فضل الله: ضرورة تنقيح الموروث المذهبيّ وبناء دولة القانون – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

فضل الله: ضرورة تنقيح الموروث المذهبيّ وبناء دولة القانون

فضل الله في كلمة له في المؤتمر الدّوليّ الّذي نظَّمه المنتدى العالميّ للوسطية في عمّان،
فضل الله في المؤتمر الدّوليّ الّذي نظَّمه المنتدى العالميّ للوسطية في عمّان،

رأى العلامة السيد علي فضل الله في كلمة له في المؤتمر الدّوليّ الّذي نظَّمه المنتدى العالميّ للوسطية في عمّان، تحت عنوان “بين نهج الإعمار ونهج الدمار”، أنَّ العالم العربي والإسلامي يواجه تحديات كثيرة، في مقدمتها تحدي الإرهاب والانقسامات المذهبية، مشيراً إلى أنَّ ثمة أسباباً سياسيّة واقتصاديَّة لظاهرة التطرّف، لافتاً إلى أنّ المشكلة التي تواجهنا في هذا الأمر، هي مشكلة خطاب لا مشكلة دين.

ورأى سماحته أنه لا بدَّ من الـتأكيد على مجموعة من الثوابت في مواجهة التطرّف والفتن، هي:

“أولاً: تنقيح الموروث المذهبيّ الّذي يستند إليه الإرهاب بكلّ تنوّعاته لتبرير مشروعيّته الدينيّة، في ضوء الالتزام بالمقدّس كالقرآن الكريم، والاستناد إلى المتواتر من السيرة، لمحاكمة مشروعيّته.

ثانياً: تأكيد القواسم الإسلامية المشتركة التي تتفق عليها المذاهب، وهي كثيرة، وتفهّم القضايا الخلافية من المصادر الصحيحة، والحوار لتوسعة المشتركات، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات التي تواجه الإسلام والبلاد الإسلامية، وجعل الوحدة من الأولويات الدينية التي ينبغي أن تشكّل أحد معايير الانتماء إلى الإسلام وحفظ الإيمان.

ثالثاً: إيضاح كلّ المفردات الإسلاميّة والمذهبيّة الّتي يدور الجدل حولها، مما بات يترك تأثيره في قضيّة الوحدة، من أجل قطع الطريق على كلّ من يستغلّ هذه المفردات لإشعال الحرائق المذهبيّة.

رابعاً: إزالة الخلط بين الصّراع المذهبيّ والصراع السّياسيّ، منعاً من استغلال المشاعر المذهبيّة في الصراع السياسي.. وإدانة السّياسات المتبعة من قبل القوى المتنازعة، إذا كانت ظالمة، لا إدانة هذا المذهب الإسلامي أو ذاك… فالمذهب لا يتحمّل جريرة سياسة معيّنة، ووزر السّياسات الخاطئة تقع على عاتق أصحابها…

خامساً: الدَّعوة إلى رفض الظلم والغبن الّلذين تتعرَّض لهما هذه الطائفة، أو هذا الموقع السياسيّ، أو هذه الفئة، من تلك الطائفة أو الفئة وبالعكس، فمن دون عدالة يتحسَّسها الناس، تبقى الأرضية مهيأةً والمناخ مؤاتياً لتوتير الساحة وتفجيرها، تحت عنوان رفض التمييز والهيمنة وإزالة المظالم.

سادساً: اللجوء إلى التفاهمات والتسويات التي تتحرى العدالة في حدودها الممكنة، فهي التي تمنع الفتن، وتؤسّس فعلاً لاستقرار حقيقي، بما يمهد لبناء دولة المواطنة التي تحفظ حقوق الجميع.

سابعاً: ولا بدَّ أيضاً من إعادة الاعتبار عملياً إلى مفهوم الأنسنة في الإسلام في التعامل مع المختلف والآخر، انطلاقاً من حديث الإمام علي(ع) عن الناس: “فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”.

ثامناً: العمل على ترسيخ مفهوم الانتماء إلى الإسلام الَّذي يستوعب جميع المذاهب، فالمذاهب هي وجهات نظر في فهم الإسلام، والاجتهادات المذهبية قد تخطئ وقد تصيب، وهنا لا بدَّ من إعادة الاعتبار إلى القيم الإسلامية الروحية والأخلاقية التي تساهم في تعزيز رقابة الله، الَّذي يؤكد أنَّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.

تاسعاً: الابتعاد عن سياسة الكيل بمكيالين، والَّتي تتجلّى سلبياتها عندما نصنّف العدوان الذي تتعرض له مجتمعاتنا وأهلنا بأنّه إرهاب، ولكن عندما يصيب غيرنا، نجد مئات المبررات لتبرئته من هذا التصنيف، حتى لكأنّنا، وهذا حدث بالفعل، نهلّل لهذه الأعمال إذا أصابت غيرنا! وهنا لا بدَّ من العمل الحثيث لتحديد مفهوم إسلاميّ شرعيّ للإرهاب للاحتكام إليه”.

وختم سماحته قائلاً: “علينا أن لا نكتفي بمؤتمرات التلاقي، وهي مشكورة ومأجور عليها، ولكن أيضاً، لا بدّ من إقامة النّدوات العلميّة البعيدة حتى عن الإعلام، في الحوزات والمؤسَّسات… لمناقشة كلّ قضايانا بعمق”.

 

 

 

 

المصدر: خاص