بعد مرور أربعة أيام على توالي الضربات الصاروخية وعمليات القصف المدفعي والهجمات بالمسيّرات بين الهند والباكستان والتي أسفرت عن مقتل نحو خمسين مدنياً لدى الطرفين، وسط تبادل للاتهامات، أبدى البلدان اليوم السبت استعدادهما لخفض التصعيد العسكري شريطة التزام كل طرف بذلك، لكنهما تبادلتا القصف واستبعدت إسلام آباد “الخيار النووي في المرحلة الحالية” بعدما تضاربت الأنباء حول دعوتها لانعقاد أعلى هيئة نووية في البلاد ردا على الهجمات الهندية.
وفي التفاصيل، قال وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار اليوم “إذا أوقفت الهند تصعيدها، فستفعل إسلام آباد الشيء نفسه”. وفي حديثه إلى المحطة التلفزيونية “جيو نيوز” الباكستانية، قال إسحاق دار “إذا كان هناك ذرة من العقل، فستتوقف الهند، وإذا توقفوا، فسنتوقف نحن أيضا. نريد السلام بصدق دون هيمنة أي دولة”. وذكر الوزير الباكستاني أنه نقل هذه الرسالة أيضا إلى نظيره الأميركي ماركو روبيو عندما اتصل به بعد حديثه إلى نيودلهي قبل ساعتين. وقال “لقد استجبنا لأن صبرنا قد بلغ حده. إذا توقفوا عند هذا الحد، فسندرس أيضا التوقف”.
من جهته، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف إن الخيار النووي “ليس مطروحا الآن، ولكن إذا طرأت تطورات على الوضع فإن المراقبين سوف يتأثرون أيضا”. وفي حديثه لقناة “جيو نيوز”، قال آصف “أقول للعالم إن هذا لن يقتصر على المنطقة فقط، بل قد يكون تدميرًا أوسع نطاقًا بكثير.. خياراتنا تتضاءل في ظل الوضع الذي تخلقته الهند”.
كما نفى الوزير الباكستاني وجود دعوة لعقد اجتماع لهيئة القيادة الوطنية التي تتولى مسؤولية اتخاذ القرارات التشغيلية بشأن الأسلحة النووية الباكستانية.
وفي وقت سابق صباح اليوم السبت، ذكرت قناة “سماء نيوز” الباكستانية أن رئيس الوزراء شهباز شريف دعا “هيئة القيادة الوطنية” المسؤولة عن الإشراف على برنامج الصواريخ والأسلحة النووية والأصول الإستراتيجية الأخرى إلى الاجتماع. وتوقعت القناة أن يحضر الاجتماع كبار القادة المدنيين والعسكريين لتقييم الوضع ومناقشة الاستجابات الدبلوماسية والدفاعية الممكنة، مضيفة أنه سيركز على التأهب للدفاع الوطني والردع الإستراتيجي ومراجعة المشهد الأمني الإقليمي المتطور عقب العملية العسكرية الباكستانية الأخيرة.
وأفادت قناة “سي إن إن” بأنه تم إجراء أول اتصال هاتفي بين الهند وباكستان وسط تصاعد الصراع بينهما، وقالت إن إسلام آباد تسعى لاجتماع مع نيودلهي. كما نقلت رويترز عن وزير الخارجية الهندي قوله إنه أبلغ نظيره الأميركي أن نهج الهند كان وسيبقى مدروسا ومسؤولا.
من ناحيته، حث وزير الخارجية الأميركي كلا من باكستان والهند على إيجاد سبل لتهدئة التوتر بينهما. وقالت الخارجية الأميركية إن روبيو تحدث إلى قائد الجيش الباكستاني عاصم منير وعرض المساعدة لبدء محادثات بناءة لتجنب أي صراعات مستقبلية.
وبين التصعيد العسكري، والكلام عن اتصالات هاتفية لأول مرة بين البلدين منذ اندلاع الأزمة لاحتواء التطورات قبل انزلاقها نحو ما لا تحمد عقباه، ما هي حقيقة الأمور؟ عن هذه التفاصيل معنا مراسل المنار من اسلام آباد روح العباس حسين.
موقف الهند
على الجانب الآخر، قالت المتحدثة باسم القوات الجوية الهندية فيوميكا سينغ اليوم السبت إن “الهند ملتزمة بعدم التصعيد شريطة أن ترد باكستان بالمثل”. وأضافت أن القوات البرية الباكستانية “شوهدت وهي تحشد قواتها نحو المناطق الأمامية، مما يشير إلى نية هجومية لتصعيد الموقف”، مشددة على أن “القوات المسلحة الهندية لا تزال في حالة تأهب عملياتي عالية”.
وأوضحت سينغ أن القوات المسلحة الهندية نفذت “ضربات دقيقة على أهداف عسكرية محددة فقط ردا على الإجراءات الباكستانية، شملت البنية التحتية التقنية، ومراكز القيادة والتحكم، ومواقع الرادار، ومناطق تخزين الأسلحة لضمان أقل قدر من الأضرار الجانبية”.
وأضافت أن باكستان أطلقت خلال الليلة الماضية عدة صواريخ عالية السرعة استهدفت قواعد جوية متعددة وبنية تحتية مدنية في ولاية البنجاب شمالي الهند. وأوضحت أنه “تم التصدي لجميع الأعمال العدائية بفعالية والرد عليها بشكل مناسب”.
أما وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري فرفض “مزاعم الجيش الباكستاني بتدميره عدة قواعد جوية في الهند وإلحاق أضرار جسيمة بمستودعات المدفعية والمؤسسات العسكرية والبنية التحتية الحيوية بما في ذلك محطات الطاقة”.
وأعلنت الهند استهدافها قواعد عسكرية باكستانية بعد أن أطلقت إسلام آباد عدة صواريخ عالية السرعة على عدة قواعد جوية هندية في ولاية البنجاب صباح اليوم السبت. وكانت باكستان قد أعلنت في وقت سابق أنها اعترضت معظم الصواريخ التي استهدفت ثلاث قواعد جوية، وأن ضربات انتقامية على الهند جارية.
وصرحت العقيدة الهندية صوفيا قريشي، في مؤتمر صحفي في نيودلهي، بأن باكستان استهدفت أيضًا منشآت صحية ومدارس في قواعدها الجوية الثلاث في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير. وأضافت “لقد تم الرد على الإجراءات الباكستانية بالشكل المناسب”.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الهندية أن القوات الباكستانية حاولت التوغل جوا إلى 26 موقعا هنديا. وأوضحت المتحدثة، في مؤتمر صحفي مشترك مع الخارجية الهندية، أن باكستان تعزز من انتشار قواتها على الحدود، وأنها استخدمت صاروخا عالي السرعة لاستهداف قاعدة جوية في البنجاب.
اجتماع الهيئة المشرفة على النووي الباكستاني
وفي وقت سابق، قالت قناة “سماء نيوز” الباكستانية، إن رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف دعا صباح اليوم السبت “هيئة القيادة الوطنية” المسؤولة عن الإشراف على برنامج الصواريخ والأسلحة النووية والأصول الإستراتيجية الأخرى إلى الاجتماع، وذلك بعد هجوم هندي استهدف قواعد عسكرية في بلاده التي أطلقت عقبه عملية “بنيان مرصوص” ردا على الهند وسط تصاعد القلق.
وهيئة القيادة الوطنية هي أعلى هيئة لصنع القرار الأمني في باكستان، وتضم كبار القادة العسكريين والمدنيين، وتشرف على قضايا الأمن الوطني الرئيسية، بما في ذلك سياسة الأسلحة النووية والتخطيط الإستراتيجي للبلاد.
وتعدّ هذه الهيئة أعلى سلطة في البلاد تتخذ القرارات بشأن قضايا السياسة النووية والصاروخية، وتشرف على جميع البرامج النووية والصاروخية، وقد أنشأها مجلس الأمن القومي في فبراير/شباط 2000.
ووفقاً للقناة، فإنه سيحضر الاجتماع كبار القيادات المدنية والعسكرية لتقييم الوضع ومناقشة الاستجابات الدبلوماسية والدفاعية الممكنة. وتوقعت القناة أن يركز الاجتماع على التأهب للدفاع الوطني، والردع الإستراتيجي، ومراجعة المشهد الأمني الإقليمي المتطور في أعقاب العملية العسكرية الباكستانية الأخيرة.
يُذكر أن الهند تقول إنها ملتزمة بسياسة “عدم الاستخدام الأول” للأسلحة النووية، ومن ثم لا تبادر بتوجيه ضربة نووية لجارتها باكستان، في حين تقول إسلام آباد إنها إذا شعرت بوجود تهديد وجودي فإنه يمكنها استخدام السلاح النووي.
ضربات هندية
وتأتي الدعوة إلى هذا الاجتماع بعد أن قامت الهند في وقت متأخر من الليلة الماضية بتوجيه عدة ضربات لقواعد جوية عسكرية باكستانية، ردت عليها باكستان بعدة ضربات لمواقع عسكرية داخل الهند، مطلقة عملية عسكرية بعنوان “بنيان مرصوص”.
وفي أحدث تصعيد في الصراع الذي اندلعت شرارته الشهر الماضي، أعلنت باكستان أن الهند أطلقت صواريخ على 3 قواعد جوية داخل البلاد اليوم السبت، لكن تم اعتراض معظم الصواريخ، وأن الضربات الانتقامية على الهند جارية.
وصرح المتحدث باسم الجيش الباكستاني الفريق أحمد شريف بأن أصول القوات الجوية الباكستانية آمنة بعد الضربات الهندية، مضيفا أن بعض الصواريخ الهندية أصابت أيضا شرق البنجاب في الهند. وقال شريف “هذا استفزاز من الطراز الأول”.
وأعلن الجيش الباكستاني أنه استخدم صواريخ “فاتح” المتوسطة المدى لاستهداف منشأة تخزين صواريخ هندية وقاعدتين جويتين في باثانكوت وأودهامبور.
وعقب الإعلان عن الرد الباكستاني، قال سكان في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية في أماكن متعددة في المنطقة، بما في ذلك مدينتا سريناغار وجامو الكبيرتان ومدينة أودهامبور.
وقال شيش بول فايد، المسؤول السابق في شرطة المنطقة والمقيم في جامو، “الانفجارات التي نسمعها اليوم مختلفة عن تلك التي سمعناها في الليلتين الماضيتين خلال هجمات الطائرات المسيرة”. وأضاف “يبدو الأمر أشبه بحرب هنا”.
وأضاف فايد أن الانفجارات سُمعت من مناطق تضم قواعد عسكرية، مضيفًا أنه يبدو أن مواقع للجيش تُستهدف.
الرواية الهندية
وبدت سريناغار العاصمة الصيفية للجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير هادئة في وقت مبكر من صباح اليوم السبت، لكن بعض سكان الأحياء القريبة من مطار المدينة، وهو أيضا قاعدة جوية، قالوا إنهم شعروا بالرعب من الانفجارات وهدير الطائرات المقاتلة.
وأعلن الجيش الهندي تدميره عدة طائرات باكستانية مسيرة مسلحة رُصدت أثناء تحليقها فوق معسكر عسكري في مدينة أمريتسار بولاية البنجاب الشمالية صباح اليوم، مضيفا أن “محاولة باكستان الصارخة لانتهاك سيادة الهند وتعريض المدنيين للخطر أمر غير مقبول”.
وأعلن الجيش الهندي في وقت متأخر أمس الجمعة رصد طائرات مسيرة في 26 موقعا في مناطق عديدة في الولايات الهندية المتاخمة لباكستان والشطر الهندي من كشمير، بما في ذلك سريناغار. وذكرت أنه تم تعقب الطائرات المسيرة والاشتباك معها.
قلق صيني
وفي ظل هذه الأجواء، حضت الصين اليوم السبت الهند وباكستان بقوة وعلى حد سواء على تجنب أي تصعيد في القتال.
ودعا بيان صدر صباح اليوم عن وزارة الخارجية الصينية البلدين إلى “ضرورة إعطاء الأولوية للسلام والاستقرار والمحافظة على الهدوء وضبط النفس والعودة إلى مسار التسوية السياسية بالطرق السلمية وتجنّب القيام بأي تحرّكات تؤدي إلى تصعيد التوتر أكثر”.
وكانت مجموعة الدول السبع قد دعت البلدين أمس الجمعة إلى “أقصى درجات ضبط النفس”. وأضافت في بيان لها “ندعو إلى التهدئة الفورية ونشجع البلدين على الانخراط في حوار مباشر للتوصل إلى حل سلمي”.
من جهته، تحدث وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مع رئيس أركان الجيش الباكستاني عاصم منير أمس.
وصرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس بأن روبيو واصل حث الطرفين على “إيجاد سبل لتهدئة التوتر، وعرض المساعدة الأميركية في بدء محادثات بناءة” لتجنب أي صراعات مستقبلية.
وتصاعدت التوترات بين الجارتين النوويتين منذ الهجوم على موقع سياحي شهير في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير يوم 22 أبريل/نيسان الماضي، والذي أسفر عن مقتل 26 مدنيا، معظمهم من السياح الهنود الهندوس. وألقت نيودلهي باللوم على باكستان في دعم الهجوم، وهو اتهام تنفيه إسلام آباد التي دعت إلى إجراء تحقيق في الهجوم.
وزير سعودي في الهند وباكستان
وفي إطار مساعي التهدئة ووقف التصعيد وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية، زار وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل بن أحمد الجبير، الهند وباكستان، خلال يومي 8 و9 من الشهر الجاري في إطار جهود المملكة للدفع نحو التهدئة، بحسب “واس”.
بتوجيه من قيادة المملكة.. وزير الدولة للشؤون الخارجية يزور جمهورية الهند وجمهورية باكستان الإسلامية الشقيقة خلال الفترة (8 – 9 مايو 2025م)، وذلك في إطار مساعي المملكة للتهدئة ووقف التصعيد وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية، والعمل على حل كافة الخلافات من خلال الحوار والقنوات…
— واس الأخبار الملكية (@spagov) May 9, 2025
وشنّت الهند ضربات الأربعاء على الأراضي الباكستانية ردّاً على هجوم 22 نيسان/أبريل في الشطر الهندي من كشمير، وسرعان ما ردّ الجانب الباكستاني عليها، لتندلع مواجهة عسكرية هي الأعنف منذ أكثر من عقدين بين القوتين النوويتين.
المصدر: مواقع إخبارية