الصحافة اليوم 22-10-2020 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 22-10-2020

الصحافة اليوم

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 22-10-2020 في بيروت على العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي..

الأخبار

الحريري يُطلق معركة كسر باسيل

جريدة الاخبارأتت الكلمة التي وجّهها الرئيس ميشال عون إلى اللبنانيين أمس «مدجّجة» بالرسائل في كل اتجاه، ومفادها أنه سلّم بتسمية الرئيس سعد الحريري، لكنه لن يفعل ذلك في عملية التأليف، التي ستكون على الأرجح حلبة صراع بين الطرفين. فالحريري أيضاً يُطلق، بتكليفه برئاسة الحكومة، معركة تقود كل سيناريواتها إلى هدف أوحد: كسر جبران باسيل

كثيرةٌ هي المُفارقات والمغازي التي حملها الشارِع اللبناني عشية الاستشارات النيابية التي ستنطلِق جولاتها اليوم لتكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف حكومة جديدة. فـ«ساحة الشهداء» التي تلطّى خلفها الحريري لإدارة محركات التحشيد ضد عهد الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، وجدت نفسها أولى ضحايا «العودة» إلى السراي الحكومي. هذه المنصّة التي تصرّف الحريري، قبلَ عام، كأنه جزءٌ منها ومتحدث باسمها، واستخدمها كمطيّة لإطاحة التسوية الرئاسية والانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية، كانت شاهدة على كونه أحد رموز السلطة، كما على انفصاله عن هموم الناس الذين خرجَ بعضهم أمس للتعبير عن رفضهم تكليفه مجدّداً، فلم يجدوا لهم بالمرصاد إلا جمهور «المستقبل» الذي قابلَ رفضهم بحرق قبضة «الثورة» التي على ظهرها خرج الحريري من السلطة، وعلى ظهر إحراقها يعود اليوم!

واليوم هو نهار جديد في بيروت التي تُسدِل الستارة على معركة التكليف الذي ضمنه الحريري في جيبه بعدد من النواب لا يتجاوز ستين صوتاً، بعدما اتخذ حزب الله قراراً بعدم التسمية. الأصوات المؤكدة لمصلحته حتى مساء أمس كانت لنواب كتل «التنمية والتحرير» و«المستقبل» و«الاشتراكي» و«المردة» و«كتلة الوسط»، إضافة إلى النائب جان طالوزيان الذي اتخذ قراراً منفصلاً عن «القوات» لمصلحة الحريري بطلب من «راعيه» رئيس مجلس إدارة مصرف «سوسييتي جنرال»، أنطون الصحناوي.

وفيما أكّد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، ربيع بنات، أن الحزب قرّر عدم تسمية أحد «في ظل عدم تفاهم القوى السياسية على رؤية إنقاذية للواقع السياسي والاقتصادي المتدهور»، أعلن رئيس الكتلة القومية، النائب أسعد حردان، بعد تلقّيه اتصالاً هاتفياً من الحريري، أن الكتلة ستتخذ موقفها اليوم. ويأتي موقفا رئيس الحزب ورئيس الكتلة انعكاساً للانقسام الذي يعاني منه الحزب منذ خسارة لائحة حردان الانتخابات الحزبية الشهر الفائت.
وما إن ينتهي عرض الاستشارات، حتى تُطلق صفارة معركة جديدة، هي معركة التأليف، ليتجه المشهد إلى مزيد من الحماوة، إذ تتزايد التوقعات بارتفاع وتيرة التشنجات السياسية في انعكاس للمواجهة الشرسة بين الحريري من جهة وعون والوزير السابق جبران باسيل من جهة أخرى. وبدا أن الأهداف المُبيّتة للحريري هي تثبيت أن عون وباسيل هما الخاسران الوحيدان في مرحلة ما بعد 17 تشرين، وصولاً إلى دفعهما إلى اشتباك جديد وإظهارهما في صورة المعرقِل لتأليف الحكومة. فالتوترّات التي سبقت التكليف ظهّرت قابلية كبيرة للصدام بينهما بعدَ التسمية، ولا سيما في حال أصرّ الرئيس المكلّف على تجاوز رئيس تكتل «لبنان القوي» وتجاهله في مشاورات التأليف.

ويشي المناخ قبيل التكليف بأن من الصعب تَصوُّر إمكان بلوغ اتفاقات «سحرية» حول عملية التأليف، إذ إن أصل المشكلة يتمثّل في التوازنات داخل الحكومة والصراع على صلاحيات تأليفها كما بيانها الوزاري وبرنامجها الإصلاحي. ورُغم أن الحريري قد أوحى في الأسابيع الماضية، في مشاوراته مع القوى السياسية، باستعداده لتقديم التنازلات على قاعدة «مش رح نختلف»، فإن ثلاثة خيارات أمام الحريري بقيت مدار ترقّب:

الخيار الأول، أن يُعود الحريري إلى نغمة تأليف حكومة لا أحزاب فيها ولا وجوه سياسية. وهو خيار أقرب إلى النكتة، لكونه زعيم لفريق سياسي منذ العام 2005، ورئيس لتيار سياسي شارك لسنوات في حكومات سياسية كانت آخرها حكومته التي استقالت العام الماضي. وهو خيار يعني أيضاً أن الحكومة لن ترى النور، ما يعني تكرار تجربة السفير مصطفى أديب.

الخيار الثاني، هو أن يتبنّى الحريري طرح رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، بأن يوافق على تأليف حكومة مختلطة من 6 وزراء سياسيين و14 تكنوقراط.

أما الخيار الثالث فهو بتأليف حكومة سياسية مشروطة بالاتفاق مع القوى السياسية على تسمية أسماء غير مستفزّة.
العقدة المشتركة بين الخيارات الثلاثة تبقى إصرار الحريري على استثناء باسيل منها وكسره، وهو ما يعمل عليه بكل ما أُوتي من وسائل.

وثمّة أمرٌ آخر يتعدّى الصراع على تأليف الحكومة شكلاً ومضموناً. فعلى الرغم من أن الحريري يسوّق لحكومته على أنها حكومة «المهمة» التي لن يزيد عمرها على ستة أشهر، غيرَ أن التجربة في لبنان أثبتت أن المؤقت غالباً ما يُصبِح دائماً، وهذا يعني أن تستمر الحكومة إلى ما بعد عهد ميشال عون، فتتسلّم صلاحيات الرئاسة الأولى في حال عدم إجراء انتخابات نيابية وانتخاب رئيس جديد. ولو أن القوى السياسية لا تُعلن ذلك، لكنها تتعامل مع تأليف هذه الحكومة كما لو أنها ستستمرّ لسنوات. ولهذا سيستبطن التأليف معركة أخرى، هي معركة رئاسة الجمهورية التي ظهرت واضحة بينَ سطور الرسالة التي وجهها الرئيس عون يوم أمس إلى اللبنانيين، والتي أكد مضمونها بأنه لن يتساهل في مرحلة التأليف ولا بعدها، ولن ينكسِر مجدداً في عملية التأليف تحت وطأة الضغوط الداخلية أو الخارجية.

في كلمته رمى عون الكرة في ملعب الآخرين، بعدَ أن فشِل في إسقاط الحريري كمرشّح. وضع النواب أمام مسؤولياتهم، محمّلاً إياهم تبعات ما سيحصل في حال تسمية الحريري. أكد نفسه شريكاً في التأليف حينَ قال «اليوم مطلوب مني أن أشارك في عملية تكليف رئيس للحكومة وتأليفها»، سائلاً عمّا «إذا كان من سيُكلف ويؤلف سيلتزم ببرنامج الإصلاح، وأنتم أيها النواب تتحملون المسؤولية». وأضاف «قلت كلمتي ولن أمشي، وأدعو النواب إلى تحمل مسؤولية انعكاس التكليف على التأليف. سأبقى أتحمل مسؤولياتي في التكليف والتأليف وفي كل موقف وموقع دستوري، وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح والدولة». ووضع الأمر لدى الكتل النيابية، داعياً إياها إلى «تحكيم ضمائرها». كذلك قال إن «التكليف سينعكس على التأليف»، في إشارة إلى أنه لن يمنح الحريري شيكاً على بياض في التأليف.

بدأ عون كلمته من تحولات المنطقة، سائلاً عن موقع لبنان إزاء هذه التحولات الكبرى، كي لا يكون متلقياً وغير فاعل، فيُصبِح فتات مائدة المصالح والتفاهمات الكبرى. وصف كلمته بأنها مصارحة للبنانيين «متفهّماً أوجاع الناس». تحدث كما لو أنه من خارج الطبقة الحاكمة، فهاجم كلاً من الحريري ووليد جنبلاط ونبيه برّي من دون أن يُسمّيهم، متهماً إياهم بأنهم تحالفوا ضده وضد المشاريع الإنمائية والخطط الاقتصادية، ومشروع الكهرباء وحماية المواطنين وحقوقهم الصحية والحياتية. هاجم وزارة المالية، والهيئة العليا للإغاثة، ومجلس الإنماء والإعمار، وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب، ومصرف لبنان وحاكمه، واعتبر أنه «بسبب المصالح الشخصية أصبح الفساد في لبنان مؤسّساتياً ومنظماً متجذراً في السلطات والإدارات»، بينما هو «صاحب مشروع الإصلاح منذ عودته من منفاه، ومواجهته أتت من قبل الجهات المتضررة من مسار الإصلاح».

وفي حوار مع الصحافيين، أكد عون رداً على سؤال حول مطالبته بحكومة تكنوسياسية «لم أطالب بأي نوع من الحكومات، والاستشارات هي التي تحدد شكل الحكومة»، قائلاً «خسرتُ سنة و14 يوماً حتى الآن من عهدي بسبب تأليف الحكومات السابقة التي كانت برئاسة الحريري. و(قامت قيامة) الجميع عليّ لأنني أخّرت الاستشارات أسبوعاً، وقلتُ له إن هناك مشاكل أحاول أن أحلها، وقد عدّدتُها اليوم». وبينما تحدث عن محاولاتٍ «ما زبطت» من أصدقاء مشتركين بين الحريري وباسيل لجمعهما، لفت إلى أن «الدول الأساسية في الجامعة العربية تغيّرت مواقفها في المواضيع الأساسية والدول الأخرى تلحق بها، وسنصبح شيئاً فشيئاً في عزلة، ونحن الدولة العربية الأصغر، لذلك أسأل اللبنانيين عمّا يجب فعله».
وفي السياق، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، لبنان إلى الإسراع في تأليف حكومة جديدة. وحذّر أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ من أنه «كلما تأخرنا، غرق المركب أكثر. إذا لم يقم لبنان بالإصلاحات التي يجب القيام بها، فإنّ البلد نفسه معرّض للانهيار».

«المستقبل» ينفي…
من جهة أخرى، أعلن تيار «المستقبل» في بيان، أن «بعض وسائل الإعلام زعمت أن مناصرين لتيار المستقبل قاموا بإحراق قبضة الثورة في ساحة الشهداء»، مؤكداً أن «لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهذا العمل المدان»، داعياً «الأجهزة المعنية الى كشف الملابسات وتوقيف المرتكبين كائناً من كانوا». وفي بيان آخر، بدا «المستقبل» كمن يعترف بالهجوم على «القبضة»، إذ وصف الاعتراض على تكليف الحريري بالـ«عراضات التي تهدف إلى تعكير الأجواء المرافقة لهذا الاستحقاق الدستوري، واستدراج الشارع المقابل إلى ردود فعل مضادة لا تحمد عقباها»، داعياً جمهوره إلى «التنبّه من الانجرار وراء هذه الأفعال المشبوهة».

اللواء

عون يضع عربة التأليف قبل التكليف: فشل الإصلاح مسؤولية الحريري؟
ضغوطات متبادلة لتقليص عدد المسمِّين.. وورقة الشارع لإضعاف المسار الدستوري

جريدة اللواءبعد تلاوة المطالعة الرئاسية عبر كلمة الرئيس ميشال عون التي توجه بها إلى اللبنانيين على الهواء مباشرة، مضمناً إليها «رسائل عدة» وفي اتجاهات تتعدّى اللعبة السياسية في الداخل، بات السؤال: ماذا سيفعل الرئيس، بعد تسمية نيابية وافرة للرئيس سعد الحريري، الذي شكك رئيس الجمهورية بقدرته على مواجهة الفساد؟

من البديهي، بعد يوم الاستشارات الملزمة، اليوم في 22 ت1 ان يحضر الرئيس المسمى (الحريري) إلى بعبدا، ليتسلم مرسوم تكليفه تأليف حكومة جديدة، ومن غير المستبعد ان يعقد اجتماع ثلاثي، يحضره إلى عون والحريري رئيس المجلس نبيه بري، الذي يُشكّل «عرّاب» عودة رئيس تيّار المستقبل إلى السراي.

لكن محطة الاشتباك، قد لا تكون هذا الخميس أو بعده، إنما ستكون في الأيام التالية، بعد أسبوع أو أسبوعين أو أسابيع.. فالرئيس عون لن يوقع على مراسيم حكومة لا يرى فيها مطابقة لاوصاف الكلمة الرئاسية، أو حتى تطلعات النائب باسيل.

ولاحظ متابعون ان الرئيس عون أراد ضرب عدّة عصافير بحجر واحد:

1- فهو رمى على رئيس المستقبل، قبل ان يوقع مرسوم تكليفه مسؤولية معالجة الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح.

2- وتالياً، اعفى نفسه من تهمة الفشل في تحقيق التغيير أو الإصلاح، فهو ليس بيده لا التشريع، ولا هو السلطة الاجرائية.

3- ثبت موعد الاستشارات الملزمة انسجاماً مع المهلة التي حددها الرئيس ايمانويل ماكرون، بعد اعتذار  السفير مصطفى أديب عن تأليف الحكومة في 27 أيلول الماضي.

4- شكلت استقالة الحريري في 29 (ت1) 2019 الماضي، ما يوازي عاماً الا أسبوع على خروجه من السراي الكبير، وذلك تحت وطأة حراك شعبي ضد الطبقة السياسية.. وها هو يعود، وسط إعادة تحريك الشارع بوجه عودته! مع العلم ان الرئيس الحريري تعهد بحكومة اخصائيين لستة أشهر، لتنفيذ المبادرة الفرنسية بإصلاح مالية الدولة وإعادة اعمار بيروت.

5- تترافق عودة الحريري، القوية إلى السراي مكلفاً بدءاً من اليوم، وسط انهيار عام في الاقتصاد والنقد والاسعار، واستفحال خطة فايروس كورونا، الذي يسجل يومياً ما فوق الألف إصابة وبضع مئات، فضلاً عن تداعيات انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، الذي اوقع أكثر من مائتي شهيد و6500 جريح.

ولخصت مصادر سياسية كلام رئيس الجمهورية ميشال عون بانه عاتب على الحلفاء والأصدقاء السياسيين التقليديين دون تسميتهم،لتركه وتياره السياسي وحيدين في معركته لرفض تسمية الرئيس سعد الحريري  معترفا بخسارة هذه المعركة ولكنه توعد بالرد في عملية تشكيل الحكومة من خلال الصلاحيات الدستورية التي منحه اياها الدستور،في اشارة واضحة الى ان عملية التأليف لن تكون سهلة كما حصل في التسمية بل اكثر صعوبة وتعقيدا.

واذ عبر ضمنا عن استيائه من رفض الرئيس الحريري لقاء صهره النائب جبران باسيل للتفاهم معه قبل إجراء الاستشارات النيابية الملزمة كما كان يحصل في السابق،اعترف ان قراره بتأجيل موعد الاستشارات اسبوعا كاملا لم يبدل شيئا في مواقف الكتل النيابية والنواب بالنسبة لتسمية الرئيس الحريري رئيسا للحكومة المقبلة وحاول نفض يديه وتبرئة صهره باسيل من مسلسل تأخير تشكيل الحكومات السابقة وتعطيل مسار الاصلاحات المطلوبة وتحميلها لحكومتي الرئيس الحريري خلافا للواقع والحقيقة. ولكن بهدف تحريض النواب المترددين لرفض تسمية الحريري اليوم وتاليب الرأي العام ضده علنا عشية اجراء الاستشارات الملزمة .

واشارت المصادر الى ان رئيس الجمهورية بدل ان يعلن صراحة على هذا النحو استياءه من تولي الحريري لرئاسة الحكومة المقبلة لان الأخير لم يتماه مع باسيل، كان عليه عدم الوقوع في هذه السقطة المضرة له تحديدا باعتبار ان مبدأ قبول الحريري لترؤس الحكومة الجديدة بوجود عون بسدة الرئاسة وفي ظل هذه الأزمة المستفحلة،  انما يشكل رافعة قوية لما تبقى من عهده المتهالك حتى النهاية، وكان يجب تجاوز الحساسيات والتباعد الحاصل بينهما نتيجة  الخلافات السابقة التي تسبب بها باسيل وابداء الاستعداد للتعاون معه لاطلاق عجلة الدولة الى الامام والمباشرة بوقف الانهيار الحاصل بالبلاد.

كلمة عون

في كلمة عالية السقف وجّهها الى النواب واللبنانيين، عشية الاستشارات النيابية المقررة اليوم، سأل رئيس الجمهورية «مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح»؟ وتابع «هذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانيّة باسم الشعب الذي تمثّلونه. وشدد على أنه سيبقى يتحمل مسؤولياته في التكليف والتأليف، وفي كل موقف وموقع دستوري، وبوجه كل من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة».

وعدّد الرئيس عون «مشاريع التغيير والاصلاح التي كان اللبنانيون ينتظرونها دون ان تتحقق، بعد ان رفع البعض ممن حكم لبنان منذ عقود، ولم يزل بشخصه أو نهجه شعارات رنّانة بقيت من دون أيّ مضمون، وكانت بمثابة وعود تخديريّة لم يرَ الشعب اللبناني منها أيّ إنجاز نوعي يضفي على حاضره ومستقبله اطمئناناً». واوضح ان ما يمكنه فعله هو تنبيه المعنيين، «فأنا لا يمكنني التشريع ولا التنفيذ وكل ما يمكنني فعله هو التوجيه وقمت بما عليّ في هذا المجال، ورغم ذلك يحمّلونني المسؤولية».

وتضمنت كلمة عون تشكيكاً بقدرة الرئيس الحريري على محاربة الفساد، إذ قال: هل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح؟

واتهم عون اليوم قوى سياسية من دون أن يسميها بعرقلة مساعي الاصلاح، وآخرها التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. وقال «حين حملت مشروع التغيير والإصلاح في محاولة لإنقاذ الوطن، رفع المتضررون المتاريس بوجهي»، مضيفاً «الإصلاح بقي مجرد شعار يكرره المسؤولون والسياسيون وهم يضمرون عكسه تماماً».

وتوجّه عون في كلمة نقلتها بعض محطات التلفزة من القصر الرئاسي إلى النواب بالقول «أملي أن تفكروا جيداً بآثار التكليف على التأليف وعلى مشاريع الإصلاح ومبادرات الإنقاذ الدوليّة، لأنّ الوضع المتردّي الحالي لا يمكن أن يستمرّ بعد اليوم أعباء متراكمة ومتصاعدة على كاهل المواطنين».

وأضاف «اليوم مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح؟».

وبعد كلمته المتلفزة، أكد الرئيس عون في حوار مع الاعلاميين، انه لا يضع فيتو على احد، قائلا: «قامت القيامة عليي» بسبب تأجيل الاستشارات اسبوعاً  لحل بعض المشاكل وصاحب العلاقة (الحريري) يعرف ذلك. علماً انني خسرت سنة و١٤ يوماً بسبب تكليف الحكومات والتي كانت مع الحريري.

وردا على سؤال عن سبب عدم قيامه بوساطة بين الحريري والنائب جبران باسيل؟ قال: حصلت مبادرات من اصدقاء مشتركين للحريري وباسيل من اجل جمعهما واللقاء «ما زبط»، وانا كحكم لا اتدخل بهذه المسائل حتى لا اصبح طرفاً او يتهمونني بأني طرف».. واضاف «سنصبح في عزلة ولا أستطيع أن أفعل شيئاً فلا التشريع في يدي ولا التنفيذ».

ورداً على سؤال: هل أنت تقول ان الحريري عاجز عن تشكيل حكومة إصلاحية بامتياز؟ اجاب: «أنا قلت اللي قلتو وكل واحد عندو تاريخ سياسي وانتو بتعرفوا كتير منيح كمراقبين. وهيدا تهذيباً أنا عم قول هيك».

وقال رئيس الجمهورية رداعلى سؤال حول ما اذا كانت لديه مخاوف على لبنان من تطورات اوضاع المنطقة والتطبيع مع الكيان الاسرائيلي: «ان لبنان كان ضمن منظومة كبيرة في جامعة الدول العربية وفي سياق موقف موحد. اليوم، الدول الاساسية في الجامعة تغيّرت مواقفها في المواضيع الاساسية والدول الاخرى تلحق بها، وسنصبح شيئاً فشيئاً في عزلة، ونحن الدولة العربية الاصغر، لذلك اسأل اللبنانيين عما يجب فعله».

وأكدت مصادر مقربة لـ«اللواء»  أن التكليف للرئيس سعد الحريري اليوم حاصل حتى وإن لم تكن نسبة التسمية النيابية كبيرة ولفتت إلى أن المعلومات المتداولة عن امتناع كتلة الوفاء للمقاومة عن التسمية اليوم ليس مؤكدا لاسيما أن الكتلة في العادة تضع التسمية بعهدة رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالحريري.

الى ذلك أفادت أن الغد لناظره قريب وستظهر المواقف كما توجهات رئيس الحكومة الذي يلقي كلمة بعد التكليف.

وعن رسالة رئيس الجمهورية عشية الاستشارات التي أصابت في سهامها الرئيس الحريري والسياسيين فأن مصادر بعبدا قالت لـ«اللواء» أنه أجرى جردة  للسنوات الماضية وحذر من الاستمرار في التعاطي السياسي نفسه ودعا الحكومة الجديدة الى التقيد بالبرنامج الذي قدمه للخروج من الظرف الراهن.

وأفادت أنه في هذه الجردة هو ليس بمسؤول عن السنوات التي مرت منذ الطائف ولفتت إلى أنه عرض أجوبة الحكومة الجديدة بهدف تصحيح الأداء وترشيد خطواتها في المستقبل كي تنجح.وحملت كلمته في طياتها وفق المصادر استياء من أداء السياسيين ومحاولته في السنوات الأربعة التصحيح من دون أن يلقى التجاوب.

لودريان يحذر من غرق المركب

وسط هذا التلبك اللبناني، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان لبنان أمس الأربعاء إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة عشية استشارات نيابية سينبثق عنها تكليف شخصية بتشكيل فريق وزاري في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً.

وحذّر لودريان امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الفرنسي من أنه «كلما تأخرنا، غرق المركب أكثر. إذا لم يقم لبنان بالإصلاحات المطلوبة، فإنّ البلد نفسه معرّض للانهيار».

وأضاف «لا يمكن أن يكون الشعب اللبناني ضحية إهمال وعدم كفاءة قادته»، معتبراً أن «النزعات القديمة، والمحاصصة حسب الانتماءات، حسب الطوائف، عادت» فيما الوضع الحالي لا يسمح بذلك.

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد كريستالينا غورغييف ان «الوضع السياسي في لبنان مقلق جداً»، وأعربت في حديث مع «سكاي نيوز» عربية عن استعداد الصندوق لمساعدة لبنان في اللحظة التي سيكون هناك شريك.

وكشف نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج ان البنك جاهز لتقديم مليار دولار لدعم الاقتصاد اللبناني والمشاريع الأكثر أولوية.

وأكّد ان المطلوب من الحكومة اللبنانية فتح الأبواب للداعمين من المجتمع الدولي بشكل يُعيد الثقة ويسهم في مساعدة الشعب اللبناني.

خلط الأوراق

وبعد كلمة عون، نشطت الاتصالات بكل الاتجاهات، في ما يشبه عملية خلط للاوراق، ضمن انقسام عمودي وافقي في ما خص الكتل المكونة للتمثيل الطائفي في المجلس النيابي.

ورأى مصدر نيابي في 8 آذار انه بعد كلمة عون، أضحى التأليف عملية بالغة التعقيد.

لكن الثابت أيضاً أن الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة ستجري بدءاً من هذا الصباح بعدما حددت رئاسة الجمهورية مواعيد الكتل النيابية والنواب المستقلين، اعتبارا من التاسعة مع رؤساء الحكومة النواب ونائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي ثم كتلة تيار المستقبل. وحتى الواحدة والربع بعد الظهر، حيث كان اخر موعد مع كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس نبيه بري. وسط تأكيد بأن تتم تسمية الرئيس سعد الحريري، الذي عاود امس اتصالاته، فاتصل برئيس الكتلة القومية الاجتماعية النائب أسعد حردان، وجرى خلال الاتصال حسب بيان للحزب القومي، «التطرق الى موضوع الاستشارات النيابية، وحاجة البلد الى تشكيل حكومة جامعة تتحمل مسؤولياتها في التحصين الوطني ومواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وشدّد حردان خلال الاتصال، على أهمية انجاز الاستشارات، وأن يتم التسريع في تشكيل حكومة تتمتع بالثقل السياسي والوطني».

وحسب معلومات «اللواء» كان جو الاتصال ودياً وايجابيا، وتخللته «تمنيات من الحريري وسؤال خاطر، فوعد حردان خيراً مؤكداً ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة بعد التكليف»، لكن الكتلة القومية ستجتمع في التاسعة من صباح الغد لإتخاذ الموقف من التسمية.

وحسب النائب حردان، فكتلة القومي تجتمع اليوم، لاتخاذ القرار المناسب، والمهم ان تشكّل حكومة إنقاذ بسرعة.

الا ان رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي ربيع بنات، أعلن انه بعد اجتماع المجلس مساء أمس، ونظراً لعدم الاتفاق على رؤية إنقاذية للواقع المتدهور، فإن الحزب سيوجه كتلة القومي النيابية إلى عدم تسمية أي من المرشحين المطروحين لرئاسة الحكومة.

وليلاً الأمر الذي يعكس انقساماً في التوجه، صدر عن عمدة الإعلام في الحزب بيان جاء فيه خلافا لما تتداوله بعض وسائل الاعلام، تؤكد عمدة الاعلام ان الكتلة القومية الاجتماعية (٣ نواب) ستجتمع عند التاسعة والنصف صباح اليوم لتتخذ القرار بشأن الاستشارات النيابية وستبلغ قرارها الی فخامة رئيس الجمهورية.

في المقابل، أكد النائب طلال أرسلان بعد اجتماع كتلة ضمانة الجبل، ان الكتة  لن تسمي الرئيس الحريري بسبب «الغموض في مقاربة من رشح نفسه، من موضوع اساسي هو مقاربة العلاقة مع صندوق النقد الدولي، وما هي الشروط التي يمكن للبنان ان يحملها او لا يحملها الشعب اللبناني». وقال: فلا وضوح اطلاقا من قبل المرشح نفسه لرئاسة الحكومة في هذا الموضوع ونحن بالنسبة الينا اذا لم تكن هناك اجوبة واضحة وصريحة حول مقاربة وجع الناس والازمة المعيشية التي يتحملها الشعب اللبناني، نحن في هذا الموضوع لدينا تحفظ كبير واعتراض كبير. واشار الى ان من اسباب عدم تسمية الحريري ايضا «الغموض في مقاربته مسألة ترسيم الحدود».

وقرّر النائب جان طالوزيان الانفصال عن كتلة القوات اليوم، والمشاركة منفرداً بالاستشارات وربما سيسمي الرئيس الحريري.

وحسب المتوقع فإن الكتل التي ستسمي الحريري هي: المستقبل (19 نائبا مع ديمة جمالي الغائبة)، اللقاء الديموقراطي (7 نواب)، الوسط المستقل(4 نواب)، التكتل الوطني (5 نواب)، الارمن (3 نواب)، والتنمية والتحرير (17 نائبا)، وربما كتلة القومي (3 نواب).

اما كتلة الوفاء للمقاومة (13نائبا) فتجتمع اليوم صباحا لتقرر موقفها. مع ترجيح ان الكتلة لن تسمي احداً.

وهناك 9 نواب مستقلين غير النائب ميشال المر الذي قد يتعذر حضوره، لم تعرف مواقفهم بينهم النائب نهاد المشنوق. اما كتل: الجمهورية القوية ولبنان القوي وكتلة ضمانة الجبل، وكتلة اللقاء التشاوري للنواب المستقلين فلن تسمي الحريري. علما ان عدد النواب هو 120 نائبا بعد استقالة ثمانية منهم رسمياً.

ويتراوح العدد الذي من المتوقع ان يحصل عليه الرئيس الحريري في الاستشارات بين 56 و60، من أصل 120 نائباً، هم أعضاء المجلس الحالي، بعد استقالة 8 نواب منه.

الهيئات والنقابات والعمالي لوقف الانهار

اقتصادياً، عقد اجتماع مشترك للهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي وهيئة التنسيق النقابية ونقباء المهن الحرة، للتباحث في الوضع الخطير في البلاد.

ودعا نقولا شماس الأمين العام للهيئات الاقتصادية إلى الإسراع بتشكيل حكومة لأن الفراغ ترك انعكاسات خطيرة على الاقتصاد..

وطالب رئيس الاتحاد العمالي بشارة الأسمر بتشكيل حكومة إنقاذ اقتصادية واجتماعية فوراً، تعمل على استرجاع الأموال المهربة والمنهوبة ودعم الضمان والمستشفيات والمدرسة ومكافحة الكورونا.

العودة إلى الشارع واحراق «قبضة الثورة»

على ان أخطر ما في المشهد عشية الاستشارات، العودة إلى الشارع، ففي محيط «بيت الوسط» تجمع العشرات رافعين شعارات مناوئة لإعادة تكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة، وتجمع مقابلهم أنصاره، الذين حملوا اعلام تيّار المستقبل.. وحالت القوى الأمنية دون تصادم الطرفين، لكن حادثاً رفضه المستقبل لاحقاً، تمثل باقدام شبان على إحراق «قبضة الثورة» وسط العاصمة..

وسرعان ما أوقفت القوى الأمنية (فرع المعلومات) 4 أشخاص من المتهمين، وأعلنت انها تلاحق متورط خامس بحادثة اضرام النار.

ونفى تيّار المستقبل ان يكون مناصروه قد قاموا باحراق قبضة الثورة في وسط بيروت ووصف هذا العمل بالمدان، داعياً الأجهزة الأمنية إلى كشف الملابسات وتوقيف المرتكبين أياً كانوا.

ودعا التيار أنصاره إلى التزام الموقف الرافض لاستخدام الشارع.

واحتجاجاً على إحراق شعار قبضة الثورة، قطع ناشطون طريق جسر الرينغ، واستمر المحتجون عند نقطة الرينغ بالتجمع ليلاً.

وليلاً، عمم ناشطون أن دعوات وجهت للتجمع على الطريق العام إلى قصر بعبدا، احتجاجاً على إعلان غالبية الكتل تسمية الرئيس الحريري.

وفي العاصمة، اقتحم محتجون مطعماً كانت تحتفل داخله إحدى السيدات، وظنوا انها عقيلة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعيد ميلادها..

وهتف المحتجون بشعارات منددة بالسلطة، معتبرين ان الأموال التي صرفت على الاحتفال هي اموالهم، وتوجه هؤلاء إلى من اشتبهوا بها بأنها زوجة الحاكم بالقول: «زوجك سرقنا»، ليتبين لاحقاً ان السيدة المحتفلة لم تكن زوجة سلامة.

65577

صحياً، سجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي إصابة 1241 إصابة جديدة بالفايروس، و5 حالات وفاة، ليرتفع العدد إلى 65577 إصابة مثبتة مخبرياً.

البناء

عون يرسم سقفاً عالياً لمفاوضات التأليف… ويحمّل النواب مسؤولية تسمية غير إصلاحية

56 صوتاً محققاً للتسمية وسقفها 61… ومواجهات بين جماعات الحراك وتيار المستقبل

البناءاليوم سيخرج الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما حسم أمران، الأول من بعبدا بصرف النظر عن فرضية تأجيل جديد للاستشارات النيابية، والثاني من بيت الوسط بعدما حسم أمر القبول بالتكليف مهما كان عدد النواب الذين يقومون بتسمية الحريري منخفضاً ومهما كان توزّعهم الطائفي والسياسي، وفي هذا السياق تقول التوقعات إنّ الرقم المحقق للحريري هو تسميته من 56 نائباً يمكن أن يترفع إلى سقف الـ 61 نائباً إذا قرّرت الكتلة القومية السير بتسميته ومنحه فرصة القفز الى تحقيق النصف زائداً واحداً من عدد النواب كميزة معنوية ربما لا تؤثر دستورياً في التسمية لكنها تحمل المعاني السياسية الكثيرة، إذا صدقت توقعات المستقبل بنيل تسمية نائبين مستقلين هما النائب المنفصل مؤقتاً عن القوت اللبنانية أنطون طالوزيان والنائب المستقيل من تكتل لبنان القوي ميشال ضاهر، والكتلة القومية ستقرّر صباح اليوم موقفها، بعدما تلقى رئيس الكتلة النائب أسعد حردان اتصالاً من الرئيس الحريري أكد خلاله دعوته لتضافر الجهود لتشكيل حكومة تنهض بالبلاد وتتحمّل مسؤولية عدم ضياع الفرصة المتاحة مع المبادرة الفرنسية، بينما أكد حردان على اهمية إنهاء حال الفراغ وضرورة وجود حكومة تتحمّل المسؤولية، داعياً لأن تكون حكومة جامعة تحصّن الموقف الحكومي سياسياً ووطنياً وتتميّز بالثقل السياسي والوطني، وأبقت مصادر الكتلة الخيارات مفتوحة بين عدم التسمية والتسمية ووضع أصواتها عند رئيس الجمهورية، بينما يرجح أن يتضامن حزب الله مع التيار الوطني الحر بعدم تسمية الحريري دون تسمية أحد آخر، بحيث يبقى الحريري مرشحاً وحيداً ولا يتعرّض ترشيحه للاهتزاز بانتظار مفاوضات التأليف التي ينتظر الحزب والتيار معاً أن تشهد تغييراً في التعامل باتجاه فرص تفاهمات تتيح توسيع حجم المشاركة في الحكومة تحت سقف مواصفات للوزراء تلاقي مفهوم الاختصاصيين بخلفية سياسية ودعم نيابي.

مصاعب ومتاعب التأليف كانت حاضرة في العناوين التي تحدّث عنها رئيس الجمهورية في كلمته أمس التي أكد خلالها تحمّل مسؤولياته الدستورية، واضعاً عنواناً للحكومة الجديدة يدور حول عناوين مكافحة الفساد، طارحاً أسئلة توحي بالسلبية تجاه تسمية الحريري، ملقياً المسؤولية على النواب في تسمية من لا يشكل مرشحاً مناسباً لخوض معارك مكافحة الفساد والمضيّ في معارك الإصلاح.

بانتظار التسمية شهد الشارع تظاهرة شارك فيها العشرات من الناشطين في الحراك تنديداً بتسمية الحريري، ورفضاً لعودته إلى رئاسة الحكومة، بينما خرج مقابلهم عشرات من أنصار تيار المستقبل، فصلت القوى الأمنية بينهما، لكنها لم تتمكّن من الحؤول دون قيام أنصار المستقبل بإحراق مجسّم قام الناشطون بإقامته في ساحة الشهداء.

… وعشية الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا اليوم، أطلق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سلسلة مواقف عالية السقف خلال كلمة وجهها إلى اللبنانيين، وصفتها مصادر بعبدا بجردة الحساب عن سنوات العهد الأربعة، ورسالة إلى الرئيس سعد الحريري بأنّ استحقاق التكليف لن يكون كاستحقاق التأليف

وسأل رئيس الجمهورية: “مطلوب مني أن أكلّف ثم أشارك في التأليف، عملاً بأحكام الدستور، فهل سيلتزم من يقع عليه وزر التكليف والتأليف بمعالجة مكامن الفساد وإطلاق ورشة الاصلاح»؟ وتابع: «هذه مسؤوليتكم أيها النواب، فأنتم المسؤولون عن الرقابة والمحاسبة البرلمانيّة باسم الشعب الذي تمثّلون  وشدّد على أنه سيبقى يتحمّل مسؤولياته في التكليف والتأليف، وفي كلّ موقف وموقع دستوري، وبوجه كلّ من يمنع عن شعبنا الإصلاح وبناء الدولة”.

ووجه الرئيس عون مضبطة اتهام للأطراف المشاركة في السلطة منذ عقود عبر سلسلة أسئلة تحمل إدانات لهم ورداً على الاتهامات التي طالت العهد والرئيس، وسأل: “أين خطة الكهرباء التي تنام في الأدراج منذ سنة2010 ؟ أين خطة السدود؟ أين نحن من هدر المال العام والحسابات المفقود أثرها في وزارة المال ومشاريع قطوعات الحسابات؟ أين نحن من هيئة الإغاثة ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين وصندوق الجنوب والمؤسسات العامة غير المنتجة؟ أين نحن من برامج المساعدة ومن المبادرة الفرنسيّة الاقتصاديّة الإنقاذيّة والمباحثات مع صندوق النقد الدولي ومساهمات مجموعة الدعم الدوليّة في عمليّة الإنقاذ؟ أين القضاء من سطوة النافذين؟ أين نحن من التدقيق الجنائي في مصرف لبنان؟ لماذا تمّ الهروب من تحمّل المسؤولية وإقرار مشاريع الإصلاح؟ ولمصلحة من هذا التقاعس؟ وهل يمكن إصلاح ما تمّ إفساده باعتماد السياسات ذاتها»؟ وأشار الى أنّ تجربة التدقيق الجنائي، إذا قدّر لها النجاح، ستنسحب على الوزارات والمجالس والصناديق والهيئات واللجان والشركات المختلطة كافة من دون استثناء”.

وبعد كلمته المتلفزة، أكد عون أنه لا يضع فيتو على أحد، قائلاً: “قامت القيامة عليّ بسبب تأجيل الاستشارات أسبوعاً لحلّ بعض المشاكل، علماً أنني خسرت سنة و١٤ يوماً بسبب تكليف الحكومات والتي كانت مع الحريري”. ورداً على أسئلة الصحافيين، قال: “حصلت مبادرات من أصدقاء مشتركين للحريري وباسيل من أجل جمعهما واللقاء «ما زبط» وأنا كحكم لا أتدخل بهذه المسائل”.

أضاف: “سنصبح في عزلة ولا أستطيع أن أفعل شيئاً فلا التشريع في يدي ولا التنفيذ”. ورداً على سؤال «هل أنت تقول إنّ الحريري عاجز عن تشكيل حكومة إصلاحية بامتياز؟ أجاب: “أنا قلت اللي قلته وكلّ واحد عنده تاريخ سياسي وانتو بتعرفوا كتير منيح كمراقبين وهيدا تهذيباً أنا عم قول هيك”.

ولم يصدر عن بيت الوسط أيّ ردّ فعل على كلام رئيس الجمهورية، وأشارت أوساط المستقبل الى أن «لا تعليق على كلام عون قبل انتهاء الاستشارات”. ومن المتوقع بحسب معلومات «البناء” أن يتحدث الحريري بعد تكليفه في بعبدا ويعلن استعداده للتعاون مع جميع الكتل النيابية لتأليف الحكومة ويطرح رؤيته وبعض معالم حكومته الجديدة وملامح البيان الوزاري المنطلق من ورقة الإصلاح الفرنسية، وذلك للردّ على التساؤلات التي تطرحها بعض الكتل على هذا الصعيد.

كما لم يصدر أيّ موقف من عين التينة التي جدّدت أوساطها لـ «البناء» التأكيد بأنّ الأهمّ هو إنجاز استحقاق التكليف للتفرّغ لاستحقاق التأليف الذي يحتاج إلى حوار ومشاورات واسعة للخروج باتفاق على حكومة جامعة تحظى بدعم سياسي داخلي وخارجي لتتمكّن من مواجهة التحديات المالية والاقتصادية والاجتماعية الداهمة وإنقاذ البلد من الانهيار. وأكدت بأنّ كتلة التنمية والتحرير ما زالت على موقفها بتسمية الرئيس الحريري.

أما الحزب التقدمي الاشتراكي فأكدت مصادره أنّ كتلة اللقاء الديمقراطي ستسمّي الحريري، فيما تعقد كتلة «الوفاء للمقاومة» اجتماعاً صباح اليوم قبل موعد الاستشارات لتقرير الموقف النهائي من تسمية الحريري أو سواه أو لا تسمية، علماً أنّ مصادر مطلعة على موقف الحزب أكدت لـ «البناء” أنّ الكتلة لن تسمّي الحريري انطلاقاً من اعتبارات عدة سياسية وأخرى لها علاقة بالرؤية والسياسات الاقتصادية المالية النقدية للحكومة المقبلة”، مشيرة إلى “أنّ عدم الاتفاق مع الحريري على هذه النقاط الأساسية التي ستشكل الوظيفة الأساسية للحكومة بناءً على المبادرة الفرنسية وورقتها الإصلاحية وكما يقول الحريري نفسه، ستدفع الحزب إلى عدم تسمية الحريري لكن لن يسمّي بديلاً له وبالتالي لن يسمّي أحداً ولن يقف عائقاً أمام تكليف رئيس المستقبل مع ربط نزاع معه حول استحقاق التأليف الذي سيخضع لقواعد وأصول ومعايير مختلفة سياسية ونيابية ودستورية وميثاقية، علماً أنه سبق للحزب أنه لم يسمِّ الحريري لكنه شارك في الحكومة ومنحها الثقة.

وفيما تعقد كتلة حزب الطاشناق اجتماعاً تقرّر فيه موقفها النهائي مع ترجيح لتسمية الحريري، تلقى رئيس الكتلة القومية الاجتماعية النيابية النائب أسعد حردان، اتصالاً هاتفياً من الحريري أمس، وجرى خلال الاتصال بحسب بيان للحزب، التطرّق إلى موضوع الاستشارات النيابية، وحاجة البلد إلى تشكيل حكومة جامعة تتحمّل مسؤولياتها في التحصين الوطني ومواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وشدّد حردان خلال الاتصال على أهمية انجاز الاستشارات، وأن يتمّ التسريع في تشكيل حكومة تتمتع بالثقل السياسي والوطني، علماً أنّ الكتلة ستجتمع صباح اليوم لتحديد موقفها من استحقاق التكليف.

وأصدرت عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي مساء أمس بياناً جاء فيه: “خلافاً لما تتداوله بعض وسائل الإعلام، تؤكد عمدة الاعلام انّ الكتلة القومية الاجتماعية ستجتمع عند التاسعة والنصف صباح (اليوم) الخميس لتتخذ القرار بشأن الاستشارات النيابية وستبلغ فخامة رئيس الجمهورية بقرارها”.

ولفتت العمدة وسائل الإعلام إلى أنّ بيانات الحزب وكتلته النيابية تصدر عن عمدة الإعلام حصراً.

وبعد إعلان اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين عدم تسمية الحريري، أكد النائب طلال أرسلان بعد اجتماع كتلة ضمانة الجبل أنها لن تسمّي الحريري بسبب «الغموض في مقاربة من رشح نفسه، من موضوع أساسي هو مقاربة صندوق النقد الدولي وما هي الشروط التي يمكن للبنان ان يحملها او لا يحملها الشعب اللبناني، فلا وضوح إطلاقاً من قبل المرشح نفسه لرئاسة الحكومة في هذا الموضوع، ونحن بالنسبة إلينا إذا لم تكن هناك أجوبة واضحة وصريحة حول مقاربة وجع الناس والأزمة المعيشية التي يتحمّلها الشعب اللبناني، نحن في هذا الموضوع لدينا تحفظ كبير واعتراض كبير”. وأشار أرسلان إلى أنّ من أسباب عدم تسمية الحريري ايضاً «الغموض في مقاربته مسألة ترسيم الحدود”.

وفي سياق ذلك، بقي تكتل لبنان القوي على موقفه بعدم تسمية الحريري بعد وصول الوساطات على خط بيت الوسط  – ميرنا الشالوحي الى طريق مسدود، وأفيد مساء أمس بأنّ رئيس «التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل يتّجه لمقاطعة الاستشارات غير الملزِمة التي سيجريها الرئيس المكلّف في المجلس النيابي، وقد يُرسل وفداً مصغّراً لتمثيل تكتل «لبنان القوي» في هذه الاستشارات، ما يؤشر إلى أنّ باسيل رفع سقف التحدي مع الحريري وفتح معركة التأليف مبكراً وأنه ربما لن يشارك في الحكومة ولن يمنحها الثقة أو ربما يكون تموضعاً تفاوضياً لمفاوضة الحريري من موقع قوة على المشاركة في الحكومة وحجم ونوع التمثيل فيها.

وبحسب خريطة الكتل حتى الساعة، فإنّ الحريري سيحصل على دعم كتل «التنمية والتحرير» و”اللقاء الديمقراطي” و»المردة» و»الطاشناق” و»الوسط المستقل” (ميقاتي)، وبطبيعة الحال «تيار المستقبل»، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين، الذين زادوا نائباً واحداً بانفصال النائب جان طالوزيان عن تكتل «القوات» وذهابه إلى الاستشارات مستقّلاً لتسمية الحريري. وفي احتساب الأصوات فإنّ الحريري سيحوز على نحو56  صوتاً، وترتفع إلى59  إذا حاز الحريري على أصوات الكتلة القومية وهو عدد أصوات كاف لتكليفه بتأليف الحكومة.

ويسعى الحريري لكسب أكبر عدد أصوات لا سيما النواب المسيحيين لتعزيز التأييد المسيحي له من جهة، وليأتي قوياً الى استحقاق التأليف في مواجهة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، علماً أنّ مصادر متابعة لملف الحكومة لفتت لـ «البناء» الى أن لا اتفاق واضح بين الحريري والكتل التي سمّته على شكل وحجم وتمثيل الحكومة المقبلة، ما يعني أنّ تأليف الحكومة سيطول أمده وسيمرّ بجولات من المدّ والجزر وعقد عدة إلا في حال استجدّت متغيّرات ومعطيات دولية وإقليمية في ضوء الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبنان إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة عشية استشارات نيابية سينبثق عنها تكليف شخصية بتشكيل فريق وزاري في بلد يواجه أزمة سياسية خطيرة، وحذّر لودريان من التأخر في تشكيل الحكومة اللبنانية، وقال «إنّ المركب سيغرق أكثر”.

في غضون ذلك، أقدم عدد من أنصار تيار المستقبل على إحراق شعار ​ما يسمّى «قبضة الثورة»​ في ​وسط بيروت​ كما عمدوا الى تحطيم مجسم «طائر الفينيق”.

وكان تجمع ​محتجّون​ أمام ​بيت الوسط​ في ​بيروت​ رفضاً لتكليف​ الحريري​ لتشكيل حكومة، وتواجد في المكان مناصرون لتيار المستقبل​، وعمل ​الجيش اللبناني​ و​القوى الأمنية​ على الفصل بين الجانبين.

وأوضح «تيار المستقبل» في بيان أن لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهذا العمل المدان»، ودعا جمهوره الى «التنبّه من الانجرار وراء هذه الأفعال المشبوهة، والالتزام بموقف التيار الرافض لاستخدام الشارع تحت أيّ ظرف من الظروف، والتحلي بأعلى درجات اليقظة وضبط النفس”. لكن مصادر ميدانية أكدت “أنّ مجموعات من المستقبل التي خرجت لدعم الحريري اقتحمت ساحة الشهداء وقامت بأعمال شغب مع حصول احتكاكات مع متظاهرين”.

 

المصدر: صحف