرك تماماً أن الظرف دقيق وصعب لكن على لبنان الا يفرط بمصالحه الكبرى. فلنلتقِ جميعاً عند هذه النقطة التي نكررها على الدوام، نحن نريد موقفاً لبنانياً رسمياً واحداً، نريد موقفاً وطنياً لبنانياً متماسكاً، وأن نتمسك جميعاً بأولوية الانسحاب الإسرائيليّ ووقف الأعمال العدائيّة وإطلاق الأسرى كمدخل لإطلاق مسار معالجة يتولى أمره اللبنانيون في ما بينهم وهذا هو الموضوع الذي عالجناه مع الوزير باسيل».
ولاحقاً زار باسيل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى في دار الطائفة في بيروت، على رأس وفد نواب كتلة «لبنان القوي» في الجبل. وقال باسيل: جئنا لكي نعبّر عن تضامننا مع بعضنا كلبنانيين ومكوّنات لبنانية، للوقوف جنب بعضنا البعض في أي لحظة يشعر فيها أي أحد منّا انه ليس فقط بخطر إنما بقلق ينتابه فيرى اللبنانيين إلى جانبه. وفي النهاية هذا البلد مؤلف من مكوّنات طائفية يجب أن لا يشعر أحدها أنه مهدد في أي لحظة بوجوده، والطائفة الدرزية هي طائفة مكوّنة ومؤسسة للكيان اللبناني، وهي قلب الجبل والركن الأساسي، التي تستطيع مع باقي المكوّنات أن تعطي الطمأنينة والاستقرار لوطننا». أضاف: «من دون شك، لسنا بمعزل ولا بمنأى عما يجري من حولنا ولا سيما في سورية تحديداً، وما حدث فمن المؤكد أن يدفعنا جميعاً لكي نقلق، وباحتمال أن تنتقل العدوى إلى عندنا، لأنه لا يوجد لما جرى مبرراته بأن تحصل مثل أحداث كهذه أبداً. لهذا، لدينا خلاصة واحدة، انه في أي وقت من الأوقات تضامننا السريع مع بعضنا هو الذي يبعد الشر والخطر عنا». ورداً على سؤال حول مدى التوافق بخصوص سلاح حزب الله، قال باسيل: «أظن متفقون مع شيخ العقل بهذا الخصوص».
في غضون ذلك، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن الاستقرار في لبنان هو المدخل الأساسي للنهوض بالاقتصاد اللبناني من جديد، وأن العمل قائم على تثبيت هذا الاستقرار بالتزامن مع الإصلاحات التي تمّت حتى الآن وتلك التي ستنجز في المستقبل القريب من خلال مشاريع القوانين التي يقرّها مجلس النواب والقرارات التي تتخذها الحكومة. وأعرب الرئيس عون عن تفاؤله بالأيام الآتية، لافتاً إلى أن ما يشهده لبنان راهناً من انتعاش في الحركة السياحية وعودة المؤتمرات الدولية إلى عاصمته وحضور أبناء الدول العربية عموماً ودول الخليج خصوصاً لتمضية فصل الصيف فيه، دليل ثقة بأن لبنان بدأ يستعيد عافيته تدريجياً، وكذلك حضوره على الساحتين العربية والدولية. ونوّه رئيس الجمهورية بالجهود التي يبذلها، رجال الأعمال في لبنان ودول الانتشار من أجل دفع العجلة الاقتصادية نحو الأمام.
ووقّع الرئيس عون المرسوم الرقم 823 تاريخ 5 آب 2025، القاضي بإجراء تشكيلات ومناقلات قضائية. وحمل المرسوم تواقيع رئيس الحكومة نواف سلام، ووزراء العدل والماليّة والدفاع الوطني عادل نصار، ياسين جابر، واللواء ميشال منسى.
إلى ذلك عقدت لجنة التحقيق النيابية المكلفة بالنظر في ملف وزارة الاتصالات اجتماعها الأول في المجلس النيابي، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وعضوية النائبين غادة أيوب وإبراهيم الموسوي، حيث وضعت آلية عملها.
المصدر: صحف