خطبة الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش 8-3-2024 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

خطبة الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش 8-3-2024

نائب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ علي دعموش

 

ضيافة الله في الشهر الكريم

الشيخ دعموش: لسنا معنيين بإعطاء ضمانات للعدو الصهيوني.
رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أنه “‏بفعل صمود وثبات المقاومة ومواصلة حرب الاستنزاف، ضد العدو الصهيوني ‏في غزة وفي لبنان، لم يستطع هذا العدو تحقيق ما أراده من الحرب ‏ولا الخروج من المأزق الذي يتخبط فيه، بل وصل الى طريق مسدود في ‏عدوانه، وليس هناك من خيار أمامه للحلّ سوى وقف العدوان والإذعان ‏لشروط المقاومة”، مشددًا على أن “المكابرة والتعنت وإطالة أمد الحرب، لن ‏تؤدي الى نتيجة، ولن تغير في مسار الحرب، ولن تحقق للعدو أهدافه ‏الموهومة، بل ستعمق من مأزقه وتزيد من هزائمه وخسائره وفشله”‎ .‎
ولفت الشيخ دعموش، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مجمع السيد زينب (ع) في بئر العبد، إلى أن “الإدارة الأمريكية هي التي تتحمّل ‏مسؤولية ‏استمرار العدوان وحرب التجويع في غزة، وهي ليست صادقة ‏عندما توحي للعالم بأنها تضغط على العدو، لأنها لو أرادت وقف الإبادة ‏في غزة لاستطاعت ذلك، وهي تملك كل أوراق الضغط التي تمكّنها من ‏كبح جماح نتنياهو وحكومته المتطرفة”، موضحًا أنّ: “أمريكا هي التي تقرر وتُموّل ‏وتدعم ‏وتسلّح وتحمي هذا الكيان وتمده بكل آلة القتل والتدمير، ويكفي أن ‏تهدد بإيقاف هذا الدعم ليمتنع الإسرائيلي عن التمادي في عدوانه، لكن ‏أميركا لا تريد وقف العدوان وهي توفر الغطاء الكامل لاستمرار الحرب ‏في غزة، وعندما توحي بغير ذلك فهي تنافق وتحاول أن تخدع العالم ‏لتخرج من الإحراج الذي وقعت فيه أمام الرأي العام الداخلي والخارجي ‏بسبب الدعم غير المحدود للعدوان على غزة”. ‏
وأكد أن “الرسائل التي يحملها الموفدون إلى لبنان ما تزال تحمل ‏المضمون ذاته وهدفه مساعدة “إسرائيل” وتحقيق المطالب الإسرائيلية ‏وتأمين عودة مئة ألف مستوطن إلى مستوطناتهم، والتخلي عن دعم ‏ومساندة غزة للاستفراد بها، وإعطاء الإسرائيلي الفرصة للاستمرار في ‏عدوانه وتهجير أبناء غزة عن أرضهم وإفراغ القطاع من أهله”.‏
وشدّد الشيخ دعموش على أنّه ” لا يمكن أن نتخلى عن غزة أو نتراخى في الدفاع عن بلدنا ‏والتفريط بالإنجازات التي حققتها المقاومة، فهم يريدون حل مشكلة ‏‏”إسرائيل” ومساعدتها على الخروج من مأزقها في جنوب لبنان، وهذا لن ‏يحصل على الإطلاق، لأننا لسنا معنيين بإعطاء العدو الصهيوني ضمانات ‏وتطمينات”‎.‎
‎‎وختم سماحته بالقول: “يجب أن يعرف هؤلاء أن وقف العمليات لن يكون قبل وقف ‏العدوان على غزة، والتهويل والتصعيد لا ينفعان ولا يوصلان الى ‏نتيجة، ومن يريد مساعدة العدو الإسرائيلي على الخروج من مأزقه عليه ‏الضغط على هذا الكيان المجرم لوقف عدوانه”.‏
نص الخطبة
ورد في الحديث ، عَنِ الرِّضَا(ع)، عَنْ آبَائِهِ(ع)، عَنْ عَلِيّ(ع)، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) خَطَبَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ، شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ، وَ أَيَّامُهُ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ، وَ لَيَالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي، وَ سَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ، هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللَّهِ، وَ جُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ، أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ، وَ نَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ، وَ عَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ، وَ دُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ..).
نبارك للمسلمين قرب حلول شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والخير والبركة.
الإنسان المؤمن في شهر رمضان:
اولاً: هو في ضيافة الله (شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللَّهِ) وإذا كان المضيف هو الله والمؤمن ضيف عنده، فلهذه الضيافة آداب واصول ولياقات، ولا بد للمؤمن من مراعاتها والالتفات إليها لئلا تختل الضيافة ويذهب أثرها ولا يبقى لها تأثير على تصرفاته وسلوكه.
والضيافة التي نتوقعها في شهر رمضان من الله وهو الكريم المطلق الذي لا حدود لكرمه وجوده وعطاءه وضيافته، هو الثواب الجزيل والحسنات التي لا إحصاء لها والرضوان والرحمة التي لا حدود لها.
وثانيا: الإنسان المؤمن في شهر رمضان من اهل كرامة الله (وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ) وأيُّ شرف أعظم من شرف أن يكون الانسان من أهل الكرامة عند الله عز وجل.
الإنسان يفتخر إذا كان من أهل الكرامة عند أبيه أو عائلته، او من اهل الكرامة عند زعيم او مرجع او وجيه، فكيف إذا كان من أهل الكرامة عند مصدر الكرامة ألا وهو الله سبحانه وتعالى (وَجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كَرَامَةِ اللَّهِ) فان هذا سيكون من دواعي الفخر والاعتزاز .
ومن أبرز مظاهر كرامة الله، أن يمكنك الله من اجتناب المعاصي والذنوب والسيئات، وان تكون لديك مناعة وحصانة في شهر رمضان تواجه بها وساوس الشيطان وإغراءاته وخطواته ووسائله وأعوانه.
لذلك السعيد من استفاد من هذه الكرامة واستثمر فرصتها، وانشغل في شهر رمضان المبارك في التوبة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم والاحسان للآخرين وخدمة الناس وقضاء حوائجهم واطعام الفقراء والمساكين ولو من خلال التبرع والمساهمة في موائد الامام زين العابدين وسائر الموائد التي تقام للفقراء في شهر رمضان.
والشقي من أبى إلا أن يعصي الله، مع أن الله جعله من أهل كرامته وأبعد عنه الشيطان واتاح له فرصة الرحمة والمغفرة ، ولكنه لم يستفد من هذه الفرصة.
لذلك ورد في الحديث عن الامام الصادق(ع) أنهُ قَالَ: مَنْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ إِلَى قَابِلٍ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَرَفَةَ.
إذا لم لم يبادر الانسان في شهر رمضان الى التوبة وفتح صفحة جديدة مع الله لا ينفعه شيء بعد ذلك، لَمْ يُغْفَرْ لَهُ إِلَى قَابِلٍ، لأنه تمرد على الله وتحدّى الله حتى في موضع الضيافة ومحلِّ الكرامة.
لذلك ينبغي للانسان المؤمن أن يؤهل نفسه في هذه الأيام العظيمة لأن يكون من أهل الكرامة والضيافة الإلهية، لكن كيف يُؤهل الانسان نفسه لذلك؟ كيف يصبح لائقا بهذه الضيافة وهذه الكرامة الالهيتين؟
الامتناع عن الطعام والشراب وحده لا يكفي ، الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من الفجر الى الغروب يسقط الواجب، لكنه لا يحقق جميع فوائد الصوم، بل لا بد اضافة لذلك من سلوك وأخلاق وخطوات تنسجم مع حرمة ومكانة وفضل وقيمة ومنزلة هذا الشهر الشريف الذي هو افضل شهور السنة.
يعني بالاضافة الى صوم البطن عن الاكل والشرب ، أن تصوم الجوارح ،اي ان يصوم اللسان وان تصوم العين وان تصوم الاذن واليد والقدم وسائر اعضاء الانسان عن الحرام.
فعن الامام الصادق(ع) انه قَالَ: إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَحْدَهُ .. فَإِذَا صُمْتُمْ فَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ ، وَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَ لَا تَنَازَعُوا ، وَ لَا تَحَاسَدُوا
وعنه (ع)في حديث اخر: ”إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ، وَ بَصَرُكَ، وَ شَعْرُكَ، وَ جِلْدُكَ، وَ عَدَّدَ أَشْيَاءَ غَيْرَ هَذَا وَ قَالَ: لَا يَكُونُ يَوْمُ صَوْمِكَ كَيَوْمِ فِطْرِكَ“.
أي لا ينبغي ان يكون ايام الصيام كسائر الايام التي يكون فيه الانسان مفطرا لا يصح ان يتساوى يوم الصيام مع يوم الفطر فتعاطى في يوم الصوم كما تتعاطى في يوم الفط بل يجب ان يتميز يوم الصيام عن الايام الاخرى بحيث تكون تصرفاتك وأخلاقك وسلوكك فيه مختلفا ومتميزا، وان تستفيد من روحانية هذه الايام التي فضلها الله على سائر ايام السنة.
وليس المقصود ان تصوم هذه الجوارح عن المحرمات فقط ،بل ان تصوم عن المحرمات وعن المكروهات وعن الشبهات ايضاً ،ان تصوم عن الكذب وعن النميمة وعن السب والشتم وعن إيذاء الناس وعن ظلم الناس و الاعتداء على ارواحهم واحوالهم واعراضهم، وان تصوم عن كل ما يكرهه الله عز وجل .
ومن هنا فقد ورد عن علي (ع) ان الصوم الحقيقي هو الامساك عما يكرهه الله عز وجل ، قال(ع) : “ليس الصوم الامساك عن المأكل والمشرب ،الصوم الامساك عن كل ما يكرهه الله سبحانه” .
كما ورد في بعض الروايات: ان من يكذب في شهر رمضان المبارك او يغتاب احداً او يتهم احداً او يؤذي بلسانه احداً فانه لا صوم له ، يعني ان الصوم يفقد روحيته وقيمته ومعناه ،ويتحول الى مجرد شكل من الاشكال وطقس من الطقوس التي لا يستفيد الانسان منها شيئاً لحياته ولا لتقواه ولا لسلوكه.
فقد ورد عن الصادق(ع) انه قال : ” من كذب على الله ورسوله وهو صائم فقد نقض صومه “.
وسمع رسول الله(ص) امرأة صائمة تسب جارية لها ،فدعا رسول الله بطعام ونادى تلك المرأة وقال لها : كلي ،فقالت : اني صائمة يارسول الله ! فقال (ص) : كيف تكونين صائمة وقد سبيت جاريتك ، إن الصوم ليس من الطعام والشراب .
وبالإضافة الى صوم البطن والجوارح والاعضاء ان يصوم القلب والعقل والفكر ايضا عن خواطر السوء، ان يصوم الانسان عن الافكار السيئة والنيات السيئة والدوافع السيئة.
ولهذا اذا اردت ان تكون الصائم التقي فلا يكفي ان تكون اعضاؤك صائمة عن الشر وعن الجريمة وعن الحرام، بل المفروض ان تكون افكارك صائمة ومشاعرك صائمة وان تكون نياتك صائمة عن الشر وعن الجريمة وعن الحرام، وعن اضمار الحقد والضغينة والكراهية للاخرين، لان للفكر وللمشاعر وللنيات صوماً ايضاً كما للجوارح والبطن صوماً.
وهذا يعني ان على الانسان ان يفكر دائما تفكير الخير الذي يبني للحياة سلامتها ويبني للناس قوتهم وحياتهم ،وان لا يفكر في إيذاء الناس وفي العدوان عليهم وفي نهب اموالهم وفي الاعتداء على اعراضهم وحياتهم .
فإذا ابتعد المؤمنون عن المحرمات وعن ظلم بعضهم بعضا، والاعتداء على بعضهم بعضاً، وعن التفكير السيء، وصفوا نياتهم كانوا أهلا للضيافة وأهلا لكرامة الله.
في شهر رمضان يجب ان يتقدم الانسان خطوة خطوة الى الامام لينتقل من الصوم المادي الى الصوم الاخلاقي ثم الى صوم الفكر والنية عن الخواطر السيئة، ليصل الى اخر شهر رمضان وقد تلاشت خواطر السوء من قلبه وعقله وفكره، وقد بلغ مرتبة صفاء القلب
شهر رمضان فرصة للتقرب الى الله عز وجل وتصويب الخيارات في الحياة وتقوية الإرادة للتمكن من مواجهة الأهواء والشهوات، والصمود والثبات بوجه الأعداء ومكائدهم ومشاريعهم وعدوانهم.
اليوم بفعل صمود وثبات المقاومة ومواصلة حرب الاستنزاف للعدو الصهيوني في غزة وفي لبنان لم يستطع هذا العدو من تحقيق ما اراده من الحرب ولا الخروج من المأزق الذي يتخبط فيه، ووصل الى طريق مسدود في عدوانه، وليس هناك من خيار امامه للحل سوى وقف العدوان والاذعان لشروط المقاومة، اما المكابرة والتعنت واطالة امد الحرب، فلن تؤدي الى نتيجة، ولن تغير في مسار الحرب، ولن تحقق للعدو اهدافه الموهومة بل ستعمق من مأزق العدو وتزيد من هزائمه وخسائره وفشله .
والادارة الأمريكية هي التي تتحمّل مسؤولية ‏استمرار العدوان وحرب التجويع في غزة ، وهي ليست صادقة عندما توحي للعالم بانها تضغط على العدو، لانها لو ارادت وقف الابادة في غزة لاستطاعت ذلك، وهي تملك كل اوراق الضغط التي تمكنها من كبح جماح نتنياهو وحكومته المتطرفة، لأنّ أمريكا هي التي تقرر وتُموّل وتدعم ‏وتسلّح وتحمي هذا الكيان وتمده بكل آلة القتل والتدمير، ويكفي ان تهدد بايقاف هذا الدعم ليمتنع الاسرائيلي عن التمادي في عدوانه، لكن اميركا لا تريد وقف العدوان وهي توفر الغطاء الكامل لاستمرار الحرب في غزة، وعندما توحي بغير ذلك فهي تنافق وتحاول ان تخدع العالم لتخرج من الاحراج الذي وقعت فيه امام الرأي العام الداخلي والخارجي بسبب الدعم اللامحدود للعدوان على غزة.
اما في لبنان فان الرسائل التي يحملها الموفدون الى لبنان، لا تزال تحمل نفس المضمون، وهدفها مساعدة “إسرائيل” وتحقيق المطالب الإسرائيلية وتأمين عودة مائة ألف مستوطن إلى مستوطناتهم، والتخلي عن دعم ومساندة غزة للاستفراد بها، وإعطاء الإسرائيلي الفرصة للاستمرار في عدوانه وتهجير ابناء غزة عن أرضهم وافراغ القطاع من سكانه.
لكن نحن لا يمكن ان نتخلى عن غزة او نتراخى في الدفاع عن بلدنا والتفريط بالانجازات التي حققتها المقاومة.
هم يريدون حل مشكلة “إسرائيل” ومساعدتها على الخروج من مأزقها في جنوب لبنان، وهذا لن يحصل على الاطلاق، لاننا لسنا معنيين باعطاء العدو الصهيوني ضمانات وتطمينات.
ويجب أن يعرف هؤلاء أن وقف العمليات لن يكون قبل وقف العدوان على غزة ، والتهويل والتصعيد لا ينفعان ولا يوصلان الى نتيجة، ومن يريد مساعدة “إسرائيل” على الخروج من مأزقها عليه الضغط على العدو لوقف عدوانه .