“دايفيد هيل” الزائر بلا تهليل … – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

“دايفيد هيل” الزائر بلا تهليل …

هيل في بعبدا
أمين أبوراشد

لسنا بحاجة أن يزورنا أي مبعوثٍ أميركي لِنُدرِك ماذا تريد أميركا منّا، وبالمقابل لن تأخذ من لبنان سياسياً ما يتعارض مع المصالح الوطنية، عبر الضغوط وابتكار انواع العقوبات والحصار الإستنسابية، التي تعتقد أنها تضمن مصالحها في الهيمنة على دول العالم.

مشكلتنا مع أميركا ليست فقط في ما تُريده منَّا، بل ما يريده بعض اللبنانيين من أميركا عند كل استحقاق داخلي لبناني، بحيث بات هذا البعض يُمَوِّه رهانه عليها بعبارة “المجتمع الدولي”، وأن أي إجراء سيادي وطني يجب أن نُراعي فيه رضا هذا المجتمع الدولي، الذي ما ربِحنا من رِضاه سوى المزيد من فرض الشروط علينا عبر عقُود، الى أن انتفضت الغالبية الساحقة من اللبنانيين في رفضِ للإملاءات الأميركية التي تَمسّ بالسيادة.

قبل ساعات من وصول دايفد هيل، انتهت الإستشارات النيابية، وتم تكليف الدكتور حسان دياب بتشكيل الحكومة، وإذا كان السيد هيل قد أبدى تعفُّفاً أميركياً في التدخُّل بالشأن الحكومي اللبناني، فإن بعض اللبنانيين لا يتعفَّفُون، ولا إحراج لديهم في الرهان على أي مبعوثٍ أميركي، خاصة عندما تتضمن مواعيده شخصيات لا صفة رسمية لها لِمُقابلة أي مبعوثٍ رسمي.

واذا صحّ أن دايفيد هيل، لم يُقارب مع الرسميين اللبنانيين القضايا الوطنية والسيادية الكُبرى، خاصةً تلك المرتبطة بترسيم الحدود والمنطقة البحرية اللبنانية الخالصة التي تحتضن خيرات لبنان من النفط والغاز، فإن زيارته بدت باهتة ايضا من حيث الأهداف الأميركية الممنوع تسجيلها في المرمى اللبناني في هذه الظروف، ولا لزوم للتهليل لدايفيد هيل من طَرَف مَن اعتادوا التهليل لكل أجنبي يحشُر أنفه بأمور سيادية لبنانية، السيادة التي كان من تباشير انتصارها انتخاب الرئيس ميشال عون قبل ثلاث سنوات، وصولاً الى تكليف الدكتور حسان دياب بتشكيل الحكومة.

قاسية هي العقوبات التي يفرضها علينا هذا الذي نُسمِّيه “المجتمع الدولي”، الذي لا يرفِدنا بكيسٍ من الطحين دون أن ندفع ثمنه بعضاً من سيادتنا ومن كرامتنا، وليتنا في المرحلة القادمة من المواجهة، مع مَن يتطاول على خصوصيتنا السيادية الوطنية، أن نُقلِّل على الأقل من أهمية ما يُريده هذا المجتمع الدولي الذي لم يُطبِّق قراراً أممياً واحداً لمصلحة لبنان، ولم يُحرِّر لنا حبَّة ترابٍ من وطننا، نحن الذين دفعنا ثمن كل حبَّة تراب لبناني قطرةً من دماء شهداء الجيش والشعب والمقاومة.

نستطيع أن نجزم، أن برنامج زيارة دايفيد هيل لم يكُن بالأساس استطلاعياً، بل كما العادة، كان مقرراً له أن يكون تنفيذياً فوقيّاً ، ويدخُل ضمن الخيار الذي طرحه بومبيو على لبنان، إما الجوع أو التخلِّي عن الحقوق السيادية ومُقوِّمات الحفاظ على هذه السيادة، لكن هيل قرأ الجواب اللبناني من عنوانه: تكليف رئيس لتشكيل الحكومة بإرادة لبنانية قبل وصوله، فتحوَّلت زيارته الى استطلاعية وسكَت عن الكلام المُباح الذي جاء من أجله…

 

المصدر: موقع المنار