خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش

الشيخ علي دعموش

أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن: “غزة تكتب اليوم حقيقة أن العدو ‏فشل في مواجهة المقاومة في الميدان، وهو يحاول التعويض عن فشله باستهداف المدنيين وارتكاب المزيد ‏من القتل والجرائم، وآخرها مهاجمة مجمع الشفاء وقتل الشباب العزل بصورة وحشية‎”.

وفي خطبة الجمعة التي ألقاها في مجمع السيدة زينب (ع) في الضاحية الجنوبية لبيروت، أشار الشيخ ‏دعموش إلى أن: “مشاهد قتل المدنيين العزل بشكل متعمد وانتقامي في غزة، تكشف حجم الأزمة العميقة ‏التي يمر بها العدو، ومستوى العجز الذي وصل إليه”، وبرأيه أن: “القتل بهذه الطريقة الوحشية لا يعبّر عن ‏قوة؛ بل هو دليل ضعف وعجز وإحباط‎”.

وقال سماحته إن: “كل ما يجري في غزة من قتل ومجازر وتجويع وترويع المدنيين والأطفال والنساء، لن ‏يجني منه العدو والداعمون له والساكتون عن جرائمه سوى المزيد من الخزي والعار والسقوط الإخلاقي ‏والإنساني”، لافتًا إلى أن: “الحديث عن إنجازات وهمية يحققها العدو في غزة ولبنان لن يغطي ضعفه ‏وعجزه وفشله أمام المقاومة‎”.

وشدد على أن: “تعميق المأساة الإنسانية بين أبناء غزة هو جزء من الضغط على المقاومة لتقديم تنازلات، ‏لكن المقاومة لن ترضخ لشروط العدو وستواصل استنزافها له وتصديها البطولي لآلياته وجنوده مهما كانت ‏التضحيات‎”. وتابع الشيخ دعموش أن: “الإصرار على الدخول إلى رفح لن يُغيّر شيئًا من مشهد العجز الإسرائيلي، ولن ‏يمكّن العدو من الوصول إلى أهدافه وسينتقل من فشل الى فشل، ولن يجني من دخول رفح سوى المزيد من ‏الخسائر وتعميق المأزق الذي يتخبط فيه‎”.

ختم الشيخ دعموش قائلًا إن: “اليوم العدو في مأزق كبير، فهو على الرغم من عدوانيته ووحشيته لم يحصل ‏على نتيجة على صعيد أهدافه الكبرى للحرب، ولديه العديد من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ‏إضافة إلى مشكلة الأسرى والحريديم وغيرها”، مضيفًا أن: “مأزق الإسرائيلي أكبر بكثير مما قد يتصوّره ‏البعض، والمكابرة والعناد لن توصله إلى النتيجة التي يريدها‎”.

نص الخطبة
في السابع من شهر رمضان المبارك كانت ذكرى وفاة ابي طالب(ع) مؤمن قريش وسيدها ووالد امير المؤمنين علي(ع)، وبعد ذلك بثلاثة ايام اي في العاشر من شهر رمضان كانت ذكرى وفاة خديجة بنت خويلد، أفضل ازواج النبي (ص) واحسنهن سيرة واخلاقا ووعيا وتضحية وعطاءً، فسمى النبي (ص) ذلك العام، بعام الحزن لأنه فقد أعز وأحب الناس إليه، فقد فيه الناصر والعزيز والوفي والحامي والمدافع عنه وعن رسالته.
لقد بكى النبي (ص) عند وفاة عمه وحزن حزنا شديدا عند وفاة زوجته، واعتبر موتهما خسارة ومصيبة كبرى للامة، كما هو صرح (ص) بذلك حيث قال(ص): (اجتمعت على هذه الأمة مصيبتان، لا أدري بأيهما أنا اشد جزعا؟)
ومن الواضح أن النبي (ص) لم ينطلق في حبه لهما وحزنه عليهما من مصلحته الشخصية، أو من عاطفة نسبية رحمية، وإنما هو يحب في الله، ويحزن لله، ويقدر أي إنسان ويحزن لفقده، ويرتبط به روحيا وعاطفيا بمقدار ارتباط ذلك الإنسان بالله وبمقدار قربه من الله، وإخلاصه وتفانيه في سبيله وفي سبيل دينه ورسالته.
فالنبي (ص) لم يتأثر على ابي طالب ولا على خديجة لأن هذه زوجته وذاك عمه، وإلا فقد كان ابو لهب عمه ايضا ولم يتأثر عليه لحظة واحدة، وإنما تأثر عليهما وبكى من اجلهما لما لمسه فيهما من قوة إيمان وصلابة موقف، ومن تضحيات وتفان في سبيل الله والعقيدة وفي سبيل المستضعفين في الأرض، ولما خسرته الأمة فيهما من جهاد وإخلاص ووفاء قل نظيره في تلك الظروف الصعبة والحرجة من تاريخ الإسلام.
وقد اتفقت النصوص على ان خديجة كانت من افضل نساء قريش ومكة في خلقها وخلُقِها وجميع مواهبها، وهي بالإضافة إلى ذلك على درجة كبيرة من الجمال والغنى والثروة واليسار، بل من أبرز أثرياء مكة وتجارها.
ولأنها جمعت إلى جانب ثروتها المادية الشرف والعفة والصون والكرامة فقد اصبحت تعد السيدة الأولى في مكة، ولهذا كان الناس يدعونها في الجاهلية بالطاهرة وكانت تعرف بسيدة قريش.
ولأجل مكانتها الاجتماعية هذه، كان كل رجال قومها يطمع إلى الاقتران بها قبل أن يتزوج بها النبي (ص)، وقد تقدم لخطبتها عقبة بن ابي معيط، وابو جهل، وابو سفيان وغيرهم من كبار زجهاء مكة، ولكنها رفضتهم جميعا، واختارت محمد بن عبد الله ليكون زوجا لها بالرغم من قلة ماله، بعدما رأت فيه الصدق والأمانة والعفة وكرم الأخلاق، وكمال العقل والوعي، وشرف النفس، والخصال الكريمة التي رفعته على السادة من اشراف مكة.
ونكاد نقطع استنادا إلى كثرة النصوص أن خديجة هي التي بادرت أولا وأبدت رغبتها في الزواج بمحمد قبل أن يبادر هو، ويرجح أكثر المؤرخين أن يكون عمر خديجة حين تزوج بها ثمانية وعشرين عاما، وليس اكثر من ذلك، وعليه فهي كانت تكبر النبي بثلاث سنين فقط حيث كان عمر النبي (ص) حين زواجه بـها خمسا وعشرين سنة.
ولم تتزوج قبله بأحد، وإنما تزوج بها الرسول(ص) وكانت عذراء, وهذا ما أكده جمع من المؤرخين كالبلاذري وأبي القاسم الكوفي والسيد المرتضى في كتاب تلخيص الشافي وغيرهم.
واما النصوص التي تقول أنها تزوجت قبل رسول الله(ص) برجلين أولهما بعتيق بن عائذ العائد المخزومي، ثم من بعده بأبي هالة التميمي، فإننا نحتمل جدا أن تكون هذه النصوص مما صنعته يد السياسة بهدف الإيحاء بأن النبي لم يتزوج إمرأة عذراء غير عائشة.
2- لقد كانت خديجة الزوجة الوفية لرسول الله(ص) الصادقة في إيمانها ووفائها،وقد كانت أول من اسلم من النساء، وهي التي بذلت له مالها وواسته في جميع الخطوب والنكبات، فكانت تستقبله ببشاشة وجهها لتهون عليه الشدائد، وتخفف عنه الآلام والضغوط التي كان يواجهها في طريق الدعوة إلى الله، وكانت تود أن تتحمل عنه كل شيء ليسلم لرسالته، ولم يرد في ذكر فضلها ومناقبها أجلُّ ولا أجمل من قوله (ص) بعد وفاتها: “والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي حين كفر الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء”
انفقت كل اموالها وثراءها الواسع في سبيل هذا الدين، وعلى المسلمين خاصة في الظروف الحرجة التي واجهوها، اثناء اضطهاد قريش وحصارها الاقتصادي لهم، ولا شك أن أموال خديجة وأموال ابي طالب وما انفقاه على الإسلام والمسلمين وما قاما به من دور كبير في نصرة الإسلام، كان من جملة العوامل والظروف التي ثبتت الناس وساعدت على انتصار الإسلام .
لقد أنفقت السيدة خديجة(ع) بعد بعثة الرسول (ص) كل أموالها طائعة راغبة وباختيارها وبملء إرادتها، ليس على نفسها والملابس الفاخرة ومظاهر الدنيا، ولا على النبي(ص) وملذاته، وإنما لاعانة المسلمين وتثبيتهم وسد جوعهم بعد ان حاصرهم الاعداء.
اما مقولة ان الاسلام قام بسيف علي واموال خديجة، فليس المقصود منها ان الاسلام قام بقوة المال وقوة السلاح.
فخديجة لم تصرف مالها لنشر الاسلام واغراء الناس بالمال ورشوة الناس بالمال ليدخلوا في الاسلام، وعلي(ع) لم يستخدم السيف ليجبر الناس على الدخول في الاسلام.
الاسلام لم يفرض بقوة المال والسلاح اطلاقا، االقران يقول: (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) والدين الذي هو منظومة فكرية وعقيدية وقناعات لا يفرض بالقوة والاكراه، القوة سواء كانت قوة مال او سلاح قد تفرض على الجسد الاستسلام اما العقل والفكروالقلب فلا يستسلم بالاكراه والاجبار ، وانما بالاقناع والبراهين والادلة والمنطق.
فليس معنى ان الاسلام (قام باموال خديجة وسيف علي) هذا المعنى، وانما المقصود أن المسلمين والنبي الأكرم(ص) لما وقعوا في شدة وحوصروا وتم التضييق عليهم ومقاطعتهم، وضعت خديجة مالها وثروتها في خدمة الاسلام والمسلمين ، لكن لا لاعطاء رشوة لأحد، بل لمساعدة المسلمين الذين حاربتهم قريش وحاصرتهم واستخدمت كل أنواع الأسلحة اللاإنسانية واللاأخلاقية ضدهم وحاربتهم بالفقر والجوع لحرفهم عن دينهم.
لم تستخدم خديجة أموالها كرشوة من اجل إغراء الناس بالمال ليعتنقوا الإسلام، وإنما كانت تنفق أموالها من اجل اعانة المسلمين الذين خسروا كل ما يملكون بسبب انتمائهم للإسلام وواجهوا الأخطار والإضطهاد والتعذيب وأعظم المشاق والآلام، في سبيل اسلامهم وعقيدتهم،فهي كانت تخدم الإسلام عن هذا الطريق لتثبيت المسلمين وجعلهم قادرين على تجاوز الاخطار والمحن التي كانوا يتعرضون لها بسبب انتمائهم للإسلام.
وهذا معنى قولهم: إن الإسلام قام بأموال خديجة. وليس معنى ذلك ان الإسلام انتشر بأموال خديجة او ان خديجة رشت الناس باموالها ليدخلو في الإسلام
على ان الأموال التي كنت تملكها خديجة كانت محدودة، وربما لم تكن تكفي لأكثر من سد رمق الجائعين وتأمين ما كانوا يحتاجونه على المستوى المعيشي خصوصاً بعد محاصرتهم في شعب أبي طالب ومقاطعة اهل مكة لهم ، حيث كانوا بحاجة إلى ما يثبتهم ويؤمن احتياجاتهم بعد ان فقدوا كل شي اموالهم وارزاقهم وتركوا بيوتهم في سبيل الحفاظ على عقيدتهم ودينهم.
أما سيف علي فلا ريب أنه خدم الإسلام ووقف في مواجهة الاعداء ليحمي الاسلام والمسلمين، وكان في كل المعارك في المقدمةوالصفوف الامامية وصاحب راية رسول الله فيها، ولولا حضوره في الميدان وجهاده في الدفاع عن الاسلام  لربما كان مصير الاسلام غير المصير، ولما استطاع ان يحقق كل تلك الانجازات في تلك المرحلة، فعلي هو بطل الاسلام في الميادين والمواجهات وهو الذي جندل فرسان المشركين والاعداء ودافع عن الاسلام في مواجهة من كان يريد القضاء عليه، وهذا ما تشهد به معارك  بدر وأحد والخندق وخيبر.. وغيرها من معارك الاسلام الاولى.
لكن لا يعني هذا أنه كان يفرض الاسلام على الناس بالقوة ويجبر الاشخاص على اعتناق الاسلام والا ضرب اعناقهم .
اننا نتعلم من علي(ع) ومن ابي طالب(ع) وخديجة(ع) ومن ايمانهم وصلابتهم وتضحياتهم وتفانيهم في سبيل الله ومن اجل الاسلام كيف نبقى في الميدان نواجه التحديات ونستلهم منهم الايمان والعزم والصلابة والاستعداد للتضحية في سبيل الله ومن اجل الدفاع عن المقدسات والمظلومين لاننا لا نزال في قلب الصراع ونواجه العدوان الصهيوني المتوحش ونواجه  التهديد والتهويل في كل يوم من هذا العدو المتغطرس وفي مواجهة ذلك لا بد ان نبقى في الميدان نستلهممن هذه النماذج التي مثلت قمة التضحية والعطاء والجهاد في سبيل الله.
اليوم الحقيقة التي تكتبها غزة ان العدو فشل في مواجهة المقاومة في الميدان وهو يحاول التعويض عن فشله باستهداف المدنيين وارتكاب المزيد من القتل والجرائم وآخرها مهاجمة مجمع الشفاء وقتل الشباب العزل بصورة وحشية.
مشاهد قتل المدنيين العزل بشكل متعمد وإنتقامي في غزةً تكشف حجم الأزمة العميقة التي يمر بها العدو ، ومستوى العجز الذي وصل اليه، فالقتل بهذه الطريقة الوحشية لا يعبر عن قوة بل هو دليل ضعف وعجز واحباط.
كل ما يجري في غزة من قتل ومجازر وتجويع وترويع المدنيين والأطفال والنساء لن يجني منه العدو والداعمون له والساكتون على جرائمه، سوى المزيد من الخزي والعار والسقوط الاخلاقي والانساني.
والحديث عن انجازات وهمية يحققها العدو في غزة ولبنان لن يغطي حقيقة ضعفه وعجزه وفشله امام المقاومة.
تعميق المآساة الانسانية لدى ابناء غزة هو جزء من الضغط على المقاومة لتقديم تنازلات، لكن المقاومة لن ترضخ لشروط العدو وستواصل استنزافها لهذا العدو وتصديها البطولي لالياته وجنوده مهما كانت التضحيات.
والاصرار على الدخول الى رفح لن يغير شيئا من مشهد العجز الاسرائيلي ولن يمكن العدو من الوصول الى اهدافه وسينتقل من فشل الى فشل ولن يجني من دخول رفح سوى المزيد من الخسائر وتعميق المأزق الذي يتخبط فيه.
اليوم العدو في مأزق كبير، فهو بالرغم من عدوانيته ووحشيته لم يحصل على نتيجة فيما يتعلق باهدافه الكبرى للحرب، ولديه العديد من المشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية اضافة الى مشكلة الاسرى والحريديم وغيرها، ومأزق الاسرائيلي اكبر بكثير مما قديتصوره البعض، والمكابرة والعناد لن توصله الى النتيجة التي يريدها.

المصدر: بريد الموقع

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك