الصحافة اليوم 27-11-2018: تهويل بـ”الانهيار النقدي” والحريري يلملم «فضيحة» الهبة الروسية – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 27-11-2018: تهويل بـ”الانهيار النقدي” والحريري يلملم «فضيحة» الهبة الروسية

الصحف المحلية

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 27 تشرين الثاني على مواضيع عديدة كان ابرزها السعي الى حلحلة العقد الحكومية باستئناف الوزير باسيل لمبادرته من عين التينة كونه الوحيد القادر على التواصل في هذه الفترة مع جميع الجهات.

*  الاخبار

الاخبارتهويل بـ«الانهيار النقدي»: تدفيع الفقراء ثمن ما جناه الأغنياء

ثمة حملة استباقية لمنع النقاش في خفض الدين العام كمدخل لمعالجة الأزمة المالية ـــ النقدية. يقود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هذه الحملة في الاجتماعات المغلقة، وتروّج لها هيئات أصحاب العمل علناً. يهدّدون بإمكان حصول انهيار نقدي ناتج عن «قرار خاطئ» بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، ويغفلون عمداً الحديث عن وجود «عطب» في أساس النموذج الاقتصادي الذي أعطى الكثير للمنتفعين وحجب الكثير عن المحتاجين. مطلب القائمين بالحملة واضح: المزيد من أخذ الكثير من المحتاجين!

تتماهى هيئات أصحاب العمل مع مصرف لبنان في الدعوة إلى إجراء «إصلاحات» مالية على رأسها تقليص حجم القطاع العام. لا يُروّج لهذا الأمر على أنه خيار ينطوي على أولوية قصوى لمعالجة الأزمة المالية ـــ النقدية المتنامية فحسب، بل تزعم الهيئات، كما نقل عن رئيسها محمد شقير وعدد من أعضائها، أن الخيارات محصورة بأمرين: تجميد تطبيق سلسلة الرتب والرواتب لمدة ثلاث سنوات، أو انهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار. هذه المقاربة لا تخلو من حقد تجاه العاملين في القطاع العام الذين يعدّون ضحايا «نموذج» يعتمد على جذب التدفقات المالية من الخارج وتركيزها محلياً بيد القلّة الحاكمة وأدواتها. والهيئات، تمثّل هذه القلّة وتعبّر عن رفضها لأي مقاربة مبنيّة على أساس توزيع الخسائر بين «المنتفعين» و«الضحايا». المنتفعون اقتنصوا 92% من الدين العام، أو ما يوازي 75 مليار ولار دفعتها الخزينة فوائد على أصل الدين، في مقابل الضحايا الذين وجدوا وظيفة «بطلوع الروح»، أو استجدوا وظيفة من هذا الزعيم أو ذاك ويهدّدهم أصحاب العمل ومصرف لبنان بتجميد سلسلة الرتب والرواتب، بذريعة تلافي حصول انهيار نقدي.

ترتيب الأولويات وفق مصالح الجهات الأكثر قوّة هو جزء من بنية عمل النموذج الاقتصادي اللبناني. في مقابل إنكار وجود «أعطال نظامية» (على حدّ وصف البنك الدولي)، لا يجد الأكثر قوّة مانعاً من اتهام فئات أخرى بالتسبب في الأزمة رغم أنه لا يد لها في تأسيس هذا النظام ولا في إدارته. والأعطال النظامية بدأت تظهر مع نزاع بين وزارة المال ومصرف لبنان على تمويل الخزينة العامة. حتى منتصف هذه السنة، لم يكن مصرف لبنان يمانع الاكتتاب بسندات الخزينة الجديدة الصادرة عن وزارة المال، إلا أنه فجأة قرّر الامتناع عن الاكتتابات في ظل وجود حاجات متواصلة للخزينة قد لا تكون كافية لأكثر من 40 يوماً.

ليس هذا النزاع عابراً بين الطرفين، بل هو أحد أوجه الأعطال النظامية التي حذّر البنك الدولي من حدوثها. وهو أيضاً ليس نزاعاً عادياً حول كلفة الفائدة، بل هو نزاع على تحديد الأولويات للحفاظ على النموذج. فهل هي أولويات تثبيت سعر صرف الليرة أم أولويات أخرى؟

هذه هي النقطة المحورية التي عقد على أساسها اجتماع بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل أيام. والمفاجأة أن سلامة الذي كان قد جال على المسؤولين وحذّرهم من صعوبات وتحديات الأوضاع المالية والنقدية، بدأ يتحدث مباشرة عن السبب الفعلي وراء قرار مصرف لبنان الامتناع عن الاكتتاب بسندات الخزينة. في رأيه أنه بسبب إقرار سلسلة الرتب والرواتب، ضخّت في السوق مبالغ أكبر من تقديرات وزارة المال، ما أدّى إلى ارتفاع التضخّم عن المعدلات المحبذّة (وصل إلى 7% فيما يجب أن يبقى أقل من 5%)، وارتفاع الطلب على الدولار، لأن غالبية السلع الاستهلاكية في لبنان هي مستوردة، وبالتالي ندفع ثمنها بالدولار، ما يعني أن ضخّ مبالغ بالليرة في السوق يتحوّل طلباً على الدولار.

  نسبة 92% من الدين العام دُفعت فوائد استفادت منها القلّة

بحسب المعلومات، فإن سلامة لم يقصد حصراً لوم وزارة المال على تقديراته الخاطئة بشأن كلفة سلسلة الرتب والرواتب، بل انطلق نحو الحديث عن عدم وجود أي برنامج أو خطّة اقتصادية للوزارة، فيما لبنان التزم في مؤتمر «سيدر» بإصلاحات على رأسها تقليص القطاع العام، وبالتالي فإنه ليس مضطراً إلى التفريط باحتياطاته بالعملات الأجنبية في ظل هذا الوضع. وبحسب مصادر مطلعة، فإن «الاجتماع لم يكن جيّداً، رغم أنه يمكن القول إنه ليس عاطلاً، إذ لم يتم التوصل إلى اتفاق بل تأجّل النقاش إلى اجتماع مقبل». وتقول المصادر إن إشارات سلامة كانت واضحة إلى ضرورة «التخطيط لتقليص القطاع العام» في مقابل الحفاظ على سياسة تثبيت سعر صرف الليرة.

ليست المرّة الأولى التي يشير فيها سلامة إلى هذا الأمر. ففي لقاءاته مع رجال الأعمال والمصرفيين والسياسيين، يكرّر سلامة العبارة الآتية: «لا أعلم إلى أي مدى يمكنني الإمساك بالوضع». في الواقع، كان سلامة ممسكاً بزمام السلطة النقدية لأكثر من 25 سنة، وهو تمكن من انتزاع وكالة عامة من السياسيين بإدارة الوضع الاقتصادي أيضاً، لكنه يصرّ اليوم على انتقاد وزارة المال. لذا، فإن المعطيات تشير إلى أن سلامة لا يبدو راغباً في إيجاد حلّ لمشكلة تمويل الخزينة، بل يمارس ضغوطاً نقدية في خدمة أهداف تمزج بين السياسة ومصالح طبقة رجال الأعمال. هو يقول إن رفع فوائد سندات الخزينة من 7.25% إلى 10.50% قد يحفّز المصارف على الاكتتاب في السندات الجديدة التي تصدرها وزارة المال ما يجنّبه القيام بعمليات مكلفة. في السابق كان مصرف لبنان يشتري سندات الخزينة من وزارة المال، ثم يبيع المصارف شهادات إيداع بفوائد أعلى من فوائد سندات الخزينة بنحو نقطتين مئويتين. عملياً، هو كان يقرض وزارة المال بفائدة منخفضة ويقترض من المصارف بفائدة أعلى. إلا أنه في ظل ارتفاع كلفة توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان، وحاجة هذا الأخير إلى التخفيف من خسائره الناجمة عن عمليات إدارة السيولة، بما فيها الهندسات المالية، وبسبب تطبيق معايير المحاسبة الدولية والانتقادات التي وجهها صندوق النقد الدولي لمصرف لبنان، فإن رفع حصّة «المركزي» من سندات الخزينة اللبنانية ليس خياراً.

وتماهياً مع ما يروّجه سلامة، يقود رئيس هيئات أصحاب العمل محمد شقير حملة علنية على «القرار الخاطئ الذي ارتكبته قوى السلطة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب». شقير قال هذا الكلام أمام الرؤساء الثلاثة، وأخبرهم مباشرة أن هناك ضرورة لتقليص حجم القطاع العام، وأن كلفة السلسلة بلغت 2.5 مليار دولار، وأن الوضع اليوم يفرض علينا تجميد السلسلة لمدّة ثلاث سنوات في انتظار إقرار «إصلاحات»، منها إعادة النظر في أكلاف المتقاعدين وفي تعويضات التقاعد في القوى الأمنية… وإلا فإن الانهيار النقدي سيصبح وارداً.

شقير يقول أيضاً إنه لولا طلب وزير المال علي حسن خليل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الاكتتاب بسندات الخزينة التي تصدرها الوزارة، لما تمكن من جمع 500 مليار ليرة في آخر إصدار، وإنه جرى الضغط أيضاً على المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، لكن عمليات الضغط لا يمكن أن تشكّل حلّاً، بل يجب تقليص القطاع العام أولاً وتشكيل الحكومة ثانياً.

بعض المطلعين يضعون كلام شقير في إطار الردّ السياسي على مطلب توزير سنّي من خارج تيار المستقبل، وهم يرون أنه يسعى إلى الفوز بمكسبين: المكسب السياسي من وراء التهويل بالانهيار النقدي، واستباق النقاش عن خفض كلفة الدين العام (الذي يبلغ أرقاماً قياسية تتجاوز حالياً 5 مليارات دولار أميركي، وستستمر في التصاعد) بالتركيز على «كلفة سلسلة الرتب والرواتب ونتائجها المدمّرة على العملة الوطنية».

فالمستفيدون المباشرون من كلفة الدين العام هم أصحاب المصارف وشركاؤهم من كبار المودعين. وهم يريدون الدفاع عن مصالحهم، والسعي إلى إبعاد كأس النقاش حول كلفة الدين العام، بخوض معركة تقليص القطاع العام أو التراجع عن السلسلة. يُضاف إليهم «أصحاب العمل» الذين يرفضون أي تعديل على النظام الضريبي الذي قد يطالهم.

وتقول المصادر المطلعة إن قدرة شقير، ولوبي أصحاب العمل عموماً، على تسويق طروحاتهم أمام السياسيين الجاهلين تماماً بالاقتصاد والمال أو المنحازين إلى فئة رجال الأعمال، تزيد من فرصة هؤلاء في الفوز بمكاسب أكبر إذا قرّرت السلطة تصحيح الوضع المالي والنقدي، أي توزيع الخسائر بشكل طوعي. فالمشكلة أصلاً ليست محصورة في عجز الخزينة، بل إن هذا العجز يشكّل جزءاً من المشكلة. فالمعروف أن النظام المالي في لبنان قائم على تدفقات العملات الأجنبية من الخارج، وهي لم تعد متاحة اليوم كالسابق، فضلاً عن أن حجم الاستيراد بالعملات الأجنبية «يستنزفها»، وهو الأمر الذي يجعل من عملية تثبيت سعر صرف الليرة أمراً مكلفاً. هذا يعني أن التصحيح الطوعي الذي دعا إليه الوزير السابق شربل نحاس، هو أحد العلاجات التي ينطوي على عدالة نسبية في توزيع الخسائر بين اللاعبين من مصرف لبنان ومصارف وأجراء وسواهم. كلّ واحد عليه أن يدفع وفق قدراته، ولا يمكن المساواة بين الذين راكموا الثروات من الاستثمار في الدين العام ومن آليات استقطاب الدولارات وأدوات الاستدانة، مع مداخيل الطبقة المتوسطة والفقيرة.

الحريري يلملم «فضيحة» الهبة الروسية

حاول الرئيس سعد الحريري أمس لملمة فضيحة رفض لبنان لهبة عسكرية روسية تنفيذاً للرغبة الأميركية، معلناً قبول الهبة وتحويلها إلى قوى الأمن الداخلي. موقف الحريري، إن كان حقيقياً، يستدعي إجراءات روتينية طويلة، لكن تجربة موسكو مع وعود رئيس الحكومة اللبناني، مريرة

أثار التقرير الذي نشرته «الأخبار» أمس، حول رفض لبنان الحصول على هبة من الجيش الروسي للجيش اللبناني، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والعسكرية، لما لهذا القرار من انعكاس على السياسة الخارجية للبنان، وتأثير التدخلات الأميركية فيه.

وفيما حاولت أكثر من جهة التشكيك في صحة التقرير، نقلت وكالة رويترز مساء أمس، عن لسان مصدر سمّته «مسؤولاً سياسياً كبيراً»، تأكيداً للمعلومات الواردة في تقرير «الأخبار»، فأكد المسؤول أن الرفض اللبناني جاء بناءً على ضغوط أميركية. وزادت الوكالة نقلاً عن دبلوماسيين غربيين أن قبول لبنان للهبة كان ليحدث مشكلة مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، في تأكيد للأسباب الحقيقية التي دفعت لبنان الرسمي إلى التعامل مع الجانب الروسي بهذه الطريقة ورفض الهبة. فلبنان أخفى الأسباب السياسية للرفض، واستخدم ذريعة تقنية، مفادها أن أعيرة الذخيرة المقدّمة في الهبة لا تتناسب مع الأعيرة التي يستخدمها الجيش والمشابهة لمعايير حلف الناتو، مع أن الجيش يملك آلاف البنادق الروسية.

وطوال يوم أمس، لم يصدر أي تعليق رسمي لبناني ردّاً على ما نشرته «الأخبار»، واكتفت بعض الجهات بمحاولة التوضيح للجانب الروسي بصفة غير رسمية، إلّا أن تلقّف الوكالة العالمية للخبر، دفع المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري إلى إصدار بيانٍ ليلاً ينفي فيه رفض لبنان للهبة، معلناً أن «الجانب الروسي تبلّغ الموافقة على تسلّم الهبة، التي ستذهب للزوم قوى الأمن الداخلي في وزارة الداخلية».

في المعلومات، أن «مخرج» نقل الهبة من الجيش اللبناني إلى قوى الأمن الداخلي ابتدعه وزير الداخلية نهاد المشنوق، إلّا أن الجانب الروسي لم يتبلغ رسمياً حتى الآن ما أعلنه الحريري أمس، بل إن الجانب الروسي وُضع بعد إثارة الضجّة في أجواء نقاشات لحلّ أزمة الهبة مع روسيا، ومنها تحويل الذخائر إلى قوى الأمن الداخلي أو الأمن العام اللبناني.

المشنوق هو صاحب مَخرج تحويل الهبة من الجيش إلى قوى الأمن

نقل الهبة من طرف إلى آخر يحتاج إلى مسار إجرائي بيروقراطي طويل، بين بيروت وموسكو، وبين وزارة الدفاع الروسية والدوائر الروسية الأخرى. وإن كان بإمكان لبنان استقبال الهبة كما أكد الحريري، فكيف إذاً يرفض الجيش الهبة من دون قرار من الحكومة؟ ولماذا قبل الحريري، أو لم يقبل، أن يحصل الجيش على الهبة، وعندها يتمّ تحويلها من الجيش إلى أي جهاز أمني أو عسكري آخر، في إجراء داخلي لبناني، بدل إعادة عملية بيروقراطية طويلة بين الجانبين الروسي واللبناني؟

فقرار استبدال الجهة التي ستحصل على الهبة يتطلّب أوّلاً طلباً رسمياً لبنانياً من الحكومة الروسية، وبعد أن توافق الحكومة الروسية، تبدأ إجراءات إعداد اتفاقية التسليم والتسلم، وإعداد الجانب اللبناني شهادة «المستهلك النهائي»، التي اتفق الروس واللبنانيون سابقاً على إعدادها في نيسان الماضي، ولا تزال من حينها هبة الذخائر تجثم على أرض مرفأ عسكري روسي بانتظار نقلها إلى بيروت.

ثم من قال إن الجيش الروسي يرغب في تقديم المساعدة إلى قوى الأمن أو أي جهاز آخر، بدل الجيش اللبناني؟ فدلالات التعاون العسكري تختلف بين دعم الجيش ودعم الأجهزة الأخرى.

مصادر روسية معنية بالملفّ رفضت التعليق بالنفي أو بالتأكيد على ما ورد في بيان الحريري، لكنّها أشارت إلى أن «المسألة ليست الهبة العسكرية، بل مسار ومستقبل التعاون العسكري بين البلدين».

فتجربة موسكو مع لبنان «مريرة» في هذا المجال، إذ درجت العادة على أن يتفّق الروس واللبنانيون على تعاون عسكري معيّن، ثمّ تأتي التدخلات الأميركية لتمنع اللبنانيين من الإيفاء بتعهداتهم. وهذا الأمر حصل يوم أسقطت هبة المقاتلات والدبابات والمدافع الروسية عام 2008 أول مرة.

وفي المرة الثانية، يوم وعد الحريري الرئيس فلاديمير بوتين بفتح اعتماد بمليار دولار من الأسلحة الروسية بقرض طويل الأمد من الجانب الروسي، إلا أن الحريري عاد وأخلّ بالتزامه. كذلك أخلّ الحريري لاحقاً بتعهده توقيع اتفاقية التعاون العسكري بين لبنان وروسيا العام الماضي، وبدأت المماطلة حتى العام الحالي، لتتوّج برفض الحريري إدراج بند على جدول أعمال آخر جلسة لمجلس الوزراء يقضي بإعطاء الإذن للوزير يعقوب الصراف لتوقيع الاتفاقية.

*  اللواء

اللواءغيوم التوتر تسابق «انفراج العقدة»… وإعادة فتح طريق الناعمة ليلاً

بعبدا تبتعد عن «أم الصبي»: التوزير ليس من حصة الرئيس

على وقع توتر اعلامي، واندهاش سياسي من استمرار اقفال الأجواء امام معالجة هادئة لآخر العقد، ذات الصلة بتأليف الحكومة، دخلت عملية التشكيل شهرها السابع، بين ابتهال الرئيس نبيه برّي ودعائه والدعوة إلى التفاؤل بالخير، علّكم تجدوه، وتأكيد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، المكلف من الرئيس ميشال عون، العمل على إيجاد حل لعقدة تمثيل سني من نواب 8 آذار السنة في الحكومة، ان مبادرته لم تتوقف، وسط معلومات عن لقاء عقده مع النائب عبد الرحيم مراد بعيداً عن الأضواء، للتداول في ما يمكن وصفه باقتراح ان يتوزّر سني من هذا الفريق ومن حصة الرئيس عون، باعتباره «أم الصبي»..

وربطت مصادر سياسية بين نضج اقتراح تسوية، وانهاء تريث بيت الوسط في تحديد موعد للقاء الرئيس المكلف سعد الحريري وفداً أو نائباً من نواب «اللقاء التشاوري»..

وقالت المصادر ان رفع وتيرة الخطاب الإعلامي، لن تفيد في المقاربة الهادئة والجارية للتسوية.. بعد سلسلة من الإشارات الإيجابية، الآيلة إلى الخروج من المأزق الراهن، وتداعياته الخطيرة..

ولم يقتصر المشهد على التوتر، بل تحرك الشارع ليلاً، وقطع شبان غاضبون طريق الناعمة بيروت، احتجاجاً على التصريحات التلفزيونية (L.B.C) لرئيس حزب التوحيد العربي وئام وهّاب التي حمل فيها على الرئيس المكلف، معتبراً انه «لا يمكن للحريري ان يوقف البلد عند احقاده ولا يستطيع احتكار السنة»، مؤكداً ان هناك أزمة غير حرزانة، محصورة بالوزير السني.

وأشار إلى ان هناك كتلة نيابية لديها حلفاء ولن يتركوها.. وان حزب الله لو مارس الاستقواء لكان عبد الرحيم مراد أو فيصل كرامي رئيس حكومة وجميل السيّد وزير داخلية..

وتهجم وهّاب على الرئيس الحريري بصورة شخصية، معتبراً ان سيدر لن ينقذ لبنان، بل على الدولة ان تقوم بإقامة البنى التحتية.

ورد النائب السابق مصطفى علوش على وهّاب واصفاً اياه بأنه «ينضح بالنتائن» كما وصفه بالتافه.. كما ردّ وليد سرحال مُنسّق عام تيّار المستقبل في جبل لبنان الجنوبي، واصفاً اياه بـ«الكراكوز» برتبة وزير فاسق، ووصفه «بالرخيص» حتى قيام الساعة.

وليلاً، اعيد فتح طريق الناعمة، والاوتوستراد الجنوبي باتجاه الناعمة.

وتعقد كتلة المستقبل النيابية اجتماعاً اليوم برئاسة الرئيس المكلف، تتناول فيه استمرار التعطيل، وضرورة الاحتكام للدستور في عملية التأليف..
ومن المتوقع ان يكون للرئيس الحريري موقف يرد فيه على ما يثار، وصف بأنه «عالي السقف»..

لقاء باسيل – مراد

وعلى الرغم من تأكيد جميع القوى السياسية من مختلف الكتل السياسية والتيارات، على انه لا بدّ من ان ترى الحكومة النور في القريب، سواء كان عاجلاً أم آجلاً، فإن أي تطوّر جديد لم يطرأ على موضوع عقدة تمثيل نواب سنة 8 آذار الذي ما يزال يعيق عملية توليد الحكومة العتيدة، فلا موعد محدداً بعد لهؤلاء النواب للاجتماع مع الرئيس المكلف، ولا تراجع عن الموقف الذي أكده مراراً وتكراراً عن سبب رفضه توزير أحد منهم، كما لا استقالة ولا اعتذار، إلى ان يتم إيجاد حل لهذه العقدة، محملاً «حزب الله» مسؤولية تعطيل التأليف.

لكن التطور الوحيد الذي سجل أمس، تمثل باللقاء الذي جمع عضو «اللقاء التشاوري» للنواب الستة المستقلين، النائب عبد الرحيم مراد، ممثلاً زملائه الخمسة برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بناء لطلب الاخير.

وعلمت «اللواء» ان النائب  مراد طلب من باسيل مواصلة مسعاه لحل المشكلة، فأكد الاخير استمرار مسعاه لمعالجة تأخير تشكيل الحكومة، وهوتمنى على مراد مواصلة السعي للقاء الرئيس المكلف سعد الحريري معتبرا انه «من حقهم عليه ان يستقبلهم فربما توصلوا معه الى حل مشترك  مقبول». لكن باسيل اكد وجوب تنازل كل الاطراف لمصلحة التعجيل بتشكيل الحكومة، إلا أن مراد ابلغه انه لا شيء لدى النواب الستة للتنازل عنه فهم يطلبون مقعدا وزاريا واحدا ولأي حقيبة.

واوضحت مصادر «اللقاء التشاوري» ان باسيل وعد بالتحرك لدى الرئيس الحريري من اجل محاولة ترتيب موعد بينه وبين النواب الستة. وقالت: انه اذا رفض الحريري اللقاء بهم فهو يكون الذي يقفل كل الابواب امام الحل، ومن غير الوارد بالنسبة اليهم ان يلتقوه فرادى كما تردد بل كمجموعة واحدة..

وحول اتهام نواب اللقاء بالسير في اجندة خارجية ايرانية وسورية؟ قالت المصادر: «انها حجة الضعيف للتهرب من مسؤولية معالجة المشكلة، وهذا الاتهام يمكن الرد عليه باتهام الاخرين بالسير في اجندة اميركية – خليجية الخ…».

الحريري: لا تراجع ولا تنازلات

في المقابل، تُشير مصادر قريبة من «بيت الوسط» إلى ان الرئيس الحريري قدم الكثير من التنازلات، ولم يعد باستطاعته تقديم المزيد، خصوصاً وأن الدستور واضح في ما خص صلاحيات الرئيس المكلف، وانه مستمر على مواقفه ولن يتراجع عنها، سواء بالنسبة إلى توزير أحد من النواب السنة الستة، أو استقبالهم ككتلة، خصوصاً وأنه بات مدعوماً بتأييد قيادي وديني وشعبي سني واسع بدأت اصداءه تتردد بالتفاف القيادات السنية حوله، على غرار ما فعل الوزير السابق اللواء اشرف

 ريفي، رغم الخصومة التي باعدت بين الرجلين منذ التسوية الرئاسية.

ومع ذلك، تُشير المصادر إلى ان الأمور غير مغلقة تماماً كما يصور البعض، وهي تعتقد ان هناك حلاً يلوح في الأفق، لكنه ما يزال يحتاج إلى مزيد من المشاورات والاتصالات لبلورة كل الأفكار التي تطرح من أجل التوصّل إلى قواسم مشتركة تحفظ ماء الوجه للجميع، حيث لا يكون هناك لا غالب ولا مغلوب.

وتتوقع المصادر ان يُبادر الرئيس عون لاستيعاب المأزق الحالي من خلال الموافقة على تمثيل سنة 8 آذار من حصته، وان يكون الشخص الذي سيتم التوافق على تسميته يحظى برضى النواب السنة والرئيس عون وحتى الرئيس الحريري، كما تمّ في موضوع العقدة الدرزية، حيث وافق في نهاية الأمر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والوزير طلال أرسلان على شخص حظي برضاهما معاً.

وحول ما إذا كان هؤلاء النواب سيوافقون على عدم توزير أحد منهم، كما يطالب «حزب الله»، اشارت المصادر إلى ضرورة ان تكون هناك تنازلات متبادلة، إذا كان يراد للبلد ان ينطلق ويخرج من «عنق الزجاجة» خصوصاً إذا وافق الرئيس عون على توزير شخصية تمثلهم، مع العلم ان رئيس الجمهورية يرفض توزير النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد لانهما ينتميان إلى كتلة «المردة» التي ستتمثل في الحكومة من خلال وزارة الاشغال، وهناك أيضاً استبعاد لإمكانية توزير النائب الوليد سكرية كونه عضواً في كتلة «الوفاء للمقاومة»، وكذلك النائب قاسم هاشم العضو في كتلة «التنمية والتحرير»، وهناك أيضاً استبعاد لأن يكون النائب عدنان طرابلسي وزيراً لاعتبارات معروفة، ويبقى فقط النائب مراد لكنه لا يحظى بتوافق على توزيره باعتراض من قبل الرئيس الحريري.

لكن المصادر لاحظت انه بالإمكان معالجة إشكالية ازدواجية ولاء هؤلاء النواب، من خلال إعلان انسحابهم رسمياً من الكتل النيابية التي أمنت فوزهم في الانتخابات، رغم ان هذا الحل قد يثير إشكاليات عديدة امام جمهورهم، وتداعيات في كتل أخرى قد تقلب الانتماءات والتحالفات داخل المجلس والحكومة على أساس طائفي بحت.

المشنوق: الصبي لن يضيع

وفيما شددت المصادر القريبة من «بيت الوسط» على ان لا حل غير موافقة الرئيس عون على توزير أحد من هؤلاء النواب أو من يمثلهم في حصته لإنقاذ عهده والافراج بالتالي عن محاولات تعطيل تشكيل الحكومة، للمباشرة بالعمل الجدي والسريع لمواجهة الاستحقاقات والالتزامات الدولية، كانت لافتة  للانتباه اشادة وزير الداخلية نهاد المشنوق بالرئيس عون، في سياق تعليقه على استحضاره قبل أيام لمثل سليمان الحكيم مع «أم الصبي»، فقال ان «الرئيس عون واحد من هؤلاء الرجال المسؤولين عن حماية لبنان من أي كبوة يقع فيها، وهو على قدر المسؤولية بصفته المؤتمن على الوطن وحامي الدستور»، مؤكداً «ان الصبي لن يضيع، وهذه ليست الأزمة الأولى التي يمر بها لبنان»، مشدداً على ان «لا بدّ للفراغ الحكومي ان ينتهي».

غير ان زوّار الرئيس عون، نقلوا عنه أمس، ما قصده بكلامه عن مثل سليمان الحكيم، هو التشجيع على ما يمكن ان يجمع بين الفريقين، ويساهم في الوصول إلى الحل، على ان يكون الفريقان المتخاصمان هما المعنيين بانضاج هذا الحل بالتفاهم.

ولفت هؤلاء الزوار إلى ان هذا لا يعني ان يأتي الحل على حساب الرئيس عون في ما خص العقدة الحكومية، مكررين القول ان رئيس الجمهورية يسهل ويساعد ويتدخل عند الضرورة، لكن ان يتم تصوير الأمور بأن يأتي الحل على حسابه، فهذا تصوير خاطئ.

واكد الزوار ان رئيس الجمهورية يريد من الفريقين المتنازعين ان يتفاهما على المعالجة، والمقصود بأم الصبي انه مستعد لرعاية ما يقوم بينهما، ورأى الزوار ان مهمة الوزير باسيل لم تنته وهي مستمرة قائلين ان هناك اتصالات ومساعي لكن من غير المعروف الى أين ستؤدي.

«التجربة البلجيكية»

إلى ذلك، لم تغب أزمة تأليف الحكومة، عن محادثات رئيس مجلس النواب البلجيكي سيغريد براك الذي يزور لبنان حالياً بدعوة من الرئيس نبيه برّي، خاصة وان بلجيكا سبق ان عانت في السنة الماضية أزمة مماثلة، استمرت سنة ونصف السنة، إلى ان تمّ حلها، فحضرت «التجربة البلجيكية» في صلب المحادثات التي أجراها براك مع الرؤساء الثلاثة: عون وبري والحريري، ومع رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط مساء، إلى جانب العلاقات بين البلدين، وأزمة النازحين السوريين والقضية الفلسطينية.

لكن الرئيس برّي الذي وقع مع نظيره البلجيكي بروتوكولاً للتعاون البرلماني في مجال تطوير تبادل الخبرات والمعلومات، اعتبر ان «التجربة البلجيكية» في مسار تشكيل الحكومة مختلفة عن الوضع في لبنان، لأن اللامركزية القائمة في بلجيكا لا تجعل الشعب يتحمل ما يتحمله اللبنانيون، مستحضراً في السياق كلمة الرئيس عون من انه لم يعد هناك من مجال للترف، داعياً إلى الإسراع بتشكيل الحكومة اليوم قبل البارحة، إلا انه استبعد ان تكون الطرق مقفلة، مردداً بأنه «ليس لدينا إلا أن نتفاءل بالخير والدعاء».
اما الرئيس البلجيكي، فأمل بعد لقائه الرئيس الحريري ان يتم تشكيل الحكومة اللبنانية في وقت سريع جداً، لأننا نحتاج إلى الاستقرار في المنطقة، ولبنان هو اللاعب الأساسي في الترويج لهذا الاستقرار، وبعد تشكيل الحكومة يمكن القيام بأسرع وقت بالاصلاحات التي أقرّت في مؤتمر باريس (سيدر) ونحن سنساعد في ذلك».

وأكد الرئيس عون من جهته على ان «الحل الأمثل لازمة النازحين السوريين هو في عودتهم إلى المناطق الآمنة في بلادهم، منتقداً ربط هذه العودة بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، مشدداً على ان الحكومة المقبلة ستعطي للاصلاحات أولوية لمواكبة نتائج مؤتمر «سيدر» إضافة إلى تطبيق «الخطة الاقتصادية الوطنية» التي انجزت وتنتظر ان تقرها الحكومة الجديدة لتوضع موضع التنفيذ».

أمنياً، دارت اشتباكات بين وحدات من الجيش اللبناني وعناصر مسلحة استخدمت فيها قذائف الار بي جي، وتعتبر الأكثر عنفاً منذ وقت غير قصير، أي منذ بدء تنفيذ.

وكانت الاشتباكات تجددت بين عناصر من عشيرة آل جعفر وعناصر من الجيش اللبناني، وسط تعتيم اعلامي منذ يومين.

*  الجمهورية

الجمهوريةالعقدة السنِّية تؤجّج الصراع السياسي.. وعون يرفض المَس بالحصة الرئاسية

يتأكد يوماً بعد يوم فقدان الأمل بولادة الحكومة، وديوك السياسة تواصل صياحها الذي يضج الارجاء اللبنانية، وتتقاذف مسؤولية اغتيال هذا الامل. وبات أكيداً، وسط هذا الجو، انّ أكثر ما يحتاجه لبنان في هذه المرحلة هو الواقعية، ومصارحة اللبنانيين بما صنعت أيدي السياسيين في بلد أشبعوه نَهشاً ونَهباً ومحاضرات بالعفّة الفارغة، وحوّلوه الى دولة موبوءة بامتياز وملوّثة سياسياً وإدارياً ومناخياً وبيئياً وفي كل مكان من البحر الى كل الأنهر.

في دولة تعاني هذا التلوّث السياسي المسبّب لكل الأزمات، ينبغي توقّع أيّ شيء: أنانيات متصارعة حول كل شيء، وذهنيات تريد كل شيء، وذهنيات تنصّب نفسها خيمة لتظلل من خلالها البلد بهيمنتها واستئثارها وسياساتها وتوجهاتها ورهاناتها… وفي النتيجة يحصد البلد وأهله حصاداً كريهاً، ويُلقى به، كما هو حال المواطن اللبناني اليوم، في مستنقع أزمات متتالية في كل المفاصل، ضربت الاقتصاد وكل مناحي حياة الناس، وزادت خوفهم على حاضرهم ومستقبلهم.

في دولة معقدة، من الطبيعي أن تزيد العقد وتنعدم الحلول، صار تأليف الحكومة المعطّل مسخرة؛ 6 أشهر من الدوران في حلقة التكاذب المخجل، والشروط التي تتوالد او توالدت من كل الجوانب السياسية بطريقة غريبة وألقيت في طريق الحكومة، وآخرها وربما ليس الأخير، توقيف التأليف على حاجز تمثيل «سنّة 8 آذار» وربط مصيرها بتمثيلهم فيها.

وعلى هذا المنوال، الذي يبدو انه سيستمر، سيطاح بأشهر إضافية طويلة، خصوصاً مع العقليات المتحكّمة في هذا الملف، والتي أكدت بما لا يقبل أدنى شك، أنّ بعض الطاقم السياسي يريد أن يفرض شروطه، ويشكّل في الحكومة «حكومته المصغّرة» على نحو أكثر أهميّة وقوّة وفعّالية من الحكومة نفسها.

لا حلّ

الجو العام المحيط بالتأليف حالياً، يؤكد ان لا حلّ في الأفق، بل هناك مزيد من التوجّه نحو التعقيد والتصعيد، خصوصاً بعدما أكدت مصادر معنية بهذا الملف لـ»الجمهورية» أنّ المسألة لم تعد مسألة رفض الرئيس المكلف سعد الحريري توزير «سنّة 8 آذار» في الحكومة على حساب تيار «المستقبل»، بل انّ الحريري يرفض أصل ومبدأ توزير هؤلاء النواب في الحكومة، على اعتبار انه يرفض ان يشكّل سابقة تمثيل كتلة مُفتعلة يريد من خلالها «حزب الله» اقتناص مقعد وزاري بطريقة التحايُل.

وهو الأمر الذي دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مجدداً الى توسّل الدعاء، لعلّ الآفاق المقفلة تنفتح ويتبلور المخرج. لكن لا يبدو في أوساط المعنيين بهذه العقدة أيّ بارقة نزول عن سقوفهم العالية.

بري لـ«الجمهورية»

وقال بري لـ»الجمهورية»، رداً على سؤال حول حل هذه العقدة: «وفق المنطق، أعتقد انّ الحل عند رئيس الجمهورية».

وكان بري قد أبلغ الى المعنيين انّه و»حزب الله» و»اللقاء التشاوري» ليسوا في وارد التراجع عن مطلب تمثيل السنّة المستقلّين، ولا الرئيس سعد الحريري يبدو انّه في وارد التنازل، بعد الذي سمعه من الطرف الآخر. وبالتالي، فإنّ الرئيس ميشال عون قد يكون الأقدر على المبادرة في اتجاه معالجة العقدة السنّية.

وعمّا إذا كان بري يشجّع الحريري على استقبال «اللقاء التشاوري»؟ قال بري: لم يسألني الرئيس الحريري رأيي، ويبدو انّ بعض المحيطين به قد تكفّلوا بالأمر»… أضاف: «ليس المهم اللقاء في حد ذاته، بل النتيجة. وسواء انعقد أم لا، أنا أدعو رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف الى ان «يحلّوها»، بحيث يتمّ اختيار وزير من بين النواب الستة، حتى ننتهي من هذه المراوحة، لأننا لم نعد نملك ترف الانتظار».

عون

وفيما لم يصدر عن أجواء القصر الجمهوري ما يوحي بأنّ رئيس الجمهورية قد يبادر الى تَلقّف كرة الحل، خصوصاً بعد موقفه الأخير الذي أشار فيه الى مَثل سليمان الحكيم، وسأل فيه عن أم الصبي، أبلَغ زوّار عون «الجمهورية» انّ «ما قصده الرئيس عون يمكن فهمه على انه هو من يلعب دور سليمان الحكيم وقد عرضت عليه قضية «ام الصبي». ولذلك، فإنه وضعَ طرفي الأزمة في مواجهة متكافئة بينهما أمام «سليمان الحكيم» الذي عليه ان يفصل بينهما، وتحديد «ام الصبي». فكل منهما يقول إنه ام الصبي، وعليهما إثبات من سيكون منهما الام الحقيقية، فليس لأيّ صبي في العالم «أمّان اثنتان».

ولفت الزوّار الى «انّ ما ظهر واضحاً من التوصيف الجديد لرئيس الجمهورية، انّ التنازلات مطلوبة من الطرفين، وليس من الرئيس عون وحده. وانّ الحل الذي يمكن التوَصّل إليه لا يمكن ان يكون على حساب رئيس الجمهورية، وبالتالي فهو ليس على استعداد لمزيد من التنازلات، وبالتالي فإنّ حصته الحكومية غير معرّضة لأيّ تعديل».

وانتهى زوّار عون الى القول: «انّ الحل المطلوب سيكون على حساب الطرفين اللذين يدّعيان انّ كلّاً منهما هو «أم الصبي».

«المستقبل»

وفيما أعاد تيار «المستقبل» التأكيد على ان الرئيس الحريري ليس معنياً بما تسمّى عقدة تمثيل «سنّة 8 آذار»، واستبعدت أوساطه استقبال الرئيس المكلف للنواب السنّة الستة، لاحظت مصادر «بيت الوسط» ما وصفتها الحملة المنظّمة والمُستهجنة التي تستهدف الرئيس المكلف ووالده الشهيد رفيق الحريري.

وكشفت المصادر لـ»الجمهورية» انّ كتلة نواب «المستقبل» ستلتئم اليوم، وستصدر بياناً يؤكد على أمرين أساسيين: الأول، استنكار هذه الحملة المنظمة، مع الدعوة الى وَقفها فوراً منعاً لتردداتها السلبية على الوضع في البلاد. والثاني، دعم موقف الرئيس الحريري من التشكيلة الجاهزة لديه، ودعوة الجميع الى إتمامها بتسمية من لم يسمِ بعد وزراءه، ذلك ان من يعتقد انّ مثل هذه المواقف قد تؤدي الى اعتذار الرئيس المكلف هو مخطىء، ولن يتحقق له ما أراد.

النواب الستة

في هذا الوقت، لا تبشّر اوساط «سنّة 8 آذار» بانفراج أزمة تمثيلهم، نتيجة ما يسمونها العقلية التي يواجَهون بها من الرئيس المكلف. وقالت هذه الأوساط لـ»الجمهورية»: «يجب أن يَمتثل الرئيس المكلف لنتائج الانتخابات النيابية التي اكدت فوزنا وحضورنا، وفرضت تمثيلنا».

ورفضت الاوساط اتهام هؤلاء النواب بمحاولة الحصول على مقعد وزاري بالاحتيال، وقالت: نحن ربحنا الانتخابات، امّا تيار «المستقبل» فكان ممثلاً بـ36 نائباً في المجلس النيابي السابق، وفي الانتخابات الاخيرة خسر 16 نائباً. ومع ذلك، فهو يريد ان يَحتكم بكل التمثيل السنّي في الحكومة ويحرم على الفائزين حقهم في ذلك، ليظهر من خلال هذا الامر انه ما زال الممثّل الوحيد للسنّة في لبنان، فيما نصف هؤلاء السنّة تقريباً هم خارج إطار تيار «المستقبل»، هذه الحقيقة يجب أن يعترفوا بها».

«حزب الله»

الى ذلك، قالت مصادر قيادية في «حزب الله» لـ»الجمهورية»: انّ كرة الحل هي في يد الرئيس المكلف، وليس أي طرف آخر. وسبق لنا ان أبلغنا الجميع من دون استثناء اننا لسنا الجهة المعنية بحل مسألة تمثيل نواب اللقاء التشاوري في الحكومة، هناك من كان وَفياً لحلفائه حتى آخر لحظة، وهناك من سعى الى إرضاء حلفائه حتى آخر رمق، ونحن من جهتنا أشد الأوفياء لحلفائنا ولن نتراجع عن ذلك على الاطلاق مهما طال الزمن، الحل في يد الرئيس المكلف وحده.

وعن رفض الحريري التنازل لحل هذه العقدة، قالت المصادر القيادية: معروف عنّا اننا نُحسن الانتظار، والجميع يعلمون اننا انتظرنا سنتين ونصف لكي يتم انتخاب الرئيس ميشال عون. نحن لن نتراجع عن دعمنا لمطلب تمثيل نواب اللقاء التشاوري، وسننتظر المبادرات العلاجية لهذه العقدة لكي تأتي من الرئيس المكلف، فهو الذي يحدد زمانها أكان في وقت قريب او غير ذلك، وسننتظره.

وجزمت المصادر انه «في النهاية سيتمثّل نواب اللقاء التشاوري في الحكومة، وسواء ارتفعت وتيرة هجومهم علينا او خَفّت، فهذا الضجيج لا يعنينا، ولن يؤثر على موقفنا لأننا اعتَدنا على مِثله، ولن يوصلهم الى اي نتيجة معنا، بل سيصلون في نهاية المطاف الى التسليم بأحقية هؤلاء النواب بأن يكونوا شركاء في الحكومة.

«14 آذار»

بدوره، قال مصدر بارز في فريق 14 آذار لـ«الجمهورية» انّ «حزب الله» يؤكد يوماً بعد يوم انه يرفض قيام الدولة، ويسعى الى إبقائها عاجزة ومُشتتة، بما يخدم مشروعه الممتد من بيروت مروراً بنظام بشار الاسد في سوريا وصولاً الى ايران. وأشار المصدر الى انّ «الحزب» أخرج قراره الى العلن بأنه لا يريد ان تتشكل الحكومة، وذلك لكي يبقي البلد رهينة له.

جعجع : خياران

في هذه الأجواء، برز موقف لافت لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، دعا فيه رئيس الجمهورية والرئيس المكلف «اللذين يتحملان المسؤولية الدستورية في التشكيل واللذين يمسكان «القلم»، وصلاحيات التوقيع في يدهما، الى اتخاذ قرار حاسم ، فإمّا يقولان لـ»حزب الله»: نريدك في الحكومة وأعطنا أسماء وزرائك، فإذا سلّمهما إيّاها كان به، وإلّا يشكّلان حكومة بمَن حضر». أو عليهما، ونظراً لحساسية الوضع ولضرورة اتخاذ، أقلّه، بعض الخطوات الضرورية والاساسية لمنع تدهور الواقع الاقتصادي أكثر، الاتفاق على عقد جلسات حكومية للضرورة على غرار جلسات تشريع الضرورة، كي تُتخذ خلالها بضع خطوات أساسية جوهريّة لمنع سقوط لبنان في الهاوية».

زائر بلجيكي

في غضون ذلك، بدأ رئيس البرلمان البلجيكي أمس الأول، زيارة للبنان أجرى خلالها لقاءات، أبرزها مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، وأكد الرئيس عون أمامه في بعبدا «انّ الحل الأمثل لأزمة النازحين السوريين هو في عودتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، لأنّ ربط هذه العودة بالتوَصّل الى حل سياسي للازمة السورية يترك مجالاً للشكوك في ما خَصّ بقاءهم في الدول الموجودين فيها، لاسيما انّ تجربة الشعب الفلسطيني لا تزال ماثلة أمامنا، وقد مَرّت 70 سنة وحل القضية الفلسطينية لم يتحقق بعد.

*  البناء

البناءتركيا تكشف شراكة رجل أعمال سعودي في التخلص من جثة الخاشقجي… وتستعدّ للمزيد

تونس تنتفض بوجه زيارة محمد بن سلمان… والكونغرس يستدعي وزراء ترامب

المستقبل يصعّد بوجه حزب الله… والقوات تدعو لحكومة بدونه… والهدف بعبدا

كتب المحرّر السياسيّ

الارتباك سيد الموقف في واشنطن والرياض مع تداعيات الحملة التي تقودها وكالة المخابرات الأميركية بالتنسيق مع تركيا تحت عنوان قضية قتل جمال الخاشقجي لمحاصرة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما المنظمات المدنية والحقوقية تخوض معركتها للتمييز عن الفريقين، الأخواني والوهابي، حيث تقدم تونس نموذجاً لانتفاضة جمعت النقابات والحقوقيين والصحافيين تستعد لاستقبال زيارة ولي العهد السعودي بحملة احتجاجات وتحركات، وقد تشارك الآلاف من التونسيين ساحات العاصمة في حراك شعبي احتجاجي رافقته صور منددة بالزيارة.

التسريبات التركية من جهتها متواصلة بأسلوب القطارة التي لا تترك المسرح يجفّ من المعلومات الجديدة لإبقاء القضية حاضرة بقوة في الإعلام وعلى مستوى الرأي العام، بينما وسائل الإعلام الأميركية متحفّزة لتلقي كل جديد، ومثلها أعضاء الكونغرس الجمهوريون والديمقراطيون يستعدّون للمواجهة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحت عنوان اتهامه بالتستّر على دور ولي العهد السعودي في قتل الخاشقجي، وقد نجحوا بجلب وزيري الخارجية والدفاع مايك بومبيو وجيمس ماتيس للمثول أمام الكونغرس وتقديم إحاطة حول العلاقة بالسعودية سواء في قضية الخاشقجي أو في حرب اليمن، بينما سيستمع الكونغرس لمديرة المخابرات الأميركية للوصول إلى خلاصة واضحة حول مسؤولية إبن سلمان في قتل الخاشقجي، والسير بالتشريعات اللازمة في ضوء هذه الخلاصة بمعزل عن رفض الرئيس ترامب لها، وكان الادعاء التركي قد أفرج عن معلومات جديدة تتصل بالكشف عن رجل أعمال سعودي هو محمد أحمد الفوزان يملك منزلاً في إحدى ضواحي اسطنبول تم الاتصال المسبق به من فريق القتل لتأمين نقل بقايا جثة الخاشقجي إلى بيته والتخلّص منها هناك.

لبنانياً، صعّد تيار المستقبل حملته على حزب الله متهما إياه بتخريب مساعي تشكيل الحكومة، بينما ذهب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى خطوة تصعيد أبعد بمطالبة رئيس الجمهورية بالموافقة على توقيع مراسيم تشكيل الحكومة من دون حزب الله، وتركّزت حملات المستقبل والقوات على مطالبة رئيس الجمهورية بالتنازل من حصته عن الوزير الذي يُراد منحه لنواب اللقاء التشاوري شرط الا يكون من النواب وأن يحظى بقبول الرئيس سعد الحريري.

مصادر في قوى الثامن من آذار رأت في الحملات الجديدة محاولات للتوتير السياسي للتغطية على العجز عن تخطّي عقدة التمثيل السياسي في الحكومة لنواب اللقاء التشاوري التي صارت محسومة ولا تعبر محاولات الإنكار إلا عن حقيقة أن لا مفر في النهاية من هذه الحقيقة. وقالت المصادر لم يكن حزب الله أو حلفاؤه من المطالبين بحكومة من دون القوات اللبنانية يوم كان عنوان العقدة تمثيلها الوزاري، ولن يستفزّ أحد من هذه الحملات ليمنح طلاب التوتير ما يريدونه للتغطية على عجزهم. وقالت المصادر رداً على كلام مصادر تيار المستقبل حول أن الحريري مستمر إلى قيام الساعة ولن يعتذر، بالقول إن أحداً لم يطالب الحريري بالاعتذار، بل بتحمل المسؤولية كرئيس مكلف بتشكيل الحكومة والإفصاح عن كيفية تطبيق معيار تمثيل فريق الرابع عشر من آذار بإثني عشر وزيراً مقابل تمثيله النيابي بأربعة وأربعين نائباً بينما يريد حصر تمثيل الثامن من آذار بسبعة وزراء مقابل عدد مماثل من النواب؟

الحريري رفض حكومة بلا حزب الله

بعد دعوة رئيس حزب القوات سمير جعجع رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف الى توقيع مرسوم تأليف حكومة بمَن حضر، علمت «البناء» أن «هناك محاولات جرت لدى الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة من دون حزب الله وسنة 8 آذار، إلا أن المعلومات تشير الى أن الحريري رفض هذا الخيار الذي اعتبر أنه لن يصبّ في مصلحته على الإطلاق، أولاً لأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لن يشارك بحكومة من دون حزب الله، وثانياً أن الرئيس ميشال عون لن يوقع مرسوم أي حكومة تخالف قواعد العيش المشترك والميثاقية والوحدة الوطنية وبالتالي أي حكومة من هذا القبيل ستولد ميتة الأمر الذي يشكل خطراً على إعادة تكليف الحريري من جديد إن أقدم على ذلك».

كلام جعجع يدعو للتساؤل: هل ثمة مخطط خارجي لتفجير الساحة اللبنانية بعد فشل المشاريع الأميركية السعودية في الساحات الأخرى، وذلك عبر دفع الفريق السعودي الأميركي في لبنان الى مواجهة مع حزب الله يعبر عنه جعجع في كلامه؟ ولماذا عطل «الحكيم» الحكومة مع النائب وليد جنبلاط أربعة أشهر عبر وضعهما الشروط على الرئيس المكلف؟ هل كانا ليقبلا بتأليف حكومة من دون القوات والحزب الاشتراكي تحت شعار الحاجة الاقتصادية للحكومة؟

ووصفت مصادر سياسية كلام جعجع بـ«اللاواقعي ودونه موانع دستورية وسياسية لا سيما لجهة نيل الحكومة الثقة في المجلس النيابي، خصوصاً أن الرئيس عون و8 آذار يملكان الأكثرية النيابية، واضعة كلامه في إطار الحرب الإعلامية والنفسية المضادة لتوتير الأجواء والضغط على رئيس الجمهورية وحزب الله واحراج الحريري في الوقت عينه».

وتقول المعلومات إن «الحريري لم يُقفل الباب على استقبال نواب اللقاء التشاوري، لكن بشرط أن ينحصر التفاوض على توزير شخصية سنية من خارج اللقاء التشاوري تحظى بقبول الحريري واللقاء إذا نجحت مساعي الوزير جبران باسيل بإلغاء المقايضة بين عون والحريري»، إلا أن هذا الخيار غير مقبول من «اللقاء» الذي أكدت أوساطه لـ«البناء» تمسكه بتوزير أحد نواب اللقاء الستة ولم يُطرح عليه أصلاً اي طرح جديد ولم يتم التواصل معهم من بيت الوسط». وتنقل مصادر مقربة من رئيس الجمهورية عنه لـ«البناء» أنه لا يرى بأن العقدة خارجية بل داخلية تتعلق بالنفوذ داخل كل طائفة لا سيما الطائفة السنية، مؤكداً أن «العقدة ليست مفتعلة لكن بالوقت نفسه معقدة»، كما عُلِم بأن الوزير باسيل فتح باباً للتشاور بين طرفي العقدة الحريري – اللقاء وهو مستمر بمساعيه، لكن على نار هادئة وبعيداً عن الاضواء. ولفت باسيل أمس، رداً على سؤال عما اذا كانت وساطته توقّفت: «طبعاً لم تتوقف».

أما تيار المستقبل فتحمّل مصادره حزب الله مسؤولية وصول الأمور الى هذه النقطة. وتشير لـ«البناء» الى المخاطر الكبيرة جراء هذا التعطيل لا سيما أن البلد سيكون من دون موازنة في الشهر الأول من العام المقبل، وبالتالي سيتم الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية ما يهدد مصير مؤتمر سيدر والاصلاحات وبالتالي تدهور الوضع الاقتصادي والانهيار النقدي والمالي إذا بقينا بلا حكومة، لا سيما أن كل الاصلاحات مرتبطة بالموازنة إذ إننا بحاجة الى موازنة اصلاحية لأن في الموازنة السابقة لم تُطبق الاصلاحات بالكامل». وتحذر المصادر بأن «الدول لن تنتظر لبنان لتأليف حكومته طويلاً بل ربما تتغير وجهة المساعدات الى دول أخرى كالأردن مثلاً».

غير أن مراقبين توقفوا عند كلام الرئيس عون عن «أم الصبي» فرأوا أن الكلام يحمل في طياته توجهاً الى أن يبادر الرئيس الى تقديم تنازل عبر تقديم «الصبي» قرباناً لمن يدّعي أنه «أم الصبي» للتأكيد بأن عون هو «أم الصبي» الحقيقي، وإذا أسقطنا هذه المعادلة «السليمانية الحكيمية» العادلة على الوضع الحكومي، فيمكن أن يتم الاتفاق مع اللقاء التشاوري على حل وسطي يقضي بتوزير أحد أعضاء اللقاء من حصة رئيس الجمهورية أو كـ «وزير ملك» اي نصفه للقاء ونصفه الآخر للرئيس عون، أو أن يتنازل عون عن الوزير السني للحريري من دون أن يسترجع وديعته «الوزير الماروني» غير أن لا صورة واضحة عن الحل حتى الساعة بحسب مطلعين وكل الحلول والاقتراحات قيد البحث والنقاش.

وأكد الرئيس بري من عين التينة في رده على سؤال بعد استقباله نظيره البلجيكي سيغفريد براك «أننا نردد مع رئيس الجمهورية انّنا لم نعد نملك ترف تأخير تأليف الحكومة، فهي حاجة بالأمس قبل اليوم وليس أمامنا سوى التفاؤل بالخير والدعاء».

على صعيد آخر، أكد رئيس الجمهورية أن الحل الامثل لأزمة النازحين السوريين هو في عودتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، «لان ربط هذه العودة بالتوصل الى حل سياسي للازمة السورية يترك مجالاً للشكوك في ما خص بقاءهم في الدول الموجودين فيها لاسيما وان تجربة الشعب الفلسطيني لا تزال ماثلة امامنا، وقد مرت 70 سنة وحل القضية الفلسطينية لم يتحقق بعد». وابلغ الرئيس عون رئيس مجلس النواب البلجيكي «ان لبنان طالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة بأن يُصار الى تقديم المساعدات الى النازحين السوريين بعد عودتهم، لأنهم بذلك يساهمون في إعادة إعمار بلدهم وبناء منازلهم. كذلك طالب لبنان بزيادة المساعدات التي تقدم اليه للمساهمة في إعادة إعماره وتعزيز اقتصاده وتطوير البنى التحتية فيه».

وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد لقائه الرئيس عون أمس، إن «الاستقرار النقدي في لبنان مستمر والإمكانات متوافرة لذلك».

وفي موازاة ذلك واصل العدو الإسرائيلي اعتداءاته على لبنان وانتهاك سيادته ونفذت طائراته الحربية أمس، غارات وهمية كثيفة وعلى علو منخفض فوق النبطية واقليم التفاح ومجرى نهر الليطاني وقلعة الشقيف ويحمر وزوطر الشرقية. ما يطرح السؤال التالي: إلى متى ستبقى الدولة اللبنانية الغائب والصامت الأكبر ومكتوفة الأيدي على كل هذه الاعتداءات؟ وهل يتجرّأ رئيس الحكومة وفريقه السياسي قبول الهبات والمساعدات من دول صديقة للبنان كإيران وروسيا لصد العدوان؟

لكن الممارسات الإسرائيلية في وادٍ والحكومة ورئيسها في واد آخر في ظل المعلومات التي تتسرّب عن رفض لبنان تسلم هبة من الذخائر الحربية الروسية عبارة عن ملايين الأعيرة لبنادق كلاشنيكوف، إلا أن المكتب الإعلامي للحريري نفى ذلك في بيان، مؤكداً أن «الخبر عار من الصحة، وأن الجانب الروسي قد تبلغ الموافقة على تسلّم الهبة، التي ستذهب للزوم قوى الأمن الداخلي في وزارة الداخلية».

وحذّر المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من خطورة التعامل باستخفاف مع الإرهاب في ظل تمدده في افريقيا والعالم بعد دحره من الشرق الأوسط، وخلال افتتاح مؤتمر «دحر الارهاب في المنطقة وتأثيره على افريقيا» الذي يُعقد في بيروت للمرة الاولى وتنظمه المديرية العامة للأمن العام برعاية رئيس الجمهورية، قال إبراهيم في كلمته: «لا بدّ من التنبه الى استحالة عزل تمدّد تلك الجماعات الإرهابية عن عوامل التهميش السياسي والاقتصادي والصراعات القبلية والإثنية في كثير من الدول الأفريقية التي صار فيها ما يمكنني ان أسميه «الإرهاب الهجين» الذي يتشكل من هيمنة قبلية مع جريمة منظمة، وبما يعكس تشابك العنف الديني مع التطرف القبلي. وهذا الإرهاب الهجين يصل قواه من استغلال الدين والهوية لتحقيق أهداف الإرهابيين، وهو ما يجب العمل على دحض رواياتهم. واول ما يفترض القيام به «تلازم الإرادة السياسية مع الإدارة الأمنية».

المصدر: صحف