شهداء الإعدام في #البحرين والدقائق الأخيرة مع “معمم” الداخلية – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

شهداء الإعدام في #البحرين والدقائق الأخيرة مع “معمم” الداخلية

الشبان البحرينيون الشهداء
إسراء الفاس

لن ينسى البحرينيون صباح السبت الماضي (14 كانون الثاني/يناير 2017) وما تلاه. صباح مصادقة ملك البحرين حمد بن عيسى على إعدام ثلاثة أبرياء، على خلفية رواية صاغها كتبة ديوانه. نُفذت السلطة البحرينية أحكام الإعدام فجر اليوم التالي مستندة إلى دعمٍ  يبدأ من السعودية ولا ينتهي عند الإمارات.
لماذا جرى الإعدام؟ كيف ألبس عباس السميع وسامي مشيمع وعلي السنكيس تهمة قادتهم إلى الإعدام؟

الشبان البحرينيون الشهداءفي 3 آذار/مارس 2013، أعلنت السلطات البحرينية عن مقتل ضابط إماراتي و 3 آخرين من قواتها في تفجير قالت انه وقع في بلدة الديه شمال البحرين. حتى اليوم يشكك البحرينيون في هذه الرواية. يقول أبناء البلدة إنه لم يُسمع بصوت تفجير، يقولون أيضاً إن مقتل هؤلاء أتى على خلفية انفجار قنبلة كانت بحوزة الضابط الإماراتي، الذي كان يشارك في قمع البحرينيون داخل قراهم الآمنة.
خلال ساعات كانت الداخلية البحرينية قد اعتقلت “عدداً من المتورطين بالتفجير”، وفق قولها. وقبل انعقاد أي تحقيق، كانت صورهم تُعرض على التلفزيون الرسمي الذي حسم مسؤوليتهم عن الحادثة!

في سجون السلطة، كان التعذيب وجبة يومية للمعتقلين. كان المطلوب انتزاع الاعترافات، وحفظ ماء وجه البحرين مع الإماراتيين. أرادت السلطة البحرينية أن تُغلق القضية على “قصاص” يُرضي الإماراتيين ولا يدفعهم للتساول: ماذا الذي يفعله أحد ضباطنا في البحرين؟ ماذا يفعل العسكر الإماراتي ضد شعب البحرين الأعزل.
في تسجيل مسرب من داخل المعتقل، نقل الشهيد عباس السميع: “بعد تفجير الديه كان لا بد للحكومة أن ترضي أتباعها وأن ترضي دولة الإمارات بعد مقتل الشحي (الضابط الاماراتي طارق الشحي) فكان لا بد من كبش فداء، فكنت أنا وإخوتي وأبناء قريتي، هذا ما تم اخبارنا إياه داخل غرف التعذيب”.
اعتقل عباس السميع واخوته الأربعة، كما اعتقل سامي مشيمع وأخوين اثنين له، إضافة إلى علي السنكيس ومعتقل عاشر.
مع انعقاد المحاكمة، قدم محامي الدفاع وثيقة صادرة عن المدرسة التي عمل فيها السميع كمدرس رياضة. جاء في الوثيقة أن السميع كان خلال دوامه أثناء وقوع التفجير. إلا أن المحكمة لم تأخذ بالوثيقة، تجاهلتها، فجرّدت السميع من جنسيته وحكمت بإعدامه.
وفي قضية سامي المشيمع، رفضت المحكمة الأخذ بإفادات قدمها نحو عشرين شاهداً أفادوا بأن مشيمع كان في منزله وقت وقوع التفجير. لم تأخذ المحكمة بكل تلك الشهادات. أيضاً جردته من جنسيته وحكمت بإعدامه.

أما الفتى علي السنكيس، تؤكد والدته أنه لم يجرِ التحقيق معه في قضية مقتل الاماراتي طارق الشحي. لم يُسأل ولدها عن التفجير فور اعتقاله في  ٢ نيسان/أبريل ٢٠١٥ في بلدة الدراز، أُجبر على التوقيع على أوراق ذُكر فيها أنه يقر بمسؤوليته عن تفجير الديه! ليوضع من يومها على سكة الإعدام.
يوم الجمعة الماضي، أيّد القضاء البحريني تنفيذ أحكام الاعدام، سرعان ما صادق الملك، وفجر الأحد 15 كانون الثاني/يناير نفذت الأحكام. أربعة رصاصات اخترقت قلب كل من السميع ومشيمع والسنكيس.
انتشرت في وقت لاحق صور الشبان الثلاثة من على المغتسل. صورة سامي مشيمع أعادت أغلب من شاهدها إلى كلامه في ميدان اللؤلؤة عام 2011، يوم سأله المناضل البحريني عبدالهادي الخواجة عن تجربة اعتقال سابقة: بعد التعذيب الذي تعرضت إليه هل ستواصل أم لا… بثقة وبابتسامة أجاب مشيمع: سأواصل حتى الموت!

في زيارة بعد اعتقاله الأخير تتذكر والدة المشيمع ابنها منتفخ الوجه بلا أسنان، وآثار الحروق واضحة على يديه… هكذا جُرجر المشيمع ليوقع على اعترافات منتزعة منه.
أما علي السنكيس فقد دفع بإعدامه ضريبة رفضه التخابر مع السلطة. اسم الفتى عرفه الإعلام عام 2012، يومها كان يبلغ السنكيس 15 عاماً، عُثر عليه مرمياً في احدى كاراجات بلدته السنابس، مجرداً من ملابسه. هُدِّد السنكيس بعد رفضه عرض السلطة، فلُفقت له تهمة وحكم عليه بالسجن ٥ سنوات ومنذ تاريخه عاش طريداً وملاحقاً، قبل أن يعرف جسده الاستقرار في مقبرة الماحوز بعد إعدامه.

مع حلول منتصف الليل يوم السبت الماضي، استدعت السلطة أحد المعممين المنتدبين من قبل وزارة الداخلية البحرينية، للحضور إلى السجن. لكنه لم يلتقِ بالشبان المعتقلين إلا عند حلول الساعة الثالثة فجراً.
جلس معمم الداخلية متحدثاً للشبان الثلاثة، يُنقل عنه أنه وجدهم جاهزين لتنفيذ الحكم، حدّثهم وسألهم عن طلباتهم الأخيرة. طلب عباس السميع وعلي السنكيس أن يُصليا قبل أن يكتبا وصيتهما، أُحضر لهما الورق والقلم وكتبا آخر وصية لهما.
“الشهيد أستاذ عباس”، كما يطيب لوالدته مناداته، طلب أن يتصل بوالديه لوداع أخير، إلا أن طلبه قُوبل بالرفض.
أما سامي المشيمع فلم يُقدر له أن يكتب وصية. لا يعرف الرجل الأربعيني الكتابة، اكتفى بإيداع وصيته شفهياً مع “الشيخ” المعمم، على أمل أن تصل لوالديه وأشقائه.

حتى اليوم لم يتسلم أهالي الشهداء وصايا أبنائهم و لا حتى مقتنياتهم، لن يُعرف ماذا كتب السميع ولا ما خط السنكيس ولا ما قاله المشيمع قبل انتهاء تقبل العزاء… حتى اليوم لا ينقل إلا وصايا سمعها الأهل من أبنائهم: “إذا الشعب أراد أن ينتصر عليه أن يقف بوجه الظالم، وأن يضحي بما يملك”… لا حقوق بلا تضحيات، لا وطن بلا تضحيات.

وثيقة

المصدر: موقع المنار