قليل من الصراحة ولو كانت جارحة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

قليل من الصراحة ولو كانت جارحة

مجلس النواب اللبناني
رفعت ابراهيم البدوي

IMG-20210423-WA0036

 

 

 

اللبنانيون وعلى مختلف مكوناتهم و طوائفهم دفعوا ثمناً غالياً من أمنهم واستقرارهم ومن ارزاقهم وتقدمهم واقتصادهم وذلك منذ نشأة هذا الوطن وحتى يومنا هذا بفعل اختلاف اللبنانيين  في تفسير الانتماء والولاء الوطني وفي غياب لمفهوم الوطن و المواطنة.

منذ استقلال لبنان اعتقد بعض اللبنانيين ان مجد لبنان اعطي لمكون لبناني معين وان الفضل بوجوده على خارطة اوطان هذا المشرق عائد لطائفة بعينها وبشكل حصري لموارنة لبنان.

الفرنسي بالاشتراك مع البريطاني تقاسما النفوذ في المنطقة وتم الانفاق بينهما ان يكون لبنان منطقة نفوذ فرنسي حتى بعد استقلاله فارادت فرنسا ضمان بقاء نفوذها في المنطقة عبر توكيل هذه المهمة لموارنة لبنان وبتجاهل متعمد لباقي مكونات الوطن اللبناني.

في تلك الحقبة كان الاهم هو الحصول على استقلال دولة لبنان عن الانتداب الفرنسي وبغرض طمأنة المكون المسيحي تم الاتفاق شفهياً بين اللبنانيين ان يتولى مركز الرئاسة اللبنانية مسيحي من الطائفة المارونية.

صحيح انه كان المقصود إعطاء لبنان طابعاً مختلفاً عن باقي اوطان المنطقة كنافذة مقبولة على الغرب ذا وجه مسيحي و ليكون لبنان عبارة عن رسالة عمادها العيش المشترك بين مختلف الاديان.

المسيحيون هم درة هذا المشرق العربي ويجب الحفاظ على وجودهم وعلى تفاعلهم مع قضايا المنطقة لا سيما القضية الفلسطينية ولو عدنا لتاريخ مؤسسة القومية العربية لوجدنا ان المسيحيين كانوا من اعمدة القومية والنضال ضد العدو الاسرائيلي.

لكن الاعتقاد الذي ساد بعض موارنة لبنان بانهم هم اصحاب الفضل بانشاء هذا الوطن وبأن لبنان وجد لاجل المسيحيين وبخاصة الموارنة الذين اعتبروا بدورهم ان الاستحواذ على مفاصل الدولة اللبنانية من حق الموارنة حصرياً.

التوافق الشفهي اللبناني بمسيحية الرئاسة الاولى لا يعني حرمان باقي الطوائف اللبنانية من تبوؤ مناصب رفيعة لم تزل حكراً على الموارنة لان في ذلك تشكيك بولاء الطوائف الاخرى للوطن لبنان وهذا امر مرفوض.

لا بد لي من ذكر ما اقدم عليه الرئيس امين الجميل عشية انتهاء ولايته الرئاسية فقد كلف قائد الجيش انذاك بتشكيل حكومة عسكرية تتولى شؤون البلد بعدما كان الاتفاق مع المفاوض داني شمعون بتولي الرئيس سليم الحص رئاسة الحكومة لادارة شؤون الوطن والمواطنين في ظل الشغور بموقع الرئاسة الاولى الا ان المفاجأة كانت ان الرئيس الجميل اصدر مرسوماً بتشكيل حكومة عسكرية. وحين سئل الرئيس الجميل عن سبب اقدامه على اتخاذ تلك الخطوة اجاب اردت بذلك ان لا تؤول زمام الحكم بلبنان الى رئيس الحكومة المسلم ما دفع الرئيس سليم الحص الى اصدار بيان استنكر فيه التشكيك بوطنية المسلمين مشددا على ان المسلمين ليسوا اقل وطنية من المسيحيين بل ان التاريخ اثبت ولاءهم للبنان على عكس بعض المسيحيين.

وبكل صراحة نطرح بعض الاسئلة التي لم تجد عليها اجابة واضحة منذ استقلال لبنان لماذا مراكز قيادة الجيش وحاكم مصرف لبنان وباقي المراكز الاولى هي حكراً على طائفة الموارنه؟.

كان المفترض ان يكون لبنان دولة بكل ما تعني الكلمة فاضحت الدولة عبارة عن زعماء طوائف يتزعمون طوائفهم من خلال الايهام بانهم حراس حقوق الطائفة وبدونهم تصاب الطائفة بالزوال وساد مبدأ التسويات بين الطوائف على حساب الوطن والدولة.

مبدأ التسويات جعل من زعماء الطوائف حكام الدولة فتقاسموا مغانمها حصصاً فيما بينهم تاركين طوائفهم على قارعة الطريق ليسود الفساد وبشكل لم يسبق له مثيل في مختلف مرافق الدولة مما ادى الى تآكل مفهوم الدولة.

صحيح ان الولاءات في لبنان توزعت بين الغربي والعربي الامر الذي ادخل لبنان في خضم صراعات اقليمية غالباً تترجم على الساحة اللبنانية مع غياب الولاء للدولة اللبنانية.

لا بد لنا من الاشارة الى تجربة رائدة جرت بين اللبنانيين بتلاقي مكونات الوطن على اسس وطنية لا طائفية شكلت الامل في بتاء دولة قوية عابرة للطوائف الا وهي اعلان اتفاق كنيسة مار مخايل بين التيار الوطني الحر وبين حزب الله .

من الاخطاء التي ارتكبت وما زلات ترتكب بحق لبنان واللبنانيين استمرار المراهنة على زعماء الطوائف ولو ادينوا بنهب المال العام ولمدخرات اللبنانيين وحتى بعد ان ثبت فشلهم بادائهم الحكومي والوطني.

الأزمة التي يواجهها لبنان حالياً هي الأخطر والأسوأ منذ تأسيسه. تتداخل فيها العوامل الداخلية والخارجية، وفي طل بقاء الطائفية السياسية كعامل اساسي ومعتمد في لبنان تبقى الحلول المطروحة عبارة عن تسويات ظرفية ستسهم في تأجيل مواجهة الحقيقة الدامغة ولن تؤدي الى بناء اساس صلب ترفع عليه اعمدة الوطن الحقيقي خارج اي اطار طائفي .

قليل من الصراحة ولو كانت جارحة نقول:

ان الولوج بحل لبناني يضمن للبنان بناء دولة المواطنة العادلة يكمن في الغاء الطائفية السياسية وخصوصاً في مراكز الدولة الاولى واجراء انتخابات نيابية على اساس قانون عادل باعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة ما يضمن بقاء لبنان كوطن للاجيال والا فاننا سنواجه تفتيت المجتمع والوطن.

*مستشار وكاتب سياسي

 

 

الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه

المصدر: خاص