25 أيار… الكيان وبداية الإنهيار – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

25 أيار… الكيان وبداية الإنهيار

قاوم تنتصر
يونس عودة

 

ليس الخامس والعشرين من ايار الذي يحتفل اللبنانيون فيه بذكرى تحرير جزء غال من لبنان ، ودحر رابع اقوى جيش في العالم كما كان يصنف قبل تحطيم عنجهيته ومرغ انفه في التراب ، ليس يوما استثنائيا فقط في لبنان، وانما كان يوما ارسى قاعدة تحولات كبرى في مفاهيم ثقافية وسياسية وعسكرية ايضا، الى جانب تحقيق امل كاد ان يكون حلما مستحيل التحقق.

ان ما راكمته المقاومة منذ انطلاقتها، من ثقافة مهمة على المستويات كافة، تبدأ من نشر الوعي فيما يختص بعملية التحرير والانتماء مقرونة بالتضحية اللامحدودة من خلال انموذج القدرة على المواجهة رغم اختلال موازين القوى مع العدو ، ودحر مفهوم “العين لا تقاوم المخرز”، الى الاعتناء بالمجاهد كانسان  والتعاطي بصدق غير مسبوق مع الناس – كل الناس – واكتساب ثقتهم ، سيما ان الناس كانوا في حالة احباط شديد بعد اجتياح لبنان عام 1982 ودخول القوات الاسرائيلية الغازية العاصمة بيروت ، الى إعداد الذين باعوا جماجمهم الى الله -للحظة المناسبة ، هذه من العوامل الاساسية التي ادت الى التحرير الكبير عام 2000، واندحار الجيش الذي كان لا يقهر ، وهو يجرجر اذيال الهزيمة، مقابل فاتحة عصر الانتصارات الاتية لاحقا ، رغم المؤامرات الكبرى منها والصغرى، ومن دون قيد او شرط .

لم يكن دحر الاحتلال الصهيوني عن الارض اللبنانية بمعظمها، مجرد محطة عادية في الصراع الذي بدأ منذ انشاء الكيان على ارض فلسطين ، وانما كان تحولا ليس فقط على المستوى العسكري ، وانما في سيرورة عملية التحرير والتحرر ، والاثبات للعالم كله ان الاحتلال لا يخرج ولا يجلى الا عبر فوهات البنادق – اي بالمقاومة، وليس عبر قرارات تصدر من الامم المتحدة ، او مجلس الامن، سيما وان التجارب مع الكيان منذ توليده مع القرار 181 وكل القرارات اللاحقة وصولا الى القرار 425 الخاص بلبنان، كانت حبرا على ورق ، ولم يلتزم الاحتلال يتنفيذ اي منها .

لم يخرج الجيش الاسرائيلي من الارض اللبنانية التي غزاها بداية في تشرين اول 1976، ومن ثم وسع احتلاله في اذار عام 1978 في ما سماه عملية الليطاني وصدور القرار 425 في اعقاب ذلك، عبر الهيئات والقرارات الدولية ، لا بل غزا معظم لبنان بعد اربع سنوات ونيف ، واحتل العاصمة ، وارتكب المجازر ، ( صبرا وشاتيلا)، بينما بقيت ثلة من الرجال تقاتل ، ولم تر سبيلا الا بالبندقية .

لقد بنت تلك الثلة قوة عظمى بات بأسها حاضرا في كل اصقاع الارض ، دولا وشعوبا ، بغض النظر عن محاولات التشويه ، والوصم بمصطلحات من انتاج الاحتلال ، وتحمل صفاته مثل الارهاب ، ولقد اعترف العالم مباشرة او مواربة ، بان اسرائيلهم هزمت امام القدرة الفتية – حزب الله- الذي لم يخلف عهدا ولا وعدا. لا بل تحولت هذه القدرة بمفاهيمها الى انموذج في النظرية والتطبيق والسلوك لكل من يريد وطنه حرا من الاحتلال، رغم التضحيات واثقالها ، وكيفية احتواء ظلم ذوي القربى ، وتصنيف واضح للعدو والصديق ، لان في هذا التحديد لا يمكن ان يكون للبراغماتية مكان.

في عيد المقاومة والتحرير ، والانتصار غير المسبوق ، والذي يصادف هذا العام مع انتصار المقاومة الفلسطينية في حرب الايام ال11 الاخيرة ، يتأكد ان النهج  الذي اتبع ، والذي ادى الى دحر الاحتلال ، ومهما عظمت القوة المعادية ودفعها ودعمها بكل آلات القوة والقتل والتدمير ، بات نهجا ملهما على كل المستويات للتواقين الى خلع نير الاحتلال ، وهو بكل بساطة وواقعية وموضوغية ، هوالنهج الذي لا يسمح ولن يسمح للعدو بالانتصار ، ومهما كانت القدرات والقوى غير متناسبة ، لان السكوت عن الظلم جبن ، والجبناء لا مكان لهم في مسيرة التحرير والحرية .

لقد فهم قادة الاحتلال انه من المستحيل بعد اليوم ضمان امن كيانهم ، وان الفكرة التي انشأ عليها الكيان ضربت في اساسها ، رغم القوة والوسائل العسكرية والامنية التي يملكها ويستخدمها ، مع الحماية الدولية له  من الدول الاستعمارية الكبرى وعلى راسها الولايات المتحدة الاميركية ، وهو ما عكسته العديد من الدراسات والتحليلات، وقد استخلصت دراسة دولية :”إنه بعد نتائج المواجهة  في غزة، تجاوزت إسرائيل ذروة وجودها، ناهيك عن التوسع، من الآن فصاعدا سوف تقوم بالدفاع الاستراتيجي والتقهقر“. 

 

المصدر: خاص