الصحافة اليوم: 6-6-2025 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم: 6-6-2025

صحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة  6-6-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

صحيفة الاخبارعون يحتج على غطاء واشنطن للعدو | عيدية أميركية: عدوان إسرائيلي واسع

عشية عيد الأضحى، «عايد» العدو الإسرائيلي سكان الضاحية الجنوبية لبيروت بعدوان واسع، مستهدفاً مبانيَ في مناطق حارة حريك والحدت وبرج البراجنة، كما شنّ عدواناً على بلدة عين قانا في إقليم التفاح، بالتزامن مع إرسال رسائل صوتية كاذبة إلى السكان في عدد كبير من قرى وبلدات الجنوب، فيما أصدر رئيس الجمهورية جوزف عون بياناً تضمّن موقفاً احتجاجياً موجّهاً إلى الإدارة الأميركية التي تغطّي العدوان، مشيراً إلى أن «هذه الاستباحة السافرة لاتفاق دولي»، هي «رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، إلى الولايات المتحدة وسياساتها ومبادراتها أولاً».

وزعم جيش الاحتلال أن الغارات على الضاحية طاولت «بنى تحتية تحت الأرض تُستخدم لإنتاج المُسيّرات». وسبق العدوان بيان تحذيري يطلب إلى سكان المناطق المستهدفة إخلاءها، ما أثار حالاً من الهلع والإرباك في الطرقات التي كانت تغصّ بالمتسوّقين عشية العيد، وتسبّب بحركة نزوح كثيفة.

وقد سارعت القوى الأمنية إلى فرض طوق حول الأبنية المهدّدة، في حين توجّهت فرق الدفاع المدني والإسعاف إلى مشارف الأحياء المُستهدفة. ومع بدء الأهالي إخلاء المباني المعرّضة للقصف وتلك المجاورة لها، باشر الرئيس جوزيف عون وقيادة الجيش سلسلة اتصالات مع لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، حيث طلب الجيش مهلة لإدخال وحداته إلى الأبنية ومعالجة أي خروقات محتملة.

رفض العدو طلب الجيش اللبناني مهلةً لدخول قواته إلى الأبنية المهدّدة ومعالجة أيّ خرق

وبالفعل، أُرسلت قوات خاصة من الجيش إلى المواقع المهدّدة، فيما بدأت المُسيّرات المعادية بشنّ غارات تمهيدية على أسطح الأبنية التي أعلن العدو عزمه قصفها. وبعد نحو ساعتين، طُلب إلى وحدات الجيش الانسحاب من الأبنية ومحيطها، في وقت رفع فيه العدو عدد غاراته التمهيدية إلى أكثر من عشر.

وبدا واضحاً أن الغارات التمهيدية هدفت إلى دفع وحدات الجيش إلى مغادرة المواقع المُستهدفة، تمهيداً لتنفيذ القصف، وهو ما أكّده الجانب الأميركي المشارك في لجنة الإشراف، والذي نقل إلى لبنان إصرار العدو على استهداف الأبنية.

ومع غياب أي تأكيد لبناني للمزاعم التي يسوّقها العدو، تجدر الإشارة إلى أن العديد من الأهداف التي استهدفها العدو في الضاحية الجنوبية سابقاً كانت مبانيَ سكنية بالكامل، لا تحتوي على أي منشآت عسكرية كما ادّعى. وقد أظهرت المشاورات بين الجانب اللبناني ولجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار أن معلومات العدو غير دقيقة. كما سبق للعدو الإسرائيلي أن أرسل خلال الساعات الـ 36 الماضية، تحذيرات عن مواقع أخرى إلى الجيش اللبناني، عبر لجنة الإشراف التي يرأسها الجنرال الأميركي مايكل جي ليني، كان آخرها على الأرجح يوم أمس في منطقة المريجة في الضاحية.

وفي تصعيد إضافي مساء أمس، أصدر جيش العدو بياناً تحذيرياً لسكان بلدة عين قانا في الجنوب، داعياً إلى إخلاء عدد من المباني بذريعة احتوائها على منشآت تابعة لحزب الله.
وأعلن وزير الجيش الإسرائيلي إسرائيل كاتس أن الجيش نفّذ غارات استهدفت مبانيَ «تُستخدم من قبل حزب الله لتصنيع وتخزين الطائرات المُسيّرة»، مضيفاً أن «إسرائيل ستواصل تطبيق قواعد وقف إطلاق النار دون أي تنازلات، ولن تسمح لأي طرف بتهديد سكان الشمال»، محمّلاً الحكومة اللبنانية «مسؤولية مباشرة عن منع انتهاكات وقف إطلاق النار والأنشطة الإرهابية كافة».

رسالة إسرائيلية… إلى أميركا
في المواقف، ندّد رئيس الجمهورية في بيان بشدّة بالعدوان على محيط العاصمة، مؤكداً أن «هذه الاستباحة السافرة لاتفاق دولي، كما لبديهيات القوانين والقرارات الأممية والإنسانية، عشية مناسبة دينية مقدّسة، إنما هي الدليل الدامغ على رفض المرتكب لمقتضيات الاستقرار والتسوية والسلام العادل في منطقتنا، وهي رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، إلى الولايات المتحدة الأميركية وسياساتها ومبادراتها أولاً، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنيّيها». وختم البيان بالتشديد على أن «لبنان لن يرضخ أبداً».

وأكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «موقفنا متطابق ومتبنٍّ لموقف فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بكل المضامين الوطنية والسيادية التي يجب أن تكون جامعة لكل اللبنانيين في مواجهة العدوانية الإسرائيلية التي لا تستهدف طائفة أو منطقة بعينها، بل كل لبنان واللبنانيين وحتى العرب والمسلمين في أقدس مقدّساتهم وشعائرهم الدينية عشية عيد الأضحى المبارك». وختم: «قدرنا في كل أضحى أن نقدّم الأضاحي دفاعاً عن لبنان وعن سيادته، ولن يحول العدوان بيننا وبين أعيادنا».

بدوره، اعتبر رئيس الحكومة نواف سلام أن العدوان يشكّل «استهدافاً ممنهجاً ومتعمّداً للبنان، وأمنه، واستقراره، واقتصاده، خصوصاً عشية الأعياد والموسم السياحي». وأكّد في بيان أن «هذه الاعتداءات تُمثّل انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية وللقرار الدولي 1701»، مطالباً المجتمع الدولي بـ«تحمّل مسؤولياته لردع إسرائيل عن مواصلة اعتداءاتها، وإلزامها بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية».

أممياً، دعا مكتب المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان إلى «وقف أي أعمال من شأنها أن تقوّض بشكل أكبر تفاهم وقف الأعمال العدائية وتنفيذ القرار 1701». وأكّد في بيان أن «الآليات القائمة والأدوات الدبلوماسية متاحة لجميع الأطراف، لتسوية أي نزاعات أو تهديدات ولتجنّب أي تصعيد غير ضروري وخطير».

اللجنة الدولية تشرف على لبنان فقط!
وتبدو لجنة الإشراف مع الانتهاكات الإسرائيلية المُستمرة واحتلال التلال الخمس وأراضٍ لبنانية أخرى، إضافةً إلى الحملات البرية والجوية اليومية ضدّ قرى الحافة الأمامية، وعمليات الاغتيال المتواصلة لمواطنين لبنانيين، وكأنّ مهمتها مُصوّبة باتجاه واحد؛ هو إخضاع لبنان للأوامر الإسرائيلية من دون انتزاع أي التزامات من إسرائيل، أو على الأقل إجبارها على وقف الغارات والانسحاب من الأراضي المحتلة. في المقابل، يلتزم لبنان بكامل شروط وقف إطلاق النار في منطقة جنوب الليطاني، حيث بات حتى ضباط الجيش الأميركي في اللجنة يشيدون بجدية الجيش بالانتشار وبسط سيطرته على الأرض، لكن من دون أن يُترجم ذلك «التقدير» ضغطاً على الجانب الإسرائيلي.

وبرز التباين بين موقف الجيش الأميركي وفهم ضباطه الميدانيين لصعوبة المهام التي يقوم بها الجيش اللبناني، ولا سيما مع التعنّت الإسرائيلي، وبين الموقف السياسي الذي كانت تعبّر عنه الموفدة الأميركية إلى بيروت مورغان أورتاغوس، إذ إن الأخيرة، وفي سياق إثبات تطرّفها ضد المقاومة لإرضاء إسرائيل، مارست ضغوطاً على لبنان وقلّلت من أهمية ما يقوم به جيشه، ما دفع أكثر من جهة في الإدارة الأميركية إلى التنبيه من طريقة عملها، والحديث عن ضعف أدائها المهني، والدفع نحو تعيين موفد لديه اطّلاع واسع على ملفات المنطقة ولبنان، الأرجح أنه ضابط المخابرات العسكرية السابق جويل ريبورن.

مع العلم أنه يُرجّح بأن يكون قرار إعفاء أورتاغوس مرتبطاً أكثر بتغييرات طاولت غالبية أعضاء فريق مستشار الأمن القومي السابق مايكل والتز، والذي أقيل من منصبه على خلفية اتهامه من قبل الرئيس دونالد ترامب بمخالفة توجيهاته، بشأن المفاوضات مع إيران.

وكان من المُفترض أن تعقد لجنة الإشراف اجتماعاً الثلاثاء الماضي لمناقشة التطورات الميدانية والسياسية، وما تمّ إنجازه حتى الآن، واستمرار الانتهاكات الإسرائيلية. لكن تم تأجيله إلى نهاية حزيران الجاري أو مطلع تموز المقبل. وفيما عزت مصادر سياسية تأجيل الاجتماع إلى البلبلة التي أحدثها قرار استبدال أورتاغوس، قالت مصادر مطّلعة إن الأسباب تقنية بحتة بسبب انشغال قائد «اليونيفل» الجنرال أرولدو لاثارو في التحضير لمغادرة منصبه نهاية الشهر الجاري، وانشغال الملحق العسكري الأميركي بمهامّ في بلاده.

100 يوم عن مشكلات رئيس الحكومة مع أهل البلد!

المؤكّد أنّ سلام بحاجة إلى إجازة لبضعة أيّام، يعيد فيها مراجعة كلّ ما جرى معه في المدّة الماضية، ويضع أمامه مهمّات محدّدة ومتواضعة، قابلة للتحقّق في المدّة المتبقّية من عمر الحكومة الفعليّ.

في كل مرة تسيطر العلاقات العامة على العلاقات الفعلية، تحضر حكاية الملك الذي استضاف شاعراً متزلّفاً أطربه بقصيدة مدح طويلة، ولما انتهى، قام الملك من مجلسه، وقال لوزيره: «أعطِه ألف دينار»، ثم غادر. ولما همّ الوزير باللحاق به، أمسك الشاعر بالوزير قائلاً: «إلى أين تذهب، ألم تسمع الملك يأمرك بأن تعطيني ألف دينار؟»، فرد الوزير: «كل ما في الأمر أنك سررتنا بكلام، فسررناك بمثله»!

بعد مرور مئة يوم على تشكيل حكومته، أطل الرئيس نواف سلام معدداً ما أسماه الإنجازات. استعرض ضمناً أبرز المشكلات التي تواجه لبنان، بما في ذلك الجانب المتصل بالعدوان الإسرائيلي على لبنان وآثاره. لكنه لم يتحدث عما فعلته حكومته لمعالجة مشكلة عشرات الآلاف من السكان الذين تضرروا أو تهجروا بفعل الحرب. وخرج علينا، ليقول إن حكومته أزالت الصور الحزبية عن طريق المطار، وإن هناك إجراءات تحصل لمنع النفوذ الحزبي في المطار نفسه.

نواف سلام ليس ابن اليوم. لكنّ خبرته وتجاربه ليست من النوع الذي يقود إلى الحسم بقدرته على إدارة العلاقات الداخلية في البلاد. يمكنه أن يقول إنه لا يريد أن يبني زعامة محلية كغيره، وهذا حقه، ولكنه يتجاهل أن موقع رئاسة الحكومة هو مركز السلطة الفعلية في لبنان ما بعد اتفاق الطائف، وأن حصانة هذا الموقع لا تُستمد من صلاحيات نصّت عليها بنود في الدستور والقوانين، بل من القاعدة السياسية التي تتشكل منها الحكومات في لبنان. وهو خبر ذلك عندما اضطر لدى تشكيل حكومته، إلى عقد تسويات داخلية وخارجية، سمحت لها بأن ترى النور. لكن مشكلته أنه، بعد تشكيل الحكومة، قرّر العودة إلى أداء الرجل الذي يمكنه الاستغناء عن الجميع، ولذلك وجد نفسه سريعاً في مواجهة كل الأطراف دفعة واحدة:

– مشكلة مع رئيس الجمهورية جوزيف عون الذي لم يكن راضياً عن تسميته أصلاً، وغير المرتاح إلى آلية العمل معه لاحقاً. إذ لا يرى رئيس الجمهورية أنه مضطر إلى استئذان سلام للقيام بما يراه ضرورياً، سواء في السياسات الخارجية أو الدفاعية للدولة، أو في السياسات الداخلية بما فيها التعيينات. وكان الاختبار الأكبر لسلام عندما أصر عون على تعيين كريم سعيد حاكماً لمصرف لبنان. فللمرة الأولى في تاريخ التعيينات منذ اتفاق الطائف، يُفرض على رئيس الحكومة اسم معين، أو التصويت على اسم معين.

في تلك اللحظة، بدا سلام عاجزاً حتى عن تأجيل الجلسة، وهي نقطة يحاول التخفيف من أهميتها، ولكنه يعرف أنها الإشارة الأكثر وضوحاً على حجم نفوذه في الحكومة نفسها.

– مشكلة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يكن هو الآخر من الراغبين في تسمية سلام لرئاسة الحكومة أو لأي منصب رسمي آخر. لكن الأهم بالنسبة إلى رئيس المجلس أنه يدير الوضع السياسي في هذه المرحلة بطريقة تحافظ على موقعه المتقدم بين كبار المسؤولين. وهو لم يسمح، منذ توقف الحرب، بأن يتم التعامل معه كطرف مهزوم أو محدود النفوذ في إدارة الدولة، ونجح خلال وقت قصير في بناء علاقة متوازنة مع الرئيس عون، تطورت بينهما إلى حدّ أن يُنقل عن بري قوله إن «الشيعة فازوا بورقة يانصيب مع انتخاب عون رئيساً للجمهورية».

وقد تصرّف رئيس المجلس، منذ اللحظة الأولى، كمدركٍ بأن سلام ليس إلّا «رجل نكايات» مهجوساً بإظهار نفسه كشخص قادر على كسر شوكة الرئيس الدائم في حكم ما بعد الطائف، والقادر على فرض شروطه في إدارة العلاقة مع مجلس النواب، آخذاً في الحسبان أن أبرز الوزراء الشيعة، وزير المال ياسين جابر، لم يأتِ إلى منصبه نتيجة تسمية بري له فقط، بل باعتبار أن لعدد من الأطراف الداخلية والخارجية «حصصاً» فيه.

وهو ما اضطُر رئيس الحكومة إلى محاولة خلق توازن مع وزارة المالية، فاختار عامر البساط لوزارة الاقتصاد، ليس لأن لديه برنامجاً خاصاً لهذه الوزارة وهو الذي لم يكن يعرف سعر ربطة الخبز، بل كمندوب عن رئيس الحكومة في إدارة الملفات المالية والنقدية. وفي هذا السياق، يحاول سلام فرض تصوراته على مشاريع القوانين المرسلة إلى الحكومة، مفترضاً أنه قادر على إجبار بري على السير فيها لأنها مطلوبة من الخارج أيضاً.

معضلة نواف سلام ليست في علاقته المركّبة مع الطبقة السياسية، بل في كونه أكثر التفاتاً إلى الخارج من الداخل، ويعيش وهم أنّ لبنان تغيّر فعلاً!

كل ذلك، دفع ببري إلى التعامل معه كـ«أمر واقع». لكن داهية السياسة اللبنانية يعرف كيف ينصب الأفخاخ، وليس بين سياسيي لبنان من يعتقد بأن سلام قادر على النجاة منها.
– مشكلة مع القوى السياسية المسيحية، وفي مقدمتها حليفا حزب الله، التيار الوطني الحر وتيار المردة.

إذ اعتبر سلام نجاحه في إبعادهما عن الحكومة انتصاراً له، ليجد نفسه أمام معضلة مراضاة «القوات اللبنانية»، وهي جهة غير محبّبة أساساً لدى رئيس الحكومة وصحبه.

لكنه، عندما فهم من أطراف الوصاية الخارجية بأن «القوات» شريك أساسي في الحكم الجديد، اضطر ليس فقط إلى مراضاتها في حصتها الوزارية، بل أيضاً إلى القبول بهامش لها يتعلق بموقف الحكومة السياسي، وهو ما يعبّر عنه وزير الخارجية يوسف رجي في كثير من الأحيان، وما يسمعه سلام من بقية وزراء «القوات» داخل جلسات الحكومة.

مع ذلك، يعرف سلام جيداً أن معراب لا ترى فيه الرجل المناسب لمواجهة حزب الله، وأنها اضطرت إلى التعامل معه لتحقيق نوع من التوازن مع الرئيس عون.

وقد بدا رئيس الحكومة ضعيفاً جداً عندما لبّى المطالب السعودية بزيارة قائد «القوات» في منزله، الأمر الذي استفز «جمهور موقع رئاسة الحكومة» احتجاجاً على هذه الخطوة النافرة، إلى حد أنه ينسب للرئيس عون سؤاله رئيس الحكومة: كيف تذهب إليه وما الذي منعه من زيارتك؟ ها أنا، يلحّ عليّ منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية، ولكنني لا أقبل القيام بخطوة لا تتناسب والموقع الذي أمثّله». ولم يكن لدى سلام جواب سوى التذرّع بأن ظروف جعجع الأمنية دفعت إلى عقد اللقاءات في معراب.

رغم ذلك، فإن مشكلات رئيس الحكومة لم تُحلّ، لا مع «القوات» ولا مع بقية الأطراف المسيحية. فقد تعرّض لحملة كبيرة من شركائه في الحكومة عندما سمّى طارق متري وغسان سلامة وزيرين في الحكومة بحجة أنهما لا يمثلان الكتل المسيحية، لا النيابية ولا السياسية. وقد يكون لافتاً أن سلام بات يعد من أكثر رؤساء الحكومة ضعفاً في العلاقة مع الجمهور المسيحي، وأصبحت تخرج إلى العلن شكاوى منه من شخصيات مسيحية نافذة في القطاعين الاقتصادي والمصرفي والإعلامي.

– مشكلة مع أكبر أحزاب لبنان، أي حزب الله، لا تقتصر تداعياتها على الملفات الداخلية، بل تتعداها إلى ساحات إقليمية ودولية، وهو ما يعرفه رئيس الحكومة أكثر من غيره. والمشكلة هنا مركّبة. فسلام «تدرّج» سياسياً في «مدارس» كانت خلال العقود الأربعة الماضية على خلاف مع حزب الله. وهو ليس مصنّفاً ضمن «الإسلام المعتدل»، ولا يعنيه أساساً الانتماء إلى هذا النادي، إذ إنه علماني يحلم بدولة مدنية من دون قيد طائفي، ولديه نظرته إلى دور رجال الدين وتقييمه الخاص لدور أحزاب الإسلام السياسي في المنطقة العربية والإسلامية.

وإضافة إلى هذه «العقدة الفكرية»، فقد كان سلام جزءاً من الفريق السياسي المعارض لحزب الله. صحيح أنه ليس جزءاً من الماكينة الغربية المناصرة لإسرائيل، ولكنّ نظرته إلى الصراع مع إسرائيل تبدو أقرب إلى القوى والحكومات العربية التي تعتبر أنّ المقاومة المسلحة ليست الخيار المناسب لتحصيل الحقوق العربية من العدو.

كما إنّ فكرة السلام بالنسبة إليه لا ترتبط حكماً بتطبيع حار أو بارد مع كيان العدو، بل تستهدف إنهاء حالة الحرب معه وصولاً إلى إنهاء حالة العداء. وهو، هنا، يصبح في الملف الفلسطيني أقرب إلى محمود عباس من حركة «حماس»، ولبنانياً أقرب إلى فؤاد السنيورة من حزب الله، وإقليمياً أقرب إلى السعودية وسوريا (الجديدة) من إيران أو حتى العراق لجهة عدم اعتبار الصلح مع إسرائيل شرطاً للحياة.

هذه البنية كلها تجعل سلام يتصرف بشكل مستقل على قاعدة أن لا حاجة إلى المقاومة، وتالياً لا حاجة إلى سلاحها. ورغم إدراكه لطبيعة إسرائيل التاريخية، وما استجدّ على عقلها الوحشي منذ 7 أكتوبر 2023، إلا أنه أكثر قرباً من رغبة أطراف الوصاية الخارجية حيال ما ينبغي القيام به ضد حزب الله. وهو ما يولّد أزمة ثقة كبيرة جداً، وقد يولّد مشكلات كالتي تظهر بين الحين والآخر. و«كل الود» الذي يجري ضخّه في الخطب والكلمات، لا يعني شيئاً خارج دائرة المهادنة.

إلى جانب هذه المشكلات، هناك ما لا يمكن الحديث عنه، لأنه يصبح نوعاً من «النميمة»، حيث تضجّ صالونات ومكاتب الوزراء، من الصنوف كافة، بأخبار عن طريقة إدارة رئيس الحكومة لشؤون الوزارات، أو آليات العمل اليومية.

المؤكد أن سلام بحاجة إلى إجازة لبضعة أيام، يعيد فيها مراجعة كل ما جرى معه في المدة الماضية، ويضع أمامه مهمات محددة ومتواضعة، قابلة للتحقق في المدة المتبقية من عمر الحكومة الفعلي، والذي ينتهي بعد تسعة أشهر، كي لا تصبح كل علاقاته شبيهة بعلاقة الملك بالشاعر المتزلّف… وما أكثر الصنفين في بلادنا!

المشكلة الأكبر مع المواطنين: كيف يقبل سلام ربط الإعمار بالسياسة؟
قد تكون المشكلة الأكبر لرئيس الحكومة نواف سلام، هي تلك القائمة مع قسم غير قليل من اللبنانيين، تحديداً سكان جنوب لبنان والبقاع والضاحية الجنوبية. وهي ليست مشكلة مع الشيعة منهم فقط كما يعتقد البعض، بل مع كل سكان هذه المناطق التي تضررت بفعل العدوان الإسرائيلي. في هذه النقطة، تصبح مشكلة سلام أكثر عمقاً، كونها مشكلة مع المواطن اللبناني. خصوصاً أنه يفترض به أن يكون الأقرب إلى فكرة حماية المواطن، وتوفير الحاجات الضرورية لبقائه على قيد الحياة. وتبدأ هذه المشكلة، مع موافقته على اعتبار عملية إعادة الإعمار جزءاً من الحل السياسي والإصلاحي.

عند هذا الحد، تصبح مشكلته كبيرة جداً، لأنها لا تتعلق بتصور سياسي حول أداء الحكومة أو مؤسسات الدولة. بل لكونها تعكس فهماً خطيراً لعلاقة الدولة بمواطنيها. ومشكلة سلام تتعاظم، كونه لم يبادر إلى فتح النقاش، لا في مجلس الوزراء ولا خارجه، حول ما يتوجب على الحكومة أن تقوم به لمواجهة هذا التحدي.

لا سيما أن مناقشات أكيدة (مثبتة بالمحاضر) حصلت مع جهات دولية، من عواصم ومؤسسات مالية دولية، حسمت بأنه لا يمكن لأي دولة، تحت أي ظرف، أن ترهن المساعدة الإنسانية بشروط سياسية. وهذا يعني أن مسؤولية الحكومة اللبنانية هي فتح النقاش العملاني حول ما يمكن للدولة القيام به. ولو حصل ذلك، وعسى أن يحصل، فإن الخلاصات ستكون سهلة بما يمكّن الحكومة من القيام بالكثير من الخطوات.

وبحسب ما هو مثبت عند جهات مختصة، فإن الحكومة قادرة، إن أرادت، على توجيه صرف القروض المجمعة من البنك الدولي أو من مؤتمرات دولية (هناك الآن 325 مليون دولار)، إذ تخدم فكرة الإعمار السريع للبنى التحتية التي تساعد الناس على العودة إلى أماكن سكنهم. كما يمكن أن تبادر إلى طرح مشروع قانون استثنائي، يتيح لها استخدام قسم من موجودات الحساب 36، ولو بقيمة تصل إلى مليار دولار، لإعمار كل القرى الحدودية حتى عمق 4 كلم، وهو مبلغ كافٍ وفقاً لتقديرات العاملين على الأرض.

كذلك، يمكنها مباشرةُ تفاهمات عملية مع العراق على تسييل جزء من حساب الحكومة العراقية في المصرف المركزي لمصلحة إعمار المساكن المدمرة، وفقاً لخارطة تعد بالتفاهم مع الحكومة العراقية. علماً أنه في حال إطلاق هذه العملية، فإن هناك أبواباً كبيرة يمكن أن تصل عبرها المساعدات التي لها طابع إنساني، إلا إذا بقي نواف سلام يعتبر أنّ عودة الناس إلى منازلهم فعل سياسي يناسب جهة ما.

من أجل ماذا كل هذا التقشّف؟ 7 مليارات دولار في حسابات الدولة

كان لافتاً حجم وسرعة التغيّر في ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان، إذ بلغت 628 تريليون ليرة (7 مليارات دولار) في منتصف أيار 2025، مقارنة مع 185 تريليون ليرة (2 مليار دولار)

كان لافتاً حجم وسرعة التغيّر في ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان، إذ بلغت 628 تريليون ليرة (7 مليارات دولار) في منتصف أيار 2025، مقارنة مع 185 تريليون ليرة (2 مليار دولار) في كانون الأول 2023، أي بزيادة 5 مليارات دولار خلال سنة وخمسة أشهر. وهذا البند الذي يشمل حسابات أودعت وزارة المال المجموعة من حاصلات الضرائب والرسوم، بالإضافة إلى كل ما تجمعه مؤسسات القطاع العام الأخرى مثل المرفأ وصندوق الضمان ومؤسسات المياه وبلديات وسواها من المؤسسات التي لديها ذمّة مالية مستقلّة عن الخزينة.

تطوّر هذه الحسابات بهذه السرعة، ونموّها بقيمة 5 مليارات دولار خلال مدة 17 شهراً يظهران بوضوح أن الدولة بكل فروعها، سواء المركز المتمثّل بالخزينة، وصولاً إلى المؤسّسات المستقلّة، تدّخر أكثر بكثير مما تنفق، وأنها بشكل عام صحّحت إيراداتها، ولكنها تعاني من التشتّت والضياع إذ ليس لديها بوصلة تنموية – استثمارية، بل تنتظر توجيهات غائبة من السلطة المركزية، باستئناف عملها الزبائني للإنفاق على «الدكاكين» التي تعمل للاستقطاب الجماهيري بعيداً من أي عمل تطويري يمكن أن يكون له جدوى اقتصادية أو اجتماعية.

هذا التطوّر لم يحصل دفعة واحدة، بل جاء على مراحل زمنية كان أبرزها في كانون الثاني 2024 حين ازدادت قيمته بضربة واحدة من 185 تريليون ليرة في نهاية كانون الأول 2023 إلى 397.6 تريليون ليرة. وبحسب مصادر في مصرف لبنان، فإن تفسير هذا الأمر يعود إلى أمرين؛ إذ أدخل القطاع العام في هذه المدة كمية من الدولارات الفريش ما أدّى إلى «انتفاخ» في الرصيد المحسوب بالليرة اللبنانية، بالإضافة إلى تعديلات في سعر الصرف لعبت دوراً محاسبياً «تجميلياً» لأن الرصيد في هذه الحسابات يتنوّع بين دولارات يصنّفها مصرف لبنان «قديمة، أو تسمى «لولاراً» وليرات تصنّف «قديمة» أيضاً وليرات «فريش».

والدولارات المصنّفة «لولاراً» يحتسبها مصرف لبنان في الميزانية بسعر صرف 89500 التزاماً بعملية توحيد سعر الصرف ويسعّرها كأنها دولارات فريش ولكنها في الواقع تصرف بقيمة 15 ألف ليرة. طبعاً يخالف قواعد المحاسبة والوقائع، إلا أنه يجري تبرير الأمر بأن هذه الدولارات المصنّفة لولارات لا محلّ لها في السوق أو ليست متوافرة أصلاً، إذ إن مصرف لبنان أوقف استعمالها في حساباته نهائياً وترك المصارف تتعامل مع زبائنها وفق الحاجة، أو وفق خيار تقليص الودائع، أي إنه يشطب للمصارف مقابل تسديد هذه الدولارات للزبائن، مقابلاً لها في توظيفات المصارف لديه.

بالنسبة إلى ما يسمّى ليرات قديمة، فلا أحد لديه تصوّر واضح عما يعنيه ذلك، سوى أن المصارف ومصرف لبنان فرضا على السوق أن الليرات العالقة في الحسابات المصرفية قبل تشرين الأول 2019، تصنّف قديمة وقيمتها أدنى من قيمة الليرة الفريش! وأن المصارف تقترض من بعضها ليرات قديمة بسعر أدنى من قيمة الليرة الفريش بهوامش كانت 1% وبلغت في مراحل ما 12% وربما أكثر بكثير ربطاً بالفوائد المترتبة على عمليات الإقراض اليومي بين بعضها البعض (انتربنك).

يصنّف مصرف لبنان المبالغ المتوافرة في حسابات الدولة بين دولار ولولار وليرة قديمة وليرة فريش

كذلك، في هذا الحساب مبالغ جمعتها الدولة بكل فروعها المركزية (وزارة المال) وغير المركزية (مؤسسات القطاع العام) دولارات فريش مصنّفة بسعر السوق البالغ 89500 ليرة مقابل الدولار الواحد. وهذه المبالغ بدأت تتجمّع في هذا الحساب بالتزامن مع التصحيحات التي أجريت على سعر الصرف والتي جرى تضمينها في الموازنة العامة وبالتزامن مع السماح بتحصيل الضرائب والرسوم بالدولار، سواء في مرفأ بيروت ومطار بيروت ومؤسسة كهرباء لبنان وسواها.

وبمعزل عن كل هذا الهراء التصنيفي، فإن الحساب لدى مصرف لبنان يظهر تراكم مبلغ مالي إجمالي بالليرة قيمته 628.9 تريليون ليرة، وهو مبلغ يوازي بسعر السوق اليوم 7 مليارات دولار، وهو لا يفصّل للعموم رصيد هذه الحسابات تبعاً لتصنيفاته. وما ساعد في تجميع هذا المبلغ هو أن عمليات الخزينة تحقق فائضاً سنوياً. فبحسب النشرة الأسبوعية لبنك بيبلوس، حققت عمليات الخزينة (تحصيل وإنفاق) فائضاً في السنتين الماضيتين بقيمة 380 مليون دولار في 2023، وبقيمة 297 مليون دولار في 2024. وما ينطبق على عمليات الخزينة ينطبق أيضاً على عمليات المؤسسات العامة ذات الاستقلال المالي.

قد يظهر أن الفوائض في الموازنة العامّة هي مؤشّر جيّد، وأن المالية العامّة في وضع سليم. لكن عند الغوص في أسبابها، يظهر أن الدولة بكل فروعها، قررت منذ سنتين التقشّف المتشدّد. يعود هذا الأمر إلى أمور عدّة، أوّلها ربط السياسة المالية بالسياسة النقدية التي تحاول الحفاظ على سعر صرف ثابت. إذ إن هذه العملية تحتاج إلى حجز أموال الدولة في مصرف لبنان، وتخفيف حجم كتلة الليرة في السوق، وذلك لإبقاء الطلب عليها مرتفعاً نسبةً إلى العرض، وبالتالي الحفاظ على سعر الصرف. أيضاً يشار إلى أن توقّف الحكومة عن سداد الدين يلعب دوراً أساسياً في تحقيق الفوائض، وهذا الأمر ليس مستداماً، إذ إن الدولة ستضطر لاحقاً إلى إدراج مستحقات مترتبة عليها للدائنين في الموازنة وتسديد الأموال المستحقة والمتراكمة لهم بمعزل عما سيتفق عليه معهم لجهة «الهيركات».

على أي حال، إن التوقف عن الإنفاق لخدمة ثبات سعر الصرف أو فرض استقراره اصطناعياً، يعني أن السياسة النقدية تتحكّم في السياسة المالية، وأن هذه الأخيرة باتت محدودة القدرة على الإنفاق في أي مجال غير الاستهلاك الضروري، وأن إنفاقها الاستثماري يكاد يكون معدوم الوجود. التقشّف يعني انخفاض نوعيّة وعدد الخدمات العامّة، وهو مؤشر على الركود والبطالة والمزيد من الفقر بالإضافة إلى تكريس الرداءة نمطاً للحياة يظهر بشكل واضح للعيان.

اللواء:

جريدة اللواءأسوأ وأخطر تصعيد إسرائيلي: عشرات الغارات على الضاحية الجنوبية

عون وسلام: لن نرضخ وبيروت ليست صندوق بريد.. والإحتلال يكشف عن التنسيق مع واشنطن

عشية عيد الأضحى المبارك، وفي وقت كانت الانظار تتجه الى الحركة غير العادية للوافدين الى لبنان، عبر مطار بيروت الدولي، ويمضي اللبنانيون الى قضاء عطلة العيد في مدنهم وقراهم وأريافهم، بأجواء طيبة، وحرص على الوحدة والتفهم والتعايش، سمَّم الاحتلال الاسرائيلي الاجواء، ودفع بانذار بالغ الخطورة الى سكان الضاحية الجنوبية في بيروت، لعله الأخطر منذ اشهر، شمل الحدث، حارة حريك، وبرج البراجنة، بذارئع سخيفة وتافهة، كوجود مخازن اسلحة لحزب الله او غيره..

وعلى الفور، سادت حالة من الهلع في المنطقة، وسُمع اطلاق الرصاص لدفع المواطنين في الاحياء المقصودة الى المغادرة فورا وعدم التجمع..

وشهدت الضاحية الجنوبية حركة نزوح كثيفة، خانقة، بعد الانذارات الاسرائيلية بالقصف، تحت ذرائع اضافية، كوجود مصانع لانتاج المسيّرات هناك (في بعض الاحياء).

وأدان الرئيس عون بشدة العدوان الاسرائيلي على محيط العاصمة وقال: رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، الى الولايات المتحدة الاميركية وسياساتها ومبادراتها أولاً عبر صندوق بريد بيروت ودماء ابريائها ومدنييها وهو ما لن يرضخ له لبنان أبدا.

كما أدان الرئيس سلام العدوان بشدة، معتبرا ان الغارات تستهدف استقرار لبنان واقتصاده.

وبعد ذلك، خرجت المسيرات الاسرائيلية الى التحليق فوق الضاحية الجنوبية.. ومن ثم بدأت هذه المسيرات قصف الاماكن المستهدفة، وذلك بدءا من الساعة التاسعة و18 دقيقة، وشملت التهديدات 8 أبنية، ووصف الاحتلال القصف على اطراف حارة حريك بالتحذيرية.

في تل ابيب، صنف الجيش الاسرائيلي الضربات على الضاحية بالكبيرة، معربا عن استعداده لسينايورهات دفاعية، حسب هيئة البث الاسرائيلي.

وزعمت القناة 14 الاسرائيلية (المقربة من نتنياهو) ان الهجمات على الضاحية وفي العمق اللبناني تنفذ بالتنسيق مع الولايات المتحدة الاميركية.

وقبل الكشف عن اطلاق صاروخ من اليمن، وتوقف الملاحة في مطار بن غوريون، طالبت وسائل اعلام اسرائيلية سكان الشمال بالاستماع الى تعليمات الجبهة الداخلية، من زاوية ان الجيش الاسرائيلي يصنف الضربات المرتقبة في الضاحية الجنوبية لبيروت بالكبيرة ويستعد لسيناريوهات دفاعية عقب الهجوم.

وبعيد الساعة العاشرة استهدفت الغارات الاسرائيلية محيط مسجد القاتم في الضاحية، بعد 10 غارات تحذيرية. ثم شنت غارة اخرى عنيفة، وسقط اكثر من صاروخ في المنطقة المستهدفة.

وقبل بدء العدوان الاسرائيلي الجديد على الضاحية كان لبنان دخل عطلة عيد الاضحى المبارك حتى الثلاثاء المقبل، من دون ان تتوقف عجلة الدولة ومسؤوليها عن الدوران لمتابعة كل المستجدات الامنية والسياسية والاجرائية، لا سيما اي تطور يحصل في الجنوب، وفي ملف سلاح المخيمات بعدما اصر رئيس الجمهورية على وضع آليته التنفيذية موضوع التنفيذ في الموعد المحدد 16حزيران. وذلك بإنتظار وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت الثلاثاء، والموفد الاميركي الجديد خليفة مورغان اورتاغوس، الذي لم يتقرر بالضبط من هو برغم التسريبات الكثيرة.

الدورة الاستثنائية

وقد اجتمع رئيسا الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام بعد ظهر امس،في قصر بعبدا. وافيد انهما اتفقا على إصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب. وأعلنت رئاسة الجمهورية، أن اللقاء بين الرئيسين تناول ملفّ التعيينات، ولا سيّما الهيئات الناظمة، إلى جانب الوضع في الجنوب، والتمديد لـ «اليونيفيل»، وتفعيل عمل الإدارات.
ولاحقاً، وقّع رئيس الجمهورية، مرسوم دعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائيّ من تاريخ ٥ حزيران ٢٠٢٥ حتى ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٥.
وجاء في نص المرسوم عن بنود الجلسة:
القوانين المصدّقة والتي يطلب رئيس الجمهروية اعادة النظر فيها,
مشاريع القوانين المحالة الى مجلس النواب والتي ستحال اليه.
مشاريع القوانين الطارئة والمستعجلة والضرورية المتعلقة بالاوضاع المعيشية الملحة وبالاصلاحات اللازمة والضرورية ولا سيما قانون اصلاح المصارف واعادة تنظيمها.
اقتراحات قوانين طارئة وملحة لا سيما اقتراح تعديل القانون رقم 41 تاريخ 24 /11/2015 الذي يحدد شروط استعادة الجنسية.
سائر المشاريع والاقتراحات والنصوص التي قرر مكتب المجلس طرحها على المجلس.
وجاء ذلك بعد لقاء الرئيسين عون وسلام قبل ايام كلاً على حدى مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث بحثامعه فتح الدورة الاستثنائية لإقرار القوانين الملحة لا سيما الاصلاحية منها. حيث اعلن بري انّ «ضرورات البلد توجب أن تكون الدورة الاستثنائية موصولة بالعقد العادي الذي يبدأ منتصف تشرين الأول المقبل، مشيراً إلى جهوزية المجلس لممارسة دوره في إنجاز التشريعات اللازمة التي تصبّ في هدف إنهاض البلد، وكذلك البَتّ بهيئته العامة بالمشاريع التي يُنتظر من الحكومة أن تنجزها.

سجال قانون الانتخاب

ويبدو ان قانون الانتخابات النيابية وتشكيل مجلس الشيوخ، سيكون احد ابرز عناوين الدورة الاستثنائية للمجلس، وان السجال والخلاف السياسي حوله انفتح باكرا،ً بعد كلام الرئيس نبيه بري الاخير حوله، وسط مطالبة بتعديلات اساسية عليه، لا سيما تطبيق القانون الحالي لكن مع البطاقة الممغنطة وانشاء الميغا سنتر. فيما يركز جانب من السجال على حق انتخاب المغتربين لنوابهم.واعتماد القانون الارثوذوكسي الى جانب الاقتراحات الاخرى من الكتل النيابية.
وفي هذا الاطار، وبعدما رأى الرئيس بري» ان القانون الحالي مسخ ونتائجه خرّبت البلد، وبالتالي لا مجال للسَير به على الإطلاق»، ردّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في تصريح: إن التجربة مع قانون الانتخاب الحالي ممتازة، إذ انه أوّل قانون انتخاب منذ بداية تطبيق اتفاق الطائف يحقِّق بنسبة عالية صحة التمثيل التي تنسجم مع روحية اتفاق الطائف. إن قانون الانتخاب الحالي أعاد تصحيح التمثيل على المستوى الوطني والميثاقي، وخلّص اللبنانيين من المحادل الانتخابية، ومن تأثير رؤوس الأموال الكبيرة، وأمّن أفضل تمثيل للبنانيين في المجلس النيابي.
اضاف: إن قانون الانتخاب الحالي لم يطبّق بعد إلا على دورتين وبشكل منقوص، ولذلك، من الضروري إدخال التعديلات المطلوبة عليه لتبيان حسناته كلها، ومن أهم هذه التعديلات البطاقة الممغنطة والميغاسنتر، وبالأخص الأخص السماح للمنتشرين اللبنانيين، وهم باتوا جزءا كبيرا من الناخبين اللبنانيين، بالمشاركة في هذه الانتخابات كلٌّ في دائرته.
وتابع جعجع: وإذا أصرّ البعض على التلاعب بقانون الانتخاب الحالي، لأنه يؤمن بنسبة كبيرة صحة التمثيل، فلنذهب في هذه الحالة إلى مناقشة تغييرات أخرى في التركيبة اللبنانية تسمح للمكونات اللبنانية جميعها بالإحساس بالأمان والاستقرار والحرية وحسن التمثيل.

انجازات المائة يوم

الى ذلك، أكد الرئيس سلام في كلمة عن انجازات الحكومة لمناسبة عيد الاضحى المبارك ومرور 100 يوم على نيلها ثقة المجلس النيابي، «ان الحكومة عم تعطي أولوية خاصة لمسار إعادة الإعمار»، وبهذا الاطار أمنّا لحد هلق قرض بقيمة 250 مليون دولار من البنك الدولي لإعادة الإعمار الفوري. وعم نشتغل مع منظمات الأمم المتحدة، على مشاريع تفوق قيمتها 350 مليون دولار في الجنوب، تشمل قطاعات التعليم، الصحة، المأوى، الأمن الغذائي، ضمن خطة دعم تمتد على أربع سنوات.
واستعرض سلام ما قامت به الحكومة على مستويات الامن والاصلاح والمالية والاقتصاد والقضاء والتعيينات الادارية والصحة والتربية، وتنظيم وضع المطار والمعابر والعلاقة مع سوريا. وانجاز الانتخابات البلدية والاختيارية.
وتناول اصلاح المصارف وقال في هذا المجال: أما قانون الفجوة المالية فحكومتنا بصدد إتمامه بسرعة لعرضه على البرلمان. هيدا القانون هو الأساس لتحقيق العدالة. يلي ناطرتها الناس لانه هو الطريق لاستعادة الودائع. وبرجع ذكركن باللي قلته من قبل وهو:اني مع شطب فكرة شطب الودائع وبشكل نهائي. أنا واضح ورح أبقى واضح، موقفي بهيدي المسألة مبدئي وثابت واخلاقي، وانحيازي دائمًا للناس، وحقوقهم. ومفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولي عم تتقدم بجدية ومسؤولية. ولازم قول هون انه الصندوق لا هو عدو ولا هو منقذ. الصندوق أداة، لازم نستخدمها بعقلانية لخدمة مصلحة الناس ونحن عم نسعى لتوقيع الاتفاق مع الصندوق خلال ولايتنا.نحنا منؤمن أن النمو الحقيقي لازم يشمل جميع المناطق ويكون متوازن. ومن هون كانت زيارتي للجنوب والبقاع والشمال للإطلاع المباشر على احتياجات هالمناطق والمشاريع الانمائية المطلوب تفعيلها فيها.
و اضاف: حققنا خطوات مهمة على طريق التعافي والاصلاح، لكن بعد قدامنا كثير.الوضع صعب. ونحن ما عم نطلب من الناس الصبر، عم نطلب منهم يواكبونا و يحاسبونا وقت يللي منقصر اللي عم نقوم فيه ما بحب سمي انجاز بعد، هو الحد الأدنى المطلوب لاستعادة الثقة بالدولة ولتأسيس حياة كريمة للبنانيين.هيدي مسؤوليتنا،و لح نتحملها حتى اللحظة الأخيرة.
ورأى ان لبنان أمام مرحلة مفصلية من تاريخه، والمنطقة من حولنا تشهد تحوّلات تاريخية. ولبنان ما ممكن يكون خارج هالسياق العام، ولا متأخر عنه.
وما ممكن ينهض لبنان خارج عمقنا العربي وبدون رؤية مستقبلية.
وتابع: ومتل ما بها لـ100 يوم الأوائل ما في شي خلانا نتراجع عن مساعينا للاصلاح وتلبية تطلعات الناس، كمان ما في شي لح يخلينا نتراجع بالاسابيع والاشهر الجاي عن مواصلة العمل لإنقاذ لبنان.وبدي خبركن اليوم إنه بالأشهر المقبلة رح نكون على موعد مع مؤتمر دولي لإعادة الاعمار ومؤتمر تاني لجذب الاستثمارات. هيدي مسؤوليتنا ولح نتحملها حتى اللحظة الأخيرة. وانا ملتزم ابقى خبركن شو عملنا وشو بدنا نعمل… وكل عام وانتوا وبلادنا بالف خير.
وكان الرئيس سلام ترأس في السراي الكبير، اجتماعاً ضمّ رئيس بعثة صندوق النقد الدولي أرنستو رامرز، وزيرَيّ المال ياسين جابر، الاقتصاد والتجارة عامر البساط، حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين، مدير عام وزارة المال جورج معراوي، مستشارَي رئيس الجمهورية ناروج فاركيزيان وفرحات فرحات، رئيسة «معهد باسل فليحان» لميا مبيّض. وبعد الاجتماع صرّح الوزير جابر فقال: عُقد اليوم اجتماع ختامي برئاسة الرئيس سلام وضم كل المعنيين بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي من وزارات ومصرف لبنان، وهدف الاجتماع الى وضع خلاصة لكل المحادثات التي تمت مع الصندوق والتشديد على ما هو مطلوب في الفترة المقبلة، وعلى خطة العمل تحضيراً للزيارة المقبلة التي سيقوم بها الصندوق على ما اعتقد في نهاية الصيف وبداية الخريف المقبلين. واعلن أن «هناك تقدماً وأصبح لدينا فكرة ما هو البرنامج، والمطلوب بسرعة هو معالجة موضوع المصارف الذي له الأولوية، فلكي يحقق الاقتصاد اللبناني النمو هو بحاجة لمصارف، وفي نفس الوقت مطلوب حل مشاكل المودعين ليعرفوا ما سيحل في ودائعهم، فنحن بحاجة للمصارف لعدة اسباب اولا، للخروج من الاقتصاد النقدي الذي أدى ان نكون على اللائحة الرمادية، وأيضاً للعودة لاجتذاب المليارات الموجودة في المنازل، فهذه المليارات لا تخدم الاقتصاد، وعندما تصبح في المصارف يمكن ان تخدم الاقتصاد من خلال اعطاء القروض من جديد، وعودة الدورة الاقتصادية للبلد».

استعدادات للتحرك

حياتياً، تستعد روابط القطاع العام، على مستوى العاملين او في التقاعد لاطلاق سلسلة تحركات في بيروت ومختلف المناطق، في الاسبوع الذي يلي عطلة عيد الاضحى المبارك، وذلك لعدم تفاقم الهوة والفروقات في رواتب من يتعاطى معاشاً او راتباً من الدولة، وفقا لبيان المجلس التنسيقي للتقاعد وموظفي الادارة العامة..

العدوان المتجدّد غارات على الضاحية

ميدانياً، في الجنوب، نجا سائق سيارة من غارة استهدفته في بلدة قلاوويه، واصيب بجروح، وسجل خرق بري لقوة تابعة للاحتلال في شرقي بلدة ميس الجبل.
واستمرت الغارات ليلاً على الضاحية، بتهم مختلفة منها مصانع لانتاج المسيرات بالآلاف! ثم شنت غارة ثالثة عند العاشرة والنصف.
وذكرت مصادر عسكرية ان الجيش اللباني حاول ردع الجيش الاسرائيلي عن القيام بتهديداته عبر الاتصال بالميكاينزم للكشف عن الاماكن المهددة، لكن الجيش الاسرائيلي رفض فابتعد الجيش اللبناني عن المواقع التي قصفت لاحقاً.
وفي عين قانا، وجَّه الجيش الاسرائيلي انذاراً الى اخلاء مبنى جديداً في البلدة.
واتهم وزير الدفاع الاسرائيلي ياسرائيل كاتس الحكومة اللبنانية بعدم الالتزام بتنفيذ قرار وقف النار.
وليلاً، نقلت القناة 15 الاسرائيلية عن نتنياهو قوله للبنانيين، سوف تترحمون على الحرب الماضية.
وحتى ما قبل الحادية عشرة، شنت غارة رابعة على النقاط المستهدفة لا سيما في السان تيريز.
وقالت الامم المتحدة ان الغارات التي تعرضت لها الضاحية الجنوبية لبيروت اثارت حالة من الذعر والخوف عشية عيد الاضحى المبارك.
ودعت الامم المتحدة الى وقف اية اعمال من شأنها ان تقوّض بشكل اكثر تفاهم وقف الاعمال العدائية وتنفيذ القرار 1701.

البناء:

صحيفة البناءأعنف عدوان جوي للاحتلال على الضاحية منذ وقف إطلاق النار: تدمير ونزوح

عون: استباحة سافرة لاتفاق دوليّ ورسالة لأميركا ومبادراتها عبر دماء اللبنانيين

رعد في ذكرى الخميني: إذا كان الهدف هو المقاومة فكيدوا كيدكم ولن تسقطوها

كتب المحرّر السياسيّ

شنّ الطيران الحربي وعدد من الطائرات المسيّرة في جيش الاحتلال أعنف عدوان جوي على لبنان منذ وقف إطلاق النار قبل سبعة شهور، حيث تعرّض عدد من الأبنية السكنية في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، بأكثر من عشرين غارة شنتها الطائرات المسيّرة والطائرات الحربية، وتناقلت المصادر الإعلامية كلاماً منسوباً لمصدر أمني لبناني يقول فيه إن الاحتلال الذي زعم أنه استهدف مواقع تحتوي على مصانع للطائرات المسيّرة رفض طلباً لبنانياً رسمياً عبر لجنة مراقبة وقف النار للكشف على الأبنية المعنية والتحقق من المزاعم الإسرائيلية وتولّي مسؤولية معالجة أوضاعها إذا ثبتت الاتهامات، ما يرسم علامات استفهام كبيرة حول صدقيّة الاتهامات من جهة، وحقيقة الهدف من العدوان من جهة مقابلة.

المصادر السياسية المتابعة للعدوان وضعته في سياق مناخ تصعيديّ يريده رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، وصولاً لاحتمال الذهاب إلى عدوان على إيران مستفيداً من مناخ التوتر والانسداد في المفاوضات الأميركية الإيرانية ومن تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران بعواقب وخيمة إذا رفضت مقترح المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف. وقالت المصادر إن تصعيد نتنياهو ليس منعزلاً عن الوضع الداخلي في الكيان في ظل قانون حل الكنيست الذي سوف يتم التصويت عليه خلال أيام، ويمكن للهروب نحو الحرب أن يتفاداه، وفيما تقاطعت المواقف اللبنانية الرسمية والسياسية عند إدانة العدوان وتحميل واشنطن كراعٍ لاتفاق وقف إطلاق النار مسؤولية مواصلة الاحتلال اعتداءاته على لبنان الذي نفذ كل موجباته وفق الاتفاق، تفرّدت القوات اللبنانية على ألسنة مسؤوليها ونوابها بتبرير العدوان وترداد الرواية الإسرائيلية بربط وقف النار بنزع سلاح المقاومة.

رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون عبّر عن «إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي على محيط العاصمة بيروت«، مؤكداً «أن هذه الاستباحة السافرة لاتفاقٍ دولي، كما لبديهيات القوانين والقرارات الأممية والإنسانية، عشية مناسبة دينية مقدسة، إنما هي الدليل الدامغ على رفض المرتكب لمقتضيات الاستقرار والتسوية والسلام العادل في منطقتنا». وقال «هي رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، إلى الولايات المتحدة الأميركية وسياساتها ومبادراتها أولاً، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنييها. وهو ما لن يرضخ له لبنان أبداً».

في حديث سابق للعدوان كان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد قد تحدّث في احتفال أقامته السفارة الإيرانية في بيروت، بحضور حفيد الإمام الخميني السيد علي أحمد الخميني، بمناسبة الذكرى الـ 36 لرحيل الإمام الخميني، فقال «إذا كان الهدف هو المقاومة فكيدوا كيدكم واسعوا سعيكم لن تستطيعوا أن تُسقطوا إرادة المقاومة من شعبنا». ولفت رعد، إلى أن «هناك نوايا طيبة نسمعها من البعض لكن هناك واقع يفيد أننا لسنا في أحسن حال ونعيش بالفعل عصر الوصايات»، مضيفاً «لم يكن الصاروخ مصدر قوّتنا إنما كانت الروح هي التي تعطينا القوة».

ولم يرقَ للعدو الإسرائيلي مشهد طريق بيروت – الجنوب التي غصّت بالمواطنين المتوجهين الى الجنوب حتى القرى المحاذية للشريط الحدودي، فيما المستوطنون لم يعودوا حتى الآن الى مستوطناتهم في الشمال، فعمد الى تنغيص أجواء العيد، وشن عدوانًا جويًا جديدًا على الضاحية الجنوبية لبيروت وبعض مناطق الجنوب، واستهدف بسلسلة غارات جوية عنيفة عددًا من المباني السكنية بذريعة وجود أسلحة وصواريخ.

ويعد عدوان الأمس الأوسع على الضاحية الجنوبية منذ وقف إطلاق النار، بعد تهديدات وجهها العدو لسكان الضاحية، ومهّد له بسلسلة غارات عبر مُسيّرات هجومية بدون طيار. وأدى العدوان إلى تدمير العديد من المباني السكنية وهي محض مدنية بالكامل، وتسبب باشتعال الحرائق في الأماكن المستهدفة، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات في الأرواح.

وجاء العدوان في وقت كان أهالي الضاحية والجنوب يستعدّون لاستقبال عيد الأضحى المبارك، وتسبب بحالة ذعر وإرباك لسكان المناطق المستهدفة الذين سارعوا إلى إخلاء منازلهم والابتعاد عنها لمسافات طويلة، فيما سُمع إطلاق نار كثيف وحركة نزوح في الضاحية بعد تهديد الجيش الإسرائيلي.

ووسّع العدو الصهيوني دائرة عدوانه فاستهدف مباني سكنية في بلدة عين قانا في إقليم التفاح بقضاء النبطية في الجنوب، قبل توجيه إنذار. وكشفت وسائل إعلام العدو منها القناة الـ14، أن العدوان الجديد على ضاحية بيروت الجنوبية جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة وإبلاغها مسبقًا بالعدوان.

وأفيد عن ورود اتصالات تهديد عشوائية لعدد من قرى الجنوب والبقاع الغربي وبيروت وعملت مخابرات الجيش على التحقق من الأرقام.

وهدّد المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، المتواجدين في الضاحية الجنوبية في بيروت وخاصة في الأحياء التالية: الحدث، حارة حريك، برج البراجنة في المباني المحددة بالأحمر وفق ما يُعرض في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها. وزعم أدرعي، أن «السكان يتواجدون بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله ومضطرون لإخلاء هذه المباني فوراً والابتعاد عنها لمسافة لا تقلّ عن 300 متر». وبدوره، أشار وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الى أننا «سنواصل فرض قواعد وقف إطلاق النار في لبنان دون أي تساهل».

وكشف مصدر أمني لبناني لقناة «الجزيرة» الى أن «الجيش حاول عبر لجنة مراقبة وقف إطلاق النار الكشف عن مواقع مهدّدة في الضاحية الجنوبية»، ولفت المصدر الى ان «إسرائيل» رفضت الاستجابة لطلب لبنان، وبدأت بقصف المواقع المحددة في الضاحية الجنوبية. وأفادت قناة «المنار» بأنّ «بعد التهديدات حصل تواصل بين لبنان وواشنطن والاقتراح أن يقوم الجيش بالكشف على المباني ووافق حزب اللّه». وتابعت: «أثناء تواجد الجيش داخل أحد المباني قام العدو بتنفيذ ضربة تحذيرية، دخل الجيش الى المبنى ولم يجد سلاحاً».

وأشار محللون وخبراء في الشؤون السياسية والعسكرية لـ «البناء» الى أن موجة الاعتداءات الإسرائيلية جاءت كرسائل تذكيرية للدولة اللبنانية بأن الضربات مستمرة حتى نزع سلاح حزب الله، وبالتالي الضغط على لبنان للرضوخ للشروط الإسرائيلية الأمنية والسياسية وفي مقدمتها الالتحاق بركب مسار السلام والتطبيع التي بدأت تذهب اليه بعض الدول العربية، كما تهدف الى زرع الرعب واليأس في بيئة المقاومة وتدفيعها ثمناً باهظاً عشية عيد الأضحى. أما الهدف الأهم فهو محاولة رئيس حكومة «إسرائيل» حرف الإنذار عما يحصل في داخل الكيان الإسرائيلي من خلافات داخلية والمأزق السياسي الذي ينتظر حكومته إلى حد احتمال فرط عقدها في ظل دعوات بعض الأحزاب الإسرائيلية إلى التصويت بعد حوالي الأسبوع على حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة، وبالتالي التصعيد العسكري في لبنان يخدم مصلحة نتنياهو وفريقه ويخلق مناخ حرب ويُعيد توحيد الداخل الإسرائيلي وينقذ حكومته.

وإذ توقع الخبراء توقف الغارات مستبعدين توجه «إسرائيل» إلى توسيع الحرب على لبنان مع اجتياح بري للجنوب، كما ذكر الإعلام الإسرائيلي سابقاً، علمت «البناء» أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام أجروا سلسلة اتصالات مكثفة مساء أمس، مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى ومع مسؤولين فرنسيين وأوروبين ومع الأمم المتحدة ومع سفراء ووزراء خارجية دول عربية ومع رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار في الجنوب، للضغط على «إسرائيل» لوقف عدوانها وانسحابها من الجنوب ووقف خروقها. ومن المتوقع وفق المعلومات أن تؤدي هذه الاتصالات إلى عودة الهدوء بدءاً من صباح اليوم. لكن مصادر معنية لـ»البناء» نفت الحصول على ضمانات خارجيّة من «إسرائيل» بتمرير عطلة عيد الأضحى بأجواء هادئة.

في المواقف أعرب رئيس الجمهورية جوزاف عون عن «إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي مساء اليوم على محيط العاصمة اللبنانية بيروت»، مؤكداً «أن هذه الاستباحة السافرة لاتفاقٍ دولي، كما لبديهيات القوانين والقرارات الأممية والإنسانية، عشية مناسبة دينية مقدسة، إنما هي الدليل الدامغ على رفض المرتكب لمقتضيات الاستقرار والتسوية والسلام العادل في منطقتنا».

وقال «هي رسالة يوجّهها مرتكب هذه الفظاعات، الى الولايات المتحدة الأميركية وسياساتها ومبادراتها أولاً، عبر صندوق بريد بيروت ودماء أبريائها ومدنييها وهو ما لن يرضخ له لبنان أبداً».

بدوره، دان رئيس ‫مجلس الوزراء نواف سلام‬ بشدة التهديدات والاستهدافات الإسرائيلية المتكررة للبنان، لا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت، معتبراً أنها تشكل «استهدافاً ممنهجاً ومتعمدًا للبنان، وأمنه، واستقراره، واقتصاده، خصوصاً عشية الأعياد والموسم السياحي».

‏وأكد سلام، في بيان، أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية وللقرار الدولي 1701، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لردع «إسرائيل» عن مواصلة اعتداءاتها، وإلزامها بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانيّة.

كما اعتبرت المنسقة الخاصة لـ»الأمم المتحدة» في لبنان، جينين هينيس بلاسخارت في بيان، أن الغارات التي تعرّضت لها الضاحية الجنوبية لبيروت هذه الليلة أثارت حالة من الذعر والخوف عشية عيد الأضحى المُبارك. ودعت المنسقة الأممية مرة أخرى إلى وقف أي أعمال من شأنها أن تقوّض بشكل أكبر تفاهم وقف الأعمال العدائية وتنفيذ القرار 1701.

وكانت كتلة الوفاء للمقاومة جدّدت دعوتها لخطاب التفاهم حول مصلحة البلاد واستقرارها والالتفاف حول أولويّة إنهاء الاحتلال الصهيوني وإخراجه من كل أرضنا اللبنانية المحتلة ووقف عدوانه وخروقه المستمرّة وإطلاق الأسرى والشروع جديًّا في إعادة الإعمار وفتح مسار الإصلاحات على كلّ الصعُد وفي مختلف المجالات.

وشكرت الكتلة بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد كل الدول التي تُبدي استعدادًا جدّيًّا للإسهام في إعادة إعمار ما هدّمته الحرب العدوانية الصهيونية ضد لبنان، وتُعرب عن تقديرها لموقف الجمهورية العراقية الثابت في دعمها للبنان والذي تم تأكيده مؤخرًا إبّان زيارة فخامة رئيس الجمهوريّة العماد جوزف عون إلى بغداد. وأبدت انفتاحها وتعاونها مع رؤساء السلطات الدستورية في البلاد ومع القوى السياسية الجادّة في تحقيق الاستقرار، وذلك لمعالجة كل مكامن الخلل ونقاط الضعف التي تحول دون أن يُترجم لبنان تطلعاته نحو حفظ سيادته ورفض الوصايات عليه وممارسة حقّه الطبيعي في اتخاذ المواقف الوطنيّة المنسجمة مع قيم مكوّناته الإنسانيّة والأخلاقيّة ومبادئه الدستوريّة.

وكان النائب رعد قد أكد أنّ المقاومة راسخة في وجدان الناس، ضاربة في عمق الوعي الشعبي، ولا يمكن لأيّ مؤامرة أن تقتلعها أو تضعف حضورها.

وفي كلمة له في مراسم إحياء الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل الإمام الخميني، قال رعد: «ما من أحد يستطيع ضرب المقاومة في نفوس الناس. وإذا كان الهدف هو النيل من هذه المقاومة، فكيدوا كيدكم، واسعوا سعيكم، واحشدوا أدواتكم، فلن تستطيعوا إسقاط إرادة المقاومة من شعبنا المؤمن، الصامد، المضحّي».

وأضاف: «نسمع نوايا طيبة من بعض الجهات، لكن الواقع يُظهر أننا لسنا في أفضل حال، ونعيش، للأسف، مرحلة دقيقة من عصور الوصاية، تتعدّد فيها وجوه التدخّل، وتتكشّف نوايا الهيمنة بأشكال جديدة». وأشار رعد إلى أن ما يمنح المقاومة قوّتها ليس فقط ما تمتلكه من سلاح وعتاد، بل قبل كل شيء، ما تختزنه من إيمان، وما تحمله من وعي، وما تستند إليه من روحية عالية.

وأكد أنه «لم يكن الصاروخ وحده مصدر قوتنا، إنّما كانت الروح، هي التي تهبنا الصبر والبأس والثبات، وهي التي تحرّك أيدينا حين نطلق النار على العدو، وتملأ قلوبنا عزمًا حين نقف في وجه الزلازل السياسية والضغوط الاقتصادية».

وأضاف: «نحن أبناء مدرسة قدّمت قوافل الشهداء على مذبح العزّة، ولا يمكن أن تخضع لإملاء أو تهتزّ تحت ضغط. هذه المقاومة التي حمت لبنان، وفرضت معادلة الردع، ليست حالة عابرة، بل هي قدر هذا الشعب ومساره نحو السيادة والكرامة، وسيبقى هذا الشعب حاضنًا لمقاومته، وفيًا لتضحياتها، مؤمناً بأنها السبيل الوحيد لحماية الأرض والعرض، ولن تنجح كل المشاريع المشبوهة في تحويلنا إلى تابعين خانعين. نحن أمة المقاومة، وسنظل كذلك، لأننا أصحاب حق، وحملة رسالة، وجنود مشروعٍ لا يُهزم».

المصدر: صحف