خطبة الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش 4-6-2021 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

خطبة الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش 4-6-2021

الشيخ علي دعموش

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 خط الامام الخميني(قده) المعالم والنتائج

في الذكرى الثانية والثلاثين لرحيل مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية الامام الخميني (رض) ، نتوقف عند مكسب من أهم مكاسب الثورة الإسلامية ، وهو خط ونهج الإمام الخميني (رضوان الله عليه) الذي هو خط سياسي إسلامي يعبر عن مواقفنا السياسية والجهادية، ويرتبط بواقعنا وأصولنا الفكرية والإيمانية .

وقد ظهر مصطلح خط الإمام عند احتلال السفارة الأمريكية في طهران من قبل الطلبة المسلمين الذين سموا أنفسهم بالطلبة السائرين على خط الإمام .

ومنذ هذا التاريخ ، دخل هذا المصطلح في قاموس الثورة الإسلامية إلا أن مضمون خط الإمام والمحتوى الفكري والسياسي والجهادي لهذا المصطلح كان موجوداً في عمق الثورة قبل ذلك بزمان بعيد .

وقد تميز خط الإمام من بين سائر الخطوط السياسية السائدة كخط إيماني سياسي جهادي واضح المعالم والاتجاه  واستقطب هذا الخط دون سائر الخطوط جماهير الأمة .

وقد كان لمسيرة حزب الله  والمقاومة الاسلامية المباركة في لبنان منذ انطلاقتها شرف الانتماء إلى هذا الخط والالتزام به ، حتى أصبح ذلك جزءاً من ثقافتنا وأدبياتنا وشعاراتنا وسلوكنا وعملنا، ولكن يبقى أننا بحاجة دائماً إلى شرح وتوضيح هذا الخط ومعالمه وخصوصياته وميزاته حتى نستطيع أن نحاكم أعمالنا وسلوكنا وأداءنا وأمورنا على أساسه لأنه عندما يكون الخط واضحاً لدينا نستطيع أيضاً أن نحصن المسيرة فكرياً وثقافياً وإيمانياً وسياسياً وفي الالتزام والأداء.

خط الإمام الخميني (رضوان الله عليه) كما يعرفه الإمام القائد الخامنئي (دام ظله الوارف) هو: ” فهمه الأصيل للإسلام كرسالة إلهية خاتمة ، ومنهجه العملي في التعاطي مع قضايا الإسلام والأمة “. وهذا يعني أن لخط الإمام بعدين وجانبين :

الجانب الأول : هو فهم الإمام للإسلام بما هو عقيدة وشريعة ومبادئ وقيم ومفاهيم وخط سير وسلوك إلى الله.

وفي هذا البعد عندما نريد أن نلتزم خط الإمام فهذا يعني أنه لا بد أن نلتزم فهم الإمام الخميني (رضوان الله عليه) للإسلام بكل جوانبه وأبعاده الفكرية والتشريعية وغيرها. .

الجانب الثاني : هو المنهج العملي للإمام (رضوان الله عليه) في التعاطي مع قضايا الأمة وأحوالها وأوضاعها وشجونها وآمالها وآلامها ، وطريقته وأسلوبه العملي في مواجهة التحديات والأخطار والمحن والفتن التي يواجهها الإسلام والأمة من قبل الاستكبار العالمي وغيره . .

إذن : خط الإمام هو فهمه النظري للإسلام وهو أيضاً منهجه العملي لكيفية التعاطي مع القضايا المعاصرة التي تخص الإسلام والأمة .

ولأننا لا نستطيع هنا أن نشرح ما يتعلق بالجانب الأول ، فإننا سنكتفي باستعراض العناوين المتعلقة بخصوصيات وميزات نهج الإمام في بعده الثاني من خلال كلمات الإمام القائد (دام ظله الوارف) .

إن أهم أركان هذا الخط وميزاته وخصوصياته هي :

أولاً : الربانية والارتباط بالله سبحانه وتعالى ارتباطاً وثيقاً قائماً على أساس العبودية الحقيقية لله تعالى ، والإخلاص له والتوكل عليه في كل الحالات ، وهذا هو قوام الخط وأساسه الأول .

ثانياً : التقيد الكامل بالتكاليف والمسؤوليات الإلهية والعمل على امتثالها وتطبيقها مهما كانت النتائج .

ثالثاً : الإصرار على الالتزام بالإسلام المحمدي الأصيل وتحطيم حاجزي التحجر والالتقاط في الفهم والعمل الإسلامي .

رابعاً : التأكيد على ارتباط الحاكمية والقيادة بالولي الفقيه في عصر غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ووجوب التفاف الناس حول قيادته والتقيد بأوامره والمسؤوليات والتكاليف التي يحددها .

خامساً : الصبر والصمود في مواجهة القوى المستكبرة وعدم مساومتها ، والثبات على المواقف المبدئية تجاه كل القضايا السياسية .

سادساً : الاهتمام بالجانب الروحي والمعنوي ، والعمل على بناء الذات على التقوى ، والصمود في مواجهة وساوس النفس الإنسانية أو (سلطة شيطان النفس ) على حد تعبير الإمام القائد .

يقول الإمام القائد (دام ظله الوارف) عن الخصوصيتين الأخيرتين :

” هذان الأمران المهمان وهذان الميدانان للصراع -أي الصراع مع قوى الاستكبار والصراع مع النفس – لم يكن الإمام يفصلهما عن بعض ، كان يقف في الساحة الاجتماعية والسياسية في مقابل الشيطان الأكبر وشياطين القوى المستكبرة ، وكان يجاهد في ساحة النفس الإنسانية نفسه ويصر على العمل العبادي وبناء الذات وتزكية النفس وتهذيبها ” .

سابعاً : التبني المستمر لقضايا المستضعفين في العالم الإسلامي ، بشكل جاد ، والدفاع عن مواقعهم وقضاياهم بكل الوسائل الممكنة . والعمل على إنقاذهم ورفع الحرمان عنهم وتأمين العدالة الاجتماعية .

ثامناً : الإصرار على وحدة المسلمين ومواجهة محاولات بث الفتنة والفرقة بين الشعوب والمذاهب الإسلامية من قبل الاستكبار العالمي.

تاسعاً : التزام خيار المقاومة في الصراع مع الكيان الصهيوني وفي استعادة الحقوق والمقدسات ، فإن قضية الصراع مع العدو الإسرائيلي كانت تحتل مكاناً خاصاً في منطق وطريقة وتخطيط الإمام (قدس سره) . يقول الإمام القائد (دام ظله الوارف ) : ” ففي نظر الإمام تعتبر قضية الصراع مع الصهاينة من الأصول والثوابت التي لا يجوز غض النظر عنها من قبل الشعوب الإسلامية بأي وجه من الوجوه ، وذلك لأن الإمام قد شخص بدقة الدور الإرهابي والمخرب والهدام لهذا الكيان الغاصب قبل سنوات من الثورة ”

عاشراً : إعطاء الأهمية لقدرات الشعوب واعتبارها عنصراً أساسياً في أية حركة تغييريه ، فقد كان الإمام يخاطب الشعوب ويتكلم معها ، وكان يعتقد أن تحولات العالم الكبيرة إذا حدثت بأيدي الشعوب فلن تقبل الهزيمة والانكسار ، وتستطيع الشعوب أن توجد تحولاً في الدنيا وتغير المحيط الذي تعيش فيه .

حادي عشر : إيجاد علاقات صحيحة مع الدول على مستوى العالم باستثناء الدول المستكبرة كأمريكا مثلاً ” فالعلاقة مع أمريكا مرفوضة لأنها دولة مستكبرة ومعتدية وظالمة ، وهي في حالة حرب وصراع مع الإسلام ” على حد تعبير الإمام القائد (مد ظله الوارف)  .

هذه هي معالم الخط والمشروع الذي طرحه الامام الخميني(قده) وهو طرح اوسع من ايران وتأسيس الجمهورية الاسلامية هو مشروع للأمة كلها.

اليوم نحن نرى نلمس نتائج وبركات وآثار هذا الفكر وهذا الخط في كل المنطقة، ونرى النتائج العظيمة للدماء والعطاءات والتضحيات التي قدمها الملتزمون بهذا الخط وبهذا الفكر.

لقد بقي خط الامام حيا وحيويا في نظام الجمهورية الاسلامية في ايران، فان يبقى هذا الخط  وهذا النهج حيويا بعد وفاة الامام فهذا أمر في غاية الاهمية، ولا شك انه ببركة الامام القائد(دام ظله) وجهوده وحكمته بقي هذا الخط مستمرا وويعطي اليوم ثماره ونتائجه المباركة.

امتدادات خط الامام  لم تقتصر على ايران بل وصلت الى كل المنطقة من ايران الى لبنان والعراق وصولا الى اليمن .

فلبنان والمقاومة الاسلامية في لبنان هما من المواقع التي تجسد فيها خط الامام ومشروع الامام الخميني بشكل كبير .

المشروع الذي عمل عليه الامام الخميني صنع محور المقاومة وما كان لهذا المحور ان يتشكل ويحقق الانجازات والانتصارات لولا التضحيات الجسيمة التي قدمها الملتزمون بهذا المشروع ولولا حكمة الامام القائد وجهود الشهيد قاسم  سليماني والصبر والثبات الذي تلحى بهما المقاومون في هذا المحور.

محور المقاومة هو خطوة متقدمة في فكر الامام وخطه ونهجه.

اليوم توجد في المنطقة قوى عظيمة شعبية وسياسية وعسكرية .

قوى شعبية تؤمن بالمقاومة وتلتزم خيارها، وفصائل مقاومة عسكرية تملك قوة مهمة وتراكم قدراتها وامكاناتها، وقوى سياسية تتمثل في القيادات السياسية لمحور المقاومة التي تتصدر اليوم المشهد في كل دول المنطقة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق وغيره .

اليوم قادة محور المقاومة العسكريين والسياسيين هم من يقود ويدير الصراع في فلسطين واليمن والعراق ولبنان .

اليوم نتائج الالتزام بنهج الامام الخميني جيدة ومهمة جدا على مستوى كل المحور.

فايران بفعل الثبات والصمود والصبر والوعي وحكمة القيادة عبرت بشكل كبير مرحلة الخطر،

وخيارات إسرائيل وأميركا ضد إيران في الموضوع النووي أيضاً خيارات فشلت، فايران لن تتخلى عن حقها في النووي نتيجة العقوبات وليس هناك من خيار امام اميركا والغرب سوى رفع العقوبات والعودة الى الاتفاق النووي واليوم الحرص الذي يبديه العالم ليتفاوض مع ايران ويتحاور معها ويصل معها إلى حلول يؤكد فشل المحور الامريكي في ايران ويعزز من مكانتها ودورها الإقليمي والدولي.

في سوريا فشلوا ايضا، وتجاوزت  سوريا المخاطر ، ومعظم الأراضي السورية باتت تحت سلطة الدولة،وقد اجريت الانتخابات الرئاسية بمشاركة شعبية عظيمة وفاز فيها الرئيس بشار الاسد بنسبة متقدمة جدا بالرغم من كل شيء.

في العراق، محاولات إحياء داعش من جديد، واستهداف الحشد الشعبي وقوى المقاومة في العراق فشلت حتى الان ايضا .

في اليمن، الوعي والفهم والحضور الشعبي والانجازات مهمة وعظيمة، فاليمنيون صامدون، أقوياء، منتصرون، ويتقدمون، ويحققون الانجاز تلو الانجاز.

اما في فلسطين فالانتصارالاخير للشعب الفلسطيني ومقاومته افشل كل الرهانات المعقودة لإنهاء القضية الفلسطينية وتم اعادة الحياة والحيوية لهذه القضية بعدما جرت محاولات كثيرة لتصفيتها، وتم إحياء ثقافة وروح المقاومة كطريق وحيد لاستعادة الأرض واسقاط ما يسمى بصفقة القرن بصورة نهائية، ووجه ضربة قاسية لمسار التطبيع وأنظمة التطبيع، وادخل معادلات جديدة في الصراع مع الاسرائيلي ولعل الاهم من كل ذلك ان المواجهة الاخيرة استنهضت معظم شرائح ومكونات الشعب الفلسطيني في الداخل وأعادت روح النضال والتضحية لديه تعبيرا عن تمسكهم بحقوقهم الوطنية المشروعة.

كلهذه النتائج العظيمة هي بفضل الامام وخطه ونهجه ومشروعه الذي تجاوز ايران ليصل الى دول وشعوب كل المنطقة.

وضوح الرؤية لدى قادة وكوادر محور المقاومة ومعرفة اين نحن والى اين نتجه وما هي اولوياتنا هو من بركات هذا النهج الذي خطه الامام الخميني(قده).

هذا المشروع يتعاظم يوما بعد يوم وهو يلقي بثقله علينا ويحملنا المزيد من المسؤوليات لكن بالأكيد اي جهد يلبذل في هذا الطريق هو جهد مبارك يخدم هذا المشروع ويعزز من حضوره وثباته وامتداداته.

 

المصدر: مكتب الشيخ دعموش