“خلِّيك بالبيت” ولكن.. الى متى؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

“خلِّيك بالبيت” ولكن.. الى متى؟

GettyImages-1206329585
أمين أبوراشد

بعض وسائل الإعلام في لبنان، وبشكلٍ خاص المرئية منها، تدعو الى حالة طوارىء في مواجهة وباء الكورونا، لكن هذا الأمر ليس بهذه البساطة، لأنه من صلاحيات مجلس الوزراء أولاً، وثانياً لأن هذا الإعلام يستخدم هلع الناس من الوباء، ليستخدمه كما سبق واستخدم الشارع، ساحة تصفية حسابات في الخصومة السياسية، والمشكلة تكمُن في الذهنية غير المسؤولة لدى بعض مَن غابوا عن الحكومة وعن السلطة السياسية التنفيذية، لِنشر أحقاد تُضاهي في مفاعيلها كارثة الكورونا.

الشعب اللبناني المنكوب إقتصادياً حائر، لأن هناك كورونا بسمنة وكورونا بزيت، وهذا الوباء لا يُقدِّم ولا يؤخِّر كثيراً لدى موظفي القطاع العام لو التزموا منازلهم، لأن حقوقهم محفوظة سواء حضروا الى العمل أم غابوا، لكن العاملين في القطاع الخاص، كيف لهم البقاء في البيت، وغالبيتهم الساحقة يرتبط مصير وظائفهم بالحضور الى العمل سواء براتبٍ كامل أو بنصف راتب؟ لا بل أن وباء الكورونا بات يُمسِك بمصائرهم ولقمة عيش عائلاتهم، لدرجة أن هذه الفئة من العاملين، تُدرك مخاطر مواجهة الكورونا في أماكن العمل، ومع ذلك هي على استعداد لخوض معركة البقاء مع الوباء لتأمين الحدّ الأدنى من متطلبات العيش.

وحدِّث ولا حرج عن العامل اللبناني المُياوِم، “تعمل تأكل” ..”لا تعمل، لا تأكل لا أنت ولا عائلتك”، خاصة أن شلل القطاعات الإنتاجية كالصناعة والمقاولات في شللٍ إقتصادي زادت الكورونا من مفاعيله، وبات المُياوِم في لبنان مُلزماً بافتراش الأرصفة كما سواه من العمال الأجانب علَّ وعسى تأتي الرزقة بنهار عمل!

لسنا في موقع مُطالبة الناس بتجاهل مخاطر الوباء والمُجازفة مهما يكُن بالذهاب الى العمل، ولا نحن نسمح لأنفسنا العبور فوق المعاناة المادية للبنانيين الذين يحتاجون العمل اليومي وأحياناً في الليل والنهار لتأمين قوت عيالهم، بل نحن ضدّ الشلل الكامل في القطاعات الإنتاجية، لأن هذا الشلل لن يجعل الصناعي المتموِّل يجوع، ولا التاجر الذي باتت أسعار السلع لديه كما البورصة في تقلباتها اليومية تصاعدياً، بل نحن نحصر همومنا بفئة من اللبنانيين تندرج تحت خانة “لا تعمل.. لا تأكل”..

بناء على الواقع المؤلم الذي نعيشه، نُطالِب بمركزية القرار في المواجهة، وأن لا يكون البلد “دكاكين فاتحة على حسابها”، وهذا القرار هو لدى الحكومة في كل ما تراه مناسباً، لأن إقفال بعض القطاعات السياحية تداركاً للتجمعات، لا يعني أن إقفال القطاعات الأخرى مطلوب حالياً، متى تمّ اعتماد معايير الوقاية في أماكن العمل.

ختاماً، علينا أن نُدرِك، أن الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني، ليس لديها تَرَف الخيارات كما بعض شعوب الدول الأخرى، التي تستطيع فرملة قطاعاتها الإنتاجية كافة لفترة معيَّنة حفاظاً على السلامة العامة، لأن هذه الدول ربما تكون أكثر قدرةً من لبنان على الصمود دون تجويع شعبها، والظروف التي نمرُّ بها تستوجب العمل ربما أكثر من أي وقتٍ مضى للنهوض من هوَّة إقتصادية عمرها عقود من الفساد، وكل ما هو مطلوب، اعتماد وسائل الوقاية والحماية التي تحرص الحكومة على تعميمها وخاصة وزارة الصحة العامة، وأن لا نسمح للدكاكين الإعلامية المشبوهة، أن تقطف الفرصة التي زرعتها في الشوارع لتقويض ما بقي من أمل لدى الشعب اللبناني للمواجهة ضمن الحدّ الأدنى من الخسائر..  

المصدر: موقع المنار