نائب رئيس المجلس الشيعي: إبقاء الأمور على حالها انتحار جماعي – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

نائب رئيس المجلس الشيعي: إبقاء الأمور على حالها انتحار جماعي

نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب

وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، رسالة الجمعة قال فيها: “من بركات هذا الشهر العظيم، الحدث المصيري الذي كان له الأثر الكبير على الإسلام وما أسس له من انتصارات وما أعطاه من معنويات ودروس رسالية ومن مصداقية عملية للوعد الإلهي ونحن اذ نستعيد اليوم هذه المناسبات ليس من باب التسلية أو من باب التفاخر بالماضي والعيش على الذكريات، وإنما لنبني عليها ونعيد حساباتنا ونعي أن الإيمان والإسلام والارتباط بالله تعالى هو الأساس الذي يجب ان نبني عليه مواقفنا إذا ما أردنا أن نبني حياتنا على أسس متينة ومستقرة وعزيزة وكريمة في الدنيا والآخرة، وأن يكون لنا دور هادف يتخطى هذه الحياة المحدودة، فالمؤمن لا يعيش هذه السنوات المحدودة للحياة، وهي لا تمثل له سوى مساحة ضيقة لا تتسع لطموحاته اللامحدودة الآفاق ولا تشبع رغباته السامية لذاتها التي لا يرى فيها إلا دنوا وتسافلا عن الهدف الذي خلق من اجله. هو خلق ليرتقي القمم العالية للقيم الالهية السامية ولدار أخرى، قال تعالى عنها: وإنَّ الدار الآخرة لهي دار الحيوان لو كانوا يعلمون. من هذا المنطلق نستعيد هذه الأحداث لأنها ليست منسلخة عن هذه المبادىء ولا يمكن قراءتها من منظور آخر”.

أضاف: “نحن حينما ندعو الله تعالى لأن يتقبل صيامنا لا يمكن لنا وبهذه الخلفية الا ان نقرنه بالدعاء والسؤال من الله تعالى ان يتقبل صوم الصائمين وان يتم علينا وعلى المسلمين واللبنانيين هذا الشهر المبارك بالأمن والأمان والفرج القريب بالخروج من هذه الأوضاع الصعبة التي يعانيها اللبنانيون على كل الصعد الاقتصادية والنقدية والغلاء الفاحش والاستغلال الذي يمارسه تجار الأزمات من احتكار السلع الضرورية والاستفادة من السلع المدعومة وحرمان المستحقين منها وفقدان الضروريات من الأسواق في كثير من الأحيان، وارتفاع الأسعار يعجز المواطن معه من الحصول عليها ومع كل ذلك، فلا مسؤول ولا رقيب ولا حسيب، فالمواطنون متروكون لقدرهم وعليهم ان يدبروا أمورهم بأنفسهم يجوعون ويهانون او ينتظرون من يتصدق عليهم بكرتونة الإعاشة أو يمد لهم يد المعونة بما يسد رمقهم ويبعد عنهم شبح الموت جوعا، فهل يستحق هؤلاء الكرام هذه المعاناة وهذا السحق لكراماتهم وهذا الإذلال لهاماتهم المرفوعة أبدا، فتبا لأولئك الذين أوصلوا الامور الى هذه الحال المزرية لبلدهم والذين استغلوا مواقعهم من أجل الاستحواذ على مدخرات الناس ونهب المال العام وإهمال أمور الدولة، ولم يكن همهم سوى منافعهم الخاصة”.

وتابع: “سردنا حتى الآن هموم وشجون المواطنين وتحدثنا عن الذين سببوا هذه الكارثة، ولكن المهم الآن هو البحث عن الحلول وسبل الخروج من هذا الواقع الى بر الأمان، وحتى هذا أقفلوا الطريق اليه فما زال من بيدهم الحل يعيشون في غربة عن التفكير بمصير الوطن وبمعاناة الناس لأن مصالحهم الشخصية كما يبدو هي الأهم ولأن أنانياتهم أعمت بصائرهم عن رؤية الواقع الذي اوصلوا اليه البلد وعن الاحساس بالمسؤولية والتفكير بالحلول او القبول بالاقتراحات التي تشكل المدخل لبداية الولوج الى حل ما، واذا كان هناك من يمارس الضغوط ويقف عائقا او مانعا من التوافق بين المسؤولين، فنحن ندعوهم الى مصارحة المواطنين وان يقولوا ذلك لهم بوضوح حتى يتحملوا معهم مسؤولية الموقف ويكونوا بجانبهم، فليس مقبولا ولا مفهوما على الإطلاق تقاذف المسؤوليات واتهامات التعطيل وانسداد أفق الحل طوال هذه المدة وعدم وجود أي منفذ يمكن الوصول عبره الى حل او تسوية، وإبقاء الامور على حالها فهو انتحار جماعي ولينتظر الجميع مزيدا من الفلتان الأمني والفوضى ولن يكون المعطلون بمنأى عن تداعياتها ولينتظروا من سيأتيهم الى قصورهم التي لن تقوى على حمايتهم ودفع الأخطار عنهم”.

وقال: “نحن في شهر رمضان شهر المغفرة والتوبة شهر العتق من النار والفوز بالجنة، ندعو الى اقتناص هذه الفرصة والعودة عن الاستمرار في ارتكاب هذه الجريمة بحق الشعب ولبنان وتشويه سمعته وإنجازاته وقدراته وطاقاته التي اكتسب بها احترام شعوب العالم أجمع حتى من أعدائه، والعمل سريعا على إيجاد الحل الذي يعيد لهذا الشعب أمنه وأمانه واستقراره واحترامه الذي خدشته التصرفات اللامسؤولة للبعض قبل فوات الأوان، وعدم الرهان على التحولات الإقليمية والتسويات الدولية عله يستفيد منها في صراعه الداخلي على الفريق المنافس، فإن هذا لن يبني وطنا، وعلى المراهنين ان يبادروا الى القيام بالتفاهم مع الشركاء في الوطن على بناء دولة المواطنة ودولة القانون والمساواة في الحقوق والواجبات، والتخلي عن روح الاستعلاء والتمايز التي لا تنسجم مع الدعوة الى الحياد فيما هي استقواء بالقوى الخارجية حينما تستدعى الامم لفرضه على اللبنانيين مع عدم التفاهم مع سائر المرجعيات اللبنانية الاخرى واعتبارها تابعة لها أو غير موجودة. هذا الحياد المدعى الذي غاب عن خطاباتهم عندما كان العدو الاسرائيلي يحتل عاصمة لبنان والقسم الاعظم من ارضه وكان قسم كبير من شعبه مشردا ونازحا عنه بسبب الاحتلال، انه لا يمكن لأحد ان يتفرد بالقرار وان يفرض موقفه على الآخرين، ولا مناص من التفاهم القائم على أسس وطنية مع الحفاظ على الخصوصيات للطوائف اللبنانية التي لا تتنافى مع الوطنية، كما يدعى تهربا من الاستجابة للحل الوطني المستدام الذي يبني دولة حقيقية لا يتعرض معها البلد كل عقد من الزمن الى دورة جديدة من الحروب تأكل حشاشات اللبنانيين”.

وسأل: “ألم ييأس الذين يحلمون بإيجاد إسرائيل أخرى بعد كل ما رأوه من هزائم للمشروع الصهيوني وتعرضه للخطر الوجودي باعتراف قادته، وبعد فشل أقسى الحروب لضرب المقاومة وتقسيم المنطقة، فليعد هؤلاء الى رشدهم وحضن بيئتهم الحريصة عليهم وعلى وجودهم وليتخلوا عن مشاريعهم المجنونة التي لن تجلب لهم ولوطنهم إلا مزيدا من الدمار والخراب”.

وهنأ العمال “ولا سيما عمال لبنان في عيدهم الذي يحمل هذا العام معاني الحزن والألم والمعاناة لما وصلت إليه حالهم من انعدام فرص العمل وتفشي البطالة وتدني قيمة الرواتب وإقفال آلاف المؤسسات”، متمنيا أن “يحل العيد المقبل وقد تخلص لبنان من أزماته وتحسنت أوضاعه الاقتصادية وظروف بنيه المعيشية”.

ودعا العرب والمسلمين الى “أوسع حملة تضامن مع الشعب الفلسطيني المنتفض دفاعا عن مقدساته وأرضه وكرامته إذ يستمد المقدسيون التحدي من بدر الكبرى، ليواجهوا بلحمهم العاري وقبضاتهم العالية جبروت الاحتلال المدجج بأحدث الأسلحة في مشهد بطولي ينبغي أن تتفاعل معه كل الشعوب والدول نصرة للقدس ودعما لشعبها، ونحن إذ نبارك للشعب الفلسطيني انتفاضته وهبته المجيدة، فإننا نناشد الفلسطينيين أن يتمسكوا بحقوقهم المشروعة في أرضهم ويعتصموا بالله تعالى وبوحدتهم ومقاومتهم، فيشكلوا غرفة عمليات مشتركة تضم كل الفصائل والقوى الفلسطينية في مواجهة العدوان الصهيوني”.

وتوجه ب “أحر التعازي وأسمى معاني المواساة من المرجعية الدينية في النجف الأشرف والشعب العراقي الشقيق والشريف بضحايا حريق مستشفى ابن الخطيب الذين نسأل الباري عز وجل ان يتغمدهم بواسع رحمته ويلهم ذويهم الصبر والسلوان وان يمن على الجرحى بالشفاء العاجل. ونحن اذ نعرب عن بالغ حزننا ومواساتنا بهذا المصاب الجلل، فإننا نتوجه بالشكر من حكومة العراق على مبادرتها الطيبة بدعم الجيش اللبناني بعد مبادرات اخوية تكشف عن مكانة لبنان في قلوب اخواننا العراقيين الذين يعبرون عن أصالة عربية وإسلامية ومحبة صادقة تجاه أهلهم وإخوانهم اللبنانيين”.

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام

البث المباشر