لطالما كان الرجال الذين يعانون من نزلات البرد لفترة طويلة محط سخرية عالميا بشأن “إنفلونزا الرجال”، إلى جانب قدرتهم الضعيفة على مقاومة نزلات البرد مقارنة بالسيدات.
ولكن بحسب علماء أوروبيين، ربما يكون من الصحيح أن الرجال يعانون بشكل أكبر من نزلات البرد والإنفلونزا.
وأجرت الطبيبة بياتركس جروبيك-لوبنشتاين، عالمة المناعة في جامعة إنسبروك في النمسا، بحوثا على مدى فترة طويلة حول اختلافات المناعة بين الجنسين، ويعتبر ما توصلت إليه بمثابة عزاء للرجال الذين يشعرون بأن النساء لا يأخذن معاناتهم العليا على محمل الجد. وتقول جروبيك-لوبنشتاين “بتبسيط الأمر، يمكن القول إن الرجال، نظرا للاختلافات في الاستجابة المناعية، يمكن أن يمرضوا مرات أكثر من النساء”.
وتوضح أن الأمراض التي تغزو الجسم تهاجمها خلايا المناعة التي يمكن أن تكون محددة أو غير محددة، ولا تكون الأولى مؤثرة سوى ضد أمراض معينة -مثل فيروس الإنفلونزا- وتُمكن الجسم من الدفاع عن نفسه ضد مجموعة واسعة من الفيروسات والبكتيريا والطفيليات، غير أن هناك القليل نسبيا من كل نوع من خلايا المناعة المحددة. ولتدمير هذه المُمْرضات، يجب أن تتضاعف مليون مرة، وهنا تأتي الاختلافات الجنسية؛ فبينما يساعد هرمون الإستروجين في النساء على مضاعفة خلايا المناعة المحددة، يفعل هرمون التستوستيرون في الذكور العكس.
ويقول الطبيب ماركوس ألتفيلد “يحفز الإستروجين جهاز المناعة، أما التستوستيرون فيكبحها، وبالتالي ترد أجهزة المناعة لدى النساء بشكل أسرع وبقوة أكبر تجاه الممرضات من نظيرتها لدى الرجال”.
إلى جانب أنه كلما كانت مستويات التستوستيرون أعلى عند الرجل، زاد ضعف جهازه المناعي. وبالتالي “الرجال الحقيقيون” يعانون بشكل أكبر.
ولا يزال الباحثون غير متأكدين من أسباب الاختلافات الجنسية؛ نظرا لأن جهاز المناعة البشري تطور على مدار ملايين السنوات -بحسب ألتفيلد- و”نحن نحتاج إلى البحث أكثر في الماضي من أجل التوصل إلى تفسير ممكن”.
وتربط جروبيك-لوبنشتاين أيضا استجابة النساء المناعية بالإنجاب، قائلة “يتضح أثر جهاز المناعة الذي يقويه الإستروجين، لا سيما في النساء اليافعات بعد فترة البلوغ، ويصبح أضعف في النساء بعد انقطاع الحيض”.
وتقول إن قابلية الرجال الأكبر لكثير من الأمراض لا يرجع فحسب إلى جهاز المناعي الضعيف جراء التستوستيرون؛ فهناك “هناك عوامل أخرى سلوكية وبيئية تلعب دورا أيضا، فالرجال يجازفون أكثر ويتبعون أنظمة غذائية غير صحية وأقل التزاما بالتطعيمات”.
المصدر: د ب أ