دراسة: نتائج العنف الأسري على دماغ الطفل تشبه تدمير الحرب للجنود – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

دراسة: نتائج العنف الأسري على دماغ الطفل تشبه تدمير الحرب للجنود

أن تأثرهم بالعنف وسوء المعاملة الذي تتعرّض له أمهم يكون كبيراً
أن تأثرهم بالعنف وسوء المعاملة الذي تتعرّض له أمهم يكون كبيراً

هناك ضحايا آخرون لا نراهم بين المعلومات والأرقام التي تتناول آثار تعرّض المرأة للعنف داخل الأسرة، إنهم الأبناء، الذين تكشف المعلومات أن تأثرهم بالعنف وسوء المعاملة الذي تتعرّض له أمهم يكون كبيراً أيضاً.

يتأثر الطفل، وإن لم يكن طرفاً في حادث العنف، بمشاهدته أو حتى سماعه يحدث داخل الأسرة، ولعل أبرز الأخطار التي يتعرض لها الأطفال في هذه الحالة هو اعتقادهم أن هذا هو شكل التعامل الطبيعي بين البالغين.

لكن تُشير الدراسات إلى ما هو أكثر من ذلك؛ إذ تتأثّر قيم الطفل وسلوكه وأداؤه الدراسي وقدرته على التكيف الاجتماعي، فيميل إلى الانطواء وتزداد معدلات القلق لديه وينخفض تقدير الذات، ويميل إلى العدوانية أحياناً، ويفقد قدرته على التعاطف مع الآخرين.

تتشابه هذه التأثيرات بما يحدث لدى الأم التي تعرضت بشكل مباشر للعنف؛ لذا يعتبر بعض الباحثين أن الأطفال في هذه الحالة ضحية للعنف، مثلما تعتبرهم هيئة إنقاذ الطفولة ضحايا للعنف أيضاً.
أشارت دراسة إلى أن الأطفال الذين عايشوا تجربة تعرُّض الأم للضرب وسوء المعاملة، وما ينتج من حزن وشعور بالقلق وفقدان الأمان، يعانون من آثار كبيرة بطرق مختلفة على الطفل، بينها الاضطرابات جسدية، والتبول في الفراش، واضطرابات النوم والأكل والصداع وآلام البطن، إلى جانب القلق والحزن.

يكون الأطفال ضحية في أغلب حالات العنف التي تُمارس ضد المرأة، في المرحلة العمرية التي يبدأ فيها نموهم النفسي. غالباً ما ينتاب الطفل شعور بالذنب لعدم قدرته على حماية أمه، والمثير للقلق هنا، أن أبسط الآثار هو اعتقاد الأطفال أن الرجل يجب أن يُطاع دائماً، وأن المرأة أقل شأناً من الرجل، وليس لها الحقوق نفسها، وأنه لكي ينال احترام الآخرين فعليه أن يكون عنيفاً. ويفتقد هؤلاء الأطفال أيضاً القدرة على حل المشكلات بالمرونة والحوار والاحترام، وغالباً ما تتقمص الفتاة دور الأم، ويتقمص الصبي دور الأب.

أشارت دراسة إلى أن الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم للعنف يعانون مشكلات جسدية، بينها تأخر في النمو، وصعوبات أو مشكلات في النوم والأكل، وفقدان الشهية، وأعراض مثل الربو والإكزيما. أما المشكلات الإدراكية، فأبرزها التأخر اللغوي وضعف الأداء الدراسي، والفشل فيه أحياناً. وتتمثل المشكلات السلوكية في العدوانية، وضعف التعاطف مع الآخرين، ونوبات الغضب، والافتقاد للمهارات الاجتماعية، وتصل لتعاطي المخدرات أحياناً.

يُضاف إلى كل هذا، التأثُّر غير المباشر للطفل بعدم قدرة الأم بسبب تعرضها للعنف والإساءة على تلبية احتياجات الطفل، وإقامة علاقة دافئة وسليمة معه، ما يجعله في حالة تعطش دائم للاهتمام والحنان من الآخرين.

في دراسة أخرى أُجريت في جامعة لندن على أطفال من بيئات تعرضوا فيها للعنف قام باحثون بعمل مسح دماغي على الأطفال، أثناء مشاهدتهم صوراً لأشخاص غاضبين. لاحظ الباحثون نشاطاً في القشرة الأمامية واللوزة الدماغية لدى الأطفال، وهي المناطق المسؤولة عن مواجهة التهديدات وإعداد الجسم لرد الفعل إزاءها بالتصدي أو الفرار.

علَّق الباحثون على ذلك بأن دماغ الطفل في هذه الحالات تعلّم كيف يحمي نفسه، وأصبح في حالة يقظة شديدة وتأهب مستمر لمواجهة مثل هذه الأخطار، وهذا النشاط المتواصل والكبير يؤثر على مهارات الطفل المعرفية والعاطفية؛ بسبب حالة القلق المستمر الذي يسيطر على عقل الطفل.

وحتى يمكن تصور هذه الحالة من التأهب في دماغ الطفل، قال الباحثون إنها تشبه حالة التأهب في أدمغة الجنود الذين تعرّضوا لصدمات نفسية جرّاء الحرب.

 

المصدر: هافينغتون بوست