اقتصاد #لبنان ومخاطر ارتفاع الأسعار.. أي دور للدولة؟! – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

اقتصاد #لبنان ومخاطر ارتفاع الأسعار.. أي دور للدولة؟!

ارتفاع الاسعار في لبنان_2
ذوالفقار ضاهر

 

بعد طول انتظار وجولات من الأخذ والرد والنقاشات المستفيضة بين مختلف القوى السياسية والكتلة النيابية، أقر مجلس النواب اللبناني قانون سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام بنسب مختلفة وبعد ذلك وقعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونشر في الجريدة الرسمية، وإقرار الزيادة على الراتب هو أمر مطلوب ومرحب به من مختلف فئات الشعب اللبناني والقوى النقابية لما يفترض ان يكون لها من آثار إيجابية ممكنة على حياة الناس ويومياتها في رفع القدرة الشرائية وتحسين الاوضاع المعيشية.

ارتفاع الاسعار في لبنانإلا ان إقرار السلسلة بالشكل الذي تم فيه أثار سلسلة من المخاوف لدى مجمل الشرائح الاجتماعية اللبنانية لا سيما من أصحاب الدخل المحدود، ومضمون المخاوف تتركز حول الخشية من حصول ارتفاع للاسعار ما يؤدي الى تضييع الغاية من اقرار السلسلة وزيادة الازمة المعيشية للمواطنين سواء ممن لحقتهم الزيادة على الرواتب او ممن لمن تُنعم عليهم الدولة اللبنانية عبر برلمانها ببركة السلسلة وبقيت رواتبهم ومداخيلهم على حالها، فما هي أسباب هذه المخاوف؟ وهل هي مخاوف في محلها أم أنها مجرد وهم لدى البعض حيث لن تحصل زيادة كبيرة ومؤثرة على الاسعار؟ وكيف يمكن ان تنعكس السلسلة على أحوال الناس سلبا او ايجابا؟ هل من أرقام اقتصادية او احصاءات دقيقة في هذا المجال؟ وهل الدولة اللبنانية بمختلف أجهزتها ستتمكن من ضبط الاسعار ومنع التلاعب؟ هل في لبنان آليات معينة قانونية وفنية يمكنها ضبط الوضع ومنع التعديات على لقمة عيش المواطن العادي والانجرار نحو الاحتكار او تغيير الاسعار؟ وهل يمكن التوقع بامكانية زيادة الاجور لاحقا للقطاع الخاص أسوة بما جرى مع القطاع العام؟ علما ان البعض يحذر من ان أي حصول لارتفاع الاسعار سيؤدي الى تسجيل ضرر مضاعف على من لم تلحقهم الزيادة على الرواتب، ومن الملاحظ ان الاسعار للعديد من السلع بدأت بالارتفاع من قبل التجار واصحاب المصالح منذ اقرار قانون السلسلة في الجريدة الرسمية.

أين الرقابة على التجار والاسعار؟!

ارتفاع الاسعار في لبنان_3وبالتالي هل المشكلة تكون باقرار السلسلة كما يحاول البعض تصويرها ام ان المشكلة في غياب الرقابة القانونية والاقتصادية على التجار ومصادر المواد والسلع المختلفة؟ واي مسؤولية تقع على عاتق الدولة في هذا المجال وكيف ستنفذ المطلوب منها في هذا المجال لحماية المواطن وبالتحديد موظفيها الذين لحقتهم الزيادة على السلسلة؟ وما هي الفرضيات الممكنة للرقابة من قبل أجهزة الدولة هل الرقابة ستقوم بها وزارة الاقتصاد والتجارة ام ستطلع بها حصرا جمعية حماية المستهلك؟ هل يمكن الاستعانة بقدرات الأجهزة الامنية المختلفة في البلاد او حتى عبر الاستفادة من امكانيات وقدرات البلديات على الصعيد المحلي؟

حول كل ذلك أكد رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان زهير برو ان “سلسلة الرتب والرواتب بحد ذاتها هي حق للموظفين”، ولفت الى ان “هذا الحق يتمثل بضرورة حصول تصحيح سنوي للرواتب والأجور أسوة بما يجري في كثير من دول العالم ضمن آليات توضع مسبقا بعيدا عن كل هذه الفوضى والصراعات السياسية والاقتصادية المستمرة لسنوات ما يؤدي الى عدم استقرار اقتصادي واجتماعي”، ولفت الى ان “هذه الآليات والخطط موجودة في كل دول العالم ولا تحتاج الى كثير من الجهد والتعب انما يمكن الحصول عليها بسهولة”، وتابع انه “من الواجب أيضا ان تتم الزيادة على الاجور للقطاع الخاص كما حصل مع القطاع العام لان عدم حصول ذلك له تداعياته السلبية على الناتج القومي ما سيرتب مشاكل وأزمات متنوعة على مختلف المستويات لا سيما الاقتصادية والاجتماعية”.

ماذا ينتظر اقتصادنا؟

رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان زهير بروولفت برو في حديث لموقع قناة المنار الى ان “غلاء الاسعار المتوقع خلال الفترة المقبلة في لبنان ليس هو المشكلة فقط التي يجب التحذير منها”، واوضح انه “قبل فترة حصل ما سمي بالهندسة المالية من قبل مصرف لبنان حيث تم طباعة خمسة ملايين دولار اميركي وأعطيت للمصارف عبر ودائع كأرباح لها ولم تضخ في السوق بشكل فعلي”، واشار الى انه “عبر هذه العملية التي تسمى اصطلاحا بـ(المرض الهولندي) تم ضخ كميات كبيرة من العملة بشكل ضخم في اقتصاد صغير ما سيؤدي الى تضخم حتما”، وتابع “اما اليوم جاءت مسألة الاجور التي ستؤدي الى غلاء الاسعار في غياب اي آلية قانونية او فنية لضبط الاسعار في لبنان”.

وأشار برو الى ان “الكلام الصادر عن بعض المسؤولين حول عملية ضبط الاسعار هو مجرد شعارات للاعلام الهدف منها خداع الناس وتعمية الواقع”، ولفت الى ان “في لبنان لا توجد آليات لضبط الاسعار كما لا يوجد تشريعات تخول وزارة الاقتصاد ان تحدد أسعار كل السلع”، ولفت الى ان “وزارة الاقتصاد يمكنها تحديد بعض السلع وهي: الخبز، المحروقات، الاتصالات، الدجاج، الغاز والنقل”، وأشار الى ان “الدستور اللبناني يتحدث عن الاقتصاد الحر الذي يمنع التدخل لمنع الاحتكار وتحديد الاسعار لدى التجار بينما في كل دول العالم يوجد قوانين للمنافسة والاتحاد الاوروبي طالما طالب لبنان لاقرار مثل هذا القانون”.

الاقتصاد اللبنانيوشدد برو على ان “لبنان يتجه اليوم الى التضخم وغلاء الأسعار”، واضاف ان “التساؤل هو هل اقتصاد هش كالاقتصاد اللبناني يمكنه مواجهة هكذا أزمات؟”، وأكد ان “الاقتصاد اللبناني حكما سوف يهتز خاصة مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطن اللبناني حيث الاكثرية الساحقة من اللبنانيين لن يستطيعوا مواجهة غلاء الاسعار”، وأوضح انه “خلال أشهر سيتم امتصاص القدرة الشرائية لمن تم الزيادة لهم بالاضافة الى غيرهم من المواطنين ما سينتج المزيد من الازمات”، ورأى ان “نسبة الفقر ستزداد مع وجود مخاطر اخرى لا يمكن الكشف عنها حاليا”، ولفت الى ان “البنك الدولي قبل فترة أصدر بيانا حذر فيه من تدهور الاوضاع في الاقتصاد اللبناني”، واوضح ان “جزءا من التقرير الدولي لم ينشر بطلب من بعض السلطات والجهات اللبنانية”، واوضح ان “الموضوع الاقتصادي يجب ان يتم مسكه بالكامل وعدم السماح بحصول اهتزازات في ظل ثبات الوضع الأمني”.

وحول الاقتراحات الممكنة للخروج من الأزمة، قال برو إن “الاقتراح الوحيد هو ان تتدخل الحكومة مباشرة واصدار قرارات حاسمة بمنع زيادة الاسعار خلال مرحلة معينة على سبيل المثال ستة أشهر أو سنة قابلة للتجديد حسب الظروف”، ولفت الى ان “العديد من الدول التي تعتمد الاقتصاد الحر اتخذت اجراءات حاسمة في ظل ازمات اقتصادية مرت بها وهذا ما جرى في العام 2008 في فرنسا وفي امارة دبي في العام 2009”.

الحكومة اللبنانيةولفت برو ان “المصلحة العامة تتطلب ذلك والحكومة قادرة على ضبط الوضع اذا ما اتخذ القرار السياسي بذلك”، ونبه من ان “هناك قطاعات كالمصارف وغيرها تحضر نفسها لزيادة الاسعار والارباح لتعويض بعض الضرائب التي فرضت عليها التي كانت تعارضها بكل الاشكال”، وحذر من “حصول تؤاطؤ من مصرف لبنان في هذا المجال”، وأشار الى انه “يجب الضغط على الحكومة كي تضبط حيتان المال في البلد وتلجم طمع هؤلاء عبر تطبيق القوانين وعدم السماح بحصول تهرب ضريبي بعد اليوم”، ودعا “هيئات المجتمع المدني لتكثيف تحركاتها للضغط على الحكومة لحماية المواطن ومنع التسبب بآثار اجتماعية واقتصادية سلبية على البلد”.

من جهة ثانية، أشار برو الى ان “جمعية حماية المستهلك تواصل عملها لمراقبة الاسعار وتوعية الرأي العام وتوضيح ما يجري في هذا المجال”، واوضح ان “الجمعية لا تملك القدرة القضائية والقانونية والتنفيذية لفرض اي شيء وانما فقط هي تعمل على توضيح ما يجري في الواقع “، ولفت الى ان “الجمعية قد تضطر الى اللجوء لرفع دعاوى امام القضاء اذا ما توافرت الشروط لذلك امام أي مخالفات قانونية قد تقع”، وشدد على انه “يجب على الحكومة التحرك لمنع رفع الأسعار وعدم الاتكال فقط على وزارة الاقتصاد كي لا نشهد خلال عدة أشهر موجة من الفوضى بارتفاع الاسعار”.

يبقى ان من الامور المستعجلة التي تؤرق بال المواطن اللبناني اليوم اننا على ابواب عام دراسي جديد حيث تلوّح الكثير من المؤسسات التربوية برفع الاقساط بنسب متفاوتة ما يبشر بازدياد الامور الحياتية والمعيشية صعوبة وتعقيدا، الامر الذي يستوجب تدخلا سريعا من قبل الدولة اللبنانية لان في ذلك مخاطر على المستوى التعليمي والعملي للبلاد نتيجة أفعال غير محسوبة للبعض همها الاول والاخير زيادة الكسب والربح العالي ولو على حساب عامة الشعب اللبناني.

المصدر: موقع المنار