الصحافة اليوم 20-5-2019: الحكومة تسهر على الموازنة… والحريري لموازنة إصلاح مالي لخمس سنوات – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 20-5-2019: الحكومة تسهر على الموازنة… والحريري لموازنة إصلاح مالي لخمس سنوات

صحف محلية

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 20 ايار 2019 على المناقشات الليلية للموازنة… ولا يبدو أنها ستنتهي قريباً، وسط تصاعد التحركات الاحتجاجية، وتضارب في مواقف أطراف الحكومة تجاه كيفية التعامل مع بنود الموازنة سواء في ملف رواتب وتعويضات الموظفين العسكريين والمدنيين، أو كيفية وحدود مساهمة المصارف في خفض العجز وزيادة موارد الدولة.

البناء*  البناء

واشنطن تعلن عن «ورشة عمل مالية» لفلسطين في البحرين يمكن أن تشهد إعلان صفقة القرن

صاروخ قرب السفارة الأميركية في بغداد… والرياض لقمتين خليجية وعربية

الحكومة تسهر على الموازنة… وتواصل نهاراً… والحريري يأمل الانتهاء هذا الأسبوع

كتب المحرّر السياسيّ

تبدو الأيام الستون التي أعلنتها إيران كمهلة نهائية لتأمين تجارتها النفطية قبل الانسحاب من الاتفاق النووي، والممتدة بين مطلع ايار الحالي ومطلع تموز المقبل، صيفاً حاراً استباقياً، حيث يصير بلوغ نهاية المهلة دون توافقات تخفض منسوب التوتر إيذاناً بتدهور يهدد بالخروج عن السيطرة لا يبدو ان أحداً يرغب بلوغه، ولذلك تتسارع الرسائل في قلب المهلة الإيرانية، من استهداف ناقلات النفط والمنشآت النفطية السعودية والإماراتية، إلى سقوط صاروخ قرب السفارة الأميركية في بغداد، وإعلان أنصار الله في اليمن عزمهم مواصلة استهداف المنشآت الحيوية في السعودية والإمارات، وبالمقابل ردود سياسية تصعيدية من المحور الأميركي الخليجي، تمثلت بالدعوة السعودية لقمتين خليجية وعربية نهاية الشهر الجاري في مكة، لاستصدار مواقف تندد بإيران إذا تسنى لها ذلك، أو تعلن التضامن مع السعودية ودول الخليج بوجه أي استهداف كحد أدنى، بعدما أظهرت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية خيبة أمل من التعامل الأميركي البارد مع العمليات التي استهدفت المنشآت النفطية، وبدت سبباً كافياً لتتولى واشنطن تنفيذ تهديداتها بالردّ العسكري على أي استهداف لحلفائها الخليجيين واعتبار أي أعمال تقوم به القوى المحسوبة حليفة لإيران كأنها أعمال إيرانية، ستدفع إيران ثمنها.

البرود الأميركي ستقرأه الدول المعنية بحضور القمم، ضعفاً في الموقف السعودي الإماراتي، وربما تترجمه بعض الدول بإعلان مساعي للوساطة بدلاً من تلبية الدعوة للانخراط في مواجهة، حرب الذين جاؤوا إلى الخيار السعودي في حرب اليمن، حدود ما يمكن فعله عبر تلبية مثل هذه الدعوات. وهذا ما يفسّر وفقاً لمصادر متابعة تجنب السعودية الدعوة لقمة إسلامية، ليس تفادياً لحرج توجيه الدعوة لإيران وحسب، بل للقلق من مواقف دول إسلامية كبرى كتركيا وباكستان وسواهما، ما سيبلور محاور تنضم إليها دول عربية يصعب أن تتخذ مواقف مشابهة في القمتين الخليجية والعربية.

واشنطن التي اعتبرت الحديث عن إعادة نشر قواتها في الخليج رداً كافياً على استهدافات المنشآت النفطية للسعودية والإمارات تفادياً للتصعيد، أعلنت عن ورشة عمل مالية لفلسطين تحت عنوان الاستثمار في السلام ستعقد في البحرين أواخر شهر حزيران المقبل، وقالت مصادر على صلة بترتيبات جارد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره وعراب صفقة القرن، لمواقع أميركية أن كوشنر سيحضر الورشة في البحرين ويتحدّث خلالها، ويرجّح أن تكون هي المناسبة التي قرّر الإعلان عن التصور الأميركي للسلام بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال، المسمّى بصفقة القرن، والتي تقوم على تأمين استثمارات إقتصادية للفلسطينيين مقابل موافقتهم على التنازل عن القدس وحق العودة للاجئين وإقامة دولة مستقلة في كامل الأراضي المحتلة العام 1967، وقبول دولة منزوعة السلاح في غزة، وإدارة محلية في مدن الضفة الغربية بعد ضمّ المستوطنات. وجاءت أول ردود الفعل على الإعلان الأميركي من الرئاسة الفلسطينية التي قال المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة، غن الفلسطينيين سيقاطعون هذه الاجتماعات ويرونها بلا قيمة.

لبنانياً، الحكومة سهرت على مناقشات الموازنة، وستواصل اليوم مناقشاتها، ولا يبدو أنها ستنتهي قريباً، وسط تصاعد التحركات الاحتجاجية، وتضارب في مواقف أطراف الحكومة تجاه كيفية التعامل مع بنود الموازنة سواء في ملف رواتب وتعويضات الموظفين العسكريين والمدنيين، أو كيفية وحدود مساهمة المصارف في خفض العجز وزيادة موارد الدولة.

كما كان متوقعاً لم تكن جلسة مجلس الوزراء ليل أمس، الجلسة الأخيرة المخصّصة لمناقشة مشروع الموازنة في السراي الحكومية قبل أن يبت بها نهائياً في جلسة ستعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا. فالوزراء المعنيون لم ينجزوا المهمة الصعبة بعد المتصلة بدراسة الأرقام المفترض أن يعرضها وزير المال كاملة يوم امس، والتي ستضع الاصبع على جرح الإيرادات والمصاريف، ليتم تحديد العجز الذي بحسب مصادر وزارية لـ«البناء» لم يصل بعد الى 7 في المئة ولا يبدو ان الامور تتجه نحو ذلك، فكل النقاشات افضت الى تخفيض في العجز حتى نسبة 9 في المئة، وقالت المصادر الوزارية إن هناك ملفات خلافية داخل المجلس يجري إلحاقها بالموازنة كمشاريع قوانين خاصة كي لا تعيق الموازنة، علماً أن مصادر رئيس الحكومة أكدت لـ«البناء» سعي الرئيس سعد الحريري لإقرار موازنة تقشفية تخفض العجز وتعالج الدين وتوقف الهدر، مشدّدة على ان الرئيس الحريري يجهد الى تحقيق إصلاح مالي جدي للسنوات الخمس المقبلة.

وبحسب المعلومات الوزارية تم توزيع الجزء الأول من أرقام الموازنة في حين أن الجزء الثاني لم يوزع، لأن وزير المال يريد مراجعة بعض الأرقام. في المقابل قال وزير المال إن لا مبرر لعدم الانتهاء من الموازنة خاصة أن الوزراء اطلعوا على كل الأرقام، مشيراً إلى أن «خفض تكلفة خدمة الدين سيتم، بالتنسيق مع البنك المركزي و المصارف ، بمجرد إقرار الموازنة، بالتوازي قالت مصادر وزارية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن تكتل لبنان القوي يفضل موازنة إصلاحية وحقيقية حتى لو طال الوقت، مشددة على أن همنا الأول والأخير تحقيق الإصلاح في الموازنة ومعالجة الخلل في السياسة المالية.

وأشار وزير الصناعة إلى أنه لا مبرر لتضييع الوقت فالنقاش استنفد وأرقام وزير المال مشجعة ومطمئنة، مضيفاً لا زلنا نبحث عن واردات عبر التخفيض من رواتب الموظفين وتجب العودة الى ملف الإملاك البحرية لدعم الخزينة اللبنانية والتخمينات المطروحة متدنية جداً ويمكننا كمجلس وزراء الاتفاق على التخمينات في صلب الموازنة وليس من خارجها.

أما وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب فلفت من جهته الى أن هناك أشياء تقنية في تدبير رقم 3، وهذا الأمر يحتاج بتفاهم كل قادة القوى الأمنية ولا أتحمل مسؤولية المسّ بحقوق العسكريين كأمر قائم منذ 1991، مشدداً على ان مجلس الدفاع الاعلى جاهز للاجتماع والبتّ بالأمر ولدينا تصور واضح وفي مكانه، هناك أفكار في ورقة الوزير جبران باسيل يمكن أن ندرسها تدر واردات كبيرة.

وأكد الحريري أن العمل على موازنة العام 2019 ليس عملاً عادياً، آملاً أن يكون الأسبوع المقبل، أسبوع إحالة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب. وقال: «إن الأمور باتت بحاجة إلى قرار، ومجلس الوزراء موجود ليأخذ قراراً، وليقول لكل اللبنانيين إنه «لدينا فرصة لن تضيع، ولدينا خريطة طريق لوقف الهدر وضبط الإنفاق وتحقيق الإصلاحات». ورأى الرئيس الحريري أن اقتصادنا دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الإصلاحات، على مدى سنين طويلة. والآن وصلنا إلى حائط لا مجال إلا أن نكسره، وندخل إلى إصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية، تساهم في تخفيض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر. هكذا نحمي الاقتصاد، ونحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، وهكذا نحافظ على كرامة العيش لكل اللبنانيين.

وفيما يترقب البرلمان أن تحط الموازنة في أدراجه لتبدأ لجنة الموازنة بمناقشتها، شدّد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على أن «الموازنة التي تأتي في غير وقتها ليست بموازنة، بل باتت أمراً واقعاً، وموازنة العام 2019 تأخرت عن موعدها الدستوري ثمانية أشهر، وكان يفترض بها أن تأتي قبل نهاية السنة المالية لتطبيقها، وهو ما لم يحصل منذ الطائف حتى اليوم». واعتبر أن «إنهاء الموازنة خلال شهر في مجلس النواب عند إحالتها على لجنة المال، يتوقف عند تجاوب الوزارات والإدارات والنواب، والأكيد أننا لن نبصم، فهناك أكثر من ألف صفحة واعتمادات لـ 24 وزارة يجب التدقيق بها والاستماع الى مختلف وجهات النظر. وقال: «لا يمكن نشر موازنة العام 2019 من دون قطع الحساب، والبحث عن إيرادات جديدة وتخفيض النفقات المالية الحالية لا يكتمل من دون إقفال السلة المفخوتة».

من ناحية اخرى توجه وزير الصحة العامة جميل جبق إلى جنيف على رأس وفد من وزارة الصحة للمشاركة في الجمعية العامة السنوية الثانية والسبعين لمنظمة الصحة العالمية، حيث سيلقي كلمة لبنان أمام الجمعية ويشارك في الاجتماع الفرنكفوني والاجتماع التنسيقي لوزراء الصحة.

كما سيعقد وزير الصحة لقاءات مع نائب رئيس البعثة الدولية للصليب الأحمر ICRC ووزير الصحة الفرنسي ووزير الصحة القطري ووزير الصحة العراقي الذي يبحث معه في سبل تصدير الدواء اللبناني، إضافة إلى لقاءات مع عدد آخر من رؤساء الوفود الدوليين المشاركين في الجمعية العامة بهدف السعي لتحصيل الدعم لوزارة الصحة. ويختتم جبق زيارته بلقاء يعقد في السفارة اللبنانية بحضور عدد من سفراء الدول الأوروبية والآسيوية.

وأكد جبق أن اللقاءات التي عقدها مع ممثلي مختلف المنظمات الدولية والسفراء الأجانب أزالت الهواجس والمخاوف التي كانت موجودة على الصعيد الدولي في بداية تسلّمه وزارة الصحة. وقال: بات واضحًا لهم، أن ليس لديّ انتماء سياسي ولا أعمل وفق أجندة سياسية. وجزم وزير الصحة العامة أن الحكومة اللبنانية لم ولن توافق على أي مراقبة دولية لكيفية صرف أموال وزارة الصحة، مؤكدًا أن هذا الأمر يتم بتدقيق محلي ورقابة داخلية مطلقة الشفافية في وزارة المالية وديوان المحاسبة.

كما لفت إلى أن النقاش مستمرّ مع البنك الدولي للاتفاق على البنود التقنية والفنية بشكل نهائي، فيما خص مشروع القرض الميسّر الذي يقدمه البنك من أجل تأهيل المستشفيات الحكومية وتجهيزها ودعم مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية. وأوضح أن تنفيذ القرض سيخضع لآلية مراقبة، مضيفًا: ليس لديّ شيء لأخفيه.

اللواء*  اللواء

«إساءة الأسمر» تتقدّم على الموازنة.. وعين باسيل على رئاسة «الإتحاد العمالي»

الحريري لموازنة إصلاح مالي لخمس سنوات.. وساترفيلد يحمل الأجوبة الإسرائيلية على ترسيم الحدود

وحتى الثانية من فجر اليوم لم يكن مجلس الوزراء قد افرج عن الضوء الاخضر لخروج الموازنة من طاولته الى المجلس النيابي، وفق ما كان أمل الرئيس سعد الحريري قبيل الجلسة، حيث بدا واضحاً ان اجواء الجلسة التي انعقدت قرابة العاشرة ليلاً، لم تكن مثلما توقع ان تكون بمثابة دفع باتجاه الانتهاء من المناقشات، واتخاذ القرارات، اذ غرق الوزراء مجدداً في نقاش ورقة الوزير جبران باسيل، على الرغم من ان وزير المال علي حسن خليل كان قد وزع على الوزراء منذ الجمعة الماضية مشروع الموازنة الجديدة بارقامها المستخلصة من مداولات الجلسات الاربعة عشرة، تمهيداً لبدء النقاش فيها، لكن الاصرار على الانتهاء من ورقة باسيل، حتم ارجاء موضوع الارقام الى اليوم، تحت وطأة وجهة نظر باسيل بأن المجلس لم ينجز سوى نصف النقاط المطروحة في ورقته وان النقاش توقف الجمعة عند موضوع الاتصالات نتيجة التباين الذي حصل مع الوزير محمد شقير، معتبرا ان مقترحاته يمكن ان تخفض العجز في الموازنة الى ما نسبته 7 في المائة، فيما يستبعد وزير المال ذلك، ويؤكد ان مشروع الموازنة الجديدة التي نقح كل ارقامها اوصلت نسبة العجز الى 8،5 في المائة، ويعتبر هذا الرقم مقبولاً.

وكان الوزير خليل اعلن في مقابلة مع «رويترز» اكتتاب لسندات الخزينة بالعملة اللبنانية بقيمة 11 الف مليار ليرة، اي ما يعادل 7،3 مليارات دولار بفائدة 1 في المائة، مشيرا الى ان اكتتاب المصارف بضمان مصرف لبنان سيوفر على الخزينة الف مليار ليرة، وهو الرقم الذي كان اقترحه باسيل لتخفيض خدمة الدين من قِبل المصارف.

واذا بقيت الاجواء هكذا وسط تشكيك بعجز مستحكم يحيط بانجازها قريباً، فإن مصادر مطلعة لا تتوقع ان تخرج الموازنة قبل الغد في طريقها الى القصر الجمهوري، وسيعود مجلس الوزراء الى استئناف التشريح في جلسة تعقد بعد ظهر اليوم، على ايقاع دعوات للتظاهر والاعتصام عند الساعة الثالثة من بعد الظهر في ساحة رياض الصلح، رفضاً للمس بحقوق المواطنين ومكتسباتهم وتعويضاتهم الشهرية، واللافت في الحراك انه سيكون بشكل موحد، حيث عمد الاساتذة المتعاقدون في التعليم الاساسي الى استبدال تحركهم في الزمان والمكان الى الثالثة بعد الظهر تعبيراً عن تكاتفهم مع الروابط والهيئات المنضوية ضمن هيئة التنسيق النقابية التي تعود للاجتماع اليوم بعد الاعتصام لتقرير الخطوات المقبلة.

وانضمت الى التحرك اليوم نقابة معلمي المدارس الخاصة التي اعلنت الاضراب عن التدريس رفضاً لما وصفوه فصل التشريع بين القطاعين العام والخاص.

الحريري في افطار «المستقبل»

وكان الرئيس الحريري، قد نفى في الكلمة التي القاها غروب امس في افطار تيار «المستقبل» ان يكون مجلس الوزراء تأخر في اقرار الموازنة، وان مناقشات الوزراء تكرر نفسها، لافتاً الانتباه الى ان العمل على موازنة العام 2019 ليس عملاً عادياً، مؤكداً «بأننا نعمل على وضع الاسس الكاملة لاصلاح مالي جدي للسنوات الخمس المقبلة، ووضع المبادئ التي يجب ان يتم اعتمادها في موازنات العامين 2020 و2021 ايضاً وما بعدهما».

واذ أمل بأن تعطي الجلسة المسائية التي عقدها مجلس الوزراء ليلاً دفعاً في اتجاه احالة مشروع الموازنة الى مجلس النواب، قال: «ان الامور باتت بحاجة الى قرار، وان مجلس الوزراء موجود ليأخذ قراراً، وليقول لكل اللبنانيين انه لدينا فرصة لن تضيع، ولدينا خارطة طريق لوقف الهدر وضبط الانفاق وتحقيق الاصلاحات».

وتطبيقاً للمثل الذي يقول: «وجع يوم ولا وجع كل يوم» اعتبر الحريري ان «ما نستطيع القيام به الآن يجب الا يتأجل»، مشيراً الى ان اقتصادنا دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الاصلاحات على مدى سنين طويلة والآن وصلنا الى حائط لا مجال الا ان نكسره وندخل الى اصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية تساهم في تخفيض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر، قائلاً: «هكذا نحمي الاقتصاد ونحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، والتي ينتمي اليها 90 في المائة من جمهور تيار «المستقبل».

وغمز الحريري من قناة «حزب الله» من دون ان يسميه، منتقداً التهجم على المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، وقال: «الاهانة تجر اهانة والتهجم يجر تهجماً، واذا كان مطلوب من أحد ان يقدم فواتير لدولة خارجية (في اشارة الى ايران) فليقدمها من حساب هذه الدول وليس من حساب اللبنانيين، لافتا الى ان التوافق على مبدأ النأي بالنفس وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية كان هدفه حماية لبنان من صراعات المنطقة، والاصرار على خرق هذا المبدأ دعوة مباشرة لضرب مصالح لبنان واللبنانيين بالدول العربية، خاصة في ظل اجواء التوتر السائدة في المنطقة والاعتداءات التي تستهدف الامارات والسعودية.

وكان الحريري يشير بذلك، الى ما اعلنه سفير دولة الامارات في بيروت حمد الشامسي، خلال افتتاحه مسجداً في كفرحمام في العرقوب، من ان نصف الجالية اللبنانية في الامارات هم من اهل الجنوب، وان ما نسمعه من كلام مغرض حول موضوع الموقوفين اللبنانية الثمانية هو كلام غير صحيح، وان سفارة لبنان في ابوظبي لديها الحيثية الكاملة عن الموضوع، وان الامارات هي دولة القانون والسيادة.

استقالة الاسمر

وجاءت اشارة الرئيس الحريري، في ختام كلمته عن شعوره بالاهانة والخجل من كلام رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر في حق البطريرك الراحل نصر الله صفير بمثابة تأكيد على ان «زلة لسان» الاسمر اصبحت قضية رأي عام تجاوزت الابعاد الطائفية، مع انها مسألة طائفية باعتبارها مسّت رمزاً كبيراً من رموز الطائفة المارونية، ويبدو انه من هذه الزاوية تم توقيفه السبت من قبل النيابة العامة التمييزية بتهمة المس بالسلم الاهلي وتعريض البلاد لفتنة، رغم انه لا يوجد في هذه القضية نزاع طائفي كون الاسمر مارونياً.

وفي رأي مصادر قانونية ان كلام الاسمر في حق البطريرك صفير سقطة اخلاقية بامتياز، لكن توقيفه بتهمة المس بالسلم الاهلي نقطة خلافية على الصعيد القانوني، وتعتقد هذه المصادر ان تحريك القضاء جاء لمسايرة المزاج العام، وجاء توقيفه لتنفيس غضب الرأي العام، والذي عبّر عنه مارونياً البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي اعلن ان ابواب بكركي ستبقى مقفلة امام الاسمر الى حين تكفيره وتعويضه عن خطيئته بما يحفظ كرامة قدسية وفاة البطريرك صفير واللبنانيين، كما عبّر عنه اسلامياً الرئيس الحريري عندما قال انه شعر بالاهانة كاخوانه الموارنة وبالخجل بأن في بلدي اشخاصاً يفكرون بهذه الطريقة ويخرج منهم مثل هذا الكلام.

ووفق معلومات «اللواء» فإن مجلس الوزراء ناقش في مستهل جلسته المسائية مسألة مصير الاسمر ورئاسة الاتحاد العمالي، ولم يخل النقاش من مزايدات بين ممثلي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، فيما تدخل وزراء آخرون معتبرين ان مسألة خلافة الاسمر قضية نقابية لا علاقة بمجلس الوزراء فيها.

وتبلغ المجلس ان هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي ستعقد ظهر اليوم اجتماعاً طارئاً برئاسة نائب الرئيس حسن فقيه للبت بالاستقالة التي تقدم بها الاسمر  من مكان سجنه في قصر بعبدا، نزولاً عن رغبة اكثرية اعضاء هيئة المكتب المؤلفة من 12 عضواً التي تمنت على الاسمر بأن يقدم استقالته بملء ارادته ومن تلقاء نفسه كي نتجنب اقالته او عزله من منصبه، خصوصاً وان هناك اتجاهاً لدى القضاء لاطلاق سراحه اليوم، على ان يحاكم بعد ذلك وفق ما تقتضيه الاصول القانونية، على اعتبار ان تهمة القدح والذم لا تستوجب توقيفاً، بحسب وكيله.

وبحسب المعلومات فإن منصب الاسمر سيؤول الى نائبه فقيه في المرحلة الراهنة، وسيتم تشكيل لجنة طوارئ لمواجهة الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاتحاد العمالي، وحتى اجراء انتخابات تؤدي الى انتخاب رئيس جديد وهيئة جديدة، مع العلم ان الصراع على رئاسة الاتحاد فتح قبل ان يتم عزل الاسمر، وهو ما تأكد بعد زيارة وفد «التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل الى بكركي امس، حيث اكد من هناك انه لن يعترف بهذا الموقع (رئاسة الاتحاد) وبالشكل الذي هو فيه الى حين تصحيح الوضع القائم، معلناً انه وبما يمثل يقاطع هذا الموقع حتى يقوم اصحابه، بالمراجعة اللازمة في حسن التمثيل من زاوية الميثاقية والشراكة»، والمقصود هنا بالطبع، الزاوية اياها التي اوصلت «التيار الحر» الى الرئاسة الاولى واعطته حصة وازنة في الحكومة والمجلس النيابي».

وفي تقدير مصادر سياسية ان طموح التيار للمطالبة برئاسة الاتحاد العمالي يطرح مسألة بالغة الخطورة يتعين على المكتب التنفيذي للاتحاد ان يعالجها بعد ان تتوضح سيرورة الموقف، مع العلم ان فريقاً من الاتحاد المعروف بقربه من حركة «امل» كان يميل الى دعوة القضاء ليقوم بعمله واعتبار اساءة الاسمر خطأ شخصياً لا علاقة للاتحاد به كمؤسسة مكونة من اتحادات ونقابات لمتابعة شؤون العمال والموظفين، وحتى لا يتعطل دور الاتحاد في هذه المرحلة التي تعمل فيها الحكومة على اقرار موازنة اصلاحية، بحسب رئيس اتحاد ونقابات النقل البري بسام طليس الذي اعتبر ان كلام الاسمر مسيء ومرفوض، داعياً لاستمرار العمل بمؤسسات الاتحاد العمالي الذي لا يختصر بشخص».

تجدر الاشارة الى ان اتحادات عمالية عديدة اعلنت تعليق عضويتها في الاتحاد رفضاً لكلام الاسمر، كما اعلن وزير الاقتصاد منصور بطيش انه سيفسخ اليوم عقد العمل مع الاسمر في اهراءات بيروت، بصفته طبيب اسنان.

جبق في جنيف

وبعيداً عن قضية الاسمر وتداعياتها، يعود اليوم الى بيروت مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد حاملاً معه الجواب الاسرائيلي على الطرح اللبناني من مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية، فيما توجه امس الى جنيف وزير الصحة جميل جبق لحضور اجتماعات الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية، معلناً انه تمكن من خلال حيازته على ثقة اللبنانيين والتزام الشفافية في عمل وزارة الصحة من تجاوز الهواجس الدولية والاميركية التي تحدثت لدى تسلمه منصبه عن امكان تحويل اموال الوزارة وما تحصل عليه من دعم لصالح «حزب الله».

وقال في مقابلة مع وكالة «الاسوشيتدبرس» الأميركية ان «حزب الله» عمد بدوره الى ضمان عدم تأثير العقوبات المفروضة عليه على وزارة الصحة من خلال الاتفاق مع رئيس الجمهورية على اختيار شخص حائز على ثقة الحزب انما غير حزبي ليتولى مهام الوزارة.

وفي السياق، اشار تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الاميركية الى ان العقوبات التي فرضها الرئيس الاميركي دونالد ترامب على التجارة مع ايران العام الماضي اضعفت من قدرتها على تمويل حزب الله الذي يعتبر ابرز وكلاء طهران في المنطقة.

ونقلت الصحيفة عن عدد من مسؤولي الحزب واعضائه من دون تسمية احد، ان ايرادات الحزب هبطت بشكل غير مسبوق مما اجبره على اجراء تخفيض كبير على النفقات ومنها منح عدد من مسلحيه اجازات او تسريحهم من الخدمة او احالتهم الى الاحتياط، ووقف الامتيازات السابقة التي تمتعوا بها مثل الوجبات وقسائم الوقود والمواصلات، وكشفت كذلك ان الحزب بصدد اغلاق تلفزيون «المنار» وتسريح موظفيه، علاوة على ذلك تم سحب الكثير من مسلحي الحزب من سوريا، لكنه ابقى على مخصصات اسر قتلاه في سوريا او في المواجهات مع اسرائيل.

الجمهورية*  الجمهورية

إقرار الموازنة خلال يومين… ولبنان يشـارك في قمة مكة

ينتظر أن ينتهي مجلس الوزراء اليوم من درس مشروع الموازنة العامة لسنة 2019 ويحيلها الى مجلس النواب، لتنصرف الحكومة إلى تحصين لبنان إزاء التطورات المتلاحقة في المنطقة سياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً، فيما دعت المملكة العربية السعودية إلى قمتين خليجية وعربية تنعقدان في 30 من أيار الجاري في مكة المكرمة للبحث في الاعتداءات الأخيرة التي وقعت في الخليج أخيراً، في وقت نفّذت البحرية الاميركية مناورات وتدريبات في المنطقة بقيادة حاملة الطائرات ابراهام لينكولن تزامنت مع تصاعد التوتر وتبادل التهديد بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران.

فيما عقد مجلس الوزراء مساء أمس جلسته الـ15 في السراي الحكومي ضمن جلساته المخصصة لدرس مشروع الموازنة، أكدت مصادر مطلعة انّ لبنان سيشارك في القمة العربية بوفد يترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري. وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية» انّ لبنان سبق له ان تلقى دعوة سعودية للمشاركة في الدورة العادية الـ14 لقمة منظمة التعاون الإسلامي في الموعد عينه، وقد تقرر ان يكون الوفد برئاسة الحريري، وهو أمر لم يحمل جديداً لمجرد استبدال اسم القمة من إسلامية الى عربية.

وقالت مصادر رسمية انّ لبنان يتفهّم حجم وخطورة الملفات المطروحة على القمتين الخليجية والعربية، وهو يدرك مخاطرها ليس على الأمن والسلم في الخليج العربي والمنطقة العربية فقط، فالثروة النفطية مستهدفة وامداداتها العالمية في خطر جدي، وما هو متوقع من احداث في حال تطورها يشكل توغّلاً متمادياً وسريعاً في تخريب العالم العربي وتكبيده خسائر تفوق ما خسره حتى الآن من ثروات في الحروب الممتدة منذ عقدين من الزمن. فاليمن ما زال ينزف، وسوريا تدمّر وتنزف ايضاً وثلث مواطنيها ما زالوا مشتتين في العالم، والعراق بدأ يفقد ما حققه من سلم وأمن داخلي تدريجاً، والخليج العربي يغلي من مضيق باب المندب الى مضيق هرمز وبحره باتَ كما برّه ثكناً عسكرية من كل اساطيل العالم. ولكل هذه الأسباب لبنان سيشارك في القمة العربية، وسيحمل الحريري موقفاً جامعاً وموحداً ينطلق من الرؤية التي سجلها لبنان في مختلف القمم العربية التي لم يغب عن اي منها منذ ان تأسست جامعة الدول العربية وحتى الآن.

«الوجع»
وشدّد الحريري، خلال إفطار رمضاني لتيار «المستقبل» مساء أمس، على «أنّ التوافق على سياسة النأي بالنفس كان هدفه حماية لبنان من نزاعات المنطقة»، معتبراً «أنّ أي خرق لهذا التوافق دعوة مباشرة لضرب مصالح لبنان واللبنانيين في الدول العربية».

وتطرّق الى الموازنة والأوضاع الاقتصادية والمالية، فقال: «انّ الاقتصاد اللبناني دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الاصلاحات على مدى سنين طويلة»، مشيراً إلى «أننا اليوم وصلنا الى حائط ولا يمكن إلّا أن نكسره، وندخل الى إصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية، تساهم في خفض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر». وأضاف: «هناك مشكلة في القطاع العام يدفع ثمنها بقية اللبنانيين، ولم نعد نستطيع الاختباء وراء إصبعنا»، مذكّراً بأنّ الرئيس الراحل رفيق الحريري تحدث عنها بالتفاصيل عام 1999. وفي حين لفت إلى أنّ البعض يعتبر أنّ مجلس الوزراء تأخّر في إقرار الموازنة العامة، أوضح أنّ العمل ليس عملاً عادياً وهو يتعلق بوضع الأسس الكاملة للسنوات الخمس المقبلة. وتوقّع إحالة الموازنة إلى المجلس النيابي في اليومين المقبلين.

وأوضح الحريري أنّ «المطلوب قرار، والمجلس موجود ليقول انّ لدينا فرصة لن تضيع وخريطة طريق لضبط الهدر وتحقيق الإصلاحات. وَجع يوم ولا وجع كل يوم، وما نستطيع القيام به اليوم لا يجب أن يؤجّل».

باسيل والتلويح بالاستقالة

ولوحظ أنّ الوزير جبران باسيل في كل مرة يعتلي فيها المنبر، يعمد الى توجيه رسائل غير مباشرة الى الحريري وغيره، وكان آخرها السبت من بطرّام حيث لَوّح بورقة الاستقالة من الحكومة، مُستنكراً تحميل «التيار» المسؤولية عن تأخير إقرار الموازنة في ضوء الاقتراحات التي قدمها في شأنها قبل أيام.

وقد أدرج عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ألان عون هذه الرسائل «الباسيلية» في اتجاه «بيت الوسط» في إطار «الحَضّ» على اداء حكومي أفضل، لافتاً في المقابل الى انّ الحكومة لا يمكنها أن تستمر في هذا الأداء.

وقال عون لـ»الجمهورية» انّ «موضوع الاستقالة ليس وارداً اليوم، لكنّ ذلك لا يعني أنه ليس وارداً في المطلق». مشيراً الى «أنّ كل الاحتمالات مفتوحة في حال استمر الأداء الحكومي على ما هو عليه».

قرداحي

الى ذلك تحدّث المستشار الإقتصادي لـ«التيار الوطني الحر» شربل قرداحي عن توقيت تقديم باسيل ورقته «الاصلاحية»، فقال لـ«الجمهورية»: «قدّم وزير المال علي حسن خليل دراسته للموازنة مشكوراً، ولكن عندما بدأ النقاش قدّمنا مقترحاتنا». وأضاف: «خطوة خليل أتت في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية لدرء المخاطر كلياً، ولذلك قدّمنا ورقتنا لتقوية اقتراحه».

وعن تفاصيل هذه الورقة قال قرداحي: «انّ خطوة وزارة المال تقدّم حلاً مرحلياً، أمّا ورقة باسيل فغاصت أكثر في التفاصيل والأرقام، وحدّدت مكامن العجز وتفاصيلها». وأضاف: «في رأي التيار انّ خطوة وزارة المال «إنعاشية» والإنعاش يدوم أشهراً، أمّا خطتنا فتواكب الانكماش بانكماش آخر توسّعي، ما يخلق في المرحلة المقبلة نمواً، ونكون بذلك قد كسرنا العجز».

«القوات»

من جهتها مصادر «القوات اللبنانية» قالت لـ«الجمهورية» انّ «هناك أبواباً كثيرة في الموازنة يجب معالجتها بعيداً عن المساس بأوضاع الناس التي هي أساساً مزرية». واستغربت «هذا التردد في إقفال كل المعابر غير الشرعية، وعدم معالجة ملف الجمارك ووضع حد للتهرب الضريبي»، وأسفت «لتصرّف البعض بلا مسؤولية لا لسبب سوى من أجل الكسب السياسي والعراضات الإعلامية والسياسية ولَو على حساب الناس والبلد».

وأكدت هذه المصادر «انّ من سيطرق الباب سيسمع الجواب، ويخطئ اذا كان يعتقد انّ الساحة السياسية متروكة له ولمواقفه». وتَمنّت «لو ينصرف الى العمل بدلاً من هذا الإدمان على الظهور السياسي والإعلامي ومن دون ان يقدّم جديداً، بل على العكس يفتعل المواجهات على طريقة «كسر مزراب العين» ليبقى حديث الناس».

ورأت المصادر «انّ المرحلة التي يجتازها لبنان هي الأدق على المستوى المالي والاقتصادي ومنذ زمن طويل، وتتطلب كل جدية ومسؤولية لاجتياز هذه المرحلة، ولكن لا حياة لمَن تنادي، فالأداء نفسه والممارسة نفسها ولا شعور بالمسؤولية التي يجب ان تتحلى بها كل القوى السياسية، خصوصاً انّ الوقت ليس للتمريك، بل لإنقاذ البلد». وأملت الانتهاء من درس الموازنة وإحالتها الى مجلس النواب بغية الإسراع في إقرارها، تمهيداً لوضع لبنان على السكة المالية والاقتصادية الصحيحة.

خفض فوائد الدين

الى ذلك، وفي إطار العمل على خفض العجز في الموازنة، كشف وزير المال علي حسن خليل انّ الحكومة تهدف الى استقطاع نحو 660 مليون دولار من تكاليف خدمة الدين العام في مسودة موازنة 2019 عبر إصدار سندات خزينة بفائدة 1 بالمئة.

وقال خليل لـ»رويترز» انه «سيتم الأمر من خلال التنسيق بين وزارة المال ومصرف لبنان المركزي والمصارف، بعد إقرار الموازنة لإصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية بحدود 11 ألف مليار وبفائدة 1 في المئة».

وكان خليل غرّد في وقت سابق على «تويتر»، مؤكداً أنّ «الموازنة ستشمل خفض تكلفة خدمة الدين بنحو تريليون ليرة»، وذلك من دون أن يقدّم أي تفاصيل.

ومن المعروف انّ مبدأ الاكتتاب سبق ان تم التوافق عليه قبل اشهر بين وزارة المال ومصرف لبنان، وأعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يومها انّ تمويل الدولة لسنة 2019 قد تأمّن. لكنّ السؤال المطروح يدور حالياً حول الجهة التي ستكتتب في السندات، هل هي المصارف التجارية أم مصرف لبنان منفرداً؟ وكان الاتفاق في الاساس ينصّ على ان يتحمّل مصرف لبنان المركزي عبء الاكتتاب. ويرى الخبراء انّ نقل الاثقال من الخزينة الى حسابات مصرف لبنان قد يوحي دفتريّاً بأنّ العجز في المالية العامة قد تراجع، لكن ما يجري فعلياً هو نقل العجوزات دفترياً من مكان الى مكان آخر.

… تربوياً تشتعل!

وبالنسبة الى الملف التربوي، فإنّ إضراباً عاماً وشاملاً ستشهده اليوم المدارس الرسمية في لبنان. فعند العاشرة صباح اليوم ستبدأ التحركات المطلبية الاحتجاجية في محيط وزارة التربية مع حراك المتعاقدين في التعليم الثانوي والأساسي والمهني والإجرائي والمُستعان بهم، احتجاجاً واستنكاراً لعدم احتساب حقهم في ساعات التعاقد، والمراقبة، والتثبيت والضمان وبدل النقل.

وعند الثالثة بعد الظهر، ستشارك رابطة التعليم الثانوي بالاعتصام الذي دعت إليه هيئة التنسيق النقابية في ساحة رياض الصلح. في هذا الإطار، يوضح رئيس الرابطة نزيه جباوي لـ»الجمهورية»: «دعونا للإضراب وللمشاركة الكثيفة، مواكبة لِما ستحمله الموازنة من استباحة لمكتسباتنا ولحقوقنا التي بَذلنا الدم لأجلها. سننزل إلى الشارع لنعلن رفضنا لتحويلنا كبش محرقة أو فداء على مذبح الفساد والتهرّب الضريبي الذي نَخر لبنان»، مشيراً إلى انّ «الرابطة ستعقد اجتماعاً بعد التحرّك لتبني على الشيء مقتضاه، وتحدد الخطوات التصعيدية اللاحقة».

واقع التلامذة في المدارس الخاصة لن يكون أفضل حالاً، إذ دعت نقابة المعلمين للمشاركة أيضاً بالتحرك والاعتصام في ساحة رياض الصلح. وفي هذا السياق، أكّد نقيب المعلمين رودولف عبود لـ»الجمهورية»: «انّ الإضراب يشمل المطالب المعيشية القديمة الجديدة، ولكن بالدرجة الاولى لتأكيد رفض الأساتذة لِما يُطرح بقوة حول وحدة التشريع بين قطاع التعليم الخاص والرسمي».

في المقابل «المدارس الكاثوليكية لن تقفل أبوابها»، وفق ما أكّد أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار لـ»الجمهورية»، موضحاً انّ «من حق التلامذة التعلّم، ومن حق الاهالي الإطمئنان إلى انّ أولادهم في المدرسة». مشيراً إلى «انه ترك لإدارات المدارس حرية التفاهم مع الاساتذة حول دخولهم الصف والتدريس».

الاخبار*  الاخبار

باسيل يريد تغيير قادة الأجهزة الأمنية!

في سياق سعيه لتوسيع رقعة نفوذه في الدولة، يعمل الوزير جبران باسيل على تأمين التأييد اللازم لإجراء تغيير يشمل قادة الأجهزة الأمنية، باستثناء قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، كل بذريعة ما. كذلك يسعى للسيطرة على مفاصل مهمة في الجسم القضائي والنقابات العمالية!

لا يوفّر وزير الخارجية جبران باسيل فرصةً لتعزيز فكرة سيطرة ما يسمّي «تيار رئيس الجمهورية» على مفاصل الدولة اللبنانية. ولأجل ذلك يسعى إلى حصر الحصّة المسيحية في الدولة بتياره. ويبدو أن باسيل يتصرف بموافقة الرئيس ميشال عون، على أن «العهد القوي» قد بدأ الآن، وأن بعض التعيينات الإدارية الرفيعة التي تمت في الفترة الأولى بعد انتخابات الرئاسة، تحتاج إلى تغييرات، بحثاً عن ولاءٍ صافٍ، من دون الإبقاء على تأثير لأي قوى أخرى على هذا الموظف أو ذاك.

ويجهد باسيل تحت عنوان «تثبيت الشراكة الكاملة» وفق مبدأ المناصفة، إلى قضم كل ما يعترض طريق مشروعه، ليس في إدارات الدولة فحسب، بل يسعى مؤخّراً إلى نقل هذا الأمر إلى المواقع في القطاع الخاص وإلى النقابات المهنية والعمالية!

في الجسم القضائي مثلاًً، يخطط باسيل لإحداث تغييرات وإجراء تعيينات في مواقع يشغلها قضاة مسيحيون، ليعيّن أشخاصاً يدينون بالولاء الصافي له. ولأجل ذلك، لا يريد أن يشاركه أحد في اختيار رئيس جديد لمجلس شورى الدولة، بينما يعمل لتغيير رئيس التفتيش المركزي جورج عطية، ويسوّق لطرح تعيين رئيس جديد لمجلس القضاء الأعلى وتسمية أعضاء مسيحيين فيه.

وفي ما خصّ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، فإن آخر المعلومات تؤكّد موافقة باسيل ومعه عون على خروج جرمانوس من السلك القضائي، وأن فكرة أولية ستُعرض على جرمانوس لكي يبادر إلى تقديم استقالته من منصبه ومغادرة السلك، مقابل وعد بتعيينه سفيراً من خارج الملاك في دولة مهمة.

أما في الأسلاك العسكرية، فيرى باسيل أنه يجب منع السيطرة الكاملة للعماد جوزيف عون على قيادة الجيش. وبعدما جمع الرئيس عون باسيل وقائد الجيش قبل فترة، تبين أن وزير الخارجية يريد تشكيلات عسكرية متنوعة، ويريد تأثيراً مباشراً في المؤسسة العسكرية، لا أن ترد طلباته إلى اليرزة من خلال مكتب المستشار العسكري لرئيس الجمهورية، العميد المتقاعد بول مطر، فضلاً عن أن باسيل أثار أخيراً مسألة تغيير مدير مخابرات الجيش العميد طوني منصور، وتعيين آخر يختاره باسيل بنفسه. وتنقل مصادر متابعة لنشاط وزير الخارجية، لـ«الأخبار»، رفض باسيل المطلق لأي مقترح أوّلي بتمديد ولاية بعض الضباط لعامين إضافيين. وتشير مصادر واسعة الإطلاع إلى أن باسيل وعون غير راضيين عن منصور، لسبين رئيسيين: عدم اكتشافه مبكراً وجود «سوء إدارة أمنية» في لواء الحرس الجمهوري، وأداؤه دوراً يراه باسيل سلبياً في تنسيق تحركات العسكريين المتقاعدين احتجاجاً على مشروع الموازنة.

يجري التسويق
لفكرة أوّلية تقضي
باستقالة جرمانوس
وتعيينه سفيراً في دولة مهمة

وفيما يعتبر باسيل أن جهاز أمن الدولة ليس «كله في يده»، محدّداً سعيه بالبحث عن مدير جديد يؤمّن سيطرة مطلقة لرئيس التيار الوطني الحر بدل أن يتقاسم النفوذ مع أي ضابط آخر (قاصداً بعض الضباط المحسوبين على الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري)، يسعى المدير الحالي اللواء طوني صليبا إلى كسب ودّ باسيل، من خلال قبوله تنفيذ مهام قد لا يكون هو وضباطه مقتنعين بصوابيتها، مثل ملف وزارة الخارجية و«الأخبار» أو توقيف «قليلي الأدب»!

في المقابل، يرى باسيل أنه مقابل موافقة تيار رئيس الجمهورية على إطاحة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على خلفية شبهات فساد، فإنه صار من الضروري تعميم هذه المحاسبة وإطاحة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بسبب ملف الآبار الارتوازية ودور قوى الأمن الداخلي في الانتخابات النيابية. ويفترض أيضاً أن من الضروري تغيير رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن العميد خالد حمود، «الذي يكافح الفساد فقط في صفوف مناصري العهد».

وترجّح مصادر معنية أن تواجه فكرة باسيل اعتراضاً من الرئيس سعد الحريري على أي مس بعثمان وحمّود، لأنه يرى فيهما ركنين أساسيين من فريق عمله. كذلك من المستبعد أن يطالب باسيل بأي تغيير في المديرية العامة للأمن العام، لأنه يدرك أن حزب الله وحركة أمل لن يقبلا باستبدال اللواء عباس ابراهيم.

يبقى جانب آخر في عمل باسيل، هو شروعه في الكلام عن ضرورة أن يجري تعميم مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في النقابات المهنية الحرة والنقابات العمالية. وهو انتهز «سقطة» بشارة الأسمر (غير المحسوب على العهد) للسيطرة على رئاسة الاتحاد العمالي العام والاتحادات العمالية الأخرى، وفق قاعدة أن الآخرين محسوبون على المرجعيات الاسلامية، وهو المشروع نفسه المنوي تنفيذه في نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين.

العمالي على «مذبحة» الأسمر: أي مدى يبلغ الصراع للسيطرة على الاتحاد؟

بمعزل عن طبيعة حادثة رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، فإن الساعات التالية لها شهدت تحرّكات سياسية متسارعة. فقد لاحت الفرصة، أخيراً، أمام القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ لـ«استعادة مقعد مسيحي مخطوف» من قبَل حركة أمل منذ سنوات طويلة.

بوادر هذه الفرصة لا تستند إلى قدرة التيار والقوات على إعادة رسم خريطة تكوين الاتحاد الذي تسيطر عليه حركة أمل بشكل شبه مطلق، مع قدرتها على تجيير أصوات أكثر من 40 اتحاداً في مواجهة 10 اتحادات يسيطر عليها القواتي جورج العلم، بل مبنية على المبالغة في التركيز على الجانب «الديني» لحادثة الأسمر. والهدف من مبالغة كهذه هو إحراج الجهة السياسية التي أتت بالأسمر، أي الرئيس نبيه برّي، وإغراقه باللوم على تسميته رئيساً للاتحاد، بهدف المشاركة في تسمية الرئيس المقبل للاتحاد العمالي العام.

بالفعل هذا ما حصل في اليومين الماضيين. فما حصل هو أن عرّاب بشارة الأسمر، أي عضو هيئة مكتب الاتحاد جورج العلم، كان أول المطالبين باستقالته بعدما أعلن تعليق عضوية اتحاداته العشرة، مطالباً «بتصحيح الخلل المزمن»! ثم جاء بيان مصلحة النقابات في القوات اللبنانية التي طالبت باستقالة كل الذين كانوا إلى جانب الأسمر على المنصة خلال إلقائه «نكتته السمجة»، سواء شاركوا في الاستماع أو بردة الفعل وهم: أكرم عرابي، حسن فقيه، أنطون أنطون، بطرس سعادة وعلي الموسوي «من استهزاء ورضا عما سمعوه».

تحت هذا الغطاء من التفاهات الشعبوية، كانت القوات تمرّر رسائلها. بحسب مصادر نقابية، لم تتوقف الاتصالات بين رئيس مصلحة النقابات في القوات اللبنانية إيلي جعجع، ورئيس المكتب العمالي لحركة أمل علي حمدان. جعجع طالب بأن تجري الدعوة سريعاً لانتخاب رئيس للاتحاد ضمن «مواصفات» محدّدة. لكن حمدان، وبتوجيه من برّي، واجه الأمر ببرود يهدف إلى تمرير المرحلة واستيعاب النقمة، لا السير نحو ما يريده الآخرون، وخصوصاً أن بري طلب من أعوانه البحث، بهدوء، عن شخصية جديدة يمكن تسميتها لرئاسة الاتحاد العمالي العام لأنه لا يمكن تغطية «حماقة الاسمر» بأي شكل من الأشكال.

أما موقف التيار الوطني الحرّ، فقد عبّر عنه النائب زياد أسود على «تويتر»، مشيراً إلى «الاتحاد العمالي العام مؤسّسة فاسدة وممسوكة من ميليشيا قضاياها ساقطة ومبتذلة. إلغاء هذه المؤسسة حتمي ويريح الناس من مسرحيات البلطجة الأخلاقية والتشبيح والابتزاز الاجتماعي وينهي حقبة تولى خلالها الرعاع مراكز لم يحسنوا تمثيلها وسلّموها إلى من أساء إلى دور الموارنة فيها».

موقفا القوات والتيار واضحان. لا يريدان إلا المشاركة في السيطرة على الاتحاد بعد سقوط بشارة الأسمر الذي كان يمثّل نقاط تقاطع كثيرة بينهما وبين حركة أمل. ففي آذار 2017 انتخب الأسمر رئيساً للاتحاد العمالي العام بتسوية قضت باستبعاد ممثّل المردة في الاتحاد أنطون أنطون. هذه التسوية كانت مقبولة من التيار الوطني الحرّ الذي يرفض إمساك المردة بهذا الموقع، فيما كانت لحركة أمل حاجة للتحالف مع القوات في وجه التيار الوطني الحرّ. يومها تبنّى جورج العلم، المحسوب على القوات، لعب دورا محوريا في انتزاع موافقة القوات على بشارة الأسمر حتى سُمّي عرابه. وهو الذي دفع الأسمر لزيارة سمير جعجع مرتين. هو نفسه الذي أعلن بعد دقائق على انتشار فيديو نكتة الأسمر تعليق عضوية 10 اتحادات يسيطر عليها من الاتحاد العمالي العام مطالباً بـ«استقالة المفترين وتصحيح الخلل المزمن». العلم وجد فرصة في امكان الاتفاق على اسمه لرئاسة الاتحاد، لذلك طالب باستقالة الأعضاء الخمسة الذين كانوا إلى جانب الأسمر على المنصة. لكن المفارقة أن العلم يتحدّث عن خلل مزمن في الاتحاد رغم أنه انتُخب عضواً في هيئة المكتب بتسوية مع حركة أمل، ولديه تسوية أخرى معهم في مجلس إدارة الضمان، وفي إدارة الضمان حيث يقوم بتخليص الكثير من المعاملات.

عرّاب الأسمر، جورج العلم، أول من يتخلّى عنه

وكان الأسمر زائراً اسبوعياً لبكركي. وهو لعب دوراً بين اتحاد المدارس الكاثوليكية والأساتذة الذين طالبوا بستة درجات وتمكّن من استصدار مذكرة تعفي المدارس التي لم تلتزم بتسديد الدرجات من اشتراكات الضمان الالزامية… رغم كل ذلك، أغلقت بكركي باب التوبة أمام الأسمر.

هكذا، بات اكيداً أن الأسمر صار خارج الاتحاد. طريقة خروجه أو إخراجه لن تكون مسألة شائكة بعد تبلّغ المعنيين من الرئيس بري ضرورة استقالته أو إقالته. ومن المتوقع أن تعقد اليوم هيئة مكتب الاتحاد جلسة طارئة لمناقشة ما آلت إليه الأمور واتخاذ قرار بشأن الطلب من الاسمر الاستقالة، أو إصدار توصية للمجلس التنفيذي بإقالته.

خروج الأسمر يعد مربكاً لحركة أمل بوصفها لجهة السياسية التي تسيطر على الاتحاد. فمن جهة بدأت تتعرض لضغوط القوى المسيحية، ومن جهة ثانية سيكون لديها اتحاد فارغ الرأس في ذروة الحاجة إلى تنفيس الشارع من تداعيات مشروع موازنة 2019 والضرائب التي اقترحها أو شارك فيها أو وافق عليها وزير المال علي حسن خليل. منذ بضعة أيام التقى خليل والأسمر في عين التينة. الأسمر حضر بعدما استشاط عليه غضباً وزير المال بسبب الإضرابات، إلا أنه فوجئ بأن برّي شجّعه على الاستمرار في التحرّكات.

في الواقع، مقرّبون من الرئيس برّي أشاروا إلى أن فشل القوى المسيحية في استعادة مقعد رئيس الاتحاد، قد يدفعها إلى فرط الاتحاد العمالي العام، بوجود وزير العمل كميل بوسليمان. فما هي الخيارات الأخرى؟ استمرار نائب رئيس الاتحاد بتسيير أعمال الاتحاد إلى حين تنفيذ الانتخابات النصفية بعد شهرين والتي يسقط بموجبها ستة أعضاء بالقرعة وينتخب ستة بدلاً منهم، دعوة المجلس التنفيذي إلى انتخاب بديل من الأسمر وهي عملية تتحكّم وزارة العمل بإدارتها، أو انتخاب واحد من الأعضاء المسيحية الثلاثة في هيئة المكتب (وهو ليس خيار بري): جورج العلم، شربل صالح، أنطوان أنطون (إذا تراجع عن تعليق عضويته اعتراضاً على نكتة الأسمر).

قمم سلمان ضد إيران: حصان طروادة في حملة ترامب

تبلغ المملكة السعودية ذروة الارتهان للولايات المتحدة، مُؤدّية فروض الخضوع الكامل لمعسكر الهيمنة والابتزاز بقيادة دونالد ترامب. عن إدراك ووعي، تتنطّح الرياض لخوض معركة واشنطن، جنباً إلى جنب مع الكيان الإسرائيلي، وقوداً بخساً لمشروع ضرب المنطقة وتمزيقها والإجهاز على قضاياها التاريخية. تجاوز حكام الجزيرة العربية من آل سعود مرحلة الخجل، قفزاً إلى دور فاضح في تثبيت المشروع الأميركي. وبعد المواقف السعودية الأخيرة، لم يعد التمييز ممكناً بين ما يعدّه الأميركيون لإيران أو للقضية الفلسطينية، في ظلّ ترتيب المنطقة على أساس اصطفافين اثنين لا ثالث لهما: إما معاداة إيران والارتماء في الخندق السعودي ـــ الأميركي ـــ الإسرائيلي الذي يسرّع السير في مشروع «صفقة القرن» بموازاة ضرب إيران كسلّة واحدة، وإما اختيار التمرّد والمقاومة أو حتى الحياد وبالتالي القبول بدفع ثمن «غضب» المملكة وحليفها الأميركي.

اليوم، يستفيق سلمان بن عبد العزيز على عقد قمم عاجلة: قمة خليجية وأخرى عربية على هامش القمة الإسلامية. قمم لن يتداعى إليها زعماء العرب والمسلمين لتباحث خطر «صفقة القرن» الداهم، الذي يخرج البيت الأبيض اليوم أولى فرماناته. يستغلّ آل سعود من جديد «الحرمين الشريفين» استكمالاً لعملية حرف البوصلة ودور الرافعة لواشنطن وتل أبيب وإشعال الفتن في المنطقة لصالحهما، ظناً منهم أن الطريق إلى تأمين العروش يمرّ بخيانة الأمة وتبذير ثرواتها في حفلة الابتزاز الترامبي. يدرك نظام الرياض كل ما تقدّم، وهو الذي شرّع بالأمس أكثر فأكثر سماءه وبحره وبرّه لآلة العدوان الأميركية بما يعيد إلى الذاكرة حرب الخليج. إلا أن ما يتغاضى عنه أن سعاره، المتجاوز حماسة السيد الأميركي، لن يرتدّ عليه بغير خيبة وخذلان جديدين، وأن الثمن الباهظ ستدفعه مشيخات الخليج حين تترك هذه المحميات الأميركية عرضة للاختبار في أمنها واقتصادها.

في وقت يؤكد فيه كل الأطراف في المنطقة عدم رغبتهم في خوض مواجهة عسكرية على رغم اشتداد الحرب الكلامية وتكثيف الرسائل الأمنية، تحاول الرياض الاستفادة من التصعيد القائم للتجييش والتحشيد بوجه طهران. تحرّكات تأتي في إطار رفع واشنطن جهوزية حلفائها في المنطقة، مع إعلان الأسطول الخامس الأميركي (مقرّه البحرين) أن الدول الخليجية بدأت «دوريات أمنية مكثفة» في مياه الخليج، بموازاة الإعلان عن إجراء مناورات للبحرية الأميركية في بحر العرب بمشاركة حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» الهجومية، ومجموعة الحاملة «كيرساج» للإنزال البرمائي، ووحدة المشاة البحرية الـ22. يأتي ذلك بعد معلومات كشفتها وسائل إعلام سعودية عن موافقة خليجية على طلب أميركي لـ«إعادة انتشار» القوات الأميركية في مياه الخليج وعلى أراضي الدول الخليجية، بهدف «القيام بعمل مشترك بين واشنطن والعواصم الخليجية، لردع إيران عن أي محاولة لتصعيد الموقف عسكرياً».

قائد الحرس الثوري: لا نسعى للحرب لكننا لا نخشاها أيضاً وعلى استعداد تام لها

ورُصد، أمس، اتصال بين وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ذكرت وزارة الإعلام السعودية أنه جرى خلاله بحث «تطورات الأحداث في المنطقة والجهود الرامية لتعزيز أمنها واستقرارها». وفي مؤشر على نية الرياض تصعيد الموقف سياسياً، دعا الملك سلمان بن عبد العزيز إلى قمّتين «طارئتين»، خليجية وعربية، في مدينة مكة المكرمة، في 30 أيار/ مايو الجاري. وتتزامن القمّتان مع القمّة العادية لمنظة التعاون الإسلامي التي ستنعقد في مكة.

وأفصح مصدر في الخارجية السعودية، نقلت تصريحه وكالة الأنباء الرسمية، عن منحى التصعيد السعودي بالقول إن الدعوة إلى القمّتين «تأتي في ظلّ هجوم مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران على سفن تجارية بالمياه الإقليمية للإمارات، ومحطتي ضخ نفطية بالمملكة». رغم ذلك، فإن الرياض «لا تريد حرباً في المنطقة ولا تسعى لذلك»، وهي وفق وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير «ستفعل ما في وسعها لمنع قيام هذه الحرب»، لكنها تؤكد في الوقت ذاته أنه «في حال اختيار الطرف الآخر (إيران) الحرب، فإن المملكة سترد على ذلك بكل قوة وحزم، وستدافع عن نفسها ومصالحها».

على المقلب الإيراني، أتت المواقف مشابهة، حيث استبعد وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، احتمال اندلاع حرب في المنطقة، وأكد أن بلاده لا تريد الصراع، وفي الوقت عينه لا يمكن لأي دولة أن «تتوهّم أن بوسعها مواجهة إيران». من جهته، قال قائد الحرس الثوري، الميجر جنرال حسين سلامي: «لا نسعى للحرب لكننا لا نخشاها أيضاً وعلى استعداد تام لها».

وسط هذه الأجواء، خرج الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس، ليبقي التوتر على مستواه، عبر تغريدة كتب فيها: «إذا أرادت إيران القتال فستكون النهاية الرسمية لها. لا تهددوا الولايات المتحدة مرة أخرى أبداً». ولم يشر ترامب إلى مناسبة تغريدته، وما إذا كانت رداً على استهداف محيط السفارة الأميركية في بغداد قبل ساعات من التغريدة، أو التهديدات التي تحدّثت عنها واشنطن في الأيام الماضية وأرسلت بناء عليها حاملة الطائرات إلى المنطقة.

المصدر: صحف