كلمة سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان زمن النصر في سهل الخيام 13-8-2017 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

كلمة سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان زمن النصر في سهل الخيام 13-8-2017

Image9

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان زمن النصر الذي أقامه حزب الله لمناسبة الذكرى الحادية عشرة لانتصار تموز في سهل الخيام 13-8-2017

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين، أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته

قال الله تعالى في كتابه المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم”ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون، وإن جندنا لهم الغالبون” صدق الله العلي العظيم.

أرحب بكم جميعاً في هذا الحفل المبارك، وفي مثل هذا الحضور الكبير، وفي مثل هذا اليوم الذي نُحيي فيه عيداً كبيراً ويوماً عظيماً من أيام البطولات ومن أيام الانتصارات التي صنعتها البطولات والتضحيات، أرحب بكم جميعاً علماء ووزراء ونواب وممثلين رسميين وقوى أمنية وعسكرية وحزبية وسياسية واجتماعية وثقافية وبلدية وأهلية وإعلامية، أرحب بكم جميعاً وأخص بالترحيب عوائل الشهداء والإخوة الجرحى والأسرى المحررين الموجودين بيننا اليوم.

سوف أبدأ من خصوصية المكان، ولكن اسمحوا لي أن أعلق قليلاً أن جو الفرح الذي شهدناه قبل قليل هو مطلوبٌ، بل هو المطلوب، الشهداء قدموا أرواحهم لتبقوا ولنبقى جميعاً هنا على أرضنا، على قيد الحياة بكرامة، بعزة وبرؤوس مرفوعة، ثقوا تماماً أن شهداءكم اليوم فرحون لفرحكم، وما يسعدهم ويُدخل البهجة إلى قلوبهم أن يروا البسمة في وجوهكم، والبشرى في أرواحكم والفرح في محافلكم.

سوف أبدأ من خصوصية المكان، من هنا في سهل الخيام، السهل الذي شهد إحدى ملاحم الثبات والشجاعة والصمود والإنجاز الميداني الكبير، والذي هو جزء من مجموعة الإنجازات الميدانية التي شكلت المعركة وحسمت نتيجتها.

هذا السهل يُنسب إلى الخيام، إلى البلدة الكبيرة الساكنة هناك في الأعلى، بلدة العلم والثقافة والجهاد والمقاومة والصمود والعطاء، بلدة العيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين، فهي تختصر كل لبنان، هذه البلدة الطيبة والطيب أهلها، أيضاً ينسب إليها، بعد السهل، يُنسب إليها المعتقل فيقال معتقل الخيام، وعندما يقال الخيام يذكر معتقلها، المعتقل الذي أراده العدو مكاناً لكسر الإرادة وتحطيم العزيمة، وإخضاع الأنفس والأرواح،  وسحق العقول والقلوب، سجل من خلال بطولات الأسرى من رجال ونساء ملاحم بطولية في الصبر العظيم والثبات الكبير والتمسك بالمقاومة، وبرفض الاحتلال ورفض الإذعان والذل، بالرغم من المعاناة الهائلة، التي عاشها الأسرى في هذا المعتقل، والتي يجب أن تسجل الملحمة والمعاناة لتدرّس في كتب المناهج المدرسية للأجيال.

هذه البلدة، بلدة الخيام، كما البلدات الأمامية على الحدود وهي بلدة حدودية، كما بلدات الداخل، قاتلت ثلاثة وثلاثين يوماً، وصمدت بالرغم من آلاف الغارات الجوية والقصف المدفعي ومحاولات التقدم المستمرة للسيطرة عليها واحتلالها، ولكنها صمدت.

كانت عين العدو على الخيام، لقيمتها المعنوية وموقعها الجغرافي الحاسم في المعركة، ولكن المقاومين في البلدة، ومن بقي من أهلها معهم، صمدوا وقاتلوا كما قاتل أهل البلدات الأخرى على الشريط الشائك، وسجلوا أيضاً ملاحم عظيمة في الصمود وفي الثبات وفي البطولة.

دُمر أغلب البلدة ولكن أعيد بناؤها، لأنه هنا في لبنان، هناك إرادة المقاومة وإرادة الصمود، وهناك إرادة البناء وإرادة الإحياء وإرادة الحياة، الحياة بعزٍ وكرامة، وكتعبير عن تمسك هذا الشعب العظيم بأرضه وقراه وتلاله وحقوله وسهوله، والتي لا يمكن أن يتخلى عنها بحال.

ثم نعود إلى السهل، قبل سنوات احتفلنا بذكرى حرب تموز في وادي الحجير. لا يوجد شك أن وادي الحجير كان مجزرة الميركافا، والإسرائيليون أيضاً يتكلمون عن مجزرة الميركافا في وادي الحجير، سهل الخيام يأتي في الرقم 2 ، تالي وادي الحجير ويُسمى بمحرقة الميركافا، هنا في السهل، يكفي أن أقرأ نص قائد الكتيبة التي دخلت في هذا السهل، والذين كانوا يفترضون هو وقائد الفرقة الذي كان أعلى منه أن الخيام محاصرة ومدمرة وأن هذا السهل هو خالٍ ولا يمكن أن يوجد فيه مقاوم، ولا يمكن أن توجد فيه أية إمكانية للمقاومة، وأن هذه العملية هي سهلة والانتصار فيها ناجز ومحقق، لكن نقرأ هذا النص الإسرائيلي، قائد الكتيبة يقول: “هنا من الصعب أن نجد تعبيراً لهذا الوضع أفضل من تعبير طيور الأوز في مرمى النار(يعني مجموعة أوز أو بط والصيادين يطلقون النار عليها)”، هذا المشهد، وهذا قائد كتيبة يتكلم هكذا، “والمركبات في مرمى النار، دبابات الميركافا ومركبات من طراز بوما تتلقى ضربات مباشرة، أحد الجنود لقي مصرعه، وقائد سرية الهندسة أُصيب إصابة خطرة، وهكذا انتشرت القوة كلها في الوادي، الآن هو يتكلم بالفصحى يعني تبعثرت، هكذا انتشرت القوة كلها في الوادي، بينما نزل الجنود مذعورين ـ كالفئران المختبئين في دباباتهم ـ بينما نزل الجنود مذعورين من المركبات واختبأوا داخل المنطقة”، طبعاً عدد من الدبابات دُمر وهذا كله موثق، وأفلام الفيديو موجودة، وعدد من الدبابات أُحرق وعدد من الدبابات هرب، وهو يقول إنه “كما سقطت دبابتان في القنوات أي قنوات الماء”، الآن أنا لست عندكم لأذهب كي أفتش عن قنوات الماء التي نزلت فيها الدبابات، “وغرقت فوهتا مدفعيتهما فيها، الأمر الذي زاد من صعوبة إنقاذهما”. فيما بعد، قائد المنطقة الشمالية يتكلم مع قائد الفرقة هذه ويقول له: “عليك إنهاء المهزلة التي قمت بها والانسحاب وترك فكرة السيطرة على الخيام”، مضيفاً “بضعة جنود من حزب الله أوصلوا فرقة عسكرية بكاملها إلى حد إضاعة الطريق والارتباك في أبسط المفاهيم القتالية”.

القصة يا إخواننا ليست قصة عدد وليست قصة دبابات، بل قصة رجال، قلة من الرجال تبقى في السهل، بالرغم من آلاف الغارات الإسرائيلية وآلاف القذائف المدفعية ، وهول تقدم فرقة عسكرية كاملة، ويثبتون في الأرض ولا يتزعزعون ولا يتزلزلون كالجبال الراسخة، وفي المقابل فرقة من الجيش الإسرائيلي عندما تُصاب ببعض صواريخ مضادة للدروع ينتشرون كالفئران مذعورين في المنطقة، هذه هي معادلة حرب تموز، معادلة الإنسان المقاوم والإنسان المؤمن بربه وبقضيته وبحقه وبطريقه وبمقاومته، وهذه هي حقيقة أولئك الذين نُسميهم رجال الله، يعني الذين يؤمنون به ويعملون لرضاه ويحبونه ويعشقون لقائه في مقابل أولئك الذين يدّعون زوراً وبهتاناً أنهم أولياء لله من دون الناس ولا يتمنون الموت، بل يعشقون الحياة ولو من طريق الذل الهروب والاختباء، هذه العبرة الأساسية اليوم.

هذا النموذج الذي قدمته المقاومة في سهل الخيام وفي وادي الحجير وفي كل وديان وتلال وجبال وسهول الجنوب هو نفسه النموذج، ولكنه مطوّر أكثر، مطور على كل صعيد، نوعياً وكيفياً وكمياً على مستوى الرجال وخبرة القتال ونوعية القتال ونوع الإمكانات. أي قوات برية إسرائيلية ستدخل إلى أرضنا، إلى جبالنا، إلى ودياننا، إلى تلالنا، لا ينتظرها سهل الخيام ووادي الحجير كما في الـ 2006، بل مضروباً بالمئات. هذه الحقيقة التي تنتظرهم هنا، والهزيمة والذل والعار الذي لحق بهم في تلك الحرب سيلحق بهم ما هو أشد وأكثر وأكثر منه.

أيها الإخوة والأخوات: هذه الحرب التي نحتفل اليوم بذكرى الانتصار فيها، والتي سمّاها الإسرائيلي حرب لبنان الثانية، مضى عليها 11 سنة، لكنها ما زالت حاضرة بقوة عند القادة الإسرائيليين، عسكريين، سياسيين، أمنيين، عند الرأي العام، عند المزاج الشعبي، وهذا دليل على أنها حفرت عميقاً في الوجدان الإسرائيلي وعلى أن الإسرائيليين يتعاطون معها كحدث تاريخي استثنائياً في تاريخ هذا الكيان وهذا الشعب المغتصِب لفلسطين وللقدس، ولذلك لا تمر هذه الذكرى إلا وتكون موضع تعليق وبحث ودراسة، وعلى مدى 11 سنة. هذا الأمر لم يتوقف، كانت هذه الحرب وما زالت موضع دراساتهم وأبحاثهم وجدالهم ونقاشهم وخططهم واهتماماتهم وآفاقهم وحربهم النفسية ووو … إلخ، لأن هذا كان بالنسبة إلى إسرائيل كان حدثاً كبيراً وعظيماً ومهماًّ، ما زالوا حتى الآن يدرسون ، ومنذ عدة أيام كنت أتابع بعض التصريحات، بعضهم يريد أن يستدعي لجنة “فينوغراد” من جديد لأنه بعد 11 سنة اكتشف امور لم تتبين قبل 11 سنة. ما زالوا يدرسون ويأخذون العبر ويرممون الثغرات، وما زالوا يجهدون بإعادة الثقة التي دمرتها حرب تموز بين الشعب الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي والقيادة الإسرائيلية، وهذا كان أخطر شيء في نتائج تلك الحرب، ويحاولون أن يفتشوا “بالسراج والفتيلة” ليقدموا للناس أنه كان أنجز شيء هنا أو أنجز شيء هناك، ولو كان كذباً ما يقولونه (الآن لا أريد أن أدخل بالتفصيل).. بعد 11 عاماً ما زالوا يعترفون بهزيمتهم من جهة وبحجم التحدي الذي ما زالت تشكله المقاومة في لبنان من جهة أخرى. أرجو الالتفات إلى هذه الحقيقة، 11 سنة، خصوصاً في السنوات الأخيرة، الإسرائيلي يحكي عن تعاظم قوة حزب الله ويحكي عن حزب الله بالاسم، ويحكي عن العديد، عن القوات، عن تراكم الخبرة، عن السلاح، عن نوعية السلاح، عن الصواريخ، عن مدياتها، عن الصواريخ الدقيقة وعن وعن وعن..

أقول لكم اليوم، في ذكرى تموز، مع كل تصريح، وفي كل وقت يتحدث فيه الاسرائيلي عن تعاظم قدرة حزب الله هو يعترف بهزيمته في حرب تموز 2006. لماذا؟ لأن الهدف الأساسي لحرب تموز، لعدوان تموز 2006 كان القضاء على حزب الله وسحق حزب الله، وليس على إضعافه كان هدف الحرب هو سحق حزب الله والقضاء عليه، حسناً، 11 سنة والإسرائيلي يتحدث عن تعاظم القوة وتعاظم القدرة وعدد الصواريخ ودقة الصواريخ وعدد المقاتلين، هذا ماذا يعني؟ يعني أنه يعترف بأنه فشل في تحقيق الهدف الأساسي في حرب تموز 2006 وهو يواجه هذه المشكلة الآن في كل مؤتمرات هرتزيليا، خصوصاً قبل أشهر قليلة، المحور الأساسي هو التهديد الأساسي، هو تهديد حزب الله وكيف نتعاطى مع هذا التهديد؟ ثم تأتي غزة والمقاومة في غزة وتجربة غزة أيضاً التي هي صنو ورفيقة درب تجربة المقاومة في لبنان. هذه المشكلة هي الأساسية اليوم التي يعاني منها الإسرائيلي ويعبر عنها بشكل دائم.

اليوم أنا لا أريد (عادة بكل خطاب له علاقة بإسرائيل ينبغي أن نقول شيئاً محدداً) أنا اليوم لا أريد أن أتكلم لا عن عديد، لأنني حكيت في المرة الماضية، وعن الصواريخ حكيت قبل الآن، وهناك أشياء نتركها للمستقبل. لكن هناك شيء محدد سأتكلم عنه لأنني سأبني عليه في ما يعني مسؤوليتنا في لبنان، مسؤولية الناس ومسؤولية السياسيين، والجميع أنه نحن في مقابل اسرائيل لما نتكلم عن تحرير 2000 سواء من قبل حزب الله أو حركة أمل أو بقية فصائل جبهات المقاومة اللبنانية والفلسطينية. تحرير 2000 لم يأتِ بالادعاءات والشعارات والهتافات والتمنيات والأحلام والآمال وإنما جاء نتيجة العمل الجاد، المقاومة الجادة الجدية في كل شيء. وبالنسبة لنصر 2006، اليوم عندما نحتفل بهذا النصر أيضا ذات الشيء، لو لم يكن لدينا مقاومة جدية تقاتل في الميدان، إضافة إلى صمود سياسي رسمي (سأتكلم عنه لاحقاً) لما أمكن إنجاز هذا الانتصار. أريد أن أقول بعد تحرير 2000 و2006 وما يجري وما جرى من أحداث إلى اليوم للشعب اللبناني، أنتم لديكم ولإسرائيل بالمقابل، يوجد مقاومة في لبنان، مقاومة جدية لا تعرف المزاح ولا اللهو ولا تضييع الوقت وليس لديها عطلة سنوية، مقاومة تعمل في الليل وفي النهار، تفكر وتخطط وتواكب وتدرس كل المستجدات وكل تطورات إمكانات العدو وقدرات العدو وتطورات المنطقة وتبرمج وتعيد النظر دائماً في خططها وبرامجها وهياكلها وتدرب وتتسلح بأفضل نوع من السلاح يمكن أن تحصل عليه، وهذا حقها الطبيعي، وتواكب بكل جدية وأخلاص وشفافية، عندما تخوض معركة تقيّمها وتستفيد من التجارب والعبر، وتبني عليها، كما حصل قبل أيام في جرود عرسال وفليطة. لديكم هذه المقاومة الجدية، التي تملك هؤلاء الرجال وهذه الإمكانات وهذه المقدرات، والعدو يعرف أن مشكلته هي هذه، وهذه المقاومة هي التي يجب أن نعرف قيمتها وأهميتها.

نحن هنا أيضاً أمام قيمة انسانية، هذه المقاومة تتميز بالإخلاص والصدق والعمل لتحقيق الأهداف الكبرى والأهداف الوطنية، لا تبحث عن المكاسب الشخصية ولا المكاسب الحزبية ولا المكاسب الطائفية. قبل بضعة أيام كنت أقرأ لأحد السياسيين في لبنان، يعني محترم الرجل، “عقله” لا يشكو من شيء، جيد، يقول: نحن نخشى وبعد أن تُحسم المعركة في جرود عرسال وبقية الجرود أن يأتي حزب الله ليطالب بتعديل الحصص بالنظام الطائفي اللبناني، ويطالب بحصة أكبر للشيعة. أنا أطمئنه، فلترِح بالك، هذا بالـ 2000 لم نقم به، وبالـ 2006 لم نقم به، والآن لا نقوم به ـ وبعد قليل سأتكلم عن سورية وما بعد سورية ـ ولن نقوم به. هذه المقاومة ميّزتها الإنسانية والأخلاقية أنها وضعت أهدافاً وطنية نصب أعينها، وهي تعمل لتحقيق هذه الأهداف، ولا تبحث عن مكاسب سياسية على الطريقة اللبنانية ـ “وتحتها شحطتين وبين هلالين” ـ على الإطلاق. هذه هي قيمتها الاساسيّة والتي يجب أن تُفهم ويُحافظ عليها وتُصان، ولا يُخشى منها، بل يُستند إليها ويُطمأن اليها ويُعوّل عليها. هذه المقاومة أيضاً بعد حرب تموز واليوم هي تزداد قوة يوماً بعد يوم. أرادوا سحقها في تموز 2006 ولكن من 14 آب ـ مثل غد ـ 2006 إلى اليوم هي تزداد قوة. أنا لا أبالغ بهذا الأمر، هذا ما يقوله العدو ويعترف به الخصم، ويعرفه الصديق.

كل من راهن على سحق المقاومة في حرب تموز خابت آماله، واليوم كل من راهن على سحق المقاومة من خلال ضرب محورها في المنطقة خابت آماله وتخيب آماله، وستخيب آماله كاملةً إن شاء الله.

بناء على هذا التعاظم وازدياد القوة، هذه أهميته.

اسمحوا لي بين هلالين، عندما أتحدث عن المقاومة وعن العدو لا أوجّه أي رسائل للداخل، لا أتحدث مع الداخل ولا لي علاقة بخصومات الداخل ولا حسابات الداخل ولا نكايات الداخل، يعني الداخل السياسي اللبناني. إنما وصل العدو إلى قناعة ـ وليس الآن، أقصد بالـ 2006، لكن هذه القناعة تتعاظم مع تعاظم قوة المقاومة ـ وصل الى قناعة تعبّر عنها الدراسات المتخصصة وتصريحات القادة المسؤولين من حاليين وسابقين وبدأت تشكل أيضاً قناعة عامة وثقافة عامة عند كثير من الإسرائيليين، القناعة التي تقول ما يلي: إن أي حرب على لبنان ـ لأنه الآن لا يتكلم عن حرب على حزب الله، بل حرب على لبنان ـ أي حرب على لبنان مهما كانت أهدافها، لا توازي ولا تستأهل الكلفة التي ستتحملها اسرائيل في هذه الحرب، الكلفة ستكون كبيرة جداً على العدو ـ وهو يتكلم عن نفسه ـ على دولته وعلى شعبه وعلى جيشه، وبعضهم يقول إنها كلفة لا تُطاق ولا تُتحمل، وبالتالي هناك دعوات طويلة عريضة في كيان العدو ـ حتى عند أشد المتطرفين من السياسيين والعسكريين ـ إلى تجنب الذهاب والخروج الى حرب مع لبنان، لأي سبب وتحت أي ظرف، ويقولون إن أي حرب يجب أن تكون في حالة واحدة وهي اللاخيار، منذ متى هم “أوادم”، يعني هم يقولون لهم، “اقعدوا عاقلين” يعني خلاص، اللعبة مع لبنان انتهت، أن نرسل فرقة موسيقية إلى لبنان لـ “شم الهواء” انتهت، اجتياح مثل عام 1978 و1982 خلصت.

حسناً، هذه القناعة تولدت نتيجة الضغوط الأميركية، أو المجتمع الدولي أو احترام العدو للقرارات الدولية؟ لا يوجد شيء من هذا، هذه القناعة تولدت لأنه اصبح هناك معرفة حقيقية عند الإسرائيليين ـ وهم يقولون ويعرفون أكثر مما يعرف اللبنانيون، هذا ممكن ـ تولدت معرفة حقيقية عند الإسرائيليين أن في لبنان قوة، إذا أضيفت إليها واستخدمت فيها المعادلة الذهبية، لم تبقَ فقط مقاومة، وإنما (أصبحت) المقاومة والجيش والشعب، وهذا شهدناه في حرب تموز، حينئذ ستكون الكلفة عالية جداً على إسرائيل، وليس معلوماً أن تحقق الأهداف وأن تحقق النصر. يعني لو كان النصر محسوماً مع كلفة عالية، فالأمور قابلة للنقاش، لكن هم يتحدثون عن كلفة عالية يقينية وقطعية وعن نصر مشكوك به، ولذلك هذا الذي يمنع إسرائيل من أن تعتدي على لبنان، وهذا هو الذي يمنعها من الاعتداء على لبنان في المستقبل، وهذا هو الذي حوّل الحدود عندنا والبلدات والسهول والوديان إلى أماكن آمنة.

هذه هي القوة التي يجب ـ كما قلت ـ أن نحرص عليها ونحافظ عليها، والعدو يقيم لهذه القوة حساباً، وعندما نحتفظ بقوتنا كلبنان ولبنانيين، وعندما تتكامل هذه القوة في معادلة الشعب والجيش والمقاومة، سوف ترتفع الجدران أكثر عند الإسرائيليين، وسوف تكبر المخاوف أكثر عند الإسرائيليين وسيقوى ردع الاسرائيليين عن القيام بأي اعتداء في لبنان، وسيحترمك العالم، لأننا أيها الإخوة والأخوات، أيها الناس الطيبون، نحن نعيش في عالم الذئاب، في عالم يُسحق فيه عظام الضعفاء ولا يُعترف فيه الا بالأقوياء، ويحترمنا العالم ويحترمنا حتى العدو ويقيم لنا كل حساب.

سنحكي لكم مثالاً بسيطاً وجديداً: من مدة تكلمنا عن حاوية الأمونيا في حيفا، طبعا يوجد مصالح اقتصادية وتجارية كبيرة من حاوية الامونيا، طلع بالمناسبة أنه يملكها شخص من آل ترامب لكن لا يمت بصلة قرابة برئيس الأمريكي الحالي.

كابرَ الإسرائيلي، لكن في النهاية وصل لمكان أنه سيخلي الأمونيا، ومرّت سنة وهو يدرس بدائل وخيارات والنقب والبحر، وما الذي نفعله، لكن بالنهاية انتهى الموضوع، ولذلك بعد مناقشات طويلة عريضة ودعاوى قضائية واستئناف قضائي، ما قرأته خلال أيام أن المحكمة حكمت بشكل نهائي بوجوب إخلاء هذه الحاويات لما تشكله من خطر، وسيخلون في 13 أو 14 أيلول على ما أعتقد.

إن كان الإسرائيلي لا يحترمك كمقاومة ولا يحترم كلمتك ولا يحترم وعدك ووعيدك لمَ يذهب إلى مشكلة من هذا النوع، وتعرفون القصة قصة ملايين الدولارات وهذا أغلى أمر عند الإسرائيلي. لأنه يحترمك، لماذا يحترمك؟ لأنك قوي، وهو يعلم أنك قادر. أما لو كان يعتقد أنك ضعيف فاخطب ثلاثمئة يوم بالسنة، تبح صوتك “على الفاضي” وليس لك قيمة.

بعد الأمونيا، نحن نأمل إن شاء الله أن يعيدوا النظر بمفعل ديمونا لأن مفعل ديمونا أخطر من حاويات الأمونيا في حيفا وهذا يجب أن يعالج بكل الأحوال.

لأن العدو يعرف أن الحرب العسكرية والأمنية على لبنان، الحرب العسكرية بالتحديد، لن تستطيع أن تحقق هدفه في القضاء على المقاومة وستكون كلفتها كبيرة وعظيمة جدا وهو لا يستطيع أن يسكت على تعاظم القوة التي يتحدث عنها يوميا ولذلك هو يلجا للأساليب الأخرى.

ما هو الأسلوب الآخر؟

هذا الأمر يتطلب مقاومة اللبنانيين. هنا سأتحدث عن المسؤولية الجماعية. العامل الذي يراهن الإسرائيلي عليه اليوم هو إدارة ترامب والضغط الذي ستمارسه الإدارة الأمريكية من أجل هذا الهدف.

إدارة أوباما كانت تعمل (ضدنا) ولم تقصّر، لكن هم يراهنون على أن إدارة ترامب ستكون شديدة وقاسية أكثر، أن الإدارة الأمريكية تضغط على حزب الله، تضغط على الحكومة اللبنانية، تضغط على الشعب اللبناني، وتضغط على أصدقاء حزب الله ومؤيدي حزب الله وداعمي حزب الله، سواء كان في لبنان أو في دول المنطقة.

وأي أحد يتحدث بكلمة طيبة عن حزب الله: مصرف، وسيلة إعلام، صحيفة، سياسي، نائب، وزير، سيواجهونه بالضغط والتهديد. أنها هذه الآن هي الوسيلة المتاحة.

جاءوا لموضوع قانون العقوبات الأمريكية المالي، هناك عمل على مواجهة هذا الموضوع، ولكن المطلوب في كل الاحوال عدم الخضوع، عدم الخضوع، وإن كنت سأتحدث من الآخر ومن الآخر: لا قانون عقوبات مالي ولا تهديد أمريكي ولا تهويل أمريكي، لن تستطيع الإدارة الأمريكية بكل وسائلها المتاحة والممكنة أن تمس من قوة المقاومة وإرادة المقاومة وعزم المقاومة ـ وأقول لكم ـ ومن تعاظم قوة المقاومة في لبنان.

هم يعذبون أنفسهم، ولكن هذا لا يعني أنهم يسعون. قانون العقوبات المالي شغّال: نضيّق على حزب الله مالياً، إذا تبرع أحد وساعد أحد ودفع مالاً نفرض عليه عقوبات، وقد باشروا ببعض الإجراءات.

الأخطر والأهم هو الضغط، الضغط والترهيب النفسي على الدول وعلى الحكومات وعلى الأحزاب وعلى الشخصيات، ليس فقط في لبنان بل في كل المنطقة: من يتحدث مع حزب الله، هذا حزب إرهابي، من يتحدث معه سيعاقب ويقاطَع هذا داعم للإرهاب، وكما نقول بالعامية: “بدّهم يأكلوا رأس العالم”.

هناك حديث مؤجل، هو الحديث مع الرئيس الأمريكي ترامب عندما تحدث عن حزب الله بحضور رئيس الحكومة اللبنانية، وأيضا عندما نشاهد تصريحات المسؤولين الأمريكيين، سواء وزراء أو المندوبة في الأمم المتحدة. الله ابتلانا مندوبة بعد مندوبة بعد مندوبة بالأمم المتحدة وكلهنّ يعملنَ للمزايدة على ناتنياهو. لاحظوا في السنين التي مرّت ما شاء الله مندوبة إلى مندوبة إلى مندوبة.. ما اللغة التي تتحدث بها؟

أولا نعلّق “من قريبه” لنعرف كم هي خبرة ترامب ومعرفته بالأوضاع السياسية بالمنطقة، لأنه في وسائل الإعلام اللبنانية لم ينقل النص بدقة، لاحقا نقل بدقة وجاءت ترجمته بدقة.

عندما قال “إن الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة اللبنانية شريكتان في الحرب على الإرهاب الذي تمثله داعش وحزب الله الخ”. تصوروا مثلاً أن هناك شخصاً لا يعرف ان حزب الله موجود بالحكومة اللبنانية وأن الأمريكي والحكومة اللبنانية هم شركاء في الحرب على الإرهاب الذي تمثله داعش وحزب الله، ولا يعلم أن حزب الله بالحكومة اللبنانية وجزء منها ولا يعلم أن بعض أصدقاءه في لبنان يدّعون ان حزب الله مسيطر على الحكومة اللبنانية ـ وهذا كذب وافتراء وغير صحيح، ولا يوم كنا نحن مسيطرين على الحكومة اللبنانية لا هذه ولا التي سبقتها ولا قبلها ولا قبلها ولا قبلها ـ هو لا يعلم هذا الأمر، وهو يود إدارة المعركة في المنطقة.

وثانياً: هو لا يعرف ـ وهنا أسمعوني جيداً ـ ان الحكومة اللبنانية حتى ذلك الوقت لم تدخل في قتال مع داعش. نعم الأجهزة الأمنية لديها جهد، مديرية المخابرات، والأجهزة الأمنية هناك عمل أمني محترم، لكن معركة عسكرية مع داعش حتى ذلك الوقت لم تكن قد دخلت. الآن الحكومة اللبنانية ستدخل في معركة مع داعش في بقية الجرود البقاعية، وسأعود إليها لاحقاً.

لنضع جهله وعدم معرفته جانباً ونذهب للتعابير بماذا وصف حزب الله اسمحوا لي أن أتحدث كثيراً حزب الله حزب الله لأننا نحن في رأس لائحة الإستهداف “إنه قوة هدامة، أولا إرهاب، ثانيا قوة هدامة وقوة مدمرة، ثالثا، قوة خطرة” حزب الله خطير على لبنان وعلى المنطقة.

تعقيب سريع تعرفون ما سأقوله لكن سأتحدث لنقول إننا رددنا.

أولا بموضوع الإرهاب: الإرهاب هي أمريكا وإسرائيل والجماعات التي صنعتها أمريكا وإسرائيل و”بعظمة لسانه” ترامب ـ وكررتها مئة مرة ـ بقي سنة خلال حملته الانتخابية الرئاسية يقول إن أوباما وهيلاري كلنتون هم الذين صنعوا داعش.

أنتم صانعو الإرهاب، ومن الذي يقاتل الإرهاب في المنطقة، أحد الذين يقاتلون الإرهاب في المنطقة هو حزب الله.

حزب الله ليس إرهاباً، حزب الله هو قوة تقاتل الإرهاب إلى جانب كل الذين يقاتلونه.

قوة هدامة، قوة مدمرة، قوة خطيرة، نعم نعم إذا انتقي هذا المقطع من الكلام يمكن أن يقال إن السيد اعترف أن حزب الله قوة هدامة ومدمرة وخطيرة ونعم، اقتطع لا مشكلة، لكن التتمة هي أنه قوة هدامة ومدمرة وخطيرة على المشروع الإسرائيلي، كان وما زال، كان وما يزال.

حزب الله كجزء أساسي في المقاومة حطم ودمر وسحق وهدم مشروع إسرائيل الكبرى عام 2000 وكل يوم يتأكد سقوط إسرائيل الكبرى كلما ارتفع جدار هنا في لبنان على الحدود مع فلسطين المحتلة وكلما ارتفع جدار في الضفة الغربية وكلما ارتفع جدار في غزة.

يعني إسرائيل الكبرى سقطت، وحزب الله هو جزء من المقاومة اللبنانية والفلسطينية في المنطقة التي أسقطت إسرائيل الكبرى.

نعم حزب الله هو جزء من القوة في المنطقة التي أسقطت إسرائيل العظمى المتجبرة، المهيمنة، المتكبرة في حرب تموز 2006 وكما فعلت غزة في حروبها المتكررة وآخرها 2014.

حزب الله حطم المشروع الإسرائيلي في المنطقة أو أجزاء أو بدائل أو خيارات في هذا المشروع.

وأيضا في حرب تموز التي كان حزب الله رأس حربتها هو الذي أسقط الشرق الأوسط الجديد، مشروع كونداليزا رايس في المنطقة.

نعم حزب الله هو هدام ومدمر وخطر، ولكن على مشاريعكم، على احتلالاتكم، على هيمنتكم، أما أنتم: هذه أمريكا وإسرائيل، دلوني على بلد في العالم بالنسبة لأمريكا، هذه إسرائيل المحتلة المغتصبة مرتكبة المجازر، الإرهاب اليومي في المسجد الأقصى، في القدس، وفي الضفة الغربية، وبأراضي 48 وفي غزة وفي كل مكان. العدوان والهدم والتدمير والحروب التي شنت على دول المنطقة وحكومات المنطقة وشعوب المنطقة أنتم قمتم بها وأنتم مولتموها وأنتم أدرتموها، الحرب في سورية، الحرب في العراق، الحرب في اليمن، هذه كلها إرادات أمريكية وإدارات أمريكية وقيادة أمريكية وإسرائيلية أيضا.

ولذلك لا تصفوا غيركم بما تتصفون به أنتم.

حزب الله وبقية فصائل المقاومة هو قوة خير، هو قوة دفاع، هو قوة حماية، هو قوة حفظ وجود، هو قوة درء خطر، وبالتالي كل هذه الصفات والإتهامات هي لن تقدم ولن تؤخر شيئا في إرادتنا.

نعم إلى أين؟ المطلوب عندما يتحدث ترامب هكذا عالماً أم جاهلاً، عندما يتحدث الأمريكي هكذا، عالمين أم جاهلين، هم يريدون الضغط على اللبنانيين. نحن نواجه الآن حفلة تهويل على الشعب اللبناني، أتمنى أن لا يكون بعض اللبنانيين شركاء تحت الطاولة في حفلة التهويل هذه، يعني عندما يخرج أحد ويقول لك، لبنان سيواجه بعقوبات دولية وأميركية وأوروبية وعربية وخليجية ويا ويلك يا لبنان.

أتمنى أن لا يكون أحد من اللبنانيين يحرض تحت الطاولة أو أن يكون شريكاً في هذا التهويل. هذا تهويل على اللبنانيين، ونحن منذ خلقنا نعيش في التهويل، وفي العقود الماضية شاهدنا ما شاء الله من التهويل. التهويل أكبر على المسؤولين الرسميين في الدولة، أنا أتكلم عن معطيات ومعلومات الآن، تهويل في الغرف المغلقة، في اللقاءات الدبلوماسية، في الزيارات الدولية، ضغط، تهويل، تهديد، انظروا، قارنوا قليلاً، أتمنى من المسؤولين اللبنانيين أيضاً أن يجروا هذه المقارنة. الإسرائيلي يقول أنا يا أخي لا أريد حرباً مع لبنان ولا أريد أن أذهب إلى الحرب، وكلفة الحرب عالية، وأعلى بكثير من أي هدف تحققه الحرب، والحرب نذهب إليها في حالة اللاخيار، لكن في الجلسات المغلقة، الأميركيون والأوروبيون يقولون للمسؤولين اللبنانيين إذا لم تفعلوا هكذا ستشن إسرائيل حرباً على لبنان، إذا حزب الله لم يفعل هكذا إسرائيل ستشن حرباً على لبنان، كيف هذا الموضوع؟

أنا أقول نحن يجب أن نكون أقوياء، عندما نكون أقوياء نفسياً سنكون أقوياء عملياً وواقعياً وميدانياً، القوة تبدأ من الداخل، “يا ناس” القوة تبدأ من الداخل، ليس المهم ما لديك من سلاح ودبابات وصواريخ وطيارات وكم لديك من عديد، (المهم) أنت ماذا؟ إرادتك، نفسيتك، روحك، قلبك، عقلك، عزمك، استعدادك، شجاعتك، صلابتك، كرامتك، عزتك، ماء وجهك، ماذا تعني لك؟ عندما نكون أقوياء في أنفسنا لا يجب أن نخاف من شيء، الزمن، الزمن الذي كان الإسرائيلي – ألسنا في زمن النصر – الزمن الذي كان يهدد فيه الإسرائيلي وينفذ، انتهى، وقُلبت الآية.

سألطف لكم الجو قليلاً: الآن مثلاً إذا قامت جمعية، جمعية بيئية، جمعية زراعية، في الجنوب لتزرع شجرة خضراء على الحدود – لا أتكلم فرضيات أقول ما حصل ـ نزرع أشجاراً خضراء على الحدود، جمعية أو بلدية أو ما شاكل، إسرائيل تشكو لبنان إلى الأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن الدولي، ما هي الشكوى؟ يزرعون أشجاراً على الحدود، ما هي المشكلة؟ يا أخي ذهب اليونيفيل، شاهدوا الشجرة، لم يجدوا فيها عبوة ولا كاميرا ولا سلاح، إلا إذا ، نعم، لونها أخضر، أن هذا لون اللباس العسكري، يمكن بهذه معهم حق أن يكون هناك خرق مثلاً.

لماذا؟ الإسرائيلي اليوم يخاف من الشجر على حدودنا لأنه يعتبر أن هذه الأشجار تحمي البلد، تحمي القرى، تحمي الناس، تحمي أولئك الذين سيواجهون عدوانه إذا اعتدى، لذلك المطلوب أن يكون عنده أشجار، لكن أن يكون عندنا صحراء، وهذا المشهد خذوه ليس فقط على الطبيعة، خذوه على كل شيء، يريد العلم عنده والجهل عندنا، يريد أن يكون عنده سلاح نووي ونحن لا يجب أن يكون عندنا صاروخ وبندقية، يريد أن يكون عنده تكنولوجيا ونحن يجب أن نعود ونركب على الحمار والجمل، المطلوب أن يبقى هو فوق بالأشجار والخضار ونحن نبقى تحت بالأرض القاحلة، أنقبل؟ بعد كل هذا الذي مررنا به نحن اللبنانيين يجب أن لا نقبل.

حسناً، اليوم يعترض على الشجرة، حسناً شاب لبناني مدني لا يرتدي الزي العسكري ولا شيء، إذا طلع وسار على الحدود ونظر باتجاه لبنان هذا لا يوجد فيه خرق للـ 1701، لكن إذا وقف على الشريط الشائك ونظر باتجاه فلسطين هذا فيه خرق للـ 1701 وقوموا يا مجلس أمن كلفوا اليونيفيل، هذا الموضوع يجب أن يعالج، ممنوع على الشباب اللبنانيين إذا ساروا على الشريط الشائك أن ينظروا باتجاه فلسطين المحتلة، لماذا؟ لأنهم يستطلعون، يجمعون معلومات. هو يحق له أن يضع كاميرات ورادارات والطائرات المسيرة كل يوم وكل ساعة في سماء لبنان، هذا ليس خرقاً، لكن شاب لبناني مدني، سواءً كان من المقاومة أو لم يكن، يقف على الحدود وينظر باتجاه فلسطين فهذا خرق للـ 1701. حسناً، إلى أين يذهب ويشتكي؟ إلى مجلس الأمن، “اي اتشكى لمجلس الأمن”، نحن بقينا 60 سنة نشتكي لمجلس الأمن ولم نستفد شيئاً، اذهب واشتكِ. سوف نبقى نزرع الأشجار الخضراء على الحدود، البلديات والجمعيات والناس، ليس فقط البلديات والجمعيات، أنا أقول لأهل الجنوب ولأهل البقاع الغربي وأهل بعلبك الهرمل وأهل السلسلة الشرقية والسلسلة الغربية حيث هناك جبل في لبنان وهناك حدود ازرعوا أشجاراً، هذا جزء من المقاومة، هذا جزء من حماية لبنان، ازرعوا أشجاراً، لا تنتظروا فقط الدولة والوزارة والمؤسسة والجمعية، كل شخص حول بيته وأمام بيته وفي حقله ازرعوا أشجاراً، هذا يحمي البلد، يحميه حتى أمنياً، حتى عسكرياً، الآن غير البيئة والخَضار، ولكم فيها فوائد أخرى.

حسناً، اليوم هو يحق له في المستعمرات أن يفعل ما يريد وأمام المستعمرات ويبني ممرات عالية ويركب عليها رادارات، أما إذا قامت قرية أمامية ببناء حاووز ماء مرتفع قليلاً، تأتي اليونيفيل تصعد على حاووز الماء لترى إذا كان عليه كاميرا أو لا، هذا يتجسس على إسرائيل أو لا، ومع ذلك يقولون للإسرائيلي والله لا يوجد لا كاميرا ولا شيء، لكن الإسرائيلي يعمل له حساب أن هذا في الحرب ما وضعه؟

هذا ممتاز، هذا الشعور شعور الضعف، عندما يخاف الإسرائيلي هذا الذي كان لا يعمل حساباً للبنان، كان يستهين بلبنان وبشعب لبنان وبكل ما هو في لبنان، يستهين، وصلت الآن المرحلة أن يعمل حساباً ويخاف من الشجرة على الحدود وفي الضيعة ومن حاووز الماء ومن الشاب الذي يتمشى على الشريط الشائك وينظر إلى فلسطين، معنى هذا أنه وصل إلى الحضيض ولو كان عنده قوة مسلحة جبارة، لأن نفسيته في حالة ضعف ووهن، وعندما يملك شعبنا الجرأة أن يبني على الشريط الشائك ويزرع أخضر ويمشي بنصف الليل على الشريط الشائك والناس تعمل في حقولها وسهولها، معنى ذلك أننا وصلنا إلى القمة في القوة النفسية، بمعزل عن القوة العسكرية التي نملكها.

هذا الذي اليوم جاؤوا ليساومونا عليه، ولذلك أنا أدعو الجميع إلى المواجهة وإلى المقاومة ،ومن آخرها لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً، ضغط نفسي، خيراً إن شاء الله. هناك الكثير من الموانع التي لا تسمح لهم أن ينجحوا في هذا الملف وفي هذا الخيار.

حسناً، المقطع ما قبل الأخير، من تموزنا 2006 إلى تموزنا 2017 نصر جديد في معركة أخرى ولكنها تنتمي إلى نفس المعركة الأصلية، النصر الذي تحقق قبل أسابيع في جرود عرسال وجرود فليطة، بنفس المعايير ونفس الموازين ونفس الحسابات، اليوم لماذا أقول نفس المعركة؟ انظروا إلى الإسرائيلي، هو الأكثر حزناً من الذي حصل في جرود عرسال وجرود فليطة، أكثر جهة حزنت هم الإسرائيليون – الآن الذين في الداخل أنا قلت دعوهم جانباً من حزن ومن لم يحزن، أنا شغلي مع الإسرائيلي – الإسرائيليون حزنوا، حزنوا جداً، الذي يحصل في سوريا اليوم أحزن الإسرائيليين كثيراً، الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي راهنت عليها إسرائيل في سوريا وبدأت تفشل الآن تبكي عليها إسرائيل، تعبر عن خيبة أملها هي والأميركيين، خصوصاً بالنسبة لداعش، الإسرائيليون يبذلون جهداً، بذلوا وما زالوا مع الإدارة الأميركية ليقولوا لهم لا تسمحوا بهزيمة داعش في سوريا لأن هزيمة داعش في سورية تعني انتصار إيران والرئيس بشار الأسد وحزب الله بالإسم، الإسرائيلي حريص على أنه في سوريا تنتصر داعش وتنتصر جبهة النصرة وتنتصر هذه الجماعات المسلحة التي لديه علاقات معها ويدعمها ويمولها ويسلحها ويأخذ جرحاها إلى مستشفياته ويساعدها بالمعلومات وإذا تضايقت في جنوب سوريا يتدخل من أجلها بالمدفعية وبالطائرات. لذلك هذه المعركة هي امتداد، هي نفس المعركة.

حسناً، لدي في هذا الموضوع ثلاث نقاط سريعة، يعني كلمتين كلمتين.

النقطة الأولى، من المفترض أن غداً أو بعد غد، يعني خلال أيام قليلة بقية المسلحين يخرجون من جرود عرسال إلى سوريا، طبعاً بعد التسهيلات التي قدمتها القيادة السورية مشكورة كالعادة، وبالتالي الجيش اللبناني هو أخذ قراراً أن ينتشر بالمنطقة وهذه مطالبة شعبية أيضاً، ما بقي من هذه المنطقة في جرود عرسال وبالتالي كل خط التماس مع داعش من جهة عرسال يصبح في يد الجيش اللبناني، مجرد أن يستلم الجيش المواقع وينتشر نحن سنخلي هذه المنطقة وهذه الجرود، بالتالي من الآن أنا أعطي علم لأهل عرسال بعدها اذهبوا وتحدثوا مع الجيش، طبعاً بما يتناسب مع وضعه الجديد، لكن هذه حقوقكم وبساتينكم وأشجاركم وكساراتكم اتكلوا على الله، الفاصل بينكم وبينها أيام قليلة.

النقطة الثانية، هي بما هو آت، طبعاً نحن جميعاً، ليس فقط في لبنان حتى في سوريا ننتظر قرار قيادة الجيش اللبناني الذي هو سيحدد وقت بدء المعركة الجديدة لتحرير بقية الجرود اللبنانية من داعش وفي المقابل تحرير الجرود السورية من داعش.

القرار محسوم، كان هناك في مكان ما محاولات لتثبيط عزيمة اللبنانيين في المضي بهذا القرار، ولكن ما قام به فخامة الرئيس العماد ميشال عون من دعوة إلى اجتماع مجلس الدفاع الأعلى والمداولات التي حصلت في مجلس الدفاع الأعلى حسمت هذا الخيار، ونستطيع أن نقول وبافتخار أيضاً أنه لدينا اليوم قرار سياسي سيادي وطني حقيقي غير خاضع لأي اعتبارات خارجية بتحرير جزءٍ من الأرض اللبنانية التي تحتلها داعش، داعش التي يجمع العالم كله على أنها منظمة إرهابية، العدو والصديق، وبالتالي القرار محسوم، هذه المرحلة قطعناها, التوقيت بيد الجيش، الجميع ينتظر هذا الأمر والأمور سوف تمشي إن شاء الله بالشكل الجيد.

أنا فقط أريد أن أتمنى، لأنه بدأ الكلام من الآن، أريد أن أتمنى أن لا يضع أحد أمداً زمنياً، لا أحد يخطئ ويضع أمداً زمنياً، يضع مأداً زمنياً للجيش بهذه الجهة أو تلك الجهة، أنه مطلوب من الجيش أن يحسم بيومين، مطلوب بسبعة أيام، لماذا؟ أيضاً أتمنى أن لا يعمل أحد مقايسات ومقارنات بين هذه المعركة وهذه المعركة وهذه المعركة، دعوا النكايات والنكد جانباً، نحن الآن ذاهبون إلى معركة وطنية فيها دم، دم شباب من الجيش ومن المقاومة ومن الجيش السوري إلى آخره، الآن، ليس موضوع مزايدات، ومن يريد أن يسجل نقطة على من، لا هذه ولا هذه، وبالتالي بالحد الأدنى من فريقنا السياسي والإعلامي وكلنا نحن ائتلاف عريض يطلع أحد ويقول مصدر في 8 آذار يقول إن الجيش تأخر بالحسم والمقاومة حسمت بيومين، هذا كلام فارغ، لا أحد يضع أمداً زمنياً لهذه المعركة، اتركوا الناس تقاتل براحتها ولا أحد يقارن بين المعارك، كل معركة لها ظروفها ولها حيثياتها ولها صعوباتها، لكن أود في ختام هذه النقطة أن أقول أنه نحن سنكون إن شاء الله أمام انتصار حاسم بعون الله تعالى. أما الانتصار سيتحقق هذا أكيد إن شاء الله، أما هؤلاء سيهزمون ويولون الأدبار هذا أكيد إن شاء الله، هذا إذا لم تذهب الأمور إلى معالجات أخرى. المسألة هي فقط مسألة وقت ومسألة تعاطٍ بروح وطنية وإنسانية مع المعركة المقبلة التي هي مصلحة الجميع.

النقطة الثالثة بهذا المقطع الذي هو قبل الأخير، بعض النقاشات الموجودة في لبنان التي شاهدنا سجالها للأسف هذا الأسبوع والعشرة الأيام بالكثير، التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري الوزراء يذهبون إلى سوريا أو لا؟ نتعاون مع الحكومة السورية أو لا؟ هناك قوى سياسية معروفة بلبنان عندها موقف حاد في هذا الموضوع، بالرغم أنه لسنا نحن الذين طرحنا النقاش في مجلس الوزراء لنفتعل منه مشكلة، غيرنا الذي طرح الموضوع ويريد أن يفتعل منه مشكلة، نحن لا نريد أن نفتعل مشكلة، كل عمرهم الوزراء يذهبون إلى سوريا، كانوا يذهبون، ليست المرة الأولى، ليس شيئاً جديداً، لكن أنا أريد أن أتكلم أوسع من قصة التنسيق بين الجيشين في المعركة المقبلة أو قصة أن الوزير فلان يريد أن يذهب إلى سوريا أو لا يريد أن يذهب لأقول لهذه القوى السياسية التي لها موقف حاد، أيضاً أريد أن أتكلم بهدوء وبشكل مسؤول، أريد أن أقول لهم يا شباب إسمعوا مني واعيدوا النظر لأن المشروع الذي راهنتم عليه في سوريا سقط أو يكاد ينتهي في السقوط، واضح المشروع الذي راهنتم عليه وما زلتم تراهنون عليه في سوريا سقط أو هو في آخر مراحل السقوط، وأنتم جالسون هنا في لبنان سواء كنتم متواجدون في المدينة او في الضيعة او في جبل او في وادي والأن في الصيف لا أدري أين، اقعدوا بجلسة تأمل وإقرأوا التطورات التي حصلت في سوريا وفي المنطقة وخذوا معطيات وابنوا عليها.

الحقد، والاحلام، والامال، والرغبات، والاماني، ضعوها جانباً خذوا الوقائع وحللوا على أساسها وابنوا موقفاً. بالوقائع داعش مسألة وقت في سوريا، وفي العراق مسألة وقت، القرار بإنهاء داعش هذا نهائي، داعش لن تجد من يدافع عنها في هذا العالم بعد كل الذي فعلته من جرائم ومجازر بحق الإسلام والديانات السماوية والناس جميعاً.

ثانياً المعارضة المسلحة في أسوء حال وفي اغلب المناطق محاصرة.

ثالثاً المعارضة السياسية بالأصل هي ضعيفة والان تزداد وهنا ً بعد الازمة السياسية بين الخليج وقطر.

رابعاً بعض الدول التي كانت أشد تعصبا وتزمتاً في سوريا وهي فرنسا، الإدارة الجديدة الفرنسية تعترف بالرئيس بشار الأسد رئيساً شرعياً لسوريا.

خامساً دول الخليج بدأوا الواحد تلو الاخر بسحب يدهم وإنتظروا المزيد، غداً هذا سيلوم ذاك والاخر سيلوم هذا وهكذا وسنرى في المستقبل. انا أتكلم معلومات ولا أتكلم تكهنات.

الأميركان هم أعلنوا أن هذه الجماعات التي مولوها، ودربوها، وراهنوا عليها، فشلت وخائبة بل يمكن أن تكون خطرة ولذلك بدأوا توقفوا ( إعطاء الدعم) لبعض الجماعات.

أميركا اليوم تفاوض روسيا على مصالحها ومصالح إسرائيل في سوريا هذه أميركا، بالنسبة لأميركا هم يعلمون أن اللعبة قد إنتهت.

العالم كله الأن يتعاطى على قاعدة هذا النظام باقٍ، هذا الجيش باقٍ، هذه الدولة في سوريا ومؤسساتها باقية، كان لديهم منذ زمن منذ مدة انها إنتهت، كانوا ما يزالون يتناقشون على الرئيس، ولكن الأن الكل يتعاطون ويقولون للمعارضة في الجلسات المغلقة إذهبوا وتصرفوا على قاعدة أن الرئيس بشار الأسد باق، وسيقام تسوية سياسية في سوريا كيف يتاح للمعارضة المعتدلة ـ بين هلالين ـ إن وجدت أن تدخل الى السلطة وأن تصبح شريكاً في السلطة السياسية، هذه المعطيات هذه الوقائع هذه الجلسات المغلقة التي أكثرها باتت على وسائل الإعلام.

أعود إلى الشباب في لبنان إرجعوا إحسبوها جيداً، ولا أحد يريد أن يشمت بأحد ولا يريد أحد أن يفتح حساباً مع أحد، تمام؟ تعالوا نرى مصلحة لبنان بهذه المعادلة كلها، نتكلم مصلحة لبنان، ضعوا مصلحة سوريا جانباً. الان نحن معهم نساعد على تحقيق المصلحة السورية.

اصلاً هذه القوى الساسية الممانعة والمتحفظة أنتم لا تستطيعون أن تساعدوا سوريا بشيء، لا إعترافكم يقدم أو يأخر، ولا تطبيعكم يقدم أو ياخر، ولا شيء، الأن لا حاجة للكلام السلبي دعونا نتكلم مصلحة لبنان.

بحكم الجغرافيا، هذا لبنان وهذه فلسطين المحتلة التي تحتلها اسرائيل وهذا البحر وهذه سوريا، بحكم الجغرافيا وبحكم التاريخ مصالح لبنان مع سوريا أكبر بكثير من مصالح سوريا مع لبنان وهذا كلام قديم في لبنان وحتى الأن بكل الملفات وبأغلب الملفات نحن محتاجين ـ لبنان محتاج ـ ليتكلم مع سوريا، لبنان محتاج.

وأمثلة كثيرة مثلاً غداً إن شاء الله عندما ننتهي من الحدود ألا يريد الجيش أن يصعد وينتشر على الحدود؟ كيف سننتشر على الحدود من الجهتين؟ نتكلم مع الأميركيين؟ يا عيب الشوم، يقبلون بأن يجلسوا مع الإسرائيلي في الناقورة، مع الإسرائيلي العدو الذي ذبحنا، وقتلنا، ودمر بلدنا، وشن علينا حروباً، ونقول بلبنان انه يوجد إجماع على انه عدو، ويقعد يناقشك هل نقعد؟ هل يجلس الضباط بالجيشين اللبناني والسوري لينسقوا وليتكلموا مع بعض؟ من مصلحة لبنان بأن يتكلموا مع بعض، مصلحة لبنان وليس مصلحة حزب الله أو مصلحة هذا الحزب أو هذا التيار أو هذه الطائفة أبداً، أتكلم مصلحة وطنية بأن يتكلموا مع بعض.

نحن مصلحتنا الوطنية بأن تكون الحدود بين لبنان وسوريا مفتوحة، نحن مصلحتنا الوطنية بأن يتفاهم لبنان بالموضوع الزراعي مع سوريا على منتوجاتنا ومنتوجاتهم، نحن المصلحة الوطنية اللبنانية تفترض بأن نتفاهم مع سوريا لأن غدا تريد أن تفتح الحدود مع العراق وستفتح الحدود مع الأردن وتريدون أن تخرجوا الصادرات الصناعية اللبنانية.

في الزمن السابق عندما اغلقوا الحدود، يوجد شخص في لبنان مسؤول كبير هل تعلمون ماذا قال لي؟ قال لي شخصياً قال انا لا اريد ان أتكلم مع السوريين وأريد أن أنقل الإنتاج الزراعي اللبناني بالطائرات، هذا العقل الاقتصادي العظيم، تصوروا طائرات الميدل إيست ماذا تحمل؟ بطاطا، وبندورة، وباذنجان، وموز، ونبيع فواكه، لانه اذا لم ننقلهم بالطائرات لن نجد لهم سوق، يا جماعة لانه لدينا كلفة الإنتاج مرتفعة.

نحن اللبنانيين جميعاً، الزراعيون في لبنان، الصناعيون في لبنان، التجار في لبنان، نحن محتاجون أن نتكلم مع سوريا، بالموضوع الأمني نحن محتاجون أن نتكلم مع سوريا، بموضوع بلوكات النفط والغاز بالشمال لتجلبوا لها شركات تلتزمها ألا تريد ان تقوم بترسيم الحدود؟ يجب ان تتكلم مع سوريا، أنت جاهز بأن تتكلم مع إسرائيل ولكن مع سوريا لا تتكلم.

لذلك دعونا نضع حساباتنا الشخصية جانباً، وحساباتنا الحزبية جانباً، “ونكاياتنا” جانباً، ونعمل نقاش، ما هي المصلحة الوطنية؟ هذه سوريا نظامها باق، ودولتها باقية، ورئيسها باق، وذاهبة على تسوية سياسية.

والجار الوحيد لنا هو سوريا لأن بالمقابل لدينا عدو، ما هي مصلحة لبنان؟ بالنفط، وبالغاز، وبالكهرباء، وبالزراعة، وبالصناعة، وبالأمن، وبالحدود، أن نتكلم مع السوريين؟ أو يبقى كل شخص عامل متراس وما يزال نائماً يحلم بالمشاريع التي تهاوت والتي سقطت.

اليوم نحن بهذا الموضوع نستطيع أن نستفيد من تجربة حرب تموز ـ لا تؤاخذونني إن تأخرت عليكم قليلاً ولكن ما زال القليل بعد كم دقيقة مع إنكم جالسون وصامدون وانا ممنون ولكن اعتذر لانني تعديت الساعة ـ في تجربة حرب تموز كان يوجد مقاومة، وكان يوجد جيش، وكان يوجد إحتضان شعبي من أغلب المناطق اذا لم يكن من كل المناطق ومن أغلب التيارات السياسية، وكان يوجد تضامن رسمي، ولكن كان يوجد ثغرة سياسية في حرب تموز.

بالتضامن الرسمي، فخامة الرئيس العماد إميل لحود كان على رأس مجلس الوزراء يقوم بمعركة هو وبقية الوزراء. بالمعركة السياسية، والتفاوضية، والإعلامية، وايضا الشعبية، والعسكرية، كان لدينا شريك كامل إسمه دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري.

كان لدينا ثغرة بكل صدق وصراحة وتعلمون وانا لا أهاجم احد هي برئاسة الحكومة وبتشكيل الحكومة في ذلك الوقت والمعركة كانت في الحكومة.

تلك التجربة وبالرغم من هذه الثغرة الرسمية والثغرة الشعبية إستطعنا بأن ننتصر على عدو بهذا الحجم أو إستطعنا يا اخي ربما الكلمة ثقيلة عليهم أفشلنا أهداف العدوان.

اليوم بالتجربة الجديدة في ظل رئيس جمهورية جديد، ورئيس حكومة جديد ـ قديم، ورئيس مجلس نيابي أطال الله بعمره وبأعمار الجميع إن شاء الله، مع وجود قناعة وطنية مع الإستفادة من هذا المناخ الذي حصل في جرود عرسال نحن يا اخي لا نريد أن نوظف المناخ المتعلق بجرود عرسال لمكاسب حزبية خذوه ووظفوه لمكاسب وطنية للحديث عن المصلحة الوطنية، لماذا يخاف احدهم؟ لا يجب ان يخاف احد اذا أقمنا علاقة مع سوريا، ونتكلم مع سوريا، نتفاوض مع سوريا، وننسق مع سوريا، هذه مصلحة لبنان نستطيع كلنا مع بعضنا البعض ان نتساعد حتى نحققها.

في ذكرى إنتصار الحق على الباطل في تموز 2006 وإنتصار الدم على السيف إسمحوا لي من خارج سياق المعركة مع إسرائيل وإن كان في الحقيقة في داخل سياقها أن أذكر من جديد بالمأساة الإنسانية الهائلة اليوم التي تحصل في اليمن.

الأمم المتحدة هي تقول في الوقت الحالي أكبر مأساة إنسانية وكارثة إنسانية هي التي تجري في اليمن، الالاف يموتون من الكوليرا، مئات الالاف مصابون بالكوليرا، ملايين مهددين بالموت جوعاً، هل تريد المسألة فلسلفة؟ ما هو السبب؟ السبب هو الحرب والحصار، من الذي يجري الحرب ومن الذي يفرض الحصار؟ أميركا والسعودية وحلفائهم.

من أجل إيقاف الكارثة الإنسانية يجب ان ينادي العالم كله، وأن يطالب العالم كله، اميركا والسعودية بوقف العدوان على اليمن وبوقف الحرب على اليمن وبفك الحصار عن اليمن، وكل الساكتين في العالم ـ هذا رأيي الشخصي ـ وكل الساكتين في العالم يتحملون مسؤولية، لو استمعت اميركا والسعودية إلى كل العالم حكومات ودول ومجالس نيابية وأحزاب وعلماء وحركات وقوى ووسائل إعلام وتقول لهم كفى ممارسة أبشع عدوان على هذا الشعب كانوا على أقلها فكروا بأن يوقفوا الحرب.

المطلوب صرخة عالمية وعربية وإسلامية، وإلا ماذا؟ يخرج هذا ليٌدين، وهذا ليوصف، والمأساة تستمر وتتعاظم وتكبر في كل يوم في اليمن.

في هذا اليوم جدير بي وبكم أن نقول كلمة الحق هذه، وإن كانت مزعجة للبعض ولكن هذه خارج الحسابات هذا موقف إنساني وموقف أخلاقي أوقفوا الحرب، وفكوا الحصار، عالجوا الناس من الكوليرا، إمنعوا إنتشار الكوليرا، أوقفوا المجاعة، وإذهبوا إلى حل سياسي، والحل السياسي ممكن ومتاح ولكن هناك دائما من يريد إذلال الأخرين وفرض شروطه على الاخرين.

أيها الإخوة والأخوات ونحن على مقربة من 31 أب نتذكر إمامنا القائد المؤسس الإمام الغائب الذي أطلق فينا حركة المقاومة، وروح المقاومة، وثقافة المقاومة، الإمام الذي كرس في ثقافتنا قضية القدس والمسجد الاقصى، إمام العيش الواحد والعيش المشترك، إمام الترفع عن الحساسيات والحسابات الشخصية والطائفية والمذهبية والحزبية، إمام الصدق والوفاء والإخلاص للوطن وللمقدسات وللأمة، سماحة الإمام المغيب القائد السيد موسى الصدر وذكرى رفيقيه، نوجه له على مقربة من ذاك الحدث المؤلم كل التحية وكل التقدير وكل الإعتراف بالجميل، للمعلم والملهم والأستاذ ونقول له كلنا ابناؤك وبناتك ورجالك ونسائك سنكمل دربك ونحقق كل أهدافك بعون الله تعالى، وما نصر تموز 2006 إلا بعض عطاء زرعك الذي أثمر.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير.

المصدر: العلاقات الاعلامية - حزب الله